كتب

كتاب نغمات النعمة PDF عام كامل من التاملات اليومية الملهمة – فيليب يانسي (د. أوسم وصفي)

عام كامل من التاملات اليومية الملهمة

تقييم المستخدمون: 4.91 ( 4 أصوات)

كتاب نغمات النعمة PDF عام كامل من التاملات اليومية الملهمة – فيليب يانسي (د. أوسم وصفي)

كتاب نغمات النعمة PDF عام كامل من التاملات اليومية الملهمة - فيليب يانسي (د. أوسم وصفي)
كتاب نغمات النعمة PDF عام كامل من التاملات اليومية الملهمة – فيليب يانسي (د. أوسم وصفي)

كتاب نغمات النعمة PDF عام كامل من التاملات اليومية الملهمة – فيليب يانسي (د. أوسم وصفي)

تحميل الكتاب PDF

كتاب نغمات النعمة PDF عام كامل من التاملات اليومية الملهمة - فيليب يانسي (د. أوسم وصفي)
كتاب نغمات النعمة PDF عام كامل من التاملات اليومية الملهمة – فيليب يانسي (د. أوسم وصفي)

عشت ثلاثة عقود متفرعا للكتابة، وهذه مدة طويلة بما يكفي لكي يقترح أحد الناشرين هذا الكتاب الذي يحتوي على قراءات مأخوذة من أكثر من عشرين كتابا، ومقالات عدة. وبينما أتصفح هذه القراءات، أشعر مثلما شعر ریپ قان وينكل (Rip Van Winkle) حيث أستعرض خبرات وأفكارا منذ نحو عشرين أو ثلاثين عاما. فيها شككت وآمنت وشككت من جديد، وتغيرت ونموت.

لقد نلت أيضا امتياز السفر إلى بلدان عدة، كي أراقب الكنيسة وهي تعمل في إطار ثقافات متنوعة، وأحاور بعضا من الشخصيات المبهرة، منها من يعد قدوة، ومنها من يستحق اللائمة. ودائما ما أعود إلى مكتبي وأجر تلك اللقاءات في مقالات وكتب. لقد اكتشفت أن لدى بعض الأشخاص فكرة رومانسية عن حياة الكاتب. ذات مرة تلقي رسالة من طالبة تتساءل ما إذا كنت أحتاج إلى متطوعة. أستطيع أن أنجز لك البحث، أو العمل المكتبي. أو ربما إذا كان في وسعي فقط أن أجلس لأشاهدك تكتب.

أرسلت إليها رفضا رقيقا، في حين كان ينبغي أن يكون ردي: عزيزتي الشابة، أأنت مجنونة؟ لا، ليس في وسعك أن تشاهديني وأنا أكتب! أنا لا أطيق وجود إنساني آخر في الغرفة نفسها. إن الكتابة عمل من أكثر الأعمال خصوصية، وربما أكثرها هوا، ولا يجرؤ أحد أن يتجاوز هذه الحدود. علاوة على أنك سرعان ما ستشعرين بالملل الشديد. هل جربت أن تمضي اليوم كله تحملقين في صخرة، أو أن تشاهدي شاشة تلفاز مغلق؟ لعل ذلك يكون أكثر إثارة من مشاهدة كاتب يعمل.

يجلس الكاتب بمفرده في الغرفة أمام كومة من الأوراق أو أمام کمپیوتره، يتعامل مع رموز مجردة، محاولا ترتيبها، ثم إعادة ترتيبها. وكما يشرح فیلیپ رُث (Philip Roth تلك العملية بالقول: “إني أقلب الجمل على كل جهة. هذه هي حياتي. أكتب جملة ثم أقلبها، بعد ذلك أنظر إليها، ثم أقلبها من جديد. أعود ثانية فأكتب جملة أخرى بدل الأولى. ثم أحتسي كوبا من الشاي، بعد ذلك أقلب الجملة الجديدة. ثم أقرأ الجملتين، وأقلبهما معا. بعدها أستلقي على أريكتي وأفكر، ثم أنهض وألقي بهما بعيدا، وأبدأ من جديد. لقد وصف رُث يومي بكل دقة.

بين كل الفنون، تعد الكتابة الأكثر تواضعا. يستخدم الفنانون التشكيليون ألوانا، ويعمل النحاتون أعمالا ثلاثية الأبعاد، وكلا الوسطين أكثر جاذبية من تلك الرموز المجردة التي يتعامل بها الكتاب. وفي أشكال الفنون الأخرى – السينما والرقص والموسيقا- يتواصل المبدع مع جمهوره مباشرة، وبصورة جية، أما الكتابة فتتطلب خطوة وسيطة، وهي القراءة.

لذا على القارئ أن يبذل مجهود القراءة والفهم كي يصل إلى المعاني المجردة نفسها التي كان قد قصدها الكاتب. فعندما تعرض نسخة من رواية الملك لير» (King Lear) مثلا لقبيلة من هنود الأمازون، فستبدو لهم مثل فلفل أسود مطحون ومرشوش على صفحات بيضاء.

تكشف الدراسات أن الكتاب يقعون في مراكز متقدمة في قائمة أصحاب المهن المعرضين الخطر الإدمان. فهم يدخنون بشراهة، ويحتسون القهوة بإفراط، ويلجئون إلى الكحول بمعدل مقلق. لماذا؟ لأن عليهم يوميا أن يتعاملوا مع شكوكهم العميقة: ليس لدي ما أقوله، لقد قلت كل شيء من قبل. أنا مزيف ومنافق، وأكتب بصورة نمطية.

علاوة على ذلك، فإن الكتابة هي عمل غير متجسد يجعل صاحبه يحاول أن يشرك أجزاء الجسد الأخرى، حتى إن كان ذلك تحريك كأس أو لفافة تبغ من المنضدة إلى الفم وبالعكس. الحسن الحظ، أعيش في كولورادو، وهي ولاية تتمتع بالطبيعة الخلوية الخلابة التي تومئ إلى يوميا لأعاود الاتصال بالكوكب بطرق أكثر صحة (وفي أثناء تلك العملية، أتجنب الكتابة).

وعندما أتكلم أمام جمع من الناس، أشعر كأني خرج لتَّي من كهف لأواجه النور المبهر ومكبرات الصوت. فيسألني أحدهم قائلا:” ما أهم خمس توجهات تواجه الكنيسة اليوم؟ فتطرف عيني في مواجهة الضوء. ثم يسأل شخص آخر قائلا: “كيف ترى تأثير في العالم؟ “. وردا على كل هذه الأسئلة، أود أن أقول: وكيف لي أن أعرف؟ لقد كنت جالسا في غرفة مكتبي الذي يقع في الطابق تحت مستوى الشارع. لكن بدل ذلك، أبتسم بأدب وأحاول أن أقول شيئا ذا معنى.

دون شك، يأتي السؤال المعتاد: هل كنت تتمنى دائما أن تكون كاتبا؟ وعلي أن أعترف بأني مثل أغلب الأطفال الأميركيين كنت أريد أن أكون رجل إطفاء أو لاعب بيسبول. لكن لاحقا مما التحق بالدراسات العليا في كلية ويتون (Wheaton)، كان عليّ أن أجد عملا لأدفع مصاريف الدراسة.

وعندما قرع باب مقرات هيئات مسيحية عدة كانت بالجوار، كان العرض الوحيد الذي حصلت عليه هو من مؤسسة هارولد میرا (Harold Myra) التي كانت في ذلك الوقت الهيئة المسؤولة عن نشر صحيفة الحياة الجامعية“ (Campus Life)، وهي صحيفة موجهة إلى اليافعين من طلبة الجامعة. وفي السنة الأولى، كتب تقارير عن أمور مختصة بالجامعة، وكتبت نسخة من النشرة الخاصة بالجامعة، ونظمت ملفا للصور، فكان عملي عموما مساعد محرر.

لقد خلق هارولد، صاحب دار النشر تلك، روكا عامة على من شأن الكتابة فوق أي شيء آخر. وكان يرشد فريقه من العاملين الصغار بصبر قل نظيره. كان يقول مثلا، وهو يميل إلى الخلف بظهره في كرسيه الخشبي: فیلیپ، هذه المقالة هي ليست سوى ۸۰٪ فقط مما يجب أن تصل إليه.

وقد فهمت لاحقا أن هذا التصريح هو طريقة مهذبة لقول: هذه المقالة سيئة، ويجب أن تعيدها من البداية. لقد تعلمت حرفيا كل ما تعلمته في أثناء العمل. العمل اللغوي في استخدام الأفعال الصحيحة، وبناء الجملة، ثم بناء الفقرات والمقالات وفي النهاية الكتب. يمكن أن يتعلم المرء أن يكتب، وعندما بدأ كنت لا أعرف شيئا تقريبا.

واكتشف لاحقا أن عملية تأمل خبرات الحياة وتمثيلها على الورق يناسب طبيعة شخصيتي الحرة الانطوائية. كنت أستطيع إجراء مقابلات مع شخصيات مختلفة، وأراقب العالم من نافذة موقعي الأمن بوصفي صحفيا. لقد أمني الوقت الذي أمضيته في صحيفة الحياة الجامعية بتدريب ممتاز، حيث لم أجد تحديا أصعب من الكتابة عن أمور الإيمان في حياة يافعين أميركيين مدللين. لقد تعلمت أن القارئ هو الذي يدير الصفقة، وليس الكاتب؛ فعندما تفشل في الحفاظ على لفت انتباه القارئ، فستصير خارج المهنة.

