آبائيات

محبة المسيح للإنسان – العظة السابعة للقديس مقاريوس الكبير – د. نصحى عبد الشهيد

عظات القديس مقاريوس الكبير - د. نصحى عبد الشهيد - بيت التكريس لخدمة الكرازة

محبة المسيح للإنسان – العظة السابعة للقديس مقاريوس الكبير – د. نصحى عبد الشهيد

محبة المسيح للإنسان – العظة السابعة للقديس مقاريوس الكبير – د. نصحى عبد الشهيد
محبة المسيح للإنسان – العظة السابعة للقديس مقاريوس الكبير – د. نصحى عبد الشهيد

محبة المسيح للإنسان – العظة السابعة للقديس مقاريوس الكبير – د. نصحى عبد الشهيد

“في محبة المسيح وإحسانه نحو الإنسان. وتحتوي العظة بعض أسئلة وأجوبة”

محبة المسيح المذهلة:

إذا تصورنا إنسانًا يدخل قصرًا ملوكيًا ليرى الصور وأعمال الفن الموجودة فيه، وما فيه من كنوز وأثاث، موضوعة في مكان من القصر، وأشياء أخرى ثمينة موضوعة في مكان آخر منه، وتصوَّر ذلك الإنسان وقد جلس مع الملك على المائدة، وقد وضعت أمامه المأكولات والمشروبات اللذيذة، ويمتليء انشراحًا من كل ناحية، بتأمله في كل الأشياء الجميلة هناك، ثم بعد كل ذلك يُطرد ذلك الإنسان من هناك ويُلقى في أماكن قذرة.

أو تصوروا عذراء جميلة تفوق بنات جنسها في جمالها وحكمتها وغناها، إلا أنها تتزوج برجل فقير دنيء قبيح الشكل، يلبس الخرق، فتنزع عنه ثيابه الرثة وتلبسه ثيابًا ملوكيًا وتضع تاجًا على رأسه وتتزوجه متحدة به، فيأخذ ذلك المسكين في التعجب والانذهال قائلاً: “هل لي أنا البائس المسكين الوضيع الدنيء أن أحوز مثل هذه الزوجة؟” وهذا هو ما صنعه الله مع الإنسان المسكين الشقي.

فقد أعطى الإنسان أن يذوق عالمًا آخر ويذوق طعامًا لذيذًا، إذ قد أظهر له الأمجاد والجمال الملوكي الفائق الوصف أي الجمال السماوي، وعندما يقارن الإنسان هذه الأمجاد الروحانيّة بأمور هذا العالم فإنه يترك هذه الأخيرة. وسواء كان ما يقع نظره عليه في هذا العالم، هو ملك أو أمير أو حكيم فإنه يحوِّل نظره ويثبته في الكنز السماوي. ولأن الله محبة، فقد أعطى للإنسان أن ينال نار المسيح الإلهيّة، التي بها يصير في راحة، ويفرح متهللاً، ويثبت هناك دائمًا.

سؤال: هل الشيطان حاضر مع الله سواء في الهواء أو بين الناس؟

الجواب: إن الشمس المنظورة هي إحدى المخلوقات، ومع ذلك، فهي تشرق على الأماكن القذرة دون أن تصاب بأي ضرر، فكم بالأحرى يستطيع الله الحيّ أن يكون حاضرًا في نفس المكان الذي فيه الشيطان دون أن يتدنس أو يتلوث. ولكن الشرير مصاب بالظلمة والعمى ولا يستطيع أن يرى نقاوة وجمال الله. وإما إن قال أحد أن الشيطان له مكانه الخاص والله له مكان آخر فإنه بذلك يجعل الله محدودًا خارج المكان الذي يسكن فيه الشرير.

فكيف نستطيع عندئذٍ أن نقول أن الصلاح والخير غير محصور، ويفوق الإدراك، وأن كل الأشياء موجودة فيه، ومع ذلك فإن الصلاح لا يتلوث بالشر، فماذا إذًا؟ هل لأن السماء والشمس والجبال هي في الله وهي قائمة به، فهل معنى ذلك أنها هي الله حاشا. بل إن الأشياء المخلوقة لها قوامها بحسب نظام خلقتها الخاص، ولكن الخالق وحده- الحاضر مع خلائقه- هو الله.

سؤال: حيث إن الخطية يمكن أن تتخذ شكل ملاك نور لتبدو في صورة النعمة، فكيف يميِّز الإنسان ويكشف خداعات الشرير وكيف يميِّز أعمال النعمة ليرحب بها. ويقبلها؟

الجواب: إن أمور النعمة يصاحبها فرح وسلام ومحبة وحق. والحق ذاته يحث الإنسان على طلب الحق، أما أشكال الخطية فيصاحبها اضطراب وليس محبة أو فرح نحو الله. كما أن نبات الهندباء يشبه الخس، ولكن أحدهما وهو الخس حلو وإنما الآخر- رغم كل مشابهته للخس إلاَّ أنه مر- هكذا الحال في مجال النعمة نفسها، فإنه يوجد ما هو شبيه بالحق، كما أن هناك جوهر الحق نفسه. فشعاع الشمس هو شيء وقرص الشمس نفسه هو شيء آخر.

ودرجة الإضاءة التي يعطيها الشعاع تختلف عن درجة إضاءة النور داخل قرص الشمس. فالمصباح الذي يضاء في المنزل يسطع شعاعه في كل البيت ولكن النور داخل المصباح نفسه أشد لمعانًا وبريقًا. وبنفس الطريقة في أمور النعمة، فحينما يلمح الإنسان النعمة من على بعد، فإنه يفرح بالنظر إليها، ولكنه يتغير ويصير شيئًا آخر تمامًا، حين تدخل فيه قوة الله وتملأ قلبه وكل أعضائه وتستأسر عقله لمحبة الله.

فحينما أمسكوا بطرس ووضعوه في السجن جاء ملاك الرب وكسر السلاسل وأخرجه، وهو مثل شخص في حالة ذهول، ظن أنه ينظر رؤيا.

سؤال: كيف يحدث أن يسقط الناس الذين تفعل فيهم نعمة الله؟

الجواب: حتى الكائنات العقلية تمامًا في طبيعتها هي معرَّضة للزلل والسقوط. فالإنسان الذي يبتديء أن يتشامخ، ويرتفع، يوبخ غيره قائلاً له: “أنت خاطيء”، بينما يعتبر نفسه بارًا. ألا تعلم ما يقوله القديس بولس: “ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات أُعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع” (2 كو 12: 7) لأنه حتى الطبيعة النقيّة معرّضة للميل إلى التشامخ والارتفاع.

سؤال: هل يستطيع الإنسان أن يرى نفسه بواسطة النور؟

فإن بعض الناس يرفضون الإعلان الإلهي ويؤكدون أن الرؤى إنما تأتي بواسطة المعرفة والحواس؟

الجواب: إن العقل يختلف عن الرؤية، والرؤية غير الاستنارة والإنسان الذي عنده استنارة هو أعظم من الذي له عقل ومعرفة. لأن الإنسان المستنير قد نال عقله استنارة أكثر من الإنسان الذي له معرفة فقط. كما يظهر من رؤيته لرؤى داخل نفسه، لا يمكن أن تكون موضع شك. ولكن الإعلان هو شيء أعلى من الرؤى. فإن أمور الله العظيمة وأسراره إنما تعلن للنفس بواسطة الإعلان والوحي.

سؤال: هل يرى الإنسان النفس بواسطة الوحي (الإعلان) والنور الإلهي؟

الجواب: كما تنظر عيوننا الشمس، كذلك ينظر المستنيرون صورة النفس ولكن قليل من المسيحيين يبلغون إلى هذه الاستنارة.

سؤال: هل النفس لها شكل ما؟

الجواب: إن النفس لها صورة وشكل كما أن الملاك له صورة وشكل، وكما أن الملائكة لهم صورة وشكل، وأيضًا كما أن الإنسان الخارجي له صورته الخاصة هكذا الإنسان الداخلي له صورة مثل الملاك، وله شكل يقابل الشكل الخارجي.

سؤال: هل العقل شيء والنفس شيء آخر؟

الجواب: كما أن أعضاء الجسد وهي كثيرة تدعى إنسانًا واحدًا هكذا النفس لها أعضاء كثيرة وهي: العقل، والضمير، والإرادة، والأفكار “المشتكية والمحتجة” (رو 2: 15) وكل هذه مرتبطة معًا في نفس واحدة، إذ توجد أعضاء كثيرة أما النفس فهي واحدة، أي الإنسان الباطن.

ولكن كما أن العيون الخارجيّة تكشف قدامها، من على بعد، الأشواك والمهاوي والحفر، وتعطي إنذارًا مقدمًا، هكذا العقل حينما يكون في يقظة وانتباه، فإنه يكشف حيل وخداعات القوة المعادية ويسبق فيحصِّن النفس مقدمًا، إنه بالحقيقة هو عين النفس. فلنعطِ المجد للآب والابن والروح القدس إلى الأبد آمين.

المذيع محمود داود يُعلن إيمانه بالمسيح

المذيع محمود داود يُعلن إيمانه في الكتاب المقدس

القديسة مريم العذراء – دراسة في الكتاب المقدس

محبة المسيح للإنسان – العظة السابعة للقديس مقاريوس الكبير – د. نصحى عبد الشهيد

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)