سؤال وجواب

ما هو النقد الكتابي Biblical Critircism؟

ما هو النقد الكتابي Biblical Critircism؟

ج: النقد الكتابي في اللغة اليونانية “كريتكى” κριτική ويعنى القدرة على التمييز، وبدونه لا يكون هناك رأى محدد وواضح في أمر ما(1).

وهذا هو النقد الكتابي في مفهومه الإيجابي وقد مارسه أباء الكنيسة الأولى عندما ميزوا وأفرزوا النصوص القانونية للكتاب عن غيرها من النصوص المزيفة، فالنصوص القانونية هي التي تعبر عن ” الإيمان المسلم مرة للقديسين” (يه 3) والتي تكلم بها ” أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس” (2 بط 1: 21).

أما النصوص المزيفة “الأبوكريفا” فقد جاءت نتيجة جهد بشرى محض.. إذا بواسطة النقد الكتابي قبلت الكنيسة ستة وأربعون سفرًا في العهد القديم ورفضت أسفار أخرى مثل أدم، وشيث، وأخنوخ، ونوح، وإبراهيم، وعزدراس الذي جاء فيه إن الروح القدس أملى عزرا الكاهن والكاتب سبعين سفرًا يطلع عليها الحكماء فقط دون عامة الناس، وبواسطة النقد الكتابي قبلت الكنيسة سبعة وعشرون سفرًا في العهد الجديد ورفضت مثلًا أناجيل الاثني عشر، والعبرانيين، والمصريين، وبطرس، ومريم، ويعقوب، وفيلبس، ونيقوديموس، ويهوذا الإسخريوطي، والإنجيل الأبدي.

وأيضًا بواسطة النقد الكتابي بمفهومة الإيجابي رفضت الكنيسة اعتبار الإنجيل الرباعي (الدياطسرون) من النصوص القانونية، والتياطسرون وضعه تاتيان في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي، وهو مجرد محاولة بشرية محضة الغرض منها وضع رواية واحدة متجانسة تعتمد على الروايات الإنجيلية الأربع، فقد قام ناتيان بتفكيك محتويات الأناجيل الأربعة، ونسجها في قصة متصلة، وهذا المؤلف الجديد البشرى تنقصه الوحدة، كما يصعب علينا تمييز ما أخذه من كل إنجيل على حدة.

وقد أفرز لنا النقد الكتابي بمفهومة الإيجابي “مدرسة النقد الأدنى” وهي التي تقر وتعترف بوحي الكتاب المقدس، وتهتم بالنواحي الإيجابية مثل دراسة المخطوطات ومدى تطابقها مع الأصل، وتهتم بتحديد عمر المخطوطات، كما تدرس اللغات القديمة التي كتبت بها الأسفار المقدسة، وقد قدمت هذه المدرسة لنا الكثير من العلم النافع، فهي تختلف تمامًا عن مدرسة النقد الأعلى High Criticism التي تهتم بنقض الكتاب المقدَّس فبينما تهتم مدرسة النقد الأدنى بالوصول إلى أقرب ما يمكن من النص الأصلي الذي كتبه المؤلف سواء بالعبرية أو الأرامية أو اليونانية.

فإن مدرسة النقد الأعلى تتسلم هذه النصوص، وتبحث عن نسبة النص إلى صاحبه، وتاريخ هذا النص، والعصر الذي كتبت فيه، والمصادر التي أتى منها، والتمييز بين هذه المصادر، والمحتوى العقيدي للنص، وتمثل أدوات البحث في هذه المدرسة علم تنظيم وتنسيق النصوص، وعلم التبويب والتصنيف، وعلوم اللغة والنحو، وعلم التاريخ، وعلم الآثار بكل فروعه، والاكتشافات الأثرية، والآثار والتراث التاريخي(2).

وقد استعار علماء الكتاب لفظتيّ “الأعلى” و”الأدنى” من صورة النهر، فالناقد الأدنى يضع نفسه في مستوى أدنى من الكتاب المقدَّس معترفًا بوحيه محاولًا الارتواء منه والتمتع به. أما الناقد الأعلى فهو يسعى للتوغل في أعالي النهر أقرب ما يكون من المنبع، وإذ هو يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي يتكبر ويسقط.

ومن أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور مدرسة النقد الأعلى هو طغيان المادة وإهمال الجانب الروحي، وإغفال دور الوحي الإلهي في كتابة الأسفار المقدسة، والانصراف عن روح الآباء والتقليد الحي، وسطوة العقل على الإيمان، حتى أنهم أخضعوا كلمة الله للعقل البشرى عوضًا عن إخضاع العقل البشرى لكلمة الله المقدسة.

_____

(1)  Biblicah Criticism. In the: Interpreters Dictionary of the Bible vol. 2 – أورده د. جوزيف موريس فلتس – مؤتمر تثبيت العقيدة (6) 22 – 25/9/2003 طبعة تمهيدية.

(2) DICTIONARY OF THE BIBLE-EDITER BY JAMAS HASTINGS. P190, CRITICISM BIBLICAL.

ما هو النقد الكتابي Biblical Critircism؟