آبائياتأبحاث

المقالة2 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم
المقالة2 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة الثانية

كيرلس: بناء على ذلك، هل تظن وتتجرأ أن تقول، إن الله لم يفكر بالصواب في البداية، وكان بطريقة ما قد أخفق من جهة الصلاح الكامل، والآن فقد استطاع أن يجد الأحسن؟ أم هل فضّل عندئذ كل ما كان بالطبع في الظل، لأنه بحسب رأيه ربما كانت هذه الأمور مستمرة وثابتة، ثم بقصد أو “بنية”ما (أجرى) هذا التحديث الذي أتى إلينا، إذ حوّل الدعوة فيما بعد لأمور أخرى، وأعطانا عبادة جديدة، والتي بحسب رأيه لم تكن ضرورية في القديم؟

بلاديوس: لا بالطبع لأن هذا مجرد ثرثرة وبالحرى لم يخطر على بالى فكرة أن الله يمكن أن يفعل خطأ. ولو كان صغير جدًا حاشا لله. لكن كنت أُريد أن أعرف، ما الأسباب التي دعت الله أن يشرع تلك الأمور فى ذلك الوقت للبشر الذين على الأرض، وكذلك هذه الأمور هي السارية علينا الآن.

كيرلس: قولك هذا يجعلنا مضطرين أن نعود إلى الأمور السابقة. ربما لم أقل لك؛ إن الناموس كان مربيًا، أي كان المُعلّم لهؤلاء الذين كانوا لا يزالون أطفالاً، وأُعلن في لغز لهؤلاء الذين لم يستطيعوا بعد أن يفهموا ما هو الصلاح الحقيقى، وما هي إرادة الله وما هو أيضًا المرّضى والكامل عند الله، وكل ما فعله كان واضحًا وبأمثلة محسوسة؟ ستتعلم إذن، نعم ستتعلم، وليس بجهد كثير، لأن طريق العبادة الروحية كان من البداية، ومازال أمرًا مرغوبًا فيه جدًا لدى الله. ولكنه كان صعب المنال لنفوس اليهود ومازال بعيدًا عن متناول أيديهم. لأنه كانت الحاجة إلى كلمة مناسبة للأطفال ودروس بسيطة، وتدبير تربوى هادف لهم بدون أية صعوبة أو ومشقة، لذلك قد شرع الله قديمًا بأمثلة، ولكن أيضًا سبق وأعلن أن العبادة الحقيقية ستتأتى في وقتها وتتحقق، ولذا رفض الذبائح الدموية واكتفى بالظلال، وتصدى لها بواسطة النبي عاموس عندما قال “بغضت كرهت أعيادكم ولست ألتذ باعتكافاتكم. إني إذا قَدَّمتم لي محرقاتكم وتقدماتكم لا أرتضى، وذبائح السلامة من مسمناتكم لا ألتفت إليها. أبعد عنى ضجة أغانيك ونغمة ربابك لا أسمع[1]. وأيضًا بواسطة ميخا النبي الرجل الذي يرغب أن يتعلم بأية طريقة سوف يتحقق الصلاح إذ يقول: “بِمَ أتقدم إلى الرب وأنحني للإله العلى. هل أتقدم بمحرقات بعجول أبناء سنة. هل يُسر الرب بألوف الكباش بربوات أنهار زيت، هل أعطى بِكرى عن معصية ثمرة جسدي عن خطية نفسى[2] وفيما بعد يضيف الآيات التي ترتبط بما سبق وتعتبر امتدادًا لها “قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح. وماذا يطلبه منك الرب إلاّ أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعًا مع إلهك[3].

ثم أليس هذا ما أوضحه المسيح عندما قال “إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني[4]، وأيضًا “إن كان أحد يخدمني فليتبعني وحيث أكون أنا هناك أيضًا يكون خادمي[5]. فالعبادة التي بحسب المسيح، ليست ناموسية بل هي عبادة مقدسة وروحية.

بلاديوس: لقد تكلمت بالصواب حقًا.

