كتب

كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى – أمجد بشارة

25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى

كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى – أمجد بشارة

المحتوى

كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى - أمجد بشارة
كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى – أمجد بشارة

كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى – أمجد بشارة

للتحميل

كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى
كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى
كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى
كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى
كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى
كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى

 

 

الفهرس

1- سلسلة نسب المسيح.

2- كيف يُنسب يسوع ليوسف بينما هو إبن مريم العذراء حسب الجسد فقط؟ 

3- كيف دخل داود في سلسلة النسب (مت1: 5) وهو حفيد مؤابية والكتاب امر بان لا يدخل المؤابيون في النسب إلى الجيل العاشر (تث23: 3)؟ 

4- في مت1: 7- 12 حذف متى ثلاثة اشخاص من سلسلة النسب، لماذا؟ وهل اسقطهم عن سهو؟ 

5- في مت1: 8، هل يورام والد عزيا أم احزيا؟ ففي 1اخ3: 11 جاء أن يورام وابنه احزيا، فأيهما صحيح؟ 

6- كيف يولد المسيا من يكنيا وهو عليه لعنة ابدية (ار22: 30) 

7- »ورد في متى 1: 11 »ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل«.لكن لم يكن يوشيا أب يكنيا، بل كان جدّه (كما في 1أخبار 3: 15 و16) 

8- ورد في متى 1: 12 أن زربابل ابن شألتئيل، وهو غلط، لأنه ابن فدايا، وابن الأخ لشألتئيل كما في 1أخبار 3: 17 و19. 

9- كيف تُذكر أسماء نساء خطاة وزانيات في نسب السيد المسيح؟ 

10- ورد في متى 1: 13 أن أبيهود ابن زربابل – وهو غلط لأن زربابل كان له خمسة بنين كما في 1أخبار 3: 19، وليس فيهم أحد يحمل هذا الاسم. 

11- هل أخطأ القديس متّى لأنه احتسب أن المجموعة الاخيرة التي تبدأ بسبي بابل هي أربعة عشر جيلًا، بينما هم 13 جيل فقط؟ 

12- الملاك قال لأبي يسوع في الرؤيا: وتدعو اسمه يسوع كما في إنجيل متى 1: 21، وقال جبريل لأمه: ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع كما في إنجيل لوقا ولم يدّع المسيح في أي وقت أن اسمه عمانوئيل. 

13- هل ترجمة متّى لكلمة علماه خطأ (فتاة أم عذراء؟) 

كيف كانت كلمة (علماه) تفهم في العقلية اليهودية القديمة؟ 

المنظور التاريخي. – طبيعة هذه العلامة 

دليل إضافي خاص بالترجمة – ما هي الـ (علْماه)؟

شهادة آباء الكنيسة الأولى

14- وردت في متى 2: 1-10 قصة مجيء المجوس إلى أورشليم برؤية نجم المسيح في المشرق، وقيادة النجم لهم بأن تقدَّمهم حتى جاء ووقف فوق الصبي، وهذا غلط، لأن حركات الكواكب السيارة، وكذا الحركة الصادقة لبعض ذوات الأذناب هي من المغرب إلى المشرق؟! 

15- في مت 2: 2، كيف يبارك الرب عمل المجوس ويقودهم عن طريق نجم، بينما الكتاب المقدس يرفض العرافة التنجيم (لا19: 26، تث18: 10، اش8: 19)؟ 

16- متى 2: 6 تخالف ميخا 5: 2

17- كيف تكون نبوة هو 11: 1 والتي اقتبسها متى (مت 2: 15)، نبوة مسيانية؟ 60

18- ورد في متى 2: 17 و18 حينئذ تمّ ما قيل في إرميا النبي القائل.. وهذا أيضًا غلط وتحريف من الإنجيل، لأن هذا المضمون وقع في إرميا 31: 15، عن حادثة بختنصر التي وقعت في عهد إرميا 

19- في متى 2: 19 أن هيرودس الملك مات لما كان المسيح طفلًا في مصر، بينما يؤكد لوقا 23: 8 أن هيرودس كان حيًّا بعد ذلك بأكثر من ثلاثين سنة، وأن المسيح مثُل أمامه للمحاكمة

20- ورد في إنجيل متى2: 23 وأتى وسكن في مدينة يُقال لها ناصرة، لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيُدعَى ناصريًا، وهذا غلط، ولا يوجد في كتاب من كتب الأنبياء. 65

21- ورد في متى 3: 14 أن المسيح أتى إلى يوحنا ليعتمد منه، فمنعه يوحنا! ثم اعتمد المسيح وصعد من الماء، فنزل عليه الروح مثل حمامة، وورد في يوحنا 1: 33 وأنا لم أكن أعرفه (وعرفتُه بنزول الروح مثل حمامةٍ ونارٍ)، وفي متى 11: 3 لما سمع يوحنا بأعمال المسيح أرسل اثنين من تلاميذه يسألونه: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟، في الأول عرف يوحنا قبل نزول الروح، وفي الثاني عرفه بعد نزول الروح، وفي الثالث لم يعرفه بعد نزول الروح. 

22- جاء في متى 3: 15 قول المسيح للمعمدان بخصوص معمودية المسيح اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر، وهذا يعني أن بعض الفرائض الدينية وخاصة المعمودية لا فائدة منها ولا معنى روحي لها؟ 

23- في مت 3: 16، لماذا انتظر المسيح حتّى وصل إلى سن الثلاثين لكي يحصل على نعمة الروح القدس في معموديته على يد يوحنا المعمدان؟ بينما يوحنا المعمدان كان مملوء من الروح القدس من وقت الحبل به (لو1: 15)! 

24- اختلف البشيرون في رواية خبر الصوت الذي سُمع من السماء وقت نزول الروح القدس على المسيح، فقال متى 3: 17 هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت، وقال مرقس 1: 11 أنت ابني الحبيب الذي به سُررت وقال لوقا 3: 22 أنت ابني الحبيب الذي بك سُررت؟

25- هل في معمودية المسيح المذكورة في مت3: 16- 17 عند الظهور الالهي، هل هذا يعني أن الأب والابن والروح القدس هم ثلاثة اشخاص منفصلين؟

 

 

 

1- سلسلة نسب المسيح

تختلف سلسلة نسب المسيح بحسب إنجيل لوقا (لو 3: 23: 38)، اختلافا كبيرًا عن تلك الواردة في انجيل متي، ليس من ناحية أنها ترجع بنا إلى آدم، إبن الله، وبهذا تضع يسوع في سلسلة الجنس البشري كله، وليس في إطار الأمة اليهودية فحسب، بل من ناحية الأسماء التي تضمنتها.

فمن إبراهيم حتّى داود هناك اتفاق، لكنهما تختلفان اعتبارا من داود، حيث يتبع متى خط وراثة عرش يهوذا من سليمان، بينما سلسلة الأنساب بحسب لوقا تُحقق ذلك من خلال ناثان، وهو إبن آخر لداود، وتلتقي مع سلسلة الأنساب بحسب متى فقط مع الاسمين شألتئيل وزربابل حتى يوسف.

 وبالنسبة لما يُقال من أن متى أو لوقا أخترع ببساطة الأسماء التي سجلها فهذا لا يفق مع ما عُرِفَ عنهما من اهتمامهما بالتفاصيل (وهو الواضح أيضًا في إنجيليهما وسفر الأعمال)، وليس هُناك ما يدعوهما إلى ذلك[1].

وفي واقع الأمر نحن لا نعرف تحديدًا ما هي المصادر التي اعتمد عليها كلٍ من القديسين متى ولوقا لمعرفة سلسلة نسب عائلة السيد المسيح، إلا انه في الغالب كانت هُناك سلسلة نسب محفوظة في مستند أو في ذاكرة كل عائلة يهودية، إذ كان اليهود مشغولين كثيرًا بسلاسل نسب العائلات هذا لأمور تختص بتقسيم الأسباط في خدمة الهيكل ومجيء المسيا والنسل الملوكي الذي له الأحقية في حكم إسرائيل وما إلى ذلك، وهذا ليس غريبًا فقد ذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودي الشهير والمُعاصر لعصر السيد المسيح سلسلة نسب عائلته بالكامل[2].

ويقص علينا أيضًا الكاتب الكنسي افريكانوس (220م) في رسالته إلى ارستيدس أن هيرودس الملك كان ادومي الاصل ونسبة غير مُشرف بالمقارنة مع انساب اليهود، ولأنّه كان دائمًا تنغصه خساسة أصله، فقد حرق كلّ سجلاّّت الأنساب، ظنًّا منه بأنّه قد يبدو من أصل شريف أن لم يوجد غيره مَن ستطيع أن يُثبّتَ من السجلاّت العامّة أنّه كان ينتمي للآباء البطاركة الأوّلين أو الدخلاء أو الذين اختلطوا بهم الذين كانوا يُسمّون “جوري”، “ومع ذلك فإنّ عددًا قليلًا من الحريصين إذ حصلوا على سجلاّت خاصّة ملك لهم، إمّا بتذكّر الأسماء أو بالحصول عليها بطريقة أخرى من السجلاّت، فإنّهم يفخرون بحفظ تذكار أصلهم النبيل ومن ضمنهم أولئك السابق ذكرهم الذين يُسمّون “دسبوسيني[3]“، بسبب علاقتهم بعائلة المخلّص. وإذ أتوا من الناصرة وكوتشابا، وهما قريتان في يهوذا، إلى أرجاء أخرى، استقوا سلسلة النسب هذه من الذاكرة، ومن سفر السجلاّت اليوميّة، بمنتهى ما يمكن من الأمانة[4]. ويخبرنا العالِم يواقيم إرميا[5] وهو مسيحي من أصل يهودي أن حفظ الأنساب في أيام المسيح كان ضرورة حتمية كعمل رسمي هام جدًا للعائلات الكهنوتية والعائلات غير الكهنوتية على السواء. وأن هذه الأنساب لم تكن تلفَّق بل كان يُتَّخذ فيها الحيطة الدقيقة بمنتهى الدقة على قدر كبير من الاجتهاد العاملين في تسجيلها، حتى ولو حدث فيها بعض الفجوات فهذا لا يثني القائمين بالأمر من تكميل التسجيل على أكثر صحة ممكنة.

كما يمدنا العالِم م. د. جونسون[6] أنه كان هناك اهتمام شديد بنقاوة الأنساب، وكانت العائلات تحتفظ دائمًا بتاريخ أنسابها كتابة وشفاهًا، وكانت حاضرة دائمًا في أذهانهم وعلى لسانهم، لذلك أصبح من غير العدل أن لا يُعترف بها تاريخيًا.

ومن الممكن أيضًا أن يكونا قد اعتمدا على سلسلتي النسب الواردتين في كلٍ من (راعوث 4: 18- 21، وسفر أخبار الأيام الأول).

وفي حضارة الشرق القديم وخاصة عند اليهود كانت سلاسل الأنساب لا تهدف إلى وضع سلسال متصل دقيق لكل أشخاص العائلة، بل تهدف سلسلة النسب قبل كل شيء إلى البحث عن حق في إمتلاك أرض أو حق في الوضع الكهنوتي (انظُر، عز2: 61: 63)، وفي العهد القديم إذا قارننا بين (عز 7: 5)، و(1خ6) سنجد أن عزرا أسقط ستة أسماء من أمريا حتّى عزريا، وذلك لان سلسلة النسب تتعلق بجوانب روحية وحقوق قانونية أكبر وأهم من النسب البيولوجي. ولهذا فإن سلسلتي النسب عند كلٍ من متى ولوقا تُسقط عمدًا أسماء لا قيمة لها من ناحية إثبات نسب المسيح الملوكي وانه من نسل داود ويهوذا وإبراهيم.

ولهذا فالبشيران لا يذكران نفس عدد الأجيال. أما من جهة ذكر الشخصيات التي اختلفت بين كلٍ من متى ولوقا فإن ذلك يرجع إلى أن متى يذكر سلسلة نسب يسوع البيلوجية عن يوسف بن يعقوب خطيب مريم والذي انتسب إليه يسوع بالجسد امام العالم، بينما لوقا يعود بالنسب إلى مريم ابنة هالي ويذكر نسب مريم وليس نسب يوسف.

يقول وزرينتون: «من الأمور التقليدية افتراض أن قائمة نسب متَّى تقتفي أثر نسب يسوع من خلال يوسف (نسبه القانوني)، بينما قائمة لوقا تهتم بنسبه من خلال مريم (نسبه الطبيعي). وهذا الحل يجد دعمًا من الحقيقة التي تقول أن متَّى ركز في تسجيله للأحداث على دور يوسف أكثر من مريم، بينما كانت تسجيلات لوقا تجعل من مريم المحور الأساسي في الدراما. وهذا أيضًا ينسجم مع التخمين القديم الذي يقول بأن يوسف هو مصدر كثير من حكايات مولد يسوع عند متَّى، بينما مريم هي المصدر الذي استقى منه لوقا معظم معلوماته[7].

وكل من جيسلر وهاو يتبنيان هذا الموقف، وتفضيلهم لهذا الموقف وأسباب قبولهم له تضيف وتدعم من ملاحظات وزرينتون:

قائمة الأنساب عند لوقا ومتى مختلفتان، إحداهما تتبع نسبه عن طريق الأب القانوني وهو يوسف، والأخرى من خلال أمه وهي مريم. متَّى يمدنا بالخط الرسمي للنسب، طالما أنه يقدم يسوع لليهود الذين يهتمون بالمسيح اليهودي والذي من شروطه أن يكون من نسل إبراهيم وداود» (مت 1: 1). أما لوقا وأمامه جمع كبير من اليونانيين، يقدم يسوع بأنه الرجل الكامل (وهو مطلب يوناني يتفق مع معتقداتهم)، لذا هو يتعقب نسب يسوع حتى الرجل الأول وهو آدم» (لو 3: 38).

أن يقوم متَّى بتسجيل قائمة نسب ليسوع من ناحية الآب، بينما يتتبع لوقا هذا النسب من ناحية الأم فذلك يدعمه عدد من الحقائق. أولًا، بينما تواصل كل من القائمتين التقدم حتى داود: إلا أن متَّى ينسب يسوع إلى يوسف (أبيه القانوني) ويصل به حتى الملك سليمان، والذي يرث منه المسيح الملك وعرش داود (2صم 7: 12). وفي الجانب الآخر، كان هدف لوقا أن يرى الناس المسيح كإنسان عادي، لذا هو يصل بنسبه إلى ناثان ابن داود، ثم إلى والدته مريم، والتي من خلالها يمكن أن يظهر إنسانيته الكاملة، وكونه مخلِّصًا للعالم.

أكثر من ذلك، فإن لوقا لم يقل إنه يصل نسب يسوع بيوسف، بل يسجل أن يسوع «وهو على ما كان يظن» (لو 3: 23) إنه ابن ليوسف، بينما هو في الواقع ابن لمريم. أيضًا، فإن لوقا يسجل نسب مريم لأن هذا يتناسب مع تأكيده المستمر على النساء في إنجيله، والذي دُعي «إنجيل النساء».

