آبائياتأبحاث

المقالة1 ج7 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة1 ج7 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة1 ج7 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة1 ج7 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم
المقالة1 ج7 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة الأولى

حول “سقوط الإنسان وأسره في الخطية وعن دعوته وعن رجوعه بالتوبة وعن ارتفاعه إلى الحياة الفُضلى”

 

 

بلاديوس: مَن هم أولئك الذين يقدمون ذبائح في أرض الشرير؟ ومَن هم أيضًا الذين يذبحون خارج هذه الأرض؟

كيرلس: أولئك الذين لم يخرجوا بعد من أرض المصريين، والذين مازالوا يقدمون ذبائح إلى الله داخل هذه الأرض، هم كثيرون جدًا وبلا حصر، بينما هؤلاء الذين هم خارج مصر أى داخل الصحراء هم قليلون جدًا ومختارون لأنه يقول: ” كثيرون هم يُدّعون وقليلون يُنتخبون[51]. فكُلنا قد دُعينا إلى الحرية بواسطة إيماننا بالمسيح، وقد افتدينا من الشيطان الطاغية والمسيح يقودنا إلى هذه الحرية، ولقد كان موسى وهارون مثالاً سابقًا للمسيح، حتى تدرك يا بلاديوس أن عمانوئيل حسب التدبير، هو المشرع ورئيس الكهنة والرسول. لكن مازالت الأكثرية من المدعوين تعيش في الأمور العتيقة والشريرة مبتعدين بسبب أفكارهم العالمية عن الحق غير عابدين الله في نقاوة وإيمان. هؤلاء هم الذين يمكن ان تقول عنهم أنهم ابتعدوا قليلاً، لكنهم مازالوا يذبحون في مصر، لأن فرعون القاسى القلب قال لهم ” لا تذهبوا بعيدًا “، حتى لو خرجتم من أرض المصريين. أما أولئك الذين يريدون أن يكونوا مرضيين تمامًا عند الله بالانتقال التام إلى الصلاح، فهؤلاء يتخلصون مرة واحدة ودائمًا من ضلال العالم، فيخرجون خارجًا من مصر، ويهربون من يد الطاغية، وكما في صحراء، يقدمون ذبائح لله بطهارة: هؤلاء هم أنقياء بالفعل ويعيشون في حياة السكينة والهدوء. ويمكننى أن أقول ذلك بطريقة أخرى، وأؤكد على هؤلاء الذين يتأهبون للسير في طريق الحق، والذين دعوا لمعرفة ذلك الذي هو بالطبيعة الله، هؤلاء يجب أن يرحلوا بعيدًا عن أرض العبودية التي فيها تُعبد الخليقة دون الخالق. أى أن الذين لم تَخْلُص أذهانهم تمامًا من بقايا الخداع القديم، والبعض منهم لم يخرجوا تمامًا من أرض مصر وهم يحفظون أيامًا وشهورًا وأوقاتًا وسنينًا، هؤلاء بالرغم من أنهم قد دُعُوا بواسطة المسيح إلى الحرية، إلاّ أنهم بسبب سكنهم في أرض المصريين، فإنهم لا يذبحون لله، ممسكين بكل الأمور التي تُسرّ الشيطان. أما مَن يخرج تمامًا من أرض العبودية وقد تخلّص كلية من العادات القديمة، فإنه يذبح للرب في الصحراء ويحيا حياة تستحق كل الثناء.

بلاديوس: أوافقك على كل فكرك الصحيح هذا، ودعنا نستمر في الحديث.

كيرلس: لقد كذب فرعون وتنكر لوعده بأن ترك الإسرائيليين ليرحلوا. بعد ذلك ضُرِبَ ثلاث ضربات أخرى جعلته يوافق قائلاً: إنه سيتركهم. لكنه هنا قد أُمسك ثانيةً وهو يقول الأكاذيب، لأنه وفق كلام المخلص” إنه كذاب وأبو الكذب[52]، وبعد ذلك هدد الله المصريين وألقى عليهم بردًا شديدًا وجرادًا (يدمر الحقول). عندئذِِ رفع موسى وهارون ـ هؤلاء المدافعين الأشداء ضد شر فرعون ـ صوتهم قائلين له بقوة ” إلى متى يكون لنا هذا فخًا. اطلق الرجال ليعبدوا إلههم أما تعلم بعد أن مصر قد خرُبت [53]. ومن هنا يجول بخاطرى، أنه ربما يكون الشيطان في حالات معينة هو الأقوى من بين قوات السلاطين. حيث إنه يتفاخر بنصره، لأن قواته ـ كما هو ظاهر ـ صلبة وقاسية بما لا يُقارن، وهو لا يقيم وزنًا للغضب الإلهي، فحوشيته فائقة وقسوته لا نهاية لها، لأنه مكتوب ” قلبه صلب كالحجر وقاسِِ كالرحى“. وحينما علت الأصوات أمام فرعون ـ مطالبة بالحرية ـ قال لأصحاب موسى ” اذهبوا اعبدوا الرب إلهكم لكن مَن ومَن هم الذين يذهبون ” وقال موسى نذهب بفتياننا وشيوخنا. نذهب ببنينا وبناتنا بغنمنا وبقرنا لأن لنا عيدًا للرب. فقال لهما ويكون الرب معكم الرب هكذا كما أطلقكم وأولادكم. أنظروا إن قدام وجوهكم شرًا. ليس هكذا اذهبوا أنتم الرجال واعبدوا الرب لأنكم لهذا طالبون[54]. فكر إذن يا عزيزى، كيف أن ما قاله موسى كان حسنًا جدًا، عندما أصّر على الرحيل هو وكل شعبه، وكيف أن فرعون لم يقبل ذلك، لكنه قال إنه يجب أن يُترك البعض كرهائن في مصر حتى يضمن رجوع الذين سيذهبون إلى الصحراء، كما قال إنه يجب أن تظل كل مؤنهم في مصر، وأمر أن يذهب فقط الشباب والرجال. غير أن موسى كليم الله أصرّ على أن يخرج معه الجميع بدون أن يُترك هناك أحد، وأن يذهب معه كل الشباب والشيوخ، الأبناء والبنات، وقطعان البقر والحيوانات الأخرى. أى يجب على المهتمين بالحصول على الحرية الحقيقية، والخلاص من شرور العالم بإرادتهم، والسلوك في طريق الفضيلة، ألاّ يتركوا ولو بقية صغيرة جدًا من ذواتهم وأفكارهم بدون أن تتحرر، حتى لا يخضعوا ثانية بواسطتها تحت سلطان الشرير. والوصايا الإلهية، تدعو الفتيان والفتيات والشيوخ مع الشباب لفعل هذا أيضًا وذلك في المزمور (12:148). ويمكننا أن نفهم مراحل العمر بطريقة روحية في المسيح. فلهؤلاء وجَّه يوحنا العظيم قائلاً ” أكتب إليكم أيها الأولاد لأنكم قد عرفتم الآب. كتبت إليكم أيها الآباء لأنكم قد عرفتم الذي من البدء. كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير[55]. حيث يمكن أن نفهم مراحل العمر هكذا: الأحداث يرمزون للشهامة والرجولة، الشيوخ للحكمة، والأولاد والبنات يرمزون إلى الفكر البسيط. لأنه بالرجولة والحكمة والبساطة بحسب الله ننتقل من الخطية إلى حياة القداسة، لأنه يقول:” لتتشدد ولتتشجع قلوبكم يا جميع المنتظرين الرب[56]. وأيضًا ” كونوا حكماء كالحيات بُسطاء كالحمام[57]. ويقول موسى أن يأخذوا معهم الأغنام والأبقار، فإنى أعتقد أن هذا يشير إلى أنه لا يجب أن نترك للشيطان ولا حتى أعضائنا الجسدية التي لا تشترك في عملية التفكير. إذ أن بولس العظيم يكتب:” لأنه كما قدمتم أعضاءكم عبيدًا للنجاسة والإثم هكذا الآن قدموا أعضائكم عبيدًا للبر للقداسة [58].

 بلاديوس: لكن لأي سبب أراد فرعون أن يترك الشباب والناضجين ليرحلوا، بينما أراد أن يحتفظ بالآخرين؟

كيرلس: وماذا تقصد بالآخرين الذين يبقون في مصر؟

بلاديوس: كانوا ـ على ما أعتقد ـ نساءً وأولادًا صغارًا والمرضى والعجائز وحيوانات وممتلكات أخرى.

كيرلس: وكيف لا تفكر مباشرةً في معنى بقاء هؤلاء بالذات في مصر؟

بلاديوس: عمَن تريد أن تتحدث؟

كيرلس: إن (الشيطان) يعتبر أولئك المملوءين حيوية ونشاطًا ولديهم استعدادٌ قوي لحياة التقوى، يعتبرهم مزعجين له، لأنه يريد أن يتخلص ممَن يمكنهم أن يقاوموه، إذ لديهم القدرة على الرد والدفاع عن ذواتهم عندما يقع عليهم الظلم حسب المكتوب ” قاوموا إبليس فيهرب منكم[59]. وعلى العكس من هذا، فإنه أراد أن يُبقى أولئك الذين ليس في طبيعتهم تلك الحيوية وذلك النشاط، بل هم يميلون في سلوكهم للرخاوة والتنعم، الذي ينم عن الضعف والعجز. وتشير الأبقار والأغنام السمينة وغير العاقلة التي أراد فرعون أن يبقيها في مصر إلى هؤلاء الذين ذكرنا أنهم يسلكون في رخاوة وتنعم.

بلاديوس: حسنًا، بالصواب تتحدث.

كيرلس: غير أن فرعون صاحب الرأس العنيد لم يوفِ بوعوده، إذ أنه بسبب هجوم الجراد الذي ـ كما تقول الكلمة ـ أكل كل شئ في الأرض، دعا موسى، وهارون وقال لهما: ” اذهبوا اعبدوا الرب. غير أن غنمكم وبقركم تبقى، أولادكم أيضًا تذهب معكم. فقال موسى أنت تعطى أيضًا في أيدينا ذبائح ومحرقات لنصنعها للرب إلهنا. فتذهب مواشينا أيضًا معنا. لا يبقى ظلف. لأننا منها نأخذ لعبادة الرب إلهنا. ونحن لا نعرف بماذا نعبد الرب حتى نأتى إلى هناك [60].

بلاديوس: وماذا يمكن أن نفهم من حديث موسى الحكيم؟ أو إلى أى شئ ترمز هذه الأشياء التي ستخرج من مصر ويطلقها فرعون ثم تخصص لله؟

كيرلس: الكلام واضح يا صديقى، إن مَن يقاوم ويحارب أولئك الذين يريدون أن يكونوا أنقياء، يريد أن يحتفظ ولو بجزء بسيط منهم تحت سيطرته، حتى لو ظل الباقى خارج قبضته. وغير ذلك فإن الوصية الإلهية تعلمنا بأن الحرية يجب أن تشمل الإنسان كله، فلا يُترك في قبضة الشيطان ولو جزء صغير جدًا من النفس أو حتى أي دافع لأي عمل جسدي. بل بالحري يجب أن نقدم لله كل ما هو حسن وفائق في هذه الحياة. لأن هذا ما تعنيه أن يأخذوا الحيوانات معهم من مصر ويذبحونها لله في الصحراء. ألم يكن هذا هو ما فعله هؤلاء الذين بحكمة العالم، كانوا يقاومون عقائدنا الإلهية، مستخدمين حكمة الكلام المبهر، والمعرفة التي تسبب مرارة النفس، وهم في ذلك كله يظنون أنهم يقدمون عبادة عقلية لله؟ ولأن ” كل حكمة هي من الله [61] كما هو مكتوب، فإننا نقول إن الشعراء والفلاسفة اليونانيين وصلوا لهذه الفصاحة بروح العالم وليس عن طريق الحكمة الإلهية. ولهذا يقول بولس العظيم ” ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله. التي نتكلم بها أيضًا لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل بما يُعلمه الروح القدس[62]. وفي الحقيقة إن موسى عندما قال إن الإله الحقيقى لا يحتقر ما نقدمه له من أشياء ثمينة من هذا العالم، كان لا يزال تحت ظلال العهد القديم، ولهذا لم يبين ما قاله بوضوح، بل تكلم عنه بالرمز. لأنه عندما أمر الله بأن يسلب الإسرائيليون أشياء من المصريين، قال إنه يجب أن يأخذوا من جيرانهم مصنوعات ذهبية وفضية، ولقد أتم نساؤهم هذا الأمر باقتدار، حيث تميزن بكثرة الكلام المقنع وابتداع الحيل مع النساء المصريات. إن الأواني الذهبية والفضية التي كانت للمصريين، يمكن أن تمثل، كما قُلت من قبل سبب فخر لبعض الأشخاص، بالرغم من أنهم يعرفون الإله الحقيقى. ويمكننى أن أكرر ثانية ما يأتى: إن نشاط الفكر والنفس والميل نحو كل صلاح، هي عناصر مشتركة لجميع الناس، لكن أولئك الذين يستخدمون هذه المميزات الطبيعية، استخدامًا حسنًا يحققون حياة مُشرقة وفائقة، بينما أولئك الذين لا يستخدمون هذه المميزات ينحرفون تمامًا عن جهل إلى كل ما لا يليق، ويُظهِرون ـ بطريقة ما ـ كيف أن خيرات الطبيعة يمكن أن تستخدم بطريقة غير حسنة. أى أن الشجاعة والحكمة هي حسنة عندما تُستخدم بطريقة سليمة، وأيضًا هي مُضرة عندما لا تستخدم بطريقة جيدة. لأن الشجاعة والحكمة يمكن أن تكونا سببًا لإطراء واستحسان لعمل شخص، وسبب استجهان لعمل شخص آخر. إذ أن كل هذه الأمور هي مشتركة بين الجميع، أى لمن لديهم معرفة الله وأيضًا لمن هم في ضلال عدم معرفته.

إذن عندما نستخدم نحن هذه الصفات في عمل يرضى الله، فإن هذا يشبه ما أُخِذَ من المصريين من خيرات مادية، وأصبح مقدسًا ومقبولاً لدى الله، كالأواني الذهبية التي يتبين أن لها فائدة عظيمة في صنع وتكميل خيمة الاجتماع. وبعد سلب هذه الأشياء من المصريين وموت الأبكار تحرر الإسرائيليون، وذبحوا الحمل كمثال للمسيح. لأنه لم يكن باستطاعتهم أن يحصلوا على الحرية بطريقة أخرى، حيث إن الفداء يتم فقط بالمسيح، والذي منه تنزل كل موهبة صالحة. عندئذِِ رحلوا من مصر في منتصف الليل وتحرروا من الظلمة والعبودية. لأن عبيد الخطية يحبون دائمًا التواجد في الظلمة الذهنية وليس في النور الإلهي، كما يقول المخلص ” كل مَن يعمل السيئات يبغض النور[63]. فأخذوا عجينًا غير مختمر ورحلوا بدون مؤن. لأنه يقول ” وألح المصريون على الشعب ليطلقوهم عاجلاً من الأرض. لأنهم قالوا جميعنا أموات. فحمل الشعب عجينهم قبل أن يختمر ومعاجنهم مصرورة في ثيابهم على أكتافهم[64]. لأنه لا يجب ـ على ما أعتقد ـ على كل مَن يريدون أن يُدعوا إلى الله ويبرهنون على أنه يسكن في داخلهم، أن يأخذوا معهم أى فتات من شرور العالم، وألاّ تكون مؤنهم هي أطعمة غريبة ونجسة. بل خبزًا بلا خميرة، مشتهين الخبز الذي يُحيى العالم. وهؤلاء يعيشون في نقاوة متممين عبادة مقبولة لله، وهكذا يسلكون دائمًا حسب إرادته.

بلاديوس: نستنتج من هذا إذن، أنه يجب على محبي الله والصالحين أن يصلوا إلى الأرض المقدسة، أى إلى مملكة المسيح، متحررين من كل عبودية، مُسرعين لكي يذبحوا لله ليس في أرض الأعداء، حيث تستعبدهم محبة الخطية، لكن بالحري يذبحون وهم على استعداد تام لعمل الفضيلة والسلوك بعيدًا عن كل تسلط الشيطان الطاغى.

كيرلس: هكذا يكون الأمر يا صديقى، ولا تصدق أن الأمر يمكن أن يتم بطريقة أخرى. لقد أفضنا في الشرح، غير أنه من الممكن ـ لو أردت ـ أن نرى الأمر نفسه في موقف آخر، إذ عندما أحزن ساكنى المدينة المقدسة أورشليم مخلص الجميع، إذ كانت لديهم شهوة فعل كل ما هو غير لائق، صاروا مستعبدين للبابليين، الذين أسروهم وجعلوهم عبيدًا رغم إرادتهم. وإذ صاروا عبيدًا انتابهم حزن عظيم، وصاروا ينتحبون على مصائرهم. فأخذوا يسبحون الله في محاولة تخفيف الألم الذي أصابهم، والتقليل من الحزن الذي كانوا يعانون منه قائلين مع داود ” تذكرت الله فامتلأت فرحًا“. فلقد حوّل داود تسبيحه لله إلى عيد روحى، غير أن البعض منهم ظن أنه أمر لا يليق أن يكون هذا التسبيح العذب وتلك الأناشيد الجميلة على مسمع من قوم غرباء لا يقدرونها، إذ كان البابليون يستهزئون عند سماعهم تلك التسابيح. لذلك قالوا ” على أنهار بابل هناك جلسنا وبكينا عندما تذكرنا صهيون[65]. فهناك (فى الهيكل) كانت تُقدم صلوات ذبيحة شكر مصحوبة بآلات وترية ونفخ وموسيقى تخلب عقول هؤلاء الذين يأتون إلى الهيكل المقدس. كل هذا كان يقدم وفق نواميس وعادات اليهود، لكن بسبب أنهم كانوا في عبودية غريبة وثقيلة ومقيدين بشدة، كانوا يقولون منتحبين ” على الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا[66]، معلنين بهذا أنهم توقفوا عن الغناء والتسبيح. فشجرة الصفصاف هي شجرة عقيمة أو بالأحرى شجرة ثمارها ضارة كما قال أحد شعراء اليونان[67]. ظلت إذن آلات الأناشيد بغير استخدام، وفي صراخهم تساءلوا: ” كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة[68]؟ وعندما نقل لهم باروخ كلمات إرميا بكوا، إذ يقول:” فبكوا وصاموا وصلوا أمام الرب. وجمعوا من الفضة قدر ما استطاعت يد كل واحد. وبعثوا إلى أورشليم إلى يواقيم بن حلقيا بن شكوم الكاهن وإلى الكهنة وإلى جميع الشعب الذين معه في أورشليم[69]. وبعد ذلك يقول: “وقالوا إنّا قد أرسلنا إليكم فضة فابتاعوا بالفضة محرقات وذبائح للخطية ولُبانًا واصنعوا تقدمات وقدموها على مذبح الرب إلهنا[70]. لقد ظنوا أنه لا يليق بهم أن يذبحوا، طالما هم خارج الأرض المقدسة ولا هم تحت سلطان الله. حيث كانوا تحت نير وسلطان شخص آخر طاغى. لذلك أسندوا العبادة لهؤلاء الذين كانوا يسكنون في أورشليم، إذ كان يليق بهؤلاء مثل هذه العبادات المقدسة، وفي هذا كانوا يفكرون تفكيرًا سليمًا فيما هو واجب، ويفعلوه. دانيال الحكيم وهو يدرس الكتب المقدسة، مع انه كان أسيرًا معهم، لكنه حاول مع آخرين أن يخفف عنهم هذه الحالة الصعبة. وكيف فعل ذلك؟ إنه صلى ثلاث مرات في اليوم. وإذ كانت الكوة مفتوحة تجاه أورشليم في العلية حيث كان يصلى، كما هو مكتوب[71]، حينئذِِ ظن أن صلاته ستكون مقبولة أمام الله، طالما أنه ابتعد عن الأرض الغريبة والمكروهة، وإن كان ليس بالجسد، أى ابتعد على الأقل بذهنه، وبأعين النفس، ناظرًا نحو تلك الأرض المحبوبة إلى الله، ومتقدمًا ـ وكأنه بطريقة ما ـ داخل الهيكل المقدس نفسه، لكي يقدم صلاته.

بلاديوس: في الواقع كان حديثنا ممتعًا للغاية.

108 مت 14:12

109 يو44:8

110 خر7:10

111 خر 8:10ـ10

112 يو13:2،14

113 مز 24:31

114 مت 10:16

115 رو 19:6

116 يع 7:4

117 خر26:10

118 حكمة ابن سيراخ1:1

119 1كو12:2ـ13

120 يو20:3

121 خر 33:11ـ34

122 مز 1:136ـ2

123 مز 2:136

124 هوميروس: الأوديسا20

125 مز 4:136

126 باروخ5:1ـ7

127 باروخ10:1

128 دانيال1:6.

 

المقالة1 ج7 – السجود والعبادة ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)