سؤال وجواب

هل الله لا يرضى عن الإنسان إلا إذا اشتم رائحة اللحم المشوي؟

هل الله لا يرضى عن الإنسان إلا إذا اشتم رائحة اللحم المشوي؟

هل الله لا يرضى عن الإنسان إلا إذا اشتم رائحة اللحم المشوي؟

هل الله لا يرضى عن الإنسان إلا إذا اشتم رائحة اللحم المشوي؟
هل الله لا يرضى عن الإنسان إلا إذا اشتم رائحة اللحم المشوي؟

 

هل الله لا يرضى عن الإنسان إلاَّ إذا اشتم رائحة اللحم المشوي (تك 8: 20-21)؟ وهل هذه صورة تليق بجلال الله..؟ إله لا يرضى إلاَّ إذا اشتم رائحة اللحم المشوي أو المحمَّر..!! وكيف ذبح نوح من الحيوانات وهي لم تتوالد بعد؟(1)

ج:

1- الله روح، ومقاييسه مقاييس روحية وليست جسدية. لقد سرَّ الله بذبيحة نوح لأنها تحمل وتعبر عن إيمان وشكر نوح، ويقول ” أوزالدت. ألِس ” Oswald Allis عن ذبائح العهد القديم، والتي قيل عنها ” مُحرَقة وقود رائحة سرور للرب” (لا 1: 9) وتكررت كثيرًا ” يأخذ البعض هذه العبارات حرفيًا، ويؤكدون أنها صورة غير ناضجة وبدائية لمعنى الذبيحة، ولكن مثل هذا الرأي تنفيه القرائن، وقد يكون أن الجهلة والجسدانيين يتمسكون بهذا الرأي الوضيع

ولكن الحقيقة أنه في نفس هذا الوقت الذي في أثنائه أُعطيت هذه الشرائع كان شعب إسرائيل يعيش على المن الذي يعطيه الله، وكان ذلك كافيًا لأن يُقنعهم أن الإله الذي يطعمهم لا يحتاج إلى أن يطعموه هم، بل كانت مسرته أن يقبل من أولاده نصيبًا من الخيرات التي سبق فأجزلها لهم، كعلامة تقدير من جانبهم أنه هو الذي يعولهم ويعطيهم كل بركة”(2).

2- تغافل الناقد أن نوح أخذ من الحيوانات الطاهرة سبعة أزواج، ومن هذه الحيوانات قدم ذبائحه، فهي لم تنقرض ” وبنى نوح مذبحًا للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح. فتنسم الرب رائحة الرضى” (تك 8: 20).

3- يقول القس ميصائيل صادق ” الله يسر بالإيمان في تقديم الذبائح، فالذي يقدم الذبيحة يعلن عن إيمانه بالحاجة إلى المخلص الذي يقدم نفسه ذبيحة للخلاص. كما قال صموئيل النبي لشاول الملك ” هل مسرة الرب بالمحرقة والذبائح كما باستماع صوت الرب. هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش” (1صم 15: 22) وقال داود النبي ” لأنك لا تسر بذبيحة وإلاَّ فكنتُ أقدمها بمحرقة لا ترضى. ذبائح الله هي روح منكسرة.. حينئذ تسر بذبائح البر محرقة وتقدمة تامة” (مز 51: 16 – 19)”(3).

4- يقول أحد الآباء الرهبان بدير القديس أنبا مقار ” عجيب هو الله في صفحه وعفوه!! وعجيب بالحقيقة في قلبه الحنون الذي يرجع عن سخط غضبه حالًا بسبب فعل بذل وتوسل مخلص من واحد من عبيده استطاع أن يسكب نفسه سكيبًا مع محرقاته..

لقد ردَّ نوح غضب الله عن بني البشر بذبيحته، واقتنى للبشرية عفوًا إلهيًا يقضي بعدم إهلاك الإنسان ثانية بالطوفان على الرغم من تصوُّر قلبه الشرير منذ حداثته!! فإذا كانت هذه هي ثمرة ذبيحة نوح التي قدَّمها وهو واحد من البشر الخطاة، فكم تكون ثمرة ذبيحة المسيح ” الذي بروح أزلي قدَّم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي (عب 9: 14) وإذا كان الرب قد تنسم من ذبيحة نوح رائحة الرضا، فماذا نقول عن الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا، فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة(4).

5- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا ” يبدو أن رائحة اللحم المشوي تشغل جزءًا كبيرًا من عقل السائل، مما جعله يفهم هذا المعنى. كان الله في العهد القديم يسر بالذبائح بأنواعها لأنها كانت تشير إلى ذبيحة المسيح الحقيقية الكاملة التي بها كانت المصالحة، فبتقديم نوح ذبيحته نال عربون المصالحة وعودة علاقة الحب بين الله والإنسان.. لقد وقفت البشرية كلها بعد الطوفان متمثلة في نوح وأسرته يعبدون الله، ولم يوجد إنسانًا في الأرض كان يفعل الشر حينذاك.. ألاَّ يفرح الله ويسر بهذا البر؟!(5).

6 – يقول أحد الآباء الرهبان بدير مار مينا ” أورد السائل ألفاظًا لم ترد في النص المُستشهَد به، فالنص يُعلق على تقديم نوح محرقات على المذبح {فتنسم الرب رائحة الرضا} وليس تنسم الرب رائحة شواء اللحم.

أي أن صياغة السؤال غير دقيقة، فالله لم يتنسم رائحة شواء اللحم ولكن الكتاب قال أنه تنسم رائحة الرضا، أي رائحة خضوع ومحبة شعبه له، رائحة الصلاة النقية الصادرة من القلب النقي قلب نوح، رضى الله عن مُقدّم الذبيحة، عكس ما حدث مع قايين لما قدم قربانًا للرب (تك 4: 3، 5) والقديس بولس الرسول يقول عن السيد المسيح {أسلم نفسه لأجلنا قربانًا وذبيحة لله رائحة طيبة} (أف 5: 2) أي أنه يذكر صراحة ” رائحة طيبة ” رغم أن ذبيحة المسيح على الصليب لم يكن لها أي رائحة بالمعنى الملموس، ومعروف أن كلمة ” رائحة ” قد يكون لها معنى معنوي كقول مدبروا بني إسرائيل لموسى وهارون {إنكما قد أنتنتما رائحتنا في عيني فرعون وفي عيون عبيده} (خر 5: 21)(6).

7- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس عن ” تنسم الرب رائحة الرضى”.. ” ومعناها أنه اشتم رائحة السرور، وهو تعبير مجازي يعني أنه سر بذبيحة نوح وقبلها، وأنه رضى عن البشر وعن بقية الخلائق، وكلها تمثلت في نوح والأحياء التي معه(7).

8- تقول الدكتورة نبيلة توما ” نعم تنسم الرب رائحة الرضا، لأن نوح الذي إختاره الرب ليجدد البشرية قدم ذبيحة كما علَّم الله آدم، وكما قدم هابيل البار أن الرب أراد أن يُعلّم البشرية أن أجرة الخطية موت (دم) وأن الفداء هو موت نفس بريئة عن نفس خاطئة، والحيوان البريء ذُبح وأُحرق إشارة ورمزًا لذبيحة الصليب. لقد سرَّ الله بنوح الذي بنى ذبيحته على طاعة الإيمان “(8).

9- يقول الأستاذ الدكتور يوسف رياض ” الله يخاطبنا بالطريقة التي نفهمها كما نخاطب نحن الأطفال باللغة التي يفهمونها، كانت طريقة العبادة قديمًا هي تقديم الذبائح للرب، فكانت تُسمى رائحة رضا(9).

10- يقول الأستاذ توفيق فرج نخلة ” هذا تعبير مجازي معناه سُرَّ الله بذبيحة نوح وقَبلها، وأنه رضى عن البشر المتمثلين في نوح والذين كانوا معه(10).

11- يقول الأخ الإكليريكي تامر سمير متري – إكليريكية شبين الكوم ” كان أول عمل عمله نوح بعد نجاته من الطوفان وخروجه من الفلك أنه بنى مذبحًا للرب، وقدم عليه ذبائح من جميع الحيوانات الطاهرة، إقرارًا بمراحم الله وتعبُّدًا لجلاله، وتعبيرًا عن شكره وتمجيده، وقد أعلن الله قبوله لتقدمة نوح {وتنسم الرب رائحة الرضا} وأعلن الله عن:

1- عدم إهلاك العالم إهلاكًا كاملًا فيما بعد.

2- عدم لعنة الأرض من أجل شرور الإنسان مرة أخرى.

3- استمرار قيام قوانين الطبيعة بعملها.

وكقاعدة عامة كانت الذبائح تتمركز حول الدم لكونه يمثل نفس الحيوان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكأن الإنسان يحتاج إلى نفس بديلة تحمل عنه أجرة إثمه وتفتديه من الموت. إن الذبائح تعبير عن احتياج الإنسان لرحمة الله ومغفرته، ولهذا كانت تُقدم الذبيحة {يضع يده على رأس المحرقة فيرضى عليه للتكفير عنه} (لا 1: 4) وهذا يفسر بوضوح وكأن مُقدِم الذبيحة والذبيحة قد صار الاثنان واحدًا، فيعترف مُقدِم الذبيحة بإحسانات الله عندما يقدم ذبيحة للشكر، ويعلن عن احتياجه لمغفرة خطاياه وآثامه عندما يقدم ذبيحة خطية أو ذبيحة إثم “(11).

_____

(1) البهريز جـ 1 س 266.

(2) مركز المطبوعات المسيحية – تفسير الكتاب المقدَّس جـ 1 ص 282، 283.

(3) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(4) شرح سفر التكوين ص 168.

(5) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(6) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(7) تفسير سفر التكوين ص 108.

(8) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(9) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(10) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(11) من أبحاث النقد الكتابي.

هل الله لا يرضى عن الإنسان إلا إذا اشتم رائحة اللحم المشوي؟