آبائياتأبحاث

الآباء الرسوليون وقانونية أسفار العهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط

الآباء الرسوليون وقانونية أسفار العهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط

الآباء الرسوليون وقانونية أسفار العهد الجديد
الآباء الرسوليون وقانونية أسفار العهد الجديد

الآباء الرسوليون وقانونية أسفار العهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط

الآباء الرسوليون هم تلاميذ الرسل وخلفاؤهم الذين تتلمذوا على أيديهم وخدموا معهم وكانوا معاونين لهم وصاروا خلفاء لهم واستلموا مسئولية الكرازة والخدمة من بعدهم، وحملوا الإنجيل، سواء الشفوي أو المكتوب، وكان مصدر عقيدتهم ومصدر تعليمهم، ومن ثم فقد استشهدوا بآياته ونصوصه في كرازتهم وعظاتهم وتعليمهم، وكتاباتهم التي بقى لنا منها عدد كاف يكشف لنا عما تسلموه من الرسل وما تعلموه وعلموه من عقائد، على رأسها وحي وقانونية كل أسفار الكتاب المقدس، خاصة قانونية أسفار العهد الجديد التي تعنينا في هذا الفصل. وقد دونوا كتاباتهم في الفترة ما بين 95م إلى حوالي 120م وكانوا شهودا على عملية تطوير اساليب وتأكيدات المسيحية [1].

ويدل استخدامهم لنصوص أسفار العهد الجديد وآياته على إيمانهم بوحيها وقانونيتها وأنها أسفار موحى بها بالروح القدس وذات سلطان إلهي، كما تدل اقتباساتهم منها على وجود هذه الأسفار في زمنهم وعصرهم بل ووجودها السابق عليهم، كأسفار قانونية، فقد اقتبسوا واستشهدوا في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلادي من جميع أسفار العهد الجديد عدا الرسالتين الثانية والثالثة ليوحنا [2] نظرا لصغرهما ولتماثل المادة فيهما مع رسالته الأولى، وهذا لا يعني أنهم لم يعرفوا الرسالتين. وكانت تعاليمهم وأقوالهم صدى لما جاء في الإنجيل من تعاليم وأقوال.

كما كانوا يكتبون بنفس لغة أسفار العهد الجديد ويعتقدون بنفس عقيدة التلاميذ والرسل، وبينوا أن الحقائق العظيمة لروايات الإنجيل وجوهر الرسائل الرسولية هي التي شكلت قوانين الإيمان العامة ووضعت أسسها، وأدركوا ملائمة القانون وبينوا حدوده وما يجب تثبيته. وأكدوا على حقيقة وسلطان الأسفار نفسها[3]. وعندما تحدثوا لنا كان برهانهم أكثر أهمية أنهم تحدثوا من مراكز الكنيسة القديمة العظيمة من إنطاكية والإسكندرية وأفسس وروما، وأثبتوا أن الكنيسة كانت واحدة جامعة رسولية منذ البدء[4]. كما اقتبسوا في كل ما كتبوه من الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل، واستشهدوا من جميع رسائل الرسل، سواء بالاقتباس المباشر أو الإشارات الضمنية[5].

وفيما يلي أهم ما اقتبسوه من أسفار العهد الجديد اعتماداً على ما قام به كل من جسلر (Geisler) ونيكس (Nix) في مقدمتهما للكتاب المقدس[6]. وكذلك إشارات ويستكوت المتكررة[7]. حيث اقتبسوا من 25 سفراً من أصل 27. 

فقد اقتبسوا 24 اقتباساً من الإنجيل للقديس متى من 24 إصحاحاً، ومن هذه الاقتباسات ما اقتبسته رسالة برنابا (حوالي70 – 100م) في مناسبات عديدة منها على سبيل المثال (مت20: 16؛22: 14 في 4 :14)، و (مت26: 31 في 5 :12)، و (مت19: 30؛20: 16 في 6 :13)، و (مت27: 34 في 7: 3) و (متى 22: 45 في 12 :11) بالإضافة الى إشارات عديدة. كما اقتبست منه الديداكية (حوالي80 – 120م) على نطاق واسع (أنظر متى6: 9 – 13).

و5 اقتباسات من الإنجيل للقديس مرقس من 5 إصحاحات، فقد اقتبست منه رسالة برنابا مرة واحدة صريحة (مر2: 17 في 5: 9)، واقتبست نصاً موازياً في (12 :11) من بين (مت22: 45؛ ولو20: 44). أي يمكن أن ينسب الاقتباس من الإنجيل للقديس متى أو الإنجيل للقديس لوقا[8].

و30 اقتباساً من الإنجيل للقديس يوحنا من 20 إصحاحاً، فقد اقتبس منه بابياس. واقتبس منه أيضاً اغناطيوس في رسائله. ومن امثلة ذلك (يو6: 33 في افسس 5: 2) و(يو 2: 3 في 17: 3). كما اقتبس منه أيضاً أكليمندس الروماني (يو17: 3 في رسالته الى كورنثوس 43 :5).