كيرلس: وأيضًا يوبخ الإسرائيليين بواسطة إشعياء بأكثر حدة، قائلاً “اسمعوا كلام الرب يا قضاة سدوم. أصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة. لماذا لى كثرة ذبائحكم يقول الرب. أتخمت من محرقات كباش وشحم مسمنات وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسرُّ. حينما تأتون لتظهروا أمامي مَن طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري. لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة. البخور هو مكرهة لي. رأس الشهر والسبت ونداء المحفل، لست أطيق الإثم والاعتكاف. رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي. صارت علىّ ثقلاً[6]. ومن خلال النبي ملاخي يقول أيضًا نفس الأمر ولأناس ممقوتين جدًا ويتذكر الأزمنة التي فيها سيقدم له كل سكان الأرض الذبيحة العقلية، وغير الدموية، والفائقة إذ قال أيضًا الآتي “ليست لي مسرة بكم قال رب الجنود ولا أقبل تقدمة من يدكم. لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها اسمي عظيم بين الأمم وفى كل مكان يُقرب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة لأن اسمي عظيم بين الأمم قال رب الجنود[7]. أعرفت إذن أنه يقول كيف سيقدم له بخور وذبيحة نقية من كل الأمم. وكما دُعي العهد بواسطة المسيح “جديدًا”، هكذا ظهر الأول أنه قديم، وهذا ما كتبه لنا بولس العظيم هنا في (عب 13: 8) قائلاً “ذبيحة طاهرة” سوف تقدم في وقتها من كل أمة، تدين القديمة التي لم تقدم هكذا. إذ كيف ستكون طاهرة هذه (الذبيحة القديمة) التي لا تُطهر ولا تملك قوة التكّمل في الفضيلة؟ لذلك يقول أيضًا الطوباوي بولس، فإنه لو كان ذلك الأول بلا عيب، لما كانت هناك ضرورة لدخول عهد المسيح وطُلب موضع لثانِِ (أنظر عب 7: 8).

بلاديوس: إذن بناء على ذلك، فالعبادة بالظلال كانت تمامًا خارج إرادة الله كُلىّ القداسة؟

كيرلس: بالتأكيد تمامًا. ويمكننا أن نسمع ما يقوله (الله) بوضوح للإسرائيليين بفم إرميا “هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل. ضُموا محرقاتكم إلى ذبائحكم وكلوا لحمًا. لأنى لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة. بل أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً اسمعوا صوتى[8]. طبعًا فيما يتعلق، بالإرادة التامة للمشرع، فعلى الرغم من أنه أعطى من البداية ناموس الظل إلاّ أن العبادة الروحية لم تكن صامتة؛ لكن لأن الأمر عندئذ كان ثقيلاً ولم يكن سهلاً لهؤلاء أن يساعدهم على تحقيق الصلاح الكامل؛ وأقول بل كان قاسيًا وغير محتمل، لهذا قد فُرِضَ الناموس المكتوب كتهذيب مناسب للأطفال، وهو الذي أخذ شكل الحقيقة بحسب التدبير. لكن فضلاً عن ذلك أعلن المشرع (واضع الناموس) لنا بوضوح أنه لم يكن هذا الأمر هو الذي فرّح نفسه كثيرًا جدًا، لكن تطلعاته الكثيرة قد أعطيت لنا في المسيح فيما بعد. ولهذا قال أيضًا: “لذلك أقرضهم بالأنبياء أقتلهم بأقوال فمي والقضاء عليك كنور قد خرج. إنى أريد رحمة لا ذبيحة ومعرفة الله أكثر من محرقات[9]. لأن المحبة نحو الاخوة والتي تكمل الناموس وتقود إلى المعرفة الفائقة للمسيح، هي عند الله أفضل بكثير جدًا من ذبائح العجول والخراف. بواسطة هذه المحبة أيضًا يمكن أن يصير الآب نفسه معروفًا لنا، وهذا الأمر (معرفة الله الآب) هو سبب الحياة الأبدية. ولا توجد أي وسيلة أخرى لهذه الحياة، وذلك كما يقول المسيح لأبيه السماوي “وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته[10]. وحيث إن الحقيقة لا تكذب بتاتًا بأية طريقة، فهل يكون هنا مجال للشك؟

بلاديوس: بالطبع لا يوجد.

كيرلس: ومن حيث إن الإسرائيليين ابتعدوا عنه، إذ رفضوا الإيمان وهكذا لم يعرفوا الإله، لذا يقول بالصواب جدًا، إنهم سوف لا يرجعون إلى الحالة الأولى بأية طريقة أخرى، إلاّ فقط بواسطة المسيح الذي أبطل فرائض الناموس. لأنه أيضًا قد كتب “إن بنى إسرائيل سيقعدون أيامًا كثيرة بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة وبلا تمثال وبلا أفود وترافيم. وبعد ذلك يعود بنى إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب وإلى جوده في آخر الأيام[11]. أي عندما تدخل جموع الأمم، عندئذِِ سيخلص الإسرائيليون بواسطة الإيمان بالمسيح. هنا يذُكر أن المسيح يأتى من نسل وسبط داود. ويؤكد بوضوح بفم يوئيل أن ذبائح الناموس سوف تُبطل إذ قال:” تنطَّقوا ونوحوا أيها الكهنة ولولوا يا خدام المذبح. إدخلوا بيتوا بالمسوح يا خدام إلهي لأنه قد امتنع عن بيت إلهكم التقدمة والسكيب[12]. وأيضًا بواسطة النبي نفسه يقول: “انقطعت التقدمة والسكيب من بيت الرب. ناحت الكهنة خدام الرب[13]. وبخلاف ذلك قد وعد أن خيمة الشهادة نفسها ستختفي من الوسط إذ قال: “ويكون إذ تكثرون وتثمرون في الأرض في تلك الأيام يقول الرب إنهم لا يقولون بعد تابوت عهد الرب ولا يخطر على بال ولا يذكرونه ولا يتعهدونه ولا يُصنع بعد[14]. فطالما أن الذبيحة الشكلية أي الذبيحة الدموية قد تغيرت تمامًا، كان لابد من الضروري أن تُستبعد الخيمة نفسها، إذ أن الحقيقة أي الكنيسة قد بُنيت، وهي التي قال عنها المسيح: “ههنا أسكن لأني اشتهيتها[15]. فطريقة العبادة سوف تتقدم وتتغير نحو الأفضل، أي نحو العبادة الجديدة، عبادة المسيح. وهذا يتضح مما كتبه ملاخي عن الله قائلاً “فيجلس مُمحصًا ومنقيًا للفضة فينقى بنى لاوي ويصفيهم كالذهب والفضة ليكونوا مُقرِّبين للرب تقدمة للبر. فتكون تقدمة يهوذا وأورشليم مرضية للرب كما في أيام القدم وكما في السنين القديمة[16]. يمكنك أن تدرك إذن كيف يقول إنه سيصيرـ بطريقة ما ـ تنقية وإعادة خلق من جديد للكهنوت وللذبائح معًا.

بلاديوس: نعم.

كيرلس: فالتعبيرات الكتابية:” سوف أصفى” و“سوف أنقى” التي تقال على الذهب والصائغ، ألا تقود تفكيرنا إلى هذه المفاهيم؟

بلاديوس: بالتأكيد.

كيرلس: وبالطبع هذا الأمر صار من الممكن تحقيقه بتأنس الكلمة، وقد أكد لنا الله ذلك عندما قال: “ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تُسرّون به هوذا يأتي قال رب الجنود. ومن يحتمل يوم مجيئه ومن يثبت عند ظهوره، لأنه مثل نار الممحص ومثل أشنان القصّار، فيجلس ممحصًا ومنقيًا للفضة[17]. أي يقول إنه سيصير إعادة خلق وتجديد للكهنوت، ويُظهر أن طريقة العبادة، ليست سوى سر المسيح. قال أيضًا بصوت حزقيال لهؤلاء الذين قد دُعُوا للكهنوت: “هم يتقدمون إلىّ ليخدموني ويقفون أمامي ليقربوا لي الشحم والدم يقول السيد الرب، هم يدخلون مقدسي ويتقدمون إلى مائدتي ليخدموني[18]. وبالتالي ألا يمكننا أن نقول إن الشحم والدم وخدمات المائدة تشير إلى سر المسيح؟

بلاديوس: بالصواب تتكلم.

