الردود على الشبهات

أسئلة يسألها المسلمون ج6 والرد المسيحي عليها

أسئلة يسألها المسلمون ج6 والرد المسيحي عليها

أسئلة يسألها المسلمون ج6 والرد المسيحي عليها

أسئلة يسألها المسلمون ج6 والرد المسيحي عليها
أسئلة يسألها المسلمون ج6 والرد المسيحي عليها

أسئلة يسألها المسلمون ج6 والرد المسيحي عليها

21 – لماذا جـاء المسـيح؟

جاء المسيح لكي يخلصنا من آثامنا وخطايانا ومن العذاب الأبدي الذي جلبته علينا خطايانا. فنحن خطاة بالطبيعة والاختيار: “وكما هو مكتوب أنه ليس بار ولا واحد. الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد… لأنه لا فرق إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله” (رومية 3: 10-23). ولا نستطيع أن نخلص أنفسنا بأعمالنا أو بأموالنا لأن الخلاص هو نعمة مجانية من الله وعطية بلا ثمن: “لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله.

ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد…. وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا” (أفسس 2: 8، 9؛ رومية 6: 23). وبما أن الله قدوس وطاهر، ولا تقبل قداسته الخطية، جلبت خطايانا دينونة الله على كل منا وأصبحنا مستحقين للعذاب الأبدي: “لأن أجرة الخطية هي موت” (رومية 6: 23). ونحن لا نستطيع أن نخلص أنفسنا بمجهودنا الذاتي الضائع ولا نستطيع أن نشتري الأبدية بحفنة من المال الفاني.

فقداسة الله وبره وعدالته لا يمكن أن تُرتشى لا بحفنة من المال ولا ببعض الأعمال الحسنة مهما كثرت عظمتها. فكيف نتوقع أن نفي عدالة الله المطلقة بحفنة مال ونرضيها ببعض الأعمال التي يصفها الكتاب المقدس كخرق بالية؟ لذلك تطلبت عدالة الله أقصى العقوبات التي أدت بالإنسان إلى جحيم النار. ولكن محبة الله لنا هي محبة فائقة، من أجل هذا، أرسل الله ابنه الوحيد القدوس الطاهر بديلاً عن الإنسان لكي يفي بمتطلبات العدالة الإلهية التي لا تتقبل إلا أقصى العقوبات.

ولأنه بدون سفك دم لا تحصل الذبائح ما كانت لتحمل أي معنى أو أي تأثير لو لم تكن رمزاً للدم الثمين الذي سفكه الرب يسوع المسيح على خشبة الصليب فوق جبل الجلجثة: “تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية… وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً” (عبرانيين 9: 12؛ 10: 11). وما “الذبح العظيم” الذي يذكره القرآن في سورة الصافات 107 نقلاً عن التوراة – إذ يقتبس قصة إبراهيم عندما كان مزمعاً أن يقدم ابنه ذبيحة على جبل المريا، فمنعه الله وقدم له كبشاً كي يفتدي به ابنه – إلا رمزاً لعمل المسيح الكفاري على جبل الجلجثة.

وهنا نجد أن القرآن أسماه “الذبح العظيم” لن ذلك الكبش لم يكن كبشاً عادياً كبقية الكباش التي كانت تقدم يومياً للكفارة. بل كان كبشاً فريداً، كان عطية السماء لإبراهيم ليكفر عن ابنه الذي كان تحت حتمية الموت. كما أن الله أراد أن يعلمنا أن ما حدث على جبل المريا (الذي هو جبل الجلجثة) لم يكن إلا رمزاً: أولاً، لحالة الإنسان وخطاياه التي جلبت عليه حكم موت أبدي محتوم في نار جهنم. وثانياً، لمحبة الله إذ أرسل عطية السماء – الرب يسوع المسيح – الذي هو “حمل الله الذي يرفع خطية العالم” (يوحنا 1: 29).

وقد مات المسيح على نفس البقعة التي قدم فيها إبراهيم الكبش فداء لابنه الذي هو رمز لموت المسيح لفداء بني البشر ولمغفرة خطايا كل من يؤمن به: “وإنما حيث تكون مغفرة لهذه لا يكون بعد قربان عن الخطية” (عبرانيين 10: 18). إذاً، “الذبح العظيم” لم يكن إلا رمزاً للذبح العظيم الفعلي الذي قدمه الرب يسوع المسيح بدم نفسه لفداء الإنسان ومبطلاً كل الذبائح إذ لم تبق حاجة بعد لأي منها:

“فإن المسيح أيضاً تألم من أجل الأثمة…. لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد كي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (1بطرس 3: 18 ويوحنا 3: 16). ولأن المسيح هو كلمة الله، لذلك لم يستطع الموت أن يمسكه ويبقيه في القبر، وهكذا قام في اليوم الثالث من بين الأموات بمجد عظيم ليؤكد دعواه ويثبت رسالته.

22 هل المسـيح هو الله؟

تعجز الألسنة عن التعبير والأخيلة عن التصوير والعقول عن الفهم والتنظير في ماهية ووجود الله وقدرته. لأن الإنسان عندما يتوصل إلى معرفة أسرار الله السماوية العظيمة سيصبح هو الله نفسه، صورة وروحاً ومضموناً، وهذا مستحيل لأن عقولنا محدودة والله غير محدود… ويخبرنا تاريخ الحضارة أن الملك كريسبس اليوناني كان قد طلب من أحد الفلاسفة الكبار أن يحدد له من هو الله. ووقع الفيلسوف الكبير في قلق وحيرة، ثم طلب من الملك أن يمهله عدة أيام لعله يقف على شاطئ الحقيقة والمعرفة، لكنه خاب وأخفق في تفكيره وتأمله، وعاد إلى الملك ليقول له: المعذرة يا سيدي…! لأنني كلما فكرت وتعمقت في بحثي عن سر وجود الله وجدت نفسي عاجزاً وقاصراً.

الحقيقة الأولى: بعض الأسباب التي تبرهن ضعف الإنسان وعجزه:

  1. كيف يقدر المحدود أن يدرك غير المحدود؟ (وعاء ماء يسع 5 لتر مثلاً هو محدود ضمن الـ 5 لتر، ولكن نهراً جارياً من المياه هو غير محدود بالنسبة لوعاء الـ 5 لتر).

هل من المنطقي أن يقول الوعاء أنا لا أومن بوجود النهر لأنني لا أستوعبه، مع أن معنى وجود الوعاء يعود إلى النهر الذي يملأه بالمياه، ولولا وجود النهر والمياه لما كان هناك أي حاجة لوجود وعاء للمياه، احكم بنفسك.

  1. كيف يقدر المخلوق أن يفهم قدرة خالقه الأعظم؟ وكيف يستطيع الخاطئ الساقط أن يعرف سموه القدوس…؟

الحقيقة الثانية: أن إيماني بالله مبني على أساس كلمته المقدسة الصادقة:

إن كلمة الله هي الله نفسه، وإيماني راسخ وطيد لأنه يعتمد على صخرة سماوية جبارة متينة وإليك بعض الأسباب التي تؤكد إيماني وتدعم يقيني به وبكلمته السامية الجليلة.

فالعهد القديم موجود منذ أكثر من ستة آلاف سنة، والعهد الجديد منذ حوالي ألفي سنة لم يتغيرا، وقد ترجما إلى معظم لغات العالم في جميع الأقطار والأزمنة والعصور.

فلقد قال سبحانه وتعالى “السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول”. (الإنجيل بحسب متى 24: 35). كما قال أيضاً: “إن كان أحد يزيد على هذا الكتاب يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب، وإن كان أحد يحذف من أقوال النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة”. (رؤيا يوحنا 22: 18، 19).

ومع تصديقي لكلمة الله الأزلية الأبدية، أؤمن بالبراهين المنطقي التالية على أن المسيح هو كلمة الله المترجم لحقيقته والكاشف عن صورته، ومن دونه لا نستطيع أن نرى الله.

(حاول أن تنظر للشمس بالعين المجردة، فلن تستطيع. ضع نظارات خاصة لمراقبة الشمس فتراها جيداً، لأن عينيك محدودتان في قدرتهما على الرؤية وهما بحاجة إلى وسيط بينهما وبين الشمس وإلا احترقتا).

ويساعدنا التشبيه السابق في فهم العلاقة مع الله والمسيح، فالمسيح هو الوسيط الذي من خلاله نستطيع أن نرى ونعرف الله.

أولاً:

إن البرهان الأول على أن المسيح هو كلمة الله ومن خلاله يمكن أن أرى الله، لأنه “ولد من روح الله” (الإنجيل بحسب متى 1: 20). وكلمة “ولد” بمعنى خرج.

وروح الله هو الله ذاته. لقد كانت ولادة السيد المسيح عجيبة خارقة وبترتيب أزلي قديم من الله. ولقد تمت كل النبوات في أسفار العهد القديم وتوثقت حرفياً في العهد الجديد عن ولادة المسيح كما توضح الأدلة التالية:

– سفر ميخا 2: 5 (735 سنة قبل الميلاد) عن مكان ولادة المسيح والتي تمت حرفياً في (الإنجيل حسب متى 2: 1، 4؛ ولوقا 2: 4: 15).

– النبي إشعياء 7: 14 (700 سنة قبل الميلاد) تنباً عن ولادته من فتاة عذراء والتي تمت حرفياً (الإنجيل حسب لوقا 1: 34-45).

– النبي دانيال 9: 25 (قبل الميلاد) تنبأ عن وقت ولادته وقد تمت حرفياً في (لوقا 2: 1، 2).

– النبي إشعياء 9: 6 (قبل الميلاد) تنبأ عن اسم المسيح المخلص. وورد هذا أيضاً في (متى 1: 20، 21) – والنبي داود في المزمور الثاني: 7 (قبل الميلاد)، تحدث عن اسمه ابن الله. وقد تمت هذه النبوة القديمة في (متى 3: 17) و(لوقا 1: 35). وقد ورد في سفر النبي إشعياء (7: 14) اسم المولود من عذراء الذي يدعى عمانوئيل وتفسيره “الله معنا” وتمت هذه الآية في (متى 1: 23).

– النبي ميخا 5: 2 (قبل الميلاد)، تحدث عن وجوده الأزلي. وقد تم في (يوحنا 1: 1، 2).

والخلاصة، هي أن ولادة السيد المسيح العجيبة قد حدثت بإرادة إلهية وبترتيب أزلي سابق من قبل الله تعالى. وبما أن المسيح مولود من روح الله القدوس فهو إذاً الله نفسه لأن روح الله لا ينقسم ولا يتوزع أجزاء عديدة.

ثانياً:

البرهان الثاني، لأنه الفريد الوحيد الذي دعي كلمة الله وإن كلمة الله هي ذات الله. إن معنى “كلمة الله” تعني باللغة اليونانية (لوغوس) وكانت تطلق فقط على صفات الله ولاهوته وإعلانه عن نفسه. وهنا يجدر بنا أن نستشهد بآيات من الإنجيل المقدس تؤكد صحة برهاني وإيماني: قال في (الإنجيل حسب يوحنا 1: 1، 14): “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله…، الكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءً نعمة وحقاً”. وفي (سفر الرؤيا 19: 13): “ويدعى اسمه كلمة الله”.

لاحظ جيداً أن ولادة المسيح لم تكن إلا بدء حياته التبشيرية (أي طبيعة الإنسان) وأما طبيعته الإلهية فهي قديمة منذ الأزل وقبل تكوين الخليقة. وإن روح الله القدوس مر مروراً في بطن العذراء مريم فأخذ يسوع جسد الإنسان مثلنا ولكنه بلا دنس وبلا خطيه “وحل بيننا” وذلك لكي يقدم الفداء عن خطايا الجنس البشري. وقد قال المسيح نفسه مؤكداً وجوده قبل الخليقة كلها (الإنجيل بحسب يوحنا 8: 58) “قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن”.

وكما قال أيضاً عن نفسه في (سفر الرؤيا 1: 8) “أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء”. فالمسيح إذاً كلمة الله المتجسد بشراً، وقد حمل في شخصه طبعتين مترابطتين (طبيعة اللاهوت الأزلية، وطبيعة الناسوت) أي الإنسانية المقدسة.

ثالثاً:

البرهان الثالث، لأن حياته العظيمة المثالية تفوق حياة البشر. وفيما يلي الأدلة على ذلك:

  1. حياته العجيبة: فلقد ولد المسيح بأعجوبة ومات بأعجوبة وقام من بين الأموات بأعجوبة وصعد بأعجوبة أيضاً إلى السماء كما ورد في العهد الجديد.
  2. أعماله العجيبة: فمن يخالف النواميس الطبيعة إلا الذي خلقها؟ سار يسوع على وجه الماء كما ورد ذلك في (الإنجيل حسب متى 14: 25). وقد أسكت البحر الصاخب الغاضب كما ذكر في (متى 8: 23-27). وأقام الموتى من القبور كما في (الإنجيل حسب يوحنا 11: 38-47). وسيطرته وقوته على الأرواح الشريرة وعلى الشيطان الرجيم كما ورد في (الإنجيل حسب مرقص 1: 26) و(متى 4: 1-11).
  3. أقواله العجيبة: وقد عبر عن أقوال السيد المسيح أحد الكتاب قائلاً: “إنها فريدة في سموها، وعجيبة في قوتها، جريئة في سلطانها، عميقة في تأثيرها، فائقة في محبتها”. وهذه نماذج من كلماته الرائعة السامية: “الكلام الذي أكلمكم به هو حياة”. وموعظته العميقة الدقيقة على الجبل كما وردت في (الإنجيل بحسب متى، الأصحاح الخامس كله) تلك الموعظة التي غيرت مفاهيم الحياة وقلبت المقاييس الفلسفية البشرية. كقوله: “أحبوا أعداءكم أحسنوا إلى مبغضيكم….” وهناك أمثاله الفريدة عن المحبة والعطاء والإيمان في قصة السامري الصالح، والابن الضال، ومثل الزارع والحنطة…. إلخ.
  4. شهادة الملايين عبر التاريخ منذ القديم وحتى عصرنا الحاضر. وأولئك الذين تغيرت حياتهم بعد أن سمعوا صوت المسيح السماوي وآمنوا به مخلصاً فادياً وراعياً أميناً صالحاً.

والخلاصة: إن حياته المجيدة المباركة في ولادته وسلوكه وموته وقيامته وصعوده، هذه كلها لا تنطبق على حياة إنسان آدمي عادي، لأنها من طبيعة الله وحده. فالمسيح إذاً هو صورة الله في هيئة إنسان.

رابعاً:

البرهان الرابع على أن المسيح هو الله لأنه بعيد ومنزه عن الخطأ البشري. إن السيد المسيح هو الشخص الفريد بين البشر من حيث قداسته وتواضعه وكمال سيرته وأخلاقه ومحبته… ومن هو المنزه عن الخطأ في الله سبحانه وتعالى؟… وإليك ما قاله السيد المسيح عن نفسه متحدياً الناس في (الإنجيل بحسب يوحنا 8: 46) “من منكم يبكتني على خطية؟” وفي آية أخرى في الأصحاح الثامن نفسه (8: 23) يقول: “أنتم من هذا العالم أما أنا فلست من هذا العالم”.

ثم ما قاله الأعداء أنفسهم عنه علناً كما ورد عن الحاكم الروماني بيلاطس حينما قال أثناء محاكمة المسيح: “أنا لست أجد فيه علة واحدة” (الإنجيل بحسب يوحنا 18: 38) وكذلك ما قاله يهوذا الإسخريوطي أحد تلاميذ المسيح بعد أن خدعه وباعه بثلاثين قطعة من الفضة وأسلمه لليهود حتى قتلوه وقد ورد هذا في (الإنجيل بحسب متى 27: 4) “قد أخطأت إذ سلمت دماً بريئاً….” وما قاله تلاميذه المرسلون ومنهم بطرس في رسالته الأولى (2: 22) “الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر”.

وما قاله تلميذه يوحنا في رسالته الأولى 2: 1، 29 “يسوع المسيح البار”. وكذلك قال الرسول بولس في رسالته إلى العبرانيين (7: 26) “قدوس بلا شر ولا دنس، وصار أعلى من السماوات”. وما ذكر في (الإنجيل بحسب لوقا 4: 41) عن الشيطان – مصدر الشر – “وكانت الشياطين أيضاً تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول: أنت المسيح ابن الله”. وقد قال الروح النجس الشرير الموجود في إنسان “أنا أعرف من أنت قدوس الله” (الإنجيل بحسب مرقص 1: 24).

والخلاصة: بما أن جميع البشر خطاة، والرسل والأنبياء جميعاً أخطأوا وإن الله وحده هو المعصوم عن السقوط والخطية والمنزه عن الإثم، والمسيح هو الذي لم يخطئ أبداً، لذا فإننا نقول: إن المسيح هو ذات الله نفسه في شكل إنسان.

خامساً:

البرهان الخامس على أن المسيح هو من ذات الله لأنه هو الوحيد الذي كان يغفر الخطايا والذنوب للخطاة. ترى من يغفر الخطايا إلا الله؟ لماذا إلا الله؟

إليك بعض الأسباب:

  1. لأن المغفرة تأتي من طبيعة قداسة الله المطلقة كما في (الإنجيل بحسب يوحنا 3: 16)، وفي (رسالة يوحنا الرسول الأولى 2: 12).
  2. لأن المغفرة تأتي من طبيعة محبة الله المطلقة. كما ورد في العهد الجديد “الله محبة”.
  3. لأن المحبة تأتي من نعمة الله المجانية الغنية: وهذا ما قاله بولس في رسالته إلى الكنيسة.

     

  4. لأن المغفرة تأتي من قوة الله وسلطانه، كما ذكر ذلك لوقا في بشارته: “فلما رأي إيمانهم قال يسوع: أيها الإنسان مغفورة لك خطاياك”.
  5. لن المغفرة تأتي من الله لمصالحة الإنسان مع الله القدوس نفسه. كما ذكر الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس 5: 19 “إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم”.

     

  6. شهادة المسيح عن نفسه. كما ورد في الحوار الجاري بين المسيح ورجال الدين اليهود الفريسيين في الإنجيل بحسب لوقا (5: 20-26): “فلما رأي إيمانهم قال أيها الإنسان مغفورة لك خطاياك. فابتدأ الفريسيون والكتبة يفكرون قائلين: من هذا الذي يتكلم بتجاديف؟ من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده؟ فشعر يسوع بأفكارهم وأجاب قائلاً: لكي تعلموا أن لابن الإنسان (أي المسيح ذاته) سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا”.

     

  7. شهادة العديد من الرسل ومنها شهادة التلميذ الرسول يوحنا في رسالته الأولى (1: 9) حيث يقول: “إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل (أي المسيح) حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم”.

والخلاصة: بما أن الله وحده الذي له القدرة والسلطان أن يغفر الخطايا، والمسيح كان له هذا السلطان، إذاً فلا شك أن المسيح هو ذات الله في صورة إنسان.

سادساً:

البرهان السادس لأنه الشخص الوحيد الذي دعي بألقاب إلهية مجيدة. هذه الألقاب قد انطلقت من أفواه جميع طبقات البشر واعترافاتهم. وهي تعطينا دليلاً ساطعاً واضحاً عما كان وجرى في تلك العصور السالفة وإليك شيئاً منها:

  1. شهادة النبي أشعياء في العهد القديم (قبل 750 سنة) حيث يقول “لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام”.
  2. شهادة المسيح عن نفسه وذلك بأنه:

– كلي القدرة والسلطان، كما ورد في إنجيل متى 28: 18 “فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً: دفع لي كل سلطان في السماء وعلى الأرض”.

– كلي المعرفة، فلقد عرف المسيح تلاميذه قبل أن اختارهم كما جاء في الإنجيل بحسب يوحنا 1: 48. وفي الأصحاح الحادي عشر عرف أن لعازر شقيق مريم قد مات. وقد تنبأ المسيح وعرف ماذا سيحدث له وما سيلاقيه من اضطهاد وعذاب بين الناس ومن ابتعاد تلاميذه عنه، كما تحدث عن موته وقيامته وصعوده إلى السماء ومن ثم عن مجيئه الثاني إلى العالم.

لقد كان عالماً دقيقاً في تحليل النفوس البشرية وفهمها ودراسته ونقدها. وقد قال الرسول بولس في رسالته إلى أهل رومية 8: 29، 30 “لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم والذين سبق فعينهم فهؤلاء بررهم ومجدهم أيضاً”. واعترف بولس مرة أخرى بعلم السيد المسيح وعمق معرفته فقال في رسالته إلى كولوسي 2: 3 “المدخر لنا فيه جميع كنوز المعرفة والعلم”.

– كلي الوجود، فقد قال المسيح عن نفسه في (الإنجيل بحسب متى 18: 20) “حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم”. ويذكر الإنجيل قصة نزول المسيح من السماء على تلاميذه الخائفين وهم قلقون في العلية حيث كانت الأبواب مغلقة، جاء يسوع ووقف في الوسط.

– أزلي الوجود وقد قال المسيح عن نفسه في الإنجيل بحسب يوحنا 8: 58 “قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن”. وفي الأصحاح الأول، الآية الأولى يقول: “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله”. كما قال بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين (9: 14) “المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب”.

– شهادة التلميذ توما المتشكك أمام التلاميذ كما وردت في الإنجيل بحسب يوحنا (20: 28) “ربي وإلهي”.

وهناك أكثر من مائة لقب أعطيت فقط للسيد المسيح كما وردت في العهدين القديم والجديد مثل: “الله معنا – المخلص – الرب – كلمة الحياة – الفادي – البار – الخالق الأزلي – الكائن والذي كان والذي يكون – الديان للأحياء والأموات – البداية والنهاية – الله” وغيرها.

الخلاصة: بما أن هذه الألقاب العظيمة الفائقة لا تعطى إلى للرب وحده فقط وقد أعطيت للسيد المسيح فيجب أن نسلم بديهياً أن المسيح هو الله نفسه في هيئة إنسان.

سابعاً:

إن المسيح هو ذات الله لأنه كان يسجد له ولم يرفض هو هذا السجود من الناس له. وإليك ما يذكره الكتاب المقدس عن سر السجود للمسيح منذ ولادته وحتى صعوده:

  1. سجد له حكماء المجوس القادمين من الشرق في مكان ولادته المتواضع. كما ورد ذلك في الإنجيل بحسب متى (2: 11) حيث يقول: “فخروا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومراً”.
  2. سجد له المرضى والبرص كما جاء في (الإنجيل حسب متى 8: 2) “وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني”. كما سجد له الأعمى قائلاً: “أؤمن يا سيد وسجد له”.

     

  3. وسجد له التلاميذ بعد صعوده إلى السماء وظهوره لهم. كما ورد ذلك (في الإنجيل بحسب متى 28: 17) “ولما رأوه سجدوا له”.
  4. سجدت له النساء كما جاء في (الإنجيل بحسب متى 15: 25) “فأتت امرأة وسجدت له قائلة يا سيد، أعنّي”.
  5. سجد له الشيطان والأرواح الشريرة كما حدث ذلك في (الإنجيل بحسب مرقص 5: 1-7) “… إنسان به روح نجس. فلما رأى يسوع من بعيد ركض وسجد له”.

  6. ستجثو له كل ركبة في السماء وعلى الأرض كما يصرح بهذا الرسول بولس في رسالته إلى أهل فيليبي (2: 9) “لذلك رفعه الله وأعطاه اسماً فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب”.

الخلاصة: نستنتج من هذه البراهين والأدلة الكتابية الصادقة أن المسيح كان يُسجد له كالإله العظيم. وبنا أن السجود وأسرار العبادة هي كلها لله وحده، لذا فإننا نؤمن جازمين واثقين بأن المسيح المسجود له هو ذات الله نفسه في صورة إنسان.

ثامناً:

البرهان الثامن بأن المسيح هو ذات الله، لأنه الوحيد الجبار الذي غلب الشيطان وانتصر على الموت، وذلك واضح في العهد الجديد عندما انتهر المسيح ذلك الشيطان الذي جربه، وحينما صعد المسيح من بين القبور منتصراً على شوكة الموت غالباً ظافراً.

وإليك ما رود في الكتاب المقدس عن انتصاره الرائع العجيب:

  1. شهادة المسيح للشيطان المجرب له. كما جاء في الإنجيل بحسب متى (4: 1-11) “قال له يسوع مكتوب أيضاً لا تجرب الرب إلهك… ومكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد”.
  2. شهادة الشيطان نفسه وذلك حسبما جاء في الإنجيل بحسب يوحنا (16: 33) “نعلم من أنت …. أنت ابن الله الحي أتيت لتهلكنا، ثم تركه ابليس”.
  3. قول يسوع لتلاميذه متحدياً الشر في العالم وذلك في (سفر الرؤيا 20: 10) “وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذاب وسيعذبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين”.
  4. الوعد للمؤمنين بالمسيح، كما قال الرسول يوحنا في رسالته الأولى 5: 5 “من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله”.

والخلاصة: بما أن المسيح هو الذي غلب الشيطان، ولا يقدر أن يقهره ويغلبه إلا سلطان الله وحده، لذا فإن المسيح هو الله نفسه في هيئة إنسان.

تاسعاً:

البرهان التاسع بأن المسيح هو ذات الله، لأنه جاء من السماء بروح الله وصعد عائداً إلى السماء بجسد إنسان. كما ورد ذلك في شهادة المسيح عن نفسه في (الإنجيل حسب يوحنا 3: 13) “ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان (أحد ألقاب المسيح) الذي هو في السماء”. ثم قال في مكان آخر من الإنجيل حسب يوحنا 7: 33 “أنا معكم زماناً يسيراً بعد، ثم أمضي إلى الذي أرسلني”.

وقال أيضاً “حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً” (يوحنا 14: 1-4) وفي يوحنا 16: 5 “أنا ماض إلى الذي أرسلني وليس أحج منكم يسألني أين تمضي؟” وفي يوحنا 16: 7 “لكني أقول لكم أنه خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي (الروح القدس)”.

ونذكر هنا شهادة الناس الآخرين عنه كما وردت في أعمال الرسل 1: 9-11 “ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون، وأخذته سحابة عن أعينهم. وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان وقفا بهم بلباس أبيض وقالا: …. إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء”.

وفي الحقيقة نقول أن من يتأمل ملياً ويطالع بدقة قصة صعود المسيح إلى السماء بعد قيامته من بين الأموات، ثم ظهوره عدة مرات لتلاميذه ونزوله عليهم فجأة، يشعر بالدهشة والاستغراب لهذه الأحداث الخارقة العجيبة، لأنها ليست من صنع إنسان بشري، بل هي من ابداع الله الخالق وعظمته وقدرته ودقة أسراره السماوية. وهنا تكمن ألوهية السيد المسيح الذي نزل من السماء وكانت الملائكة تخدمه كإله عظيم. كما كانت الشياطين ترهبه وتخشاه. وهو نفسه الذي صعد من الأرض إلى السماء، وهو ذاته الذي سيعود في اليوم الأخير ليدين الأحياء والأموات.

فمن هذا إذاً؟ إنه المسيح الذي تحدث عنه الرسول بولس في رسالته الأولى لتلميذه تيموثاوس 3: 16 “الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رفع في المجد”. إنه حتماً الله نفسه. الله هو المسيح، والمسيح هو الله.

أسئلة يسألها المسلمون ج6 والرد المسيحي عليها