قادة الهراطقة ونظرتهم للأسفار القانونية والعهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط
قادة الهراطقة ونظرتهم للأسفار القانونية والعهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط
قادة الهراطقة ونظرتهم للأسفار القانونية والعهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط
برغم خروج هراطقة نهاية القرن الأول وبداية ومنتصف القرن الثاني، ككل، عن المسيحية، وخلطهم للإيمان المسيحى إما بالفكر اليهودى الذي كان رمزاً للمسيحية وتم في شخص الرب يسوع المسيح والعهد الجديد، مثل الختان ويوم السبت والأعياد اليهودية وغيرها من العادات اليهودية التي تمت رمزيا في المسيح[1]،
أو وبالفكر الوثني غير الموحى به، إلا أن شهادتهم لوحى الإنجيل بأوجهه الأربعة وقانونيته لها قيمة عالية لأن هذه الجماعات خرجت، أصلاً، عن المسيحية وكان الإنجيل وبقية أسفار العهد الجديد هي قانونهم الأول[2] وقد بنوا أفكارهم فى أحيان كثيرة على فهم خاطئ لنصوصه وآياته.
ويؤكد القديس إيريناؤس على حقيقة أنهم آمنوا بالأناجيل الأربعة وسعى كل هرطوقي لتأييد فكره الهرطوقي وعقائده الهرطوقية منها قائلاً: ” الأرض التي تقف عليها هذه الأناجيل أرض صلبة حتى أن الهراطقة أنفسهم يشهدون لها ويبدأون من هذه الوثائق، ويسعى كل منهم لتأييد عقيدته الخاصة منها.
فالأبيونيون الذين يستخدمون الإنجيل بحسب متى، يستخرجون منها عقائدهم بنفس الأسلوب، مفترضين افتراضات كاذبة بخصوص الرب[3]. ولكن ماركيون يشوه الإنجيل بحسب لوقا، مبرهنا أنه جدف على الله الواحد الموجود من هذه الفقرات التي لا يزال يحتفظ بها. وأولئك الذين يفصلون يسوع عن المسيح[4] مدعين أن المسيح بقي غير متألم، وأن الذي تألم هو يسوع، يفضلون الإنجيل بحسب مرقس، والذي لو قرءوه بمحبة الحق لكانوا قد صححوا أخطاءهم.
وأيضاً هؤلاء الذين يتبعون فالنتينوس يستخدمون الإنجيل بحسب يوحنا كثيراً موضحين بأمثلة ارتباطهم مبرهنين كل أخطائهم من الإنجيل نفسه، كما بينت في كتابي الأول. ونظراً لأن خصومنا يشهدون لنا ويستخدمون هذه الوثائق، فبراهيننا المأخوذة منها قوية وحق “[5].
وقد اكتشف لهم مؤخراً في نجع حمادي (1945م) أكثر من أربعين كتاباً تضم عددا كبيرا مما أسموه بالأناجيل وأعمال الرسل وأسفار رؤى بل وزيفوا رسائل نسبوها للقديس بولس، تمتلئ بنصوص وآيات من معظم أسفار العهد الجديد، خاصة من الإنجيل للقديس يوحنا، وكان على رأس الهراطقة الغنوسيين باسيليدس الذي كتب، كما يؤكد أكليمندس الإسكندري في فترة حكم الإمبراطور الروماني هادريان (117 -139م)
وقد اقتبس، كما يشير هيبوليتوس[6] من الأناجيل للقديسين متى ولوقا ويوحنا ومن رسائل القديس بولس الرسول؛ 1كورنثوس وأفسس وكولوسي و1تيموثاوس ومن رسالة بطرس الأولى، ثم جماعة الأوفايتس Ophites[7]، والذي يعنى اسمهم ” عابدو الحية “، وكانوا أول من استخدموا كلمة ” غنوسيين – Gnostics”، وزعموا، كما يقول هيبوليتوس، أن عقيدتهم جاءت من يعقوب أخو الرب، واستخدموا، كما يشير هيبوليتوس أيضاً، الإنجيل بحسب متى ولوقا ويوحنا، ورسائل بولس الرسول؛ رومية و1و2 كورنثوس وأفسس وغلاطية وعبرانيين، وكذلك سفر الرؤيا، وذلك إلى جانب كتبهم الأخرى[8].
وكذلك إنجيل العبرانيين الذي يتكون بنسبة 90% من الإنجيل للقديس متى، وإنجيل توما الذي يتكون أكثر من 60% منه من الإنجيل للقديس متى أيضاً، وإنجيل بطرس الذي يتكون بنسبة 90% من الأناجيل الأربعة.
بل وقد بنيت جميع الكتب التي اسموها بالأناجيل، مثل إنجيل فيليب وإنجيل مريم المجدلية، والأعمال، مثل أعمال يوحنا وأعمال بطرس وأعمال بولس، والرؤى رؤى بطرس ويعقوب ويوحنا، بل والرسائل، مثل الرسالة إلى لاودكية[9]، الأبوكريفية، بفكر ومضمون وجوهر نصوص رسائل القديس بولس القانونية.
وهناك ملاحظة يجب أن نضعها في الاعتبار وهى وجود تمازج واختلاط واندماج، في عقل الهراطقة، بين فكر أسفار العهد الجديد وفكرهم الوثني، فقد اختلط داخلهم الفكر المسيحي بالفكر الوثني وصار مزيجاً واحداً، ولذا فعندموا كتبوا كتبهم خرج هذا المزيج منهم تلقائياً فامتلأت كتبهم بجوهر ومضمون الفكر المسيحي الممتزج بالفكر الوثني، لذا نرى مضمون العهد الجديد، خاصة الأناجيل الأربعة، واضحاً بشكل لا يمكن أن تخطئه العين ويسهل على الدارس والباحث قراءته واستخراجه.
وهذا يجيب لنا على السؤال؛ لماذا لا نجد، في أغلب الاحيان، اقتباساً أو استشهاداً مباشراً بنصوص العهد الجديد؟ وهناك أيضاً بعض من هذه الكتب التي اقتبست واستشهدت بنصوص العهد الجديد بشكل مباشر وغير مباشر وإن كنا نجد بها اختلافات طفيفة عن النص المقتبس منه بسبب الاعتماد على الذاكرة للأسفار القانونية.
1 – ماركيون هرطقته وأفكاره:
ظهر ماركيون (Μαρκίων – حوالي 85 – 160م)، والذي ترجع أهم مصادرنا عنه للقديس إيريناؤس أسقف ليون (حوالي 120 – 202م)، والعلامة ترتليان (145 – 220م) من شمال أفريقيا والعلامة هيبوليتوس (حوالي170 – 236م) أسقف روما، وكلسس اليهودي (القرن الثاني الميلادي)، الذي جادل المسيحيين من كتابات ماركيون، وكذلك الآباء التاليين لهم خاصة أبيفانيوس (حوالي 315 – 403م) أسقف سلاميس بقبرص.
وذلك إلى جانب ما تم اكتشافه من مخطوطات لأغلب الكتب الابوكريفية، خاصة ما تم اكتشافه في نجع حمادي سنة 1945م. وقد ولد ماركيون في مدينة سينوب[10] والتي كانت الميناء الرئيسي لمدينة بونتوس[11] على الشاطئ الجنوبي للبحر الأسود، سنة 110م.
وكان ابناً لأسقف[12]، وكان تاجرا ثرياَ وصاحب سفينة في آسيا الصغرى[13] ثم ذهب إلى روما حوالي سنة 142- 143م، وطرد منها سنة 144م وردوا عليه مبلغ 200،000 من عملة روما الفضية والتي كان قد تبرع بها للكنيسة[14]. وعاد إلى آسيا الصغرى وبدأ ينشر تعليمه وهرطقته وأسس نظام موازي للكنيسة في روما وأقام نفسه أسقفاً. ويقول أبيفانيوس (315 – 403م) أسقف سلاميس أن والده طرده من الكنيسة بعد أن أغوى عذراء مكرسة[15]، وأن كان الكثيرون من العلماء لا يقبلون هذا القول، خاصة المؤرخ الكنسي فيليب شاف وغيره من الذين
يرون أن هذا القول لا يتفق مع فكره عن الزهد، ولم يقل به لا إيريناؤس ولا ترتليان[16]. ويرى بارت إيرمان أشهر ناقد نصي للعهد الجديد في الوقت الحالي أن هذه القصة رمزية ترمز لتدنيسه لعقيدة الكنيسة التي اعتبرها عذراء. ويقول ترتليان أنه كان قبل تحوله مستقيم الرأي (أرثوذكسياً)[17].
وقد وصفه جميع آباء الكنيسة في الشرق بالهرطوقي بل وأشر الهراطقة وقال عنه بوليكاربوس تلميذ القديس يوحنا الإنجيلي والرسول كما ينقل عنه العلامة إيريناؤس أنه: ” بكر الشيطان “[18].
وقد نادي ماركيون بعقيدة غريبة وشاذة ومضادة لما تسلمته الكنيسة عن الرسل وتلاميذ المسيح ” الإيمان المسلم مرة للقديسين ” (يه1:3)، وهي قوله بوجود إلهين[19]؛ لكل منهما شخصيته المتميزة، الإله السامي والصالح وغير المعروف وغير المدرك، إله الحب الذي أُعلن في يسوع المسيح، أو ظهر بالتجسد في يسوع المسيح، وإله العهد القديم واليهود (يهوه – Yahweh)، خالق الكون والذي الصق به كل ما قالته الغنوسية الوثنية عن الديميورج (Demiurge)[20]، والذي تقول الأسطورة الغنوسية أنه وُلد من صوفيا (الحكمة) المنبثقة، الخارجة، من ذات الإله السامي والصالح غير المرئي وغير المدرك
وأن هذا الديميورج لم يكن يعرف شيئاً عن الإله السامي، غير المدرك وغير المرئي وغير المعروف، لذا تصور أنه هو نفسه، الديميورج، إله الكون فقام بخلق الكون المادي ولما أراد أن يخلق الإنسان صنع الأجساد لكن لم يستطع أن يخلق لها الروح، لأنه كان صانعاً وليس خالقاً، فوضع الايونات، أو الشرارات الإلهية المنبثقة من الإله السامي وسجنها في هذه الأجساد!! ومن ثم فقد وصف ماركيون الله في العهد القديم، بإله العهد القديم واليهود وقال عنه أنه كان جاهلا بوجود الإله السامي ولم يعرف عنه شيئاً إلا بعد أن أُعلن في يسوع المسيح.
ووصفه بالإله الأقل أو الأصغر من الإله السامي، وقال أنه الذي خلق الأرض وأعطى موسى العهد والناموس الذي يمثل العدالة الطبيعية العارية ووصفه بالإله الثانوي والأقل والقاسي والغيور، بل وبالإله القبلي الذي يهتم فقط برفاهية اليهود، على عكس الإله السامي الذي يهتم بالكون كله ويحب البشرية ككل وينظر لأولاده بكل حب ورحمة. وقال أن يهوه إله اليهود بعد أن خلق البشر كرههم بسبب خطاياهم وعاقبهم على ذلك وجعلهم يتألمون حتى الموت بالمعنى القانوني المحدد.
على عكس الإله السامي والآب السماوي الذي ظهر كمحب لأقصى درجة عندما تجسد في ابنه يسوع المسيح وشفى المرضى وصنع معجزات وأخيرا قدم ابنه ليضحي بنفسه على الصليب، فقد صار يسوع، كالآب البشري، جسدا، وسدد دين خطية البشرية المدانة بها لإله العهد القديم، وبتضحيته هذه مسح خطية البشرية وجعلها ترث الحياة الأبدية.
أي أنه نادى بأن المسيح جاء من قبل الإله السامي، وليس من قبل الله، يهوه، الذي وصفه بإله اليهود، بل وأنه ليس هو المسيح الذي تنبأ عنه العهد القديم والذي ينتظره اليهود، والذي لم يأت بعد، والذي سيكون ضداً للمسيح.
بل ويؤمن بمسيحين؛ مسيح إله اليهود والذي تنبأ عنه العهد القديم، والمسيح ابن الله الذي أعلن الإله السامي، مسيح المسيحية والذي هو إله من إله. وقال أن العهد القديم والعهد الجديد لا يمكن أن يتفقا معاً، فالعهد القديم شريعة مضادة لشريعة العهد الجديد.
ويقول عنه يوستينوس الشهيد (100 – 165م)، والذي كتب سنة 150م: أنه كان ” يحض الناس على إنكار أن الله هو خالق كل الأشياء، ما في السماء وعلى الأرض وأن المسيح الذي تنبأ عنه الأنبياء هو ابن الله، كما أدعى ماركيون بأنه يوجد إله أخر غير الخالق، ابن آخر “[21].
وبعد دراسة مقارنة مستفيضة للعهد القديم وتعاليم المسيح، من وجهة نظره، وضع ماركيون ما خرج به من أفكار هرطوقية في كتاب اسماه ” المتناقضات – ἀντίθέσeις – Antithesis “[22]. قابل فيه بين ما ووصف به يهوه في العهد القديم وبين تعاليم المسيح، بمفهومه الخاص دون أن يحاول أن يعرف أسباب الفروق بين العهدين[23].
وعارض الطريقة التي تفسر بها الكنيسة العهد القديم واتفاقه مع العهد الجديد، ورفض التفسير المجازي للعهد القديم وأكد على تفسيره الحرفي، وقال أن إله العهد القديم ليس هو الإله السامي الذي بشر به يسوع بل هو الديميورج (Demiurge) الذي خلق العالم المادي والناقص!! لذا رفض العهد القديم وقبل جزءًا من العهد الجديد، وهو الإنجيل للقديس لوقا مع عشر رسائل للقديس بولس، ولكن بعد تعديل بعض أجزائها الخاصة بوجود نصوص للعهد القديم وإعادة تحريرها!!
وزعم أن تلاميذ المسيح الانثى عشر أساءوا فهم رسالة المسيح وتعليمه ونادى به كمسيح إله اليهود، والذي يرى أنه، إله اليهود، إله الشر، وليس مسيح الإله السامي والصالح، إله الحب. وفهم كلام المسيح خطأ، وحذف كل ما تصور أنه يؤيد هذه الوجهة من وجهة نظره!! وقال أنه لم يفهم رسالة المسيح أحد غير القديس بولس الرسول، ومن ثم فقد قبل الإنجيل للقديس لوقا فقط باعتباره شريك القديس بولس ورفيقه في الكرازة، وأسماه إنجيل الرب كما دعي أيضا بإنجيل ماركيون.
وقد وصفه الآباء خاصة إيريناؤس أسقف ليون وترتليان وهيبوليتوس بأنه غنوسي ويتكلم بلسان الشيطان، أو أن الشيطان يتكلم بلسانه. ونظرا لصعوبة تحديد تعبير غنوسي، فقد كان هو أقرب الغنوسيين إلى قلب وفكر الكنيسة الأولى. لذا وصفه البعض بأنه كان في تضاد مع الغنوسية وأيضاً اليهودية[24].
وكان ماركيون كما يقول الآباء، إيريناؤس[25] وكذلك ترتليان[26] وهيبوليتوس[27]، قد تبع معلمه الغنوسي السرياني سردوا (Cerdo)، وطور تعليمه. وكان سردوا يعتقد أن إله العهد القديم هو غير إله العهد الجديد الذي هو أبو يسوع المسيح والذي جاء المسيح ليكشفه، ومختلفاً عنه. أو كما يقول يوسابيوس القيصري نقلا عن إيريناؤس ” أما ماركيون البنطي فقد خلف سردوا ووسع تعاليمه “[28].
2– ماركيون والإنجيل للقديس لوقا:
أعتقد ماركيون بأن هناك إنجيلاً واحداً حقيقياً، هذا الإنجيل تحول إلى نسخ عديدة، وقد أوضح ذلك بما جاء في غلاطية (1:6 – 9)؛ ” إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ! لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ. وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا! “.
وقال أن الأخوة الكذبة يحاولون تحويل المؤمنين عن هذا الإنجيل الذي أعتقد، ماركيون، أنه الإنجيل للقديس لوقا. فقد أعترف فقط بالإنجيل للقديس لوقا لأن مدونه كان رفيقاً للقديس بولس، وقال أنه يحمل تقليداً أمينا عن الآخرين. وصار هذا الإنجيل هو إنجيل ماركيون بدون تحديد كاتبه بالروح القدس[29].
ولكنه حذف منه كل ما تصور أنه آثار يهودية أو له صلة بالعهد القديم لأن يسوع من وجهة نظره ظهر في مظهر البشر ولكنه لم يكن بشراً على الإطلاق[30]، بل إله من الإله السامي أو الأعلى، ولا يمكن أن يكون قد ولد من امرأة لذا حذف منه الإصحاحات الأولى والتي تحتوي على ميلاد المسيح ويوحنا المعمدان لأنها تضم نبوات للعهد القديم ذات صلة بالأحداث التاريخية. وسلسلة نسب المسيح.
وبدأ ب (لو3:1) فقط مسجلاً بداية خدمة المسيح في أيام الإمبراطور الروماني طيباريوس قيصر وبيلاطس البنطي الذي كان والياً على اليهودية. ويبدأ بخدمة المسيح في كفر ناحوم (لو4:31)، معطيا الإيحاء بأنه نزل من السماء إليها مباشرة[31]. وكذلك الإصحاحات الأخيرة وركز على قيامة المسيح الذي قال أنها تمت في صمت.
ويقول إيريناؤس: ” فقد بتر الإنجيل الذي بحسب لوقا حاذفا منه كل ما هو مكتوب بخصوص ميلاد الرب، وحذف الكثير من تعاليم الرب التي سجلت بكل وضوح أن خالق الكون هو أباه “. كما أشار إلى حذفه لكل ما جاء في رسائل بولس من اقتباسات وإشارات تقول أن الله الذي خلق الكون هو أبو يسوع المسيح[32].
3 – ماركيون والقديس بولس وقانون العهد الجديد:
كان ماركيون مقتنعا أن القديس بولس وحده من بين قادة الكنيسة الرسولية الأولى هو الذي فهم مغزى أن يسوع المسيح جاء من الإله السامي ومن ثم قبل عشر رسائل فقط من رسائله هي؛ 1و2 كورنثوس وغلاطية ورومية و1و2 تسالونيكي وأفسس وكولوسي وفيلبي وفليمون، ودعاها رسولية، وحذف الرسالتين 1و2 تيموثاؤس، والرسالة إلى تيطس والرسالة إلى العبرانيين. وأبقى على ثماني رسائل من الرسائل العشر كما هي بين أيدينا الآن، ودون أن يحذف منها شيئاً، وحذف من الرسالتين إلى رومية وغلاطية كل ما له صلة باليهودية!! فقد حذف من رومية (1: 17؛1: 19-21؛3:31 – 4:25؛8: 19؛10: 5 – 11: 32). وكل الإصحاحين 15 و16: 26.
وحذف من غلاطية الحوار بين القديس بولس والقديسين بطرس ويعقوب في أورشليم (1:18 -24)، ورواية إيمان إبراهيم (3: 6-9)، وفقرات أخرى[33]. فقد حذف كل ما تصور أنه لا يوافق فكر القديس بولس وما له صلة باليهودية[34]. وذلك إلى جانب الإنجيل للقديس لوقا والذي دعاه بالإنجيل، ووصف الإنجيل (Euangelion) والرسائل (Apostolikon) ب (Euangelion and Apostolikon)، وذلك بالإضافة إلى العمل الذي أسماه المتضادات (Antitheses)، والمذكور أعلاه.
وما فعله ماركيون هذا دفع آباء الكنيسة لوضع قانون العهد الجديد ووضع أسماء الإنجيليين الذين دونوا الإنجيل بأوجهه الأربعة على ما دونه كل واحد منهم، فقد وضعوا على الإنجيل الذي دونه القديس متى ” بحسب متى – κατα Μαθθαιον – Acording to Matheon “[35]، ومثله الأناجيل الثلاثة الأخرى (بحسب مرقس – Κατά [36]Μάρκον – Markon Acording to – بحسب لوقا – Acording to Lokan – Κατά Λουκάν[37] – بحسب يوحنا – [38]Acording to Iwannin – Κατά Ιωάννην)، للتفريق بينها وبين ما نسب لماركيون، وبين ما كتبه الهراطقة الغنوسيين الآخرين، الذين كتبوا الأناجيل الأبوكريفية المنحولة ونسبوها للرسل.
فقد كانت الأسفار القانونية، الموحى بها، منتشرة في الكنائس التي كتبت بها أو لها والتي نسخت عنها نسخ كثيرة في بلاد كثيرة، ومعترف بها دون أن يسأل أحد من الناس عن مدى صحتها وقانونيتها لأنهم استلموها مباشرة من الرسل وقد كتبت أصلاً بناء على طلب منهم، فقد طلبوها من الرسل وكتبها الرسل بناء على طلبهم واستلموها منهم.
يقول أف أف بروس (F.F. Bruce): ” ترجع الأهمية الرئيسية لماركيون في القرن الثاني في رد الفعل الذي أحدثه بين قادة الكنائس الرسولية، فقد حفز قانون ماركيون الكنيسة الجامعة لتحديد قانون العهد الجديد بأكثر قوة ليس ليسود على قانون العهد القديم بل ليكمله. وهكذا بصفة عامة، فقد قاد تعليم ماركيون الكنيسة الجامعة لتحديد إيمانها بحرص أكثر بنصوص محسوبة لتقصي التفاسير الماركيونية “[39].
ويضيف: ” وقد حفز انتشار أفكار ماركيون بصورة واسعة الكنيسة لكي تعبر عن اسبقيتها في وضع قانون أسفار العهد الجديد للآخرين “[40].
كان ماركيون هو أول من جمع مجموعة من الأسفار المسيحية في قانون واحد، كما حفز الكنيسة على وضع قانون للإيمان، وهو ما يعرف الآن بقانون إيمان الرسل والذي ترجع أصوله للقرن الثاني. هذا القانون أوضح أن الله الآب وليس الديميورج، إله اليهود، هو الذي خلق السماء والأرض والكون وكل ما فيه وأنه لا يوجد إلا إله واحد والذي تحدد أكثر في نيقية[41].
كما رفض ماركيون التفسير المجازي للعهد القديم بل ورفض العهد القديم كله، الذي كان بالنسبة له مجرد تاريخ لليهود والمتحدث عن الديميورج[42]. وكان يميل إلى التقشف والزهد، ويقول ترتليان أنه منع الزواج لأن التناسل كان من اختراع الديميورج[43]. ومع ذلك فقد أكتسب تعليمه شعبية وانتشارا. بل ويقول يوستينوس أن تعليمه أنتشر بين كل سلالات البشر[44]. واستمرت هرطقته إلى القرن الخامس.
4 – فالنتينوس [45] وقانون العهد الجديد:
ولد فالنتينوس (Valentinus – حوالي 100- 175م) بمنطقة الدلتا بمصر (حوالي 100م) وتوفى سنة (175م) وتعلم التعليم اليوناني في متروبوليس بالقرب من الإسكندرية التي كانت في ذلك الوقت عاصمة العالم للثقافة الهيلينستية اليونانية ومن المحتمل أنه قابل فيها الفيلسوف الغنوسي باسيليدس الذي كان يعلم هناك ومن المحتمل أيضاً أنه تأثر بأفكاره.
وفي الإسكندرية أيضاً تعرف على الفلسفة اليونانية، كما تعرف على الفكر الأفلاطوني والذي ربما يكون قد تأثر به عن طريق التفسير اليهودي الهيلينستي لأسفار العهد القديم وقد كان واضحا في إحدى فقرات عظة من عظاته أنه كان يعرف كتابات الفيلسوف اليهودي العظيم فيلو اليهودي (Philo Judaeus) (30 ق م – 45م)، الذي كان يفسر العهد القديم بصورة مجازية.
وكان فالنتينوس يدرس في الإسكندرية (117 – 138م)، وقد أدعى أنه تلقى تعليمه المسيحي عن طريق ثيوداس الذي قال أنه كان تلميذا للقديس بولس الرسول، وفي حوالي سنة 136 إلى 140م سافر إلى روما وحاول أن يكون له دور كنسي هناك. ويقول لنا القديس إيريناؤس أسقف ليون (180م) أنه بني فكره ونظامه اللاهوتي على الأسطورة الغنوسية[46].
ويضيف[47]: ” جاء فالنتينوس إلى روما في وقت هيجينيوس (Hyginus حوالي 136 – 140م)، وأزدهر تحت بيوس (حوالي 150 – 155م)، وظل حتى أنيسيتوس (حوالي 155 -160م)[48]، وكان أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص هو أول من قال أنه ولد في مصر وتعلم في الإسكندرية وقد نشر فكره في مصر قبل أن يذهب إلى روما، ويضيف ابيفانيوس أنه غادر روما فيما بعد إلى قبرص[49].
ويوجد في كتاب المتفرقات لأكليمندس الإسكندري ست فقرات من كتابات فالنتينوس مدمجة في كتابه؛ اثنتان منها من خطاباته واثنتان من عظاته واثنتان لا يعطي لنا أي توضيح عن أي كتاباته أخذهم[50]. ويضيف كواستن: ” وجد فالنتينوس أتباع كثيرين في الشرق والغرب، ويحدثنا هيبوليتوس عن مدرستين واحدة شرقية وواحدة في إيطاليا “[51].
ويقول عنه ترتليان: توقع فالنتينوس أن يكون أسقفاً، لأنه كان رجل ذكياً وفصيحاً مقتدراً، ولما حصل غيره على هذه الكرامة، بسبب ما قيل أنه أب للاعتراف، فقد أنتقم وفقد إيمان الكنيسة الحقيقي. ومثل الذين تكون روحهم غير مستقرة فقد أثاره الطموح، ودبت فيه رغبة الانتقام، ومن ثم فقد دفع نفسه بكل ما يمكن أن يؤدي لإفساد الحق؛ ووجد مفتاح ذلك في تحقيق الرأي القديم وحدد لنفسه طريق رقة الحية “[52].
ويعبر ترتليان عن فكر فالنتينوس من جهة الكتاب المقدس فيقول: ” توجد طريقتان لتشويه تفسير الأسفار المقدسة، واحدة هي طريقة ماركيون فقد استخدم السكين ليستأصل من الأسفار المقدسة كل ما لا يتفق مع رأيه، ويبدو فالنتينوس من جهة أخرى أنه يستخدم كل العهد الجديد (Instrumentum)، ويفسد معناه بسوء تفسيره “[53].
ويقول بروس (F.F. Brauce)، نقلاً عن (W. C. Van Unnik)؛ أن هذا يبين لنا وجود مجموعة من كتابات العهد الجديد التي كانت معروفة ومقبولة في روما وموحى بها. ويؤكد بروس أن فالنتينوس ألمح في مقالته، عن القيامة، لاستخدام الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس لوقا وسفر أعمال الرسل ورسالة يوحنا الأولى ورسائل القديس بولس، فيما عدا الرسائل الرعوية[54]، والرسالة إلى العبرانيين وسفر الرؤيا. ولم يلمح إليها فقط بل استشهد بنصوص تفترض أنها ذو سلطان، وموحى بها[55].
ومن أهم كتابات فالنتينوس التي استشهد بها وأقتبس فيها من أسفار العهد الجديد هو كتاب ” إنجيل الحق[56] “[57]، والذي تم أكشافة في نجع حمادي سنة 1945م. فقد استشهد بالأناجيل الأربعة وسفر الأعمال وسفر الرؤيا ورسالة يوحنا الأولى ورسائل بولس الأربع عشرة، مثل الرسالة إلى رومية وإلى كورنثوس الأولى وإلى العبرانيين، واقتبس من الرسالة إلى أفسس باعتبارها كلمة الله وسفر مقدس.
وهذا يبرهن فى نظر العلماء على وجود أسفار العهد الجديد، جميعاً في روما فى نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني. وفيما يلي بعض الفقرات التي استشهد بها أو بنى فكره على مضمونها وجوهرها دون نصها:
في النص التالي يقول: ” هذا هو الذي يدعى المخلص، لكونه اسم لمهمته التي يجب أن يقوم بها لعتق أولئك الذين لم يتعرفوا على اسم الآب “. يأخذ مضمون وجوهر وفكر الآيات التالية: ” لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ ” (مت1:21)، ” أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ ” (يو17:6)، ” وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ ” (أع4: 12).
وفي الفقرة التالية: ” فجعله بلا قوة. وقد سُمر على الصليب… الآب غير المحدود, غير المتخيل, ذلك الآب الكامل الذي صنع الكل, وفيه الكل, وله الكل “. يأخذ روح ومضمون الآيات التالية: ” فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ 00 الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. الَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ ” (كو1:17)، ” حَيْثُ صَلَبُوهُ ” (يو19: 18)، ” الَّذِي أَيْضًا قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ ” (أع 10: 39).
ويقول أكليمندس الإسكندري[58]: ” يقال أن الابن هو وجه الآب لكونه يعلن شخص الآب للحواس الخمس بارتدائه لنفسه الجسد “. ويقول نص إنجيل الحقيقة المكتشف في نجع حمادي: ” بعد كل هذا جاء أيضاً الأطفال الصغار, هؤلاء الذين يملكون معرفة الآب. وحين أصبحوا أقوياء تعلموا سمة وجه الآب “. وهذا جوهر ومضمون قوله: ” لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ” (مت18:10).
وفي هذا النص: ” هذا الكتاب الذي لم يقدر احد أن يأخذه, لأنه حفظ للذي سيأخذه ويذبح. ولم يستطع أحد من هؤلاء الذين آمنوا بالخلاص التجسد مادام الكتاب لم يظهر. لهذا السبب, كانت عاطفة وولاء يسوع صبرا في معاناته حتى أخذ ذلك الكتاب, حيث أنه علم أن موته يعني الحياة للعديدين “. هو وفكر وصدى ما جاء في رؤيا (5:1-5): ” وَرَأَيْتُ عَلَى يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ سِفْرًا مَكْتُوبًا مِنْ دَاخِل وَمِنْ وَرَاءٍ… فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ… أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ… هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ السَّبْعَةَ “.