وأخيرًا، فإن احتواء كل من القائمتين على نفس الأسماء على وجـه العموم (مـثل شلتـائـيل وزربابـل مـت 1: 12، لو 3: 27) لا يثبت أنهـم نفـس الأشخـاص. أولًا، هـي ليسـت مـن الأسماء غيـر الـمتـداولة، وأكثر من ذلـك، حتـى إذا كـانـت نفـس سلسلة النسب، فإن لوقا قد كرر اسمي يوسف، ويهوذا» (لو 3: 26 و30)[8].

ويدعم الباحث الكتابي جليسون أرشر هذا الرأي، فيكتب:

يعطي متَّى (1: 1- 16) سلسلة نسب يسوع عن طريق يوسف، الذي كان هو سليلًا للملك داود. ولأن يسوع هو الابن الذي تبنَّاه يوسف، لذا فإنه يصبح وارثًا له قانونيًا. لاحظ بدقة ما ورد في الآية 16 «ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي وُلد منها يسوع الذي يُدعى المسيح». وهذا شكل في العرض لا يتوافق مع ما سبقه في سرد قائمة أجداد يوسف: «إبراهيم ولد إسحق، وإسحق ولد يعقوب، الخ». لكن لم يذكر أن يوسف ولد يسوع، لكن يشار إليه بأنه «رجل مريم التي وُلد منها يسوع».

في لوقا 3: 23- 38، من جانب آخر يسجل قائمة نسب مريم نفسها، ويصل بنا حتى إبراهيم ثم آدم وبداية التاريخ الإنساني. وهذا يبدو متضمنًا في الآية 23: يسوع.. «كان يظن أنه ابن يوسف». هذه الكلمة (كان يظن) توضح أن يسوع لم يكن الابن الطبيعي ليوسف، بالرغم أن كل معاصريه يعلمون أنه ابنه. وهذا يدعو إلى تركيز الانتباه على الأم مريم، التي هي الوالد الوحيد ليسوع من خلال عدد من الأسلاف. لذا ذكرت سلسلة نسبها بدءًا من هالي، الذي هو يعتبر حمو يوسف، بينما أب يوسف هو يعقوب (مت 1: 16). وخط نسب مريم ينتهي إلى ناثان وهو ابن لبثشبع زوجة داود. لذلك فإن يسوع من نسل داود وبشكل طبيعي من خلال ناثان، ومن سليمان من الناحية القانونية[9].

ويتضح ذلك من اللغة اليونانية، حيث يجب أن تُعَّرف جميع الأسماء بأداة تعريف، بينما لا نجد اسم يوسف في النص هُنا مُعرف ([10]υἱός، ὡς ἐνομίζετο، Ἰωσήφ)، بينما يأتي اسم هالي أو إيلَّي (τοῦ Ἠλί [11]) مُعَّرف، فهذا يعني أن سلسلة النسب هذه لا تخص يوسف (الزوج)، بل تخص مريم (الزوجة). وهذا يعني أن النص يُقرأ هكذا: وهو على ما كان يُظَّن بن يوسف (وهُنا يوسف كناية عن مريم لإن نسب الأنثى لا يُعتد به[12]) وجده هو هالي (أب مريم). وهذا ما يؤكده التلمود إذ ذكر في أكثر من موضع أن مريم هي ابنة هالي[13].

ولذلك بينما يذكر متى نسب المسيح عن سليمان بن داود، يذكره لوقا عن ناثان بن داود. فناثان هو أحد أجداد مريم بينما سليمان هو أحد أجداد يوسف.

وأيضا يذكر متى أن والد يوسف هو يعقوب، بينما يذكر لوقا أن يوسف هو بن هالي كما سبق وأوضحنا ذلك، لان يعقوب هو الأب الحقيقي ليوسف، بينما هالي هو حمي يوسف وأب مريم وقد استخدم لوقا يوسف كمجرد كناية لمريم لان الأنسال في اليهودية ترفض ذكر نسب المرأة.

 

2- كيف يُنسب يسوع ليوسف بينما هو إبن مريم العذراء حسب الجسد فقط؟

حقًا لم يكن يوسف هو الأب الشرعي للسيد المسيح، لكنه اب المسيح بالتبني وهكذا وُضِعَّ يسوع في سلسلة نسبه كإبن له مع انه ليس الأب الشرعي له. ويكتب أغسطينوس عن ذلك: يجب على يوسف أن لا ينكر انه يسمي أبا المسيح على الرغم من انه لم ينجبه بالاتصال الجسدي. فلو تبني طفل رجل آخر، لكان من حقه أن يكون ابًا له بحسب النسب[14].

ويقول القديس أمبروسيوس:

لا تتعجب إذا ذُكِرَ نسب يوسف. لان يسوع ولد بحسب الجسد، وينبغي اتباع التسلسل العائلي. ولأنه ولد في العالم ينبغي أن يُعرف انتماؤه العائلي بالعادة المتبعة، خصوصًا أن نسب مريم هو أيضًا نسب يوسف. وبما أن يوسف كان رجلًا بارًا، فقد تزوج امرأة من سبطه ومن بلده، فالبار لا يُخالف الشريعة[15].

 يعرض القديس أمبروسيوس هُنا أمر هام، وهو أن القديس يوسف هو من نفس عائلة القديسة مريم العذراء، ويعتمد في ذلك على نص سفر العدد الذي يُلزم بالزواج من نفس السبط عدد 36: 6- 8، وهذا أمر في غاية الأهمية حيث يثبت أيضًا أن النسب الذي أورده القديس لوقا هو نسب العذراء مريم كما أثبتنا من قبل.

 وجاء أيضًا عن ذلك في تاريخ العلامة يوسابيوس القيصري: وإذ تتبّعنا نسب يوسف هكذا فإنّه يتبيّن فعلًا أن مريم أيضًا من نفس سبطه، لأنّه، طبقًا لناموس موسى، لم يكن مسموحًا الزواج من سبطٍ آخر، فالأمر الصادر هو أن يتزوّج المرء من نفس العشيرة ومن نفس السلالة، لكي لا ينتقل الميراث من سبطٍ إلى سبطٍ. ولعلّ في هذا الكفاية الآن[16].

فبحسب القديس متى فإن يسوع ينتسب إلى يوسف لأنه زوج مريم والذي هو من نفس عائلة ونسب مريم العذراء[17]. بينما عاد القديس لوقا في سلسلة النسب التي ذكرها إلى نسب القديسة مريم أم يسوع من خلال اسم يوسف كزوج لها وهالي الذي هو في الحقيقة والدها وحمي يوسف[18].

 

3- كيف دخل داود في سلسلة النسب (مت1: 5) وهو حفيد مؤابية والكتاب امر بان لا يدخل المؤابيون في النسب إلى الجيل العاشر (تث23: 3)؟

المؤابيين هم شعب غير مُحبب لليهود[19]، وراعوث هي بنت عجلون بن بالاق ملك مؤاب[20]، لكنها قد دخلت في شعب الله وتركت أصلها المؤابي حينما قالت لحماتها اليهودية (شَعْبِي وَإِلهُكِ إِلهِي.. راعوث 1: 16)، فهي بهذا قد دخلت في شعب الله، وانحلت من لعنة المؤابيين.

ومن جهة أخرى: فهذه العبارات تُشير إلى معني الاستمرار وليس المعني الحسابي[21]، فإفتقاد الله لخطايا الاباء لا يحدث إلا إذا استمرت الخطية وتحولت من فعل إلى عادة متأصلة في أجيال هذا النسل. هكذا تظهر طول أناة الله على البشريّة. وللقديس ﭽيروم تعليق جميل على ذلك بالنسبة لطول أناة الله على الإنسان إذ يرى الله لا يعاقب الإنسان في الحال على فكره الطارئ ولا على الجيل الأول حينما يتقبل الفكر إلى حين لكنه يؤدب على الجيل الثالث والرابع حينما تتحول الأفكار إلى أعمال وإلى عادات متأصلة ومستمرة، إذ يقول: “هذا يعني أن الله لا يعاقبنا في الحال على أفكارنا ونياتنا بل يرسل التأديب على أولادهم أي على الأفعال الشريرة والتي صارت عادات للخطيئة النابعة عنهم[22].

وإن كان هذا حكمًا إلهيًا على أن يحمل الأبناء أخطاء أبائهم لعملت به الشريعة الموسوية في الأنظمة التي وضعتها للقضاء، لكن على العكس فتؤكِّد الشريعة للقضاة ألاَّ يُعاقب عضو من الأسرة بسبب عضو آخر، إنَّما يلتزم كل واحد أن يتحمَّل مسئوليَّة نفسه، لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ (تث 24: 16).

وقد طبَّق أمصيا بن يوآش ملك يهوذا هذا المبدأ، فقد “قتل عبيده الذين قتلوا الملك أباه، ولكنَّه لم يقتل أبناء القاتلين حسب ما هو مكتوب في سفر شريعة موسى حيث أمر الرب قائلًا: لا يُقتل الآباء من أجل البنين، والبنون لا يُقتلون من أجل الآباء” (2 مل 14: 6).

 

4- في مت1: 7- 12 حذف متى ثلاثة أشخاص من سلسلة النسب، لماذا؟ وهل أسقطهم عن سهو؟

في الآيات من 7: 12 حذف ق. متى أسماء ثلاثة أشخاص من سلسلة النسب هُنا هو حذف طبيعي ومقصود من الكاتب، لأنه لا يكتب تأريخ لسلسلة أنساب، بل يُقدم المسيا الملك المُنتظر من خلال سلسلة أنساب تربطه بعمق تاريخ إسرائيل وأصل ملوكي مسياني والذي ينبع من إبراهيم وداود. ويقول عن ذلك القديس جيروم: لقد ترك متّى كل الأسماء ليذكر داود وإبراهيم، لأن الله وعدهما وحدهما (بصراحة) بالمسيح، إذ قال لإبراهيم: “ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض” (تك22: 18)، ولداود “من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك” (مز132: 11)[23].

وأسماء الملوك الثلاثة الذين أسقطهم القديس متى من سلسلة النسب هم: (آحاز- يوأش- أمصيا)، فقد كان حذفهم مُتعمدًا لعدة أسباب:

1- لان القديس متى يُريد أن يربط سلسلة النسب مقسمة إلى ثلاثة حقب كل حقبة منهم مكونة من أربعة عشر جيلًا، وذلك ليساوي رقم أربعة عشر بالرقم المُساوي لاسم داود النبي والملك في العبرية.

2- لابد أن يكون قد تعمد الاختيار والانتقاء من سلسلة النسب الطويلة حتّى قدم منها فقط ثلاثة حقب من 27 جيلًا منتقاة بعناية لخدمة أهدافه اللاهوتية التي يُريد إعلانها[24].

 

5- في مت1: 8، هل يورام والد عزيا أم احزيا؟ ففي 1اخ3: 11 جاء أن يورام وابنه احزيا، فأيهما صحيح؟

عزيا أو عزريا بحسب ما جاء في (2مل15: 1)، لم يكن الابن المباشر ليورام، فكان بينه وبين يورام ثلاثة ملوك قام بحذفهم القديس متى من سلسلة النسب (راجع تعليقنا على حذف ثلاثة أشخاص من سلسلة النسب)، ومن الطبيعي أن يُقال في سلاسل الأنساب أن جد الشخص هو أبوه، أو أن عزيا ابن يورام بينما يورام هو جد عزيا وليس أبيه.

 

 

6- كيف يولد المسيا من يكنيا وهو عليه لعنة أبدية (ار22: 30)

(هكذا قال الرب. اكتبوا هذا الرجل عقيما رجلا لا ينجح في أيامه لأنه لا ينجح من نسله أحد جالسا على كرسي داود وحاكما بعد في يهوذا)

أولا عقيمًا هُنا مرتبطة بما بعدها، لان يكنيا لم يكن عقيمًا بل كان له أبناء (أنظر 1اخ3: 17)، فهو فقط عقيمًا من جهة من يتوجون كحكام على إسرائيل، فلن يوجد له أبناء يتوجون ملوكًا على إسرائيل. وهذا النص معناه فقط أن لا يجلس أحد من نسله على كرسي المُلك حاكم في إسرائيل، كما جاء في النص السابق لأرميا النبي: (لا ينجح من نسله أحد جالسًا على كرسي داود)[25].

وبناء على انه مكتوب (رجلًا لا ينجح في أيامه) فاللعنة هُنا تخصه هو وأبناءه المُباشرين القائمين في أيامه، أي في حياته البشرية ولا تخطاه ذلك إلى الأجيال التي تليه لأنه لا توجد في الكتاب المُقدس في أي موضع لعنة أبدية، كما أننا نعلم أن زربابل بن شألتئيل أصبح واليًا على يهوذا (أنظر حجي 1: 1، 2: 2)، كما أن زربابل هذا كان مشاركًا في بناء الهيكل الثاني للرب بعد العودة من السبي (انظر عزرا 5: 2)[26]. هذا غير أن اليهود لديهم تقليد قديم عن أن يكنيا هذا قد تاب عن خطاياه في وقت السبي[27].

 

هذا غير أن يسوع كان وريثًا للنسب الملوكي من خلال دعوته ابنًا ليوسف، فالقديس متى وضع يكنيا في نسب السيد المسيح القانوني وليس النسب الطبيعي أو الجسدي له[28]. وبينما هو لم يكن ابنًا ليوسف بالجسد، لذلك فقد تجاوزته تلك اللعنة[29].

 

 

7- »ورد في متى 1: 11 »ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل«.لكن لم يكن يوشيا أب يكنيا، بل كان جدّه (كما في 1أخبار 3: 15 و16)

ما يكتبه القديس متى هُنا ليس هو سلسلة نسب تفصيلية أو تأريخية، إنما كُتبَّت هذه السلسلة لأغراض تعليمية ولاهوتية، فليس المقصود هو ذكر كل شخص في نسب السيد المسيح للآلاف السنين من آدم إلى المسيا المُخلص، إنما المقصود من ذكر سلسلة النسب هذه ومثيلتها في إنجيل القديس لوقا هو غرض لاهوتي، فمثلًا في (الأعداد 5،6) يذكر أن سلمون ولد بوعذ من راحاب ويكمل بعد ذلك بجيلين فقط في ربط النسب بداود الملك، مع انه من المفترض أن يكون قد مضي وقت أطول من جيلين بكثير (علي الأقل أربعمئة سنة)، ولكن غرض الكتابة يقتضي إبراز شخصيات معينة وهي المرتبطة في الفكر اليهودي بمجيء المسيا إما عن طريق نبوات أو عن طريق الخلاص والخروج من العبودية على مراحل تاريخ اليهود الكبير.

“فالقديس متى هُنا لا يقدم تاريخ للحدث، بل يقدم وثيقة تدل على أن يسوع هو بالفعل المسيح المُنتظر من اليهود[30]“.

