آبائيات

الروح والحرف 3 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الروح والحرف 3 للقديس أغسطينوس - ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الروح والحرف 3 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الروح والحرف 3 للقديس أغسطينوس - ترجمة راهب من الكنيسة القبطية
الروح والحرف 3 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الروح والحرف 3 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الفصل الحادي عشر: ما هو منبع الأعمال الصالحة

إن هذا التفكير المقدس يحفظ “بنو البشر في ظل جناحي الله يحتمون” (مز36: 7) لدرجهَّ أنهم “يروون من دسم بيت الله ومن نهر نعمة يقيهم لأن عنده ينبوع الحياة وبنوره يرون نوراً” ويديم رحمته للذين يعرفونه وعدله لمستقيمي القلب” (مز36: 8-10) وفي الحقيقة أن الله لا يديم رحمته لهم لأنهم يعرفونه ولكن لكي يقدرون أن يعرفوه. وليس لأنهم مستقيمي القلب ولكن لكي يصيروا كذلك، لكي يديم الله لهم بره الذي به يبرر الفاجر (رو4: 5) ولا يقوم هذا التفكير بكبرياء، وهذه الخطية تأتي عندما يثق أي إنسان في نفسه كثيرا ويجعل نفسه فوق الجميع.

مدفوعا بهذا الشعور الباطل فإنه يترك ينبوع الحياة هذا من التيارات التي يمتص منها القداسة التي تعتبر هي نفسها الحياة الصالحة. ومن هذا النور الثابت باشتراكه مع ما يشعل النفس الثابتة تصير هي نفسها مخلوقه ومضيئة وأيضا مثل “يوحنا كان هو السراج الموقد المنير” (يو5: 35) الذي مع ذلك أقر بأنه مصدر الأضاءه في الكلمات: “ومن ملئه نحن جميعا أخذنا” (يو1: 16) الذي أود أن أسأله، الله بالطبع في مقارنه مع من يوحنا لم يكن هو النور؟ لأن “كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان أتيا إلى العالم” (يو1: 9)

لذلك ففي نفس المزمور عندما قال: “أدم رحمتك للذين يعرفونك وعدلك للمستقيمي القلب” (مز36: 10) أضاف قائلا: “لا تأتني رجل الكبرياء ويد الأشرار لا تزحزحني. هناك سقط فاعلو الإثم. دُجروا فلم يستطيعوا القيام” (مز36. 11، 12)

لأن بهذا الإلحاد الذي يقود كل إنسان إلى أن ينسب لنفسه العظمة التي هي لله يلقي في ظلامه الأصلي الذي تكونه أعمال الإثم لأنه يفعل هذه الأعمال علانية ولأن إتمام مثلها يناسبه وحده وإن أعمال البر لا يعملها أبدا إلا إذا أخذ المقدرة من ذلك المنبع وذلك النور حيث الحياة التي ليس فيها احتياج لشيء وحيث يكون “لا تغيير ولا ظل دوران” (يع1: 17).

الفصل الثاني عشر: بولس، لذلك دعي مجاهدا ببسالة لأجل النعمة

          لذلك إن بولس الذي مع أنه كان يدعى أولا شاول (أع13: 9) ولم يختر هذا المضمون الجديد لأي سبب سوى. وكما يبدو لي- أنه يريد أن يظهر نفسه صغيرا (أنظر اعترافات أغسطينوس 71114.)- “أصغر الرسل” (1كو15- 9) يجاهد ببسالة عظيمة وغيره المتكبرين والمتشامخين وكذلك من يفتخرون بأعمالهم لكي يستطيع أن يظهر نعمة الله.

وظهرت في الحقيقة هذه النعمة أكثر وضوحا كما تظهر في حالته نظرا لأنه بينما كان يصب الوسائل العنيفة للاضطهاد ضد كنيسة الله الذي جعله مستحقا لأعظم عقوبة وجد الرحمة بدل الدينونة وأخذ النعمة بدل العقاب.

لذلك وجد أنه من المناسب جدا أن يتكلم ويدافع عن النعمة- كما لا يهتم بالحسد لمن لا يفهمون موضوعا عميقا جدا وغامضا بالنسبة لهم- أو لمن يحرفون معنى كلماته السليمة بينما في نفس الوقت وبدون اضطراب ونمط أن نعمة الله، التي بها ينال الخلاص الذين يعتبرون أولاد الموعد وأولاد الصلاح الإلهي، أولاد النعمة والرحمة، أولاد العهد الجديد.

ويرجو في سلامه الذي يبدأ به كل رسالة: “نعمه لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح” (رو1: 7)، (1كو1: 3)، (غلا1: 3)

بينما كان هذا هو الموضوع الوحيد الذي ناقشه أهل روميه. وبكثير من المثابرة والحجج (الأدلة) المختلفة أمكن إخضاع المعارضين لكي إجهاد انتباه القاريء بسهولة. على انه بتعب بسيط جدا ومفيد يمكن تدريب مواهب الإنسان الباطن بدل تحطيمها.

