أبحاث

أمثال كتاب الراعي لهرماس – الجزء الأول

أمثال كتاب الراعي لهرماس – الجزء الأول

أمثال كتاب الراعي لهرماس - الجزء الأول
أمثال كتاب الراعي لهرماس – الجزء الأول

أمثال كتاب الراعي لهرماس – الجزء الأول

 

المثل الأول

قال الراعي: إنكم يا عبيد الله تعرفون أنكم تقطنون أرضًا غريبةًا وأن وطنكم بعيدًا جدًا وليس ههنا. لماذا تقتنون الحقول الواسعة والعمارات الكبيرة والقصور والأبنية والبيوت ما دمتم تعرفون أن المدينة التي ستستوطنونها ليست هنا. 2. من يهيء نفسه لهذه الحياة يصعب عليه أن يعود إلى مدينته الحقيقية. 3. ألا تعرف أيها الشاك الشقي الجاهل أن الأشياء التي هنا كلها غريبة عنك وأن غيرك يتسلط عليها؟ سيقول لك سيد هذه المدينة لا أريدك أن تكون من مواطني مدينتي. أخرج ما دمت لا تدين بنواميسي. 4. ماذا تفعل أيها المالك للحقول الواسعة والعمارات الكبيرة والثروة الضخمة بحقولك وعماراتك وثروتك إذا طردك سيد المدينة. سيقول لك سيد المدينة بحق، إن مدينتي هي لك إذا حافظت على شريعتي أما إذا رفضت فإن أبوابها مقفلة في وجهك. 5. ماذا ستفعل يا صاحب الناموس الإلهي، أتنكر ناموسك الحقيقي لتتبع ناموس المدينة هنا؟ احذر لئلا يقودك تنكرك لناموسك الحقيقي فأبواب مدينتك الحقيقية ستكون موصدة في وجهك. 6. احذر أن تقتني أكثر مما أنت بحاجة إليه وأنت في أرض غريبة وكن مستعدًا للساعة التي سيطردك فيها سيد البلاد لعدم طاعتك لشريعة مملكته وحتى إذا ما ذهبت إلى مدينتك تكون فرح القلب لا تأسف على شيء. 7. انتبهوا يا معشر عبيد الله، أنتم يا من جعلتم الله في قلوبكم وأتممتم أعمال الله متذكرين وصاياه. 8. اشتروا الأرواح المعذبة بدلًا من الأبنية، زوروا الأرامل والأيتام ولا تحتقروهم. هذه هي الأرض التي يجب أن تصرفوا من أجلها أموالكم والكنوز التي أعطاها الرب لكم 9. لم يعطك الله الثروة إلا لتنفقوها في هذا السبيل. الأفضل لكم أن تشتروا الحقول والعمارات والممتلكات التي ستجدونها عند رحيلكم إلى وطنكم الحقيقي. 10. هذا هو الغني الجميل المقدس الذي لا يسبب لا الغم ولا الأحزان. انه لا يسبب إلا الفرح. لا يغرنكم غني الوثنيين. انه غني يسبب لكم الويلات ويحمل اليكم المصائب 11. اجمعوا الثروة التي تناسبكم، الثروة التي تهب لكم الغني. تجنبوا الاغتصاب واحذروا أن تشتهوا شيئًا يخص الآخرين. شر هو اشتهاء ما للغير. أعمل عملك فتخلص.

 

المثل الثاني

بينما كنت أتمشى باتجاه الحقل الذي يخصني رأيت كرمة ودردارة. وبينما كنت أفكر بهذه الأشجار وبثمارها ظهر الراعي وقال لي: أية أفكار توحيها إليك هذه الكرمة وهذه الدردارة؟ قلت إني أفكر يا سيدي كيف تنسجمان معًا. 2. قال: إنها موجودتان ههنا لتكونا مثلًا لعبيد الله. قلت وأي مثل تستطيعان أن تقدماه؟ قال: أترى الكرمة وشجرة الدردار؟ قلت: نعم إني أراهما. 3. قال: هذه الكرمة تثمر أما الدردارة فلا، إنها لا تصلح إلا الخشب. الكرمة إذا بقيت ممددة على الأرض ولا تتسلق أغصان الدردارة فثمرها يبقى قليلًا وما تحمله إذا بقي ممددًا فوق الثرى يهترئ. إلا أن أغصان الكرمة إذا تسلقت أغصان الدردارة فثمرها يكون من صنع الكرمة والدردارة معًا. 4. أرأيت أن الدردارة لا تعطي ثمرًا أقل من ثمر الكرمة. قلت: كيف يمكن أن تعطي شجرة الدردار ثمرًا كالتي تعطيه الكرمة. قال: لأن الكرمة التي تعلو شجرة الدردار تعطي ثمرًا جيدًا وكثيرًا، أما إذا تركت فوق الأرض فإنها تعطي ثمرًا قليلًا ومهترئًا. هذا المثل ينطبق على خدام الله وعلى الفقير والغني. 5. قلت كيف ذلك، عرفني يا سيدي، قال انتبه الغني يملك ثروة كبيرة إلا أنه فقير في خدمة لأن أمواله تستنزف كل تفكيره وأوقاته. الاعتراف بالخطأ والصلاة لا يشغلان الكثير من وقته ويكونان غالبًا مختصرين لا قوة فيهما ليرفعاه إلى الله. أما ذا التصق الغني بالفقير وأعطاه ما يحتاج إليه، فعطيته له باستطاعتها أن تحقق له أجره عند الله. صلاة الفقير واعترافه بخطاياه زاخران بالغنى لصلاته قوة عظيمة عند الله. 6. يعطي الغني للفقير كل شيء وبدون تردد، أما الفقير الذي يعطيه الغني فإنه يعطيه شكر الله عما أعطاه. هكذا يضاعف الغني اهتمامه بالفقير ليبقى في شركة دائمة مع حياته لعلمه أن صلاة الفير غنية ومقبولة عند الله. 7. الغني والفقير يتمان عملًا واحدًا، هذا بالصلاة، وهي ثروته التي اخذها من الرب ويقدمها للرب مختارًا، وذاك بماله الذي أعطاه الرب ليعطي المحتاج بدون تردد وهكذا يتم عملًا عظيمًا يرضي الله لأنه استعمل ثروته بتعقل وروية واستخدمها لصالح الإنسان وحقق إرادة الرب. 8. شجرة الدردار تظهر لأعين الناس شجرة غير مثمرة لكنهم لا يعرفون أن شجرة الدردار، في حالة الجفاف، تهب الماء للكرمة وتضاعف ثمارها. وكذلك الفقراء فإنهم بصلواتهم لله من أجل الأغنياء يعطون ثروتهم ملء قامتها، كما أن الأغنياء باعطائهم للفقراء يحققون كمال رغبات نفوسهم. 9. وهكذا يصير الإثنان شركاء في عمل العدل. من فعل ذلك لا يتركه الله بل يكتب اسمه في أسفار الحياة. 10. طوبى للذين يعرفون ويعون ان الله هو الذي يعطي الثروة. مثل هذا الإحساس يجعله يتم عملًا مفيدًا.

 

المثل الثالث

لقد أراني الراعي عددًا من الأشجار العارية فخلتها يابسة لتشابهها ثم قال لي: أترى هذه الأشجار قلت نعم يا سيدي. فجاوبني قائلًا: الأشجار التي تراها هي مواطنو هذا العالم. 2. قلت: لماذا يا سيدي هي يابسة ومتشابهة؟ قال: لأن الصديقين والخطاة لا يظهرون كل على حقيقته بل جميعهم يتشابهون في هذا الدهر. هذا الجيل هو جيل الشتاء للصديقين ولا يتميزون عن الخطأة الذين يعيشون بينهم. 3. تفقد الأشجار في الشتاء أوراقها وتصبح متشابهة كليًا ويصعب التمييز بين الأشجار الميتة والأشجار الحية وهكذا لا يمكن التفريق في هذا الجيل بين الصديقين والخطأة وجميعهم يتساوون.

 

المثل الرابع

ثم أراني عددًا آخر من الأشجار بعضها مغطى بالأوراق وبعضها يابس وقال: أترى هذه الأشجار؟ قلت: نعم يا سيدي إني أراها فمنها المورق ومنها اليابس. 2. قال لي: الأشجار المورقة هي الصديقون المؤهلون لسكنى الجيل الآتي. والجيل الآتي هو الصيف للصديقين والشتاء للخطأة. عندما تشرق رحمة الرب سيظهر الذين يعملون لله. 3. كما أن ثمار الأشجار تظهر في الصيف وكل شجرة تعرف ثمارها، كذلك الصديقون المثقلون بأوراق ظليلة سيعرفون من ثمارهم. 4. أما الوثنيون والخطأة الذين ترمز إليهم الأشجار اليابسة فإنهم سيظهرون في الجيل الآتي عاقرين يابسين وسيلقون في النار ويحرقون لأن أعمالهم كانت شريرة. 5. فكن أنت مثمرًا حتى تعرف في الجيل الآتي من ثمارك. إياك والأعمال المتعددة لأن الذين ينهمكون في أعمالٍ كثيرة يخطئون وتصرفهم أعمالهم عن خدمة الله. 6. أيستطيع مثل هذا الإنسان المنهمك بأشغاله الكثيرة أن يخدم الرب؟ الذين يخدمون الرب ينالون سؤلهم أما الذين لا يخدمونه فلا. 7. إذا انحصر الإنسان في عملٍ واحدٍ يمكنه أن يخدم الرب لأن روحه تبقى بإتجاه الله ولها حريتها في خدمته. 8. إذا فعلت كذلك فإنك تستطيع أن تحمل ثمارًا للجيل الآتي ومن فعل كذلك فإنه يثمر.

 

المثل الخامس

1- 1. كنت صائمًا، وكنت فوق جبل وكنت أقدم شكري لله، من أجل الأفعال التي فعلها من أجلي، فرأيت الراعي يجلس إلى جانبي وقد بادرني قائلًا: لماذا بكرت وأتيت إلى هنا؟ قلت: لأني أحترس. 2. قال: ماذا تعني؟ قلت: إني صائمُ يا سيد. قال: وما هذا الصيام الذي تصومه؟ قلت: إني أصوم يا سيد حسب طريقتي. 3. قال: إنك لا تعرف أن تصوم الصوم الذي يرضي الرب، والصوم الذي تصومه لا يرضي الله ولا يفيدك. قلت: لماذا يا سيد؟ قال: الصوم الذي تصومه ليس بصومٍ، إني سأعلمك معنى الصيام الكامل المقبول لدى الرب. 4. انتبه إن الله لا يريد صيامًا بطالًا كهذا الصوم وإنك لا تفعل شيئًا عادلًا إذا صمت كما تصوم. 5. صُم للرب هذا الصوم. لا تصنع الشر واعمل بقلبٍ نقي وحافظ على وصايا الله وسِر حسب أوامره ولا تدخلن إلى قلبك رغبنة شريرة وآمن بالله. فإذا فعلت ذلك وخشيت الله تكون قد صمت صيامًا عظيمًا مقبولًا عند الله.

2- 1. إليك مثل أسوقه لك عن الصوم. 2. كان لإنسان حقل وعبيد وقد زرع قسمًا منه كرمًا واختار له عبدًا أمينًا يحترمه ولما دعاه قال له: خذ هذا الحقل الذي غرسته وسيجه حتى أعود ولا تفعل غير ذلك حافظ على وصيتي فتحيا حياة سعيدة في بيتي. ثم سافر سيد الحقل إلى مكانٍ بعيدٍ. 3. فأخذ العبد بعد سفر سيده بتسييج الحقل وعندما أنهى عمله رأى أن الحقل مليء بالأشواك. 4. ففكر في نفسه وقال: ها أنا قد أتممت العمل كما أمرني سيدي فلماذا لا أفلح الكرم وأنقيه من الأعشاب ليصبح جميل المنظر وتزداد ثماره؟ وبالفعل فلح العبد الكرم واقتلع منه الأشواك الخبيثة فصار الكرم جميلًا خاليًا من الأعشاب التي كانت تعيق نموه. 5. بعد مضي وقت طويل عاد سيد الحقل وذهب لزيارة أرضه فوجد أن الكرم لم يكن مسيجًا فقط بل ومفلوحًا فلاحة حسنة ومنقى من الأعشاب المضرة والدوالي مليئة بالعناقيد، فدهق من عمل عبده واعجب. 6. فاستدعى ابنه الحبيب ووريثه وكل المستشارين أصدقائه وأخبرهم بالأمر الذي أمر عبده به والأفعال التي رأى عبده قد فعلها بعد عودته فهنأ هؤلاء العبد على الشهادة التي نالها من سيده. 7. وقال لهم السيد: لقد وعدت هذا العبد بحريته إذا أتم أوامري إلا أنه لم يتمم أوامري فحسب بل عمل أكثر بكثير مما أمرته به لذلك فسأجعله، مكافأة على أعماله، شريكًا مساويًا لابني يرث معه لأنه يملك تفكيرًا صائبًا وقد حقق هذا التفكير ولم يهمله. 8. وقد وافق ابن السيد على فكرة والده بجعل العبد شريكًا مساويًا في الارث. 9. وبعد أيام قليلة صنع سيده عشاء وأرسل له الكثير من الأطعمة فلم يحتفظ العبد إلا بما احتاجه ووزع الباقي على رفقائه العبيد. 10. فقبل هؤلاء الأطعمة شاكرين وصلوا من أجله وطلبوا أن تزداد حظوة هذا العبد عند سيده. 11. عندما علم السيد بما فعل فرح فرحًا عظيمًا ودعا أصدقاءه وابنه وابلغهم ما فعله العبد وكيف تصرف بالأطعمة التي أرسلها له. فوافقوا على تصميمه بجعل العبد وريثًا مساويًا لابنه.

3- 1. قلت: إني لا أفهم يا سيدي هذه الأمثلة ولا أعيها فأرجو أن تفسرها لي. 2. قال سأشرح لك كل ما قلته لك. حافظ على وصايا الله لتصير مقبولًا عنده ومستحقًا لتكون من المسجلين في سجل حافظي وصاياه. 2. فإذا فعلت حسنة علاوة على أوامر الله فإنك تحقق مجدًا عظيمًا وتكون ممجدًا عند الله حيث تدعى لتكون. إذا حافظت على وصاياه وأضفت إليها أعمالًا صالحة بتطبيقك لها فإنك تحقق لنفسك الغبطة. 4. قلت: يا سيدي إني أطبق تعاليمك وأسير بموجبها لأنك أنت معي. قال: نعم، إني سأكون معك بسبب رغبتك الصادقة في العمل الصالح وسأكون مع جميع الذين تحركهم الإرادة الخيرة. 5. إن صومك جيد ما دمت تحافظ على وصايا الله. انتبه كيف يجب أن تطبق الصوم. 6. قبل كل شيء احذر من أن يحرك الكلام الشرير الرغبة الخبيثة ونقِّ ذاتك من بطلان هذا العالم إذا اتبعت هذه الوصايا فصومك يكون كاملًا. 7. إليك ما يجب أن تفعله بعد أن تتم ما هو مكتوب ولا تأكل غير الخبز والماء في اليوم الذي تصومه واجمع في ذلك اليوم المال الذي وفرته بسبب صيامك واعطه إلى محتاجيه من الفقراء والأرامل. هكذا تحرم نفسك من شيء يستفيد منه الآخرون فيعيشون ويطلبون لك. 8. إذا صمت كما أقول لك فتضحيتك تصبح مقبولة عند الله فأتم هذا العمل الصالح المرغوب عند الله. 9. هذا ما يجب أن تفعله وتطبقه أنت وأولادك وكل بيتك حتى تكفل الغبطة لنفسك. مغبوطون هم أولئلك الذين يسمعون ويطبقون هذه الوصايا. إنهم يرون صلاتهم ترفع إلى الله.

4- 1. رجوته بحرارة ليفسر مثل الحقل والسيد والكرم والسياج والأعشاب التي اقتلعت من الأرض وابن السيد وأصدقاءه. لقد أدركت أن هذا الأمور كانت كلها رموزًا. 2. فأجبني وقال: إنك ملحاح في سؤالك. عليك أن لا تسأل حتى ولا سؤال واحد. إني أعرف ما الذي تحتاج إلى تفسيره. قلت له: ما فائدة ما تريني يا سيدي إذا كنت لا تفسره لي فأنا لا أدرك ولا أعي ما ترينيه. لو كلمتني بالأمثال دون أن تحللها. وتفسرها فسماعي لها باطل. 3. فأجابني وقال لي كل عبد لله يضح الله في قلبه يهبه الله الوعي اذا طلب منه ذلك. بهذا الوعي يستطيع أن يدرك كل الأمثال ويحللها ويعي كل كلمة يقولها الله، حتى لو كانت رمزًا. أما السقماء والكسالى فإنهم يترددون في الطلب من الله. 4. إن الله كثير الرحمة لذلك يعطي من يطلب منه باستمرار فلماذا لا تطلب أنت الموشح بقوة الملاك المقدس الذي أعطاك موهبة الصلاة ولست بكسولٍ. الفهم من الرب؟ إنه سيهبك ذلك. 5. قلت له: إني أوجه صلاتي لك أيها السيد وأطلب منك أنت لأنك معي دائمًا ولأنك أريتني كل هذه الرؤى وقلت لي هذه الأقوال. لو كنت قد سمعت هذه الامور ورأيتها بدونك لطلبت من الله أن يعطيني موهبة فهمها.