وهذا التبديل في الأسماء هُنا أحدثه القديس متى الإنجيلي لسبب لاهوتي، وهو أن يصير ترتيب الأجيال أربعة عشر جيلًا لا يزيد عن ذلك[31]، وهذا أيضًا رأي القديس جيروم[32]. فمتي الرسول يتعمد فعل ذلك لكي ينشئ ثلاثة حقب أو أقسام تاريخية متماثلة (انظر عدد 17)، ولكي يربط المسيا بداود الملك، فالأسماء العبرية تقابلها أرقام في التفسير اليهودي، وإذ أن متى يقدم إنجيله إلى جماعة عبرانية فهو دائمًا يشدد على أن المسيا هو ابن داود، وحتى من خلال عدد الأجيال الفاصلة أراد أن يربط نسل المسيا باسم داود الملك، فأخذ رقم دواد (في العبرية: دود(דוד)= 4 + 6 + 4= 14) وأورده ثلاث مرات. وهكذا شدّد مت على داود وتواصل سلالته. كما أن تقسيم ق. متى السلالات لثلاثة أقسام متساوية كان عاملًا مساعدًا على تسهيل الحفظ[33] وهو أسلوب جيد للكرازة والشرح.

وأيضا يهوياقيم هذا كان ألعوبة في يد ملك مصر (أنظر؛ 2اخ 36: 4)، وهذا ما جعله اسمًا مغمورًا في سلسلة الأنساب[34].

 

8- ورد في متى 1: 12 أن زربابل ابن شألتئيل، وهو غلط، لأنه ابن فدايا، وابن الأخ لشألتئيل كما في 1أخبار 3: 17 و19.

زربابل بن شألتئيل هو الاسم الصحيح لزربابل بحسب ما جاء في (عزرا 3: 2، 5: 2، نح12: 1، حجي 1: 1، 2: 2، لو3: 27، وأيضًا ما جاء في يوسيفوس [Ant. 11.33–78])، أما عن ما جاء في (1اخ3: 17، 19) أن زربابل بن فدايا وابن أخ شألتئيل، فذلك لأن شألتئيل نفسه لم يكن له أبناء يذكرون في أي موضع في العهد القديم، ولذلك فبحسب الناموس والتقليد اليهودي[35] فإنه من المُرجح أن فدايا قد مات وسُميَّ أبنائه باسم أخيه وانتسبوا له، أي أنهم أبنائه بالمصاهرة.

 

9- كيف تُذكر أسماء نساء خطاة وزانيات في نسب السيد المسيح؟

كان من غير المُعتاد أن تُذكر أسماء النساء في سلسلة النسب. لكن متى يُسمي خمسً منهن: 1- ثامار كانت امرأة كنعانية تظاهرت بأنها زانية لتصل على نسل من يهوذا (تك38: 13- 30). 2- راحاب كانت أممية وزانية (يش2: 1). 3- راعوث كانت امرأة مؤابية وعابدة أوثان (را1: 3). 4- بثشبع زوجة أوريا والتي زنت مع داود (2صم11). 5- مريم بنت هالي أم يسوع[36].

قد جاء المسيح لا ليتظاهر بأنه من سلالة عظماء بل من بشر خطائون، فقد كتب متى نسب المسيا حسب الجسد رابطًا إياه من جهة بالموعودين أن يأتي من نسلهم المسيا، ومن جهة أخرى من بشر أخطأوا ونظر إليهم المجتمع نظرة إذدراء، وإن كانوا قدموا توبة فيما بعد.

فالمسيح جاء ليكشف أن طبيعتنا التي أخطأت وسقطت، ودارت وتعثّرت في الشهوات غير اللائقة، هي التي جاء المسيح لعلاجها، حتى أنها عندما هربت ضُبطت، وعندما اندفعت وفي ثورتها أسرعت في الابتعاد أمسكها وأوقفها، وأتى بها وقادها إلى الطريق”، “المسيح إذن وضع على ذاته نسب هذه الطبيعة التي تنجّست لكي يطهّرها؛ هذه التي مرضت لكي يشفيها؛ هذه التي سقطت لكي يقيمها، وكان ذلك، كما قال ق.ساويرس الأنطاكي[37].

ويكتب جيروم:

لم يذكر في ميلاد المسيح ونسبه اسم قدّيسة، بل ذكر من شَجَبهنّ الكتاب، وهو يريد القول بأن من جاء من أجل الخطاة وُلد من خاطئات ليمحو خطايا الجميع[38].

ويكتب العلامة اوريجينوس:

جاء ربنا ومُخلصنا لهذه الغاية، ليحمل على عاتقه خطايا البشر. فالله (لم يعرف خطيئة، لكنه صار خطيئة لأجلنا.. 2كو5: 21)، لهذا السبب جاء إلى العالم وأتخذ صورة الأثمة والفاسدين. شاء أن يولد من نسب سليمان الذي دونت خطاياه، ومن رحبعام الذي عُرِفَت أثامه، ومن كثيرين غيرهم ممن خطئوا امام عيني الرب[39].

وهكذا فإن الرب لا يستحي من أن يولد من نسل بشر خطائون، وإن كان أختار أن يولد من نسل بشري فكل البشر خطائون، وهذا ما أتي الله لأجله، لأنه لا يمسه نجاسة من خطايا البشر ولا تؤثر عليه، بل تذوب أمامه ليحل محلها بر الله الذي ثبته يسوع فينا كختم بميلاده.

فالقديس متى هُنا كلاهوتي لا كمؤرخ، يكتب عن قصد هؤلاء النساء خصيصًا في سلسلة نسب السيد المسيح، لكي يُبرز دور المسيح الذي جاء لترتقي به البشرية من حالتها الساقطة إلى البنوة لله.

وهُنا أيضًا نجد أن القديس متى يشير إلى موقف الاستضعاف لأولئك النساء اللائي يحميهن الله ببركته، وقد وضع المرأة في خطة الخلاص الإلهي معارضًا بذلك كل ما هو مُتبع في ذكر سلاسل الأنساب اليهودية في عصره، إذ كان ذكر اسم النساء في سلاسل الأنساب امر غير اعتيادي.

وإذا دققنا في هؤلاء النسوة نجد الآتي:

1- ثامار عرضت نفسها لمخالفة الناموس وإدراء المجتمع بل والرجم مقابل أن تعطي نسلًا لإسرائيل، وهُنا تظهر الرابطة بينها وبين مريم أم يسوع حيث كانت مثارًا للشك عند يوسف وعرضت نفسها للخطر حتّى يأتي المسيا إلى العالم[40].

2- راحاب وهي زانية أريحا، التي تابت وانضمت إلى شعب الله هي وأُسرتها، قد قُدمت في التقاليد اليهودية بحفاوة كبيرة، ففي كتاب mekhilta يقول: سوف يجعلونها إنسانة متهودة. وفي كتاب sifre يقول: ثمانية من الكهنة ومثلهم من الأنبياء يكونون من نسلها[41]. وفي كتاب berakot جاء: إنها نموذج الإيمان[42]. كما فعل أيضًا يوسيفوس (تاريخ اليهود، مجلد 2). وهذا أيضًا ما نجد صداه في العهد الجديد (أنظُر: يع2: 25، عب 11: 31). فهي بذلك مثال لدخول الأمم في الإيمان الذي بيسوع المسيح.

3- راعوث المؤابية هي جدة داود وبحسب مدراش التكوين الربي فإنه من نسلها يأتي المسيا[43].

4- بثشبع والتي ذكرها متى هُنا بتعبير (التي لأُوريا)، وكأنه يُريد أن يُذكر اليهود أنها زوجة داود وأم سليمان الملك وهي امرأة خاطئة، وكانت زوجة رجلٍ من الأمم.

5- كانت كلٍ من ثامار وراحاب كنعانية، وراعوث مؤابية، وهذا يُذكرنا أيضًا أن المسيح قد جاء ليجمع اليهود والأمم في شخصه لأنه يُخلص الجميع وملك الجميع.

وهكذا يورد متى سلسلة النسب هذه مُظهرًا أن مجيء المسيا الملك ليس على حساب استحقاقات بشرية بل بمقتضي نعمته جاء لأجل الخطأة ليبررهم بذاته، وهو الله الذي لا يُمكن أن يتنجس بخطاياهم، فهذه هي الغاية المجيدة من مجيئة له المجد، إذ جاء لكي يُطالب بأحقيته في استرداد خليقته ورعيته ذكورًا وإناث، فكلاهما لهما مكانتهما وكرامتهما متساوية لديه، كما جاء ليُنجي ويُنقذ ويُعيد تشكيل ما قد هلك منهم (لو19: 10).

 

10- ورد في متى 1: 13 أن أبيهود ابن زربابل – وهو غلط لأن زربابل كان له خمسة بنين كما في 1أخبار 3: 19، وليس فيهم أحد يحمل هذا الاسم.

ابيهود هذا من المُرجح أنه هو ذاته مشلام ابن زربابل المذكور في (1اخ3: 19)، وذلك لأنه في وقت السبي البابلي فإن الشخص كان يحمل أكثر من اسم كما حدث مع دانيال النبي والآخرون الذين معه (أنظر دا1: 7).

 

11- هل أخطأ القديس متّى لأنه احتسب أن المجموعة الأخيرة التي تبدأ بسبي بابل هي أربعة عشر جيلًا، بينما هم 13 جيل فقط؟

إن وضعنا في الحسبان انه تم حساب داود مرتين في سلسلة النسب (فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلًا، ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلًا .. مت 1: 17)، والمجموعة الثانية بدأت -بحسب تقسيم القديس متى نفسه- من داود وانتهت بيوشيا الذي سُبيّ في بابل (مت1: 11)، والمجموعة الثالثة بدأت بيكنيا لتنتهي بيسوع ربنا، فبهذا ستكون المجموعة الأخيرة تتكون من أربعة عشر جيلًا[44].

وبذلك سيكون تقسيم المجموعات كالتالي:

المجموعة الاولي من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلًا:

1- ابراهيم، 2- اسحق، 3- يعقوب، 4- يهوذا، 5- فارص، 6- حصرون، 7- ارام، 8- عميناداب، 9- نحشون، 10- سلمون، 11- بوعز، 12- عوبيد، 13- يسي، 14- داود.

المجموعة الثانية من داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلًا:

1- داود، 2- سليمان، 3- رحبعام، 4- ابيا، 5- اسا، 6- يهوشافاط، 7- يورام، 8- عزيا، 9- يوثام، 10- احاز، 11- حزقيا، 12- منسي، 13- امون، 14- يوشيا.

المجموعة الثالثة من سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلًا:

1- يكنيا، 2- شألتئيل، 3- زربابل، 4- ابيهود، 5- إلياقيم، 6- عازور، 7- صادوق، 8- اخيم، 9- اليود، 10- أليعازر، 11- متان، 12- يعقوب، 13- يوسف، 14- يسوع.

فالقديس متى قسم المجموعات إلى ثلاثة أقسام متساوية يحتوي كل قسم منها على أربعة عشر جيلًا، وذلك لسبب لاهوتي لأنه بينما ق. متى يكتب إلى جماعة عبرانية، فقد أتخذَّ أٍسلوب متعارف عليه في التعاليم الربانية وهو حساب الأرقام، أو ترجمة الأسماء والكلمات إلى أرقام، أو ما يُعرف بالجامتريا، وذلك لكي يربط دائمًا اسم يسوع بداود النبي والملك والذي منه يأتي المسيا، فأخذ رقم دواد (في العبرية: دود(דוד)= 4 + 6 + 4= 14) وأورده ثلاث مرات. وهكذا شدّد مت على داود وتواصل سلالته في المسيا. كما أن تقسيم ق. متى في السلالات لثلاثة أقسام متساوية كان عاملًا مساعدًا على تسهيل الحفظ[45] وهو أسلوب جيد للكرازة والشرح.

 

12- الملاك قال لأبي يسوع في الرؤيا: وتدعو اسمه يسوع كما في إنجيل متى 1: 21، وقال جبريل لأمه: ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع كما في إنجيل لوقا ولم يدّع المسيح في أي وقت أن اسمه عمانوئيل.

ليست هناك مشكلة في تسمية الشخص باسمين في الفكر اليهودي، فقد حدث هذا مع غالبية أنبياء العهد القديم، حيث تغير اسم يعقوب إلى إسرائيل وأبرام إلى إبراهيم وغير ذلك.

لكن هذا الاسم (عمانوئيل)، ليس اسم شخصي لكنه اسم لوصف لعمل سيؤديه هذا الشخص، ولهذا ترجمة القديس متى وقال الذي تفسيره الله معنا (μεθʼ ἡμῶν ὁ θεός). فهؤلاء الذين سيدعونه عمانوئيل هم الذين سوف يقبلون العمل الذي جاء لأجله –أي فداء البشرية وخلاص الإنسان- وقد أورد ق. متى في نهاية إنجيله قول يسوع: وها انا معكم كل الأيام والي انقضاء الدهر (مت28: 20) كتفسير لمعني اسمه عمانوئيل فهو الله الذي معنا للأبد ليتمم خلاصنا[46].

 

13- هل ترجمة متّى لكلمة علماه خطأ (فتاة أم عذراء؟)

نص الاعتراض:

ورد في متى 1: 22 و23» وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا، ويدعون اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا «. وهو مُقتَبس من إشعياء 7:14» يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابنًا، وتدعو اسمه عمانوئيل «. ويقول علماء اليهود أن المقصود هنا هو النبي إشعياء.. وكلمة» العذراء «التي ترجمها متَّى هي في الأصل العبري» عَلْماه «مؤنث علم، ومعناها» المرأة الشابة، سواء كانت عذراء أو كانت غير عذراء «. وجاءت في سفر الأمثال 30 بمعنى» المرأة الشابة التي تزوجت «. فيكون تفسير متَّى وترجمته لكلمة» علماه «خطأ.

الإجابة:[47]

هناك نبوءة واضحة في إشعياء 7: 14

«ولكن يعطيكم السيد نفسه آية، ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل».

هناك سؤالان محددان يبدأ بهما تفسير هذا النص. الأول هو، ما معنى كلمة (ALMAH)= (הָעַלְמָה- الما أو علْماه– عذراء) العبرية، هي تعني «العذراء»؟ والسؤال الثاني هو، لمن تشير «العذراء» المذكورة في النص؟

 

حاول الرابي يوسي مزراحي أن يجادل في بشارة العهد الجديد قائلا:
“لم يحدث إطلاقًا في التاريخ أن فسر أحدهم كلمة (علماه – עלמה) بأن قال أنها تعني بتول [عذراء – בתולה]”. في الحقيقة لقد فسر راشي هذه الكلمة لبتول [عذراء] في العديد من المرات، وسناتي لذلك لاحقًا.

كبداية لكي نفهم خلفية هذا الموضوع يجب أن نفهم ماذا قد حدث في هذا الأصحاح. أشعياء7  يبدأ بوصف للملك أحاز بن يوثام بن عزيا ملك يهوذا. بعكس أبيه، أحاز لم يسر في طريق الرب بل كان حاكمًا شريرًا وعابد للأوثان، عبد البعل بل وقدم أبنائه قربانًا للآلهه. لم يكن جيران أحاز بأفضل حالا منه، في أرام ملك رصين وفي السامرة فقح ابن رمليا ملك إسرائيل.

لقد حاول هذان الملكان أن يقيموا حلفًا عسكريًا ضد ملك أشور بضم أحاز ملك يهوذا، وقد كان ملك أشور في هذا الوقت قد قام بحملة عسكرية قوية، لكن برفض أحاز الانضمام إليهم قرر ملك أرام وملك إسرائيل أن يحاربوه. وكانت خطتهم أن يسقطوا أحاز ويقيموا آخرًا مكانه يمكنهم التحكم فيه، ولأن أحاز لا يؤمن ويثق بالرب، فقد عرف أنه ليس لديه أية فرصة أمامهم ليتنصر. فأرسل لملك اشور [تيجلاث بيلياسر الثالث] وطلب منه المعونة وحمل المرسلين للملك هدايا من أموال وذهب.

 

أحاز كملك على كرسي داوود كان من المفترض أن يطلب المعونة من إله آباؤه، ولكن مثل حالات أخرى كثيرة في العهد القديم يظهر هنا أيضًا أن كل من يتكل على ذراع بشر يسقط رجاؤه، جيوش أرام وإسرائيل قد أتت قبالة يهوذا وحاصروا أورشليم، ولكن استصعبوا احتلال المدينة لأنه كان عليهم أن يجتازوا الحصون التي أنشأها عزيا جد أحاز.

 

لقساوة قلب أحاز أرسل الرب اشعياء مع إبنه شار يشوب اليه لكي يشجعوه، وكان الرب يريد تذكرة أحاز وقومه أن حيوة الناس في يد الرب ويجب على كل إنسان أن يؤمن ويثق به. وبينما كان أحاز يبصر حصار أعداؤه له، قال له أشعياء: “هَاتَيْنِ الشُّعْلَتَيْنِ الْمُدَخِّنَتَيْنِ” يصف النبي، رصين ملك أرام وفقح ملك إسرائيل كعديمي القوة، في نظر الرب كفتيلتين مدخنتين في نهاية ذيلهما.

 

يبدأ أشعياء في التنبؤ في الآيات 7-9 حيث يشير فيها الرب لخطة ملكي أرام وإسرائيل أن يقتلوا أحاز ويقيموا مكانه ملكًا مطيعًا لهم ويعد الرب بأن خطتهما لن تنفذ. أحاز إذ يرى أمامه جيوش أرام وإسرائيل يخططون للفتك به ويخبره أشعياء أن الرب يقول له أن ملوك أرام وإسرائيل سيسقطون كنبوة ستتحقق بعد 65 عامًا؛ بالتأكيد جال بخاطر أحاز وبم سيفيدني هذا أن يسقطوا بعد 65 عام؟ أنا أريد حلا الآن، والرب في الآيات 10-11 يعرف أفكار الملك ولتشجيعه قدم له عرضًا، أطلب لنفسك آية من الرب، وفي الآية 12 أحاز الملك الشرير عابد الأوثان يجيب الرب بسخرية: “«لاَ أَطْلُبُ وَلاَ أُجَرِّبُ الرَّبَّ “

لقد كان الرب مستعدًا أن يعطي أحاز آية لكي يجعله يؤمن ويثق به، إجابة آحاز للرب بهذه الطريقة الساخرة والمنافقة أثبتت عمق شره وعدم إستحقاقه لمساعدة الرب، لقد كان يعلم تمامًا أنه إذا طلب آية وتحققت فيتوجب عليه أن يتوب عن طريقه، وكملك شرير أراد أن يحتفظ بالسلطة والقوه في يديه.

 

لقد أضطرم غضب الرب لإجابة أحاز وتحول النبي أشعياء من أحاز الى الشعب لكل بيت داوود وقال لهم: “وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً”. لقد رفض أحاز أن يطلب آية من الرب لذا فقد بادر الرب بإعطاء الشعب آية.

تبدأ النبوءة الثالثة (بالإصحاح 7) بالأية 14 لذلك “يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ (علماه) تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»”. أن كانت النبوة عن امرأة متزوجة تحبل فلن يكون هناك أي قيمة لهذه الآية، فإن النساء تحبل يوميًا كنتيجة للتزاوج الطبيعي، ولكن النبي يتحدث عن أمر اعجازي فيقول (علماه) تحبل، شابة غير متزوجة لهذا هي عذراء في عيني الرب وتلك تحبل. وللعلم اسم الطفل نفسه آية أيضًا وله مدلول هام، (عمانو-ئيل) يعني الله معنا، فطبيعة هذا الطفل ستكون مختلفة عن باقي اقرانه فسيكون له طبيعة إلهية.

 

متى سيحدث هذا؟ الآيات التي تلي هذا النص تنبئنا بأنها ستكون أيام صعبة على بني إسرائيل، النبي يتحدث عن انه “زُبْدًا وَعَسَلًا يَأْكُلُ”، يبدو هذا رائعًا اليس كذلك؟ ليس في عصر الكتاب، فالزبد مصنوع من اللبن وبالنسبة للعسل فكان يتوجب على الناس أن يخرجوا للغابات في بحث شاق عن خلايا النحل، هذا يعني أنها ستكون أيامًا صعبة ومقفرة، وبالفعل ولد يسوع في زمان كان الشعب يئن تحت وطأة الإحتلال الروماني. يستمر أشعياء في وصف الطفل الذي ستحبل به الـ(علماه): “مَتَى عَرَفَ أن يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ” عمانوئيل سيكون كاملًا قدوسًا يرفض الشر ويختار فقط الحق.

 

سنرى الآن سبب طلب الرب لأشياء أن يجلب ابنه شار يشوب معه، في هذه اللحظة يتحول اشعياء لأحاز الملك ويشير لشار يشوب قائلا لأحاز: “لأَنَّهُ قَبْلَ أن يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أن يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ، تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا”. معنى هذا انه قبل أن يستطيع شار يشوب (إبن إشعياء) أن يميز بين الخير والشر يفنى ملكي ارام وإسرائيل اللتان يخشاهما أحاز من الأرض، وبالفعل قتل هذين الملكين في خلال سنتين من تفوه أشعياء بهذه النبوءة.

سؤال آخر يتبادر للذهن: كيف كانت كلمة (علماه) تفهم في العقلية اليهودية القديمة؟

الترجمة السبعينية للعهد القديم بواسطة 70 شيخ التي ترجمت قبل المسيح بزمان طويل، ترجموا كلمة علماه إلى عذراء [بتول].

البشيتا ترجمة من العبرية الى الأشورية في القرن الثاني الميلادي ترجمتها من علماه الى عذراء [بتول].

أيضا الفولجاتا التي ترجمت الكتاب الى اللاتينية فعلت ذلك أيضًا.

باحث الكتاب اليهودي د. فوختينباوم قال في كتابه:

“الحاخامات ينقلون عن راشي انه كان يفسر كلمة (علماه) بأنها امرأة شابة، بالفعل راشي يفسر اشعياء 7:14 الى امرأة شابة. من السهل أن نفهم محاولته إتخاذ موقف مختلف في هذه الحالة: فقد كان منشغلا جدًا في مجادلاته مع المسيحيين، لذا اتخذ موقفًا معارضًا لما كان مقبولا في أيامه، بل حتى عارض نفسة بحالة مختلفة.

راشي لم يفسر (علماه) في كل الأحوال على انها إمرأه شابة، فقد فسر هذه الكلمة عندما ظهرت في نشيد الأنشاد كونها تشير الى عذراء [بتول]، فوق ذلك راشي نفسه يوضح أن كثيرين من المفسرين اليهود في زمانه فسروا اشعياء 7:14 على انها تشير الى عذراء”. ومن المهم ذكر أن المعتقد بأنه لن يكون للمسيا أب بيولوجي كان أيضًا هو فكر الحزال (الحخامات الكلاسيكيين):

مدراش رباه للتكوين 35 – “المخلص الذي أقيمه من وسطكم يكون بلا أب”.

مدراش رباه للتكوين 37 – “لكن المخلص العتيد أن أقيمه من وسطكم لا يكون له أب”.

ماذا تعني كلمة (علْماه)؟

يتحدد معنى أي كلمة من سياق النص. مثلًا كلمة (TRUNK) تعني مكان التخزين في مؤخرة السيارة. عندما نقرأ الجملة التالية (وضعت السيدة شنطتها في TRUNK السيارة)، أو نفهم أن تلك الكلمة تعني الأنف الطـويـل للفيــل عندمـا نقرأ الجملـة التالية «رفع الفيل الـ TRUNK الخاص به والتقط الفول السوداني من يد الطفل». وبشكل مشابه نحاول أن نفهم لفظة (علْماه) من سياق الجملة ككل. استخدمت تلك الكلمة في كتابات العهد القديم سبع مرات لتشير إلى امرأة صغيرة في السن (تك 24: 43، خر 2: 8، مز 68: 25، أم 30: 19، نش 1: 3، 6: 8، إش 7: 14).

ويذكر إدوارد هندسون: «مع أنه أمر حقيقي أن كلمة (علْماه) ليست هي الكلمة المعتادة لتدل على «عذراء»، إلا أن استخدامها دائمًا يدل على هذا المعنى». وأكثر من ذلك، فإن التفسير الكتابي لهذه الكلمة لا تعني أبدًا سيدة متزوجة، لكن تعني دائمًا امرأة غير متزوجة[48]، وهذا نتوصل إليه باستعراض الفقرات التي وردت فيها هذه الكلمة في الكتاب المقدس:

التكوين 24: 43

في سفر التكوين 24 بعدما يصل عبد إبراهيم إلى ناحور يصلِّي إلى الله طالبًا أن يلهمه العثور على المرأة المناسبة لابن إبراهيم. والآية 16 تصف رفقة بأنها «امرأة صغيرة السن»، وقد كانت حسنة المنظر جدًا وعذراء (بتول)، لم يعرفها رجل «وبعد قليل يشير إليها عبد إبراهيم في الآية 43 بأنها عذراء (علْماه)».

الخروج 2: 8

كتب ريتشارد نيسن في شأن هذا النص:

الإصحاح الثاني من سفر الخروج يتكلم عن حادثة إنقاذ الطفل موسى من النهر بيد ابنة فرعون. وكانت أخت موسى (مريم) تراقب الموقف على البعد وأسرعت إلى بنت فرعون واقترحت عليها أن تجد لها امرأة عبرانية (أم موسى) لكي ترضع الطفل «فقالت لها ابنة فرعون اذهبي، فذهبت الفتاة (علْماه) ودعت أم الطفل» (خر 2: 8).

الطريقة التي تم بها تقديم مريم في أصحاح 2: 4 توحي بأنها لم تكن أكبر من موسى بسنوات طويلة، وما يؤكده هو أنها كانت تحيا في كنف والديها في ذلك الحين. يبدو من هذا النص أن أي عنصر خاص بالعذرية البيولوچية في كلمة (علْماه) متضمن في السن، فمريم يبدو أنها كانت في سنوات المراهقة، أي أنها مازالت عذراء[49]. وهذا ما يؤكده ألبرت مايرز أن مريم أخت موسى «كانت بلا شك عذراء» (خر 2: 8)[50].

مزمور 68: 25

في هذا النص «في الوسط فتيات (علْماه) ضاربات الدفوف»، جزء من الاحتفال الذي صاحب الملك حتى المذبح. في مجال تعليقه على ذلك النص، يذكر أن هذه الفتيات «بالتأكيد لسن عاهرات أو غير طاهرات، لكن كن عفيفات وفي خدمة الله، طالما أنهن عذارى»[51].

أكثر من ذلك، فإنه طبقًا للعادات السامية، كانت الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد، يشاركن في احتفالات الزواج والاحتفالات الأخرى بوجه عام. لذا فإن الإنسان يفترض أن الفتيات الصغيرات اللاتي اشتركن في هذا الاحتفال كنَّ عذارى[52].

أمثال 30: 19

كاتب هذا النص يذكر أربعة أشياء تعتبر «مدهشة جدًا» بالنسبة له: الطريقة التي يطير بها النسر في السماء، الطريقة التي يزحف بها الثعبان فوق الصخرة، الطريقة التي تسير بها السفينة في عرض البحر، والطريقة التي يتبعها الإنسان مع (علْماه). في الآية 20 يقارن ما بين السيدة الشريرة، والعذراء الفاضلة[53].

ويشير هندسون في مجال تفسيره لأمثال 30: 19، يقول «المقارنة التي حدثت في الفقرات التالية توضح الاختلافات ما بين البركات الطبيعية للفتاة الفاضلة بالمقارنة مع المرأة الشريرة. لذلك، فإن الصورة هنا يجب أن تفسر بأنها تشير إلى فتاة عذراء»[54].

ويفهم نيسن هذا النصّ بشكل مماثل: «ما هو مثير للإعجاب هنا هو الغزل والافتتان والمحبة بين الشاب وفتاته. وبالرغم أن النص لا يشير إلى عذرية الفتاة، إلا أنه يمكن افتراض ذلك.

نشيد الأنشاد 1: 3

في هذا الجزء من أغنية الحب الشعرية، تقول العروس وهي تصف عريسها «لرائحة أدهانك الطيبة اسمك دهن مهراق، لذلك أحبتك العذارى (علْماه)». ويشرح چاك دير هذا النص قائلًا «اسم الشخص يمثل صفاته أو سمعته. لذلك كان اقتران اسم سليمان بالدهن والعطر توضح أن صفاته كانت محببة وجاذبة لأن يُحب، لهذا السبب، قالت هي، أن العذارى أحبتك[55].

والنساء الأخريات اللاتي تجذبن للمحبوب بسبب صفاته لم يكنَّ متزوجات بل فتيات يرغبن في تواجد العريس لكن فشلن في ذلك السعي. وكلمة (علْماه) هنا تشير إلى العذرية[56].

نشيد الأنشاد 6: 8

هذا النص يشير إلى ثلاثة فئات من النساء في قصر الملك: الملكة، السريات، والفتيات (علْماه). ويكتب نيسن قائلًا، الملكات بالطبع متزوجات، والسرايا طبقًا للقانون العام مشابهات لزوجات زماننا هذا. أما (الفتيات) فمن الواضح أنهن مختلفات عن المجموعتين من الزوجات، ومماثلات للنساء غير المتزوجات. وهنَّ كنَّ في خدمة الملكة، وسوف يكون مصيرهن أن يتم اختيار بعضهن بعد ذلك كزوجات للملك.

