سؤال وجواب

إله العهد الجديد هو الإله الجدير بالعبادة لأنه لا ينتقم من الإنسان كما كان يفعل إله العهد القديم

قالوا إن إله العهد الجديد هو الإله الجدير بالعبادة لأنه لا ينتقم من الإنسان كما كان يفعل إله العهد القديم.. فهل الله يغير من سياساته تجاه الإنسان؟

 111- قالوا إن إله العهد الجديد هو الإله الجدير بالعبادة لأنه لا ينتقم من الإنسان كما كان يفعل إله العهد القديم.. فهل الله يغير من سياساته تجاه الإنسان؟

رابعًا: ليس لدى الله تغيّير

س111: قالوا إن إله العهد الجديد هو الإله الجدير بالعبادة لأنه لا ينتقم من الإنسان كما كان يفعل إله العهد القديم.. فهل الله يغير من سياساته تجاه الإنسان؟

جأولًا: ليس لدى الله تغيّير ولا ظل دوران، وقد أخطأ الذين ظنوا أن الله في العهد الجديد عهد النعمة قد تخلى عن مبدأ عقوبة الخاطئ.. آه لو تأملوا قليلًا في أحداث وآيات العهد الجديد لعلموا كم هو (الله) قدوس قداسة مطلقة يرفض الشر بتاتًا، ونكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة القليلة:

1- في مثل الحنطة والزوان قال السيد المسيح ” دعوهما ينميان كلاهما معًا إلى الحصاد. وفي وقت الحصاد أقول للحصادين أجمعوا أولًا الزوان واحزموه حزمًا ليحرق. وأما الحنطة فاجمعوها إلى مخازني” (مت 13: 30).

2- الذي دخل إلى حفلة العرس بدون استعداد تعرض للوم والعقوبة ” فقال له يا صاحب كيف دخلت إلى هنا وليس عليك لباس العرس. فسكت. حينئذ قال الملك للخدام أربطوا رجليه ويديه وخذوه واطرحوه في الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان” (مت 22: 12، 13).

3- أوضح السيد المسيح موقف العذارى الجاهلات ” أخيرًا جاءت بقية العذارى أيضًا قائلات يا سيد يا سيد أفتح لنا. فأجاب وقال الحق أقول لكن إني ما أعرفكن” (مت 25: 11، 12).

4- الذي طمر وزنته وتقاعس صدر ضده الحكم الإلهي ” والعبد البطال أطرحوه في الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان” (مت 25: 30).

5- قال السيد المسيح محذرًا ” إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون.. كلاَّ أقول لكم بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون” (لو 13: 3، 5).

6- قال السيد المسيح ” كل غصنٍ فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه. وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر.. إن كان أحد لا يثبت فيَّ يطرح خارجًا كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق” (يو 15: 2، 6).

7- حكم بطرس الرسول على حنانيا وسفيرة بالموت لأنهما كذبا رغم أنهما عملا خيرًا، ولكن عمل الخير هذا لم يشفع لهما، كما أن بطرس الرسول حرص جدًا على أن تكون كنيسة الرسل كنيسة نقية تمامًا ” أنتَ لم تكذب على الناس بل على الله. فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات.. فقال لها بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب. هوذا أرجل الذين دفنوا رجلك على الباب وسيحملونك خارجًا. فوقعت في الحال عند رجليه وماتت” (أع 5: 4 – 10).

8- عندما تكبر هيرودس الملك تعرَّض للعقوبة الشديدة التي تفوق الذبح بالسيف كثيرًا ” ففي الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعطِ المجد لله. فصار يأكله الدود ومات” (أع 12: 23).

9- قال بولس الرسول ” لأن غضب الله مُعلَن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم الذين يحجزون الحق بالإثم” (رو 1: 18) كما قال أيضًا ” أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة.. لكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة. الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله” (رو 2: 4 – 6).

10- تعرَّض خاطئ كورنثوس للعقوبة، وأُفرز بعيدًا عن المجتمع الكنسي، وقال بولس الرسول ” أن يُسلَّم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع” (1كو 5: 5).

11- كل ما عاناه السيد المسيح خلال رحلة الصليب وأهوال الموت تظهر بشاعة الخطية التي يرفضها الله رفضًا باتًا.

12- وفي نهاية الأيام يأتي حكم الله العادل الذي سيجازي كل واحد بحسب أعماله ” وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت” (رؤ 21: 8).

ثانيًا: الذين يحتجون على الله في العهد القديم بسبب عقابه للأمم الأشرار، هل يعودون ويحتجون على الله أيضًا في العهد الجديد لأنه يعاقب الإنسان على شروره بالكوارث الطبيعية من مجاعات وأوبئة وزلازل وأعاصير وبراكين.. إلخ وما يترتب عليها من موت وتشريد للآلاف.. يكفي إلقاء نظرة على زلزال الأحد الأخير من عام 2004 (26/12/ 2004 م.) الذي ضرب ثمانية دول من شرق آسيا بقوة 9 ريختر، وما نشأ عنه من أمواج المد العاتية التي اجتاحت الشواطئ.

لقد أدى هذا الزلزال لاختفاء مئات القرى بمن فيها، وحرك بعض الجزر عن موقعها إلى مسافة نحو ثلاثين كيلو مترًا، وارتجت له الكرة الأرضية وأثر على دورانها حول محورها، إذ بلغت قوته قوة تفجير مليون قنبلة ذرية، وحطم 800 كم من خطوط السكك الحديدية بسيريلانكا، وترتب عليه قتل أكثر من ربع مليون شخص وتشريد أكثر من نصف مليون، وإذا أردنا أن نأخذ لقطة بسيطة لبعض ما حدث، فعلينا الرجوع إلى تقارير الصحفيين من موقع الأحداث، مثل التقرير الذي نشرته جريدة الأهرام المصرية في 21 يناير 2005م والذي جاء فيه ” الأمواج السوداء تحجب الرؤية في ” آتشينه ” مع صورة لسفينة ضخمة على اليابسة كُتب أسفلها {السفينة العملاقة التي أطاح بها المد داخل القرية}.

يتضاءل الخيال السينمائي الواسع أما واقع كارثة تسوتامي، فالأشجار الضخمة العملاقة تحولت في لحظة إلى أعواد خضراء، المباني الأسمنتية أصبحت علبًا من ورق، والأغرب من كل ذلك حينما تشاهد السفن العملاقة، وقد تحولت إلى لعب أطفال تفعل بها {تسوتامي tsunami} ما تشاء، وهي التي تصارع أمواج أعالي المحيطات وتنتصر عليها في معظم الجولات. داخل قرى آتشيه الواقع يفوق الخيال ورائحة الموت والخراب تخيم على أرجاء المكان. ولا بُد أن تكون الخطوات حذرة وبطيئة خشية أن ندهس بأقدامنا جثة طفل رضيع أو أجزاء من جثث رجال أو سيدات تلك المناطق المنكوبة..

نور نياني -شاهدة عيان- تقول: كنا نستعد للغذاء أنا وزوجي وأبني وابنتي.. سمعنا صوتًا لم نسمعه في حياتنا من قبل.. أسرعنا جميعًا إلى الخارج، وأصبت بحالة من الذهول عندما وجدت أمواج البحر تهجم علينا. شعرت بأنني أطير في الهواء عاليًا وأرتمي بعيدًا بالقرب من سطح المنزل المجاور.. كل ما أتذكره أنني رأيت أبني البالغ من العمر 21 عامًا مُعلَّقًا من بطنه في سقف منزلي الذي ترونه أمامكم ويتحول إلى أنقاض.

تقول البعثة: أغرب وأقسى وأعنف مشهد لن تنساه طال العمر أو قصر، وما رأيناه في قرية {بلوتي بلانشت} شيء لا يصدقه ولا يستوعبه عقل.. سفينة شحن بضائق من تلك التي تنقل عبر المحيط من دولة إلى أخرى جرفتها أمواج {تسوناني} العاتية من وسط المحيط لتستقر في قلب القرية {بلوتي بلانشت} مشهد قد لا تراه في عمرك أبدًا سوى في أفلام الأكشن الأمريكية، وقد سيطرت علينا حالة من الذهول أمام ضخامة تلك السفينة، وحاولنا جاهدين أن نتخيل شكل وقوة تلك الأمواج التي جرفت هذه السفينة العملاقة من قلب المحيط إلى قلب القرية، والحق فشلنا. وكما قلنا في البداية أنه شيء لا يصدقه عقل”(1).

ثالثًا: كان قلب الإنسان في العهد القديم أغلفًا أغلظًا لذلك احتاج إلى الحسم في المعاملة، فعندما ظهر الله على الجبل ” صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جدًا” (خر 19: 16) واحتاج الإنسان في العهد القديم إلى التأديب السريع المحسوس. أما في العهد الجديد بعد التجسد وحلول الروح القدس في الإنسان، فأصبح الإنسان يتميز بالحساسية الروحية، والذي يتأثر بالكلام ما حاجته للضرب..؟! أما الذي لا يتأثر بالضرب فأنه يُعرّض نفسه للعقوبة الأشد، ومبدأ عقاب الخاطئ مبدأ إلهي يتمشى ويتناغم ويتفق تمامًا مع العدل الإلهي، ومن يقول أن الله تخلى عن مبدأ عقوبة الخاطئ في العهد الجديد فهو يريد أن يقول أن الله تخلى عن إجراء عدله الإلهي، وهذا ضرب من الخيال والوهم والتضليل الشيطاني.

_____

(1) جريدة الأهرام المصرية في 21/1/2005 ص 5.