5- 1. إنك لبقٌ ولجوج في سؤالك لتفسير هذه الرموز. وإني لمحقق رغبتك الملحة وسأفسر لك مثل الحقل وما يتبعه ليصير ذلك معروفًا عند الجميع. فأصغ إلى ما سأقوله لك. 2. الحقل هو العالم وسيد الحقل هو خالق الكل ومجهزه ومقويه، أما الابن فهو الروح القدس، وأما العبد فهو ابن الله، وأما الكروم فهي فهم البشر الذي غرسهم. 3. الأسيجة هم الملائكة القديسون الذين يسهرون على شعبه، أما الأعشاب الخبيثة التي اقتلعت من الحقل فهي آثام عبيد الله وأما الأطعمة التي أرسلها الله من مائدة العشاء فهي الوصايا التي أعطاها الله لشعبه بابنه. وأما الأصدقاء المستشارون فهم الملائكة القديسون الذين خلقوا أولًا. وهجرة السيد هي الزمن المتبقي لحضوره. 4. قلت له: يا سيدي كل شيء عظيم وممجد. أيمكنني أنا أن أعي ذلك؟ لا يوجد إنسان مهما بلغ من الوعي أن يعي كل هذه الأمور لذلك أرجوك أن تفسر ما أطلبه منك. 5. قال: تعلّم إذا كنت ترغبلماذا ظهر ابن الله في المثل كعبد؟

6- 1. قال لي الراعي: انتبه إن ابن الله لم يظهر بشكل عبد بل ظهر متشحًا بقدرة عظيمة وسلطان عظيمٍ. قلت: كيغ؟ إني لا أستطيع أن أفهم ذلك. 2. أجابني: إن الله الذي غرس كرمه، أي عندما خلق شعبه أوكل أمره لابنه والابن جعل الملائكة لحمايتهم وهو الذي نقى شعب الله من خطاياهم وقد تعب كثيرًا لأن كل كرمة تحتاج إلى تعب شديد لفلاحتها وتنقيتها. 3. هو الذي نقى خطايا البشر وأرشدهم إلى سبيل الحياة وأعطاهم الناموس الذي تسلمه من أبيه 4. أرأيت كيف أنه سيد البشر وأن أباه أعطاه كل سلطان؟ قلت لك أن السيد قد استشار ابنه والملائكة القديسيين بشأن اشتراك العبد بالميراث. إليك ما يعني ذلك. 5. الروح القدس الذي كان قبل الخليقة الذي خلق كل الخليقة ألبسه اللباس الذي أراده. وهذا الجسد الذي لبسه الروح القدس خدم الروح بكرامه وسلك نقيًا طاهرًا دون أن يسبب له أي دنس 6. وبمسلكه النقي هذا وتعبه من الروح وبتعاونه معه في كل الأمور ماشاه بقوة وشجاعة أراد أن يجعله شريكًا لروحه المقدس. إن مسلك الجسد أعجب الله لأنه لم يتدنس في هذه الأرض وهو يحمل الروح. 7. ولقد استشار الابن والملائكة والممجدين ليعطي هذا الجسد الذي خدم الروح بأمانه كلية مكانًا يستريح فيه لا يبقى اخلاصه بدون مكافأة. كل جسد سكنه الروح وخدمه بخلاص ينال المكافأة بشرط أن يبقى نقيًا طاهرًا خاليًا من كل دنسٍ 8. هذا هو تفسير المثل.

7- 1. لقد أبهجني هذا التفسير يا سيد. قال الراعي: انبته، احفظ جسدك نقيًا بلا دنسٍ حتى ينال شهادة الروح القدس القاطن فيه. 2. احذر أن تأتيك الفكرة بأن جسدك فانٍ ومعد للدمار ولا تفسح المجال لتدنيسه لأنك إذا دنست جسدك دنست روحك وإذا دنست روحك فلن تحيا. 3. قلت ما هو نصيب من فعل ما يدنس جسده قبل سماعه لهذه الكلمات؟ أيمكنه أن يخلص؟ الله هو الذي يشفي الخطايا الحاصلة عن جهلٍ. 4. انتبه الآن. الله الغفور يغفر لك خطاياك السابقة بشرط أن يبقى جسدك الآن بدون دنسٍ. أن ترى الاتصال الوثيق بين الجسد والروح. إنك إذا دنست الجسد دنست الروح فاحفظهم نقيين حتى تحيا لله.

 

المثل السادس

 1- 1. بينما كنت جالسًا في بيتي أمجد الله لكل ما رأيت وأتأمل الوصايا لصلاحها وقوتها وبهائها ومجدها ولمكانتها بتخليص نفس الإنسان قلت في نفسي: إني سأكون من المغبطين إذا سلكت طريقي حسب هذه الوصايا 2. وبينما كنت أفكر بمثل هذه الأمور رأيت الراعي فجأة يجلس إلى جانبي ويقول لي: لماذا التردد حول الوصايا التي أعطيتك. إنها وصايا ممتازة. دع عنك الشكوك واجعل الإيمان بالله وشاحك وسر وفقًا لهذا الإيمان فأنا الذي يعطيك القوة. 3. الذين يحبون أن يتوبوا تنفعهم الوصايا وغير نافعة لمن لا يريد أن يتوب. 4. القوا أيها التائبون خبث هذا الجيل الذي يسحق نفوسكم والبسوا فضيلة العدل فبلبسكم لها تحافظون على الوصايا ولن تقترفوا خطايا جديدة، وبتجنبكم لكل خطية جديدة تتخلصون من كل خطاياكم الماضية. ولتكن وصاياي قاعدة لسلوككم فتحيون لله. أنا الذي كلمتكم بهذا. 5. بعد أن كلمني هذا الكلام قال لي: فلنذهب إلى الحقل لأريك رعاة الأغنام. قلت له: هيا بنا. فأتينا إلى سهل فأراني راعيًا شابًا يلبس لبسًا أصفر. 6. وكان يرعى قطيعًا كبيرًا. كان القطيع يحيا حياة شهوه ويقفز متهللًا من مكان إلى مكانٍ. وكان الراعي راضيًا كليًا عن تصرف قطيعه وكان وجهه يشع فرحًا وكان يتنقل بين القطيع وقد رأيت أيضًا حرافًا أخرى في نفس المكان تلهو ولكنها لا تتهلل.
.

2- 1. قال الراعي: أترى هذا الراعي؟ قلت: نعم يا سيدي. قال: هذا مملاك الشهوة والخداع. إنه يفسد أرواح عبيد الله ويصرفها عن الحقيقة إلى الشهوة الخبيثة حيث تضيع. 2. تنسى وصايا الله الحي وتسلك طريق الشهوات الخداعة البطالة فيضلها الملاك ويقود بضعها إلى الموت والبعض الآخر إلى الفساد. 3. قلت: لا أفهم يا سيدي ما يعني البعض إلى الموت والبعض إلى الفساد. قال انتبه إن الخراف التي تراها تقفز فرحة هي البشر الذين انفصلوا عن الله نهائيًا وتركوا نفوسهم في أيدي شهوات هذا العالم ولا مجال لتوبتهم وعودتهم إلى الحياة لأنهم أضافوا إلى خطاياهم القديمة خطايا جديدة وأهانوا اسم الله. الموت هو نصيب هؤلاء 4. أما الخراف التي تقفز بغير فرح وترعى في نفس المكان فهم البشر الذين غرقوا في الشهوات العالمية ولم يهينوا اسم الله. هؤلاء قد أُصيبوا بفساد منعهم من رؤية الحقيقة وبقي فيهم رجاء التوبة وهي السبيل الوحيد لعودتهم إلى الحياة. 5. الفساد لا ينفي رجاء العودة إلى الحياة، أما الموت فهو الهلاك الأزلي. 5. ابتعدنا قليلًا فأراني راعيًا طويل القامة متوحش الهيئة يلبس عباءة بيضاء من جلد الماعز وعلى كتفيه جرابًا وفي يده عصى ثقيلة معقدة وسوط كبير ولقد أخافتني نظرته القاسية. كانت هذه هيئته. 6. هذا الراعي كان يستلم من يد الراعي الشاب الخراف التي كانت غارقة في الشهوة دون تهلل وكان يضعها في مكان منحضر تملأه الأشواك والعليق. وكانت الخراف تعجز فلا تسطيع أن تتحرر من العليق الذي تمسك بها. 7. وكانت ترعى هناك معذبة جدًا وكان الراعي يضربها بقسوة ويسوقها من مكان إلى مكان دون أن يترك لها المجال للراحة.

3- 1. عندما رأيت الخراف تتعذب تحت لسعات السياط حزنت للعذاب الذي تتعذبه. 2. فقلت للراعي الذي كان يكلمني: يا سيد من يكون هذا الراعي العاتي المتوحش الذي لا تعرف الشفقة سبيلًا إلى قلبه؟ قال: إنه ملاك العقاب. إنه من الملائكة العادلين مكلف بالعقاب. 3. إنه يستلم البشر الذين ضلوا طريق الله وغرقوا في الشهوات والملذات العالمية ليعذبهم حسب خطاياهم ويعاقبهم عقوبات مخيفة متنوعة. 4. قلت: أريد أن أعرف يا سيد مقياس العقوبات الصارمة المتنوعة. قال: إن العذابات والقصاصات المتنوعة حياتية أي تتم في الحياة، يعاقب البعض بالحرمان والبعض بالخسارة والبعض بالأمراض المختلفة والبعض بالتشاؤم التي يكيلها الأشرار لهم والبعض بعدم الاستقرار والبعض بالمعاملة السيئة. 5. كثيرون هم المترددون الذين يحاولون أن يقوموا بأعمال مختلفة فلا ينجحون فينسبون عدم نجاحهم إلى الحظ ويحملون الله مسئولية خيبتهم. 6. وعندما يصابون بالآلام الكثيرة تصير لهم آلامهم مدرسة لثقافتهم فيتقون في الإيمان ويصرفون بقية أيامهم يخدمون الله بقلب نقي وإذا ما تابوا فإن الأعمال الماضية التي ارتكبوها تأتيهم إلى ذاكرتهم ويعرفون أنها هي التي سببت ما أصابهم وما نالوه من عقاب عادل من الله. وينجحون في كل المحاولات التي يقدمون عليها دون أن يمسهم ضرر.

4- 1. قلت له: أشرح لي يا سيدي ما يأتي. قال الراعي: قل ما تريد. هل هناك شيء تريد أن تعرفه بعد؟ قلت: أريد أن أعرف إذا كانت مدة العقاب متساوية مع مدة اللذة التي يقضيها الإنسان في الحياة. قال: مدة اللذة تساويها نقطة العقاب. 2. قلت: إن مدة العقاب قصيرة إذن. العذاب يجب أن يكون سبعة أضعاف للذين يعيشون في النسيان بعيدين عن الله. 3. قال لي: أيها الجاهل إنك لا تعرف قوة العقوبات. لو كنت تدركها لما سألتني هذا السؤال. إليك قوة كليهما. 4. ساعة هي مدة الشهوة والضلال أما ساعة العقوبة فتساوي ثلاثين يومًا. إذا قضى الإنسان يومًا في الملذات والضلال فاليوم يقابله سنة كاملة في العقوبات. أرأيت أن أيام اللذة قصيرة وأيام العقاب طويلة ؟

5- 1. قلت: لم أدرك تمامًا ما قلته لي عن مدة اللذة والضلال من جهة والعقوبات من جهة أخرى. أرجو أن تفسر لي ذلك بإيضاح. 2. قال: انك لا تزال تغرق في جهلك ولا تريد أن تنقي قلبك وتخدم الله. أحذر لئلا يجدك كمال الزمن جاهدًا. انتبه ما دمت تريد أن تعي ذلك. 3. الإنسان الذي يغرق في ملذاته ويشرد في ضلاله يومًا واحدًا ويفعل ما يريده ويلبس الجهل ولا يعرف ماذا يفعل، إنه ينسى في الغد ما فعله في الأمس لأن اللذة والتنعم لا ذكريات لهما لأن الجهل هو الذي سببها بعكس العقوبات والآلام. ذكراها تبقى سنين طويلة حتى لو كان العذاب يومًا واحدًا. ذكرى العقوبات والآلام طويلة. 4. الإنسان الذي يتعذب مدة سنة لابد له أن يتذكر اللذة التي مر بها والضلال الذي وقع فيه وهنا يعرف أن اللذة العابرة هي التي سببت له هذه الآلام الطويلة. كل إنسان يغرق في لذة الشهوات يخضع في مثل هذه العقوبات لأنه يسلم نفسه للموت في الوقت الذي يملك فيه على الحياة. 5. قلت: يا سيد، ما هي الملذات الضارة؟ قال: كل عمل يقوم به الإنسان على أساس الشهوة هو مضر. فالغضوب يحقق لذته بتحقيق غضبه وكذلك النمام والسكير والكذاب والطماع والنهاب. هؤلاء يتنعمون بشهوة تحقيق شهواتهم. 6. كل هذه الشهوات مضرة لعبيد الله وبسببها يتألم المتعذبون المعاقبون. 7. هناك ملذة تخلص الإنسان. الذين يعملون الخير يشعرون بلذة فعلهم وهذه اللذة تكون مفيدة لعبيد الله وتمنح الحياة لمن يتمتع بها. أما الشهوات المضرة التي تكلمنا عنها فلا تجلب إلا المحن والعقاب وتقود إلى الموت إذا استمر صاحبها بعيدًا عن التوبة.

 

المثل السابع

بعد أيام قليلة رأيت الراعي في السهل حيث كنت قد رأيت الرعاة الآخرين فخاطبني وقال لي: ماذا تريد؟ فأجبته وقلت له: يا سيدي جئتك راجيًا أن يخرج الملاك الديان من بيتي لأنه يعذبني جدًا. قال: يجب أن تتعذب فالملاك العظيم يريد أن يجربك قلت: هل فعلت شرًا حتى أسلمني هذا إلى الملاك؟. 2. قال: إن خطاياك كثيرة ولكنها لا تستحق أن تُسلم بسببها إلى هذا الملاك إلا أن بيتك قد اجترح الخطايا والآثام الكبرى التي مرمرت الملاك العظيم لذلك أمر أن تتعذب ليتوب أهل بيتك ويتنقوا ومتى تنقوا الملاك هذا سيبعد عنك. 3. ما هو ذنبي إذا كان أهل بيتي قد مرمروا الملاك العظيم؟ قال: لا يمكن أن يتألم أولئك إذا لم يروا رب البيت متألمًا. فالملاك يتضطرهم بواسطتك إلى الآلام. أما إذا انتفى عنك الألم فإنهم يشعرون أن المهم قد زال. 4. قلت: ها إن أهل بيتي أيها الملاك قد تابوا من كل قلوبهم. قال: إني أعرف أنهم تابوا من كل قلوبهم لكن أتعتقد أن خطايا التائبين تغفر فورًا؟ على التائب أن يفرض الآلام على نفسه وأن يكون متواضعًا في أعماله وأن يتحمل آلامًا متعددة فإذا تحمل بصبر العذاب الذي يصيبه فخالق الكون يرأف به ويشفيه من كل شروره. 5. لأنه يعرف مكنونات القلوب وينظر إليه ويتفخص نقاوته من صالحك أن تتعذب أنت وأهل بيتك. لماذا كثرة الكلام؟ أمر الملاك الذي أوكل أمرك إليه أن تتألم. عليك أن تشكر الله لأنه بآلامك هذه نبهك وعلمك. 6. قلت: كن أيها الملاك معي دائمًا لكي أستطيع أن أحمل آلامي. قال: إني معك دائمًا وسأطلب من الملاك الديان أن يخفف أحزانك. لابد لك أن تحزن قليلًا لكن ستعود أنت وبيتك إلى الاطمئنان بشرط أن تبقى متواضًعا وتعمل بنقاوة قلب للرب أنت وأهل بيتك. سِر حسب الوصايا التي أوصيتك لتبقى توبتك قوية ونقية. 7. فإذا حافظت على ذلك أنت وأهل بيتك أبتعد عنك كل ألم كما يبتعد عن كل السالكين وفقًا لهذه الوصايا.

أمثال كتاب الراعي لهرماس – الجزء الأول