لذلك فمن الطبيعي أن يكنَّ عذارى. وتأكد وهذا من استعراض الأحداث في سفر أستير 2. حيث جمع الملك أحشويرش عددًا كبيرًا من العذارى لكي يختار منهن ملكة جديدة (أس 2: 1- 4). كانت الطهارة ضرورية للغاية لدرجة أن النسوة كن يمارسنَّ طقوسًا خاصة للطهارة تمتد لسنة كاملة (أس 2: 12 و13) قبل الدخول إلى الملك في غرفته. وعذريتهم ليست محل للتساؤل، إنه أمر مفترض.

إشعياء 7: 4

بعد قيامنا بدراسة كلمة (علْماه) في الكتب المقدسة اليهودية، يصل ديك ويلسون إلى استنتاجين مهمين «الأول، كلمة (علْماه) على حد علمنا، لم تستخدم أبدًا للتعبير عن سيدة صغيرة في السن ومتزوجة، وثانيًا طالما أنه من المفترض طبقـًا للقانون العام أن استخدام تلك اللفظة كـان ومـازال يعبـر عن عـذراء طاهـرة، إلى أن يثبـت أنها ليست كذلك. إذن لدينا الحق أن نفترض أن رفقة والـ (علْماه) في إشعياء 7: 14 وكل الأخريات من ذلك الصنف كن عذارى، إلى أن يثبت العكس.

وتوصل الباحث جريثم ماكين في كتابه «المولد العذري للمسيح» إلى نفس تلك النتيجة «لا يوجد في السبعة حالات التي استعملت فيها كلمة (علْماه) في كتابات العهد القديم ما يوحي بأنها استخدمت للتعبير عن امرأة ليست عذراء. ونعترف بأن هذه اللفظة لا تعني مباشرة العذرية، كما توحي لنا كلمة (بتول)، وأنها تعني بالأكثر فتاة صغيرة وهي في سن الزواج، لكن من جهة أخرى ربما يشك الإنسان بالنسبة لاستخدام اللفظ، هل يمكن أن يكون استخدامها طبيعيًا في حالة عدم العذراوية»[57].

ويشاركه في هذا الرأي ويليس بيتشر في مقالته الكلاسيكية «نبوءة الأم العذراء» بقوله «المعاجم اليهودية تقول لنا أن استخدام لفظ (علْماه) هنا، والمترجمة عذراء، ربما تشير إلى أي امرأة شابة، سواء كانت عذراء أم لا. وفيما يختص باشتقاقاتها واستخدامها العام، ربما يكون الحال هكذا، لكن الكتاب المقدس استخدم هذه الكلمة في كل حالة للإشارة إلى عذراء»[58].

وبعبارات أخرى، طالما أن كلمة (علْماه) تشمل داخلها العذرية في النصوص الأخرى التي ذُكرت فيها، لذا يفترض أن استخدامها في نص إشعياء يشمل أيضًا العذرية. سياق هذا النص يُعطي تأكيدات أخرى بأن الـ (علْماه) التي تم التنبؤ بها يجب أن تكون عذراء.

المنظور التاريخي

علامة الميلاد العذراوي أتت في وقت حرج في تاريخ اليهودية، وطبقًا لإشعياء 7: 1 «رصين ملك أرام صعد مع فقح بن رمليا ملك إسرائيل إلى أورشليم لمحاربتها، لكنهما فشلا في ذلك، لكن آحاز ملك يهوذا في ذلك الحين تملَّكه الذعر والخوف وطلب المساعدة العسكرية من أشور لكي يتجنب الهزيمة أمام الجيش الغازي، ويخبرنا نيسن بأن مشكلة هذا الاختيار أن أشور كانت في ذلك الحين كانت قوة غاشمة أنانية، والتحالف معها قد يعني فقدان يهوذا لاستقلالها، ولن يمر وقت طويل حتى يزاح الله من هيكل المقدس وتحل محله آلهة أشور».

ويستمر نيسن في قوله:

قابل إشعياء الملك آحاز ليطمئنه بأن الله سوف ينقذ أورشليم ويحذره من الارتباط بحلف مع أشور، كانت مهمة إشعياء ذات شقين: (أ) الملكان اللذان ينويان غزو يهوذا لم يكونا سوى «شعلتين مدخنتين»، لذا ليس هناك خوف منهما (إش 7: 3- 9). (ب) ولكي يتبين أن إشعياء ليس بالنبي الكاذب وأن الله لديه القوة لأن يخلِّص يهوذا، طُلب من آحاز أن يطلب آية مؤكدة- لكن آحاز رفض (إش 7: 12).

كان آحاز على علم بأنه تورط أمام إشعياء إذا قبل تلك الآية أو العلامة فإن هذا سوف يعرِّضه إلى فقدان شرفه وتحدي الرأي العام الضاغط الذي يدعو لطلب النجدة من الأشوريين، وهذا هو ما كان مصممًا علىه في كل الأحوال… لقد رفض آحاز هذه العلامة بسبب اعتبارات سياسية، وبسبب قلبه غير المصدِّق… وبعد توبيخ آحاز، استمر إشعياء في نقل الرسالة «ولكن يعطيكم (بصيغة الجمع) السيد نفسه آية: ها العذراء (علْماه) تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئىل» (إش 7: 13)[59].

طبيعة هذه العلامة

في هذا النص، تُفهم هذه العلامة بأنها يجب أن تكون فوق العادة، شيء لا يمكن أن يحققه سوى الله ذاته، معجزة. وكما يلاحظ مارتن في قوله «هي معجزة مؤكدة ومؤيدة لكلمة الله».

ولأن آحاز رفض قبول هذه العلامة، يتكلم الله بنفسه عن ماهية هذه العلامة. لذا فإنه من المعقول القول بأنه عندما يأتي الله بعلامته هذه، فإنها سوف تكون ذات طبيعة إعجازية. ويعلق ج. الكسندر على هذا النص قائلًا: «إنه من المستبعد تمامًا بعد إرسال مثل هذا العرض (من الله إلى آحاز)، أن يكون تحقيق هذه العلامة في النهاية من الأمور التي تحدث في العالم كل يوم. هذا الافتراض يتقوى ويتعزز بالوقار الذي نقل فيه إشعياء تلك النبوءة، ليس كأنما هي حدث عادي أو طبيعي، لكن كشيء مثير للدهشة عندما تلقى الرسالة في رؤية»[60].

ويقول هندرسون «من المهم أن نلاحظ أن تلك العلامة (ولكن يعطيكم)، مقدمة إلى جمع من الناس، ومن الواضح أنها ليست مقدمة لفرد واحد وهو آحاز الذي رفض العرض الأول. وفي عدد 13، يقول إشعياء «اسمعوا يا بيت داود» ومن الواضح أن صيغة الجمع التي وردت في عدد 14 مرتبطة بما سبقها في عدد 13. ولأن النص يخبرنا بأن مملكة داود في خطر من جراء الغزو القادم. لذا يمكن لنا القول بأن صيغة الجمع يقصد بها بيت داود الذي عليه تسلُّم هذه العلامة[61].

والآن إذا أصبحت سيدة ما حاملًا بالطرق الطبيعية، فهذا لا يحقق شروط العلامة المعجزية. چون كالفن المصلح الكبير يصيب الهدف في هذا الشأن عندما يقول: ما هو الأمر الغريب إذا قال النبي أن امرأة قد حملت من جراء علاقتها الجنسية برجل؟ إنه من السخف أن نعتبر تلك علامة ذات صفة إعجازية. دعنا إذن نفترض أن النصّ يدل على فتاة صغيرة سوف تصبح حاملًا بالطريقة المعتادة، كل إنسان سوف ينظر باحتقار إلى هذا النبي، بعدما قال ذلك. لذا فمن الواضح تمامًا أنه يتكلم عن عذراء ستحبل وتلد، ليس بالطريق العادي الطبيعي ولكن بقوة وتأثير الروح القدس[62].

والفحص الدقيق لبعض الألفاظ المحددة في نص إشعياء 7: 14 تعزز رأي كالفن. الكلمة المكتوبة باللغة العبرية وهي (h-r-h) والتي تترجم «تحبل» في إشعياء 7: 14، ليست فعلًا أو اسم فاعل، لكن صفة أنثوية مرتبطة مع اسم فاعل وتدل على أن المنظر واضح في عين النبي. وهذا يعني أن تلك الكلمة واستخداماتها تشابه ما أبلغه الملاك لهاجر في البرية قبل عدة قرون ماضية: «ها أنت حبلى فتلدين ابنًا» (تك 16: 11). وبالاختصار، يجب ترجمة نص إشعياء 7: 14 بالشكل الآتي «ها العذراء سوف تحمل وتلد ابنًا».

يعلق على ذلك هندسون:

من الواضح أن اللفظة (h-r-h) تشير هنا إلى الزمن المضارع.. والنظر إلى الزمان مهم جدًا في تفسير هذه الكلمة وكذلك النصّ. إذا كانت كلمة (علْماه) تعني «عذراء» وإذا كانت هذه الفتاة حامل وعلى وشك ولادة طفل، لذا فهذه الفتاة مازالت عذراء، بالرغم أنها أصبحت أم. تأمل في قدر التناقض الذي يمكن أن يحدث لو لم يشر هذا النص إلى ولادة طفل من عذراء للمرة الأولى في التاريخ -وهو يسوع المسيح. العذراء حامل!

كيف يتسنى لها أن تكون حاملًا وهي مازالت عذراء؟ المعنى يدل على أن هذا الطفل سوف يكون معجزة وهو مولود بلا أب، وبالرغم من حمل الأم فإنها مازالت عذراء. الكلمة (علْماه) «عذراء» تدل على صيغة الزمن المضارع مشابهة ذلك كلمة (h-r-h). إذا كانت صيغة النص في زمن المستقبل، فليس هناك ضمان أن هذه العذراء سوف تلد ابنًا (في المستقبل)، سوف تظل كما هي عذراء، وليست زوجة. لكن إذا كان هناك (عذراء) ومعها (ابن)، لا يمكن لنا أن نتهرب من استنتاج أن هذه ولادة عذرية[63].

ويستخلص نيسن من ذلك: «تعطينا العلامة في (إشعياء 7: 14) ما يفوق ما تقدمه لنا الطبيعة. إنها لم تكن عرضًا بلا معنى، لكنها علامة متوافقة مع المناسبة ومتصلة بموضوع استمرار دوام عائلة بيت داود المهددة بالانقراض بسبب الغزو الوشيك. أصعب العلامات التي يتقدم بها الله في تلك المناسبة هي استحالة بيولوچية -وهي الحمل الإعجازي لامرأة عذراء. وأصعب العلامات التي يمكن أن يعطيها الله ولها صلة باستحالة بيولوچية -الحبل المعجزي لابن من فتاة عذراء بالمعنى البيولوچي للكلمة.

دليل إضافي خاص بالترجمة

الكلمة المقابلة لعذراء في اللغة اليونانية هي كلمة παρθένος- بارثينوس- عذراء، وباللغة اللاتينية «فيرجو». وإحدى الكلمات باللغة العبرية والتي تستعمل كثيرًا هي (betfl-h) أو «بتولاه»، وإذا كانت هذه الكلمة الأخيرة تعني عذراء أم لا، فإنها دائمًا ما كانت تفهم من واقع النصّ. ويلاحظ ديك ويلسون الآتي:

في الترجمة السبعينية لنص إشعياء 7: 14 والذي ظهر قبل مولد المسيح بحوالي 200 سنة، بينما اقتباس القديس متى لنفس النصّ في مت 1: 23 كان في منتصف القرن الأول الميلادي، ترجمة البشيتا السيريانية ظهرت في القرن الثاني الميلادي، والفولجاتا اللاتينية للقديس چيروم ظهرت في سنة 400م، كل هذه المصادر تقرن كلمة (علْماه) بـ (بارثينوس) أي عذراء أو مشتقاتها الأخرى مثل (بتولاه)، (فيرجو). وقد كانت ترجمة كلمة (علْماه) باعتبارها عذراء مقبولة عند اليهود حتى زمن اقتباس متَّى للنص[64].

ويكتب هنري موريس في نفس النقطة:

«العلماء الذين ترجموا العهد القديم إلى اللغة اليونانية السبعينية استخدموا الكلمة اليونانية المقابلة لعذراء في ترجمة إشعياء 7: 14. وكذلك هو ما فعله متى عندما استعار هذه الآية في (مت 1: 23) عندما تمت النبوءة بالفعل بولادة يسوع المسيـح من عـذراء[65].

ويتفق مع هذا الرأي ب. وزرنتون: «من الصواب أن نقول أن كلمة (علْماه) لا تعبر مباشرة عن أنها عذراء، لكن من الصعب بل ومن المستحيل تصوُّر السبب الذي دفع المترجمين للكتاب المقدس السبعيني إلى استخدام كلمة بارثينوس للتعبير عن (علْماه)[66]؟.

لذلك فإن هذا الدليل يوضح بما لا يدعو مجالًا للشك أن (علْماه) في نبوءة إشعياء تعبر عن فتاة عذراء صغيرة. ولا يوجد أي نوع من الفهم يمكن أن يبرر ترجمة تلك الكلمة بذلك الأسلوب سواء كان اجتماعيًا أو تاريخيًا.

ما هي الـ (علْماه)؟

طالما أننا قد حددنا بأن (علْماه) ليست سوى فتاة عذراء في سن الزواج والتي تصبح حاملًا بوسائل تفوق الطبيعة، لذا يمكن لنا بكل اطمئنان أن نستنتج بأن هذه الشروط انطبقت على العذراء مريم أم يسوع المسيح. وهندسون على حق عندما كتب «ليس هناك سوى مريم التي تستطيع أن تحقق اشتراطات تلك النبوة، فالعذراء ليست هي زوجة إشعياء، وليست زوجة آحاز أو حزقيال، أو أي فتاة أخرى. أن العذراء مريم هي الوحيدة التي سُجِّلت في التاريخ والكتب المقدسة وينطبق عليها ذلك»[67].

بعض دارسي الكتاب المقدس يدَّعون عكس هذه الآراء، ويحاولون تفسير نبوءة إشعياء بأنها «كانت علامة مقدمة من الله إلى الملك آحاز توضِّح قرب غزو مملكة إسرائيل الشمالية ويهوذا الجنوبية بواسطة ملك أشور- ولأن هذه العلامة تخصُّ آحاز، لذا فإنه من المنطقي أن نستنتج بأن الميلاد سوف يكون في زمن الملك آحاز. لذلك، فإن هذا يستلزم تحقيق جزئي لنبوة إشعياء 7: 14[68].

بينما يبدو هذا الرأي معقولًا للبعض، إلا أنني أعتقد بأنه ينتهك عددًا من النقاط.

أولًا، لكي ينجح هذا الاتجاه يجب أن نعتبر أن (علْماه) لا تعني العذرية في نص إشعياء 7: 14، وإلا فإن مؤيدي هذا الرأي سوف يواجهون بأمر مستحيل: ولادتان عذراويتان حدثتا في التاريخ- واحدة أثناء حياة آحاز والأخرى الخاصة بأم يسوع. لكن توصَّلنا من قبل إلى الدليل القاطع المعارض: الأدلة توضح بكل جلاء أن (علْماه) في نبوة إشعياء تعني فتاة عذراء صغيرة في سن الزواج، وليس مجرد فتاة صغيرة، فـ (علْماه) هي بالتحديد عذراء تحبل.

ثانيًا: التحقيق العاجل الذي يدعونه لا يأخذ في حسبانه بشكل جدي الأزمنة النحوية التي وردت في نص إشعياء 7: 14، والتي تصل بنا إلى اعتبار كلمة (علْماه) هي في نفس الوقت عذراء حامل.

ثالثًا، طبيعة العلامة في إشعياء 7: 14 لها خاصية تفوق الطبيعة فإن حمل امرأة بواسطة العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة لا تكفي لتوثيق وإثبات كلمة الله. من المطلوب حدوث معجزة، وولادة طفل من فتاة عذراء هي المعجزة.

رابعًا، من السياق الأكبر لنص النبي إشعياء في الفقرات 6- 12، نستنتج أن عمانوئيل وهو الطفل الذي وُلد من رحم عذراء، يجب أن يكون إنسانًا إلهيًا وليس مجرد إنسان (انظر إش 9: 6، 7، 11: 1- 16). وليس هناك غير يسوع المسيح الناصري.

وأخيرًا، فإن النبوءة التي أُلقيت على مسامع الملك آحاز في (إش 7: 14)، كرئيس مؤقت على بيت داود الملكي ومن سوف يليه من نفس البيت. وجزئيًا، هذه النبوة صدرت لتبين لآحاز ومن يلحقه أن بيت داود سوف يستمر ويعيش إلى الأبد. وهذا يدعِّم رأي حدوث تتميم النبوة في المدى البعيد وليس القريب. ويؤكد الباحث شارلز فيبنرج هذه النقطة بقوله:

كان آحاز ورجال بلاطه في خوف دائم من انقراض بيت داود وإحلاله بالحكم الأشوري. مع ذلك، كلما طال الزمن اللازم للوفاء بذلك الوعد لبيت داود، كلما طالت مدة بقاء هذه السلالة الملكية لترى بعينها تحقيق هذا النبوة وهذا ما عبَّر عنه الأستاذ الكسندر أفضل تعبير: «… أن التأكيد بأن المسيح سوف يولد في يهوذا، ومن العائلة الملكية، ربما تكون علامة لآحاز، بأن مملكته لن تنتهي في عهده، وأن تحقيق هذه العلامة سيكون في زمن بعيد.

وكلما بعُد الوعد كلما كان تحقيقه قويًا في استمرارية يهوذا. لذا فإن هذا الاستنتاج لا مفر منه. ليس هناك أساس قوي، سواء نحويًا، أو تاريخيًا، أو منطقيًا للشك في المعنى الحقيقي، وهو أن الكنيسة في كل أجيالها كانت على حق في اعتبار هذا النصّ كعلامة وتنبؤ واضح للحبل المعجزي ومسقط رأس يسوع المسيح»[69].

لذلك يمكن لنا أن نتفهم عقيدة ولادة السيد المسيح المعروضة في العهد الجديد وارتباطها بالتعليم والنبوءات التي كُتبت في أسفار العهد القديم.

شهادة آباء الكنيسة الأولى

من الأمور المهمة في تاريخ الكنيسة الأولى هو الاعتقاد في عذراوية الميلاد في شهادات الآباء الأولين. في سنة 110م، كتب أغناطيوس أسقف مدينة أنطاكية السورية في كتابه «رسالة إلى الأفسسيين 18: 2» قائلًا «لأن إلهنا يسوع المسيح كان.. حبل به في رحم مريم.. بالروح القدس». وكتب أيضًا «الآن فإن عذراوية مريم، ومن وُلد منها.. هي من الأسرار والغوامض التي يُنطق بها في كل أنحاء العالم، لقد صنع الله ذلك سرًا»[70].

وأغناطيوس استمد تعليمه من يوحنا الرسول.

يقول إريكسون بأن أغناطيوس بكلامه هذا كان يعارض جماعة من الناس يدعون الدوسيتيين، هؤلاء الناس كانوا ينكرون طبيعة المسيح البشرية وأنه إجتاز فعلًا ولادة بشرية وعانى من الآلام. بالنسبة لهم كان يسوع قدوسًا لكن ليس إنسانًا. فتحدَّى أغناطيوس هذه الهرطقة بإصداره «ملخص الحقائق الخاصة بالمسيح». من ضمن تلك الحقائق كان «الاعتقاد بدوام عذراوية القديسة مريم كأحد الأسرار التي لا يُنطق بها».

وتبعًا لما يقوله إريكسون:

هناك عدد من الملاحظات تجعل من هذا الاعتقاد شأنًا أعظم:

(1) لأن أغناطيوس كان يكتب معارضًا هذه الجماعة، فإن تعبير «مولود من امرأة (كما في غلاطية 4: 4) مفيد له أكثر من «مولود من عذراء».

(2) أن هذا الاحتجاج لم يكتبه إنسان مبتديء، لكن كتبه أسقف الكنيسة الأولى لمسيحيي الأمم.

(3) كتب هذا في حدود سنة 117م. وكما يلاحظ جريشام ماكين عندما قال: «عندما نجد أن أغناطيوس يُصدِّق على الميلاد العذراوي ليس كأمر جديد لكن كأمر بديهي، كأحد الحقائق المقبولة الخاصة بالمسيح، ومن الواضح أن الاعتقاد في الميلاد العذراوي كان سائدًا قبل نهاية القرن الأول»[71].

ويكتب كليمنت روجرز:

«لدينا دليل آخر يوضح أن الإيمان الذي جاهر به أغناطيوس لم يكن جديدًا عليه. لأننا نعلم بأن ميلاد المسيح العذراوي الذي يؤمن به المسيحيون كان يُهاجم من الآخرين. فمثلًا كان هناك سيرينيوس المعارض المعاصر للقديس يوحنا، ويقال أن يوحنا تقابل مع هذا الرجل في الحمامات العامة وصاح: «دعنا نهرب لكي لا ينطبق علينا الحمَّام بسبب تواجد سيرينيوس، عدو الحقيقة، المتواجد هنا». هذا الرجل، كما أخبرنا إيريناوس كان يُعلِّم بأن المسيح وُلد من علاقة يوسف بمريم[72].

وهناك أيضًا شهادة بعض الكُتَّاب الذين ظهروا بعد أيام الرسل، ومنهم أرستيدس الذي كتب في سنة 125م عن الميلاد العذراوي:

«هو ابن الله في الأعالي، والذي تصوِّر في الروح القدس، أتى إلينا من السماء، ووُلد من عذراء عبرانية وأخذ جسدا ًمنها… وهو الذي حسب الجسد وُلد من جنس العبرانيين، بقوة الله التي حلَّت على العذراء مريم»[73].

ويعطينا ق. يوستينوس الشهيد في سنة 150م دليلًا مطولًا عن الحبل المعجزي ليسوع:

«معلمنا يسوع المسيح، لم يولد نتيجة لتزاوج جنسي… نزلت قوة الله على العذراء وظللتها، وجعلتها وهي مازالت عذراء حاملًا… لأنه، بقوة الله حُمل به من عذراء… بإرادة الله، ولد ابنه يسوع المسيح من العذراء مريم»[74].

ويضيف ايضًا: ذا كان سيولد عن طريق اتصال جنسي مثل اي ابن بكر، فلماذا يعلن الله بإسلوب مهيب انه يعطينا علامة غير مألوفة لاي ابن بكر! اما هذه العلامة الحقيقية والبرهان الدافع هو أن بكر كل خليقة سيولد من رحم عذراء[75].

كان ترتليان من أبرز المتكلمين باللغة اللاتينية والذي أعتنق المسيحية وكان مدافعًا عنها، يخبرنا أن تلك العقيدة لم توجد فقط في أيامه (200م) بل إنه اعتقاد مسيحي كانت تأخذ به كل الكنائس. وقد اقتبس هذه العقيدة أربع مرات (مريم العذراء)[76].

 

14- وردت في متى 2: 1-10 قصة مجيء المجوس إلى أورشليم برؤية نجم المسيح في المشرق، وقيادة النجم لهم بأن تقدَّمهم حتى جاء ووقف فوق الصبي، وهذا غلط، لأن حركات الكواكب السيارة، وكذا الحركة الصادقة لبعض ذوات الأذناب هي من المغرب إلى المشرق؟!

كان ظهور النجم علامة معجزية من الله ولذلك فإنه من الطبيعي الا يتوافق مع معطيات علم الفلك الطبيعية، ولو انه توافق مع معطيات علم الفلك ولم يكن ظهوره وحركته شيئًا غريبًا لما تبعه المجوس.

فالنجم هُنا لا يجب تفسيره بالمعاني العلمية الخاصة بعلم الفلك مثل مولد نجم أو التقاء كوكبي، لكنه بالأحرى تدخل الله المعجزي[77]. فالمحدود لن يقدر على استيعاب الغير محدود، فالله كثيرًا ما يتدخل مُخترقًا ومتجاوزًا حدود الزمن والمكان بطريقة لا نستطيع تفسيرها لأنها معجزة فوق الأمور الطبيعية المعتادة التي نستطيع فحصها بالمنطق والعلوم التحليلية.

 

15- في مت 2: 2، كيف يبارك الرب عمل المجوس ويقودهم عن طريق نجم، بينما الكتاب المقدس يرفض العرافة التنجيم (لا19: 26، تث18: 10، اش8: 19)؟

الله قد حرم في هذه النصوص عبادة النجوم، والاتكال عليها لمعرفة الأزمان وما إلى ذلك.

ولكن الأمر يختلف في موضوع ظهور النجم للمجوس لان الله استخدم العلوم التي يعرفونها جيدًا ليعلن من خلالها لكل الأمم عن ميلاد المسيا المُخلص.

فهذا النجم لم يكن ظاهرة طبيعية، لكنه كان حقيقة خارقة للطبيعة، ومشابهة لعمود السحاب الذي كان يهدي بني إسرائيل في زمن موسي (خر13: 21).

انظر ردنا على مت2: 1

 

16- متى 2: 6 تخالف ميخا 5: 2

ق. متى كان يستخدم النصوص بحرية كبيرة، فهو يستخدم النص لكي يُعبر عن إيمانه بمسيانية يسوع، وسبب استخدام متى لهذا النص تحديدًا هو انه تُرجِمَ كنص مسياني عند كل الرابيين اليهود القدامى والمُحدثين[78]. فمتي الإنجيلي هُنا يضع النص في معناه المسياني، وهذا الأسلوب هو المُتبع عند كل مُعاصريه من اليهود وذلك واضح من أسلوب كتابة الترجوم على أسفار العهد القديم.

فمثلًا، ترجوما يوناثان واونكيلوس اوردا النص كالاتي: [منك يخرج لي المسيا الملك الذي يكون متسلطًا…].

 

انظر أيضًا ردنا على: مت2: 15، مت 2: 17، 18.

 

17- كيف تكون نبوة هو 11: 1 والتي اقتبسها متى (مت 2: 15)، نبوة مسيانية؟

ينبغي ألا يغيب عن ذهن القارئ أن الرمزية في الكتاب المقدس هي علم قائم بذاته كتب عنه العلماء العديد من الكتب لا يمكن حصرها، فدراسة الرموز في الكتاب المقدس يفيد جدًا استنتاج الشخص أو الحدث المُراد الحديث عنه بصورة رمزية، ومن ثم يعتبر الرمز على مستوي النبوءة. واغلب إشارات العهد القديم عن المسيا والتي استخدمها متى البشير هي من هذا النوع، ليست نبوات مباشرة.

بكلمات أخرى، أن العنصر التنبؤي لا يوجد بصورة مباشرة في المقام الأول في المقطع المُقتبس من العهد القديم، لكن على خلفية حياة المجتمع الإسرائيلي وتاريخه. هذا النوع من المقاطع الكتابية يشير قبل كل شيء إلى أحداث في الماضي أكثر منها في المستقبل[79]. فالقديس متى هُنا يُحقق الآية التي تخص شعب إسرائيل على إسرائيل الحقيقي الذي هو المسيا.

-انظر أيضًا ردنا على مت 2: 6، مت 2: 17، 18

 

18- ورد في متى 2: 17 و18 حينئذ تمّ ما قيل في إرميا النبي القائل.. وهذا أيضًا غلط وتحريف من الإنجيل، لأن هذا المضمون وقع في إرميا 31: 15، عن حادثة بختنصر التي وقعت في عهد إرميا

نعم أن نبؤة ارميا هذه ليست نبؤة مباشرة عن أطفال يقتلون بواسطة هيرودس، ولكن عندما تقول النبوة (راحيل تبكي على أولادها)، فراحيل هُنا لا تبكي على أطفال بيت لحم بل على شعب إسرائيل المسبي خارج ارضه، وهكذا أيضًا المسيا الذي سُبي خارج أرضه عندما ذهب عنوة إلى مصر، فالقديس متى هُنا –مثل بقية مسيحيين عصره- يري في السيد المسيح إسرائيل الحقيقي، ولهذا وجد في هذه النبوة التي تتحدث عن سبي شعب إسرائيل انها تتحدث عن سبي إسرائيل الحقيقي أيضًا خارج أرضه.

-انظر أيضًا ردنا على مت2: 6، مت 2: 15

 

19- في متى 2: 19 أن هيرودس الملك مات لما كان المسيح طفلًا في مصر، بينما يؤكد لوقا 23: 8 أن هيرودس كان حيًّا بعد ذلك بأكثر من ثلاثين سنة، وأن المسيح مثُل أمامه للمحاكمة

هيرودس الذي يتحدث عنه ق. متى هُنا هو هيرودس الكبير والذي كان ملكًا على اليهودية من 37 ق. م إلى 4 ق. م[80]. ولا عجب في ذلك لان يسوع لم يولد في سنة 1 م بل ولد قبل ذلك في سنة 5 أو 6 ق. م، وقد حدث هذا الخطأ بسبب الراهب دينيس الذي أرخ لبداية التقويم الميلادي من سنة 754 لتأسيس روما، وهذا خطأ.

ويُعرف أيضًا هيرودس الكبير هذا بهيرودس الأول، والذي كان واليًا على اليهودية[81]. والذي كان معروفًا بأنه شخص مجنون وقتل الكثير من الرابيين اليهود وحتى من عائلته[82]، هو صاحب العقل الشرير الذي يرغب في تدمير كل شيء يقف أمام مملكته وطموحاته[83]. وكما يقول ق. متى فقد ملك ابنه ارخيلاوس عوضًا عنه[84].

وهُناك هيرودس آخر وهو الذي يتحدث عنه ق. لوقا (وهو المذكور أيضًا في مت 14) وهو الذي قتل يوحنا المعمدان وفي عهده صُلِبَ المسيح وهو هيرودس انتيباس، أو هيرودس انتيباتيروس بحسب النطق اليوناني، وكان هو الحاكم من 4 ق. م حتّى سنة 39 م على منطقة الجليل وبيريا، وقد كان هو الابن الأكبر لأبيه هيرودس الكبير من زوجته ملثاكا[85].

