آبائياتأبحاث

المقالة1 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة1 ج2 - السجود والعبادة بالروح والحق ج1 - ق. كيرلس الاسكنري - د. جورج عوض إبراهيم

المقالة1 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة1 ج2 - السجود والعبادة بالروح والحق ج1 - ق. كيرلس الاسكنري - د. جورج عوض إبراهيم
المقالة1 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة الأولى

حول “سقوط الإنسان وأسره في الخطية وعن دعوته وعن رجوعه بالتوبة وعن ارتفاعه إلى الحياة الفُضلى”

 

بلاديوس: هكذا هو الأمر بالفعل.

كيرلس: كانت الحاجة إذن، إلى التربية باستخدام أسلوب الأمثال، إذ كانوا أطفالاً، ولكي أشرح لك ما أقصده أشير إلى إنهم كانوا في احتياج إلى طعام أكثر ليونة، وليس إلى الكلمة التي تُوجّههم نحو الكمال والتي تقودهم نحو النضوج. هكذا كان الإسرائيليون عديمي الرؤية متساهلين تجاه أية شهوة. لأنه لو فحصت سلوكياتهم ومحاولاتهم للوصول للكمال، بأي معيار، سوف نجدهم غير مستحقين ولا حتى للظلال. هذا ما قد أظهره موسى. لأنه، حينما صعد موسى إلى الجبل بأمر الله، ليستلم الناموس، انجرفوا مباشرًة نحو العصيان وصنعوا عجلاً متجرئين في تعاسة ليقولوا: ” هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر[1]. بسبب هذه التجاوزات الخطيرة، غضب موسى وكسر لوحىّ الشريعة وأدانهم. هؤلاء الذين لهم عقل ضال لا يستحقون ولا حتى لظلال أو أمثلة، ولا لأية تربية من قِبل الله. فهم قد نسوا المعجزات الكثيرة التي صنعتها القوة الإلهية لأجلهم، وتذكروا العبادة الوثنية في مصر ونسبوا تقواهم إلى العجل. ووقتذاك سُطر الناموس بيد الله للأقدمين على ألواح حجرية كما هو مكتوب، وهذه الأمور كانت مثالاً لكل ما يحدث لنا نحن الذين نؤمن بالمسيح. كأن الله قد كتب داخلنا معرفة إرادته بواسطة الابن بنعمة الروح. لأنه هكذا يدعوه على فم داود قائلاً: ” لساني قلم كاتب ماهر[2] أي أن قلم الآب، أي الابن قد كتب داخل قلوب الجميع معرفة كل صلاح، وذلك بأصبع الله وبواسطة روح الآب، وقد دُعى روح الله ” أُصبع ” قائلاً: ” إن كنت بروح الله أخرج الشياطين [3]، وفي مكان آخر ” إن كنت بأصبع الله أخرج الشياطين[4]. وقد دعانا بولس في رسالته الروحية قائلاً: ” أنتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا معروفة ومقروءة من جميع الناس. ظاهرين أنكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي. لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحمية [5].

بلاديوس: أوافق بالتأكيد على أن كل ما يخص الناموس هو نماذج وظلال. فلنكمل حديثنا إذًا، ولندرك بالتفصيل وبكل دقة كل ما قد شُرّع في شكل مثال، ودعنا نفحص بحرص شديد كل جانب من جوانب هذه الحقيقة البديعة، لأنه حينئذِِ فقط سيزول كل غموض حول أسرار العبادة الروحية.

كيرلس: ولكنى أصرح لك يا صديقي المتفكر في هذه الأمور، أنه قد تملكني خوف بالغ، وإني أتردد كثيرًا جدًا تجاه هذا العمل، لإني أعتقد أنه لن تكون هذه الأمور السامية مفهومة لدينا إذ هي تفوق أفكار البشر. ويجب علينا ونحن نُفسر مفاهيم الناموس العميقة، أن نقول ” مَن هو حكيم حتى يفهم هذه الأمور وفهيم حتى يعرفها [6].

بلاديوس: يا عزيزى، هذا العمل ليس سهلاً، لكن المسيح يقول: ” اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم “[7].

كيرلس: إذن دعنا نلتزم بما قلناه، ونتقدم لنفحص كل هذه الأمور التي تفيدنا، وقبل كل شيء فلنوجه صلاتنا نحو الله قائلين: ” اكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك [8]. ولنبدأ حديثنا أولاً بأن نتكلم عن انحراف الإنسان وسقوطه في الخطية، وعبوديته وأسره بواسطة عدو الخير، وكيف كان هذا وبأية طريقة تمت هذه الأمور، ممن كانوا قبلنا، وكيف تسللت إلينا. ختامًا يجب أن نتساءل كيف يمكن أن نبتعد عن الشر، حتى يتحرر كاهلنا من نير العبودية ونصعد ثانية إلى رتبتنا الأولى، ونتمتع بخلاص الله وقوته. لأن حديثنا بهذه الطريقة المناسبة سيساعدنا فيما سنتحدث عنه بعد ذلك.

بلاديوس: حسنًا تفكر.

كيرلس: إذن، لكي نستطيع أن نثمر لله ونقدم ذبائح روحية، بمعنى أن نجاهد بشجاعة ونشتهي حياة الفضيلة، وهذا بالتأكيد لا يمكن أن يتوافق مع أولئك الذين لم يتخلصوا بعد من العبودية والانسياق إلى الشهوات، لكنه يتوافق مع هؤلاء الذين حلّقت عقولهم نحو الحرية، ورفضوا حيل الشيطان وخداعه.

بلاديوس: أتفق معك إذ أنك تفكر بالصواب.

كيرلس: إذن فقد قبلنا، أن الإنسان منذ البداية، قد خُلق وفكره يسمو فوق الخطايا والشهوات، لكنه لم يكن مُحصنًا تمامًا من الانحراف في اختياراته. لأن الخالق الأعظم للجميع، قد رأي حسنًا أن يترك الإنسان لإرادته المستنيرة ويسمح له أن يعمل ما يفكر فيه، وذلك بدافع نفسه فقط. بمعنى أن الفضيلة كان يجب أن تُتمم اختياريًا وليس كأمر إجباري، وأيضًا ألا تكون الفضيلة موجودة بدون تغيير في صفات الطبيعة البشرية، لأن الثبات خاصية الجوهر الإلهي الذي هو فوق الكل ويفوق كل الأشياء. فالله قد خلق الإنسان ذلك الكائن الحي بطبيعة خاصة به كإنسان، مانحًا إياه غنى التشبه به. إذ قد رُسمت في الطبيعة البشرية صورة الطبيعة الإلهية بنفخة الروح القدس. وحيث إن الله هو الحياة ـ بحسب الطبيعة ـ لذلك فهو يعطى نسمة الحياة.

بلاديوس: إذن، بناء على ذلك فإن نفس الإنسان قد صارت روحًا إلهية!!

كيرلس: ألا يكون التفكير بهذه الطريقة غير منطقي بالمرة؟! لأنه حسب هذا التفكير ستكون النفس غير متغيرة، والواقع أنها متغيرة، ومن المؤكد أن الروح لا يتغير. وإذا كانت النفس قابلة للتغيير، فحينئذ سيوّجه الاتهام بالتغيير إلى الطبيعة الإلهية نفسها، لأن الروح هو من طبيعة الله الآب والابن وواحد معهما في الجوهر، وهو يُعطى من الآب بالابن. وبالتالى فإنه من غير الصواب أن يعتقد المرء أن الروح قد تغير إلى نفس، ووُضِع في طبيعة الإنسان. على العكس فإن نفس الإنسان قد أخذت قوة فائقة الوصف وزُينت من أول لحظة بعطية الروح. فأنه لا توجد طريقة أخرى نستطيع بها أن نكتسب جمال الصورة الإلهية.

بلاديوس: حسنًا تتكلم.

كيرلس: طالما أن الله قد زين الإنسان الذي خلقه بهذه الطريقة، فقد منحه القدرة أن يعيش في الفردوس. لكن بسبب أنه كان يليق لهذا الإنسان المُزين والمتوج بالخيرات السماوية الوفيرة أن لا يُترك فيُخدع بسهولة ويسقط في الكبرياء، متجاهلاً أسلوب الخضوع للأوامر، وأنه يوجد ضابط للعبيد (لأن السهولة الكبيرة في اقتناء المجد أو الحرية بلا ضابط تقود نحو شهوة الكبرياء الملعونة)، لذلك أُعطى (للإنسان) قانون ضبط النفس (الإمساك) كوسيلة أمان، حتى لا يُقاد إلى تجاهل السيد، ويكون مدعوًا دائمًا لتذكر ذاك الذي أعطاه الوصايا، كسيد له، هكذا يعرف بكل وضوح أنه كان خاضعًا لنواميس سيده. لكن لم يهدأ ذاك الوحش الشرير والمحارب لله.

بلاديوس: أظن أنك تقصد الشيطان الذي سقط كالبرق من أعلى السموات[9]، لأنه اختار التفكير الطفولي إذ أراد أن يكون إلهًا، وتخيل أنه كان يملك كل ما هو فوق طبيعته.

كيرلس: بالصواب تكلمت. لأنه في الحقيقة، إذ هو مُبتدع وأب للخطية والفساد، لم يرد أن يترك الإنسان بلا منغصات، ساعيًا فيما بعد بتغريرات وحيل ليدفعه نحو العصيان، مستخدمًا في خداعه المرأة كأداة له، وهو دائمًا يدفعنا نحو الخطية، واللذات التي تصاحبنا وتسكن في داخلنا، والتي من بينها لذة اشتهاء المرأة. ومرات كثيرة يسرع العقل، بتأثير اللذات نحو الأمر الذي لا يريده. إذن فهذا الذي حدث مع آدم بطريقة مادية ومحسوسة، من الممكن أن يحدث ذهنيًا وبطريقة غير محسوسة مع كل واحد منا، حيث تظهر أمام العقل، الشهوة التي تبهره وتجذبه تدريجيًا نحو الاعتقاد بأن مخالفة الناموس ليست أمرًا خطيرًا على الإطلاق. ويؤكد على هذا تلميذ المسيح حين يقول:” لا يقل أحد إذا جُرب إني أُجرب من قِبل الله. لأن الله غير مُجرب بالشرور وهو لا يجرب أحدًا ولكن كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته. ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية والخطية إذا كملت تنتج موتًا[10].

بلاديوس: وأنا أعتقد أن الافتقار لمواهب الله ليس هو شيء آخر إلا البعد عن كل صلاح. حيث يمكن أن تسقط الطبيعة البشرية بسهولة ويسر، في مرض الانحراف والأمور غير اللائقة، إن لم تسمو بالفضيلة وبنعمة مخلصها، وإن لم تهتم بالصالحات التي من السماء، وأيضًا بالصلاح الذي من داخل النفس ذاتها.

كيرلس: حسنًا تكلمت، وإني أتفق معك بالطبع فيما تقول. لأن الخبز الحى أي كلمة الله يشبعنا روحيًا. لأنه مكتوب ” الخبز الحى يسند قلب الإنسان [11]. هذا (الخبز) يُحررنا من العبودية والشهوات، ويُزين نفوسنا ببهاء الحرية. لكن لو أن الله كف يده أو توقف عن أن يمنحنا هذا الصلاح، فإننا بالضرورة سنسقط في الشرور غير المرغوبة، ونفتقر إلى الفضيلة، ونتحمل كل ما يقع على عاتقنا بسبب فعل كل ما هو ضد الفضيلة. ونصل لمثل هذه الدرجة من الشرور والطمع، لدرجة أننا نخاطر بفقدان الضمير الذي يعضدنا في اكتساب كل صلاح. ويتضح من ذلك أن قلب ذاك الذي سقط يكون فارغًا تمامًا من الحكمة الإلهية، ومُنقادًا إلى الهوان من قِبل الشيطان، ويخضع بسهولة لوضاعته وعصيانه.

بلاديوس: هل ستستعرض كيف حدث كل هذا؟ أم سوف تترك هذه الأمور تتأرجح وسط أفكار هائمة. لإني سوف أعطى الدليل وبقدر الاستطاعة، من خلال كل ما حدث للأقدمين وأعرضه بشكل مفهوم. وذلك سيحدث لأن كل ما ستتعرض له بالتأمل الدقيق من أمور هامة محسوسة ومنظورة، سيصبح بالنسبة لنا صورًا صافية وواضحة. إذ أنه مكتوب عن أبينا إبراهيم “ وحدث جوع في الأرض. فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك، لأن الجوع في الأرض كان شديدًا[12]. إبراهيم ترك أرضه المحبوبة والمولود فيها، وهاجر إلى أخرى أظهرها له الله. لأنه يقول “ اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك[13]. وعندما تفاقم الجوع مسببًا أضرارًا، وكان من المستحيل أن يتجنبه، اضطر بدون إرادته، أن يذهب إلى مصر. ولم يذهب إلى هناك ليسكن على الدوام، لكن ذهب إليها كغريب.

بلاديوس: لكن ما معنى هذا؟

كيرلس: هذا الحدث يُعبّر بطريقة رائعة عن الأمور غير الواضحة.

بلاديوس: بأية طريقة؟

كيرلس: لقد اشتكى الله عصيان اليهود قائلاً: ” هوذا أيام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعًا في الأرض لا جوعًا للخبز ولا عطشًا للماء بل لاستماع كلمات الرب. فيجولون من بحر إلى بحر ومن الشمال إلى المشرق يتطوحون ليطلبوا كلمة الرب فلا يجدونها[14].

إذن يا صديقي، هل هؤلاء الذين عانوا من مثل هذا الجوع، وفقدوا نعمة الحياة في الفضيلة وليس لديهم أطعمة من السماء، من فوق، إذ يضطرون أن يُغّيروا طريقة تفكيرهم إلى نوع من الترحال والتجوال، حيث اللهث وراء السيئات، وإبعاد الذهن بطريقة ما عن الثبات على الدوام في الفضيلة، إذ ينحدر (الذهن) إلى نية وإرادة أخرى لا تخضع لله، لكن لإرادة الشيطان؟ لإني أعتقد ـ وهذا ما يستطيع المرء أن يدركه ـ أن فرعون رئيس المصريين هو صورة ومثال لأبو الخطية وملكها ـ الشيطان الذي هو أول مَن أدخلها إلى العالم. وهو لم يترك أية طريقة لم يستخدمها ليضلل بها الناس.

بلاديوس: وما هو الأمر الذي جلب الحزن لأبرام الطوباوى، من بداية وصوله في أرض مصر؟

كيرلس: لقد أحزنه أمر حزنًا شديدًا جدًا. عندما كان على وشك أن يتعرض لأعظم شر. يمكنك أن تعرف ذلك الأمر بسهولة من الكتاب المقدس الذي يقول: ” فحدث لمّا دخل ابرام إلى مصر أن المصريين رأوا المرأة أنها حسنة جدًا. ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون فأُخذت المرأة إلى بيت فرعون[15]. انتبه إذن يا صديقي كيف أنه كان على وشك أن يفقد امرأته.

بلاديوس: أمر مؤسف حقًا ويجلب حزنًا عميقًا.

كيرلس: هذا يمكن أن يحدث لنا روحيًا. كما أنه يحدث لهؤلاء الذين يتركون مسكنهم وعالمهم المحبوب جدًا، وهكذا فإنهم ينحدرون إلى السيئات، خاضعين لإرادة الشيطان والقوات المضادة الشريرة التي تحاصرهم بالخوف من كل جانب وبكل طريقة، هكذا يبتعدون عن الفضيلة. ولو رأت هذه القوات الشيطانية شخصًا من الخاضعين لها لديه مفاهيم ثابتة وقوية، فإنها تحاول ربطه وقيده بأفكارهم، لكي يتكبل في شراكها، وبدلاً من أن يثمر لله يزرع حسكًا للشيطان. لأنه مكتوب “وطعامها مُسمن[16]، وكأنهم قد فتنوا عقل مَن صار أسيرًا لهم، ولذلك نراه ينزلق نحو هذه الأمور الشريرة، فلا يصبو بهمة نحو الحرية، ولا يحاول تحطيم قيود العبودية. أحيانًا أخرى يجلبون للبشر ملذات أرضية ويشبعونهم من كثرة الرغبات العديمة النفع، كما حدث تمامًا لأبرام الطوباوى مع رؤساء المصريين، الذين لاطفوه بكرم مقدمين له الهدايا، قاصدين أن يبعدوا عنه الحزن العظيم، بسبب فقده رفيقة حياته، إذ أنه واضح جدًا أن ما قدموه له كان بسبب سارة ” وصار له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأتن وجمال[17]. أي أن الشيطان يغرينا بالأمور الوقتية، ويحرمنا من حرية الثمر والتجديد، وبقوته الشريرة وجشعه وإباحيته ووضاعته يُغوى عقولنا ويخدعنا بالتمتع بالأرضيات. وقد وصل الشيطان لدرجة من الجنون حتى أنه جرب المسيح نفسه. لأنه يقول: ” ثم أصعده إبليس إلى جبل عالِِ وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له إبليس لك أعطى هذا السلطان كله ومجدهن لأنه إلىّ قد دفع وأنا أعطيه لمن أريد، فإن سجدت أمامى يكون لك الجميع [18].

بلاديوس: معك الحق، لكن أخبرنى من فضلك، هل يخرج مَن تحدث لهم مثل هذه الأمور، بفائدة ما؟

كيرلس: يا عزيزى إن نعمة الله لن تتخلى عن الذهن الذي يمرض بتأثير خداع الشيطان، لكنها تدافع عن ذاك الذي لا يستطيع الدفاع عن نفسه وتحرره. وهذا هو ما صار لأبى الآباء؛ أبرام. فعندما ضجّر البار، ولم يستطع أن يفعل شيئًا بالمرة، تدخل الله في الوسط وحرّر المرأة من إباحية المصريين لأنه يقول “ فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب سارة امرأة إبراهيم [19]. وهكذا حفظ فورًا زوجة البار من الإهانة. وبالمثل فإن الله وحده يستطيع أن يُحرر الذهن من قبضة الشيطان، بعد أن كان الشيطان قد صيّره أسيرًا، ويرد الإنسان مرة أخرى إلى كرامته ورتبته الأولى.

بلاديوس: أي أننا عندما نُحرم من الخيرات السماوية، ننحدر مرات كثيرة إلى السيئات والأمور القبيحة.

كيرلس: هذا ما أراه أنا أيضًا.

بلاديوس: لكن على أي حال، فإن الله بمحبته للبشر، لا يتركنا نسقط في أي من هذه الأمور الشريرة.

كيرلس: يا صديقي إن الله بمحبته للبشر يريد هذا ويفعله. لأن صلاحه سيكون قليلاً، ومحبته للفضيلة لا تكون كثيرة، لو لم تكن هذه هي مبادرته لأجلنا. ونحن المُستعبدون لشهواتنا، نثير غضب الرب علينا، بسبب وجود فكر ضعيف في داخلنا. ألا تسمع ما نادى به بواسطة الأنبياء القديسين   ” لذلك هكذا قال الرب هاأنذا جاعل لهذا الشعب معثرات فيعثر بها الآباء والأبناء معًا. الجار وصاحبه يبيدان[20]. وبولس الحكيم أيضًا يقول: ” وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق[21]. وهذا يقوله إشعياء العظيم بكل وضوح نائبًا عن الإسرائيليين، أي الذين انزلقوا في خطاياهم ” ها أنت سخطت إذ أخطأنا[22].

17 خر 4:32

18 مز 1:45

19 مت 27:12

20 لو 20:11

21 2كو 2:3ـ3

22 هوشع10:14

23 مت7:7

24 مز18:119

25 لو 18:10

26 يع 13:1ـ15

27 مز 15:104

28 تك10:12

29 تك1:12

30 عاموس11:8ـ12

31 تك14:12ـ15

32 حب16:1

33 تك16:12

34 لو5:4ـ7

35 تك17:12

36 إرميا 21:6

37 رو28:1

38 إش5:64

المقالة1 ج2 – السجود والعبادة ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)