ردود الأفعال في الشرق تجاه مجمع خلقيدونية ج1
الجزء الثاني: ردود الأفعال في الشرق تجاه مجمع خلقيدونية ج2
الجزء الثالث: ردود الأفعال في الشرق تجاه مجمع خلقيدونية ج3
1. بعض الملاحظات التمهيدية:
انفض مجمع خلقيدونية بعد جلسته الختامية في 1 نوفمبر عام 451م، وكان الإمبراطور والإمبراطورة راضيين بالفعل لأنه أخيراً وفي أيامهما توحدت الكنيسة بحق، كما أن قادة المجمع كذلك كانوا مسرورين بأنه قد تم قبول قرارات المجمع بالإجماع من قبل المشاركين فيه.
وفي الحقيقة بالرغم من وجود شكوى من أنه قد تم استخدام القوة لجمع التوقيعات في المجمع،[1] إلاّ أن البابا ديسقوروس والأساقفة المصريين الثلاثة عشر كانوا هم وحدهم الذين لم يوقِّعوا على طومس ليو ولا على تعريف الإيمان الخلقيدوني. وحيث إن البطريرك (ديسقوروس) قد تم عزله، بل وأدى إصراره على عدم التوقيع حتى النهاية إلى نفيه إلى غنغرا (Gangra)،[2] فإن توقيعه لم تكن له أية أهمية حقيقية.[3]
ولا نعرف بالضبط ماذا حدث للأساقفة المصريين، غير أن أربعة منهم قد أظهروا إذعانهم في النهاية، وعادوا إلى الإسكندرية لكي يرسموا خلفاً للبابا ديسقوروس. وهكذا انتهى مجمع خلقيدونية ـ وبخلاف أي مجمع كنسي في الماضي ـ بصورة تشير إلى الوحدة.
وصدَّق الإمبراطور على قوانين المجمع بمجموعة من المراسيم الملائمة، كما منح تلك القوانين الصبغة الشرعية القانونية في الإمبراطورية. وكان مركيان قد شرح بالفعل خطته في ذلك الاتجاه في يوم 25 أكتوبر بعد خطابه الموجه إلى المجمع.[4]
وبعد انتهاء المجمع قام بإصدار عدد من الأوامر التي تؤيد نفس المعنى،[5] بل إن نظرة سريعة إلى صيغة تلك المكاتبات تبين مدى تصميم الإمبراطور على ترسيخ (إقرار) مجمع خلقيدونية. وقد ذكر مركيان في خطابه إلى المجمع أن أي أحد سيعارض أو يخالف تعريف الإيمان الخاص بالمجمع سوف يُعاقب بصورة تتناسب مع وضعه ورتبته؛ فلو كان موظفاً في الحكومة سيفقد وظيفته، وإذا كان مواطناً عادياً سيتم طرده من المدينة؛ أما إذا كان من رجال الدين (الإكليروس) فسوف يفقد رتبته ويعرِّض نفسه لعقوبات أخرى إضافية.[6]
وتقريباً في كل الكتابات الأخرى التي تتعلق بالموضوع، زعم الإمبراطور أن مجمع خلقيدونية لم يفعل غير التصديق على إيمان الكنيسة طبقاً لقانون إيمان نيقية حسب تفسير مجمعي عام 381م وعام 431م، كما زعم كذلك بأن المعارضين لمجمع خلقيدونية لابد وأن يكونوا بالفعل هراطقة.
كما أكد مركيان أن المجمع “لم يبتكر على الإطلاق شيئاً جديداً عن الإيمان الرسولي، ولكنه في جميع النواحي … اتبع تعاليم أثناسيوس وثيؤفيلس، وكيرلس”، ولم يميِّز مركيان هنا بين تعاليم ’كيرلس الرسمية‘ وتعاليم ’كيرلس غير الرسمية‘ التي تضمنها كلام ممثلو الإمبراطور في مجمع عام 451م.[7]
وأصر مركيان على أن المجمع قد أدان أوطيخا لأنه اتبع أبوليناريوس: وقد سار ديسقوروس وراء أوطيخا؛ وكلاهما كان يُعلِّم بأفكار أبوليناريوس،[8] و”حيث إن أوطيخا وديسقوروس اتبعا فكر أبوليناريوس الدنس”،[9] لذلك أصدر الإمبراطور مرسوماً ـ مثلما فعل الأباطرة السابقون ـ بأن الأبوليناريين، وبالتحديد الأوطيخيين، لا يحق لهم أينما وجدوا أن ينفذوا وصية (ميت) أو أن يرثوا طبقاً لشروط وصية، كما أن أي شيء قد تُرك لهم من الآخرين سيتم مصادرته.
وكذلك عليهم ألاّ يقوموا برسامة أساقفة أو كهنة أو أي نوع من رجال الدين، فأساقفتهم ورجال دينهم سيكونون عرضة للطرد وممتلكاتهم ستكون عرضة للمصادرة.
ولن يُسمح لهم ببناء الكنائس أو الأديرة؛ ولا يحق لهم عقد مجامع أو اجتماعات بالنهار أو بالليل؛ كما لا يُسمح لهم بالاجتماع في أي منزل خاص “ليقيموا شعائرهم المهلكة”؛ وإذا فعلوا ذلك بموافقة صاحب البيت، فإن هذا المنزل أو المكان المملوك سيتم مصادرته. ويمتنع عليهم أن يكتبوا أي شيء ضد المجمع (خلقيدونية)؛ وإذا قاموا بذلك، فسيتعرضون للنفي المؤبد، كما أن كتبهم سيتم تدميرها.[10]
وسرعان ما بدأ عدم الاتفاق بين روما والقسطنطينية فور انتهاء المجمع، وعلى سبيل المثال رفض ليو بابا روما الاعتراف بالمجمع لبعض الوقت،[11] حيث لم يكن مقبولاً لديه القرار الخاص بكرسي القسطنطينية[12] والذي أقره المجمع في جلسته الختامية، وقد اعترض على القرار بتعبيرات واضحة.
وفي نفس الوقت، كانت مصر كلها بالإضافة إلى قطاع كبير في الشرق قد بدأوا في تنظيم صفوفهم ضد مجمع خلقيدونية بالرغم من الإجراءات الصارمة التي اتخذها الإمبراطور مركيان. وكما أن روما لم تكن تتوقع قبل انعقاد المجمع أن يكون هناك مثل هذا القرار المتعلق بالقسطنطينية، فهكذا أيضاً لم تتوقع السلطة الإمبراطورية نمو الحركة المعارضة للمجمع بهذا الشكل.
وعندما أصبحت هناك ضرورة لمواجهة التهديد الذي تتعرض له قوانين المجمع، أرسل مركيان نفسه رسائل إلى ليو يناشده فيها قبول المجمع (حتي تتجمع القوى في مواجهة ذلك التهديد).[13]
وهنا أدت الحاجة لإقرار سلطة المجمع ضد معارضيه إلى اقتراب روما والقسطنطينية معاً على الرغم من الخلافات القائمة بينهما،[14] وانتهى الأمر باتحاد القوتين اللتين سيطرتا على المجمع في وقت كانتا فيه على حافة الانفصال. واستمر الأمر على هذا الحال لأكثر من عقدين من الزمان، وكان على الحركة المعارضة لمجمع خلقيدونية أن توجِّه أعمالها ضد اتحاد القوتين معاً والذي كان بالفعل من العسير التغلب عليه في ذلك الوقت.
وينقسم تاريخ الحركة المعارضة لمجمع خلقيدونية إلى أربعة مراحل. المرحلة الأولى تشمل الفترة بين عام 451م وعام 475م والتي بدأت في خلالها المعارضات الأولية للمجمع تعبِّر عن نفسها في عدد من المناطق في الشرق، ولأنها لم تكن تحظى بالسند الإمبراطوري فقد تم إخمادها وتقليصها بالقوة في خلال أجيال قليلة لتصبح مجرد فرق لا يُعتد بها تقطن مناطق محددة يصعب الوصول إليها. والمرحلة الثانية تغطي الفترة بين عام 475م وعام 518م وهي المرحلة التي أعطت الحركة غير الخلقيدونية الوقت لكي تقوي نفسها.
وتلت تلك الفترة المرحلة الثالثة من عام 518م إلى عام 536م، وخلال هذه المرحلة أعاد الإمبراطور يوستين الأول في عام 518م عصر الاضطهاد ضد معارضي مجمع خلقيدونية. ولكن خلفه وابن أخيه جوستينيان ـ الذي نفَّذ في الحقيقة السياسة الدينية لعمه ـ رأى أنه يتعين أن تتم تسوية المسألة من خلال التفاوض.
وباءت خطته بالفشل وأصبحت الكنيسة في الإمبراطورية البيزنطية منقسمة إلى معسكرين منفصلين، وتواصلت الجهود لأجل توحيد الاثنين إلى أن تم الفتح العربي للشرق. وتمثل الفترة ما بين حكم جوستينيان والفتح العربي المرحلة الرابعة في تاريخ الحركة غير الخلقيدونية.
2. فترة المعارضة الأولية:
كتب أ. أ. فاسيليف (A. A. Vasiliev)[15] يقول: “إن الاضطرابات الدينية في أورشليم والإسكندرية وأنطاكيا والتي سببها الفرض القسري لقرارات المجمع (خلقيدونية)، اتخذت شكل الثورة الشعبية العنيفة، ولم تخمدها السلطة المدنية والعسكرية إلاّ بعد الكثير من إراقة الدماء”. وكان هناك بالفعل قطاع كبير في الشرق المسيحي يعارض مجمع خلقيدونية.
(أ) أورشليم وفلسطين:
كانت أورشليم هي المكان الذي ظهرت فيه أولى موجات ردود الفعل ضد مجمع خلقيدونية. وكان جوفينال أسقف أورشليم ـ وهو واحد من رؤساء مجمع أفسس الثاني عام 449م مع البابا ديسقوروس ـ من أشد المؤيديين للتقليد اللاهوتي السكندري. ولكنه كما رأينا أعلن إذعانه للجانب المنتصر في مجمع خلقيدونية أثناء الجلسة الأولى من المجمع، وعلى الرغم من ذلك عندما عاد جوفينال من خلقيدونية رفضت رعيته أن تقبله.
وكان جوفينال بالفعل شخص جدير بالانتباه، فقد تمت رسامته أسقفاً لأورشليم حوالي عام 422م خلفاً للأسقف برايليوس (Praylius)، وجلس على الكرسي حتى وفاته عام 458م. وإذ كان في أغلب الظن من أصل لاتيني كما ذكر هونيجمان (Honigman)،[16] فقد كان هدفه الأعظم في حياته أن يرفع كرسي أورشليم إلى رتبة البطريركية بل وأن تكون له السلطة على كرسي أنطاكيا الذي كان يُعتبر واحداً من الكراسي العظمى من خلال مجمع نيقية عام 325م.
وفي الحقيقة أغضبت ادعاءات جوفينال المتطرفة في ذلك الاتجاه كلاً من أسقف روما وكيرلس السكندري، ولكن كما رأينا في مجمعي أفسس الأول والثاني ـ وبسبب الظروف الخاصة التي أحاطت بهما ـ استطاع جوفينال أن يحتل الموقع الثاني بين وفود الحاضرين، كما أنه في مجمع خلقيدونية كان يجلس بعد البطريرك ديسقوروس السكندري.
وبعد أن غيَّر جوفينال موقفه استطاع أن يتبوأ مكانة عظيمة في مجمع خلقيدونية، وصار واحداً من الرجال الذين شكلوا اللجنة المجمعية التي كتبت اعتراف الإيمان. وفي النهاية، حقق جوفينال هدفه وحصل على لقب بطريرك لكرسي أورشليم، وقد أرضاه ذلك جداً لكن رعيته لم تكن على استعداد لأن تتبعه فيما قام به (في خلقيدونية).
ومن المؤكد أنه في شهر مايو أو أوائل يونيو، تلقى جوفينال الدعوة لحضور المجمع الذي كان ينوي الإمبراطور مركيان عقده. وقبل هذه المناسبة كان طومس ليو قد وصل تقريباً إلى كل مكان في الشرق، لذلك فلابد أن يكون جوفينال نفسه قد رأى هذه الوثيقة.
ولهذا فقبل أن يبدأ رحلته إلى المجمع، “وحيث إنه كان مقتنعاً بأن الطومس يحتوي على تعاليم هرطوقية تؤيد أفكار نسطوريوس، فقد دعا رجال الكنيسة وجمَع الرهبان والشعب وفضح أمامهم فساد هذا المعتقد (الذي في الطومس) وحرمه. كما أكد كثيراً على الإيمان الصحيح، وفرض عليهم جميعاً ألاّ يقبلوه في شركتهم إذا تغير عن موقفه في المجمع”.[17]
وبكون جوفينال واحداً من رؤساء مجمع عام 449م، والذي مارس فيه السلطة على نفس مستوى البطريرك ديسقوروس، فقد كانت تقع عليه مسئولية أدبية كرجل ـ إن لم يكن كمسيحي أو حتى كأسقف ـ في الضغط من أجل طرح القضية الحقيقية، لكي يقوم مجمع خلقيدونية بدراستها بتروٍ.
ولكن بدون أية محاولة في ذلك الاتجاه، وبمجرد أن وجد أن التحالف بين السلطة الإمبراطورية وأسقف روما قوياً بالفعل، وأنه من الممكن أن ينال هدفه (في لقب البطريركية) إذا وقف فقط في جانب القوى التي تسيطر على المجمع، حتى أعلن بهدوء إذعانه قبل نهاية الجلسة الأولى للمجمع.
وكان هناك رهبان من رعية جوفينال يراقبون ما حدث، لأنه حسب العرف المتبع في تلك الأيام كان يوجد رهبان من مناطق عديدة في الشرق قد وصلوا إلى خلقيدونية لمتابعة المجمع بصورة مباشرة. ومن بين هؤلاء الرهبان كان هناك رجال أتوا من فلسطين يترأسهم راهب يدعى ثيؤدوسيوس (Theodosius).
وفور معرفة هؤلاء الرجال بأن جوفينال قد غيَّر من مواقفه، حتى عادوا إلى بلدهم ونشروا الخبر إلى زملائهم الرهبان ورجال الكنيسة والشعب، وأعدوا الساحة لصدام عنيف. وعندما عاد جوفينال من خلقيدونية بعد ذلك بعدة أسابيع، قابله رهط من الرهبان ورجال الكنيسة وعامة الشعب، وذكَّروه بوعده قبل الرحيل إلى المجمع، وعرضوا عليه الاختيار ما بين شجب ورفض المجمع أو الانسحاب من الكرسي.
وقبل أن يعطيهم جوفينال جواباً أو يحاول حتى أن يدخل المدينة، اتخذ طريقه إلى القسطنطينية، وفي نفس الوقت عاد الرهبان ورجال الكنيسة إلى أورشليم ودعوا الشعب وأساقفتهم،[18] وقرروا أن يعينوا ثيؤدوسيوس رئيس أساقفة محل جوفينال.
وكان ثيؤدوسيوس راهباً ملتهباً ومناصراً للتقليد السكندري عن قناعة شديدة، وكان قد قاوم محاولات الأنطاكيين للتشكيك في مفهوم إيمان الآباء ـ بنفس الأسلوب الذي كان جوفينال نفسه يقوم به ـ وكان ثيؤدوسيوس قد ذهب إلى الإسكندرية في عام 447م،[19] ليثير الرأي العام ضد ثيؤدوريت أسقف قورش ودومنوس (Domnus) أسقف أنطاكيا.
وبعد رسامته (بدلاً من جوفينال) بدأ ثيؤدوسيوس في برنامج لتنظيم الحركة ضد مجمع خلقيدونية، وأقام أساقفة في جميع إيبارشيات فلسطين من الذين رشحهم الشعب، وكان يساند ثيؤدوسيوس في كل ذلك الإمبراطورة العجوز إفدوكيا (Eudocia) أرملة الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني، والتي كانت قد استقرت في فلسطين منذ عام 443م.
وفي هذا الوقت من ظهور الحركة ضد مجمع خلقيدونية، ارتكب المعارضــــون للمجمع ـ بسبب حماسهم الشديد ـ بعض الجرائم، ولذلك ذكر مركيان عنهم أنهم قــــاموا بقـــــتل سِفـــريان أسقف سكيثوبوليس (Severian of Scythopolis) والذين كانوا معه.[20]
وكان بطرس الأيبيري (Peter the Iberian) واحداً من الذين قام ثيؤدوسيوس (الأورشليمي) بسيامتهم، وهو رجل مقدر في البلاط الإمبراطوري في القسطنطينية، وكان قائداً هاماً للحركة غير الخلقيدونية حتى وفاته حوالي عام 488م. وكان بطرس هذا هو نفسه الأمير نابارنوجينز (Nabarnugins) أمير أيبريا ـ وهي مملكة صغيرة على الجانب الشرقي للبحر الأسود[21] ـ الذي أعطاه حاكم أيبيريا للإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني كرهينة وهو طفل صغير بعد.
وقد نشأ هذا الأمير في القصر الإمبراطوري حيث مكَّنته أخلاقه الودودة من أن ينال حب الإمبراطور والإمبراطورة حتى أنه بمرور الوقت عُيّن في سلاح الفرسان الإمبراطوري، ولكنه بعد فترة ترك منصبه واعتزل هو وأبيه الروحي يوحنا في حياة ناسكة في قفار فلسطين، ثم قام ببناء مؤسسة رهبانية في مرفأ مايوما (Maiuma) في غزة بجنوب غرب فلسطين.
وكان بطرس ضمن مجمع الرهبان والشعب الذين ذهبوا لمقابلة جوفينال لدى عودته من خلقيدونية، ومنذ ذلك الحين بذل بطرس كل ما في وسعه من أجل مساندة الحركة المعارضة لخلقيدونية، وقام ثيؤدوسيوس برسامته أسقفاً على مايوما في 7 أغسطس عام 452م، وقد استمر ديره وكذلك مقره مركزاً لتلك الحركة المعارضة في فلسطين.
وبُذلت جهود كبيرة لإعاقة تلك الثورة في فلسطين لتكون قصيرة العمر. ولم يشغل ثيؤدوسيوس (الأورشليمي) الكرسي سوى قرابة العشرين شهراً حتى منتصف عام 453م حيث عاد جوفينال إلى فلسطين ترافقه حامية عسكرية.
وكان الإمبراطور والإمبراطورة بالإضافة إلى البابا ليو قد كرَّسوا كل جهودهم ونفوذهم لقمع المعارضين لخلقيدونية، فكتب ماركيان من جانبه إلى مكاريوس ورهبان سيناء، وإلى رهبان فلسطين، كما كتب أيضاً خطاباً عاماً ضد الأوطيخيين والأبوليناريين،[22] كما أرسلت بولخريا أيضاً إلى رئيسة دير للراهبات في أورشليم،[23] أما البابا ليو فلم يكتب فقط إلى رهبان فلسطين وإلى إفدوكيا نفسها، بل استحث أيضاً الإمبراطور الغربي فالنتينيان الثالث ليقنع حماته لتتوقف عن مساندة الحركة غير الخلقيدونية.[24]
وفي كل تلك المراسلات كان يتم الدفاع عن مجمع خلقيدونية من جهةٍ بأنه امتداد للثلاثة مجامع الأولى، ومن الجهة الأخرى بشرح وجهة نظر غير الخلقيدونيين بطريقة لا تعبِّر عن موقفهم الفعلي. وعلى سبيل المثال أكد ماركيان بأن ثيؤدوسيوس (الأورشليمي) كان يحارب ضد الله مثل أبوليناريوس وفالنتينوس ونسطوريوس، وبأنه كان تابعاً لأوطيخا، وأنه ينبغي على الرهبان الذين يزعمون بأنهم لا يعترفون بأوطيخا أن يفصلوا أنفسهم عنه. وكانت بولخريا وبابا روما نفسه يكرران نفس هذه القصة ضد المعارضين لمجمع خلقيدونية.
ولم يكتفِ ماركيان بكتابة الخطابات وإصدار المراسيم، بل أعطى أوامره باعتقال ثيؤدوسيوس والأساقفة الذين قام برسامتهم، فقام جوفينال بعزل هؤلاء الرجال على الفور ولم يترك منهم غير بطرس الأيبيري بسبب مكانته لدى البلاط الإمبراطوري، ولكن بطرس لم يبقى متمتعاً بهذا الامتياز لمدة طويلة في فلسطين ، فقد رحل في الحقيقة إلى الإسكندرية وعاش في مصر.
كما قام الجيش أيضاً بمذبحة دموية فحاول ثيؤدوسيوس الهرب إلى مصر، ولكنه حين سمع بحدوث اضطرابات بين الرجال المعارضين للمجمع في أنطاكيا تحرك إلى هناك،[25] وعندما وصل إلى بوابة المدينة تعرف عليه أحد معارفه السابقين ووشى به لدى السلطات فتم القبض عليه وترحيله إلى القسطنطينية، وهناك وُضع في الحبس في غرفة بدير ديوس (Dius) كان يُخزن بها جير غير مطفأ. وبعد موت مركيان قام الإمبراطور ليو الأول بإطلاق سراحه، ولكنه مات بعد ذلك بأيام قليلة في (Sycae).*
وعلى الرغم من أن جوفينال كان في أمان بسبب وجود الحامية العسكرية، إلاّ إنه صار مكروهاً من غالبية الرهبان والشعب في فلسطين. ومع ذلك حاول جوفينال أن يهدئهم ويقنعهم بأن يقبلوا مجمع خلقيدونية، ولهذا عقد مجمعاً وأرسل رسائل إلى “القسوس ورؤساء الأديرة والرهبان في مقاطعة فلسطين”[26] يزعم فيها بأن مجمع خلقيدونية لم يقدم شيئاً خلاف التأكيد على إيمان نيقية، وأنه لا يوجد أساس واقعي لدى أي أحد ليقوم بمعارضة المجمع.
ولم تفلح كل هذه الجهود في أن تجعل رهبان أورشليم يقبلون جوفينال في شركتهم. وقد اجترأ واحد من هؤلاء الرهبان يُدعى سليمان أن يدخل إلي جوفينال بحجة أنه يطلب بركته، غير أنه كان يخفي حقيبة مملؤة بالرماد في داخل معطفه وقام بتفريغها على رأس البطريرك.[27]
كما أن جيرونتيوس (Gerontius) رئيس أديرة مِلانيا لم يرغب حتى في التحدث إلى جوفينال قائلاً “لا يسمح الله أن أكون مضطراً لأن أرى وجه الخائن يهوذا”. أما ستيفن رئيس شمامسة أورشليم فقد ترك الأكليروس في المدينة المقدسة وأنهى حياته كسائح جوال حتى لا يضطر لأن يشترك في شيء مع جوفينال.[28] ولكن مع كل هذا كان للبطريرك أيضاً مؤيدين في وسط المجتمع الرهباني تحت قيادة إفثيميوس (Euthymius).
ولم تستمر الإمبراطورة إفدوكيا في مساندتها للحركة المعارضة لمجمع خلقيدونية طويلاً، حيث أجبرتها ظروف خارجة عن إرادتها لأن تكون على وفاق مع البلاط البيزنطي، فقبلت شركة جوفينال في عام 456م، لأن الملك جيسِريك (Gaiseric) كان قد استولى على روما في عام 455م، مما أثر على سلامة ابنة إفدوكيا زوجة فالنتينيان الثالث وعلى سلامة أحفادها.
وفي الحقيقة كان فالنتينيان قد قُتل في ذلك الوقت، لذلك استغاثت إفدوكيا بالبلاط في القسطنطينية لمساعدتها، فأُخبرت أن ذلك مشروط بتحالفها مع جوفينال، واستجابت إفدوكيا بالفعل ولكن على الرغم من ذلك لم يتحقق أملها الذي كانت تسعى إليه بالكامل.[29]
وهكذا افتتحت فلسطين حركة المعارضة ضد مجمع خلقيدونية، ولكن حقيقة أن المجمع اعترف بأورشليم ككرسي بطريركي كان من الطبيعي أن يجعل الجالسين على الكرسي يميلون إلى تأييد ذلك المجمع.
كما كانت توجد أيضاً في تلك المنطقة مجتمعات رهبانية تضم رجالاً من أماكن مختلفة من العالم المسيحي، من بينهم راهباً يدعى إفثيميوس استطاع أن يجمع حوله بعض المؤيديين لخلقيدونية، ولكن بالرغم من هذا كان على فلسطين أن تنتظر حتى العقد الأخير من القرن الخامس لكي تصبح غالبية المجتمعات الرهبانية في المنطقة موافقة على مجمع عام 451م.
وبعد وفاة جوفينال عام 458م، جلس مكانه على التوالي البطاركة أناستاسيوس (Anastasius) ومارتيريوس (Martyrius) وسالوستيوس (Sallustius)، وهؤلاء الرجال كانوا يريدون أن يستمر السلام في المنطقة رغم عدم قبول مجمع خلقيدونية. ولكن في عام 494م قام سالوستيوس (486م – 494م) بتعيين ساباس (Sabas) رئيساً لأديرة فلسطين كلها، فصار الرجل ـ الذي له نفس توجه إفثيميوس ـ قائداً رهبانياً شهيراً. وفي نفس العام أيضاً تولى البطريرك إيلياس (Elias) (494م – 516م)[30] خلفاً لسالوستيوس وكان يتبنى موقفاً خلقيدونياً متشدداً.
وهنا بدأ الرجلان (ساباس وإيلياس) يعملان معاً من أجل إقرار مجمع خلقيدونية في فلسطين، وقد نجحا في ذلك جداً إلى درجة أنه ـ كما ذكر ميخائيل السرياني[31] ـ لم يوجد أي زعيم في أورشليم ساند التقليد غير الخلقيدوني منذ وقت إيلياس وإلى ما بعد الفتح العربي لفلسطين.
(ب) الإسكندرية ومصر:
كان هناك، كما ذكرنا، أربعة أساقفة ـ من بين مجموع الثلاثة عشر أسقفاً المصرين الذين حضروا مجمع خلقيدونية ـ قد أعلنوا إذعانهم للمجمع، وهؤلاء عندما رجعوا إلى مصر سلموا إلى والي الإسكندرية رسالة من الإمبراطور تأمر بتعيين خلفاً للبابا ديسقوروس. ووقع اختيار رجال الدولة ونبلاء المدينة على بروتيريوس (Proterius) كبير كهنة البابا ديسقوروس الذي كان قد كلفه بتدبير شئون المدينة أثناء تغيبه في مجمع خلقيدونية.
وقام الأربعة أساقفة برسامة بروتيريوس بطريركاً مكان البابا ديسقوروس، وقد تمت هذه السيامة وسط اضطراب عظيم،[32] بل وعلى الرغم من صلة بروتيريوس السابقة بالبابا ديسقوروس استلزم الأمر أن يكون باستمرار في حراسة الحامية العسكرية التي عينتها له الحكومة. وظل الرهبان وجموع الشعب مبتعدين تماماً عن الشركة مع بروتيريوس، واستمروا كلهم ينظرون إلى البابا ديسقوروس باعتباره وحده البطريرك الرسمي للكنيسة حتى مماته.
وقد كتب أ. هـ . هور[33] (A . H . Hore) عن ذلك: “عندما وصلت إلى أهل مصر أخبار عزل أسقفهم، لم يكن لغضبهم حدود، واجتمعوا على أمر واحد هو رفض الاعتراف بقرار المجمع، أو إذا كان قد حُرم أسقفهم فكلهم محرومون معه أيضاً؛ ولم يعترف الشعب طوال حياة ديسقوروس بأي أسقف آخر غيره”. وذكر فرند (Frend) أن بروتيريوس “كان معيناً من قبل الحكومة والنبلاء، وقد فصلت الغالبية العظمى من الكنيسة في مصر نفسها عنه باشمئزاز”.[34]
وعلى الرغم من ذلك حاول الإمبراطور مركيان أن يوحد الكنيسة في مصر مع بروتيريوس، فأرسل يوحنا عضو مجلس الشيوخ مندوباً إلى الإسكندرية ومعه رسالة تحوي دفاعاً قوياً عن مجمع خلقيدونية،[35] وتضمن هذا الدفاع الإشارة إلى إدانة المجمع لكل من أوطيخا وديسقوروس حيث اتُهم كلاهما بالأبولينارية، وأصر الإمبراطور في هذا الدفاع على أن مجمع عام 451م قد أكد على إيمان الآباء الثلاثمائة والثمانية عشر، هذا الإيمان الذي تعمَّد عليه الإمبراطور ويتمسك به بشدة.
ومضت الرسالة لتؤكد أن “ربنا ومخلصنا المسيح، الابن المولود الوحيد من الله، والواحد مع الآب في ذات الجوهر والأزلية، صار إنساناً من أجلنا ومن أجل خلاصنا، وولد من الروح القدس ومن مريم العذراء والدة الإله، وأنه في نفس الوقت إله حقيقي وإنسان حقيقي، وهو ليس واحد وآخر ولكن واحد ذاته غير منقسم ولا منفصل ولا متحول”، كما أوضح الإمبراطور أيضاً أن المجمع قد استبعد تماماً عقيدة ’الابنين‘ و ’الشخصين‘.
ولم تؤتِ هذه الرسالة بالنتيجة المرجوة، بل على العكس فقد تأثر مبعوث الإمبراطور بإخلاص المصريين للبابا ديسقوروس، وبدلاً من أن يحاول أن يقنعهم بالانضمام إلى بروتيريوس أخذ منهم التماساً يوضح وجهة نظرهم ليقدمها إلى الإمبراطور، الأمر الذي لم يسر به مركيان أبداً.
ورقد البابا ديسقوروس في منفاه يوم 4 سبتمبر عام 454م، بعد ما يزيد عن العام بقليل من موت بولخريا في يوليو سنة 453م. ورغم ذلك أرادت الرعية في مصر أن تقيم خلفاً له (مع أن بروتيريوس كان لا يزال موجوداً)، ولكن الإجراءات القوية التي تبناها مركيان ضد الحركة المعارضة لخلقيدونية في فلسطين وكذلك أوامره ومراسيمه التي كانت تحوي تهديدات شديدة جداً ضد أي واحد ينتقد مجمع خلقيدونية، كل ذلك أرجأ مسألة تعيين خليفة للبابا ديسقوروس، ولكن الشعب مع ذلك استمر في موقفه الرافض لبروتيريوس.
ومات مركيان في 26 يناير عام 457م، وانتهز الناس فرصة وجود الجنرال ديونيسيوس (Dionysius) في صعيد مصر، واجتمعوا في الكنيسة واختاروا تيموثاؤس الملقب أيلوروس[36] (Aelurus) بطريركاً خليفة لديسقوروس وكيرلس. ولما كانت الرسامة ينبغي أن تتم قبل عودة الجنرال، لذلك فقد أُجريت على عجل بواسطة اثنين من الأساقفة المصرين ومعهم بطرس الأيبيري يوم 16 مارس عام 457م.
وقام بروتيريوس ـ الذي كان قد أبعد تيموثاؤس عن الإسكندرية حين كان قساً[37] ـ بإصدار خطابات يحرم فيها البابا تيموثاؤس وكل الذين يرفضون الشركة معه، ولكن لم تكن لهذه الخطابات أية قيمة لدى الشعب في مصر لأنه كان قد تجاهل الرجل وكل أعماله. وحين سمع الجنرال ديونيسيوس بما حدث، عاد على الفور وقبض على البابا تيموثاؤس وسط أحداث قتل كثيرة، وأثار هذا الموقف ضغينة الشعب وتسبب ذلك في موت الكثيرين مما اضطر الجنرال في آخر الأمر لأن يطلق سراح البابا تيموثاؤس.[38]
ويخبرنا زكريا (المؤرخ) أن الكنيسة الكبرى في الإسكندرية قد أُخذت من يد البابا تيموثاؤس وأُعطيت إلى بروتيريوس بواسطة السلطات، ولكن أثناء فترة الفصح “كان هناك أطفال بلا عدد قد أُحضروا إلى البابا تيموثاؤس لتعميدهم، حتى أن الرجال الذين كانوا يدوِّنون ويقرأون الأسماء قد أرهقوا تماماً من جراء تلك الحشود؛ ولم يكن هناك غير خمسة أطفال فقط هم الذين أُحضروا إلى بروتيريوس”.[39]
وقُتل بروتيريوس وجروا جسده في شوارع المدينة ثم أُحرق بالنار في مضمار السباق. ويقول زكريا[40] أن القتل قد تم بواسطة الجنود الذين سخطوا من مطالبة بروتيريوس النهمة لهم بدم معارضيه، فقاموا بارتكاب فعلتهم، أما الشعب (الذي لم يقم بهذا الأمر) فكان يعبِّر فقط عن حنقه على ذلك الرجل.
وذكر إفاجريوس[41] (Evagrius) مؤرخ القرن السادس الخلقيدوني، أن القتل كان بواسطة رجل من جانب البابا تيموثاؤس وبتحريض منه. وبالنسبة للبابا تيموثاؤس فقد زادت شعبيته جداً بين الناس بفضل خدمته للفقراء، ويذكر زكريا أن البابا تيموثاؤس استغل المال الذي كان يستخدمه بروتيريوس في الإنفاق على الجنود، لمساعدة الفقراء والأيتام والأرامل.
وكان البابا تيموثاؤس محبوباً جداً من الجميع حتى أن الخلقيدونيين في الإسكندرية تقدموا إليه طالبين أن يقبلهم ويوحد الكنيسة، ولكن هذا التحرك لم يؤتِ بثماره حيث نشأت معارضة داخل الكيان الخلقيدوني نفسه حول هذا الأمر.
وخلف مركيان على العرش الإمبراطور ليو الأول، وكان ضابطاً في جيش ثراكيا[42] (Thracian army) تحت إمرة أسبار (Aspar) الذي كان قائداً للجيش في الإمبراطورية منذ عام 440م. وبموت بولخِريا في صيف عام 453م، ابتدأ نجم أسرة ثيؤدوسيوس في الأفول عملياً، وأصبح نصفا الإمبراطورية كلاهما في أيدي ضابطين من الأصل الجرماني: ريسيمر (Ricimer) في الغرب وأسبار في الشرق.
وعند قتل الإمبراطور فالنتينيان الثالث عام 455م، أصبح ريسيمر من القوة حتى يقيم ويعزل الملوك إلى أن اختفت المؤسسة الإمبراطورية في الغرب منذ عام 476م. ورغم أن أسبار كان أقل قدرة إلاّ إنه كانت لديه القوة الكافية حتى يجعل ليو أحد أعوانه يعتلي العرش في 7 فبراير عام 457م، وفي الحقيقة كان لأسبار أيضاً دور في جلوس مركيان نفسه على العرش عام 450م.
وكان الإمبراطور الجديد ليو الأول ـ كما يصفه زكريا ـ شخص مباشر له روح عفوية وقد أزعجته الاضطرابات الحادثة في مصر وفلسطين وغيرهما بسبب مجمع خلقيدونية.
وفور تولي ليو العرش، أرسل إليه كلا الجانبان في الإسكندرية خطابات، حيث طالب الأساقفة ورجال الدين الذين في جانب بروتيريوس من الإمبراطور إقصاء البابا تيموثاؤس،[43] كما كانت هناك أيضاً خطابات مضادة من الرجال المؤيدين للبابا تيموثاؤس في الإسكندرية، وحتى البطريرك نفسه كتب خطاباً إلى الإمبراطور يشرح فيه وجهة نظره في ضرورة عقد مجمع جديد يُعاد فيه مناقشة موضوع مجمع خلقيدونية ثانية.[44]
وكان الإمبراطور يؤيد فكرة عقد المجمع، ولكنه امتنع عن تبني تلك الخطوة بسبب ليو بابا روما الذي كتب ستة خطابات في يوم 1 سبتمبر عام 457م، وكذلك بسبب أناتوليوس بطريرك القسطنطينية الذي اقترح عليه أن يستطلع الرأي في ذلك. وهنا أصدر الإمبراطور نشرة إلى كل المطارنة والأساقفة في الإمبراطورية يسألهم من ناحية عن رأيهم فيما يخص مجمع خلقيدونية، ومن الناحية الأخرى في مسألة رسامة تيموثاؤس بابا الإسكندرية.[45]
وقد أشار الإمبراطور ليو في خطابه إلى “الأشياء التي قد تمت أخيراً بالفعل في الإسكندرية”، وأرفق أيضاً نسخاً من الالتماسات التي وصلت إليه من ’الأساقفة ورجال الدين في الإسكندرية‘ ضد تيموثاؤس وكذلك من الأشخاص الذين يؤيدونه. وقد أرسل شعب الإسكندرية وذوو النفوذ والموظفون وأصحاب السفن إلى الإمبراطور يطالبون بتيموثاؤس بطريركاً لهم، ويعلنون عدم موافقتهم على مجمع خلقيدونية، ولذلك طلب منهم الإمبراطور أن يعقدوا اجتماعاً للأساقفة في بلادهم وأن يرسلوا إليه رأيهم فيما يخص تيموثاؤس ومجمع عام 451م.
ورداً على رسالة الإمبراطور كتب ليو بابا روما خطابين، ناقش في أحدهما مسألة تيموثاؤس وأيد في الآخر الجماعة الذين ظلوا موالين لذكرى بروتيريوس في الإسكندرية. واتهم بابا روما، البابا تيموثاؤس بأنه ’عدو المسيح‘ (Antichrist) ـ كما ذكر زكريا[46] ـ وأبلغ سميه الإمبراطوري بأن رجال الدين في القسطنطينية يقفون في صف تيموثاؤس، ووبخ أناتوليوس على تقاعسه، كما أنه دافع عن الطومس الخاص به. ورد أناتوليوس أيضاً على خطاب الإمبراطور، بإدانة البابا تيموثاؤس بسبب عدم اعترافه بمجمع خلقيدونية.
وكان استطلاع الرأي ضربة قاسية للبابا تيموثاؤس، لأن كل الأساقفة الذين ردوا على خطاب الإمبراطور أعطوا حكمهم ضده، كما أنهم جميعاً ماعدا أمفيلوكيوس أسقف سيدا[47] (Amphilocius of Side) أيدوا مجمع خلقيدونية. وقد انتقد أمفيلوكيوس المجمع وطومس ليو من جهة الفكر اللاهوتي وكذلك من جهة القسر والتحيز اللذين مارسهما المجمع، وتوسل إلى الإمبراطور ليتخذ الإجراءات اللازمة لإبطال ذلك المجمع.
ولكي نقوم بتقييم ما حدث، ينبغي علينا أن نلاحظ النقاط التالية:
كانت خطة الإمبراطور ليو هي عقد مجمع (جديد) لمناقشة موضوع مجمع خلقيدونية من أجل التوصل إلى حل للمشكلة، ولكن أناتوليوس أسقف القسطنطينية وليو بابا روما هما اللذان غيرا رأي الإمبراطور في هذا الأمر. وحقيقة أن هذين الرجلين كانا أكثر من استفاد في الكنيسة من مجمع خلقيدونية تعتبر دليلاً كافياً للقول بأنهما كانا يحاولان أن يحتفظا بما كسباه من خلال مجمع عام 451م.
أرسل الإمبراطور خطابه في عام 458م، أي بعد سبع سنوات فقط من انتهاء مجمع خلقيدونية، وبالتالي كان معظم الرجال الذين أُرسل إليهم الخطاب من الذين كانوا مشاركين بالفعل في المجمع. لذلك كان من الطبيعي لكي يحفظوا ماء وجوههم أن يقوموا بالدفاع عن الموقف الذي تبنوه والذي يمكنهم أن يظلوا متمسكين به بدون خوف.
حين قام الإمبراطور باسيليسكوس (Basiliscus) ـ كما سنرى ـ بإرسال منشوره عام 475م ليبطل مجمع خلقيدونية، قام حوالي سبعمائة أسقف شرقي بالتوقيع على هذه الوثيقة.
كان أساقفة الإسكندرية يُرسَمون داخل الإسكندرية، لذلك فمسألة إقحام موضوع رسامة البابا تيموثاؤس في خطاب الإمبراطور ليو إنما كانت تتضمن التشكيك في أمر استقلالية الإسكندرية
ومن هنا ينبغي النظر إلى استطلاع الرأي الذي قام به الإمبراطور ليو، ليس بكونه دلالة على حقيقة قبول مجمع خلقيدونية في الشرق، ولكن بكونه يعبِّر عن عدم رغبة الجانب الخلقيدوني في مناقشة الأمور العقائدية باسلوب عادل مع المعارضين للمجمع.[48]
ولم يتم انعقاد أي مجمع جديد، ولكن تم نفي البابا تيموثاؤس إلى غنغرا، وبعد أربعة سنوات تم ترحيله من هناك إلى كرسون[49] (Cherson in the Crimea). ولم يكن من الممكن القبض على البابا تيموثاؤس بدون حدوث فوضى عارمة وشغب في الشعب الذي أراد أن ينقذ بطريركه، وقد انتهى هذا الاضطراب ـ كما يروي زكريا ـ بمقتل أكثر من عشرة آلاف نفس،[50] وفي النهاية تم الإمساك بالبابا تيموثاؤس في مأواه بمعمودية الكنيسة، وتم ترحيله من المدينة.
وكان طريقه إلى غنغرا يمر على طول ساحل فلسطين، وفي كل مكان توقف فيه كان يُقابَل بإكرام عظيم من الشعب، وعندما مر من بريتوس[51] تم ترتيب استقبال شعبي له بمبادرة من إفستاثيوس (Eustathius).[52]
وعند رحيل البابا تيموثاؤس إيلوروس من مصر، قام الجانب الخلقيدوني بمساعدة الدولة بتعيين بطريرك خلفاً لبروتيريوس بنفس اسم تيموثاؤس أيضاً وكان يُلقب بصاحب القلنصوة (Salophaciolus or Ra’ulphakilo).[53] وكان تيموثاؤس الخلقيدوني هذا رجلاً عاقلاً له روح متصالحة، وقد حاول أن يوحد حزبي الكنيسة بصورة جدية.
ويروي زكريا أنه كان بمجرد أن يرى امرأة تحمل صبي تم تعميده بواسطة كاهن من الجانب غير الخلقيدوني، كان يأخذ الصبي ويقبله قائلاً: “هم ونحن كلنا مسيحيون، ليؤمن كل واحد كما يريد ويكرم الرب”.[54] وقد وصل في رغبته الشديدة لتهدئة الشعب، أن يضم اسم البابا ديسقوروس إلى الدبتيخا متمنياً أن يؤدي ذلك إلى علاج الانشقاق، ولكن هذا الأمر لم يؤتِ بثماره المرجوة ولم يمكن للكنيسة في مصر أن تصل إلى الوحدة. وقد قام ليو بابا روما في الجانب الخلقيدوني بتوبيخ تيموثاؤس الخلقيدوني على تصرفه هذا (نحو البابا ديسقوروس).
وظل البابا تيموثاؤس إيلوروس في منفاه إلى أن أعاده الإمبراطور باسيليسكوس في عام 475م، وطوال فترة النفي هذه ـ والتي امتدت لأكثر من خمسة عشر عاماً ـ استمر البابا تيموثاؤس إيلوروس في كتاباته يعارض كلاً من النسطورية ومجمع خلقيدونية من ناحية، والأفكار التي نُسبت إلى أوطيخا من الناحية الأخرى. أي أنه أظهر أن اعتراضه على مجمع عام 451م، لم يكن نتيجة لأي تعاطف مع الهرطقة التي سعى مجمع خلقيدونية لمحاربتها.
وعاد البابا تيموثاؤس إيلوروس إلى الإسكندرية في أواخر عام 475م وكان حينذاك رجلاً متقدماً في العمر، وقد استقبلته رعيته باحتفاء عظيم. وجلب البابا تيموثاؤس معه من منفاه رفات البابا ديسقوروس وقام بدفنها مع رفات بطاركة الكرسي السكندري السابقين له. ولم يمر عام على عودة البابا تيموثاؤس إيلوروس إلى الإسكندرية إلاّ وكان الإمبراطور زينو قد حل محل باسيليسكوس، وأمر بإلغاء كل الأمور التي تمت في عهد النظام السابق له.
وقد أثر ذلك على الحركة غير الخلقيدونية بصورة شديدة، حيث تم نفي قادتهم مرة ثانية. ومع ذلك لم ينفذ الإمبراطور زينو هذا الأمر مع البابا تيموثاؤس إيلوروس، ومن المحتمل أن يكون هذا بسبب تقدمه في العمر أو بسبب إدراكه أن عملية ترحيل البابا سوف تؤدي إلى آلاف من القتلى. وعلى أية حال فقد تنيح البابا تيموثاؤس إيلوروس في يوم 13 يوليو عام 477م، وخلفه على الكرسي السكندري البابا بطرس مُنجوس* (Peter Mongus).
(ج) أنطاكيا وسوريا:
كانت أنطاكيا واحدة من أقوى المراكز لعقيدة “طبيعتين بعد الاتحاد”، ومع ذلك كان يقطن بها أيضاً بعض ممن يتمسكون بعقيدة “طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة”، ولكن بالنسبة لأولئك لم توجد أية معلومات مسجلة عن نشاطهم خلال العقد الأول الذي تلا مجمع خلقيدونية. وكان مجمع أفسس الثاني عام 449م قد أدان دُمنوس (Domnus) أسقف أنطاكيا وحل محله مكسيموس (Maximus)، ورغم أن مجمع خلقيدونية قد عكس قرارات مجمع عام 449م، إلاّ إن دُمنوس قدم استقالته من الأسقفية وترك مكسيموس على الكرسي الأنطاكي.
ومات مكسيموس في عام 455م، وجلس بعده ثلاثة أساقفة خلقيدونيين هم على الترتيب: باسيليوس (Basil) (456م – 459م)، وأكاكيوس (Acacius) (459م – 461م)، ومارتيريوس (Martyrius) (461م – 471م). وبينما كان مارتيريوس بعيداً في القسطنطينية في عام 468م، انتهز الفريق المعارض لمجمع خلقيدونية الفرصة ورسم بطرس القصَّار (Peter the Fuller) بطريركاً مكانه.
وعندما عاد مارتيريوس بعد حوالي سنة استطاع أن يحشد القوة ليستعيد الكرسي ويطرد بطرس، ولكن الفريق غير الخلقيدوني نجح في إبعاد مارتيريوس وإعادة بطرس. وهنا تدخلت الدولة وقامت بنفي البطريرك بطرس حتى أعاده الإمبراطور باسيليسكوس مرة أخرى مع البابا تيموثاؤس السكندري عام 475م.
[1] يذكر زكريا الخطيب (المؤرخ السرياني) عن إفستاثيوس أسقف بريتوس أنه حينما وقَّع أضاف عبارة: “هذه الأشياء أنا أكتبها لأنني مجبر أن أفعل ذلك”. ويضيف المؤرخ أيضاً أنه كان هناك آخرون كثيرون قد اشتكوا من أنهم قد أعطوا توقيعاتهم بالإجبار. (مرجع سابق 1، صفحة 153)
[2] كانت غنغرا عاصمة إقليم بافلاجونيا على الجانب الجنوبي للبحر الأسود.
[3] من الجدير بالذكر أن البابا ديسقوروس لم يكتب أي شيء على سبيل الدفاع عن نفسه مثل نسطوريوس. وهناك خطاب كتبه من منفاه إلى سكوندينوس (Secundinus) وهو محفوظ في كتاب زكريا الخطيب (مرجع سابق 1، صفحة 151-152)، وهذا الخطاب هو بحق قطعة أدبية رائعة يناقش فيها الإيمان. (للرجوع إلى محتوى الخطاب انظر صفحة ).
[4] للإطلاع على ترجمة إنجليزية للخطاب انظر:
(P. R. Coleman-Norton: Roman State and Christian Church. op. cit., document 472).
[5] المرجع السابق الوثائق أرقام: 475، 476، 477، 479، 480، 481، 483، 484، 487، 489.
[6] انظر المرجع رقم 4.
[7] انظر صفحة وصفحة . وأمام التحديات التي قدمها منتقدي المجمع، اضطر الإمبراطور لتغيير وسائله، وهذا هو ما نستطيع أن نتتبعه من خلال المراسيم التي صدرت بعد المجمع.
[8] انظر الوثيقة رقم 481 في (Coleman-Norton, op. cit.).
[9] المرجع السابق الوثيقة رقم: 489
[10] كل هذه الأمور مذكورة في الوثيقة رقم 489 في (Coleman-Norton, op. cit.)
[11] بدون الخوض في التفاصيل، يمكننا أن نذكر أنه قبل فض المجمع نهائياً، أرسل المجتمعون خطاباً إلى ليو بابا روما يعرضون فيه تقريراً عن المجمع ويذكرون فيه القرار الخاص بكرسي القسطنطينية (للإشارة لهذا الخطاب انظر صفحة ). وكان خطاباً دبلوماسياً به نبرة تذلل. وكان أناتوليوس أسقف القسطنطينية قد كتب خطاباً مشابهاً أيضاً.
ولكن ليو رفض قبول المجمع وكتب خطابات تنم عن اعتراضه الشديد ضد القرارات الخاصة بالقسطنطينية وأرسلها إلى مركيان وبولخريا وأناتوليوس نفسه. انظر الترجمة الإنجليزية لهذه الخطابات في:
(N. & P.N.F., sec. ser., vol. III)
[12] هذا القرار هو الذي يُشار إليه بالقانون الثامن والعشرين لمجمع خلقيدونية، وقد لاقى معارضة شديدة من مندوبي روما. وقد حاول ليو من جانبه أن يقنع الإمبراطور والبطريرك أن يصرفوا النظر عن تلك الخطة تماماً، لكنهم مضوا بدون تساهل في تنفيذ خطتهم، وسعوا لتحقيق هدفهم باستعمال الدبلوماسية. ورغم أن ذلك لم يجدي (مع بابا روما) إلا أن التهديد الذي سببه الجانب غير الخلقيدوني في الشرق جعل ليو يقبل فقط القرار العقائدي للمجمع. وبالنسبة لذلك القرار (الخاص بكرسي القسطنطينية)، فالنص الأصلي لقوانين مجمع خلقيدونية يحتوي فقط على سبعة وعشرين قانوناً، لذلك فالإشارة إليه بكونه القانون الثامن والعشرين هي ذاتها محل شك. والحقيقة أن هذا الموضوع ليس له أهمية من وجهة نظر هذه الدراسة. انظر:
(E. Schwartz: Sitz. Ber. Berlin Akad., 1930, p. 612; and Byz. Ztschr. 34, 1934, p. 13)
[13] أحد هذه الرسائل أرسله مركيان إلى ليو يوم 15 فبراير عام 453م، وهو الوثيقة رقم 482 الموجودة في (Coleman-Norton, op. cit.)
[14] طلب ماركيان من البابا أن يصدِّق على قرارات المجمع بواسطة خطاب لكي يبين لمعارضي المجمع أن حركتهم هي بلا أي مبرر. وهنا، كما فى كل موقف آخر، يُظهر ماركيان قصوراً فعلياً في فهم الأمور المختلفة.
[15] Vasiliev: History of the Byzantine Empire (324- 1453), The University of Wisconsin Press, 1952, pp. 105-106.
[16] Juvenal of Jerusalem, op. cit., p. 211.
[17] Zacharia Rhetor: Ecclesiastical History, op. cit. (Syriac), I, p. 156.
[18] المرجع السابق صفحة 157.
[19] Honigman, op. cit., p. 249.
[20] يذكر ماركيان هذه الحادثة في إثنين من خطاباته: الأول إلى رهبان فلسطين والثاني إلى مجمع فلسطين. هذان الخطابان هما الوثيقتان 484، 487 في (Coleman-Norton, op. cit.).
[21] أيبريا هى نفسها جورجيا فى الأزمنة المتأخرة. وهذه المملكة الصغيرة قد إنفصلت عن الإمبراطورية الرومانية في عام 363م على يد جوفيان، وبقيت تحت حماية القسطنطينية.
[22] انظر صفحة المرجع رقم 5.
[23] انظر الوثيقة رقم 485 والوثيقة رقم 486 في (Coleman-Norton, op. cit.)
[24] للإطلاع على خطابات البابا ليو انظر: (N. & P.N.F., sec. ser., vol. XII)
[25] Corpus Scriptorum Christianorum Orientalium. Vitae Virorum apud Monophysitas Celeberrimorum (Syriac), pp. 21-27.
* هي حالياً جالطا في تركيا
[26] Honigman, op. cit., p. 258.
[27] Zacharia, op. cit., I, p. 161.
[28] Honigman, op. cit., p. 257.
[29] Honigman, op. cit., p. 258; W. H. C. Frend: The Rise of the Monophysite Movement, Cambridge, 1972, p. 153, n. 4.
[30] نحن مدينون في تحديد هذه التواريخ ـ كما هو الحال في العديد من الأحداث الأخرى ـ لفرند (Frend).
[31] Michael le Syrien, op. cit., (Syriac), p. 769.
[32] Evagrius II, 5 in PG. LXXXVI, 2509 C.
[33] A. H. Hore: Eighteen Centuries of Orthodox Greek Church, James Parker, 1899, p. 288.
[34] Frend, op. cit., p. 155.
[35] Zacharia, op. cit., I, p. 155.
وقد اتصل هذا الموظف بالبابا ديسقوروس محاولاً أن ينتزع توقيعه على تعريف الإيمان الخلقيدوني، كشرط لإعادته إلى كرسيه (انظر صفحة ). للإطلاع على رسالة مركيان انظر الوثيقة رقم 481 في (Coleman-Norton, op. cit.)
[36] كان تيموثاؤس قد رُسم قساً بيد البابا كيرلس، وكان يجل البابا ديسقوروس. وقد أطلقت عليه جماعة بروتيريوس لقب ’إيلوروس‘ الذي يعني ’قطة‘ للسخرية منه وذلك بسبب قصر قامته. انظر: (Zacharia, op. cit., I, pp. 169-170).
[37] لأن تيموثاؤس كان بالفعل معارضاً لبروتيريوس قبل ذلك.
[38] Zacharia, op. cit., I, p. 170.
[39] المرجع السابق صفحة 171.
[40] المرجع السابق صفحة 171.
[41] Evagrius, op. cit., bk. II, 8 in PG. LXXXVI, 2524-A.
ويذكر فرند أن يوم 28 مارس عام 457م الذي يوافق يوم خميس العهد كان هو يوم موت بروتيريوس، ولكن هذا لا يتفق مع عرض زكريا المؤرخ إذ بالنسبة لما ذكره لابد أن يكون تاريخ الوفاة بعد عيد القيامة. انظر (Frend, op. cit., and Zacharia, II, p. 170).
[42] تقع ثراكيا على الشاطئ الجنوبي الغربي للبحر الأسود، وكانت تعتبر منطقة حدودية للإمبراطورية، لذا كان يجب حمايتها على الدوام من غزو البربر. وكان ليو رئيس ربع في الجيش الذي يتمركز هناك.
[43] Evagrius, II, 8 in PG. LXXXVI, 2524-B – 2525-C.
[44] للإطلاع على خطاب البابا تيموثاؤس انظر (Zacharia, op. cit., I, pp. 175-78)
[45] للإطلاع على نشرة الإمبراطور ليو انظر:
(Evagrius, in PG. LXXXVI, 2528-A – 2529-B)
وهذه النشرة هي الوثيقة رقم 495 في (Coleman-Norton, op. cit.).
[46] Zacharia, op. cit., I, p. 178.
[47] سيدا هي المدينة الرئيسة في بامفيليا.
[48] إتخذ التقليد الخلقيدونى من استطلاع الرأي الذي قام به الإمبراطور ليو دليلاً على قبول الشرق المسيحي لمجمع خلقيدونية وتصديقه عليه، وهذا هو ما أشار إليه الإمبراطور جوستينيان فى خطابه إلى مجمع عام 553م. وفى أيامنا هذه، يتمسك كل من شارلز موللر (Charles Moeller) وكونيداريس (G. Konidaris) بنفس هذا الرأي. انظر:
(essay on Le Chalcedonisme et le neochalcedonisme … in Das Konzil von Chalkedon, and The Greek Orthodox Theological Review, vol. X, no. 2)
[49] عندما رأوا أن البابا تيموثاؤس يمكنه أن يواصل معارضته لخلقيدونية من غنغرا، تم نقله إلى مكان أكثر بعداً، حيث يقول زكريا أنه كان مكاناً يسكنه البربر. انظر (op. cit., I, 184)
[50] Zacharia, op. cit., I, p. 181.
[51] بريتوس (Berytus) هي نفسها بيروت (Beirut) في الأزمنة المعاصرة.
[52] Zacharia, op. cit.
[53] الكلمة تعني حرفياً غطاء الرأس المتأرجح (Wobble cap).
[54] Zacharia, op. cit., I, p. 183.
* البابا السابع والعشرون في عداد بطاركة الإسكندرية