وهُناك أيضًا هيرودس اغريباس ابن ارسطوبولوس وحفيد هيرودس الكبير وهو الذي حكم الجليل وبيرية عام 39 م خلفًا لعمه هيرودس انتيباس، وبعد ذلك عينه كلوديوس ملكًا على اليهودية والسامرة وبهذا أصبح ملكًا على كل فلسطين. وهو الذي قطع رأس يعقوب وسجن بطرس أع 12 ومات عندما ضربه ملاك الرب بحسب ما جاء في سفر الأعمال (أع 12: 19 وما بعدها)[86].

 

ويوجد أيضًا أخرين باسم هيرودس ومن نفس عائلة هيرودس الكبير، لكن هؤلاء هم الملوك الثلاثة باسم هيرودس الأساسيين في العهد الجديد.

 

20- ورد في إنجيل متى2: 23 وأتى وسكن في مدينة يُقال لها ناصرة، لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيُدعَى ناصريًا، وهذا غلط، ولا يوجد في كتاب من كتب الأنبياء

كان يُشار إلى المسيحيين بحسب ما جاء في سفر الأعمال بأنهم ناصريين كنوع من الإزدراء (أع 5: 24)، ففي القرن الأول كان المسيحيين القارئين لإنجيل متى الذين ذاقوا أنواعا من الاحتقار والسخرية، كان في استطاعتهم أن يفهموا سريعًا قصد ق. متى هُنا. فهو لم يقل انه يوجد نبي من أنبياء العهد القديم قال ذلك حرفيًا أن المسيح سوف يعيش في الناصرة!

لكنه يقول إن أنبياء العهد القديم تنبأوا أن المسيا سيكون مرزول ومُحتقر (انظر: مز 22: 6- 8، 69: 8، 20- 21، اش 1: 1، 49: 7، 53: 2- 3، دا 9: 26). فقد أختار ق. متى موضوع قد تمت إعادته مرارًا وتكرارًا لكي يربطه بموطن المسيح الذي هو أيضًا موطن لكل شخص مُزدري به. فهنا ق. متى يعطينا فحوى مجموعة نصوص من العهد القديم وليس نص واحد صريح عن الأمر[87].

لقد أورد القديس متى 11 نبوة تحققت في المسيح (انظر 1: 23، 2: 15، 2: 18، 2: 23، 3: 3، 4: 15، 8: 17، 12: 8- 21، 13: 35، 21: 5، 27: 9)، كلها أتت بها كلمة الأنبياء بصيغة المُفرد، عدا هذه الآية التي ندرسها الآن هي الوحيدة التي استخدم فيها صيغة الجمع[88]. فصيغة الجمع هذه معناها أن هذا النص ليس حرفيًا، بل هو شهادات متواصلة تتخلل أسفار الأنبياء عن المسيا المُحتقر، لخصها ق. متى بقوله (سيُدعي ناصريًا).

فعندما يقول القديس متى لفظ (الأنبياء) وليس (النبي)، فهو لا يقصد نبي مُحدد، ولكن فحوى نبوات الأنبياء الذين تحدثوا أن المسيا سيكون مُحتقر، ذلك لان الناصرة كانت مقر الحامية الرومانية للمناطق الشمالية من الجليل، ولذلك نظر اليهود إلى سُكانها على أنهم مجموعة من المتنازلين المُتعاملين مع الأعداء[89]. فكان قادة اليهود دائمي السؤال: امن الناصرة[90] يخرج شيء صالح؟ (يو1: 46)، لكن ق. متى رد على اعتراضهم بأن أظهر المعني الإلهي في اختيار الناصرة كموطن للمسيح. فكان ق. متى دائمًا ما يجاوب اليهود على اعتراضاتهم من ثقافتهم الخاصة[91] (أي من العهد القديم وتعاليم الرابيين).

 

ولذلك يكتب ق. جيروم:

لو وجدت هذه الآية في الكتاب المقدس، لما قال: لأنه قيل بلسان الأنبياء. بل لقال صراحة: لأنه قيل بلسان النبي. والآن، بكلامه العام على الأنبياء بعامة، أظهر انه لم يأخذ الكلام حرفيًا، بل استعمل المعني العام للكتاب المقدس[92].

 

21- ورد في متى 3: 14 أن المسيح أتى إلى يوحنا ليعتمد منه، فمنعه يوحنا! ثم اعتمد المسيح وصعد من الماء، فنزل عليه الروح مثل حمامة، وورد في يوحنا 1: 33 وأنا لم أكن أعرفه (وعرفتُه بنزول الروح مثل حمامةٍ ونارٍ)، وفي متى 11: 3 لما سمع يوحنا بأعمال المسيح أرسل اثنين من تلاميذه يسألونه: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟، في الأول عرف يوحنا قبل نزول الروح، وفي الثاني عرفه بعد نزول الروح، وفي الثالث لم يعرفه بعد نزول الروح.

صحيح انه مكتوب في إنجيل ق. متي: وَلَكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلًا: «أَنَا مُحْتَاجٌ أن أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» (مت 3: 14)، ولكن أيضًا نقرأ في إنجيل ق. يوحنا: وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! 30 هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لأنه كَانَ قَبْلِي. (يو1: 29- 30)، ففي النصين السابقين نري أن يوحنا المعمدان عرف المسيح قبل أن يُعمده ويري الروح نازلًا عليه.

 

لكن ماذا عن النص الذي يقول فيه انه لم يكن يعرفه! (يو1: 33)، هُنا ق. يوحنا لا يقول انه لم يكن يعرفه بمعني انه يجهله ولكن انه لم يكن يعرفه بمعني انه لم يكن ليتأكد انه هو ويخبر الشعب بذلك إلا بعلامة إلهية، فيوحنا المعمدان هنا لا ينفي انه كان يعلم هويته، ولكنه يقول انه ما كان ليُخبر عن معرفته هذه للشعب إلا أن كان الله سبق وأعلن ذلك لهم.

وهذا ما أخبرنا به ق. يوحنا فم الذهب إذ يقول: [نعم أن شهادة المعمدان كانت فوق كل شبهة، لكن لرغبته في أن تكون أهلًا للتصديق أكثر من غيرها، رفعها الله كشهادة من الروح القدس ذاته، وأيضًا هو يصف جهله به في الزمان السابق إذ كان يوحنا يعيش بعيدًا في البرية وليس في زمان المعمودية نفسه (إذ قال انا لم أكن اعرفه ولم يقل انا لم اعرفه إلا بعد نزول الروح القدس)[93]]

أما سؤال يوحنا الأخير عن المسيح، فهو سؤاله كيهودي مُتعثر في شخص المسيح، إذ كان ينتظر المسيا الملك الذي سيُعيد المُلك لإسرائيل بينما يفاجًا بالمسيا الذي يدعو للخلاص ومغفرة الخطايا.. فهو ليس سؤال عن جهل بشخص المسيح ولكنه سؤال عن تعثر في رسالته التي كان ينتظرها أرضية سياسية فيفاجأ بأنها دينية سماوية.

 

22- جاء في متى 3: 15 قول المسيح للمعمدان بخصوص معمودية المسيح اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر، وهذا يعني أن بعض الفرائض الدينية وخاصة المعمودية لا فائدة منها ولا معنى روحي لها؟

أولا: المسيح هُنا يقول ليوحنا اسمح أن نكمل كل بر (3: 15)، فقد وصف هذا العمل أولا بالبر.

ثانيًا: السيد المسيح قال ذلك عن نفسه هو لأنه لم يكن محتاجًا إلى المعمودية إذ هو بلا خطيئة (عب4: 15، 1يو3: 5، 1بط2: 22، يو8: 46)، فشخص السيد المسيح نفسه ليس محتاجًا للمعمودية بل قام بها من أجلنا أي لكي يؤسس لنا طريق وسر المعمودية.

ثالثًا: المسيح نفسه أوصى التلاميذ وفي ذات الإنجيل أن يعمدوا كل من يتتلمذ على أيديهم باسم الأب والابن والروح القدس (مت28: 19)، فكيف تكون المعمودية بلا قيمة وقد أوصي بها يسوع كأخر وصية للتلاميذ قبل صعوده؟!

 

23- في مت 3: 16، لماذا انتظر المسيح حتّى وصل إلى سن الثلاثين لكي يحصل على نعمة الروح القدس في معموديته على يد يوحنا المعمدان؟ بينما يوحنا المعمدان كان مملوء من الروح القدس من وقت الحبل به (لو1: 15)!

المسيح لم يحصل على الروح القدس وقت معموديته، لان يوحنا المعمدان أعلن ذلك حين قال له: وَلكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلًا: «أَنَا مُحْتَاجٌ أن أَعْتَمِدَ مِنْكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ، لأنه هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أن نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ. (مت3: 14، 15).

لكن معمودية المسيح كانت استعلان لان هذا هو المسيا الآتي، فنزول الروح عليه لم يكن لتقديسه لأنه ولد بالروح القدس (مت1)، وجسده مقدس لأنه مولود بالروح القدس ومتحد بالله الكلمة، إلا أن معموديته كانت مجرد إشارة على أن هذا هو الشخص المميز المنتظر أو المسيا الآتي.

ولم تكن فقط لإستعلان الله الإبن بل أيضًا لان تكون إشارة إلى تقديس أو بدء وتأسيس المعمودية لمن سيتبعون يسوع ويعتمدون على مثاله، فيكتب ق. كيرلس الأورشليمي:

لقد قدس يسوع المعمودية باعتماده بنفسه، أن كان ابن الله قد اعتمد فكيف يمكن أن يكون ورعًا من يحتقر العماد. انه لم يعتمد لنوال غفران الخطايا إذ هو بلا خطيه. لكنه إذ هو هكذا بلا خطيه اعتمد ليهب المعمدين نعمه سماوية علويه (عب 2: 14). حتّى إذ تشاركنا بحضوره في الجسد نصير شركاء معه في نعمته الإلهية. هكذا اعتمد يسوع لكي شركنا معه نتقبل الخلاص والكرامة[94] .

 

24- اختلف البشيرون في رواية خبر الصوت الذي سُمع من السماء وقت نزول الروح القدس على المسيح، فقال متى 3: 17 هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت، وقال مرقس 1: 11 أنت ابني الحبيب الذي به سُررت وقال لوقا 3: 22 أنت ابني الحبيب الذي بك سُررت؟

من الطبيعي عدم إلتزام الكاتب بالحرفية فيما يكتب. فمثلًا في قصة عماد المسيح يذكر القديس متى أن صوتًا من السماء قال: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت (مت 3: 17)، بينما بحسب رواية لوقا فإن هذا الصوت قد قال: انت ابني الحبيب الذي به سررت (لو 3: 22). كذلك يختلف الأمر بين البشائر الاربعة حين يذكرون النص الذي كتب وعلق على صليب السيد المسيح، فبينما يقول متي: [هذا هو يسوع ملك اليهود]، يقول مرقس: [ملك اليهود]، ويكتب لوقا: [هذا هو ملك اليهود]، ويختم يوحنا: [يسوع الناصري ملك اليهود].

وحدث نفس الأمر أيضًا في الصلاة الربانية وفي نصوص أخرى كثيرة في الكتاب المُقدس بعهديه. وهكذا تعامل الاباء مع النص الكتاب المُقدس فقد كانوا عادة ما يتلونه من الذاكرة، فيشير القديس جيروم عدة مرات إلى أن مسيحي القرون الاولي، بما فيهم الرسل والبشيرين، في إقتباسهم للعهد القديم لم يحتسبوا حرف الكتابات المُقدسة بنفس العقيدة الخرافية التي كانت منذ البداية تُميز الموقف اليهودي تجاه تقديسه لحرف النص، لقد فهم الاباء أن الحرف له قيمة فقط من خلال معناه، وأن الكتاب إنما كُتِبَ للإنسان، وليس الإنسان للكتاب.

هذه الطريقة في رؤية الكُتب المُقدسة ظاهرة بوضوح في إقتباسات العهد الجديد في كتابات الكُتاب الكنسيين الأوائل، فهم ليسوا فقط يقتبسون من الذاكرة بشكل تقريبي، بل أنهم يستخدمون غالبًا الإشارات الضمنية بدلًا من الإقتباسات الدقيقة. ويبدو واضحًا أن ما نظروه في النص كان معني أعمق لا يُمكن أن يتأثر بأي شكل من التغيرات النصية[95]. لأن المسيحية ليست مبنية على نص لكنها متأسسة على شخص المسيح وهي التي كرز بها الرسل وعبروا عنها بإسلوبهم، وكان روح الله يعمل فيهم حتّى لا يخطئوا في إيصال القصد من الرسالة، وليس أن يكتبوا نفس الرسالة وكأنها اقتباسات نصية مجردة من بعضهم البعض.

 

25- هل في معمودية المسيح المذكورة في مت3: 16- 17 عند الظهور الالهي، هل هذا يعني أن الأب والابن والروح القدس هم ثلاثة اشخاص منفصلين؟

طبيعة الله هي طبيعة واحدة بسيطة، وبسيطة تعني انها غير مركبة من اجزاء، فالاقانيم ليسوا اجزاء في الله وكأن الإبن هو جزء من الله والاب هو جزء اخر وهكذا.. هذا فهم مشوه عن طبيعة الله الثالوث. ويكتب ق. اثناسيوس الرسولي: الثالوث المبارك لا يتجزأ، وهو واحد في ذاته، لأنه حينما ذ ُكر الأب ذُكر الإبن الكلمة والروح القدس الذي في الإبن، وإذا ذُكر الإبن فان الأب في الإبن، والروح القدس ليس خارج الكلمة لأن الأب نعمة واحدة تتم بالإبن في الروح القدس، وهناك طبيعة إلهية واحدة[96].

فالله غير مكون من اجزاء وغير قابل للتجزئة وكل اقنوم هو كل ما هو الله منذ الازل لان فيه ومعه الاقنومين الآخرين في احتواء متبادل بغير انفصال.

وهذا ظهر جليًا هُنا في حدث المعمودية إذ أن الإبن المُتجسد أظهر انه غير مُنفصل عن الأب والروح القدس إذ هم متواجدون معه كما هم معه وفيه دائمًا، ولذلك يكتب ق. امبرسيوس: نحن نقول إله واحد ونعترف بالآب والإبن. لقد كُتِبَ (احبب الرب إلهك ولا تعبد سواه. تث 10 : 20) اما يسوع فقد رفض انه منفرد بنفسه إذ قال (لا اكون وحدي لان الأب معي. يو16: 32). ليس هو وحده الآن لإن الأب يشهد انه حاضر معه. الروح القدس حاضر (ايضًا). لان الثالوث غير منفصل[97] .

والظهور في هيئات جسدية حيث الابن متجسد ومتحد بجسد المسيح والروح القدس ظاهر في هيئة حمامة والله الأب ظاهر كصوت من السماء، هذا لا يحد طبيعة الله الغير محدودة والموجودة في كل مكان، ولكنه مجرد اعلان حتّى يستطيع أن يستوعبه ويتفهمه البشر، ولا يعني أن الله في طبيعته هو هكذا حمامة وجسد انسان وصوت، فهذا تصور طفولي عن طبيعة الله كما هو في ذاته وجوهرة وليس ما يظهره ويعلنه لنا.

فالثالوث القدوس ليس له هيئة جسمية ولذلك فهو بعيد تمامًا عن أن يكون محدود بمكان أو منفصل مكانيًا، هذا لان طبيعة الله روحية وفوق المكان والزمان فلا يُمكن أن تُمسك بالمكان أو الزمان ولا أن يكون هذا عامل إنفصال بين اقانيم اللاهوت الذين هم كل ما هو الله الواحد منذ الازل، ويكتب ق. اغسطينوس:

هنا يظهر لنا الثالوث بصوره مميزة، الأب في الصوت، الابن في الإنسان، الروح القدس في الحمامة. انه امر واضح جلي لأي إنسان يُريد أن يراه. فينقل الينا الاعتراف بالثالوث بحيث لا يترك اي مجال للشك أو التردد …

نحن نؤمن أن الأب والإبن والروح القدس ثالوث لا ينفصل، إله واحد لا ينفصل، وليس هوثلاثة الهه. لكن هناك إله واحد على نحو لا يكون فيه الإبن هو الأب ولا الأب هو الإبن ولا الروح القدس هو الأب أو الإبن. هذه الالوهية التي لا توصف حاضرة في كل مكان مجددة كل شئ، فهي تخلق وتعيد الخلق وترسل وتعيد إلى الحياة، وتحكم وتُخلص. هذا هو الثالوث الفائق الوصف وغير المنفصل[98] .

 

[1] R. T. France، vol. 1، Matthew: An Introduction and Commentary، Tyndale New Testament Commentaries. P، 77.

[2] See، Flavius Josephus and William Whiston، The Works of Josephus: Complete and Unabridged، Includes Index.، Life 1-.12.

[3] كلمة يونانية معناها من له صلة بالسيد.

[4] تاريخ الكنيسة، للعلامة يوسابيوس القيصري، ترجمة الأب مرقس داود، 7: 13، 14

[5] J. Jeremias، Jerusalem in the time of jesus، London. 1969. Pp. 213- 221. 275- 303.

[6] M. D. Johnson، The Purpose of The Biblical Genealogies، Cambridge، 1969، p، 238.

[7] Witherington III، the birth of jesus، dictionary of jesus and the gospels، p. 65

[8] Geisler، when critics ask، p. 385

[9] Archer، encyclopedia of bible defficulties، p. 316

[10] وهو على ما كان يُظَّن بن يوسف، بينما حرفيًا يجب أن تكون الإبن ليوسف حتّى تكون مُعرفة، وهذا لم يحدث هُنا.

[11] وهو الإسم المُختصر من Ἠλιακίμ- يواقيم وهو الاسم الذي تسلمته الكنيسة القبطية كأب لمريم العذراء بحسب التقليد. انظر: John Nolland، vol. 35A، Word Biblical Commentary : Luke 1:1-9:20، Word Biblical Commentary (Dallas: Word، Incorporated، 2002)، p. 171.

[12] يوضح التلمود أن اسرة الاب فقط هي التي تدعي اسرة، اما اسرة الام فلا تدعي هكذا. (Baba Batra 109B)

[13] See، jer talmud، hagigah 2: 4 ; Sanhedrin 23: 3- babylonian talmud، Sanhedrin 44: 2

[14] Harmony of the Gospels 2.1.2–3

[15] Exposition of the Gospel of Luke 3.4.

 [16] تاريخ الكنيسة 7: 17

[17] Richard C. Blight، An Exegetical Summary of Luke 1-11، 2nd ed. (Dallas، TX: SIL International، 2008)، p. 141.

[18] See، Arn Arndt، William F. Luke. St. Louis: Concordia، 1984. Gdt Godet، F. A Commentary on the Gospel of St. Luke. 2 vols. 1870. Reprint. Edinburgh: T. & T. Clark، 1957. Lns Lenski، R. C. H. The Interpretation of St. Luke’s Gospel. Minneapolis: Augsburg، 1946. NIC Geldenhuys، Norval. Commentary on the Gospel of Luke. New International Commentary on the New Testament. Grand Rapids: Eerdmans، 1951. NIVS Barker، Kenneth، ed. The NIV Study Bible. Grand Rapids: Zondervan، 1985. NTC Hendriksen، William. Exposition of the Gospel According to Luke. New Testament Commentary. Grand Rapids: Baker، 1978. Rb Robertson، Archibald Thomas. The Gospel According to Luke. Word Pictures in the New Testament، vol. 2. Nashville، Tenn.: Broadman، 1930.

[19] Targ. in Ruth. i. 4. T. Bab. Sanhedrim، fol. 105. 2. Horayot، fol. 10. 2. Nazir. fol 23. 2. Sota، fol. 47. 1. Zohar in Deut. fol. 109. 2. Shalshelet Hakabala fol. 8. 1

[20] Targ. in Ruth 3.15. T. Bab. Sanhedrim، fol. 93. 7. Midrash Ruth، fol. 34. 4. Zohar in Gen، fol. 72. 1. Tzeror Hammor، fol. 20. 4. & 123. 4. & 132. 4.

[21] التفسير الحديث لسفر الخروج، د/ الان كول، ص 177.

[22] Epis. 130: 9

[23] In Matt. 1:2.

[24] R. T. France، vol. 1، Matthew: An Introduction and Commentary، P، 79

[25] الكنز الجليل في تفسير الانجيل، د/ وليم ادي، ص 5.

[26] The NET Bible First Edition Notes (Biblical Studies Press، 2006; 2006)، Je 22:30.

[27] Kimchi in 1 Chronicles 3.17. & in Jeremiah 22.30.

[28] Charles L. Feinberg، “Jeremiah” In، in The Expositor’s Bible Commentary، Volume 6: P، 516.

[29] جون ماك ارثر، ص 1515.

[30] William Hendriksen and Simon J. Kistemaker، vol. 9، New Testament Commentary: Exposition of the Gospel According to Matthew، P، 119.

[31] The NET Bible First Edition Notes (Mt 1:11).

[32] Catena Aurea: Commentary on the Four Gospels، Collected Out of the Works of the Fathers، Volume 1: St. Matthew، P. 26.

[33] John Jr MacArthur، The MacArthur Study Bible. (Nashville: Word Pub.، 1997، c1997)، Mt 1:17.

[34] A commentary، critical and explanatory، on the Old and New Testaments. (Mt 1:11).

[35] Juchasin، fol. 13. i.

[36] John MacArthur، The MacArthur Study Bible: New American Standard Bible. (2006)، Mt 1:3.

[37] Cathedral Sermons، Homily 94.

[38] In Matt. 1:3.  

[39] Homilies on the Gospel of Luke 28.2

[40] Les genealogies de jesus en matthieu luc. Pp. 56- 58

[41] See: the Babylonian Gemara، Megill. fol. 14. 2.

[42] F. youga، lepitre de saint Jacques. Geneve، labor et fides، p. 90.

[43] D’apres ch. Perrot. Les recits de l’enfance de jesus. Matthieu 1:2

[44] Robert Jamieson، A. R. Fausset، A. R. Fausset et al.، A Commentary، Critical and Explanatory، on the Old and New Testaments، On Spine: Critical and Explanatory Commentary. (Oak Harbor، WA: Logos Research Systems، Inc.، 1997)، Mt 1:17. See also، So Schöllig (v) and Schweizer، Matthew، p. 23. Cf. Bengel 1، p. 59. Augustine، Con. ev. 2.4.10 counts Jechoniah twice. & W. D. Davies and Dale C. Allison، A Critical and Exegetical Commentary on the Gospel According to Saint Matthew (London; New York: T&T Clark International، 2004)، 186.

[45] John Jr MacArthur، The MacArthur Study Bible، electronic ed. (Nashville: Word Pub.، 1997، c1997)، Mt 1:17.

[46] Donald A. Hagner، vol. 33A، Word Biblical Commentary: Matthew 1-13، Word Biblical Commentary (Dallas: Word، Incorporated، 2002)، 21.

see also، R. T. France، vol. 1، Matthew: An Introduction and Commentary، Tyndale New Testament Commentaries (Nottingham، England: Inter-Varsity Press، 1985)، 84.

[47] مأخوذة بتصرف عن كتاب: برهان جديد يتطلب قرار.

[48] Hindson، Isaiah’s immanal، grace journal 10، II،7

[49] Niessen، the virginity of the almah in Isaiah 7: 14، bibliotheca sacra، p. 137

[50] Myers، the use of almah in the Old Testament، the Lutheran quarterly 7، p. 139

[51] Niessen، ibid، p. 138

[52] ibid

[53] Hindson، ibid،7

[54] Niessen، ibid، p.140

[55] Deere، song of songs، the bible knowledge commentary; Old Testament، p. 1011، 1012

[56] Niessen، ibid، p.140

[57] Machen، the virgin birth of Christ، p. 288

[58] Beecher، the prophecy of virgin mother، classical evangelical essays in Old Testament interpretation، p. 179-80

[59] Niessen، ibid، p. 142- 43

[60] Feinberg، the virgin birth in the old testament، bibliotheca sacra، I، p. 254

[61] Hindson، ibid، 6

[62] Calvin، commentary of the book of the prophet Isaiah، vol 2، p. 245

[63] Hindson، ibid، 8

[64] Wilson، the meaning of almah in Isaiah VII. 14، Princeton theological، 310-15

[65] Morris، the bible has the answer، p. 36

[66] Witherington III، the birth of jesus، dictionary of jesus and the gospels، p. 64

[67] Ibid، p. 9

[68] Mueller، a virgin shall conceive، p. 205-6

[69] Feinberg، the virgin birth in the Old Testament، bibliotheca sacra، I، p.258

[70] Wells، OH، 19: 1

[71] Erickson، Christian theology، vol.2، 747-48

[72] Rogers، the cse for miracles، p. 105

[73] Aristides، apology، 32

[74] Apology 1: 21- 33; Dialogue with trypho the Jew

[75] Dialogue with trypho the Jew 84

[76] Rogers، ibid، 103

[77] ميلاد وطفولة ابن الله، إليان كوفيليه، ص 72

[78] Targum Jon. Jarchi، Aben Ezra، Kimchi & Abendana in loc. Abarbinel Mashmia Jeshua، fol. 62. 2. R. Isaac Chizuk Emuna، p. 279.

[79] الاب رافائيل البراموسي، شعبي لا يفهم، ص 31

[80] See: Richardson، Peter. Herod: King of the Jews and friend of the Romans، (Continuum International Publishing Group، 1999) pp. xv–xx. & Knoblet، Jerry. Herod the Great (University Press of America، 2005)، p. 179. & Rocca، Samuel. Herod’s Judaea: a Mediterranean state in the classical world (Mohr Siebeck، 2008) p. 159. & Millar، Fergus; Schürer، Emil; Vermes، Geza. The History of the Jewish People in the Age of Jesus Christ (Continuum International Publishing Group، 1973) p. 327. & Wright، N. T. The New Testament and the People of God (SPCK، 1992)، p. 172.

[81] See: McGonigle، Thomas C.; McGonigle، Thomas D.; Quigley، James F. (1988). A History of the Christian Tradition: From its Jewish Origins to the Reformation Volume 1 of A History of the Christian Tradition. Paulist Press. & Peters، Francis E. (2005). The Monotheists: Jews، Christians، and Muslims in Conflict and Competition، Volume II: The Words and Will of God The Words And Will of God. Princeton University Press. & Kasher، Aryeh; Witztum، Eliezer (2007). King Herod: a persecuted persecutor : a case study in psychohistory and psychobiography. Translation by Karen Gold. Walter de Gruyter.

[82] Spino، Ken (Rabbi) (2010). “History Crash Course #31: Herod the Great (online)”. Crash Course in Jewish History. Targum Press. ISBN 978-1-5687-1532-2. Retrieved 7 May 2013.

[83] Tierney، John. “Herod: Herod the Great”، Catholic Encyclopedia (1910): “Herod، surnamed the Great، called by Grätz “the evil genius of the Judean nation” (Hist.، v. II، p. 77). See also Herod I at Jewish Encyclopedia: “above all، he was prepared to commit any crime in order to gratify his unbounded ambition”

[84] Josephus، Wars، 2.26.

[85] Frederick Fyvie Bruce، ”The Acts of the Apostles” (Eerdmans 1990 ISBN 978-080280966-7)، p. 96. Books.google.com. 1990-12-01. ISBN 9780802809667. Retrieved 2013-05-02.، see also: “The House of Herod”. Virtualreligion.net. Retrieved 2013-05-02.

[86] انظر تاريخ الكنيسة للعلامة يوسابيوس القيصري، ترجمة القس مرقس داود، ص 57. وايضًا يوسيفوس الاثار 19.

[87] D. A. Carson، “Matthew” In، in The Expositor’s Bible Commentary، Volume 8: Matthew، Mark، Luke، ed. Frank E. Gaebelein (Grand Rapids، MI: Zondervan Publishing House، 1984)، 97.

[88] الراهب رافائيل البراموسي، شعبي لا يفهم، ص 50

[89] John F. Walvoord، Roy B. Zuck and Dallas Theological Seminary، The Bible Knowledge Commentary: An Exposition of the Scriptures (Wheaton، IL: Victor Books، 1983-c1985)، 2:23-24… see also: R. T. France، vol. 1، Matthew: An Introduction and Commentary، Tyndale New Testament Commentaries (Nottingham، England: Inter-Varsity Press، 1985)، p. 93.

[90]  يتيمز القديس متى باستخدام هذا الشكل دائمًا عن كلمة الناصرة أو ناصري (Ναζωραῖος)، بينما يستخدم كلٍ من مرقس ولوقا هذا الشكل: (Ναζαρηνός)

Donald A. Hagner، vol. 33A، Word Biblical Commentary: Matthew 1-13، Word Biblical Commentary (Dallas: Word، Incorporated، 2002)، p. 40.

[91] Craig S. Keener، vol. 1، Matthew، The IVP New Testament commentary series (Downers Grove، Ill.: InterVarsity Press، 1997)، Mt 2:23.

[92] Commentary on Matthew 1.2.23.

[93] Hom، on john، 17: 2- 3

[94] مقالات لطالبي العماد، ترجمة القمص تادرس يعقوب مالطي 3: 11 … ص 73، 74

[95] L. Vaganay & C-B amphoux، an introduction to the new testament textual criticism، p. 92.

[96] الرسائل إلى سرابيون 1 : 14

[97] التفسير القديم للكتاب المقدس، ترجمة الاب ميشال نجم، انجيل لوقا، ص 126

[98] PL 38، 3 55 . NPNF . I 6، 259

كتاب 25 سؤال وجواب في إنجيل القديس متى – أمجد بشارة