سؤال وجواب

هل أساطير الخلق الفارسية سارت على نفس منوال الأساطير السومرية والبابلية؟

هل أساطير الخلق الفارسية سارت على نفس منوال الأساطير السومرية والبابلية؟

هل أساطير الخلق الفارسية سارت على نفس منوال الأساطير السومرية والبابلية؟

هل أساطير الخلق الفارسية سارت على نفس منوال الأساطير السومرية والبابلية؟
هل أساطير الخلق الفارسية سارت على نفس منوال الأساطير السومرية والبابلية؟

رابعًا: أساطير الخلق الفارسية

ج: كلا، فإن الدكتور سيد القمني يوضح أنه بعد أن ساد الاعتقاد بأن الشر والظلام أقدم في الوجود من الخير والنور، أراد الإنسان عبر الأساطير الفارسية أن يصحح هذا الاعتقاد، وهذا ما ظهر في أسطورة ” كيرمرث “الفارسية، فيقول ” ويلخص لنا (د. على النشار) عقيدة (كيرمرث) فيقول: إن أول الموجودات كان إله النور والخير (هرمز) -لم يزل اسمه علمًا على مضيق الخليج العربي- ففكر في ذاته متسائلًا: لو كان لي منازع كيف يكون؟

وبمجرد أن طرأت هذه الفكرة على خاطره، حتى وجد هذا المنازع فعلًا، فظهر الظلام بعد أن كانت الدنيا دائمة الضياء، نتيجة لمجيء إله الشر (أهرمان) إلى الوجود، فقام إله الخير هرمز بخلق كل الملائكة والبشر ليساعدوه ضد غريمة (أهرمان) لكن (أهرمان) قام بخلق كل الكائنات الضارة، وأخذ يؤثر بأتباعه الأشرار على البشر لينضموا إليه، وهكذا بدأ الصراع بين الخير أو النور، وبين إله الشر أو الظلام”(1)(2).

ويرى د. أنيس فريحة أن هرمز عرف من قبل في فارس باسم “ميتهرا “وهو إله الخصب والنماء والضياء(3) ويقول د. سيد القمنى “يؤكد الباحث (عصام ناصف) أنه كان يحتفل بعيد ميلاد ” ميتهرا “في 25 كانون (أول) أي بالضبط عندما تبدأ الشمس قوة دورتها الجديدة، فهو إله الضياء أو الشمس(4) وقد عبد الهنود بدورهم هذا الإله، واعتقد عباده أنه يدخل سنويًا في معركة مع آلهة الموت والظلام، وأنه كان يتعرض في هذه المعركة للأسر، ثم الاستشهاد موتًا على الصليب، فيصيب الأرض الجفاف ويتوقف النسل، لكنه يقوم من الموت في الحادي والعشرين من شهر آزار عند المنقلب الربيعي، فتعود بقيامته المجيدة الحياة للأرض خيرًا ونماء، ويشير المرحوم (عباس العقاد) إلى طقوس من ديانة (ميثهرا) نجد فيها شبهًا كبيرًا بما في المسيحية، ولك أن تلاحظ أن احتفال المسيحية بعيد ميلاد إلهها الشهيد (يسوع المسيح) في 25 كانون أول وهو نفس موعد ميلاد ميثهرا، وأن احتفالها بعيد قيامته المجيد يوم 30 آزار، وهو بدوره نفس موعد قيامه ميثهرا المجيدة(5)(6).

كما يقول د. سيد القمنى ظهر في الفكر الفارسي أيضًا ” زرادشت “كنبى مرسل من ” هرمز “إله الخير لهداية البشر والبعد عن طريق ” إهرمان “إله الشر، وقالت الزرادشتية بأن هذا الصراع سيستمر أثنى عشر ألف سنة، يظهر في بداية كل ألف سنة مهدي من بيت زرادشت يقود الكفاح ضد الشر، وفي عهد المهدي الثاني عشر تقوم القيامة ويسود السلام، ويزج أهرمان وكل جنوده في الجحيم، وهكذا وجد الإنسان راحته في مثل هذه الأفكار، وعلق أخطاؤه وتقصيره وإهماله على شماعة إله الشر، وعزى نفسه بأن السلام سيسود في عصر المهدي الثاني عشر(7).

وفي أسطورة فارسية أخرى نرى اعتقاد أهل فارس بأن العالم نشأ من أصلين هما النور والظلمة بعد صراع، فكانا يتناوبان النصرة والهزيمة، ولذلك قسموا العالم إلى جيش النور أو الخير، وعلى رأسه “أهورامزدا” Ahuramazda وجيش الظلمة أو الشر وعلى رأسه ” أهريمن “Ahriman أو “أنكرنيتو” ويساعد أهورامزد ستة كائنات في إدارة العالم، تعرف باسم ” أمش سبنتان “أي القوة الخالدة المقدسة، ويلى هؤلاء كائنات أخرى تسمى ” يزت “تختص بكل يوم من أيام الشهر، وهذه اليزت تمثل طبقة أرضية وأعظمها زرادشت، وطبقة سماوية على رأسها أهورامزدا نفسه، ثم يلي ذلك كائنات مجردة تعرف باسم ” فروشى “أي ملائكة، ويقول الدكتور كارم محمود عزيز إن أهورامزدا خلق ” أولًا السماء، وثانيًا الماء، وثالثًا الأرض، ورابعًا النباتات، وخامسًا الماشية، وسادسًا الإنسان، وكان السابع أهورامزدا نفسه، وخلق أهورامزدا الأنوار وجعلها بين السماوات والأرض: النجوم الثابتة، والنجوم غير الثابتة، ثم القمر لحكم النجوم، وبين الأرض والكرة السفلية جعل أهورامزدا الرياح والسحب ونار البرق(8) كما يقول الدكتور كارم محمود أيضًا ” تقوم بعض القصص الفارسية الأخرى أن الإنسان خلق في بادئ الأمر مكونًا من ذكر وأنثى متصلين من الخلف، ثم رأى الخالق أن يفصل أحدهما عن الآخر”(9).

_____

(1) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ج 1 ص 190.

(2) الأسطورة والتراث ص 43، 44.

(3) راجع الدراسات في التاريخ ص 21.

(4) المسيح في مفهوم معاصر ص 46-66.

(5) الله – كتاب الهلال عدد 43 ص 111، 112.

(6) لأسطورة والتراث ص 43.

(7) راجع الأسطورة والتراث ص 45.

(8) أساطير التوراة الكبرى وتراث الشرق الأدنى القديم ص 71، 72.

(9) المرجع السابق ص 73.

هل أساطير الخلق الفارسية سارت على نفس منوال الأساطير السومرية والبابلية؟