أبحاث

عزل البابا ديسقوروس وعلاقته بمجمع خلقيدونية ج1

عزل البابا ديسقوروس وعلاقته بمجمع خلقيدونية ج1

عزل البابا ديسقوروس وعلاقته بمجمع خلقيدونية ج1

عزل البابا ديسقوروس وعلاقته بمجمع خلقيدونية
عزل البابا ديسقوروس وعلاقته بمجمع خلقيدونية

الجزء الثاني: عزل البابا ديسقوروس وعلاقته بمجمع خلقيدونية ج2
الجزء الثالث: عزل البابا ديسقوروس وعلاقته بمجمع خلقيدونية ج3

عزل البابا ديسقوروس:

من الجدير بالملاحظة أنه بالرغم من أن المتعارف عليه هو أن مجمع خلقيدونية قد حكم بحرمان أوطيخا، إلا إن الرجل الذي تعامل معه المجمع لم يكن هو الراهب العجوز،[1] ولكنه كان البابا ديسقوروس بطريرك الإسكندرية.

 

(أ) استبعاد البابا ديسقوروس واتهامه:

بمجرد أن أخذ الحاضرون مجلسهم في المجمع، حتى طلب المندوب الروماني باسكاسينوس (Paschasinus) أن يُستبعد البابا ديسقوروس من المجمع على أساس أن أسقف روما قد أمر بذلك.[2]

وهنا تدخل ممثلو الإمبراطور وسألوا بأن تُحدد التهمة التي تبرر هذا الطلب، فقام لوسينتيوس (Lucentius) وهو مندوب آخر بالرد وأكد أن ديسقوروس “قد استولى على مهمة القضاء، وتجاسر على عقد مجمع بدون سماح وتفويض من الكرسي الرسولي وهو الأمر الذي لم يحدث على الإطلاق ولا ينبغي له أن يحدث”[3]، ولكن هذه النقطة لم تقنع ممثلي الإمبراطور.

وبعد تبادل للكلمات، طلب هؤلاء الممثلون ـ على غير رغبتهم[4] ـ من بطريرك الإسكندرية أن يتحرك عن كرسيه في المجمع ليجلس في موضع المتهمين في الوسط.[5]

وعندئذ تقدم يوسابيوس أسقف دوريليم ـ وهو الذي كان قد اتهم أوطيخا عام 448م ـ وصرخ بأن ديسقوروس قد أساء معاملته وأضر بالإيمان، وبأن فلافيان قد قُتل حيث كان قد تم عزله مع يوسابيوس بواسطة ديسقوروس.

وعند قوله هذا قدَّم يوسابيوس التماساً موجهاً إلى الإمبراطور مركيان والإمبراطور الغربي فالنتينيان يتهم فيه خصمه ديسقوروس بتهمتين كنسيتين: أولاً أنه خالف إيمان الكنيسة بمحاولته ترسيخ هرطقة أوطيخا كأنها (تعاليماً) أرثوذوكسية من خلال مجمع عام 449م[6] الذي كان يسيطر عليه بواسطة مجموعة من الغوغاء المتمردين وبواسطة الرشوة، وثانياً أن ديسقوروس قام بعزله هو وطيب الذكر فلافيان ولم يكن أي منهما قد تعدى على الإيمان بأي شكل من الأشكال.[7]

وكانت التهمة المتضمَّنة في كلمات المندوبين الرومان وفي التماس يوسابيوس هي واحدة وهذه التهمة هي في الأساس موجهة ضد مجمع (وليس ضد شخص). وحيث لم يكن من المناسب قبول هذه الحقيقة، اتفق البابا ليو ومؤيدوه في الشرق على خطة لها توجه مشترك يتم بمقتضاها فصل البابا ديسقوروس عن شركائه في الشرق واعتباره مسئولاً منفرداً عن قرارت المجمع، وبدون حتى فحص لتلك القرارات نفسها على أساس خلفيتها التاريخية واللاهوتية.