والنص التالي: ” بل بالأحرى هي حروف الألف باء حيث الذين يدركونها يعبرون عن أنفسهم. كل حرف هو فكر كامل، كل حرف هو كتاب حقيقي كامل مكتوب بالألف باء لوحدة الآب “. هو صدى لجوهر ومضمون قوله: ” أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبَدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي ” (رؤ1:8).
5 – المونتانية وقانون العهد الجديد:
ترجع المونتانية إلى مونتانوس (Montanus) من أردابو قرية في فريجية بآسيا الصغرى، لذا دُعيت هذه الهرطقته، أولاً، بالهرطقة الفريجية، وقد ظهر حوالي سنة 170م. وسبب ظهوره انشقاقًا في الكنيسة انتشر بصورة شاسعة، وبقيت أثاره إلي القرن الرابع[59]. كان مونتانوس وثني الأصل ويري العلامة ديديموس الضرير أنه كان كاهن وثن[60]. وعلم بأن الإعلانات الإلهية الفائقة لم تنتهِ بانتقال الرُسل من العالم، بل كان من المتوقع وجود إعلانات أكثر عجباً من عصر الرسل وذلك بتدبير الباراقليط.
ودعيت هذه الهرطقة باسم مؤسسها ” المونتانية (Montanism) “، إلى جانب الفريجية. وأدعى مونتانوس أنه هو نفسه الباراقليط الذي وعد الرب يسوع المسيح أن يرسله ليحل على تلاميذه، كما أدعى أنه يتكلم بوحي الروح القدس ويرى رؤى إلهية وأنه نبي ومن ثم فقد كان أتباعه يعتبرون كلماته هي كلمات الله نفسه. كما تطرف للقول بأنه هو نفسه الروح القدس الذي قال عنه ووعد به المسيح[61]. وأشار أكليمندس الإسكندري إليهم كأنبياء كذبة[62]. أما ترتليان الذي أنضم إليهم فدافع عنهم في عمله المفقود في 6 كتب عن الدهش.
وقال المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري عن مونتانس: ” كان هناك شخص اسمه مونتانوس متنصر حديثاً، وبسبب تعطشه الذي لا يحد للقيادة أعطى للخصم فرصة ضده. وأصبح خارج عقله، وإذ صار في حالة خبل وذهول صار يهذي وينطق بأمورٍ غريبةٍ، ويتنبأ بحالة مُغايرة لعادة الكنيسة السليمة المُسلمة إليها من التقليد منذ البداية. اشتد غضب بعض من سمعوا أقواله الزائفة وقتئذٍ ووبخوه كشخص قد مسه خبل، وساقط تحت سلطان إبليس، ومدفوع بروح مضل ومضلل للشعب، فمنعوه من الكلام، متذكرين نصيحة الرب نحو ضرورة التمييز، الحذر من مجيء الأنبياء الكذبة “[63].
ويقول ابيفانيوس، عن مونتانوس، أنه قال: ” يا للأسف الإنسان كاذب، وأنا أطير فوقه كالذي يجني، الإنسان ينام وأنا أراقب “[64]. ويضيف قوله: ” لم آت كملاك ولا رسول، ولكن الرب، الله الآب قد أتى “[65]. وكان من تلاميذه سيدتان هما بريسكلا (Priscilla) وماكسيّملا (Maximilla)[66]، اللتان سقطتا في حالة انفعال شديد، وكان مونتانوس وأتباعه ينظرون إليهما كنبيتان مكرمتان جدًا.
وأدعى مونتانوس وبريسكلا ومكسميلا أنهم يقعون في غيبوبات رؤوية ويتكلمون بالروح القدس، ويحثون أتباعهم على الصوم والصلاة، حتى يشتركوا في الرؤى التي يرونها، كما أدعى أتباعهم أنهم نالوا موهبة النبوة من الأنبياء كوادراتوس وأميّا اللذان من فيلادلفيا، واعتقدا أن لديهما جزءًا من خط النبوة الذي يعود إلى أجابوس وبنات فيلبس المبشر[67].
ويقول ابيفانيوس أن مونتانوس قال عن نفسه: ” أنا الرب، الله كلي القدرة الذي أسكن في الإنسان “[68]. ويقول ديديموس الضرير أنه قال: ” أنا هو الآب والابن والباراقليط “[69]. وينقل عنه ابيفانيوس أيضاً: ” لماذا تقولون أن الإنسان السوبر الذي خلص؟ لأن الرجل البار يشرق أكثر لمعاناً من الشمس مئة مرة، وحتى الصغار بينكم قد صاروا بخلاصهم أكثر لمعاناً من القمر مئة مرة “[70]. ويقول مونتانوس عن دفنه: ” عندما أموت يجب أن أدفن تحت الأرض بخمسين ذراعاً، لأن النار التي ستأتي على كل الأرض ستلتهمني إذا لم أدفن في هذا العمق “[71].
وتقول مكسيّملا عن نفسها: ” بعدي لن تكون هناك نبوّة “[72]. ” أنا مُقادة بعيدا مثل الذئب، وأنا لست ذئباً. أنا كلمة وروح وقوة “[73]. ” الرب أرسلني كنصيرة لهذا الواجب، مجبرة على فعل ذلك، وسواء كنت أريد أو لا أريد، لأكون معطية الوحي لهذا العهد، ومترجمة للوعد، ولنقل المعرفة من الله “[74].
وتقول بريسكلا عن المونتانيين: ” يرون رؤى، ويحولوا وجوههم لأسفل، فهم يسمعون أصوات ظاهرة صحية فوق الأسرار “[75]. وتقول عن نفسها: ” جاء المسيح إلي [ وأنا نائمة ] يظهر لي كامرأة لابسة روب مشع. ووضع الحكمة فيّ وكشف لي المكان المقدس وأن أورشليم ستنزل من السماء في هذا الموقع “[76].
يقول يوسابيوس القيصري: ” وهكذا بالمكر والحيل الشريرة دبر إبليس هلاكاً للعصاة فأكرموه, وهو لا يستحق أي إكرام, في الوقت الذي ألهب هو أذهانهم التي كانت قد انحرفت فعلاً عن الإيمان السليم, علاوة على هذا فقد حرك امرأتين وملأهما روح الضلال حتى صارتا تتكلمان بشكل غريب وبلا روية ولا منطق, كالشخص السابق ذكره (مونتانوس), أما الروح (الشرير) فقد أعلن أنهم مباركون إذ سروا وافتخروا به ونفخهم بوعوده الخلابة, غير أنه في بعض الأحيان كان يوبخهم علانية بطريقة حكيمة أمينه لكي يظهر كناصح ومؤدب, ولكن الذين انخدعوا من أهل فريجية كانوا قليلي العدد. وقد علمهم الروح المتغطرس احتقار الكنيسة بأكملها، الجامعة تحت السماء, لأن روح النبوة الكاذبة لم ينل منها أي إكرام ولا سمح بدخولها “[77].
كان الموضوع الجوهري للمونتانية هو الباراقليط، روح الحق، الذي وعد به المسيح في الإنجيل للقديس يوحنا، وقد أظهر نفسه للعالم في مونتانوس والأنبياء والنبيتان المساعدتين له.
وادعوا أن النبوة المونتانية جديدة، بل ولم يفعل الأنبياء مثلما فعل مونتانوس، وأن لديهم نوعاً من قوة الدهش، الغيبوبة الروحية، وفي حالة من الانفعالية يحصلون على الكلمات التي يتكلمون بها ويزعمون أنها كلمات الروح القدس، وقد زعم مونتانوس أنه هو الإعلان النهائي للروح القدس وأنه إضافة لتعاليم المسيح والرسل، ويجب أن تقبل الكنيسة هذا الإعلان الكامل.
ولم يكن المجيء الثاني للمسيح يشغل اهتمامهم وآمنوا بأورشليم السمائية (رؤيا 12) التي زعموا أنها ستنزل حالاً على الأرض في المدينة الفريجية الصغيرة بيبوزا (Pepuza)[78]، فتخلى عنهم كثيرون من أتباعهم وكثير من الجماعات المسيحية.
ولقناعته بنهاية العالم الوشيكة وضع، مونتانوس، مبادئ أخلاقية صارمة زاعماً تطهير المسيحيين وفصلهم عن رغباتهم المادية. وقد عُرف المونتانيون بالنسك الشديد والزهد في الحياة، وكثرة أيام الصوم والأمتناع عن اللحوم والخمر والاستحمام والمشروبات كعصير الفواكه (فيما عدا أيام السبت والأحد)، وتعظيم العذرية، البتولية، والرغبة في الاستشهاد ورفض الزواج، الذي عادوا فقبلوه وحرموا الزواج الثاني للأرامل! كما كانوا يتسمون بالعنف في قبول الذين سقطوا في خطايا خطيرة.
وادعوا أنهم يقومون بعملية إحياء روحي من خلال النبوة الجديدة داخل الأرثوذكسية، وكرموا التقليد واعترفوا بالقواعد الكتابية للإيمان المسيحي وقبلوا المواضيع الرؤوية (نهاية العالم)، ورفضوا نظام الرتب والكهنوت المسيحي.
ووقفت الكنيسة في آسيا الصغرى ضد هذه الهرطقة وحاربتها بشدة منذ أيام ديوناسيوس أسقف كورنثوس (فيما بين 160 و170م)، واستمرت حتّى القرن الثالث، حين فندها زفيرينوس أسقف روما (198 – 217م)[79] حوالي السنة 200م، وحذا أساقفة قرطاج وبقية أساقفة أفريقيا حذو أساقفة آسيا الصغرى ودعوها بالهرطقة الفريجية[80].
وكان يعتقد أن هؤلاء الأنبياء الفريجيين تمتلكهم أرواح شريرة وكانت كل من مكسيملا وبرسيكلا أهداف للتعاويذ الفاشلة[81]. وأعلنت كنائس آسيا الصغرى أن نبواتهم تجديف وحرموا أتباعهم[82].
وحوالي سنة 177م قام أبوليناريوس (Apollinarius) أسقف هيرابوليس وترأس مجمع أدان فيه هذه الهرطقة ونبوتها المزعومة[83]، كما يقول يوسابيوس، أنه (أبوليناريوس) ومعه أشخاص آخرون مقتدرون قد تركوا لنا مادة غزيرة جداً استقينا منها الكثير من المعلومات عند كتابة تاريخنا هذا “[84]. وتحاور معهم كابوس[85]، أحد المفندين لهرطقتهم، والذي يقول عنه يويسابيوس أنه: ” من جهابذة العلماء “، في روما في عهد زفيرينوس، وكذلك بروكلوس الذي كان خصماً عنيداً للفريجية، وهاجم جراءتهم على إبراز أسفار جديدة. ويذكر فقط ثلاث عشرة رسالة للرسول المبارك، غير حاسب رسالة العبرانيين مع الرسائل الأخرى “.
ويضيف يوسابيوس: ” فالمؤمنون في آسيا كانوا يجتمعون في أماكن مختلفة في جميع أرجاء آسيا للتفكير في هذا الأمر, وفحصوا الأقوال الغريبة, وأعلنوا فسادها ورفضوا البدعة, وأستقر رأيهم على إبعاد هؤلاء الأشخاص من الكنيسة, ومنعوهم من الشركة “[86]. كما واجه مجمع القسطنطينية قبل سنة 381م، خطورة فكرهم وأدانها بالرغم من دفاع ترتليان، الذي اقتنع ببعض أفكارها، وصار رئيساً لجماعه فيها[87].
أما عن موقفهم من قانونية أسفار العهد الجديد فيقول ابيفانيوس أسقف سلاميس: ” هؤلاء الفريحيين، كما نسميهم، يقبلون كل أسفار العهد القديم والعهد الجديد ويؤمنون بقيامة الموتى أيضاً. ولكنهم… ويتفقون مع الكنيسة الجامعة المقدسة عن الآب والابن والروح القدس “[88].
وقد أنتشر تأثير هذه الهرطقة في الأوساط المسيحية وكان تأثيرها ذو شقين؛ الأول هو أنهم كتبوا كتب جديدة دعوها بالأسفار المقدسة زاعمين ومدعين أنهم رأوا مضمونها في رؤى! وهذا دفع الكنيسة لعدم الثقة في الأدب الرؤى عموماً، بما في ذلك رؤيا يوحنا، لدرجة أن أحد أتباع الكنيسة الجامعة رفض رؤيا يوحنا لهذا السبب.
وكانوا يستخدمون أسفار العهد الجديد ويستشهدون بها ويقتبسون منها كثيراً كأسفار مقدسة. وقد وضع هؤلاء ثلاثة تقسيمات للأسفار المقدسة، هي؛ (1) العهد القديم، (2) العهد الجديد، (3) كتابات المونتانيين الذين كتبوها هم وادعوا أن الروح القدس هو الذي أوحى لهم بها! ولذلك حرمتهم الكنيسة الجامعة[89].
كما دفعت المونتانية بعض المدافعين المسيحيين، الذين هاجموها بضراوة، لرفض بعض أسفار العهد الجديد التي اعتمدت عليها هذه الهرطقة كثيراً! فقد قام أحد هؤلاء المدافعين بتفنيد أفكارها الهرطوقية وأندفع في هجومه عليها وفي ذروة اندفاعه رفض سفر الرؤيا!! بسبب حديث، هذه الهرطقة، عن الملك الألفي واستخدامها الكثير فيما أسمته بالنبوة الجديدة، ورفض الإنجيل للقديس يوحنا بسبب ما جاء فيه عن البارقليط، المعزي، وإدعاء مونتانوس بأنه هو نفسه الباراقليط، بل واستخدامهم الكثيف له.
والخلاصة هي أن مونتانوس وأتباعه، المونتانيين، أو الفريجيين، آمنوا بكل أسفار العهد الجديد، ولكن وبسبب استخدامهم الكثير للإنجيل للقديس يوحنا، وخاصة في حديثه عن الباراقليط، فقد رفض أحد الذين هاجمهم وفند هرطقتهم الإنجيل نفسه، ورفض آخر سفر الرؤيا بسبب آياتها التي تتحدث عن الملك الألفي، ورفض آخر نسبة الرسالة إلى العبرانيين للقديس بولس.
وعلى أية حال ما يعنينا هنا بالدرجة الأولى هو أن المونتانيين، برغم كل هرطقتهم فقد قبلوا، في القرن الثاني الميلادي، كل أسفار العهد الجديد السبعة وعشرين كأسفار قانونية وموحى بها، متفقين في ذلك مع الكنيسة الجامعة الرسولية الأرثوذكسية.
مما سبق يتضح ويتأكد لنا أن الإنجيل بأوجهه الأربعة بصفة خاصة، ورسائل بولس الرسول وبقية أسفار العهد الجديد بصفة عامة، كانت منتشرة ومعروفة فى كل البلاد التى انتشرت فيها المسيحية وكان جميع المؤمنين يؤمنون بأنها كلمة الله الموحى بها والتى استلموها من الرسل شهود العيان ورجال الروح القدس، وأنها أسفار مقدسة ومكتوبة بواسطة الرسل أنفسهم والذين كتبوا مسوقين ومحمولين بالروح القدس، وكانت تقرأ في جميع الكنائس.
كما كانت منتشرة بأعداد كبيرة فى كل البلاد التي انتشرت فيها المسيحية وفى وسط أناس حفظوها شفوياً قبل أن يستلموها مكتوبة، وكان الرسل، في حياتهم، خير ضمان لوحيها والحفاظ عليها ثم صار تلاميذهم، الآباء الرسوليون، والذين صاروا قادة للكنيسة من بعدهم، خير ضامن أيضاً لوحي هذه الأسفار، الإنجيل، وللحفاظ عليها، باعتبارهم هم أيضاً شهود عيان وأول من استلم منهم الإنجيل شفاهة ومكتوباً.
وكان القديس يوحنا الرسول والذى عاش إلى نهاية القرن الأول الميلادى خير شاهد وضامن لوحى الإنجيل وبقية أسفار العهد الجديد. كما كانت جميع النسخ الأصلية أو النسخ المنقولة عنها مباشرة موجودة في جميع الكنائس الرسولية الرئيسية في بداية القرن الثالث الميلادي ولا نعرف إلى متى ظلت موجودة بعد ذلك، فربما تكون قد بقيت موجودة بعد ذلك بمئات السنين.
[1] ” لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ (غل5:6)، ” لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ ” (غل6:15)، ” فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ، الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ ” (كو2 16 و17).
[2] أنظر كتابنا ” إنجيل برنابا هل هو الإنجيل الصحيح ” ف 6.
[3] خرجت الابيونية بعد خراب الهيكل ودمار أورشليم سنة 70م من جماعة تدعى اليهود المتنصرين، ودعاهم العلامة هيبوليتوس بالمسيحيين اليهود، لتمسكهم بالعادات والتقاليد اليهودية والناموس وحفظهم للسبت. وقد دعاهم رجال الكنيسة
بالابيونيين من كلمة ابيون العبرية وجمعها ابيونيم والتي تعني الفقراء لفقر تعاليمهم وحقارتها. يقول عنهم المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري ” وقد كان الأقدمون محقين إذ دعوهم ” ابيونيين ” لأنهم اعتقدوا في المسيح اعتقادات فقيرة ووضيعة ” (يوسابيوس ك 3 ف 27). وبرغم قلة عددهم فقد كان كل فريق منهم يرى في شخص المسيح غير ما يراه الآخرون؛ ” وقال بعضهم؛ أن يسوع لم يولد من عذراء وإنما ولد ولادة طبيعية من يوسف ومريم، وقد تبرر فقط بسبب فضيلته السامية “.
وقال بعض آخر بولادته من عذراء ” وبخلافهم كان هناك قوم آخرون بنفس الاسم، ولكنهم تجنبوا الآراء السخيفة التي أعتقدها السابقون، ولم ينكروا أن الرب وُلد من عذراء ومن الروح القدس.
ولكنهم مع ذلك رفضوا الاعتراف أنه كان كائنا من قبل لأنه هو الله، الكلمة ” (يوسابيوس ك3 ف 27). ويقول القديس إيريناؤس ” ولكن رأيهم فيما يختص بالرب مثيل بما قاله كيرنثوس وكربوكريتس؛ ” اللذان قالا أن المسيح الإله حل على يسوع في شكل حمامة ودخل فيه ” (Iren. Ag. Her.1:26). كما يزعمون أنه لم يولد من الآب إنما خلق كواحد من رؤساء الملائكة… وهو يحكم على الملائكة وكل مخلوقات القدير (N.T Apoc. Vol. 1 p, 158). فهو بالنسبة لهم إله ولكن بدرجة أقل من الآب!! فقد صار، من وجهة نظرهم، أعظم من الأنبياء والملائكة والكائن الثاني في الكون بعد الله!!
[4] مثل كيرنثوس وكربوكريتس (Cerinthus and Carpocrates) اللذان قالا أن المسيح الإله حل على يسوع في شكل حمامة ودخل فيه في المعمودية وتركه عند الصليب (أنظر Iren. Ag. Her.1:26).
[5] Irenaeus, Against Heresies, 3:11,8.
[6] Hippolytus, Refutation of Heresies,7:14.
[7] See Ire. Ag. Haer. 1:30
[8] See Refut. Haer.6:1 and Ire. Ag. Haer. 7:8, 14 and ANF vol. 5 pp. 106, 107
[9] كتب الهراطقة بعض الرسائل الابوكريفية ونسبوها للرسل، منها ثلاث رسائل نسبوها للقديس بولس إحداها ما اسموه بالرسالة إلى لاودكية. والتي تتكون من عشرين عدداً، وهي مجموعة متناثرة من عبارات مأخوذة من رسائل القديس بولس القانونية وقد نسجت في خيط واحد. ذكرت في المخطوطة الموراتورية (170م) ونصها لا يزال موجوداً.
[10] W.H.C. Frend, The Rise of Christianity, P. 213.
Catholic Encyclopedia, “Marcionites” (1911).
[11] Tertullian, Against Marcion 1.1.4.
[12] Cross & Livingstone, 870.
[13] Catholic Encyclopedia
[14] Catholic Encyclopedia, http://en.wikipedia.org/wiki/Marcion_of_Sinope#cite_note-6
[15] Epiphanius, Panarion, 43.1.
[16] Philip Schaff, History of the Christian Church, Vol. 2, 1910.
Bart D. Ehrman, in Lost Christianities, suggests that his seduction of a virgin was a metaphor for his corruption of the Christian Church, the Church being the virgin.
http://en.wikipedia.org/wiki/Marcion_of_Sinope#Life
[17] Ag. Marcion, I. 1; IV. 4.
[18] Irenaeus, Against Heresies, III. 3. 4.
[19] يؤمن هذا الفكر المأخوذ عن افلاطون بأنه كان يوجد في الكون الإله السامي، غير المرئي وغير المدرك، والمادة الموجودة في الكون ولكن في حالة فوضى ولا تكوّن، وهما أبديان، لا بداية لهما ولا نهاية، وأن الله قدوس وطاهر بشكل مطلق والمادة تمثل الشر والدنس، ونظراً لأن الإله السامي طاهر ولا يمكن أن يلمس المادة الدنسة لذا بثق (أخرج) من ذاته 365 أيون، أي كائن روحاني، بعدد أيام السنة الشمسية، وكل أيون بثق من ذاته 365 أيون.. وهلم جرا. وكان أقرب الايونات إلى الإله السامي أربعة هم؛ أوتوجينيس، أي ذاتي الجنس، ومونوجينيس، أي وحيد الجنس، وباربيلو، أي عقل الآب، وصوفيا، أي الحكمة.
واعتقدوا أن هذه الايونات مكتملة الجنس بمعنى أنها مكتملة الذكورة والأنوثة في ذاتها، ومن ثم فقد حبلت صوفيا ذاتيا وولدت كائن اسموه بالديميورج أو يلدابوس ومعناه الصانع أو الحرفي وليس الخالق، والذي كان يجهل وجود الإله السامي ولا يعرف عنه أي شيء من ثم تصور أنه هو نفسه إله الكون! فصنع الكون ونظم المادة ولما أراد أن يخلق الإنسان صنع الاجساد وعجز عن خلق الأرواح لأنه ليس خالق، فاخذ الايونات المنبثقة من بعضها البعض والمنبثقة أصلا من الإله السامي ووضعها في الأجساد لتحيا، فجعلها سجينة الأجساد المخلوقة من المادة الشريرة بعد أن كانت حرة طليقة!
