سؤال وجواب

هل يمكن إلقاء الضوء على المصدر اليهوي، والمصدر الألوهيمي، كما تصورّهما أصحاب مدرسة النقد الأعلى؟

11- هل يمكن إلقاء الضوء على المصدر اليهوي، والمصدر الألوهيمي، كما تصورّهما أصحاب مدرسة النقد الأعلى؟

ج: يرى ريتشارد إليوت فريدمان أن مؤلف المصدر الألوهيمي كان رجلًا من اللاويين بشيلوه، لأن جميع اللاويين من الرجال، وقد يكون شاركه في العمل زوجته أو ابنته في الفكر أو الكتابة. أما مؤلف المصدر اليهوي فيحتمل أن يكون رجلًا أو امرأة ولا سيما أنه ذكر بعض القصص التي تخص النساء مثل قصة ثامار(1). والآن نأخذ فكرة مبسطة عن كل من المصدرين اليهوي والألوهيمي.

المصدر اليهوي (J) Yahuistic:

يدعي أصحاب مدرسة النقد الأعلى أن هذا المصدر قد كتبه مؤلف عاش في الجنوب أيام الملك سليمان (970- 931 ق.م) وقبل انشقاق المملكة سنة 931 ق. م، وكان المؤلف من سبط يهوذا، ويتميز هذا المصدر بعدة خصائص أهمها:

أ- الخصائص الأدبية: يتميز هذا المصدر برشاقة الأسلوب القصصي الشيق، فهو يروي قصصًا متتابعة تبدأ من الرواية الثانية عن الخلقة وتمتد حتى نهاية سفر الخروج ثم بعض فقرات من سفر العدد، ويقولون أن هذه القصص تتميز بجمال آخاذ وصور تفيض بالحياة(2).

ب- الخصائص التاريخية: يقولون أن مؤلف هذا المصدر يُبرز الأصول، فيذكر أصل الجنس والزواج (تك 2) وأصل ارتداء الملابس (تك 3: 7، 21) وأصل نظام الرعي والحياة الحضرية والموسيقى والمعادن وتعدد الزوجات (تك 4) وأصل زراعة الكروم وصناعة النبيذ (تك 9: 20- 21) وأصل النظام الزراعي المصري (تك 47: 20- 26) وأصل الشعوب الخارجة من نسل حام (تك 10: 6- 20) ومن نسل سام (تك 10: 21- 31) ومن نسل لوط (تك 19: 37، 38) ومن نسل ناحور (تك 22: 20- 24) ومن نسل إسحق (تك 25: 21- 26).

ويعطي المؤلف تفسيرًا لمعاني الأسماء مثل اسم حواء (تك 3: 20) وقايين (تك 4: 1) ونوح (تك 5: 29) وإسماعيل (تك 16: 11)..إلخ. وتفسيرًا لأسماء بعض المدن مثل بابل (تك 11: 9) وبئر لحي الرائي (تك 16: 13، 14) وقرية صوغر (تك 19: 22) وبئر سبع (تك 21: 28- 31).. إلخ ويفضل المؤلف الدور الذي يقوم به هابيل الراعي عن قايين المزارع، ويفضل المؤلف سبط يهوذا الذي خرج منه عن بقية الأسباط، ويعطي ليهوذا الدور الأول في محاولة إنقاذ يوسف (تك 37: 26).

ج- الخصائص الدينية: يُظهِر المؤلف الله على أنه ملك التاريخ وسيده، فيهوه حاضر في التاريخ من خلال أعماله وأقواله، يسوق البشرية من خلال عصر الآباء وعصر الشريعة إلى طريق الخلاص، ويصف المؤلف الله بأوصاف بشرية فهو يعمل الإنسان من طين، ويغرس له جنة قبل أن يخلقه، ويأتي عند المساء ليتمشى في الجنة (تك 2، 3) ويغلق باب الفلك على نوح (تك 7: 16) ويتنسم رائحة الذبائح (تك 8: 21) وينزل من السماء ليبلبل الألسنة (تك 11: 5- 7) ويزور إبراهيم ويأكل معه (تك 18: 1- 8) ويصارع يعقوب (تك 32: 25- 33) ويحاول قتل موسى (خر 4: 24) ويخلع عجلات مركبات المصريين (خر 14: 25) ويُظهر المؤلف مشاعر الله الإنسانية مثل الحزن والأسف (تك 6: 6) والغضب (خر 4: 14).

أما الإنسان فقد قدم العبادة لله منذ فجر حياته فقدم هابيل ذبيحة مقبولة لدى الله (تك 4: 4) ودعا شيث باسم الرب (تك 4: 26) ومنذ عصر نوح عرف الإنسان تقديم الذبائح من الحيوانات والطيور الطاهرة فقط (تك 7: 2، 8: 20).

بينما ينسب المصدر التثنوي والكهنوتي هذا التمييز بين الحيوانات الطاهرة وغير الطاهرة لموسى النبي (تث 14: 3- 20، لا 11) وعرف الإنسان بناء المذابح للرب، ومدح المؤلف الإيمان في شخص إبراهيم (تك 15: 6) ورغم إن الأحداث قاتمة إلًا إن المؤلف يضفي عليها جو من التفاؤل بفضل عمل الله الذي يحول سقطات الإنسان إلى خلاص، وقد اختار نوح ليكون بداية جديدة ثم إبراهيم، وجدد العهود مع إسحق ويعقوب(3).

المصدر الألوهيمي (E) Elhohist:

دمج المصدرين اليهوي (J) والألوهيمي (E) :

قال أصحاب النقد أنه بعد سقوط مملكة الشمال سنة 722 ق. م أصبحت أورشليم هي المركز الوحيد للعباد، فنُقِلت إليها كتابات الشمال، وتم دمج المصدرين، ويقولون لا أحد يعم إن كان الدمج قد تم بواسطة شخص واحد أو عدة أشخاص، وقد ظهر المصدر الجديد اليهوي الألوهيمي JE بينما اختفى كل من المصدرين الأولين واندثرا تمامًا.

تعليق: كل ما قيل عن هذين المصدرين اللذين تصورهما أصحاب مدرسة النقد الأعلى ما هو إلّا تصورات وتخيلات لا أثر لها في الواقع، وسيتم الرد على هذه الآراء في مجمل ردنا على نظرية المصادر.

_____

(1) راجع من كتب التوراة؟ ص 75.

(2) راجع الأب أنطون نجيب- رسالة صديق الكاهن ديسمبر 1971 م ص 40- 43.

(3) راجع رسالة صديق الكاهن سبتمبر 1971 م ص 30- 38.

(4) راجع الأب أنطون نجيب- رسالة صديق الكاهن ديسمبر 1971 م ص 52- 54.

(5) راجع رسالة صديق الكاهن ديسمبر 1971 م ص 44- 52.

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)