وقد رد البطريرك ديسقوروس على هذه التهمة بقوله إن الإمبراطور ثيؤدوسيوس نفسه هو الذي دعا إلى عقد مجمع عام 449م، كما أن قرارات هذا المجمع قد اتُخذت بعد فحص جلسات مجمع عام 448م المكاني، وكل هذا مُسجل في محاضر مجمع أفسس الثاني والتي يمكن قراءتها[8] لمعرفة ماذا حدث. وفي الحال أمر ممثلو الإمبراطور بقراءة هذه المحاضر، إلا أن البابا ديسقوروس طلب أنه ينبغي قبل القراءة أن يتم توضيح ما يختص بالإيمان نفسه.[9]

وكان طلب البابا ديسقوروس هذا ـ رغم أن كثيرين لم يأخذوه مأخذ الجد ـ له أهميته العظمى، فعلى سبيل المثال زعم يوسابيوس أسقف دوريليم أن الأساس اللاهوتي لمجمع عام 449م كان ببساطة هو تعليم أوطيخا وبناء على ذلك شكك في أرثوذوكسية البابا ديسقوروس، وهذا يبين أنه لم يكن من الممكن أن يتم تقييم مجمع عام 449م بصورة صحيحة إلا بعد أن توّضح الأمور الإيمانية أولاً.

وأشار البابا ديسقوروس في طلبه إلى المجمع المكاني عام 448م وإلى مجمع عام 449م وليس إلى مجمعي نيقية وأفسس، لأن كلا المجمعين اللذين أشار إليهما لم يناقشا الأمور المطروحة أمامهما إلا بعد توضيح طبيعة الإيمان.[10]

ولكن ممثلو الإمبراطور ردوا على طلبه بقولهم أنه بسبب أن التهم الموجهة إليه هي تهم شخصية، لذلك يجب أن تُبحث هذه التهم أولاً قبل أن يتم طرح مسألة الإيمان.[11] ولكن حيث إن كل هذه التهم الشخصية تنبع من مجمع عام 449م والذي هو نفسه يقوم على فهم خاص للإيمان، فإن إجابة ممثلي الإمبراطور هي في الواقع محل تساؤل.

وهنا تم السماح لقراءة محاضر جلسات مجمع أفسس الثاني عام 449م والتي تحوي في داخلها محاضر مجمع القسطنطينية المكاني عام 448م. وبدأت القراءة بالأوامر السبعة الرسمية[12] التي أصدرها الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني لدعوة المجمع، وعندما كمُلت قراءتها تساءل البابا ديسقوروس: إذا كنا أمام حقيقة أن الإمبراطور قد عيَّنه وجوفينال وثالاسيوس كرؤساء للمجمع، وكذلك إذا كانت كل قرارات المجمع قد اتُخذت كلها بموافقتهم جميعاً، فكيف يتم استبعاده هو وحده ومحاكمته؟.[13]

وهنا حاول الفريق الشرقي الذي في الجانب الأيسر أن يؤكد أن البابا ديسقوروس هو وحده المسئول عن هذه القرارات، وذلك من خلال الإشارة إلى قصة الأوراق الخالية من الكتابة (the blanc papers).[14]

 

(ب) قصة الأوراق الخالية من الكتابة:

عندما أثار البابا ديسقوروس تساؤله الذي ذكرناه، صاح الفريق الشرقي بأنه لم يوافق أي أحد على القرارات المنسوبة لمجمع عام 449م، ولكنهم قد اُجبروا على التوقيع على أوراق بيضاء خالية من الكتابة، ثم تم تسجيل قرارات ديسقوروس التعسفية عليها لاحقاً.

وكان ستيفن أسقف أفسس هو الوحيد الذي تكلم عن هذا الموضوع فقال: إن إلبيديوس مندوب الإمبراطور في مجمع أفسس، كان قد ذهب إلى مكان إقامته مصحوباً بالعساكر وبرهبان أوطيخا الذي يصل عددهم إلى ثلاثمائة رجل، وأنهم عنفوه بشدة لتأييده للجانب الأنطاكي.

وعندئذ سأل ممثلو الإمبراطور الأسقف ستيفن ليوضح علاقة هذه الحادثة بموضوع البابا ديسقوروس،[15] وهنا أوضح ستيفن أن أولئك الرجال كانوا كلهم مؤيديين لديسقوروس ولم يكونوا ليتركوا مندوب الإمبراطور (إلبيديوس) ليخرج من الكنيسة دون أن يأخذ معه القوانين التي وضعها ديسقوروس وجوفينال وثالاسيوس والأساقفة الآخرون.[16]

وتكلم ثيؤدور أسقف كلوديوبوليس مخبراً أن كل شيء في أفسس قد تم بواسطة ديسقوروس وجوفينال والموقِّعين الأوائل (في ترتيب التوقيع)، وأنه لم يكن يُسمح له ولا للرجال الذين كانوا معه ولا لفلافيان بالكلام ولكنهم ظلوا هادئين لأنهم كانوا يخشون أن يُطردوا، وبرغم أن الإمبراطور قد دعا المجمع في الأساس لأجل حسم موضوع فلافيان إلا إن ديسقوروس وفريقه عقدوا عدة اجتماعات خاصة وأخذوا قرارات لم يتم تأييدها ولا تسجيلها ولكن ديسقوروس وجوفينال قدما إليهم أوراقاً بيضاء خالية من الكتابة.[17]

وأمام هذا الاعتراض، قال ديسقوروس: “هم يقولون أنهم لم يكونوا موافقين على الأشياء التي تم تحديدها وتقريرها، ولكنهم ببساطة وقَّعوا على أوراق بيضاء خالية من الكتابة قُدمت إليهم، فبالتأكيد وبدون شك لم يكن من الضروري لهم أن يوقعوا إذا لم يكونوا موافقين. ومع ذلك بما أنهم يشتكون بأن أوراقاً خالية من الكتابة قُدمت إليهم للتوقيع، فأسأل من سعادتكم أن تأمروهم بأن يخبرونا عن ماذا يتضمنه هذا الكلام”.[18] ولكن أحداً لم يجب عن كلام البابا ديسقوروس بل تغير الموضوع إلى أمر آخر.

وقد أُثيرت هذه التهمة مرة أخرى في مناسبة لاحقة، فحينما وصلت قراءة وقائع مجمع عام 449م إلى الموقف الذي تم فيه تحديد الأساس اللاهوتي للمجمع بأنه هو “تعليم الآباء”،[19] أدرك الفريق الشرقي أنه سيتعذر عليه الدفاع عن اتهامه لمجمع عام 449م ولذلك صرخ بأن هذا الأمر لم يحدث وأنه جزء من التقرير الذي كُتب على الأوراق البيضاء الخالية.

وعلى الفور سأل ممثلو الإمبراطور “من كتب هذه المحاضر؟”، فأجاب ديسقوروس: “كل واحد كتب بمساعدة الكاتب الموثق الخاص به”، وأكد جوفينال كلمات ديسقوروس وأضاف أن السكرتارية الخاصة به كتبت الوقائع مع الآخرين، وقال ديسقوروس لهم خذوا التقرير الذي كتبه موثق جوفينال أو موثق ثالاسيوس أو ذلك الخاص بأسقف كورنثوس وانظروا إذا كانت تقاريرهم هي نسخة من المحاضر الخاصة بي.*

ومرة أخرى لم يعتد أحد بالنقطة التي قدمها البابا ديسقوروس، بل تطوع ستيفن أسقف أفسس ليخبر المجمع بأنه بينما كانت السكرتارية الخاصة به تدون الوقائع، جاءت سكرتارية ديسقوروس وأخذت منهم الألواح التي كتبوها، ولأنهم كانوا يريدون أن يجعلوها نسخة من التي لديهم فقد مزق سكرتارية ديسقوروس التقرير الخاص بنا، وأكمل ستيفن: “أنا لا أعلم ماذا حدث، ولكن في نفس اليوم، عندما جرى الفحص كانت معنا الأوراق مكتوبة والأساقفة الذين لم يقوموا بالتدوين كتبوا من النسخة الموثقة”.[20]

ومن الغريب واللافت للنظر تماماً أنه طبقاً لهذه الرواية، فإن البابا ديسقوروس لم يقم بملء أوراق بيضاء خالية كان قد جمع عليها التوقيعات، كما جاء في الادعاء الأول، بل أن الكتابة قد تمت بواسطة كتبة الأساقفة الموثقين أنفسهم، أي أن محاضر الجلسات قد تم تدوينها في مجمع أفسس الثاني عام 449م بواسطة الوفود المشاركة، وبنفس الطريقة المعتادة في مجامع العصور الأولى.

ورغم ذلك أحس أسقف دوريليم بالانتصار، حيث تقدم وطلب من مندوبي الإمبراطور أن يُسأل ستيفن عن كيف تم تسجيل وقائع مجمع عام 449م، فأجاب ستيفن أسقف أفسس عن ذلك بقوله: إن ذلك قد تم على أوراق بيضاء خالية، وقد بدأ ملؤها بمجرد صدور حكم العزل. وقد رد البابا ديسقوروس على كل هذه الادعاءات، وختم بقوله: “لندع التقرير الذي بحوزة  ستيفن نفسه يُقرأ، لنرى إذا كنت قد أجبرته على نسخ أي شيء”،[21] ولكن أحداً لم يستجب لما قاله.

ونحن لدينا بعض الأدلة التي تجعلنا نقول أن الأساقفة قد تراجعوا في الواقع عن القصة التي ذكروها بشأن الأوراق الخالية من الكتابة.[22] ولكن حتى بعيداً عن ذلك، فإن هذه القصة تثير لدينا ثلاثة تعليقات:

أولاً، لقد أقر ستيفن ـ كما رأينا ـ أن الوقائع لم تُدون بواسطة البابا ديسقوروس أو موثقيه ولكن بواسطة السكرتارية الخاصة بالأساقفة أنفسهم، ولذلك فالاعتراض الوحيد الذي يمكن أن يكون ضد مجمع عام 449م ـ وفقاً لكلام ستيفن ـ هو أن الأساقفة لم تكن لديهم الحرية ليدوِّنوا وقائع الأحداث المختلفة حسب مشاهدتهم لها، وحتى مثل هذا الادعاء قد أُحبط بطلب البابا ديسقوروس أن تُقارن النسخ المختلفة المتوفرة لوقائع المجمع.

ثانياً: وحتى إذا سلمنا جدلاً بأن هناك شيئاً من الحقيقة وراء هذه القصة، فإن أحداً في الواقع لم يقل أنها تدين البابا ديسقوروس وحده كمرتكب لهذه الجريمة، فبحسب ما قاله ستيفن ـ على سبيل المثال ـ لم تُتخذ قرارات مجمع عام 449م بواسطة البابا ديسقوروس وحده بل اتُخذت بواسطة ديسقوروس وجوفينال وثالاسيوس و’الأساقفة الآخرين‘.

وقد أخبَّر ثيؤدور أيضاً أن هذه القرارات كانت من عمل ’الموقِّعين الأوائل‘ (في ترتيب التوقيع)، ومن هنا يتضح أن الروايات التي جاءت على لسان هؤلاء الأساقفة لم تُثبت تأكيدات مندوبي روما وأسقف دوريليم بأن البابا ديسقوروس كان مهيمناً على المجمع.

ثالثاً: كان يوسابيوس أسقف دوريليم حاضراً مجمع عام 449م، ولكنه لم يذكر قصة الأوراق الخالية من الكتابة في التماسه الذي قُرئ على مجمع خلقيدونية في يوم 8 أكتوبر 451م (اليوم الأول للمجمع)، والذي بدون شك كان هو نفس دعواه التي قدَّمها إلى الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني فور انتهاء أعمال مجمع عام 449م.

إلاّ إنه عاد وذكر تلك القصة كحادثة تمت أمامه بالفعل وذلك في التماسه الثاني الذي قدَّمه يوم 13 أكتوبر 451م، فهل كان على الرجل المفترض أنه شاهد عيان لتلك القصة المزعومة، أن ينتظر أكثر من عامين لكي يسمعها لأول مرة يوم 8 أكتوبر 451م من الرجال الذين وقَّعوا على طومس ليو، ثم يوافق أن يؤيدها؟.

 

[1] لم يكن أوطيخا حاضراً في مجمع خلقيدونية، وفي أغلب الظن أنه كان بعيدا في شمال سوريا حيث كان قد نُفي إلى هناك حتى قبل انعقاد المجمع.

[2] المرجع السابق صفحة 65: 5. قال باسكاسينوس: “لقد تلقينا أوامر من الرجل الرسولي والكلي الطوبى أسقف مدينة روما، الذي هو رأس كل الكنائس، بأن ديسقوروس لا ينبغي أن يكون له مكان في هذا المجمع. وإذا تعدى على هذا الأمر فيجب أن يتم طرده. ونحن ينبغي علينا أن نطيع هذه الوصية، ولهذا فلتأمر عظمتك إما أن يخرج الآن أو أن نرحل نحن”.

[3] المرجع السابق صفحة 65: 9. كانت كلمات كل من باسكاسينوس ولوسينتيوس واضحة، فقد أعطاهم ليو أسقف روما أوامر واضحة بألا يدعوا البابا البطريرك ديسقوروس (كان أسقف الاسكندرية قد أُطلق عليه لقب ’بابا‘ قبل أسقف روما بفترة طويلة) يجلس في المجمع. وكان السبب وراء ذلك كما أكد لوسينتيوس أنه ترأس مجمع عام 449م.

وقال لوسينتيوس إنه بدون موافقة روما الرسمية (أو سماحها) لم يعقد أي مجمع في الماضي، ولن يعقد أي مجمع في المستقبل. وبالفعل كان من المحرج جداً بالنسبة لروما مع كافة مزاعمها البابوية أن تعترف بمجمع عام 449م. ولكن هذا الزعم الذي ذكره مندوب روما لا يمكن الدفاع عنه تاريخياً، فمجمع عام 381م قد عُقد ليس فقط بدون أخذ موافقة روما على عقده ولكن حتى بدون مشاركتها، كما أن مجمع عام 553م كان ضد رغبة روما نفسها.

لذلك فقد كانت كلمات لوسينتيوس تعني بالأكثر تأكيد مزاعم روما في السيادة على كل الكنيسة، وكان هذا قد اتضح من عبارة باسكاسينوس السابقة عن بابا روما أنه “رأس كل الكنائس”.

[4] وفي جعلهم البابا ديسقوروس يغير مكانه قال مندوبو الإمبراطور: “إذا كنت تجلس في موقع القاضي، فلا يجب أن تجادل مثل الذي يُحاكَم”. المرجع السابق صفحة 66: 13.

[5] المرجع السابق صفحة 66: 14.

[6] إن الإدعاء القائل بأن الموقف اللاهوتي لمجمع عام 449م كان هو ذاته تعليم أوطيخا، هو إدعاء ليس له أي أساس. ولكن كان هذا الإدعاء هو نقطة البداية التي بدأ منها مجمع خلقيدونية تحقيقاته.

[7] المرجع السابق صفحة 67: 14-15. ومن الجدير بالذكر أنه لا مندوبي روما ولا يوسابيوس قد قام بإتهام البابا ديسقوروس بالهرطقة. فإذا افترضنا أن أوطيخا كان بالفعل هرطوقياً فإن هذا يعني أن يُتهم البابا ديسقوروس أيضاً بالهرطقة. ومن هنا يمكن للمرء أن يلاحظ أنه كان هناك تجاهل تام للعدالة والحق.

[8] المرجع السابق صفحة 67: 18.

[9] المرجع السابق صفحة 67: 21.

[10] من الواضح أن قادة مجمع خلقيدونية كانوا قد خططوا للقيام بأمرين: أولاً عدم اعتبار قرارات مجمع عام 449م أنها قرارات مجمعية وإعلان أن البابا ديسقوروس كان هو وحده المسئول عنها، وثانياً تجنب أية مناقشات عن طبيعة الإيمان حتى يمكن للقضية الأساسية التي كانت تتطلب إجابة في ذلك الوقت ألا تطرح على الإطلاق (وهي الإختلاف السكندري الأنطاكي). وكان كلا هذين الأمرين في غاية الضرورة حتى يتجنبوا تعرض طومس ليو للفحص والتقييم.

[11] ويتضح من هذا أن مجمع عام 451م لم يحاكم البابا ديسقوروس بتهمة الهرطقة. لأنه كان فقط من الممكن أن يتهمه بالهرطقة إذا أظهر أن قرارات مجمع عام 449م قد تناقضت مع التقليد المستقر للإيمان، وكان ذلك سيستلزم ضرورة التوصل إلى قرار يفصل بين الموقفين اللذين يتبناهما السكندريون والأنطاكيون بعد إعادة الوحدة عام 433م. ولكن كانت هذه المسألة عينها هي التي أراد قادة مجمع عام 451م أن يتجنبوها.

[12] للاطلاع على هذه الأوامر، انظر:  ACO. II, i. pp. 68-69 and 71-74

[13] المرجع السابق صفحة 75: 53.

[14] كان الهدف الرئيسي من وراء هذه القصة هو إثبات أن البابا ديسقوروس كان مسيطراً تماماً على مجمع عام 449م حتى أنه اتخذ قرارات معينة بمفرده لخدمة توجهاته الأوطيخية ثم قام بفرضها على المجمع.

[15] كان سؤال ممثلي الإمبراطور لستيفن: “هل تعامل معك المكرم ديسقوروس بالعنف؟.” انظر المرجع السابق صفحة 75: 59.

[16] كان ستيفن أسقف أفسس بالفعل شخصية مثيرة للاهتمام. وقد كان واحداً من قادة مجمع عام 449م حيث كان يشغل الترتيب السادس بين ممثلي الكنائس هناك. وكان له دور هام (ومتغير) في سير الأحداث وتحقيق المصالح الخاصة.

ففي مجمع عام 449م وعند تأييد قراءة وقائع جلسات مجمع عام 448م، فإنه حتى قبل تقديم طومس ليو كان هو المتكلم الثاني بعد جوفينال (المرجع السابق صفحة 97)؛ وعند تبرئة أوطيخا كان هو المتكلم الثالث بعد جوفينال (المرجع السابق صفحة 182)؛ وعند إدانة فلافيان ويوسابيوس كان هو المتحدث الخامس بعد جوفينال (المرجع السابق صفحة 192)، وفي كل تلك الوقائع السابقة كان جوفينال هو أول المتكلمين.

أما عند التوقيع على قرارات المجمع بعد الجلسة الأولى، فكان ستيفن هو الرابع ـ بعد ديسقوروس وجوفينال ودمنوس ـ في ترتيب الموقعين (المرجع السابق صفحة 194: 1067). وهكذا يتضح أنه كان واحداً من “الموقعين الأوائل” في مجمع عام 449م الذين أشار إليهم ثيؤدور. ولكنه في خلقيدونية، تصرف كما لو لم يحدث شيء من كل ما ذكرناه سابقاً.

ومع هذا فبعد خيانته ’لديسقوروس وجوفينال وثالاسيوس والأساقفة الآخرين‘، شهد مجمع خلقيدونية حادثة يوم 29 أكتوبر تم فيها اتهام ستيفن بأنه تآمر ضد باسانيوس (Basanuis) أسقف أفسس وتسبب في القبض عليه لكي يأخذ كرسي الأسقفية لنفسه، وقد حكم مجمع خلقيدونية بعزل كل من ستيفن وباسانيوس (المرجع السابق صفحة 409 وما بعدها).

ويشير هونيجمان في كتابه (Patristic Studies) صفحة 173، إلى قصة اختلاق ستيفن لأسطورة “السبعة النائمين” لكي يحول إنتباه الناس عن جريمته، ويتجنب إكتشافها. (انظر الفصل الذي يتحدث عن: Stephen and the Seven Sleepers)

[17] ACO. II, i. pp. 67: 62

إن كلام ثيؤدور بأن ” ديسقوروس وجوفينال قدما إليهم أوراقاً بيضاء خالية من الكتابة” هو بالتأكيد إتهام كاذب، لأنهما لو أرادا أن يفعلا ذلك لأشركا أشخاصاً آخرين معهما.

[18] المرجع السابق صفحة 76-77: 65.

[19] المرجع السابق صفحة 87: 123-27.

*  لأنه لو كانت قصة الأوراق الخالية من الكتابة هي قصة صحيحة لكانت كل النسخ التي مع الجميع متطابقة لأنها من أصل واحد، ولكن إذا كان كل موثق يكتب بإسلوبه فستكون النسخ مختلفة رغم إحتوائها على نفس المضمون.

[20] المرجع السابق صفحة 87-88: 130-32.

[21] المرجع السابق صفحة 88: 133.

[22] انظر صفحة .

عزل البابا ديسقوروس وعلاقته بمجمع خلقيدونية ج1

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)