أبحاث

الإيمان وموجباته المنطقية في معجزات يسوع

الإيمان وموجباته المنطقية في معجزات يسوع

الإيمان وموجباته المنطقية في معجزات يسوع
الإيمان وموجباته المنطقية في معجزات يسوع

الإيمان وموجباته المنطقية في معجزات يسوع

المعلومات الكتابية

مع تناولنا لمسألة حقيقة معجزات يسوع وتاريخيتها، نعمل حسناً إن كنا نجمع المعلومات الكتابية أمامنا قبل أي شيء آخر. المعجزات التالية المتعلقة بالشفاء بالتحديد، وبالتخفيف من آلام البشرية، هي مذكورة في الأناجيل:

  • ابن خادم الملك (يوحنا 4: 46-54).
  • حماة بطرس (متى 8: 14-17؛ مرقص 1: 29-31؛ لوقا 4: 38-40).
  • المرأة النازفة الدم (متى 9: 20-22؛ مرقص 5: 25-34؛ لوقا 8: 43-48).
  • عبد قائد المئة (متى 8: 5-13؛ لوقا 7: 1-10).
  • الرجل المصاب بالاستسقاء (لوقا 14: 1-6).
  • الأعمى (متى 9: 27-31؛ يوحنا 9: 1-7؛ متى 20: 29-34؛ مرقص 10: 46-52؛ لوقا 18: 35-43).
  • الأصم (مرقص 7: 31-37).
  • المقعد والمخلع (متى 9: 1-8؛ مرقص 2: 1-12؛ لوقا 5: 17-26؛ يوحنا 5: 1-15: متى 12: 9-13؛ مرقص 3: 1-5؛ لوقا 6: 6-10؛ 13: 10-17).
  • البرص (متى 8: 1-4؛ مرقص 1: 40-45؛ لوقا 5: 12-16؛ 17: 11-19).
  • أذن ملخس (لوقا 22: 49-51).

عليّ أيضاً أن أذكر في هذا السياق إقدام يسوع على إخراج الشياطين، الأمر الذي برهن سيطرته على قوى الشيطان، وبين بطريقة فريدة سلطانه الإلهي وانقضاضه المسياني على مملكة الشر (متى 8: 28-34؛ مرقص 5: 1-20؛ لوقا 8: 26-39؛ مرقص 1: 23-27؛ لوقا 4: 33-37؛ متى 15: 21-28؛ مرقص 7: 24-30؛ متى 17: 14-21: مرقص 9: 14-29؛ لوقا 9: 37-43). وعندنا أيضاً أقامته إلى الحياة من جديد ابنة يايرس (متى 9: 18، 19، 23-26؛ مرقص 5: 22-24؛ 35-43؛ لوقا 8: 41، 42؛ 49-56)، ابن الأرملة (لوقا 7: 11-16)، لعازل (يوحنا 11: 1-54).

بالإضافة إلى هذه الأمثلة المحددة من الشفاء، والتي بذلك مجهود حثيث، لكن من دون طائل، للتنكر لها من خلال عقلنتها، عندنا تلك التصريحات في إطار السرد العام، والموجودة في كل الأناجيل السينويتية (متى، مرقص، ولوقا) والتي لا يمكن تجاهلها. متى وحده، يعرض علينا في إنجيله ستة تقارير عن هكذا نشاط:

  • 4: 23، 24 (لنلاحظ العبارات التي يعتمدها البشير، والتي تنم عن “شمولية”): “وكان يسوع يطوف كل الجليل…. ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب. فذاع خبره في جميع سورية. فأحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض وأوجاع مختلفة، والمجانين والمصروعين والمفلوجين، فشفاهم”.
  • 8: 16: “ولما صار المساء قدموا إليه مجانين كثيرين، فأخرج الأرواح بكلمة، وجميع المرضى شفاهم”.
  • 9: 35: “وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى… يشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب”.
  • 14: 14: “فلما خرج يسوع أبصر جمعاً كثيراً فتحنن عليهم وشفى مرضاهم”.
  • 14: 35، 36: “فعرفه رجال ذلك المكان. فأرسلوا إلى جميع تلك الكورة المحيطة وأحضروا إليه جميع المرضى، وطلبوا إليه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط. فجميع الذين لمسوه نالوا الشفاء”.
  • 15: 30-33: “فجاء إليه جموع كثيرة، معهم عرج وعمي وخرس وشل وآخرون كثيرون، وطرحوهم عند قدمي يسوع. فشفاهم حتى تعجب الجموع إذ رأوا الخرس يتكلمون، والشل يصحون، والعرج يمشون، والعمي يبصرون”.
  • يضيف مرقص في معرض سرده أربع روايات حول شفاءات يسوع:
  • 1: 32-24: “قدموا إليه جميع السقماء والمجانين. وكانت المدينة كلها مجتمعة على الباب. فشفى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة، وأخرج شياطين كثيرة”.
  • 1: 39: “فكان يكرز في مجامعهم في كل الجليل ويخرج الشياطين”.
  • 3: 10: “لأنه كان قد شفى كثيرين، حتى وقع عليه ليلمسه كل من فيه داء”.
  • 6: 56: “وحيثما دخل إلى قرى أو مدن أو ضياع، وضعوا المرضى في الأسواق، وطلبوا إليه أن يلمسوا ولو هدب ثوبه. وكل من لمسه شفي”.
  • ولوقا الطبيب يزودنا بثلاث روايات إضافية:
  • 4: 40: “وعند غروب الشمس، جميع الذين كان عندهم سقماء بأمراض مختلفة قدموهم إليه، فوضع يديه على كل واحد منهم وشفاهم”.
  • 6: 17-19: “ونزل معهم ووقف في موضع سهل، هو وجمع من تلاميذه، وجمهور كثير من الشعب، من جميع اليهودية وأورشليم وساحل صور وصيداء، الذين جاءوا ليسمعوه ويشفوا من أمراضهم، والمعذبون من أرواح نجسة. وكانوا يبرأون. وكل الجمع طلبوا أن يلمسوه، لأن قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع”.
  • 9: 11: “…. فالجموع إذ علموا تبعوه، فقبلهم وكلمهم عن ملكوت الله، والمحتاجون إلى شفاء شفاهم”.

متى ولوقا يلحظان أيضاً ما قاله يسوع نفسه عن خدمته في معرض رده على تساؤل يوحنا المعمدان الناجم عن نفاد صبره: “فأجاب يسوع وقال لهما: اذهبا وأخبرا بما تسمعان وتنظران: العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصم يسمعون، والموتى يقومون”.

إلى ذلك، أعلن يسوع أنه لو أن “قواته” التي صنعت في كورزين، وبيت صيدا، وكفرناحوم، كانت قد حصلت في صور وصيدا، وحتى في سدوم لكانت هذه المدن القديمة قد تابت (متى 11: 20-24)؛ (لوقا 10: 12، 13). وحتى أعداؤه في ذلك الحين، أقروا بسلطانه على الشياطين (متى 12: 22-32؛ مرقص 3: 20-30؛ لوقا 11: 14: 23).

يسوع، وإلى جانب الشفاءات التي أقدم عليها، منح تلاميذه الاثني عشر السلطان “على أرواح نجسة حتى يخرجوها، ويشفوا كل مرض وكل ضعف” (متى 10: 1)، بما في ذلك أيضاً حتى السلطان على إقامة الموتى (متى 10: 8)؛ كما أن مرقص يخبرنا كيف أنهم “خرجوا… وأخرجوا شياطين كثيرة، ودهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم” (مرقص 6: 13). ثم لاحقاً، كلف اثنين وسبعين من تلاميذه آخرين أن يمضوا ويفعلوا الأمر عينه (لوقا 10: 1، 9، 17، 19).

لخص بطرس نشاط يسوع الشفائي أولاً من خلال عظته لليهود في أورشليم يوم الخمسين، عندما أعلن أن يسوع “رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم، كما أنتم أيضاً تعلمون” (أعمال 2: 229. هنا الإشارة الضمنية إلى أن معجزات المسيح العديدة، لم تحصل في زاوية نائية من منطقة قروية ما، بل في وضح النهار، لكي يقر بها حتى أعداؤه. وثانياً، تطرق بطرس إلى شفاءات يسوع في عظته داخل بيت كرنيليوس عندما ذكر عن “يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة، الذي يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس” (أعمال 10: 38).

بشيء من المبالغة، إن كان ذلك يعتبر من قبيل المبالغة على الإطلاق، يكتب “وارفيلد”: “خلال ردح من الزمن، جرى تقريباً إقصاء المرض والموت من الأرض”[1].

هذه “الآيات والعجائب” التي لها علاقة بالتخفيف من آلام البشرية، علينا إضافة إليها ما يعرف باسم “معجزات الطبيعة” التي صنعها يسوع. ونذكر من جملتها:

  • تحويل الماء إلى خمر (يوحنا 2: 1-11).
  • عمليتي صيد السمك المعجزتين (لوقا 5: 1-11؛ يوحنا 21: 1-14).
  • إسكات العاصفة في بحر الجليل (متى 8: 23-27؛ مرقص 4: 35-41؛ لوقا 8: 22-25).
  • إشباع الخمسة آلاف (متى 14: 15-21؛ مرقص 6: 34-44؛ لوقا 9: 12-17؛ يوحنا 6: 5-14).
  • السير على البحر (متى 14: 22-27؛ مرقص 6: 45-52؛ يوحنا 6: 16-21).
  • إشباع الأربعة آلاف (متى 15: 32-39؛ مرقص 8: 1-10).
  • الإستار في فم السمكة (متى 17: 24-27).
  • لعن شجرة التين (متى 21: 18-22؛ مرقص 11: 12-14، 20، 21).

إن كان سرد العهد الجديد جديراً بالثقة، كما نؤمن بذلك وبيناه في الفصل الثالث، لم يشهد أي عصر آخر هكذا إظهار مدهش لـ “عجائب” الله و”آياته” و”وقواته” و”أعماله”، الأمر الذي يتوافق مع نبوءات من صنف إشعياء 35: 5، 6، “حينئذ تتفتح عيون العمي، وآذان الصم تتفتح. حينئذ يقفز الأعرج كالأيل ويترنم لسان الأخرس”. هذا بالتحديد ما كان سيتوقع حدوثه المختارون عند مجيء المسيا، وانبلاج فجر العصر المسياني. والأكثر من هذا يصح في الرجل المولود أعمى (الذي كان بلا شك قد تقصى الأمر في العمق) والذي أعلن: “منذ الدهر لم يسمع أن أحد فتح عيني مولود أعمى” (يوحنا 9: 32). حقاً، بالإضافة إلى الأناجيل القانونية، ما يعرف عند النقد الأعلى باسم “المصادر الأبكر” التي تسبق الأناجيل – أور ماركس، لوجيا إنجيل متى المفترضة، و”المصادر الخاصة” للوقا. وحقاً، كل “مصدر أبكر” لسرد الإنجيل قد جرى عرضه حتى اليوم – “يقدم لنا يسوع ليس كصانع عجائب وحسب، بل يسوع من صنعه العجائب يشكل عنصراً أساسياً من استعلانه”[2]. على أحدنا استخلاص أن الصورة التاريخية المنتظمة كما تعرضها الأناجيل الأربعة عن معجزات يسوع بجملتها، تظهر بشكل يجعل من غير الممكن التشكيك منطقياً بكون هذه الأحداث الخارقة قد حصلت فعلاً. وكل إنكار لحصولها هو التصريح بأن البشيرين الأربعة جميعهم (مع بطرس [راجع أعمال 2: 22] وبولس [راجع 1كورنثوس 15]) قد ضلوا وزاغوا في قضية معجزات يسوع هذه، وليسوا بالتالي أهلاً ليكونوا مرشدين في مسائل الإيمان.

ردود من الزاوية النقدية

ومع هذا، بذل مجهود كبير على مر العصور لتفسير أعمال القوة التي صنعها يسوع بشكل بتنكر لها. بعضها يميل أكثر إلى التأمل، وبعضها الآخر أكثر عقلانية وفظاظة من سواه، لكنها تهدف جميعها بشكل رئيس إلى الانتقاص من قيمة يسوع، من خلال النظر إليه من زاوية بشرية بحتة.

حاجج “باروخ سبينوزا” (1632-1677)، الفيلسوف الهولندي العقلاني، مثلاُ، في كتابه تراكتاتس ثيولجيكو – بوليتيكس (1670) أن الله كان إلهاً من الصنف الذي لا يتغير حتى أنه لو صنع معجزة، فإن هذه المعجزة ستكون بمثابة شريعة الله على قدر ما هي شريعة الطبيعة التي انتهكتها. فإنه في هذه الحال ينتهك النظام الذي لا يتغير والذي كان هو قد قرره لقوانين الطبيعة، وبالتالي يناقض نفسه.

“دايفد هيوم” (1711-1776)، الفيلسوف الاسكوتلاندي من حركة التنوير الفلسفية، في “مقال عن المعجزات” Essay on Miracles (1748) وهو جزء من “مقالاته الفلسفية حول الإدراك البشري” Philosophical Essays Concerning Human Understanding (1748) حاجج في أن الحالة الوحيدة على الدليل إلى جانب حصول المعجزة ينتصر على الدليل ضدها، هو متى كان زيف أو خطأ الشاهد المؤكد ذلك، يعد معجزة أعظم من المعجزة التي شهد لها.

“فريدريش شلايرماخر” (1768-1834)، والذي يعتبر أب اللاهوت البروتستانتي الليبرالي، أكد في كتابه “الإيمان المسيحي” The Christian Faith (1821) أن معجزات المسيح كانت من الصنف الموجه إلى الذين كانت قد صنعت لأجلهم في البدء. ليس هي معجزات بحد ذاتها، بل بمثابة توقع مسبق للاكتشافات التي تتحكم بمملكة الطبيعة. بحسب “شلايرماخر”، كان المسيح يمتلك ببساطة وبموجب عناية إلهية، دراية أعمق بقوانين الطبيعة من أي إنسان آخر قبله أو بعده، وكان بمقدوره استخراج من خبايا الطبيعة تلك القوانين التي كانت تعمل فيها من قبل، ويستعملها لفائدة الآخرين.

لاهوتي ألماني آخر من الحقبة نفسها، “هاينريخ باولس” (1761-1851) في كتابه “الدليل لتفسير الأناجيل الثلاثة الأولى” Exegetical Handbook Concerning the First Three Gospels (1830-1833) حاجج في كون البشيرون لم يقصدوا أن تفهم تقاريرهم كمعجزات، بل كمجرد حقائق عادية من الحياة اليومية. لذا، فالمسيح:

…. لم يشف رجلاً عاجزاً عند بيت حسدا، بل فضح أمر إنسان دجال؛ هو لم يحول الماء إلى خمر في قانا، بل أحضر مخزوناً من الخمر بعد أن نفذ مخزون البيت منه. هو لم يكثر أرغفة الخبز، إنما من خلال توزيعه المؤونة القليلة الموجودة لديه ولدى تلاميذه، قدم قدوة في العطاء، وهكذا سارع كثيرون من أصحاب المؤن إلى التمثل به، حتى أصبحت الأرغفة كافية للجميع؛ هو لم يشف العلم بطريق أفضل من طبيب العيون الماهر – الأمر كالذي لحظه البشيرون بوضوح، لأنه هو نفسه عبر بشفتيه عن حاجته إلى نور للقيام بعملية جراحية دقيقة كهذه – “ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار، يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل” (يوحنا 9: 4). هو لم يمش على البحر، بل على الشاطئ؛ لم يطلب من بطرس أن يعثر على إستار من فم السمكة، بل باصطياد العدد الكافي من السمك لبيعه والحصول بثمنه على المال اللازم؛ هو لم يطهر أبرص بل أعلن أنه قد طهر؛ هو لم يقم لعازر من الأموات، بل خمن في ضوء الوصف لمرضه أنه كان فقط واقعاُ في حالة من الغيبوبة، لكي يسر فيما بعد بأن تخمينه هذا جاء في محله[3].

ثم، كان هناك “دايفد شتراوس” (1808-1874) الذي في تأثره بفكر “هيغل” حاجج في كتابه “حياة يسوع بعد تفحصها بشكل نقدي” Life of Jesus, Critically Examined (1835-1836)، حاجج في كون العنصر فوق الطبيعي في الأناجيل، بما في ذلك معجزات يسوع، كان ببساطة “أساطير” هلينية” كان قد جرى ابتكارها ما بين موت المسيح وكتابة الأناجيل، في القرن الثاني (بحسب زعمه).

اعتنق أيضاً “رودولف بلتمن” موقفاً لا يختلف كثيراً في خلاصته الأخيرة عن موقف “شتراوس”. كذلك “جواشيم جريمايس” في كتابه “لاهوت العهد الجديد” New Testament Theology (I) (الترجمة الإنجليزية 1971)، وعلى أثر قيامه بتحاليل أدبية نقدية ولغوية، ومقارنات مع روايات المعجزات الرابينية والهلينية، مع تحاليل تناولت نقد الشكل لكل رواية معجزة بمفردها، يؤكد أنه لا يبقى مع أحدنا سوى “نواة تاريخية” “لشفاءات نفسية” (إخراج شياطين) مع شفاءات بواسطة “العلاج الطاغي والساحق” – باختصار، إنها الشفاءات الناجمة عن القوى النفسية.

“ج. فرمس”، في كتابه “يسوع اليهودي” Jesus the Jew (1973) يتخذ منحى مغايراً، من خلال تصنيفه يسوع “كشخص كاريزمي وساحر للجماهير” شبيه بـ “كاريزميين الجليل” آخرين من أمثال “هوني الراسم الدائرة” و”حنيناً بن دوسا” و”موتن سميث” كتابه تحت عنوان “يسوع الساحر” Jesus the Magician (1978) لا يترك لنا المجال لتخمين ما هي نظرته إلى يسوع، فهو يعتبره ببساطة ساحراً. لا يبدو “أ. أ. هارفي” في كتابه “يسوع وقيود التاريخ” Jesus and the Constraints of History (1982) متطرفاً بنفس المقدار كالكتابين السابقين، لكنه يختزل معجزات يسوع الحقيقية إلى ثماني فقط – وهي التي تتناول شفاء الخرس، والصم، والعمي، والعرج.

الردود الإنجيلية

الرد بشكل مفصل ومنفصل دعماً لتاريخية ومصداقية كل من أعمال يسوع المقتدرة يستلزم وقتاً أكثر مما هو متوافر هنا. يكفينا القول إن هذا حصل بمهارة وعندما دعت الحاجة، بواسطة أناس من أمثال “ر. س. ترانش” في كتابه “ملاحظات حول معجزات رينا” Notes on the Miracles of Our Lord (راجع الفصل V، “الهجمات التي تشن على المعجزات” The Assaults on the Miracles)، “ج. ب. موزلي” في كتابه “ثماني محاضرات حول المعجزات” Eight Lectures on Miracles، “ج. غريشام ماشن” في كتابه “المسيحية والتيار الليبرالي” Christianity and Liberalism (راجع الفصل 5، “المسيح”)، “س. إس. لويس” في كتابه “معجزات” Miracles، “برنارد رام”، في كتابه “دلائل مسيحية بروتستانتية” Protestant Christian Evidences (راجع الفصل 5، “الرد على الذين ينكرون المعجزات”)، “هـ فان در لوس” في كتابه “معجزات يسوع” The Miracles of Jesus، نورمن ل. غايسلر في كتابه “المعجزات والفكر الحديث، مشاهد من الإنجيل: معجزات يسوع” Miracles and Modern Thought, Gospel Perspectives: The Miracles of Jesus, edited by David Wenham and Craig L. Blomberg كتاب “بلومبرغ” حق الإنجيل: هل الأناجيل تاريخ جدير بالثقة؟ Gospel Truth: Are the Gospels Reliable History? (راجع الفصل 3، “المعجزات”)، و”روبرت ب. سترمبل”، “البحث الحديث عن يسوع الحقيقي” The Modern Search for the Real Jesus. لقد تبين مراراً وتكراراً أن كل تقييم للمسيح الخارق وفوق الطبيعي ولمعجزاته لكونها موضوع شك وقابلة لتفسيرها عقلانياً، إنما ينتج من اتخاذ المناهض موقفه مسبقاً أ بريوري من طبيعة الله ومن العالم، أي في ضوء نظرته الخاصة إلى العالم، التي تشكل المحك لما هو ممكن أو غير ممكن.

بالطبع، يجعل المسيحي بدوره مسألة تاريخية معجزات يسوع ومصداقيتها من ضمن نظرته إلى العالم أيضاً. إن نظرته هذه إلى العالم، الممنوحة لها إلهياً بالنعمة، تشمل القرينة بأكملها وبحد ذاتها للإيمان المسيحي بالله الواحد الذي أعلن عن ذاته في الأسفار المقدسة. يكتب “ج. غريشام ماشن”:

ما أن تسلم بوجد الله، الإله الشخصي، صانع العالم والمتسلط عليه، لا يعود بالإمكان وضع أية حدود، أزمنية كانت أو من أي نوع آخر، للقدرة الخلاقة لإله كهذا. سلم بأن الله خلق مرة، ولا يعود بمقدورك إنكار انخراطه في الخلق من جديد[4].

أجل، حقاً! سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار أنه كان بوسعه شق البحر في زمن الخروج (خروج 14: 21-29) وفيما بعد نهر الأردن لتسهيل امتلاك شعبه في القديم لكنعان (يشوع 3: 15-17). سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على توقيف الشمس في أيام يشوع (يشوع 10: 12-14). سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على حبس المطر عن إسرائيل على مدى ثلاث سنين عند قول إيليا (1ملوك 17: 1-7). سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على جعل رأس فأس حديدية تطفوا على الماء (2ملوك 6: 5-7). سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته عىل جعل حوت يبتلع يونان ثم يقذفه مجدداً على اليابسة. سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على إرسال ملاكه لقتل 185,000 من جيش أشور في ليلة واحدة (2ملوك 19: 35).

سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على إرجاع ظر الشمس عشر درجات إلى الوراء بدرجات آحاز (2ملوك 20: 9-11). سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على تلقيح البويضة داخل رحم مريم من دون الاستعانة بأب بشر. سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على خلق “نجم” يتحرك على علو منخفض في السماء، والذي قاد المجوس إلى المنزل حيث الطفل يسوع (متى 2: 2، 9، 10).

سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على إحداث ظلمة خلال صلب ربنا في زمن الفصح عندما كان البدر كاملاً، وغير واقع بين الأرض والشمس لإحداث كسوف للشمس (متى 27: 45؛ مرقص 15: 33؛ لوقا 23: 44)[5]. سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على إقامة يسوع من الأموات (رومية 6: 4). سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على إجلاس يسوع المسيح على عرش الكون “فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة، وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضاً” (أفسس 1: 20، 21). سلم بان الله خلق مرة العالم، ولا يعود بإمكانك إنكار قدرته على إرسال يسوع مجدداً من السماء ذات يوم لإقامة الناس جميعهم من الموت، وتغيير الأحياء، وتمييز شعبه عن الأشرار (متى 25: 31-46؛ 1كورنثوس 15: 51-55).

والآن، استبدل كل هذه العبارات المتكررة “قادر على” هنا، بالعبارة “إقدامه على” أو “سيقدم على” (في الحالة الأخيرة) فتحصل على حقيقة الأمر، ذلك لأن الكتاب المقدس الذي كنا قد أظهرنا أنه موحى به يعلم هكذا. في الواقع، سلم بالمفهوم المسيحي عن الله الذي أعلن ذاته في الأسفار المقدسة. عندئذ سيحتل كل فعل فوق الطبيعي مكانه الصحيح ضمن القصد الإلهي، وكذلك أيضاً كل معجزة دونها الله في الأسفار المقدسة. عبر بولس عن هذا الحق، عندما سأل أغريباس وبلاطه: “لماذا يعد عندكم امراً لا يصدق إن أقام الله أمواتاً” (أعمال 26: 8).

يجعل المسيحي أيضاً مسألة تاريخية ومصداقية معجزات يسوع ضمن القرينة الأضيق لواقع الخطيئة ولنتائجها. هو يدرك أن رجاء الإنسان الوحيد في إحراز الغلبة عليها، لا يكون إلا من خلال الإتيان إليه بمساعدة فوق الطبيعة من خارج الحالة البشرية[6]. هو يؤمن أن هذا المطلب قد سده بالكامل المخلص فوق الطبيعي الذي قدم الدليل على أصله وطبيعته فوق الطبيعيين، من ضمن أمور أخرى، من خلال صنعه المعجزات والقوات خلال خدمته الأرضية.

بكلام آخر، سلم بحقيقة وجود الله اللامحدود والشخصي، مع المتطلبات التي تفرضها البشرية والناجمة عن خطيئة الإنسان، فلا يعود أي حاجز فلسفي أو تاريخي يقف في درب تاريخية أي من الأمور فوق الطبيعية والمعجزات في الأسفار المقدسة. تتبع معجزات الأناجيل كأمر حتمي وكجانب طبيعي من الإيمان المسيحي بوجود الله، الذي أعلن عن ذاته في الأسفار المقدسة.

أهمية معجزات يسوع

في إطار الإيمان الكتابي بالله الذي أعلن عن ذاته في الأسفار المقدسة، تشير معجزات يسوع (وكذلك أيضاً جميع معجزات العهد الجديد). منفردة ومجموعة معاً، بحسب شهادة يسوع نفسه إلى خلاصتين: أولاً، إنها تشهد على بزوغ فجر العصر المسياني من خلال مجيء المسيا (متى 12: 28)؛ وثانياً، إنها تشهد على طبيعته الإلهية بصفته ابن الله الذي افتقد هذا الكوكب المسكين في مهمة رحمة (متى 20: 28؛ مرقص 10: 45) لكي يطلب ويخلص ما قد هلك. لنتأمل فيما كان قد شهده يسوع عن أهمية أعماله المعجزية.

يوحنا 5: 36

في سياق يوحنا 5، حيث تطالعنا مجموعة مدهشة من ادعاءات يسوع بمساواته لله. فبالإضافة إلى شهادة يوحنا المعمدان (5: 33-35)، وشهادة الآب (والتي تشمل بلا شك من دون أن تنحصر بالتأييد الذي جاءه من السماء لحظة معموديته و”تكليفه”) (5: 37)، وشهادة الأسفار المقدسة العهد القديم (5: 36، 46)، يقول يسوع: “لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأكملها، هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني. والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي” (5: 36). هذه الأعمال الفريدة في نوعها – فريدة لأنه كما يصرح هو، كانت “أعمالاً لم يعملها أحد غيري” (يوحنا 15: 24)، وهي فريدة أيضاً لأنها تحمل سمة أصلها الإلهي[7]، هذه الأعمال، كما قال، أبرزت فرادته ككائن ليس من أصل بشري، بل كن “أرسله الآب من السماء.

يوحنا 9: 41

استخلص الرجل المولد أعمى بشكل صحيح من شفائه أن الذي شفاه كان نبياً (9: 17) ومن الله (9: 33). كان هذا كل ما كان بوسعه استخلاصه عند هذا الحد، بسبب معرفته المحدودة بيسوع. لكن بعد طرد هذا الرجل من المجمع، عندما أعلمه يسوع لاحقاً بكونه ابن الله، آمن بيسوع وسجد له (9: 35-38)، معطياً إياه الإكرام الذي يليق بالله. هنا المكان الوحيد في إنجيل يوحنا حيث قيل عن أحدهم أنه سجد ليسوع، مع أن آخرين من أمثال توما، أقدموا على ذلك بالطبع (يوحنا 20: 28).

يوحنا 1: 24، 25، 37، 38

في هذه الأعداد، يسوع وفي رده المباشر على موقف القادة الدينين منه: “إلى متى تعلق أنفسنا؟ إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهراً” أجابهم: “إني قلت لكم ولستم تؤمنون. الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي”. ثم قال لهم: “إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنت أعلم، فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال، لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه”. يؤكد يسوع من خلال هذه الملاحظات أن معجزاته تشهد لكل من تنصيبه المسياني ولتلك الوحدانية الحميمة بينه وبين الآب التي يصفها رأي بعض اللاهوتيين أنها ليست أقل من السكنى المتبادلة أو التداخل الجوهري القائم ما بين شخصي الآب والابن.

يوحنا 14: 11

يسوع، وفي سياق حديثه في العلية، وبعد إدلائه بادعائه المدهش “بأن كل من رآه فقد رأي الآب” (14: 9)، وأن اتحاداً شخصياً يربطه بالآب (14: 10-11)، حث تلاميذه على الإيمان به بسبب كلماته. وفي حال ترددوا بعض الشيء حيال كلماته، شجعهم بالقول: “وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها”. ها هو يعلن مجدداً كيف أن أعماله تشهد لطبيعته الإلهية.

متى 11: 4، 5؛ لوقا 7: 22

يسوع، وللتأكيد ليوحنا المعمدان أنه كان هو حقاً “الآتي”، أي المسيا الإلهي، خاطب تلاميذ يوحنا بالقول: “اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران: العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصم يسمعون، والموتى يقومون، والمساكين يبشرون” من الواضح أن يسوع أراد هنا الإشارة ضمناً إلى أن معجزاته ثبتت وصادقة على كون العصر المسياني قد حضر في شخصه بصفته المسيا الإلهي.

متى 9: 1-8؛ مرقص 2: 1-12؛ لوقا 5: 17-26

في هذه المناسبة، دافع يسوع عن حقه كابن الإنسان في أن يغفر الخطايا – أحد امتيازات الله وحده – من خلال شفائه المقعد.

عليّ أن ألحظ أيضاً شهادة يوحنا وبطرس لمعجزات يسوع. يخبرنا يوحنا في يوحنا 2: 11 كيف أن يسوع من خلال معجزته الأولى، “أظهر مجده”. وأي مجد كان ذلك؟ كان ذلك “مجداً كما لوحيد من الآب” (يوحنا 1: 14). ترى، ماذا يقول يوحنا عن المقصود من معجزة يسوع الأولى، كـ “آية” سوى أنها أظهرت مجده بصفته ابن الله الحقيقي!

كما أن بطرس في مستهل عظته يوم الخمسين، يلحظ ملحوظة لها مدلولها (أعمال 2: 22)؛ “يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم، كما أنتم أيضاً تعلمون” (راجع أيضاً أعمال 10: 38، 39). هنا يؤكد بطرس ما لمعجزات يسوع من قيمة للتثبيت – فهي تشهد لموافقة الله على “الإنسان” يسوع. كما أن عبارته “كما أنتم أيضاً تعلمون”، تركز على كون معجزات يسوع لم تصنع في مكان قروي ناء، بل في كل مكان وعلناً، حتى لا يعود بالإمكان إنكارها. إنه يتحدى السامعين ضمناً بأن ينكروا ذلك إن تجرؤوا على ذلك. معجزات يسوع عنت إذاً كون الله قد وافق على تعليمه. وفي تعليمه هذا، ادعى بأنه ابن الله، والواحد مع الآب، وصاحب حقوق الألوهية وامتيازاتها. وأخيراً، يذكر الكاتب إلى العبرانيين أن الله شهد “للخلاص الذي هذا مقداره” في المسيح “بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس، حسب إرادته” (عبرانيين 2: 3، 4).

في الختام، علينا استخلاص أن أعمال يسوع المعجزية، متى نظرنا إليها كما قصد يسوع وكتاب العهد الجديد من دون شك أن ينظر إليها، أي كأحداث فوق الطبيعة في تاريخ المكان والزمان، صادقت على صحة تعليمه، كما أنها شكلت مؤشرات فورية إلى حضور العصر المسياني وعلى صفته الإلهية بصفته الملك المسياني.

تجلي يسوع

واحدة من معجزات يسوع، وهي من الصنف غير الاعتيادي على الإطلاق، من الضروري أن نتناولها الآن، لغرض تكميل بحثنا. أنا أقصد هنا تجليه حين مجد ألوهيته “غير” بشريته.

خلفيته

شكل الاعتراف العظيم لبطرس في قيصرية فيلبي بأن يسوع كان “المسيح ابن الله الحي” (متى 16: 16؛ راجع مرقص 8: 29؛ لوقا 9: 20)، البداية لتركيز جديد اعتمده يسوع في معرض تعليمه تلاميذه. الآن، وبعد اقتناعهم الكامل بأنه كان المسيا، بدأ يسوع يشدد على ضرورة موته وقيامته[8] (على اعتبار ان هذا الحدث الأخير كان السبيل لجلوسه على العرش عن يمين الآب. إنه على ما يبدو، “يختزل” من خلال الكلام عن قيامته كلاً من قيامته وصعوده، بما أنه لا يذكر أي شيء عن الحدث الأخير في سياق كلامه لاحقاً عن ظهوره – متى 16: 21؛ مرقص 8: 31؛ لوقا 9: 22).

بعد التأكد من اعتراف بطرس، بات الآن ممكناً، بل ضرورياً من خلال بث من ضمن المفهوم المسياني مضمون “نشيد عبد الرب” من إشعياء 52: 13-53: 2 ولتصحيح الروابط القومية البحتة لهذا المفهوم، والتي كانت لا تزال عالقة في أذهان التلاميذ (راجع متى 16: 22، 23؛ مرقص 9: 32، 33؛ 10: 35-37؛ لوقا 9: 46؛ أعمال 1: 6). لذا يسوع، منذ ذلك الحين وحتى نهاية خدمته، مع أن تلاميذه لم يكونوا ليفهموه (مرقص 9: 32؛ لوقا 18: 34)، ظل باستمرار وبكل وضوح يضع نصب عيونهم حقيقة “خروجه الذي كان مزمعاً أن يكلمه في أورشليم” (راجع متى 17: 22، 23؛ 20: 17-19، 22، 28؛ 21: 39؛ 26: 2، 11، 12، 24، 28؛ مرقص 9: 31؛ 10: 32-34، 38، 45؛ 12: 8؛ 14: 8، 21، 24؛ لوقا 9: 51، 53؛ 17: 11: 18: 31-22؛ 22: 20).

لكنه لم يكتف فقط بالشروع في التحدث أكثر مما فعل قبلاً عن تألمه هو وموته، بل أخبرهم أيضاً أنهم بصفتهم تلاميذه يجب أن يكونوا مستعدين هم أيضاً ليموتوا أيضاً وألا يستحوا به “لأن من استحى بي وبكلامي، فبهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين” (لوقا 9: 23-26؛ راجع متى 16: 24-27؛ مرقص 8: 34-37). يا له من كلام وقور وجليل – الذي يخص آلامه هو، ومطالبته تلاميذه بالولاء له بشكل لا يكل ولا يلين. البشيرون السينويتيون جميعهم يقررون أن ربنا مباشرة بعد هذه الإشارة إلى رجوعه في المجد (والتي تعد بحد ذاتها ادعاء ضمنياً بتنصيبه المسياني)، أعلن بغموض ما يلي: “إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته” (متى 16: 28)[9]، كلمات كان القصد منها بلا شك التشجيع مقابل الخشية التي كانت كلماته السابقة عن الاستشهاد قد ولدتها في أذهان الحاضرين معه في تلك المناسبة. هذا القول الغامض، دفعهم ضمناً إلى النظر إلى آلامه وإلى الاضطهاد الذي سيكون من نصيبهم مقابل مجده (وبالامتداد) مجدهم هم أيضاً في نهاية المطاف.

يلخص “س. أ. ب. كرانفيلد” بوضوح سبعة اقتراحات جرى عرضها حيال تتميم هذا القول[10]. برأيي، يجب تفضيل أي من هذه بلا حدود على النظرة التي شاعت كثيراً ومفادها، أن يسوع توقع بشكل مغلوط أن يحصل استعلانه في المجد خلال حياة ذلك الجيل من التلاميذ. فأنا مع “كرانفيلد”[11]، و”ووليم ل. لاين”[12] ومعظم الإنجيلين (كما أتوقع)، أومن بأن يسوع كان يشير هنا إلى تجليه الذي حصل بعد أسبوع من ذلك، هذا الحدث الذي أوردته الأناجيل السينويتية بعد قوله هذا مباشرة. إن تتميماً كهذا يستوفي كل مستلزمات القول:

العبارة، “إن من القيام ههنا قوماً”، تشير إلى “الدائرة الصغرى” من التلاميذ، بطرس، ويعقوب، ويوحنا، الذين كانوا حاضرين وحدهم وقت التجلي.

العبارة “لا يذوقون الموت” أي “لن يموتوا” تجد تفسيرها في إشارة الرب للتو إلى حاجة التلميذ إلى “حمل صليبه” و”يهلك حياته من أجلي” حجة بعضهم أنه في حال جعل تجلي يسوع التتميم لملاحظة يسوع، عندئذ “القوم” في العبارة الأولى تشير ضمناً إلى كون بعض الحاضرين هناك، على الأقل، إن لم نقل كل الآخرين سوف يموتون في غضون الأيام القليلة التالية، هو نن سيكيتور أي استنتاج لا يتفق مع ما سبق. ففيما تشير ملاحظة يسوع ضمناً إلى أن غالبية أولئك الحاضرين لن يروا هذا الأمر بأنفسهم خلال حياتهم، فهذا لا يعني أن عليهم أن يموتوا بالضرورة قبل أن يراها قوم حقاً.

العبارة، “حتى يروا” تتلاءم تماماً مع التركيز المستمر في السرد المتعلق بالتجلي على تمكن تلاميذه في الدائرة الصغرى من رؤيته في بهائه “المنقطع النظير على الأرض” (راجع العبارتين “تغيرت هيئته قداهم” و“بما رأيتم” في متى 17: 2، 9؛ والعبارات “تغيرت هيئته قدامهم” و“وظهر لهم”، و“بما أبصروا” في مرقص 9: 2، 4، 9؛ والعبارات “رأوا مجده” و“مما أبصروه” في لوقا 9: 32، 36).

العبارة، “ابن الإنسان آتياً في ملكوته” (بحسب مرقص: بقوة) “ليست بوصف مجحف بما رآه الثلاثة على جبل التجلي”[13]، لأن تجلي يسوع، مع كونه مؤقتاً، جاء بمثابة إظهار حقيقي وبارز للعيان لقوة سلطانه المطلق ومجده كتوقع مسبق لاستعلانه، عندما يأتي ملكوته “بقوة ومجد” بعد أن يكون قد وضع أعداءه تحت قدميه (مرقص 13: 26).

تاريخيته

قبل أن نعلق المزيد على أهمية التجلي، أحتاج إلى تناول مسألة تاريخيته، في ضوء الهجمات الشرسة الحديثة التي تشن عليه. فيما يتعلق بنظرة “بلتمان” التي لا تزال تلقى دعماً متواصلاً حتى يومنا هذا، ومفادها أن قصة التجلي “هي رواية من وحي الفصح [أي أنها واحدة من ظهروات القيامة] وقد جرى إرجاعها إلى زمن حياة يسوع”[14]. بكلام آخر، إنه ظهور أسطوري من ظهورات القيامة جرى إرجاعه خطأ في الزمن إلى الوراء وإدراجه من ضمن مادة ما قبل القيامة. نحتاج فقط إن نقول ما أقدم “ج. هـ. بوبيار”[15] و”س. هـ. دُد”[16] على برهانه بشكل مقنع أن لا شيء في التجلي يشبه ظهروات يسوع اللاحقة بعد قيامته. مثلاً، جميع ظهورات القيامة في الأناجيل تبدأ من كون يسوع غائباً فيما يحضر هنا منذ البداية. كذلك، في إطار ظهورات يسوع جميعها بعد قيامته، يبرز الكلام الذي نطق به يسوع فيما يبدو في التجلي صامتاً لجهة عرضه أي تشجيع أو توجيه لتلاميذه. هو يتكلم حقاً، لكن لموسى وإيليا عن موته هو العتيد (لوقا 9: 31)، ثم مجدداً، يبدو حضور موسى وإيليا غريباً هنا إن كان الأمر يتعلق بأحد ظهورات القيامة، ذلك لأن ما من شخص من وراء القبر ظهر معه أبداً وفي الوقت عينه ضمن ظهورات القيامة. أخيراً، لا تحتوي هذه الرواية على أي من العناصر التي قد يتوقعها أحدنا، إن كان ظهوراً في الإطار الذي كان فيه بطرس حاضراً كتلميذ مثقل بالشعور بالذنب (راجع يوحنا 21). وعلى هذا الأساس، يستخلص “دُد” ما يلي:

مقابل أوجه الاختلاف هذه، أنا لا أجد أي شبه. إن كان يلزم لفهم هذا النص الصعب من الكتاب المقدس، اللجوء إلى النظرية التي تزعم ورود ظهورات ما بعد القيامة في غير محلها، يجب ألا يحظى هذا بأي دعم من نقد الشكل، وبالطبع يتناقص هذا مع ما يفترضه التحليل الشكلي[17].

عندنا أيضاً، رأي “أ. لوهماير”[18] وآخرين معه كون التجلي يشكل تعبيراً رمزياً وغير تاريخي لـ “قناعة لاهوتية” تخص يسوع مستوحاة (بواسطة من؟ لا يفحصون عن هذا) من الصورة المقتبسة من عيد المظال في العهد القديم (راجع إشارة بطرس إلى “المظال”). جمع “كرانفيلد” تفاصيل في الرواية ستبدو غريبة جداً لو كان النص مجرد تصريح لاهوتي من صنع الكنيسة الأولى، من صنف ذكر مرقص للعبارة “بعد ستة أيام” واعتماد بطرس للتسمية “رب” وتصريحه المبهم المتعلق بالمظال. هذا اللقب ليسوع كرب، والعبارة التي نطق بها بطرس من دون تفكير، الاحتمالات ضئيلة جداً بأن يصار إلى وضعها في فم رسول متقدم إن كانت كنيسة ما بعد الفصح تصنع رواية رمزية، القصد منها عرض تصريح لاهوتي سام ورفيع عن يسوع[19]. التحليل الأكثر إنصافاً من شأنه استنتاج أن مرقص كان يقصد شيئاً حصل فعلاً.

أخيراً، اللفظة تو هوراما (الرؤيا) التي يعتمدها متى (17: 9)، والتي ترجمتها “ما رأيتم” لا تعني بشكل قاطع فكرة أن تجلي يسوع كان مجرد اختبار رؤيوي تشارك فيه التلاميذ الثلاثة. أولاً، الرؤيا الواحدة، لا يتشارك فيها، على الأقل في الظروف العادية، مجموعة من الأشخاص في الوقت نفسه؛ ثانياً، هوراما قد تستخدم في معرض الإشارة إلى ما يرى بشكل عادي (راجع تثنية 28: 34)؛ ثالثاً، يذكر لوقا بصريح العبارة أن التلاميذ “كانوا قد تثقلوا بالنوم” لكن، “لما استيقظوا رأوا مجده، والرجلين الواقفين معه” (9: 32). يكفي ما قلناه بشأن اعتبار هذا الحدث مجرد رؤيا تشارك فيها التلاميذ.

كل ما توحي به روايات الإنجيل هو أن البشيرين قصدوا نقل حدث كان قد حصل فعلاً، حدث كان بإمكان الآخرين مشاهدته لو كانوا حاضرين هناك. وما من حجة مبنية على أبحاث ودراسات متماسكة وثابتة نجحت في قلب النظرة التقليدية للكنيسة إلى التجلي كحدث حصل فعلاً في حياة يسوع وحياة التلاميذ الثلاثة. من أجل هذا، أنا أفترض تاريخية هذا الحدث، وأنتقل إلى عرض معناه.

معناه

“التغيير” نفسه

تبدأ الروايات جميعها بإعلام القارئ أن بعد أسبوع على نطق يسوع نبوته الغامضة[20]، صعد يسوع بصحبة بطرس ويعقوب ويوحنا إلى جبل[21]. لوقا وحده يضيف “ليصلي”. وبينما كان يسوع يصلي، نقرأ عنه أنه “تغير” ميتامورفوثي أمامهم، لا نترك لكي نتساءل حول طبيعة هذا “التغيير”. يبرز في إطار السرد جانبان من مظهره الجسدي بشكل محدد: وجهه (والذي يشمل على الأرجح أيضاً جسده بأكمله من جراء الإشارة إلى ثيابه) ولباسه. ففيما اكتفى لوقا بذكر كيف “صارت هيئة وجهه متغيرة” (9: 29)، يكتب متى “وأضاء وجهه كالشمس” (17: 2). وبينما يصرح متى ببساطة “وصارت ثيابه بيضاء كالنور” (17: 2)، أضاف مرقص كيف “صارت ثيابه تلمع بيضاء جداً كالثلج، لا يقدر قصار على الأرض أن يبيض مثل ذلك” (9: 3)، ويكتب لوقا في هذا السياق كيف بدا “لباسه مبيضاً لامعاً” (9: 29). وفي حال حصول هذا التغيير ليلاً، كما توحي بذلك بعض التفاصيل في رواية لوقا (راجع 9: 32، 37)، فإن المشهد الذي تكشف أمام التلاميذ يكون مخيفاً ومرعباً للغاية (مرقص 9: 6) بشكل تعجز الكلمات عن وصفه.

يصف لوقا تجلي يسوع بكلمتين: أعلن بذلك “مجده” (9: 32) – وهو تتميم مؤقت لجوهر نبوءته في لوقا 9: 26 حيث يتحدث عن “مجده”. وبما أن لوقا يعلن أن موسى وإيليا، من ظهورهما مذكور في الأناجيل السينويتية الثلاثة، “ظهرا بمجد” (9: 31)، قد يشعر أحدنا بعدم الميل إلى إضفاء على تجلي يسوع كل الأهمية، ولا سيما فيما يخص ذلك العنصر في الروايات لإبراز أي شيء فريد عنه، فيستخلص كيف أن مجموع مجد الثلاثة معاً، إنما يشير ببساطة إلى الطابع “فوق الطبيعي” للمناسبة. لكن بطرس يعود ويعلن لاحقاً أن التلاميذ من خلاب رؤيتهم ما رأوه، إنما جعلوا معاينين ميغاليوتس [يسو] (2بطرس 1: 16) أي لعظمة يسوع وتساميه وجلاله. إنه لا يذكر أي شيء عن موسى وإيليا. هذه اللفظة مذكورة فقط في مناسبتين أخريين فقط في العهد الجديد – كصفة لله في لوقا 9: 43، وكصفة أيضاً للإلهة ديانا في أفسس بحسب أعمال 19: 27. من الواضح أن هذه اللفظة تشير إلى مجد الألوهية. وبالنسبة إلى بطرس، تحمل هذه اللفظة أيضاً في طياتها فكرة القوة الإلهية (راجع دوناميس، 2بطرس 1: 16). إذاً، بوسعنا استخلاص بكل أمان، أن “تغيير” يسوع شكل مظهراً مرئياً لـ “مجده” الإلهي (لوقا 9: 32) ولعظمته (2بطرس 1: 16)، كما استعلنا “بقوة” (2بطرس 1: 16).

الصوت من السحابة

ردأً على التصريح الطائش الذي نطق به بطرس تحت وطأة المنظر المرعب: “يا سيدي، جيد أن نكون ههنا، فلنصنع ثلاث مظال: لك واحدة، ولموسى واحدة ولإيليا واحدة” (مرقص 9: 5)، ولإبعاد حتى أبعد تلميح إلى ضرورة النظر إلى هؤلاء الأشخاص الثلاثة بأي شكل من الأشكال كـ “متساويين في القوة والمجد”، ظهر الله تحت شكل سحابة نيرة ظللتهم، “وصوت من السحابة قائلاً: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت له اسمعوا” (متى 17: 5، 6). بينما عمل صوت الآب من السماء على التثبيت ليسوع ادعائه المحق بالبنوية، يأتي هذا الصوت هنا ليشهد لتلاميذه عن موقعه الفريد كابن الله. هنا، كما هناك، أبرزت هذه الكلمات بنوية يسوع الإلهية في شخصه وجوهره بصفتها الأساس السابق والمفترض لتنصيبه المسياني، والمشار إليه في الكلمات النهائية: “له اسمعوا” والتي تذكرنا بالتثنية 18: 15، “يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطل من إخوتك مثلي. له تسمعون” ثم جاء بطرس يؤكد لاحقاً أن الصوت كان لله الآب، وأن شهادة الآب هذه أعطت الرب يسوع المسيح “كرامة” و“مجداً” (2بطرس 1: 17). هنا، إذاً، من خلال شهادة الآب لابنه، فإلى جانب عنصر التجلي نفسه، نجد الإشارة الثانية في روايات التجلي إلى ألوهية يسوع الجوهرية.

سؤال التلاميذ

التلاميذ، وخلال نزولهم من الجبل في اليوم التالي (لوقا 9: 27)، سألوا يسوع: “فلماذا يقول الكتبة: إن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً؟” (متى 17: 10؛ مرقص 9: 11). خطر إيليا على بالهم، بالطبع على أثر رؤيتهم له للتو. لكن، ماذا وراء سؤالهم عنه؟ مما لا شك فيه أن أمراً ما في نبوة ملاخي هو الذي كان يحيرهم الآن. كان ملاخي قد أعلن أن إيليا سوف يأتي قبل مجيء الرب (3: 1)، “قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف” (4: 5) والذي عاينوه للتو “في صيغته المصغرة”. يجب عدم التغاضي عن الإشارات الضمنية وراء سؤالهم حول هوية يسوع. تبقى الخلاصة الوحيدة التي بإمكان أحدنا الخروج بها بوضوح هي أن يسوع بالنسبة إليهم – والمشهود له للتو من خلال مجد ألوهيته الساطع عبر بشريته ومن خلال الصوت السماوي – إنما كان “الرب الآتي” بحسب ملاخي، يهوه العهد القديم. إلا أن ترتيب ظهورهما التاريخي – يسوع كان قد ظهر أولاً، ثم تلاه إيليا – بدا لهم أنه عكس ما كان قد تنبأ به ملاخي. هذا التعاكس الظاهر للترتيب الذي كان قد لحظه النبي، هو الذي ولد عندهم هذا الارتباك الذي دفعهم إلى طرح سؤالهم. حل يسوع معضلتهم هذه بإعلامهم أن “إيليا” (في شخص يوحنا المعمدان) قد جاء أولاً. وهو الذي تبعه يسوع بصفته الرب “لإيليا” ذاك. يسوع، بعد تفسيره لنبوءة ملاخي هنا، ادعى بكل وضوح أنه “رب الجنود”، و”ملاك العهد” الذي كان قد وعد بأن يأتي بعد مجيء ملاكه “إيليا”

رواية التجلي بأكملها، هي مفعمة – بل تتألق كعبارة أنسب – بالإشارات إلى النبوية الإلهية ليسوع في جوهره. فلا عجب إذاً إن كان لدى الذين يتنكرون لألوهيته كل هذه الرغبة في التقليل من شأن هذا الحدث المعجزي، مع سائر معجزاته والمعجزات التي صنعها رسله، واعتبارها مجرد خرافات أو أساطير. لكن روايات الإنجيل حول تجلي يسوع تثبت وتصمد في وجه المحاولات التي تبذلها الأبحاث النقدية لتحويلها إلى ما ليست هي عليه. وهكذا تضم صوتها مجتمعة إلى شهادة الأسفار المقدسة الأوسع في موافقتها على المعجزات الكتابية بشكل عام، وعلى معجزات يسوع بنوع خاص. وفي هذا كله التأكيد على بنويته الإلهية في جوهره، وإلى حقيقة كونه المخلص الأوحد للعالم.

[1] Benjamin B. Warfield, “The Historical Christ” in The Person and Work of Christ (Philadelphia: Presbyterian and Reformed, 1950), 31.

[2] Benjamin B. Warfield, “The Question of Miracles” in Selected Shorter Writings of Benjamin B. Warfield (Nutley, N. J.: Presbyterian and Reformed, 1973), II, 187.

[3] Richard C, Trench, Notes on the Parables of Our Lord (London, SPCK, 1904), 82-83.

[4] J. Gresham Machen, Christianity and Liberalism (Grand Rapids: Eerdmans, 1923), 102.

[5] ولا نجم هذا الظلام عن ريح شرقية جافة، هذه الريح التي لا تطاق والحاملة معها رمالاً تظلم النور في كثير من الأحيان. ذلك لأنه لم يكن بوسعها التسبب بظلمة كاملة.

[6] Machen, Christianity and Liberalism 104-06.

[7] Leon Morris, The Gospel According to John (Grand Rapids: Eerdmans, 1971), 328.

[8] يجب عدم النظر على هذا الحدث في قيصرية فيلبي، كعلامة على نشوء عقيدة جديدة بالكلية على صعيد تعليم يسوع، كما يوحي بذلك الذين يدينون بوجود تدابير إلهية. لكنه يشير بالحري فقط إلى بداية تركيز جديد بالإمكان العثور عليه في تعاليمه السابقة (راجع يوحنا 2: 19-22: ؛ 3: 14؛ وضمناً أيضاً في متى 9: 15؛ مرقص 2: 20؛ لوقا 5: 35).

[9] السينويتيان الآخران (مرقص ولوقا) ينقلان قول “ابن الانسان” هذا في جوهره نفسه. بحسب سرد لوقا، نقرأ ببساطة: “… حتى يروا ملكوت الله” (9: 27) والتي تعني في نظري “حتى يروا ملكوت المسيا الإلهي” لأن ملكوت الله وشخص يسوع بصفته المسيا يرتبطان معاً بشكل جوهري ولا ينفصل؛ كما أننا نقرأ بحسب رواية مرقص: “حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة” هنا يضيف البشير فكرة كون ملكوت الله سوف يرافقه لدى مجيئه مظاهر تشير إلى قدرة الله المطلقة. راجع

Gruenler, “Son of Man”, Evangelical Dictionary of Theology, 1936.

للوقوف على الرأي القائل إن يسوع يستخدم اللقب “ابن الإنسان” يمعنى الاندماج والمشاركة هنا كما في متى 10: 26.

[10] C. E. B. Cranfield, The Gospel According to Saint Marc (Cambridge: University Press, 1966), 285-88.

هذه السبعة باختصار هي التالية: (1) استخدام “دُد” لها دعماً لنظرته عن “الاسخاتولوجيا المحققة”؛ (2) الرأي القائل إن العبارة “لا يذوقون الموت” تشير إلى الموت فحصول الظهور، لكن غير مذكور متى سيعيش هؤلاء، ولا إشارة ضمنية إلى ضرورة كونهم من معاصري يسوع؛ (3) قيامة المسيح من الأموات. (4) خراب أورشليم في 70 م؛ (5) يوم الخمسين؛ (6) رأي “فنسنت تايلر” القائل إن يسوع كان يشير إلى استعلان منظور لـ “حكم الله” ليراه الناس في حياة جماعة المختارين؛ و(7) التجلي.

[11] Cranfield, The Gospel According to Saint Marc, 287-88.

[12] Willam L. Lane, The Gospel of Mark (Grand Rapids: Eerdmans, 1974), 313-14.

[13] Cranfield, The Gospel According to Saint Marc, 288.

[14] Bultmann, Theology of the New Testament, translated by Kendrick Grobel (London: SCM, 1952), I, 26, 27, 30, 45, 50.

[15] G. H. Boobyer, St. Mark and the Transfiguration Story (Edinburgh: T. & T. Clark, 1942), 11-16.

[16] C. H. Dodd, “The Appearances of the Risen Christ: An Essay in Form Criticism of the Gospels” in Studies in the Gospels, edited by D. E. Nineham (Oxford: Basil Blackwell, 1955), 9. 35. See also J. Schiewind, Das Evangelium Nach Markus (Gottingen: Vanderhoeck & Ruprecht, 1949), 123.

[17] C. H. Dodd, “The Appearances of the Risen Christ” 25.

[18] E. Lohmeyer, Das Evangelium des Markus (Gottingen: Vandergoeck & Ruprecht, 1937), 173-81.

[19] Cranfield, The Gospel According to Saint Mark, 293-94.

[20] العبارة “بعد ستة أيام” التي أوردها كل من متى ومرقص، قد تجعل حصول هذا الحدث في اليوم السابع، وبالأخص لو صادف وقوعه ليلاً في نهاية اليوم السادس. بالمقابل، العبارة التي اعتمدها لوقا “بعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام، وعلى أساس تدوير الأجزاء من اليوم على اعتبار أنها أيام كاملة، كما هي الحال في يوحنا 20: 26، تعني أيضاً “في اليوم السابع”. وعلى كل حال، هوزاي (نحو) التي يعتمدها لوقا، توحي بأن عدد الأيام الذي ذكره كان لمقاربة العدد المعروض في الأناجيل الأخرى.

[21] Waler L. Liefeld, “Theological Motifs in the Transfiguration Narratives” in New Dimensions in New Testament Study, edited by R. N. Longenecker and M. C. Tenney (Grand Rapids: Zondervan, 1974), 167, fn, 27.

للاطلاع على دفاع مشوق عن كون جبل ميرون هو الموقع، في أغلب الظن، للتجلي، بدلاً من الموقع التقليدي الذي يعتبر أنه جيل تابور أو جبل حرمون، أنا أذكر هذه الحقيقة عن إقدام أحد الدارسين على إجراء نقاش حول الجبل الذي هو موضع حصول الحدث، وذلك التشديد على الطابع التاريخي في الزمان والمكان للتجلي.

الإيمان وموجباته المنطقية في معجزات يسوع

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)