ومن هنا احتاج الإنسان للخلاص، خلاص روحه من جسده، وآمنوا أن الخلاص لابد أن يكون بالمعرفة، أي يعرف البشر أنهم أرواح أو شرارات من الإله السامي ويجب أن تعود كما كانت وإن الإله الحقيقي هو الإله السامي، غير المرئي وغير المدرك، وأن الديميورج هو إله شرير لأنه أدعى أنه إله الكون ولأنه سجن الايونات المنبثقة من الإله السامي في الاجساد المخلوقة من المادة الشريرة.
ولما جاء المسيح اعتقدوا أنه جاء من عقل الآب، الإله السامي، في شبه جسد وظهر في هيئة وشكل وشبه الإنسان لكن لم يتخذ جسدا من العذراء بل نزل من السماء إلى الأرض مباشرة ودون أن يولد من العذراء.
[20] والذي يعني اسمه الحرفي (craftsman)، أي الصانع لأنه لم يكن إلهاً خالقاً.
[21] Justin Martyr, Apology 1: 58.
[22] Antithesis من اليونانية “ ἀντί ” وتعني ضد و ” θέσις ” أي ترتيب أو موضع، وتعني الكلمة كاملة مضاد أو متضاد.
[23] وعلى سبيل المثال فقد قال: كانت شريعة موسى هي شريعة ” العين بالعين ” (تث19:21)، والتي تركها المسيح (مت5:39)، وجعل، إله العهد القديم، الدببة تأكل الأطفال الذين دعا عليهم أليشع النبي (2مل2:23و24)، وعلى العكس فقد قال المسيح: ” دعوا الأولاد يأتون إلى ” (لو18:16)، وأوقف إله العهد القديم الشمس ليشوع ليواصل ذبح أعدائه (يش10:13)، وعلى العكس اقتبس بولس الرسول وصية المسيح القائلة: ” لا تغرب الشمس على غيظكم ” (أف4:26)، وسمح العهد القديم بتعدد الزوجات والطلاق وهذا غير مسموح به في تعاليم المسيح (مت5:31).
[24] K.S. Latourette, A History Of Christianity, P. 125.
[25] Ag.. Haer. I.27.1; III.4.3
[26] Ag. Marc. I.2, 22; III.21; IV.17.
[27] Refut. 10,15.
[28] يوسابيوس ك 4: 11.
[29] Tertullian, Ag. Marc. 4,2.
[30] أنظر كتابنا ” أبوكريفا العهد الجديد كيف كتبت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟ ” الجز الثاني تحت الطبع.
[31] Bruce, Canon135, 138.
[32] Ag. Haer. I.27.2.
[33] (2:6-9أ؛ 3: 1-12، 14أ، 15-25؛4: 27-30).
[34] F.F. Bruce, The Canon Of Scripture. PP. 138-139.
[35] أو الإنجيل بحسب متى ” Euangelion Kata Matheon – Ευαγγέλιον κατα Μαθθαιον “.
[36] أو الإنجيل بحسب مرقس “Euangelion Kata Markon – Ευαγγέλιον Κατά Μάρκον “.
[37] أو الإنجيل بحسب لوقا ” Euangelion Kata Lokan – ΕυαγγέλιοvΚατά Λουκάν “.
[38] أو الإنجيل بحسب يوحنا ” Euangelion Kata Iwannin – ΕυαγγέλιοvΚατά Λουκάν “.
[39] F.F. Bruce, The Spreading Flame. P. 252.
[40] F.F. Bruce, The Canon Of Scriptures, P. 144.
[41] Latourette, PP. 135-136.
” بالحقيقة نؤمن بإله واحد الله الأب ضابط الكل خالق السماوات والأرض ما يرى وما لا يرى “. وأن الرب يسوع المسيح قد تجسد وولد بصورة طبيعية، بدون زرع بشر؛ من العذراء القديسة مريم ومن الروح القدس، أتخذ جسداً حقيقياً، وأنه سيعود ثانية ليدين الأحياء والأموات. وليس كما قال ماركيون أن الله كلي الحب لا يدين، بل الديميورج، إله اليهود، هو الذي يدين.
[42] Latourette, 126: Frend, Rise 214.
[43] Johnson, 47. Walker, 126.
[44] دفاع 1:26.
[45] See Ire. Ag. Haer. 1:1 أعتقد بوجود سلسلة من الآلهة.
[46] Bentley Laytonm, The Gnostic Scriptures, p. 217.
[47] Ire. Ag. Haer. 3,4,3.
[48] وهذا ما يؤكد أيضاً المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري (ك 4 ف 11.1,3).
[49] The Panarion of Epiphanius of Salamis, 31,7 to 12.
[50] J. Quasten, Patrology, v. 1, p. 260.
[51] J. Quasten Patrology, v. 1, p. 261.
[52] Tertullian, Adversus Valentinianos, iv.
[53] Tertullian, Adversus Valentinianos, iv.
[54] 1و2 تيموثاوس وتيطس.
[55] F.F. Brauce, P. 147.
[56] Ire.Ag Haer. 3.11.9.
[57] F. F. Brauce, The Canon Of Scriptures, pp. 146-148.
[58] Stromata, V.6.
[59] وقد انتشرت بدعة مونتانوس في الغرب فوصلت إلى ليون (فرنسا) وروما وقرطاجة في شمال أفريقيا، وحوالي سنة 206م أنضم إليهم ترتليان سنة وصار مدافعاً متحمساً عنها، وقد أسّس جماعة منشقّة.
[60] الثالوث 3 – 41.
[61] لوبرت بايكر، موجز التاريخ الكنسي21.
[62] متفرقات 4: 13
[63] يوسابيوس ك 5 ف 16: 7 و 8 و13.
[64] Panarion, IV. 4,2.
[65] Panarion, IV. 3,11.
[66] Tabbernee, William, Prophets and Gravestones: An Imaginative History of Montanists and Other Early Christians, P. 89.
[67] Tabbernee, pp. 37, 40–41 notes 6–8.
[68] In Epiphanius of Salamis’ Medicine-Chest (Panarion), 48:11.
[69] In Didymus The Blind’s On The Trinity, 3:41.
[70] Panarion, 48:10.
[71] In Michael the Syrian’s Chronicle, 9:33.
[72] Panarion, 48:2.
[73] يوسابيوس ك 5 ف 18:
[74] Panarion, 48:13.
[75] Tertullian’s Exhortation To Chastity, 10.
[76] Panarion, 49:1.
[77] يوسابيوس ك 5 ف 16:9و10.
[78] Encyclopedia Britannica and Metzger.
[79] يوسابيوس ك 5 ف 28؛ ك 6 ف 20:3.
[80] B. M. Metzger, P. 102.
[81] Tabbernee, PP. 31–32.
[82] Tabbernee, P. 25.
[83] Tabbernee, PP. 21–23.
[84] يوسابيوس ك 5 ف 18:5.
[85] يوسابيوس ك 2 ف 20:6؛ حيث يقول: ” يؤيدها كابوس، أحد أعضاء الكنيسة الذي قام في عهد زفيرينوس أسقف روما. فأنه في مساجلة مع بروكلوس، مبتدع الهرطقة الفريجية، يذكر ما يأتي عن المواضه المقدسة التي أودعت فيها جثتا الرسولين السابق ذكرهما (بطرس وبولس).
[86] يوسابيوس ك 6 ف 16:10-13.
[87] القس حنا جرجس الخضري، تاريخ الفكر المسيحي ص517.
[88] Panarion, IV. 1,1- 4.
[89] B. M. Metzger, P. 105.