روحيات

مشكلة إيماننا اليوم وصراعنا القائم على الألفاظ – الجزء الأول

مشكلة إيماننا اليوم وصراعنا القائم على الألفاظ – الجزء الأول

مشكلة إيماننا اليوم وصراعنا القائم على الألفاظ - الجزء الأول
مشكلة إيماننا اليوم وصراعنا القائم على الألفاظ – الجزء الأول
 
مشكلة إيماننا اليوم هي مشكلة واضحة في علاقتنا بالمسيح الحي، لأن ينبغي أن نمتحن أنفسنا كل يوم ونرى ونشاهد قلبنا: هل نحن في الإيمان الحي الذي قصده الرب نفسه حينما دعانا أن نؤمن به !!!؛ وأن قلنا أننا نؤمن حقاً به، فلماذا لا ننمو ونتأصل فيه ونخرج كل يوم عن ضعفنا وندخل في خبرة قوة الله ونحيا ببرهان الروح والقوة !!!!
لماذا نخاف الموت إلى الآن وفقدان من نحب ونحن نؤمن بالمسيح أنه القيامة والحياة ومن آمن به ولو مات فسيحيا وكل من كان حياً لن يموت إلى الأبد !!! وكيف لا نصدق أن دمه يطهر من كل خطية ويمحو كل شيء تماماً حتى يجعلنا أبرياء في محضره فعلاً…
مع أن يوجد من يصدق هذا فكراً لكن عملياً لا يصدق هذا بأفعاله وأعماله، وفكره الذي ينشره في كل مكان في نقاشاته وموضوعاته، لأنه مثلاً لا يصدق أن الإفرازات الجسدية الطبيعية لا تحرم الإنسان من المسيح الذي ذهب بنفسه لقبر لعازر الذي مكث ثلاثة أيام حتى أنتن وقال ارفعوا الحجر ورفع عنه نتانة جسده المهترئ وأعاده صحيحاً معافاً، وأيضاً لا يُريد أن يُصلي أو يذهب للكنيسة أو يقرأ كلمة الله لأنه بحجة التقوى الغاشة يضع عذر أنه غير مستحق، فللأسف كثيرين لا يصدقون قوة فعل عمل جسد الرب ودمه المُعطى لنا بالسرّ ولا كل مفاعيل الحياة الموهوبة لنا منه !!!

للأسف الشديد المسيحية أصبحت لنا فكر وفلسفة وعمل إنساني ومحاولات بشرية على قدر طاقة كل واحد، وهذا واضح في فكر معظمنا في نقاشنا وعدم استيعابنا للأسرار الإلهية، وسأعطيكم أمثلة نتائجها خطيرة للغاية كشفت النقاب عن أننا لم نستوعب بعد سرّ التجسد ودخلنا فيه كخبرة في حياتنا الشخصية !!!

كلام الناس (بعض الخدام والشعب) الشائع الذي وراءه ضربة في الإيمان خطيرة:
+ لا ينبغي بعد المناولة أن تسير حافي القدمين لئلا تتعور فينزل منك دم المسيح على الأرض، ولا ينبغي أن تمضمض فمك في المنزل لمدة 9 ساعات حتى صرف المناولة !!!
+ المرأة في حالاتها الخاصة لا تتناول (البعض قال لا يصح لأنه ينبغي أن تتطهر أولاً مثل شريعة طقس العهد القديم – والبعض قال أن هذا فطر).
+ لا يوجد شيء اسمه التأله والاتحاد بالمسيح إلا بالمعنى الرمزي، والبنوة في الله لقب تشريفي، فنحن لا نرتفع للمستوى الإلهي، والروح نفسه يحل علينا كمجرد نعمة لأجل المواهب
+ المسيح اتى إلينا مثال ينبغي أن نقلد أعماله كما كشفها لنا ونطيع الوصية على قدر طاقة ومقدرة كل واحد فينا…

هذا الكلام شكلة يحمل تقوى وتواضع شديد، ومعظم الناس تقتنع به فكراً وأدباً، مع أنه ضد الإيمان ولا يليق بمسيحي حي في المسيح أن ينطق به أو يُعلِّمه لأنه ليس فكر الرب بل فكر إنساني لا يختلف عن أي فكر ديني آخر في الدنيا كلها حينما يفكر أن يسمو بفكر الإنسان !!!

  • انظروا الآن لخطورة هذا الكلام الذي قلناه سابقاً:

بالنسبة للنقطة الأولى في صرف المناولة وسكب دم المسيح !!! هذا قمة السخف، لأن معنى الكلام كأننا في القداس الإلهي كنا في جلسة تحضير أرواح، أحضرنا المسيح لكي نتحد به ثم بعد ذلك ننتظر أن نصرفه (صرف المناولة)، يا للمصيبة وضربة الإيمان وهدم العقيدة كلها، الرب قال من يأكلني يحيا بي ونحن ننتظر أن نصرفه، يا إخوتي صرف المناولة بدعة وفكر خزعبلات شعبية حتى لو قالها أعظم الأساقفة أو حتى أعظم أب في الكون، الرب لا يُصرف، بل يسكن ويُقيم ويدوم فينا، وكل مرة نأكل من هذا الخبز ونشرب من هذا الدم نمتلئ منه أكثر ونتقوى وننمو إليه !!! ألم يقل بنفسه هذا الكلام الذي نكتب عنه كثيراً ونشرحه لكننا لا نعيشه ونضع سموم فكر عدو الخير كالزوان وسط الحنطة في كلامنا وافعالنا:

  • [ أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم انك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني ] (يوحنا 17: 23)
  • [ وعرفتهم اسمك وسأُعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم ] (يوحنا 17: 26)

يعني الرب يقول انا فيهم ونحن نتكلم عن صرف المناولة، وأن هناك من هو غير مستحق للتناول لأن جسده ليس في استعداد بل يوجد فيه معوِّق يعوقه، يعني المرأة التي تناولت مرة من جسد الرب ودمه سيأتي مرة أخرى يكون هذا المفعول ذهب عنها والمسيح الرب غاب فينبغي أن لا تتناول !!!! 

والنقطة المهمة والأخيرة، في الموضوع اللي مدوخ الناس ومش قادرة تفهمه وهو كلام القديس إيريناوس: [ الله صار إنساناً لكي يصير الإنسان إلهاً ] 
وهذه العبارة دوخت الناس اليوم بين مؤيد ومعارض، ووقف هذا ضد ذاك، وذاك ضد هذا، وانقسم الكثيرين وهرطقوا بعض وفقدوا الحس الروحي واصبحنا في صراع بين من هو القادر أن يغلب الآخر في الكلام والإثبات، واصبحنا في حلقة صراع قوى ومين اللي يغلب في النهاية، وضاع منا الإيمان وأصبحنا معلمين كثيرين وضيعنا أنفسنا والآخرين وفقدنا إيماننا كله واشتهى الأخ أن يحرم أخيه من الكنيسة لأنه يستحق القطع لأنه هرطوقي وضد الحق !!!! 
أرأيتم مصيبتنا أمام الله، ويصرخ الناس ويشتكون لماذا لا نشعر بعد حضور الله، لماذا لا أقدر أن أعرف ماذا يُريد مني، ولماذا لا يستطيع أن يُخاطبني وهو قال خرافي تسمع صوتي !!!
واعلموا يا إخوتي نحن لا نستحضر صوت المسيح، ولا نقول لما نقرأ كتاب ولا حتى الإنجيل اني سمعت صوته وخلاص كده لأني قريت الكلمة، صوت الرب صوت قوة تسري منه حياة تفيض في الإنسان فتمسه داخلياً وتقدسه وتطرد الظلمة منه وتبدد فعل عمل الخطية فيه، فيتقدس ويمتلئ من الله، فيرتفع للمستوى الإلهي بالنعمة وتنطبع فيه ملامح صورة الرب يسوع كما هو مكتوب:

  • [ الحق الحق أقول لكم انه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون ] (يوحنا 5: 25)
  • [ ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18)
  • [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)

فهذا هو معنى التأله الذي يعثر بعضاً منكم، فالرب تنازل إلينا لكي يرفعنا إليه بل ويغيرنا إليه ويضع ملامحه الإلهية الخاصة فينا لذلك يعطينا ذاته في اتحاد سري فائق ننمو فيه، فلم يأتي ليعيش وسطنا إنساناً ثم صعد وابتعد لكي يراقب خطواتنا من بعيد وينظر هل نسير حسب الوصية وكما أراد من المثال الذي أعطاه لنا، بل هو أراد بتجسده أن يُعايشنا يكون معنا وفينا، به نحيا ونتحرك ونوجد، نسير به ونعمل كل شيء من خلاله، الروح القدس يسكنا (بالسرّ) بشخصه وأقنومه الإلهي ليقدسنا ويطبع فينا ملامح الرب يسوع الخاصة ويجعلنا آنية حاملة الإله، حاملة الثالوث القدوس، أي نتأله، أي نمتلئ من الله…
أفهمتم الآن ما معنى هذه اللفظة التي أصبحت محل صراع فكري لا خبرة، أأدركتم فداحة خسارتنا العظمى ومُصيبتنا الكبرى، أننا لم نعد نمتلئ من الله على هذا المستوى بل ولا نسعى إليه بكل طاقتنا، بل بددنا كل طاقتنا على صراع من هو على صواب ومن هو على خطأ، وسأذكركم قريباً أن كثيرين سيدخلون هذا الموضوع ولن يستفيدوا شيئاً قط، بل سيدخلون في نفس ذات الصراع ليقلبوا الموضوع لجدل بلا طائل، لأن هدف الدخول كان غير صحيح، بل للنقد والانتقاد كما هو الحال الذي أصبح عليه معظم الناس اليوم وهو الدخول لفحص كل الكلام للنقد، لأن كل واحد ظن في نفسه – للأسف – أنه معلم وحامي حمى العقيدة والإيمان ومحافظ على التراث الحي المُسلم في الكنيسة من جيل لجيل، لأنه الآن خادم وتعلم الخدمة الحقيقية، مع أن للأسف لم يدخل في شركة مع الله قط وهذا واضح في حياته العملية وهو يعلمها جيداً جداً ولكنه يهرب منها…

عموماً لموضوعنا بقية مهمة للغاية فيها سأكشف عن الإيمان الحي المسيحي الحقيقي، وسبب أني لم استكمل الموضوع الآن، هو إني أترك فرصة لحركة قلب كل واحد نحو الله الذي أتى إلينا لكي يجدد طبعنا الفاني ويعطينا طبعه السماوي ليكون لنا حياة أبدية وليست مجرد حياة هزيلة تخص هذا العالم، ولكي انبه ايضاً على كل واحد يقرأ هذا الموضوع، أن هذا الموضوع لم أضعه للجدل ولا لكي أتناقش مع أحد أو اقنع أحد، لأني لن اقنع أحد بشيء ولن ادخل في هذا الحوار لأثبت شيء قط، بل ولن أدخل في صراع الكلام الفارغ الذي ضيع كل طاقتنا على مشاكل الأشخاص والتمسك بالألفاظ من عدمها، فأن أراد أحد ان يدخل في هذا الجدل ليترك الموضوع فوراً ولا يدخل الجزء القادم لأنه لا يخصه بل يخص فقط من يُريد أن يدخل في سرّ عمل الله ويحيا الإيمان الحقيقي عملياً في حياته الشخصية، فيكفينا كلام وإهدار لوقتنا وحياتنا في صراعات أوصلتنا كلنا لطريق مسدود وقسمت الكنيسة بين فرق ومجموعات فأهنا الرب وكسرنا الوحدة، بل وصنعت خدام بارعين في الكلام ولكن ما أسوأ أن نكون فلاسفة في الكلمات لا في الأعمال …. انتبهوا الرب قريب، كونوا معافين