الفصل الثالث عشر: الاحتفاظ بالناموس؛ تشامخ اليهود؛ الخوف من العقاب؛ ختان القلب.

          حينئذ يأتي ما ذكرته سابقا عندما يظهر من يكون اليهودي ويقول أنه دعي يهوديا ولكنه لا يتمم ما وعد أن يفعله ويقول: “هوذا أنت تسمي يهوديا وتتكل على الناموس وتفتخر بالله. وتعرف مشيئته وتميز الأمور المتخالفة متعلما من الناموس وتثق أنك قائد للعميان ونور للذين في الظلمة ومهذب للأغنياء ومعلم للأطفال ولك صوره العلم والحق في الناموس. فأنت إذاً الذي تعلم غيرك ألست تعلم نفسك. الذي تكرز أن لا يسرق أتسرق.

الذي تقول أن لا يزني أتزني الذي تستكره الأوثان أتسرق الهياكل. الذي يفتخر بالناموس ابتعدي الناموس تهين الله لأن اسم الله يجدف عليه بسببكم بين الأمم كما هو مكتوب فإن الختان ينفع إن عملت بالناموس. ولكن إن كنت متعديا الناموس فقد صار ختانك عزلة. إذاً كان الأغرل يحفظ أحكام الناموس، أفما تحسب غرلته ختانا وتكون العزلة التي من الطبيعة وهي تكمل الناموس تدينك أنت الذي في الكتاب والختان تتعدى الناموس. لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانا.

بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي. وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان. الذي مدحه ليس من الناس بل من الله.” (رو2: 17-29) وهنا أوضح جليا معنى ما قاله: “الذي يفتخر بالله”. وبدون أدنى شك لو كان إنساناً يهوديا بالحقيقة وافتخر بالله كما تطلب النعمة (التي تعطى مجانًا وليس حسب استحقاق الأعمال) حينئذ يجب أن يكون مدحه لله وليس للناس ولكنهم في الواقع كانوا يفتخرون بالله كما لو كانوا وحدهم من استحقوا أخذ ناموس الله.

كما قال المرتل: “لم يصنع هكذا بإحدى الأمم، وأحكامه لم يعرفوها” (مز 147: 20) وأيضا ظنوا أنهم كانوا يتممون ناموس الله ببرهم، بينما كانوا يخالفونه دائما! ولذلك “أنشأ غضبا” عليهم (رو4: 15) وازدادوا في ارتكاب الخطية كما كانوا يرتكبونها هم الذين يعرفون الناموس إذ أن كل من فعل حتى ما أمر به الناموس بدون مساعدة روح النعمة يتم للخوف من العقاب وليس للمحبة في البرّ. ولهذا السبب فمن جانب الله لم يكن هذا في الوصية. التي تظهر من جانب الناس في العمل- ومثل هؤلاء الناموسيون أمسكوا مذنبين فيما عرف الله أنهم يفضلون عمله.

إذا كان هذا ممكنا بالغفران وينادي بأنه مهما كان “ختان القلب” الوصية التي تنفي من كل رغبة محرمة التي يأتي من “الروح” الذي يبريء- ولا تأتي من “الحرف” الذي يهدد ويجبر لذلك فإن مثل هؤلاء الناموسيون لهم مدحهم ليس من الناس بل من الله الذي بنعمته يمد الأرضيين وهذه النعمة ينالون عليها المدح- الذي قيل عنهم “بالرب تفتخر نفسي” (مز 34: 2) والذي قيل له “من قبلك تسبيحي” (مز 22، 25) ولكن أولئك ليسوا كذلك الذين لا يمدحون الله لأنهم بشر ولكن يمدحون أنفسهم لأنهم أبرار.

الفصل الرابع عشر: In what respect the Belgians acknowledge god as the author of our justification.

          أنهم يقولون: “لكننا نشكر الله لكونه صاحب برنا في ذلك أعطي الناموس بإرشادنا معرفة كيف يجب أن نعيش” ولكنهم لم يهتموا لما يقرأون: “لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمام الله” (رو3: 20) وفي الحقيقة يمكن أن يكون هذا ممكنا بالنسبة للبشر وليس بالنسبة لله الذي يرى عين قلوبنا وأعماق إرادتنا. حيث يرى الله أنه بالرغم من أن الإنسان الذي يخاف الناموس لا يحتفظ بوصية معينه لكنه يريد أن يفعل شيئا آخر إذا سمح له.

ولئلا يظن أي أحد في العبارة التي اقتبسناها منه الآن أن الرسول يقصد أن يقول أن لا أحد يتبرر بالناموس الذي يحوي وصايا عديدة تحت صوره (شكل) الأسرار المقدسة الجليلة. وبين هذه الوصايا وصية ختان الجسد نفسه التي يختن فيها الأطفال في اليوم الثامن بعد ولادتهم. وفي الحال أضاف الرسول ما يقصد الناموس ويقول: “لأن بالناموس معرفة الخطية” (رو3: 20) ثم يشير إلي ذلك الناموس الذي أعلنه فيما بعد “لم أعرف الخطية إلا بالناموس فإنني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته” (رو7: 7)

فما معنى هذا بل أيضا ما معنى “بالناموس معرفة الخطية”؟

الفصل الخامس عشر: بر الله كما يوضحه الناموس والأنبياء

          هنا ربما يقال بهذه الجسارة التي للإنسان الذي يجهل بر الله ويرغب في أن يثبت بر نفسه. ما جعل الرسول يقول: “لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه” (رو3: 20) نظرا لأن الناموس يظهر فقط للإنسان ما يجب عليه أن يفعله وما يجب عليه أن يتجنبه لكي ما يبينه الناموس يمكن أن يتم بواسطة الإرادة ولذلك يمكن أن يتبرر الإنسان ليس بالحقيقة بقوة الناموس ولكن بتصميمه الحر.

ولكني أطلب انتباهك أيها الإنسان لما يأتي بعد ذلك.

“وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهودا له من الناموس والأنبياء” (رو3: 21) وهل هذا يرن شيئا خفيفا في آذان لا تسمع؟ ويقول: “بر الله قد ظهر” لأنهم إذ يجهلون هذا البر ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله” (رو10-3) وتكون كلماته: “بر الله قد ظهر” ولم يقل بر الإنسان أو بر إرادته الخاصة. ولكن يقول “بر الله” ليس ذلك الذي به يكون الله نفسه باراً ولكن ذلك الذي يمنحه الله للإنسان عندما يبرر الخاطيء وقد شهد بذلك الناموس والأنبياء. وبمعنى آخر- أن الناموس والأنبياء قدم كل منها شهادته.

وفي الحقيقة فإن الناموس بإصداره أوامره وتهديداته وبعدم تبريره أي إنسان يبين بوضوح أن تبرير الإنسان هو عطية من الله بمعونة الروح القدس لأن هذا ما تنبأ به الأنبياء أنه بمجيء المسيح تمم ذلك. وبناءاً على ذلك فهو يتقدم خطوه أبعد ويضيف: “بر الله بالإيمان بيسوع المسيح” (رو3: 22) ذلك هو الإيمان الذي به يؤمن الإنسان بالمسيح ولا يكون القصد الإيمان الذي يؤمن به المسيح نفسه وأيضا لا يكون القصد الذي به الله نفسه باراً.

وبدون شك فإن كل منهما يخصنا نحن ولكن أيضا تخصان الله والمسيح لأنه بسخائهم تعطي لنا هذه الهبات وحينئذ يكون بر الله بدون الناموس ولكنه لا يظهر بدون الناموس لأنه لو ظهر بدون الناموس كيف يكون مشهودا له بالناموس؟ وإن بر الله مع أنه يكون بدون الناموس الذي يمنحه الله للمؤمن بواسطة روح النعمة بدون الناموس – يتم ذلك عندما لا يساعده الناموس.

وفي الحقيقة عندما يكشف الله للإنسان ضعفه بواسطة الناموس، يكون هذا لكي يستطيع بالإيمان أن يلتجيء إلى نعمة الله وبذلك يشفي .

وهكذا فيما يتعلق بحكمة الله قيل لنا “أنها تحمل على لسانها الناموس والرحمة في يسارها الغني والمجد” (أم3: 17) “الناموس” الذي به تدين المتكبر “والرحمة” التي بها تبرر المتواضع. إذاً بُر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلي كل الذين يؤمنون لأنه لا فرق. إذا الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله” (رو3: 22،23) وليس مجدهم الخاص. فماذا لهم الذين لم يأخذوها؟ لأن لو أخذوها لماذا يفتخرون كأنهم لم يأخذوها؟ إذاً جيدا أن يعوزهم مجد الله. والآن لاحظ ما يأتي:

“متبررين مجانا بنعمته” (رو3: 24) إذاً هم يتبررون ليس بالناموس ولا بإرادتهم ولكنهم يتبررون مجانا بنعمته. ليس أنه مكتوبا بدون إرادتنا ولكن إرادتنا تظهر ضعيفة بواسطة الناموس حتى تقدر النعمة أن تشفي ضعفها وحتى نقدر إرادتنا السليمة إكمال الناموس ليس بخضوعها للناموس ولا أيضا في غياب الناموس. 

الروح والحرف 3 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية