آبائيات

تعليم آباء الكنيسة عن الخطية الجدية مقابل تعليم أوغسطينوس – د. أنطون جرجس

تعليم آباء الكنيسة عن الخطية الجدية مقابل تعليم أوغسطينوس - د. أنطون جرجس

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

تعليم آباء الكنيسة عن الخطية الجدية مقابل تعليم أوغسطينوس – د. أنطون جرجس

تعليم آباء الكنيسة عن الخطية الجدية مقابل تعليم أوغسطينوس - د. أنطون جرجس
تعليم آباء الكنيسة عن الخطية الجدية مقابل تعليم أوغسطينوس – د. أنطون جرجس

تعليم آباء الكنيسة عن الخطية الجدية مقابل تعليم أوغسطينوس

في حين يتحدث أوغسطينوس عن موت وخطية آدم كشرور موروثة، وكأن الخطية والموت صارا كشيئين أو كيانين يمكن أن يتم توراثهما بين البشر، وكأن الشر صار له كيان يورث بين البشر، حيث يقول:

“ثم يضيف الرسول أيضًا: من أجل ذلك كإنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع فيه… (رو٥: ١٢). ويتحدث هنا بقدر ما عن الإنسانين: الإنسان الأول آدم الذي بخطيته وبموته نحن نسله مقيدين بهما كشرور موروثة، والإنسان الآخر آدم الثاني الذي لم يكن إنسانًا فقط، بل وإلهًا أيضًا”.

(الثالوث ١٣: ١٦: ٢١)

 

بينما يؤكد ق. غريغوريوس النيسي على العكس من القديس أوغسطينوس أن الشر والخطية عدم وليس لهما كيان يمكن توراثه بالتناسل، بل الخطية فعل إرادي يمارسه الإنسان بإرادته، ولو لم يمارس الإنسان الخطية، لن يكون لها أي وجود، حيث يقول التالي:

“لذا بما أن الشر يعتبر كنقيض الخير، والفضيلة المطلقة هي الله، فلا بد أن الشر خارج الله، لأن طبيعته لا تُدرك في كونها شيئًا، بل في كونها عدم الخير، لأننا نعطي اسم ‘الشر’ لما هو مدرك خارج الخير. وبالتالي يعتبر الشر نقيض الخير، بالطريقة نفسها التي يتمايز فيها العدم عن الوجود.

لذلك عندما نبتعد عن الخير بحرية دوافعنا*، مثل أولئك الذين يغلقون أعينهم في وضح النهار، ويقال إنهم ‘يرون الظلام’ لأن رؤية الظلام هي نمط رؤية العدم – بالتالي تأخذ الطبيعة الوهمية للشر جوهرًا في الذين قد سقطوا بعيدًا عن الخير، وتمتلك وجودًا كلما كنا خارج الخير، فإن انتُزعت الحركة الحرة لإرادتنا مرة ثانية بعيدًا عن سلوكها نحو الوهم، وصارت متحدة مع ما هو كائن، فلأن تلك الطبيعة لم تعد قادرة على الوجود داخلي، فستعجز عن الوجود إطلاقًا – لأنه لا يوجد شر باقٍ في حد ذاته بعيدًا عن حرية إرادتنا- ولكنني إن ألصقت وربطت ذاتي بذاك الذي هو كائن بالحقيقة، فسأظل فيما هو كائن، فهو الذي كان دائمًا، وسيكون إلى الأبد، وهو كائن الآن”.

(العظات على سفر الجامعة ٧: ٢٦-٢٧)

 

وهذا ما يقوله أيضًا ق. كيرلس السكندرى بأن الخطية مرتبطة بحرية إرادة الإنسان سواء وجهها نحو الفضيلة أو نحو الرذيلة، وليست شيء موروث، حيث يقول التالي:

“لقد خُلق الإنسان منذ البداية متحملاً مسئولية إرادته وحرية اختيار الشيء الذي يفضله. ولأن الله خلقه على مثاله لذلك خُلق حرًا. وأعتقد أنه بهذه الطريقة، أُعطي للإنسان أن يكون جديرًا بالإعجاب، إذا أظهر بإرادته أنه يميل إلى الفضيلة، وأعماله هذه تكون ثمرة إرادته الحرة، وليست نتيجة حتمية لطبيعته غير الحرة، التي تسمح له بالابتعاد عن الصلاح، حتى لو أنه فضل أن يعمل ما ليس صالحًا.

وهكذا، فالإنسان لديه منذ البداية إرادة حرة غير محدودة ليعمل كل الأعمال، ولكنه انقاد بطيش بغواية التنين إلى فعل الأمور التي لا تليق، إذ أنه لم يحترس من الوقوع في العصيان. هكذا حكم على الانسان بالموت والفساد، لأن الله رأى أن هذا الحكم هو لصالحه. بمعنى أنه طالما مال الإنسان مرة للخطيئة، واصاب طبيعته مرض الميل للشر*، مثل الأرواح النجسة، وانعطف نحو الشر، حسنًا، فبطريقة مفيدة وجد الموت الجسدي الذي لم يؤد بالإنسان إلى الدمار الكامل، حتى يمكننا القول إن الإناء المكسور حُفظ لكي يصير جديدًا بطريقة ما، طالما سيتم إعادة تصنيعه في الوقت المناسب”.

(الجلافيرا على سفر التكوين، المقالة الأولى، ص ١١٣- ١١٥)

 

وهذا هو ما يقوله معلمنا ساويرس الأنطاكي رافضًا التعليم بوراثة الخطية الأصلية، واعتبر هذا التعليم هو تعليم مانوي غير أرثوذكسي في رده على يوليان أسقف هاليكارنيسوس بآسيا الصغرى كالتالي:

“ويترتب على كل هذا أن خطيئة أولئك الذين أنجبونا، أي خطيئة آدم وحواء ليست مختلطة بالطبيعة مع كياننا (جوهرنا)، كمثل الرأي المنحرف والفاسد لجماعة المصلين*، أو كقول غيرهم من المانيين*، ولكن لأنهما فقدا نعمة الخلود بسبب الخطية والتعدي، ومن ثم فإن الإدانة والأحكام قد بلغت إلينا، لذا فإنه وفقًا لقانون الطبيعة*، فإننا نولد مائتين باعتبار أننا ولدنا من آبائنا مائتين، ولسنا خطأة لآننا ولدنا من آباء خاطئين*. وذلك لأن الخطية ليس لها كيان، ولا تنتقل طبيعيًا بالتناسل من الآباء إلى أطفالهم*”.

Sever of antiochene, Contra Additiones Juliani, (CSCO 296), p. 39, 40.

وهنا ينسف معلمنا ق. ساويروس الأنطاكي متبعًا تعاليم آباء الشرق من قبله، وعلى العكس من تعليم أوغسطينوس المانوي بوراثة الخطية الأصلية بالتناسل، التعليم بوراثة الخطية الأصلية وانتقالها بالتناسل والتزاوج طبيعيًا، معتبرًا هذا التعليم تعليم مانوي غير أرثوذكسي دخيل على الكنيسة، لأنه تعليم المانويين وجماعة المصلين الهرطوقية.

تعليم آباء الكنيسة عن الخطية الجدية مقابل تعليم أوغسطينوس – د. أنطون جرجس