كثير من الكتب المسيحية وضعها متخصصون من نوع ما: راعي كنيسة، أو لاهوتي، أو معلم، أو أي تخصص آخر. أما أنا فبدأت حياتي المهنية أعمل صحفيا، ويعني هذا أني لست متخصصا. ومنذ ذلك الحين تمسك بهذه الهوية. وبعد ذلك بوقت، وجدت صوتي – صوت سائح على درب الروحانية المسيحية – مجروح من الكنيسة، أبحث في أمور الإيمان، لكني أعود أدراجي. أشعر بالعرفان الصادق لأني أمتلك تلك المهنة التي تتيح لي أن أعكس على الورق ما أصارع به داخليا؛ فهي دعوة تعكس قصة حياتي.

بعد نحو عشر سنوات في صحيفة “الحياة الجامعية، وجدت أني غرقت في التفاصيل الإدارية لعملية النشر. ووجدت أني أمضي وقتي أدرس أراقب التوزيع، وأراجع موازنة التسويق بدل الكتابة. فاخذ القرار الجريء أن أصير كاتبا حرا. وفي الوقت نفسه، انتقلت من الحياة في الضاحية إلى قلب مدينة شيكاغو، وكأني أؤكد تلك النقلة.

ينتمي الكثير من الفقرات المنتقاة في هذا الكتاب إلى تلك الحقبة من حياتي. لقد فتحت حياة المدينة أمامي عالما جديدا، لا سيما عندما عملت زوجتي اختصاصيةً اجتماعية ما بين الفئات المحتاجة في المدينة. عشنا في وسط المدينة، بجانب ملعب ريغلي (Wrigley Field)، وأثبتت شيكاغو أنها مكان مثير لصحفي.

عندما ينتابني “انسداد الكتابة (Writer’s block)، أنزل للمشي في الشوارع، فأرى شخصا قد انتباته نوبة صرع، أو يلقى به خارج إحدى الحانات، أو يصرخ في أحد راكبي الدراجات النارية المار بسرعة. في الوقت نفسه، انضمت صحيفة “الحياة الجامعية إلى مجموعة من المجلات التي تنشرها دار “المسيحية اليوم“(Christianity Today)، وبدأت بالكتابة بانتظام فيها.

وبالتناوب مع تشك كولسون (Chuck Colson)، أخذتُ عمودا شهريا، وستجدون في هذا الكتاب اقتباسات عدة من ذلك العمود. كما بدأت في ذلك الوقت أسافر خارج البلاد، أحيانًا للبحث في مقالات، وفي مرات أخرى ضمن رحلات تنظمها دور النشر. في تلك الرحلات، تعلمت أن أحترم المناظير التي يرى بها الناس في الدول المختلفة عن الولايات المتحدة، وعن نسخة المسيحية التي ترعرعت فيها.

وأقترح لمن يعاني التشاؤم بشأن التركيبة الدينية الصناعية في الولايات المتحدة، أن يزور أماكن مثل البرازيل أو الفلبين أو الصين، ويمضي وقتًا بين الناس الذين يقبلون الإنجيل بوصفه خبرا سارا غير مزين بأي شيء آخر.

في سنة ١٩٩٢م، اتخذت خطوة درامية كبرى بالانتقال من وسط شيكاغو إلى سفوح جبال روكي، في كولورادو. في المكانين كنتُ أعمل في مكتب في الطابق تحت مستوى الشارع، لكن يا له من فرق! من نافذة مكتبي في بيتي في شيكاغو كنت أنظر إلى ركب المارة في الشوارع، وكانت الحياة البرية هناك تتألف من الحمام والسناجب.

أما الآن فأرى من بيتي أشجار الصنوبر نافذة والجبال ذات القمم المكسوة بالثلوج، ومواكب من الثعالب والغزلان والظباء والدببة والقطط البرية، ومن وقت إلى آخر يمكن أن أرى أحد أسود الجبال – وكلها تتجول في حديقة بيتي. انتقلنا جزئيا لأن الحياة صارت مزدحمة جدا في شيكاغو، والجزء الآخر لأني شعرتُ بتغيير في بؤرة كتاباتي. بوصفي صحفيا كتبت قصص الآخرين، حان الآن الوقت لأهتم بما يحدث داخلي نحو كتابات أكثر تأملية….