سؤال وجواب

ما هو رأي علم الآثار في قول النُقَّاد بأن إبراهيم لم يكن شخصية تاريخية؟

 327- ما هو رأي علم الآثار في قول النُقَّاد بأن إبراهيم لم يكن شخصية تاريخية؟

لقد ادعى بعض النُقَّاد أن أسماء الآباء البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب هم في الحقيقة أسماء قبائل، وقال ” ويل ” H. Weill أنهم أبطال كنعانيون أدخلهم اليهود إلى تاريخهم، وقال عنهم ” فلهاوزن” و”استاد ” Stade و” ماير ” E. Meger أنهم من نسج الخيال، وقال ” جرهاردوس نوس ” أنهم مجرد أسماء لأشباح كنعانية، وُلدت عن طريق تزاوج أنصاف آلهة الكنعانيين، وقال البعض أن إبراهيم أحد آلهة البابليين(1).

ج:

1- عُثر على لوح أثري في خرائب بابل يحمل اسم ” إبرام ” أو ” إبراما ” ويشير إلى أنه دفع الضرائب المستحقة عليه.

2- يقول الأستاذ سليم حسن ” فمن المحتمل أن إبراهام هو ” هاعبري ” أي البدوي، قد صًوّر يزور مصر في رحلة سلمية. والواقع أنه قد قُرِن غالبًا بين رحلته ورحلة ” إبشا ” الذي سار على رأس قافلة لزيارة مصر في عهد ” سنوسرت الأول”.. وبعد فترة من الزمن دخلت كل أسرة يعقوب مصر، وإتخذوها موطنًا لهم”(2)

3- كشفت الآثار عن المدن والمناطق التي عاش فيها إبراهيم أو عبر عليها مثل أور الكلدانيين، وحاران، وحبرون، وقمران ” فالاكتشافات الأثرية الحديثة تثبت أن الأماكن الجغرافية الوارد أسماؤها في تاريخ إبراهيم كانت مأهولة بالسكان في ذلك العصر، فقد كانت مدينة ” أور ” في وادي الفرات الأسفل مركزًا سكانيًا كبيرًا، وقد حصلنا على فيض من المعلومات من القبور الملكية التي اكتشفتها البعثات الأثرية التي قادها سير ” ليونارد وولي ” تحت إشراف المتحف البريطاني ومتحف جامعة بنسلفانيا.. أن تاريخ “أور” يمتد إلى ما قبل إبراهيم بكثير، وكانت لديهم معرفة كبيرة بالكتابة والتعليم، والحسابات الرياضية، والسجلات الخاصة بالأعمال والديانة والفن، مما يدل على أن ” أور ” كانت إحدى المدن الكبرى الغنية في وادي الدجلة والفرات عندما هاجر منها إبراهيم إلى “حاران” ويبدو أن بقعة “حبرون” على بعد نحو تسعة عشر ميلًا جنوبي أورشليم كانت مكانًا ملائمًا لسكنى إبراهيم فيها، ويظهر أن تلك المدينة التي كانت تُعرف في عهد الآباء باسم “قرية أربع” منذ تأسست في زمن مبكر كما يظهر من اكتشافات البعثة الأمريكية (1964م) التي اكتشفت أسوار من اللبن على أساس من الصخر يعود إلى سنة 3000 ق.م.، وكثيرًا ما يطلق الكتاب المقدَّس على هذه البقعة اسم “قمران..”(3).

4- لقد عاش إبراهيم كشخصية تاريخية في مدينة “أور” وعاصر حضارة متقدمة، كشفت عنها ألواح “تل العمارنة” التي جاء فيها “ذكر العواصم والمدن الإقليمية والحصون والمدن الصغيرة والقرى مع المعسكرات والأماكن المسوَّرة (حاصور) كما ذكرت أيضًا ري الحدائق ونبات البردي المزروع في جبيل، وكذلك النحاس والقصدير والذهب والفضة والعقيق والنقود، والكثير من الأشياء الثمينة، والتوت والزيتون والحنطة والسفن والمركبات.. وتوضح النقوش البابلية أن ارتحال إبراهيم كان جزءًا من حركة هجرة من الوطن الأم إلى أقليم على الحدود به نفس القوانين وقدر كبير من نفس الحضارة، وتوضح الصور المصرية المنحوتة أن فلسطين في أيام الآباء كان لها نفس القدر من الحضارة في مصر، وما كشفت عنه ألواح تل العمارنة.. أن هذه الأشياء (التحف والهدايا) التي تنم عن الأناقة والبراعة، لم تكن مجرد زخارف أو حلي ” حضارة بربرية ” مما يقطع بأن تلك البلاد لم تكن في تلك الحقبة من التاريخ، إلاَّ موطنًا لحضارة متقدمة”(4).

ويقول القس مكسيموس وصفي ” تقع أور على بُعد 6 أميال (10 كم) من الشاطئ الغربي لنهر الفرات.. وكانت المدينة مزدهرة في أيام أسلاف إبراهيم، وتُعد حضارتها من أعرق الحضارات القديمة، فالمدينة كانت لها علاقات تجارية تمتد إلى مناطق بعيدة وتنعم بحضارة وثقافة وتنتشر فيها بيوت ذات طابقين وبها طرق ضيقة. وكانت أور تشتهر بعبادة القمر، وربما كانت ذاتها هي عبادة تارح أبى إبراهيم نفسه حيث كان أجداده يسكنون مدينة أور. وقد كشف سير لينارد وولي سنة 1922م في أطلال مغير، وهي مكان أور عن المقابر الملكية وأخرج الكثير من الكنوز والتحف الملكية والمجوهرات وأواني فخارية وأسلحة، ووجد لوحات من الفخار عليها تسجيل لقوائم موازين ومكاييل ومصطلحات طبية.. وقد زودتنا تلك الاكتشافات بفيض من المعلومات التي ساعدت في فهم الخلفية التاريخية عن الحالة الثقافية والاجتماعية لذلك العصر الذي عاش فيه إبراهيم.. ورسمت لنا هذه الاكتشافات صورة واضحة عن المدينة التي كانت مركزًا سكانيًا ضخمًا، وكان أهلها ينعمون بمعرفة متقدمة في الكتابة وازدهرت فيها الرياضة والثقافة والفنون”(5).

ولنا عودة لهذا الموضوع عند الحديث عن اكتشافات مارى ونوزي.

_____

(1) راجع مدارس النقد والتشكيك جـ 1 ص 236 – 239.

(2) موسوعة مصر القديمة جـ 4 ص 196، 197.

(3) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 22.

(4) دائرة المعارف الكتابية جـ 2 ص 392، 393.

(5) المرشد الجغرافي التاريخي للعهد القديم ص 48.

ما هو رأي علم الآثار في قول النُقَّاد بأن إبراهيم لم يكن شخصية تاريخية؟

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !