سؤال وجواب

الانتخاب الطبيعي – ما هي تعليقاتك على نظرية داروين في “الانتخاب الطبيعي”؟

227

الانتخاب الطبيعي – ما هي تعليقاتك على نظرية داروين في “الانتخاب الطبيعي”؟

الانتخاب الطبيعي - ما هي تعليقاتك على نظرية داروين في "الانتخاب الطبيعي"؟
الانتخاب الطبيعي – ما هي تعليقاتك على نظرية داروين في “الانتخاب الطبيعي”؟

ج:

1- تعتبر نظرية ” الانتخاب الطبيعي ” صحيحة في نطاق معين، فمثلا في وقت المجاعات تعيش الكائنات الأقوى، وفي انتشار الأمراض تنجو الكائنات الأقوى، وكذلك في الهروب من الخطر، وإن كانت هناك عوامل أخرى تتحكم في الأمر، فالموت لا يصيب الأضعف دائما، بل قد يصيب القوي أحيانا، وعند اقتتال الحيوانات لا تكون النصرة دائما حليفة الأقوى، بل أن هناك عوامل أخرى تتحكم في الأمر مثل عامل الصدفة، والظروف والملابسات، ولذلك قد يتعرض الكائن الأصلح والأقوى كالإنسان للموت بينما يحيا الكائن الأضعف مثل الفيروسات، وهل ننسى أن بعوضة ضعيفة قضت على الإسكندر الأكبر؟! ولو كان البقاء للأقوى فقط، فلماذا انقرضت الزواحف القوية الضخمة مثل الديناصورات من الوجود؟!

ويقول د. حليم عطية سوريال ” ثبت أن الانتخاب الطبيعي كما تصوره داروين لا يسير على قاعدة منتظمة، وأن للصدفة عمل مهم في إنتقاء الأفراد التي تعيش، فليس البقاء للأصلح دائما، بل كثيرا ما يموت الأصلح ويبقى الضعيف”(1) فمع ضعف الميكروبات، وبساطة تركيبها، وصغرها وعدم رؤيتها بالعين المجردة، ولكنها طالما فتكت بالإنسان والحيوان، حقا إن التنازع من أجل البقاء قد يؤدي إلى ندرة النوع، ولكن لا يؤدي إلى انقراضه.

2- يؤدي الانتخاب الصناعي (التهجين) إلى أصناف مميزة فقد نجح التهجين في الوصول إلى أصناف جديدة من الماشية تدر علينا أكثر أو تعطي لحوما أكثر، ووصل الإنسان عن طريق التهجين إلى الحمام الهزاز وهلم جرا، ولكن لم يخرج الناتج الجديد عن نطاق النوع قط، ولم يتحول إلى نوع آخر، فمن المستحيل أن الحمام يتحول إلى صقور أو كناري، ولم يتحول الكلب إلى ذئب، ولا الحمل إلى كلب، فكل ما يحدث هو تغيرات جسمية ضئيلة وضعيفة. ويعترف داروين بفشله في الوصول إلى حالة واحدة قد تطور فيها نوع ما إلى نوع آخر، فيقول بيتيت ” لقد أحس داروين بالحاجة إلى البرهان البيولوجي اللازم لتدعيم نظريته هذه.

وكتب في كتابه {الحياة والخطابات} مجلد 3 ص 25 يقول {يوجد على الأرض ما يتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين من الأجناس. وهذه الملايين توفر حقلا خصيبا للملاحظة، لكن يجب أن نقرر اليوم أنه بالرغم من كل الجهود التي بذلها ذوو الخبرة في الملاحظة لم توجد حالة تغيير واحدة من نوع إلى نوع آخر، استطاعوا أن يسجلوها} غير أن داروين، في اعتداده برأيه، كان يتوقع أن مواصلة البحث سوف تمدهم بالدليل المنشود. وحتى اليوم لم يأت هذا الدليل.

والبروفسور “باتسون” وهو من أبرز علماء الأحياء في النصف الأول من القرن العشرين، ومن يؤمنون بنظرية التطور أعطانا في سنة 1922م خلاصة دقيقة للأبحاث العلمية في مدى نصف قرن، قال {إن المساعي المتواصلة التي بذلت في صبر وطول أناة لم تسفر عن دليل واحد يؤيد تطور الأنواع إلى أنوع أخرى. وكل طريق جديد وثقوا فيه أنه يوصلهم إلى دليل، إذ به طريق مسدود}

وقال هذا العالم الفذ نفسه {فنحن لم نستطع أن نرى يوما كيف يحصل التغير من نوع إلى نوع، أما التغير في ذات النوع الواحد (من حيث الشكل أو الحجم أو اللون) فهذا نشاهده كل يوم، لكننا لسنا نشاهد تغييرا في أصل النوع. فتغير النوع ذاته عن أصله لا يزال أمره غامضا كل الغموض، مع أنه جوهري بالنسبة لنظرية التطور، إذ هو متعلق بأصل الأنواع وطبيعتها}”(2)(3).

3- يعجز الانتخاب الطبيعية أن يهب الكائن عضوا جديدا، فلو تطورت اللافقاريات إلى فقاريات، فمن أين أتت بالهيكل العظمي؟! ولو أن الزواحف تطورت إلى الطيور، فمن أين أتت بالريش والجهاز الهضمي والتنفسي الخاص والدم الحار؟!! وكذلك الوضع بالنسبة للحيوانات غير الثديية لو تطورت لحيوانات ثديية، فمن أين لها بالأثداء؟! وأيضا الحيوانات غير المشيمية لو تطورت إلى حيوانات مشيمية وهلم جرا..

4- يعجز الدارونيون عن توضيح كيفية تكون الأعضاء النافعة من خلال التطور، فلو العين مرت بمراحل تطور فإنها تكون عديمة الفائدة طالما لم تصل بعد إلى مرحلة الكمال، وكذلك خرطوم الفيل مثلا لو تصورنا أنه عدة سنتيمترات فلا فائدة له في دفاع ولا هجوم، فيقول د. حليم عطية سوريال “لا يمكن لنظرية داروين أن تفسر كيفية تكوين بعض الأجزاء الحيوانية المفيدة عند بعض الحيوانات مثل خرطوم الفيل – وإذا كان الفيل نشأ عن حيوان ليس له خرطوم لا بد أن يكون اكتسب خرطومه دفعة واحدة وليس تدريجيا على رأي داروين إذ لا فائدة من الخرطوم في أدوار نشوءها الأولى عندما كان طولها مثلا سنتيمترات قليلة لأنها لا تكون من المميزات المفية،

وخرطوم الفيل واحد من أمثلة عديدة حيرت داروين وأنصاره المعاصرين له نذكر منها الأسماك الكهربائية المعروفة بالرعاد، والأسماك المنيرة التي تعيش في قاع المحيط، والحشرات السامة، والحشرات المقلدة التي يشبه لونها لون النباتات، وغيرها من الحيوانات التي لها مميزات خاصة. فإن جميع تلك المميزات لا بد أن تكون اكتسبت دفعة واحدة حتى تكون مفيدة”(4).

وقد رأى “أنكين قورور” التركي وهو من أنصار التطور أن جناحي الطائر إن لم يوجدا مكتملين فلا قيمة لهما، فيقول ” إن الخاصة المشتركة في العيون والأجنحة هي أنهما لا تؤديان وظائفهما إلا إذا أكتمل نموهما، وبعبارة أخرى، لا يمكن لعين نصف نامية أن ترى، ولا يمكن لطائر أجنحته نصف مكتملة أن يطير، وفيما يتعلق بالكيفية التي تكونت بها هذه الأعضاء، فإن الأمر مازال يمثل أحد أسرار الطبيعة التي تحتاج إلى توضيح”(5).

ويقول هارون يحيى ” لقد فرض تصميم الريش على شارلز داروين أيضا أن يمعن فيه النظر، كما كان الجمال المثالي لريش الطاووس سببا في إصابته بالغثيان (بنص كلماته) فقد قال في خطاب كتبه إلى آسا غراي في الثالث من أبريل 1860م: كلما تأملت العين (يقصد العين بتركيباتها المعقدة) انطفأت حماستي لنظريتي، ولكني تغلبت بمرور الزمن على هذه المشكلة. أما الآن فبعض التراكيب الموجودة في الطبيعة تسلب راحتي، مثلا أن منظر ريش الطاووس يجعلني سقيما!”(6)(7).

واعترف داروين أنه لو ثبت أن الأعضاء المعقدة لا يمكن أن تأتي عن طريق التطور فستنهار نظريته بالكامل، فقال ” إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو جسدي مركب، ليس من المحتمل أنه قد تم تكوينه عن طريق تعديلات بسيطة عديدة ومتتالية، فإن ذلك من شأنه أن يجعل نظريتي تنهار تماما. ولكني لا أستطيع أن أكتشف أي حالة بهذا الشكل، ولا شك في أنه يوجد الكثير من الأعضاء الجسدية التي لا نعرف مراحلها الانتقالية”(8) وقال “فرانك سالزبوري” وهو من دعاة التطور “أن عضوا معقد التركيب مثل العين قد ظهر أكثر من مرة، في الحبار والفقاريات والمفصليات.. إن التفكير في هذا يصبني بالدوار”(9)(10).

ومن الأمور الطريفة أن إحدى الحشرات وهي الخنفساء القاذفة ترد على داروين، فهذه الخنفساء يبلغ طولها سنتيمتر واحد، وتعيش في أمريكا اللاتينية، والأمر العجيب أنها عندما تشعر بالخطر تفرز مادتي بيراوكسيد الهيدروجين، والهيدروكينون، ثم تدخل هاتين المادتين في غرفة داخل جسمها ليتفاعلا مع مادتين آخرتين، يقومان بدور العامل المساعد، وينتج عن هذا التفاعل سائل حارق يندفع من أنف هذه الخنفساء تجاه من يهاجمها فتصيبه بالعمى.

ويعلق الأستاذ ” هشام عبد الرءوف ” على مقال “روبرت مانيور” في مجلة فوكس البريطانية العلمية بشأن هذه الحشرة، فيقول ” ويعد هذا النظام الدفاعي المحكم والمتقن غاية الإتقان واحدا من معجزات عديد يحفل بها عالم الطبيعة، وبالنسبة للعديد من المتدينين المسيحيين فإن مصطلح المعجزة مناسب بشكل خاص، فهم يرون حياة ” الخنفساء القاذفة ” واحدة من أبرز الأمثلة على دور الإله في الخلق (هكذا يقول الكاتب روبرت مانيور) كما يرون منها دليلا لا يقبل الشك على خطأ نظرية النشوء والارتقاء لداروين.

ويتساءل الباحثون.. كيف يمكن أن يطور نظام دفاعي بكل هذا التعقيد والتطور لدى تلك الحشرة الصغيرة بشكل عشوائي، لو تأملنا في هذا النظام بشكل أكثر دقة لوجدنا أن أيا من مفرداته ليس له قيمة بشكل منفرد، بل تكسب قيمتها عندما تجتمع معا لتزود الخنفساء القاذفة بأداة فعالة للدفاع عن نفسها، ولا يمكن تفسير مثل هذا الأمر حسب نظرية البقاء للأصلح التي خرج علينا بها تشارلز داروين.. قال وليم بالي سنة 1802م ” إنه من غير المقنع على الإطلاق أن شيئا قد تطور بالصدفة ليصبح مناسبا للغرض الذي وجد من أجله.. كعين الإنسان مثلا، وهنا يصبح من المقنع القول بأن هناك قوة مرشدة وراء تكوين هذا العضو وهذه القوة ببساطة هي الله”(11).

5- عجز أصحاب نظرية الانتخاب الطبيعي في شرح وتوضيح كيف نشأت الأنواع الجديدة، فتارة يقولون أنها نشأت نتيجة التغيرات في البيئة والمناخ، وتارة يقولون أنها نشأت نتيجة التغير في الصفات، ومرة ثالثة يقولون أنها نشأت نتيجة استعمال عضو معين وإهمال عضو آخر، ويقول ” هنري م. موريس ” عن نظرية التطور ” تفرض هذه النظرية وجود شكل ابتدائي مكون من خلية حية واحدة من المرجح أن تكون قد نشأت بالصدفة نتيجة إتحاد بين مواد غير حية ظهرت مصادفة، ومن هذه الخلية نشأت بالتدريج النباتات واللافقاريات عديدة الخلية، ثم الأسماك، والحشرات، والحيوانات البرمائية، ثم الزواحف، ثم الطيور، والثدييات، وأخيرا الإنسان.. والآن لنتأمل بصدق هذا الرأي:

هل يمكن أن تحدث حياة من إتحاد مواد غير حية ثم مصادفة؟ واضح أن هناك خللا خطيرا في هذا الفرض.. ولكي يتغلب داروين على هذا الخلل، افترض بكل بساطة أن الحياة ظهرت في وقت ما في الماضي عندما تهيأت ” الظروف ” الملائمة، وهو فرض غير أمين، لأنه ما هو المقصود بالظروف؟ وإن كانت قد حدثت في الماضي، فما الذي يمنع حدوثها الآن؟! وكمحاولة لخلق مادة حية من مواد غير حية، تم إجراء آلاف التجارب بواسطة علماء من شتى أنحاء العالم وفي جميع التخصصات، ولكن دون جدوى أو نجاح”(12).

كما يعلق ” هنري م. موريس ” أيضا على عجز نظرية التطور في تفسير كيفية حدوث التطور، فيقول ” لقد عجزت (نظرية التطور) عن إيجاد الدليل الكافي على كيفية حدوث التطور، وقد افترضت تفسيرات عديدة عن طريق عدد كبير من الباحثين والدارسين، ورغم ذلك فإن ميكانيكية عملية التطور لازالت غامضة كما كانت منذ مئات السنين. بل ويقرر علماء البيولوجيا المعاصرين جهلهم التام بهذا الجزء من النظرية”(13).

6- إن سادت ظاهرة ” الانتخاب الطبيعي ” في مكان يشح فيه الطعام، أو يكثر فيه الأعداء، فإنها لا تسود في مكان آمن يتوافر فيه الطعام بكثرة، كما ذكرنا أيضا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد ركز داروين على فكرة الصراع من أجل البقاء، وتغافل أن الحياة في الأصل ليست تطاحن وصراع وقتال بقدر ما هي تعاون وتآزر وتحالف بين الكائنات الحية، فالإنسان والحيوان يتغذيان على ما تنتجه الأرض من نباتات، أو على بعض الكائنات الحية. ثم يموت الإنسان والحيوان ويعودون للتربة، وهكذا تستمر دورة الحياة بين التربة والنبات والحيوان والإنسان، ولا غنى عن أي منهم، وهناك أنواع كثيرة من التحالف بين الكائنات الحية، فالبكتريا التي تعيش على العقد الجذرية لنبات الفول وتتغذى منه، تفيده إذ تثبت المواد الأزوتية من الجو.

وفي شمال السودان يعيش طائر يعرف ” بالسقد ” يظل واقفا يقظا على رأس التمساح، فإذا لاح في الأفق فريسة أو عدو يصيح فيوقظ التمساح من سباته، ومقابل هذا عندما يفترس التمساح فريسته يفتح فاه لهذا الطائر الصديق فيتغذى على بقايا الطعام العالقة بأسنان التمساح، فيلتقطها ببراعة فائقة، حتى أنه ينظف تماما أسنان التمساح، وهكذا يستمر التعاون بينهما.

فالأصل في الحياة هو التعاون والتواصل، ولكن التطوريين يصورون الحياة على أنها صراع دائم وحرب شعواء، ويعطون التبرير للأقوياء للقضاء على الضعفاء، ويشجعون التمييز العنصري، ويرون أن القوة فوق الحق، والقسوة فوق الرحمة.. حقا إن هؤلاء التطوريون لا يتعلمون من الطبيعة التي تتضافر فيها العناصر من تربة وماء وهواء لإنتاج الغذاء للإنسان والحيوان، ولم يتعلموا من الطبيعة التي تجمع الكائنات الضعيفة مع القوية، فنرى الأسماك الصغيرة بجوار أسماك القرش والحوت، والعصافير بجوار النسور، والنمل بجوار الفهد، والتوازن البيئي يستمر ويسود،

فرغم افتراس الأسود للغزلان فإن الأخيرة لم تختف من على مسرح الحياة، ورغم توالد الذئاب بنسبة أكبر بكثير من توالد الحملان، لكن مازالت أعداد الحملان تفوق جدا أعداد الذئاب، وما أجمل القول أن ” المشاهدات الطبيعية لا ترينا -كما يظن الفكر التطوري- قيام البيئة أو الظروف المناخية برمي الأحياء الضعيفة خارج النوع،

ولا قيام الأحياء القوية بامتلاك حق الحياة وإبادة الضعفاء، لذا فالأصوات المنعكسة في سماء الوجود ليست عبارة عن جلجلة أصوات الأقوياء، وأنين أصوات الضعفاء وهي تموت. ومع أننا يمكننا العثور على أمثلة من هذا الأمر في التاريخ الإنساني من حين لآخر، إلا أنه عندما يسود الحق نرى ظواهر الرحمة والشفقة من الأغنياء نحو الفقراء والضعفاء، ونرى الشكر من الفقراء للأغنياء، هكذا كان ديدن التاريخ حتى يومنا الحالي”.

7- يعجز ” الانتخاب الطبيعة ” عن توضيح نظام الملائمة والموائمة الذي نجده سائدا في الطبيعة في الكائنات، مثل توافق الحشرات مع النباتات في نقل حبوب اللقاح، والتعاون بين أنواع من البكتريا والحيوان.

8- قول داروين عن الانتقاء الجنسي بأن الإناث يفضلن الذكور الأقوى، مع أن هذا لا يحدث دائما، فهناك عناصر أخرى تتحكم في الأمر مثل عنصر الصدفة، والارتباط، أكثر من الاعتماد على عنصر التفضيل فقط.

9- القول بالاصطباغ الصناعي كدليل على أدلة التطور يعتبر مغالطة وخداع كبير، لأنه سواء سادت الفراشات ذات اللون الأبيض أو الأسود، فإن هذا الموضوع بعيد كل البعد عن التطور، لأن الفراشات ظلت كما هي فراشات، لم تتحول إلى نوع آخر، ولم يستجد عليها عضوا جديدا، فالانتقاء الطبيعي لم يحول نجمة البحر إلى سمكة، ولا السمكة إلى ضفدعة، ولا الضفدعة إلى تمساح، ولا التمساح إلى طائر، ولا الطائر إلى حيوان ثديي، ولا الحيوان الثديي إلى إنسان.

10- مازالت بعض الكائنات الأولية الضعيفة، كما هي لم تتطور ولم تتغير منذ وجودها على الأرض، وهذا ثابت من الحفريات القديمة، ومن أمثلة هذه الكائنات الأميبا، والطحالب الزرقاء، والإسفنجيات، والرخويات، ويقول دكتور كمال شرقاوي غزالي ” فمثلا بكتيريا الإشيريشيا كولاي Escherchia Coli دلت الأحافير على أنها قد بقيت على ما كانت عليه منذ 250 مليون سنة، فلماذا لم تتطور؟ والطحالب الزرقاء وجدت منذ نحو بليون سنة على الأقل، وهي موجودة حتى الآن وكما كانت منذ ذلك التاريخ، ومومياء الطائر المصري ” أبو منجل ” لا تدل على حدوث أي تطور في أبي منجل اليوم عن أبي منجل منذ سبعة آلاف سنة”(14).

وقد أدرك داروين هذه الحقيقة فعلل ذلك بأن بعض الكائنات مثل الديدان الأرضية ليست في حاجة للتطور، فيقول ” قد يثور اعتراض على أنه إذا كانت جميع الكائنات العضوية تميل بهذا الشكل لأن ترتفع في الميزان (أي تنشد التطور) فكيف تسنى أن عددا كبيرا من الأشكال الدنيئة مازال موجود في جميع أنحاء العالم، وكيف تسنى أنه يوجد في كل طائفة كبرى بعض من الأشكال الأكثر ارتفاعا في مستوى التكوين عن أشكال أخرى؟ وكيف أن الأشكال الأكثر ارتفاعا في مستوى التكوين في كل مكان، لم تحل وتبيد الأشكال الأقل تكوينا..؟

في نظريتنا فإن استمرار تواجد الكائنات الدقيقة لا يشكل أي صعوبة، وذلك لأن الانتقاء الطبيعي، أو البقاء للأصلح، لا يتضمن بالضرورة نشوءا ارتقائيا.. وقد يثور تساؤل عن الميزة التي قد يكتسبها.. أحد أشباه الحيوانات النقاعية، أو دودة معوية، أو حتى دودة أرضية، من أن تكون على مستوى عال من التكوين. وإذا لم تكن هناك ميزة، فإن هذه الأشكال سوف يتم تركها بواسطة الانتقاء الطبيعي، بدون تحسين، أو سوف تتحسن بشكل طفيف، وقد تبقى لعهود بدون نهاية على حالتها المتدنية الحالية.. ولكن لكي نفترض أن معظم الأشكال الدنيئة الموجودة حاليا لم تتقدم ولو بشكل بسيط منذ بزوغ فجر التاريخ، فإنه سوف يكون افتراضا متسرعا”(15).

ورغم محاولة داروين تبرير الموقف، لكن يظل السؤال قائما، وهو إن كان التطوريون يعتقدون أن أصل الحياة كلها الأميبا وحيدة الخلية التي تطورت وتنوعت، فلماذا مازالت هناك أنواعا من الأميبا Amoeba مازالت كما هي لم تتطور بعد؟! وإن كانت الأميبا تطورت حتى وصلت إلى مرحلة الإنسان، فلماذا يستكثر داروين على الدودة الأرضية أن تتطور فتصير حصانا مثلا؟!

11- أثبتت الحفريات أن الكائنات الحية منذ وجودها على الأرض لم تشوش ولم تختلط ببعضها، فكل كائن حافظ على جنسه، وتحقق القول الإلهي ” فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبذر بذرا كجنسه وشجرا يعمل ثمرا بذره فيه كجنسه” (تك 1: 13).. ” وكل طائر ذي جناح كجنسه” (تك 1: 21).. ” فعمل الله وحوش الأرض كأجناسها والبهائم كأجناسها وجميع دبابات الأرض كأجناسها” (تك 1: 25) أما الإنسان فقد جبل على صورة الله ومثاله ” وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض” (تك 1: 28).

12- قال الدارونيون أن الخلية الأولى استغرقت عدة ملايين من السنين حتى تطورت وظهر منها كائنات متنوعة، بينما كانت الأرض منذ ربع مليون سنة عبارة عن كتلة غازية ملتهبة لا تسمح قط بوجود الحياة عليها.

حقا لو عرف داروين قوانين الوراثة التي اكتشفت بعده، لتخلى عن نظريته وهو هادئ ومطمئن البال.

_____

(1) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقدية الخلق ص 94.

(2) فضح الهرطقات ص 85.

(3) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية جـ 1 ص 154، 155.

(4) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 94، 95.

(5) أورده هارون يحيى – خديعة التطور ص 55.

(6) Norman Macbeth Darwin Retried P 101.

(7) المرجع العربي السابق ص 60.

(8) أصل الأنواع ص 99.

(9) Frank Salisbury, Doubts About the Modern Synthetic Theory of Evolution , P 338.

(10) أورده هارون يحيى – خديعة التطور ص 193.

(11) مجلة العلم عدد 345 – يونيو 2005م ص 32، 33.

(12) ترجمة نظير عريان ميلاد – الكتاب المقدس ونظريات العلم الحديث ص 60، 61.

(13) المرجع السابق ص 63.

(14) التطور بين الضلال وممارسة حق النقد ص 53.

(15) أصل الأنواع ص 217، 218.

الانتخاب الطبيعي – ما هي تعليقاتك على نظرية داروين في “الانتخاب الطبيعي”؟