سؤال وجواب

التكوين الجنيني ما بين الأسماك والجنين البشري

التكوين الجنيني ما بين الأسماك والجنين البشري

التكوين الجنيني ما بين الأسماك والجنين البشري

التكوين الجنيني ما بين الأسماك والجنين البشري
التكوين الجنيني ما بين الأسماك والجنين البشري

 238- التكوين الجنيني ما بين الأسماك والجنين البشري

ثالثًا: التكوين الجنيني

س238:

قال داروين ” أما بالنسبة إلى خياشيم الأسماك، فقد اختفت كلية في الحيوانات الفقارية العليا، ولكن في الجنين فإن الشقوق الطولية الموجودة على جانبي الرقبة والمسار الحلقي الشكل للشرايين، مازالت تحدد وضعها (وضع الخياشيم) السابق”(1) ويقل ” هيربرت وولف”.. ” تقول إحدى التفسيرات التي مرت بها نظرية داروين بأن..

الجنين البشري يمر بنفس المراحل التي مرَّ بها في التطوُّر، ففي بادئ الأمر كان الجنين أشبه بسمكة ليتطوَّر ليصبح مخلوقًا برمائيًا ثم يصبح كأحد الزواحف وأخيرًا يصبح من عائلة الثدييات، ولقد لاحظ أحد علماء الأجنة المعروفين وهو Karl والذي تتبع دراسة الأجنة في الطيور والسحالي والثعابين والثدييات أوجه التشابه القوية بينها، وخاصة في مراحلها المبكرة، وكانت كلها تتشابه في أن لها خياشيم فيما عدا الجنين البشري والذي كان يختلف عن أجنة الكائنات الأخرى”(2)(3) 

ويقول التطوُّريون أنه خلال مراحل نمو الجنين الإنساني نجده يحاكي أسلافه، فيشابه أولًا الحيوان وحيد الخلية، ثم يحاكي الأسماك حيث تظهر بعض الأقواس الهلالية على الخط المستقيم Linear arches في منطقة الرقبة، وهذه الأقواس تشابه خياشيم الأسماك، ثم يشابه جنين الزواحف، ثم جنين القردة، وفي الشهر السادس للجنين الإنساني يغطي جسمه الشعر الصوفي الذي يختفي فيما بعد، وفي المراحل المبكرة يصعب التمييز بين أجنة الأنواع المختلفة…

فجنين الأسماك في مراحله الأولى يتشابه مع أجنة البرمائيات، والزواحف، والطيور، والثدييات. وأيضًا يتحوَّر ” أبو دنيبة ” من التنفس بالخياشيم تحت الماء إلى تنفس الهواء الجوي بالرئتين.. أليست كل هذه الأمور تحكي قصة التطوُّر كقول إرنست هيجل Ernest Haeckel سنة 1866م بأن مراحل نمو الجنين هي استعادة أو تكرار لتاريخ أسلافه؟

ج:

الحقيقة أن الدراسات العلمية الحديثة قضت على هذه الفكرة الكاذبة منذ عدة عقود، ومع هذا فإن بعض دعاة التطوُّر مازالوا يرددونها كدليل على صدق نظريتهم. كما قالوا أن بالجنين جزء يشبه كيس المح لأنه يعيد أصله كطائر، والحقيقة أن هذا الكيس ينتج ما يحتاجه الجنين من دم، وقالوا أن الجنين له ذيل لأنه يعيد أصله كقرد، والحقيقة أن هذا الذيل يمثل العمود الفقري الذي يتكوَّن في الإنسان قبل تكوُّن الساقين، وهذا ما نادى به عالِم التطوُّر ” إرنست هيجل ” في أواخر القرن التاسع عشر، وقال ” جورج جايلورد سيمبسون ” أحد مؤسسي الداروينية الحديثة ” لقد شوَّه هيجل المبدأ النشوئي الذي تناوله، فقد ثبت اليوم علميًا بما لا يدع مجالًا للشك أن الأجنة لا تمر بمراحل ارتقاء الأجداد”(4)(5).

لقد قام هيجل بتزييف رسومات المراحل الجينية ليوحي للجميع بأن بينها تشابهًا ليؤكد نظرية التطوُّر، وعندما تم مواجهته بهذا قال أن هناك آخرين من دعاة التطوُّر قاموا بذات التّزييف، وقال ” كان عليَّ بعد الاعتراف بهذا التزوير أن أعد نفسي مدانًا ومنتهيًا، لولا أنني أجد العزاء في أن أرى على جانبي في قفص الاتهام مئات من الجناة”(6)(7).

ولا يمكن اعتبار التشابه بين الجنين الإنساني في مراحل نموه، وأجنة الأسماك والحيوان، دليلًا على قصة التطوُّر للأسباب الآتية:

1- الأقواس التي تظهر في أجنة الأسماك، يتكوّن منها الخياشيم، بينما الأقواس التي تظهر في الجنين الإنساني تمثل المراحل الأولى لتكوُّن قناة الأذن الوسطى، والغدة الجاردرقية، وغدة التيموس، فهي بعيدة عن الجهاز التنفسي، ويقول ” بيتيت”..

” أثبتت الدراسات أن هذه الأقواس التي تظهر في الإنسان في منطقة الرقبة، يتكوَّن منها الفكان العلوي والسفلي والرقبة واللسان والحنجرة، وليس لها دخل بالمرة في تكوين الجهاز التنفسي الذي هو الخياشيم في السمكة، وفي هذا يقول بروفسور ” برايس ” {كل شيء مزعوم (ولا صلة تربط) بين هذه التكوينات وخياشيم الأسماك إنما هو من نسج الخيال الخصيب}”(8)(9).

2- يتكون الزيجوت (الخلية الملقحة التي تكون الجنين) من إتحاد الحيوان المنوي بالبويضة، وكلٍ منها يحتوي على نصف عدد الكروموزمات، وبالتالي فإن الزيجوت يحتوي العدد الكامل لكروموزمات النوع، نصفه من كروموزومات الأب والنصف الآخر من كروموزومات الأم، ويحتوي الكروموزوم على الحامض النووي DNA الحامل للشفرة الوراثية..

وهذه الشفرة الوراثية كما رأينا من قبل عبارة عن ثلاث نيوكليتدات (قواعد نيتروجينية) مُرتبة بطريقة معينة، فتختص بحمض أميني معين، وتختص هذه الشفرة الوراثية بتخليق البروتينات سواء بروتينات بنائية أو هرمونات أو إنزيمات، فكل نوع لا بُد أن ينشأ عن نوع مماثل له، فحتى إن تشابهت الأجنة من ناحية الشكل الخارجي إلاَّ أن كل منها يحمل الصفات الوراثية للنوع التابع له، فإن كان هناك تشابهًا بين الجنين الإنساني في بعض مراحل نموه، وبين أجنة الأسماك والحيوانات..

فهذا التشابه هو تشابهًا ظاهريًا، ولكن علماء الأجنة يعرفون تمامًا كيف يُميّزون بين هذا وذاك، ويقول د. حليم عطية سوريال ما معناه ” أنه وإن كان هناك تشابه بين الأجنة في أدوارها الأولى، فلأن هذا ضرورة اقتضاها نمو البويضات المتشابهة تمام المشابهة، وسيرها في نموها حتى وصولها إلى حيوانات كاملة النمو متشابهة أيضًا في تركيبها الأساسي، غير أن بعض العلماء أثبتوا أن الأجنة لا تتشابه تمامًا.

بل لقد أثبت علماء علم الأجنة مثل الأستاذ ” فيالتون ” في كتابه ” أصل الكائنات الحيَّة ” Lorigine Des Etres Yavants أنه يمكن تميَّيز أنواع الأجنة بعد الأدوار الأولى. وعليه يمكننا أن نقول بالإجمال، أن تشابه الأجنة في أثناء نموها لا يزيد قيمة في التدليل على مذهب صحة التطوُّر، عن دليل التشريح المقارن في الحيوانات الكاملة.. ولا يتطوَّر قط جنين من نوع إلى بالغ من نوع آخر، بدليل بقاء السمكة سمكة، والضفدعة ضفدعة، والأرنب أرنبًا، والقرد قردًا، والإنسان إنسانًا، رغم ما تكون عليه أجنتها من تشابه في الأدوار الأولى من تكوينها”(10)(11).

وقد اعترف ” أرثر كييث ” Arthur Keith بانهيار البرهان الجنيني قائلًا ” الآن وقد عُرفت مظاهر الجنين الإنساني في كل مراحله التي يمر بها، فإننا نشعر بخيبة الأمل. لأنه ولا مرحلة من مراحل الجنين الإنساني يتشابه فيها هذا الجنين بالإنسان”(12)(13).

3- الذين يتصوَّرون أن الجنين الإنساني بمشابهته أجنة الأسماك، ثم الزواحف، ثم القرود، يثبت قصة التطوُّر، دعنا نسألهم: كم شهر استغرقت قصة التطوُّر هذه..؟ بلا شك أنها لا تتعدى التسعة أشهر، فكيف يتمشى هذا مع قولهم بأن التطوُّر استغرق ملايين السنين؟!! وكيف يجوز الجنين في أشهر ما اجتازه الإنسان في 500 مليون سنة؟!

4- تحوُّر أبو دنيبة من تنفسه تحت الماء بالخياشيم إلى تنفسه الهواء الجوي بالرئتين لا يعتبر نوعًا من التطوُّر التدريجي، لأنه لم ينتقل من نوع إلى نوع آخر، إنما يسير على هذا النمط منذ أن خُلق وللآن، ويقول د. حليم عطية سوريال ” وربما يقول قائل أن هنالك حالات قد تشاهد فيها تحوُّل حيوان إلى حيوان آخر في الطبيعة على نحو ما نشاهد في حالات الانقلاب التي تحصل على أدوار نمو الضفدعة، فإن الضفدعة الصغيرة في أدوار نموها الأولى (وتُسمى أو دنيبة) تعيش معيشة مائية مثل الأسماك وتتنفس بخياشيم فقط ولكنها تتحوَّل..

إلى حيوان برمائي وتتكون لها رئتان وأطراف.. فأجيب أن هذا الانقلاب لا يختلف في شيء عن حالات النمو الجنيني، وتكوين الرئتين ما هو إلآَّ إضافة أحشاء جديدة وليس تحوُّل عضو حيوي إلى عضو آخر، ولا يحدث هذا الانقلاب إلاَّ في أدوار النمو فقط، ولا يمكن اعتبار هذا الحيوان ضفدعة كاملة، لأنه لا يتناسل، والحالة التي هو فيها وقتية وتنتهي حتمًا بالوصول إلى الحيوان البالغ. ثم إن هذا الانقلاب الذي نراه في أطوار النمو لا يحدث بتأثير أي عامل من عوامل التحوُّل التي يذكرها التحوُّليين مثل العوامل الداروينية.

أو العوامل اللاماركية (نسبة إلى لامارك) أو غيرها، بل يسير بدون اكتراث إليها على سُنة ثابتة وناموس راسخ لا يحيد عنهما، ولا قيمة لها في إثبات نظرية التحوُّل لأنه حالة أخرى فهو لا يُظهِر إمكانية تحوُّل حيوان إلى آخر، بل يشير إلى نمو حيوان من حالة إلى حالة أخرى، وشتان بين الحالتين لأن هذا الانقلاب مُحتَّم حدوثه لأن يصل الحيوان إلى شكله الطبيعي”(14).

_____

(1) أصل الأنواع ص 302.

(2) AN INTRODUCTION TO THE OLD TESTAMENT PENTATEUCH, P91.

(3) ترجمة خاصة بتصرف – الأستاذ بشرى جرجس خليل أستاذ اللغة الإنجليزية بطنطا.

(4) G. G. Simpson, W. Beck, An Introduction to Biology, P. 241.

(5) أورده هارون يحيى – خديعة التطوُّر ص 166.

(6) Francis Hitching, The Neck of the Giraffe: Where Daruin Went Wrong, P. 204.

(7) المرجع العربي السابق ص 167.

(8) فضح الهرطقات ص 81، 82.

(9) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية جـ 1 ص 125.

(10) تصدع مذهب داروين ص 47.

(11) أورده برسوم ميخائيل – حقائق كتابية جـ 1 ص 125، 126.

(12) فضح الهرطقات ص 82.

(13) المرجع قبل السابق ص 126.

(14) تصدع مذهب داروين والإثبات العلمي لعقيدة الخلق ص 26، 27.

التكوين الجنيني ما بين الأسماك والجنين البشري