و11 اقتباساً من سفر أعمال الرسل من 11 إصحاحاً، فقد اقتبس منه بوليكاربوس تلميذ القديس يوحنا في رسالته الى فيلبي (أع2: 24) في (1: 2). واقتبس منه الراعي لهرماس مرات عديدة ومن امثلة ذلك: (أعمال 10: 35 في رؤ2 :2.7)، و (أع2: 38 ؛ 10: 48 ؛ 9: 5 في رؤ3 :3.7)، و (أع5: 26 في مثال9 :28.2)، و (أع2: 11؛ 2: 1 في مثال10 :3.2؛ 4).

و20 اقتباساً من الرسالة إلى رومية من 20 إصحاحاً، فقد اقتبس منها أكليمندس الروماني كثيراً، ومن أمثلة ما اقتبسه: (رو6: 1 في 33: 1) و (رو1: 29-32 في 35: 6) و (رو4: 7-9 في 50: 6). واقتبس منها أيضاً بوليكاربوس مرات عديدة في رسالته الى فيلبي ومن امثلة ذلك: (رو8: 7 في 5: 2) و (رو2: 7 في 6: 1) و (رو14: 10-12 في 6: 3) و (رو3: 8 في 10: 1). واقتبست منها الديداكية: (رو1: 29-30 في 5: 1-2).

و32 اقتباساً من الرسالة الأولى إلى كورنثوس، من 10 إصحاحات، فقد اقتبست منها الديداكية: (1 كو16: 22 في 10: 6) و (1كو9: 13-14 في13: 1-2) و (1كو15: 22, قارن مع مت24: 30-31 في 16: 6). وكذلك الراعي لهرماس: (1كو7: 11, قارن مع5: 32 و 19: 9 ومر10: 11 في وصية 3 :6) و (1كو7: 38 – 40 في وصية 4 :4 .1).

و14 اقتباساً من 2 كورنثوس من 5 إصحاحات، فقد اقتبس منها بوليكاربوس في رسالته الي فيلبي: (2كو4: 14 في 2: 2) و (2كو6: 7 في 4: 1). وأيضاً الراعي لهرماس: (2كو13: 11 في مثل 9 :13).

و9 اقتباسات من الرسالة إلى غلاطية من 4 إصحاحات، فقد اقتبس بوليكاربوس منها في رسالته الي فيلبي: (غل4: 26 في 3: 3) و (غل6: 7 في 5: 1) و (غل 5: 17 في 5: 3).

و20 اقتباساً من الرسالة إلى افسس من 6 إصحاحات، ورسالة افسس هى احدى رسائل القديس بولس التي كتبها وهو في السجن بروما، واقتبس منها أكليمندس الروماني: (اف4: 4-6 في 46: 6) و (اف1: 18 في 59: 3). كما اقتبس منها اغناطيوس الانطاكي في رسالته الى اهل سميرنا: (اف2: 6 في 1: 2). وبوليكاربوس: (اف4: 2 في 1: 3) و (اف5: 25، 29 في 5: 1). كما اشارت رسالة برنابا الى (اف2: 10؛ 4: 22-24 في 6: 10).

و15 اقتباساً من الرسالة إلى فيلبى من 4 إصحاحات، فقد اقتبس منها بوليكابوس: (في2: 16 في 9: 2) و (في4: 15 في 11: 3) و (في3: 18 في 12: 3). وأيضاً الراعي لهرماس: (في4: 18 في مثل 5 :3 .8) و (في2: 2؛ 3: 16؛ 4: 2) في مثل 9 :13. 7و8). وأيضاً اغناطيوس في رسالته الى سميرنا: (في4: 13 في 4: 2) و (في3: 15 في 11: 3).

و5 اقتباسات من الرسالة إلى كولوسى من إصحاح واحد، فقد اقتبس منها بوليكاربوس: (كو1: 23 في 10: 1) و (كو3: 5 في 11: 2). وكذلك اغناطيوس في رسالته الى افسس: (كو1: 23 في 10: 2)، وفي رسالته الى التراليين: (كو1: 6 في 5: 2).

و5 اقتباسات من الرسالة الأولى إلى تسالونيكي من إصحاحين، فقد اقتبس منها الراعي لهرماس: (1تس5: 3) في مثل 8 :7 ,2 + رؤيا 3 :6 .3؛ 9 :2 ,10). وكذلك الديداكية: (1تس4: 6 في 16: 7). واغناطيوس الانطاكي في رسالته إلى رومية: (1تس5: 17 في 10: 1) و: (1تس2: 4 في 2: 1).

واقتباسين من الرسالة الثانية إلى تسالونيكي من إصحاح واحد، وقد اعتمد عليها اغناطيوس بشكل اساسي في رسالته إلى فيلادلفيا: (2 تسالونيكي 3: 5 في 4: 3). واستخدمها بوليكاربوس في رسالته الى فيلبي: (2تس1: 4 في 11: 3) و (2تس3: 15 في 11: 4).

