آبائيات

مفهوم البدلية العقابية في اللاهوت المدرسي – د. أنطون جرجس

مفهوم البدلية العقابية في اللاهوت المدرسي - د. أنطون جرجس

مفهوم البدلية العقابية في اللاهوت المدرسي – د. أنطون جرجس

مفهوم البدلية العقابية في اللاهوت المدرسي - د. أنطون جرجس
مفهوم البدلية العقابية في اللاهوت المدرسي – د. أنطون جرجس

نستكمل معًا مفهوم البدلية العقابية في اللاهوت المدرسي اللاتيني كالتالي:

نبدأ من عند ريشارد من سان فيكتور أحد اللاهوتيين الفيكتوريين المدرسيين في العصر الوسيط في أوروبا يتحدث عن ضرورة الترضية الكاملة من أجل أستعادة الإنسان بالكامل كالتالي:

“لا يمكن استعادة الإنسان بشكل كامل بدون ترضية، بل من أجل الترضية الكاملة، أقتضت إنه ينبغي أن توجد بشرية عظيمة في الكفارة، مثلما قد كان هناك وقاحة وجرأة في الخطية” (الحديث عن التجسد : ٨)

كما يتحدث برنارد من سان فيكتور عن فكرة الإيفاء لله بالألم كالتالي:

” لأنه فيمَن تألم، قد يرى البشر ما ينبغي عليهم أن يوفوه لله، وفيمَن تمجّد، قد يفهمون أية مكافأة قد يتوقعونها منه، وبالتالي، إنه كمثال يكون هو الطريق، بوعد الحقيقة، وبمكافأة الحياة” (الخلاصة ٣: ١: ٤-٧).

لنرى الآن بيتر لومبارد أسقف باريس في العصر الوسيط وصاحب كتاب ” الأحكام” الذي كان يعتبر كاتاشيزم الكنيسة اللاتينية في ذلك الوقت بأوروبا في العصر الوسيط، والذي تبارى اللاهوتيون في وضع الشروحات عليه، يتحدث عن عقوبات الكنيسة على التائبين إنه ينبغي أن تتضافر مع عقوبة المسيح كالتالي:

“العقوبة التي تفتقد بها الكنيسة التائبين عن الخطايا، لن تكفي ما لم تتشارك مع عقوبة المسيح” (الأحكام ٣: ١٨: ٢).

ثم ننتقل إلى توما الأكويني أهم لاهوتي مدرسي في العصور الوسطى الذي حاول الجمع بين نظرية الترضية والنظرية الأخلاقية أو الأدبية كالتالي:

“بمحبته وطاعته في آلام المسيح، أظهر الله شيء ما أكثر مما كان مطلوبًا كمجازاة عن جميع آثام الجنس البشري: أولاً، بسبب عظم المحبة التي تألم بها، ثانيًا، من خلال استحقاق تلك الحياة التي قدمها كترضية، كونها حياة الله والإنسان، ثالثًا، بسبب شمولية الحب وعظم الآلام التي احتملها […] وبالتالي، لم تكن آلام المسيح كافية فقط، بل وترضية فائضة من أجل خطايا الجنس البشري” (الخلاصة ضد الأمم ٣: ٤٨)

ويستطر الأكويني أيضًا في نفس السياق موضحًا فكرة الترضية أو الثمن أوالدين الذي دفعته آلام المسيح للإنسان قائلاً:

“لأنه من ثم كانت آلام المسيح ترضية فائضة من أجل خطية الإنسان، ودين العقوبة، وآلامه، كما لو كانت نوعًا من ثمن تحريرنا من كلا الدينين. لأن تلك الترضية عينها التي صنع بها الإنسان الترضية، سواء عن نفسه، أو عن الآخر، تُدعى نوعًا من الثمن، الذي يخلص نفسه أو الآخر من الخطية ومن العقاب” (المرجع السابق).

يستمر الأكويني في سياق نظرية الترضية، حيث يقول:

” الرأس والأعضاء كما لو كانا شخصًا واحدًا سرائريًا، وهكذا تخص ترضية المسيح جميع المؤمنين، كما تخص أعضائه الخاصة” (المرجع السابق)

ويتحدث الأكويني في موضع آخر عن آلام المسيح كاسترضاء لكرامة الله كالتالي:

“كل شيء صُنِعَ من أجل الكرامة التي تليق بالله بهدف استرضائه” (المرجع السابق).

ويقول الأكويني أيضًا أن الله لا يغفر خطية بدون عقوبة كالتالي:

” بيد أنه من الواضح أن قسوة وصرامة الله، الذي لا يرضى أن يغفر خطية بدون عقاب” (المرجع السابق: ٤٧).

كما يتحدث الأكويني عن فكرة المصالحة بين الله والبشر من خلال إزالة الكراهية التي سببتها الخطية كالتالي:

“ولا ينبغي القول بأن آلام المسيح صالحتنا مع الله بمثل هذه الطريقة، التي بدأ بها أن يحبنا من جديد، بل لأنه عن طريق آلام المسيح، تم إزالة سبب الكراهية من خلال كل من إزالة الخطية، وإيفاء الدين المقبول جدًا” (المرجع السابق: ٤٩).

ثم نتحول الآن إلى جون دنس سكوت أحد أهم اللاهوتيين المدرسيين، حيث يتحدث عن نظرية “الاستحسان” واستحقاق ترضية المسيح عنا لله الثالوث كالتالي:

” فإن سألت، إلى أي مدى استحقاق المسيح له قيمة كافية، إنه بدون شك لديه الاستحقاق إلى حد أنه كان مقبولاً من الله، بما أن الرضا الإلهي هو السبب الرئيسي والعلة الرئيسية لكل رضا. لأن كل شيء فيما عدا الله هو صالح، لأنه محبوب من الله، وليس العكس […] لذلك كان استحقاق المسيح لديه الاستحقاق الكافي، لكي ما يمكن أن وسوف يقبله الثالوث” (الخلاصة ٣: ١: ٣).

ويستطرد سكوت في نفس السياق حول نظرية “الاستحسان” لتقدمة المسيح قائلاً:

” كما أن كل شيء فيما عدا الله هو صالح، لأنه مرغوب من الله، وليس العكس، هكذا كان ذلك الاستحقاق حسنًا لكي ما يكون مقبولاً، وهكذا كان استحقاقًا، لأنه كان مقبولاً، وليس العكس، إنه كان مقبولاً، لأنه كان استحقاقًا حسنًا” (المرجع السابق).

لنفحص أيضًا واحد من أهم إرهاصات الإصلاح البروتستانتي في أوروبا وهو أستاذ اللاهوت بأكسفورد جون ويكليف، حيث يتحدث عن مفهوم البدلية العقابية كالتالي:

” لن يسمح الله أبدًا بأي شر بلا عقوبة، لذلك وضع كل خطايانا وآثامنا على المسيح” (شرح آلام الرب: ٣).

كما يتحدث في نفس السياق عن علاقة إرضاء عدل الله بمعاناة الله من عقوبة الخطية لأجلنا قائلاً:

“ينبغي كراهية الخطية كثيرًا جدًا، لأنها لا ترضي كثيرًا جدًا العدل الإلهي، فأنظر ألم ومعاناة الله من عقوبة الخطية لأجلك لكي يزيلها”

(المرجع السابق).

مفهوم البدلية العقابية في اللاهوت المدرسي – د. أنطون جرجس