أبحاثإلحاد

هذا ليس عدلاً – مشكلة الشر

هذا ليس عدلاً – مشكلة الشر

هذا ليس عدلاً - مشكلة الشر
هذا ليس عدلاً – مشكلة الشر

هذا ليس عدلاً – مشكلة الشر

مزمور 73

«إنما صالح الله لشعبه لأنقياء القلب.

أما أنا فكادت تزل قدماي. لولا قليل لزلقت خطواتي.

لأني غرت من المتكبرين إذ رأيت سلامة الأشرار.

لأنه ليست في موتهم شدائد وجسمهم سمين.

ليسوا في تعب الناس ومع البشر لا يصابون.

لذلك تقلدوا الكبرياء. لبسوا كثوب ظلمهم.

جحظت عيونهم من الشحم.

جاوزوا تصورات القلب.

يستهزئون ويتكلمون بالشر ظلماً من العلاء يتكلمون.

جعلوا أفواههم في السماء وألسنتهم تتمشى في الأرض.

لذلك يرجع شعبه إلى هنا وكمياه مروية يمتصون منها.

وقالوا كيف يعلم الله وهل عند القدير معرفة.

هوذا هؤلاء هم الأشرار ومستريحين إلى الدهر يكثرون ثروة.

حقاً قد زكيت قلبي باطلاً وغسلت بالنقاوة يدي.

وكنت مصاباً اليوم كله وتأدبت كل صباح.

لو قلت أحدث هكذا لغدرت بجيل بنيك.

فلما قصدت معرفة هذا إذا هو تعب في عيني.

حتى دخلت مقادس الله وانتبهت إلى آخرتهم.

حقاً في مزالق جعلتهم. أسقطتهم إلى البوار.

كيف صاروا للخراب بغتة. اضمحلوا فنوا من الدواهي.

كحلم عند التيقظ يا رب عند التيقظ تحتقر خيالهم.

لأنه تمرمر قلبي وانتخست في كليتي.

وأنا بليد ولا أعرف. صرت كبهيم عندك.

ولكني معك. أمسكت بيدي اليمنى.

برأيك تهديني وبعد إلى مجد تأخذني.

من لي في السماء. ومعك لا أريد شيئاً في الأرض.

قد فني لحمي وقلبي. صخرة قلبي ونصيبي الله إلى الدهر.

لأنه هوذا البعداء عنك يبيدون. تهلك كل من يزني عنك.

أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي.

جعلت السيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك

إن صرخة، «هذا ليس عدلاً»، ليست ادعاء مقصور على الأطفال في الملاعب، عندما يقرر أحد الصغار أن يُخضع قوانين اللعبة لكي تتناسب معه. بل الحقيقة أنها صرخة قلبية نسمعها في كل مجالات الحياة. «ليس من العدل أن أعمل بكل هذا الجهد للحصول على تلك الترقية، لكي يأخذها منى شخص آخر أقل في الإمكانيات.» «ليس عدلاً أن حوت القروض الذي دمر بخداعه حياة أسر لا حصر لها يكون نموذجاً للصحة الجيدة، بينما تلك الممرضة السابقة التي قضت كل حياتها تعتني بالناس، تصاب بالزهايمر» إلخ….

إذا كنت تشعر هكذا، فأنت إذاً في صحبة كاتب المزمور الذي كان ليتفق معك سريعاً، إذ يقول، «هذا حقيقي للغاية، فالحياة ليست عادلة، فيبدو أن الأشرار يزدهرون ويغتنون على حساب الأمناء والمجدين، بينما أولئك الذين يحاولون أن يبتعدوا عن المتاعب، ينتهون نهاية قاسية على هامش الحياة».

لكن ما يجعل هذا المزمور أكير صعوبة هو أن كاتبه كان يؤمن بإله عادل وصالح. وفي البداية على الأقل، جعل هذا الإيمان ما يراه أسوأ، وليس أفضل، لأنه وجد أنه من الصعب أن يقتنع بأن صلاح الله يمكن أن يسمح للأشرار بأن ينجوا بفعلتهم. كيف يمكن لله أن يقف متفرجاً وهو يشاهد هذه الأمور تحدث؟ وإذا كنا أمناء مع أنفسنا، سنجد أننا يمكن أن نتعاطف كثيراً مع تلك النظرة.

لذلك دعونا نرى كيف تعامل كاتب المزمور مع ما يبدو بالنسبة له، وما يمكن أن يبدو بالنسبة لنا أيضاً – محنة الإيمان.

افتراض أساسي

يبدأ الكتاب مزموره بمقدمة أو افتراض أساسي، وهو عبارة إيمان أساسية، «إنما صالح الله لشعبه لأنقياء القلوب». هذا مبدأ إيماني غير قابل للتفاوض، وهو معادل ومساو لعقيدتنا – بأن الله صالح. فضلاً عن ذلك، فإنه صالح بصفة خاصة لشعبه، ولأولئك الذين يكرسون أنفسهم لاتباعه، أو لأولئك الذين يمكن أن نطلق عليهم اليوم “مؤمنين”.

المشكلة

ولكنه يخبرنا بعد ذلك مباشرة، وفي الحقيقة أنه يخبر الله بتعبيرات أكيدة، بأن اختباره يبدو أنه يضع هذا الاعتقاد موضع شك: «أما أنا فكادت تزل قدماي. لولا قليل لزلقت خطواتي. لأني غرت من المتكبرين إذ رأيت سلامة الأشرار.» (ع 2). فلماذا كان يغار؟ لأنه رأى “سلامة الأشرار“، تلك هي المشكلة. أو بمعنى آخر، كان هناك تناقض أساسي بين إيمانه (أي ما يؤمن به بعقله – بأن الله صالح لأولئك الذين يحبونه) وبين الحقائق (ما تراه عيناه – أي سلامة وخير الأشرار). فهذا أمر غير مفهوم، والنتيجة هي أن قلبه كان مضطرباً للغاية. كان يريد أن يستمر في إيمانه بإله صالح، لكن ما وجده كان يثير في داخله الحسد والغيرة من الأشرار، والأسوأ من ذلك الاستياء متزايد نحو خالقه.

انظر إلى ما يقوله في العددين 4-5:

«لأنه ليست في موتهم شدائد وجسمهم سمين. ليسوا في تعب الناس ومع البشر لا يصابون

فحياتهم نعيم مستمر، بحسب زعم كاتب المزمور. إن لديهم كان أنواع المعدات الحديثة التي تجعلهم مستريحين، لذلك فإنهم لا يتثقلون بأحمال متعبة مثل بقيتنا، نحن البشر الأدنى منهم. كما أن أجسامهم صحيحة ولا يصابون بالأمراض، إذ لديهم عضوية في أكبر هيئات الرعاية الطبية التي يمكن للمال أن يوفرها – المال الذي تم الحصول عليه بالطبع بطرق غير مشروعة. بل أنه حتى حين تأتيهم ساعة الموت، يبدو أنهم يموتون بسلام – حيث أن هذه هي ترجمة عدد 4: «ليست في موتهم شدائد». فالديكتاتور الروسي، جوزيف ستالين، والذي كان وحده مسؤولاً عن موت أكثر من 20 مليون روسي، مات بسلام تام في سريره وابتسامة على وجهه! ويستمر كاتب المزمور في قوله، «لكن إذا كانت الحياة غير عادلة، فهل الموت أيضاً غير عادل؟».

إن هؤلاء الناس تدور حياتهم كلها حول العنف (ع 6). «لبسوا كثوب ظلمهم.» مثل إنسان يلف جسمه بمعطف دافئ ليحمي نفسه من البرد. فهؤلاء الناس يحمون أنفسهم من الصعوبات عن طريق إلقائها على الآخرين: «يستهزئون ويتكلمون بالشر ظلماً من العلاء يتكلمون» (ع 8). فهم يشعرون أن لا شيء يمكن أن يمسهم أو يهددهم، ولا تستطيع المحاكم النيل منهم، فهم فوق الوسائل العادية للعدالة، ومهما طالت ذراع العدالة فلن تستطيع أن تمسهم. كل هذا يجعل المرنم شديد الاكتئاب، ويحطم معنوياته.

ربما نشعر بنفس هذا الأمر ونحن ننظر إلى مجتمعنا. وقد قيل لي هذا الأمر مرات ومرات، «يقولون إن الجريمة لا تفيد، لكن من الواضح أنها تفيد كثيراً». أسأل المجرمين، الذين يرتدون خواتم الألماس والسلاسل الذهبية عما إذا كانت الجريمة تفيد. اسأل اللص الذي اقتحم منزلي السابق في صباح الكريسماس عما إذا كانت الجريمة تفيد، حيث أنه لم يتم القبض عليه حتى الآن.

ربما لو تم الحد من تأثير ونفوذ مثل هؤلاء الناس بشكل ما، قد يجعل هذا الحياة أكثر احتمالاً. لكن هذا لا يحدث، بل إن نفوذهم ينتشر مثل السرطان، بل وينظر الناس إليهم باعتبارهم نماذج يقلدونها، وهكذا تجتذبهم هذه الشبكة الشريرة: «لذلك يرجع شعبه إلى هنا وكمياه مروية يمتصون منهم.» (ع 10). ولإضافة مزيد من الإهانة إلى هذا الجرح، فإنهم يستهزئون بالمؤمنين ويسخرون منهم، قائلين: «كيف يعلم الله وهل عند العلي معرفة.» (ع 11) فهم يقولون، يبدو أن الله لا يعلم كل شيء، وإلا فلماذا ينجون هم بفعلتهم؟ وإذا كان يعرف كل شيء فعلاً، فلا يمكن أن يكون كلي القدرة وإلا لكان قد وضع حداً لما يفعلونه.

وهكذا يواجه المؤمن المشكلة التي كانت تعذب المسيحيين على مر العصور، وهي المشكلة التي نصيغها في معضلتنا هنا: إذا كان الله صالح، فلا بد أنه يرغب في إبادة الشر. وإذا كان كلي القدرة فلا بد أنه يستطيع إبادة الشر. لكن الشر موجود، لذلك لا يمكن أن يكون الله كلي القدرة وكلي الصلاح معاً في نفس الوقت. هذه هي قوة المنطق الظاهرية: إما أن يكون الله صالحاً ويرغب في التخلص من الشر ولكنه لا يستطيع، أو أنه يستطيع التخلص من الشر ولكنه لا يريد، وبذلك لا يكون صالحاً. هذه معضلة مؤلمة بالنسبة للمؤمنين. فكيف قام المرنم بحلها؟

يجب أن نعترف أن كاتب المزمور على الأقل شخص أمين، فهو لا يدفن رأسه في الرمال كما يفعل بعض الناس، لكي يحجم عن الصراع مع المسائل الصعبة مثل هذه. كما أن الله يحترم تلك الأمانة، حتى لو أدت إلى الشك:

«حقاً قد زكيت قلبي باطلاً وغسلت بالنقاوة يدي. وكنت مصاباً اليوم كله وتأدبت كل صباح.» (العددين 13-14)

فالرجل يتشكك في إيمانه. فهو يتساءل: «ما معنى محاولة العيش حياة تقية؟ يبدو أنها لا تؤدي إلا إلى المزيد من الحزن والألم. بل هي مضيعة للوقت، ووهم كبير، هل الله صالح لشعبه؟ هل أعامل الناس كما أريد أن يعاملوني؟ كلا، يبدو أن هذه لعبة خاسرة، بل يجب أن أعامل الناس بالطريقة التي يعاملونني هم بها».

ربما يمكننا التعرف على مثل هذه المشاعر في اختبارنا الشخصي، لكننا سنكون على خطأ لو تركنا مثل هذه المشاعر بداخلنا. فالتعبير عن الشك شيء، لكن تركه غير محسوم هو شيء آخر. لأننا إذا لم نواجه هذه المشاعر ونتعامل معها فإنها ستصبح أسوأ، ويمكن أن تقودنا إلى الانزلاق إلى عدم الإيمان، وهنا تكون المأساة.

لذلك فبعد أن نفّس الكتاب عن غضبه وشكه، جاء التأمل الهادئ ليحل محل الشك. فيعود ليقول: «لو قلت أحدث هكذا لغدرت بجيل بنيك» (ع 15). بمعنى آخر، هو يقول: «على الرغم من أني يمكن أن أفكر في هذه الأمور وأعبر عنها أمامك يا رب، فإني لن أكون عديم المسؤولية بحيث أقولها في وسط شعب الله». فكونه في موقع القيادة، لم يكن يرغب في إرباك إيمان الآخرين. كما نقرأ في عدد 16، لماذا رغم كون مشكلة الشر مربكة بما يكفي بالنسبة له، لم تقع فجأة تلك المشكلة من على كتفي المؤمن الشاب الرقيقتين لكي يقولها أمام الناس: «فلما قصدت معرفة هذا إذا هو تعب في عيني“.

عندما نفكر في ذلك، نجد أنه كان تصرفاً ناضجاً للغاية. فقد كانت مصلحة المؤمنين الآخرين تشغل قلبه وتفكيره، على أية حال. فلم يكن ليستخدم المنبر أو مجموعة درس الكتاب لإرباك إيمان الآخرين بالتعبير عن شكوكه بشأن إيمانه الشخصي. ونحن أيضاً لا بد أن نفكر مرتين قبل أن نعلن عن مشاكلنا على الملأ، بل يجب أن نقوم بالحديث الشخصي الهادئ مع أحد المؤمنين الناضجين بشأنها. فيجب أن يكون لدينا نوع من التمييز.

كان هناك شيء آخر مثير للإعجاب في هذا الرجل؛ كان يعرف مدى خزي تصرفاته. يمكننا جميعاً أن نتصرف بنفس تلك الطريقة المخزية عندما نشعر بالإحباط. فتكون لدينا ردود أفعال بحسب طبعنا وفطرتنا، بطريقة ليست أفضل من الحيوانات البرية: «لأنه تمرمر قلبي وانتخست في كليتي. وأنا بليد ولا أعرف. صرت كبهيم عندك.» (العددان 21-22). فبدلاً من سماحنا لإعلان كلمة الله من كلمته أن يوجه أفكارنا ويشكل مشاعرنا، فإننا نسمح للمرارة أن تفسد أذهاننا. وبدلاً من التفكير المنطقي المبنى على حقائق وأساسيات الكتاب المقدس – يغلب علينا التفكير العاطفي.

منظور سليم

تُرى، ما الذي غير اتجاهه؟ كان إعلان الله هو الذي أعطاه منظوراً سليماً للأشياء:

«فلما قصدت معرفة هذا إذا هو تعب في عيني.

حتى دخلت مقادس الله وانتبهت إلى آخرتهم.

حقاً في مزالق جعلتهم. أسقطتهم إلى البوار.

كيف صاروا للخراب بغتة. اضمحلوا فنوا من الدواهي.

كحلم عند التيقظ يا رب عند التيقظ تحتقر خيالهم.

لأنه هوذا البعداء عنك يبيدون. تهلك كل من يزني عنك.» (الأعداد 16-20، 27)

بمعنى آخر، كان منظور الأبدية هو الذي غير كل شيء، وهو المنظور الذي كان الله في محوره. لذلك نحتاج أن نتذكر دائماً أن هذه الحياة ليس كل شيء لدينا، إذ تنشأ مشاكلنا عندما نتعامل معها كما لو كانت كذلك. يشبه الأمر مشاهدة فيلم يبدو فيه أن الشرير سيتمكن من النجاة بعد أن قام بجريمة قتل حرفياً، ثم نقوم بإيقاف الفيلم قبل أن يُكمل إلى نهايته، هكذا يبدو أنه ليس هناك عدك. لكن ما علينا القيام به، وهو أن نسمح للفيلم بأن يصل إلى نهايته، حيث ينال القاتل جزاءه العادل.

لكن الحقيقة المروعة هي أن الناس قد يهربون من الحكم والإدانة هنا في هذا العالم، ولكنهم بالتأكيد لن يستطيعوا الهروب منه هناك في الأبدية. فالناس الذين يظنون أن الله لا يراقب ولا يرى كل شيء، ولا يلاحظ الأفعال الشريرة، من الأفضل لهم أن يفكروا مرة أخرى. فليست هناك كلمة واحدة مسيئة، ولا فعل واحد غير أمين، لا يراه الله ولا يتذكره. فبدلاً من أن نحسد هؤلاء الناس يجب أن نشفق عليهم.

وبدلاً من أن نرغب في أن نكون مثلهم، ويكون لدينا ما لديهم، يجب أن نصلي لكي يصبحوا مثلنا. فيجب أن نشاركهم ببشارة الإنجيل لكي يرجعوا إلى المخلص قبل فوات الأوان. ففي يوم ما سوف يُظهر الله عدله بغضب لا يهدأ – هكذا قال يسوع – فيما يسمى بيوم الدينونة. ولكنه في الوقت الحاضر يظهر صلاحه في طول أناته وصبره غير المحدود، مقدماً للناس فرصة للتوبة ولتغيير طرقهم (2بطرس 3: 9).

كيف يكون الله إذاً صالحاً للمؤمنين، لأنقياء القلب؟

«ولكني دائماً معك. أمسكت بيدي اليمنى. برأيك تهديني وبعد إلى مجد تأخذني. من لي في السماء ومعك لا أريد شيئاً في الأرض. قد فني لحمي وقلبي. صخرة قلبي ونصيبي الله إلى الدهر.» (23-26).

أيهما أفضل، أن نعاني من الظلم والصعوبات في هذا العالم، والله إلى جانبنا، أم أن نعاني عدل القصاص والظلمة الأبدية في العالم الآتي، حيث يتركنا الله خارجاً؟ نعم، قد يحظى الفاسدون والخطاة بقدر من المتعة، لكن ما هذه بالمقارنة بالإرشاد المخلص والدائم، ورعاية الآب السماوي التي يعطيها لأبنائه – حتى أبنائه الذين قد يشكون ويصرخون فيه في اكتئابهم؟ أيهما أفضل؟

في إحدى الأيام توجهت امرأة إلى مكتب مشير مسيحي معروف، وهذا هو ما قالته له: «قبل أن آتي إلى هنا، كنت منغمسة في حياة المتعة واللهو، وكنت أشعر أنني على ما يرام. قد كان هذا مثيراً وممتعاً. لكني منذ أن قررت أن أسلم حياتي للمسيح، وجدت أن الحياة قد أصبحت صراعاً مستمراً. كانت الحياة العالمية أكثر سهولة وأسعد حالاً من الحياة المسيحية. لكني لست مستعدة أن أرجع إلى الوراء لأي سبب من الأسباب، فقد ذقت الحق. ورغم أنه في بعض الأحيان يكون مؤلماً، إلا أنني أريد المزيد منه. فلأول مرة في حياتي أشعر أنني حية فعلياً وأنني مكتملة. إنها حياة حارقة مثل النيران، ولكنها تستحق أن تعاش، لأنني الآن إنسانة مكتملة.»

من الأفضل كثيراً أن تكون مسيحياً واقعياً ويكون لديك هذا المنظور السليم والمحبة والفرح بالمسيح في حياتك، من ألا تكون مسيحياً وتحيا حياة فارغة وطائشة، ستنتهي يوماً ما نهاية غير سعيدة.

فإذا كان الله صالحاً لا بد أن يرغب في إزالة الشر، وإذا كان كلي القدرة فلا بد أنه يستطيع إزالة الشر. ونحن نؤمن أن الله كلي الصلاح وكلي القدرة معاً، لأن لدينا، على عكس كاتب المزمور، امتياز النظر إلى المشكلة من جانب الصليب. لأننا نستطيع أن نقول أنه بنظرنا إلى الصليب، رغم أن الله لم يُزل الشر بعد، (رغم أنه سيفعل ذلك في يوم من الأيام)، إلا أنه أعطى الشر لطمة حاسمة وقاضية.

بل الأكثر من ذلك، عند ذلك الصليب يمكننا أن نرى صلاح الله وقدرته ظاهرة بشكل مميز للغاية، لأن هذه بالتحديد هي الطريقة التي اختارها لكي يغفر لنا خطايانا ويأتي بنا إلى بيته وإلى نفسه. لذلك يمكننا بالأحرى أن نقول بثقة أعظم:

«أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي. جعلت السيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك.» (ع 28).

هذا ليس عدلاً – مشكلة الشر