و17 اقتباساً من الرسالة الأولى إلى تيموثاوس من 6 إصحاحات، فقد استخدمها أكليمندس الروماني كثيراً في رسالته. وكذلك بوليكاربوسن والراعي لهرماس: (1تي2: 4) في مثل 8 :2 ,9). والديداكية أيضاً: (1تي5: 17-18 في 3: 1-2).

و12 اقتباساً من الرسالة الثانية إلى تيموثاوس من 4 اقتباسات، في رسالة برنابا: (2تي1: 10) في (5: 6). وكذلك الراعي لهرماس: (2تي1: 14 في وصية 2 :3).

و6 اقتباسات من تيطس من 3 إصحاحات، فقد اقتبس منها أكليمندس الروماني مراراً. وأيضاً رسالة برناباً: (تي1: 1-3 في 1: 4-6) و (تي2: 14 في 14: 5). واقتباسين من الرسالة إلى فليمون. وبرغم من أنها كانت رسالة شخصية فقد أشار إليها اغناطيوس.

و20 اقتباساً من الرسالة إلى عبرانيين من 13 إصحاحاً، فقد اقتبس منها أكليمندس الروماني، والرسالة الثانية المنسوبة لأكليمندس: (عب10: 23 في 11: 6). والراعي لهرماس: (عب11: 33) في رؤيا 2 :2 ,7) و (عب3: 12) في رؤيا 2 :3 ,2).

و7 اقتباسات من يعقوب من 5 إصحاحات، واقتبس منها أكليمندس وأيضاً الرعي لهرماس: (يع5: 4) في رؤيا 3 :9 ,6) و (يع4: 11؛ 1: 27) في وصية 2 :2 ،7) وأيضاً (يع3: 15) في وصية 11 :5).

و20 اقتباساً من رسالة بطرس الأولى من 5 إصحاحات، فقد اقتبست منها رسالة برنابا: (1بط1: 17 في 4: 12) و (1بط2: 6 في 6: 2) و (1بط4: 5 في 7: 2). وراعي هرماس: (1بطرس 5: 7 ) في رؤيا 3 :11 ,3) و (1بط4: 13, 15-16) في مثل 9 :28 ,5) و (1بط4: 14) في مثل 9 :28 ,6).

و6 اقتباسات من رسالة بطرس الثانية من 3 إصحاحات، اقتبس منها أكليمندس:

(2بط2: 6-9 في 11: 1). وأيضاً رسالة برنابا: (2بط3: 8 في 15: 4).

و3 اقتباسات من رسالة يوحنا الأولى، من إصحاحين، في الراعي لهرماس: (1يو2: 27) في وصية 3 :1) و (1يو3: 22) في مثل 6 :5-6).

واقتباس واحد من رسالة يهوذا، في كتاب استشهاد بوليكاربوس: (يه2).

و5 اقتباسات من سفر الرؤيا من 5 إصحاحات، في الديداكية: (رؤ4: 11 في 10: 3) و (رؤ13: 2 في 16: 4). والراعي لهرماس: (رؤ21: 2) في رؤيا 4 :2 ,1). 2 أكليمندس: (رؤ11: 3 في 17: 7).

وفيما يلي دراسة موسعه وشاملة لما اقتبسه الآباء الرسوليون وما استشهدوا به وما كانت أقوالهم وتعاليمهم صدى له، وما تركه لنا كل واحد منهم فيما تبقى من كتاباته، فقد تركوا لنا أعمالاً مكتوبة ظلت وما تزال تشهد للأجيال عن صحة كل نقطة وكل حرف وكل كلمة وكل آية وكل فقرة وكل إصحاح وكل سفر في العهد الجديد والكتاب المقدس كله. وعلى الرغم من أن ما وصلنا لا يقدم لنا كل ما كتبوه فقد ضاع منه الكثير عبر الزمن والأحداث التاريخية إلا أن ما يوجد الآن بأيدينا كافٍ ليقدم لنا صورة كاملة متكاملة لاستلامهم للإنجيل الشفوي والمكتوب وبقية أسفار العهد الجديد، وإيمانهم بقانونية ووحي كل سفر من اسفاره.

 وسوف نتناول الآباء بالتفصيل:

 

 

[1] Bruce M. Metzger The Canon Of The New Testament Its Origin, Development, and Significance p.39.

[2] Ante-Nicene Fathers, Vol. 1. P. 585-586.

[3] Brooke Foss Westcott, A General Survey of the History of the Canon of the New Testament. P. 47.

[4] Westcott, P. 59.

[5] Westcott, P. 49.

[6] N.L. Geisler & W. E. Nix A General Introduction To The Bible. P. 288 – 291.

[7] Westcott, P. 47 – 60.

[8] أنظر ” فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟ ” (مت22 :45)، و ” فَإِذًا دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا. فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟ ” (لو20 :44).

الآباء الرسوليون وقانونية أسفار العهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط