سؤال وجواب

ما هي القوى التي تحفظ تماسك المادة في ظل نظرية الانفجار العظيم؟

 157- ما هي القوى التي تحفظ تماسك المادة في ظل نظرية الانفجار العظيم؟

ج: توجد أربع قوى أساسية تعمل على تماسك المادة في الكون، وهي قوى الجاذبية، والكهرومغناطيسية، بالإضافة إلى قوتين شديدتين أحدهما شديدة والأخرى ضعيفة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ويعتقد العلماء أن القوى الأربعة الأساسية التي تعمل على تماسك المادة في الكون هي وليدة الانفجار العظيم:

قوة الجاذبية – القوة الكهرومغناطيسية – القوة النووية الشديدة – القوة النووية الضعيفة

1- قوة الجاذبية Grauity Force: وقد وَصَفَ تأثيرها إسحق نيوتن سنة 1687م من خلال ثلاثة قوانين، ويجدر بنا الإشارة هنا إلى العالِم الجليل إسحق نيوتن، فقد وُلِد في 25 ديسمبر 1642م وقد مات أبوه قبل ولادته، وقبل أن يبلغ الثانية من عمره تزوجت أمه، وسلمته لجده ليرعاه، فألحقه بالمدرسة، وفي سن الرابعة عشر عاد إلى أمه التي أرادت أن تجعله فلاحًا، وكانت تعامله بقسوة.

أما هو فلم يفكر في هذا العمل، وكان يمضي وقته منعزلًا يفكر ويقرأ ويتأمل، وفي الثامنة عشر التحق بجامعة كمبردج ونبغ في دراسته، وعندما أغلقت الجامعة أبوابها لمدة عام ونصف استغل نيوتن وقته في الإبداع، فدرس انكسار الضوء واكتشف أن ألوان الطيف يمكن الحصول عليها بانكسار الضوء من خلال منشور، كما يمكن إتحاد ألوان الطيف من خلال منشور آخر لتنتج لنا ضوءًا أبيض مرة أخرى، ويقول الأستاذ رؤوف وصفي ” كانت طبيعة الكون سرًا من الأسرار بالنسبة للفلكيين القدماء حتى جاء السيد إسحق نيوتن واكتشف في عام 1666م أن شعاعًا أبيض من الشمس يتحلل إلى عدة ألوان تكوّن ” قوس قزح ” Rainbow ولاشك أننا نعرف قوس قزح والألوان الزاهية التي تتدرج من الأحمر إلى البرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق النيلي ثم البنفسجي.. وتُسمى مجموعة الألوان التي يتفرق إليها الضوء بـ”الطيف المرئي” Visible Sepectrum”(1) وصمم نيوتن أول تليسكوب عاكس، وطوَّر حساب التفاضل والتكامل، وهذا ما ساعده في الوصول إلى نظريته في الجاذبية، ووضع كتابه عن الحركة.

ويقول الأستاذ ميشيل تكلا ” يُعد كتاب نيوتن الذي تضمن قوانين الحركة من أعظم الكتب العلمية حتى وقتنا هذا، وهو مُقسَّم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، ويدوّن القسم الأول القوانين الثلاثة للحركة وقوانين مختلفة للقوة، والثاني يختص بالحركات في أنواع مختلفة من السوائل، والثالث وهو الأهم يقدم نظرية نيوتن بالنسبة للجاذبية الكونية، وفيه يوضح كيف أن هذه القوة مسئولة عن جميع الحركات سواء كانت لأجسام على الأرض، كما في ذلك حركة الماء التي يُطلق عليها المد والجزر أو الأجسام في الفضاء، وببساطة استطاع العالِم العظيم نيوتن أن يضع قوانين الحركة التي تتحكم في الكون.

قوانين الحركة لنيوتن:

القانون الأول: يظل الجسم في حالة سكون أو حركة منتظمة في خط مستقيم ما لم تؤثر عليه قوة خارجية.

القانون الثاني: يتناسب التغيُّر في كمية الحركة مع القوة المسببة لها في نفس اتجاهها.

القانون الثالث: لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة مضاد له في الاتجاه.

وتعتبر هذه القوانين الثلاثة وقانون الجاذبية العام الأُسس الأولى لعلم الديناميكا”(2).

وكان نيوتن يأكل قليلًا ويتكلم قليلًا وينام قليلًا ويعمل كثيرًا، وكان له مجادلاته العلمية مع كبار العلماء وأساتذة الفلك مما كان يفقده أحيانًا هدوءه، حتى أنه أصيب بانهيار عصبي مرتين، وكان نيوتن شديد المراس، عُيّن حاكمًا لمقاطعة ” منت ” سنة 1696م، وتوفي في 20 مارس 1727م في الرابعة والثمانين من عمره.

وحاول ألبرت اينشتاين تفسير تأثير قوة الجاذبية عندما استخدمها للربط بين الزمن والفضاء في نظرية النسبية سنة 1915م، ورغم عظم قوة الجاذبية فإنها تعتبر أضعف القوى الأربع على الإطلاق، وبفضلها ترتبط الكواكب بالشمس ونرتبط نحن بكوكب الأرض، ويمكن ملاحظة تأثيرها الواضح في ظاهرة المد والجزر.

2- القوة الكهرومغناطيسية Electromagnetic Force: اكتشفها العالِم البريطاني “ويليام ستورجون” سنة 1823م، وتؤثر هذه القوة على الجسيمات المشحونة سواء بشحنات سالبة أو موجبة، ويمكن ملاحظة تأثيرها في موجات الراديو والكهرباء.

3- القوة النووية الشديدة Strong Nuchear Force: وهي التي تربط الجسيمات الأساسية داخل الذرة، وتعد أقوى القوى الأربعة، حيث تعمل على التحام نوى الذرات معًا على إطلاق طاقة جبارة كما يحدث في القنابل الهيدروجينية.

4- القوة النووية الضعيفة Weak Nuchear Force: وهي التي تعمل على تفكَّك الجسيمات المكوّنة للذرة، وتعتبر قوة غامضة مازالت تحت الدراسة(3).

ويقول الأستاذ رؤوف وصفي عن نواة الذرة ” إذا نُزعت الإلكترونيات من الذرة فستبقى النواة nucleus وهي عبارة عن حزمة مكتنزة تحتل حوالي واحد من ألف مليون من جسم الذرة فقط، ولكنها تزن 95ر99 % من وزن الذرة! وتحتوي النواة على شحنات كهربائية موجبة والتي تتعادل مع شحنات الإلكترونيات السالبة، لتجعل الذرة متعادلة عمومًا، وتعتمد تفاعلات الذرة على الإلكترونيات في الجدار الخارجي، أي طريقة إتحادها مع الذرات الأخرى، بينما تحدد النواة طبيعة الذرة، إذ أنها قلبها النابض”(4).

_____

(1) مجلة العلم عدد 310 – يوليو 2002م ص 68.

(2) جريدة وطني في 27 نوفمبر 1994م.

(3) راجع جلال عبد الفتاح – الكون ذلك المجهول ص 123 – 126.

(4) مجلة العلم عدد 308 – مايو 2002م ص 68.