كيرلس: لكن الله أعلن لنا أن الطريقة التي سيتم بموجبها التجديد تعبر عن مسيرة الكل نحو الأفضل، إذ قال “يكون في اليوم الثامن فصاعدًا أن الكهنة يعملون على المذبح محرقاتكم وذبائحكم السلامية فأرضى عنكم يقول السيد الرب[19]. إنه يدعو اليوم الثامن زمن قيامة المخلص والذي فيه ستصير المحرقات أي تقدمة العطايا الروحية مقبولة لدى الله، وأعنى التكريس التام والكامل لله من أولئك الذين آمنوا. وهذا ما يُعلّمه بولس العظيم كاتبًا “فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه[20] وأيضًا يقول “ولكن لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يُسر الله[21]. أي ثمار إذن يمكن أن نقدمها لله، نحن الذين قد تبررنا بالإيمان، إلاّ التمجيد الدائم والتسبيح المتواصل؟ وأية تقدمة أخرى نقية نقدمها إلاّ الرائحة الذكية الفائقة للحياة التي بلا لوم؟

بلاديوس: إن هذا القول حسن جدًا، وحقًا لن يتبرر شخص ما بالناموس، لكن بالحري بالإيمان بالمسيح والسرائر الإنجيلية. لكني رغبت أن يتقدم نقاشنا بأمثلة واضحة، وأن نتعلّم من التعاليم المقدسة نفسها.

كيرلس: إذن، يا عزيزي، سأتقدم لهذا باستعداد جيد، طالما أنت تريد ذلك وافحص أنت أيضًا المعنى الدقيق لأي قول أقوله ولو شككت أن شيئًا ما لم أقصده أو لم أقله بالصواب، فلتصححه بانتباه وتحدده بوضوح، متشبهًا بالبنائين الحكماء، الذين إذا انحرفوا عن خطتهم يعدلّونها بإتقان، لتصل إلى ما يعتبرونه حسنًا جدًا. وكبداية لكلامنا سنشرع في تفسير موسى القديس عارضين بإيجاز قصته، وسأحاول أن أخبرك وأظهر لك بوضوح أن الناموس لم يُكمل أحد إطلاقًا، ولا كان يكفى للخلاص، لأن المسيح هو فادى ومخلص الجميع.

بلاديوس: ما تقدمه ليس قليل قليل النفع، إذ أظهرت أنك أسمى من أي بلادة أو خمول، لأن هذه الأمور التي تشغلنا، تُفهم بصعوبة شديدة، وبصعوبة أيضًا نستطيع أن نصل إلى معرفة كل ما نناقشه، لكن الله الغنى سوف يكشفها لنا.

كيرلس: بالصواب تتكلم والحديث الآن يقودني ـ تشبهًا بالكائنات التي لها حاسة شم قوية ـ أن أتتبع آثار المعاني العميقة وغير الظاهرة. ففى وقت ما في البرية، في أرض مديان، بينما كان الطوباوي موسى يرعى قطيعًا من الأغنام على سفوح جبل حوريب، أظهر الله أمامه أمرً غريبًا وعجيبًا جدًا لأنه مكتوب “وظهر له ملاك الرب بلهيب نار في وسط عُليقة، فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق، فقال موسى أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم لماذا لا تحترق العليقة[22].

          العُليقة ليست نباتًا من الأنواع المألوفة، ولكن هي على الأغلب نوع من الأشواك والجذور (الوعرة) التي تنبت على الجبل، حيث تمت المعجزة الرهيبة والتي هي كمثال تشير حقًا إلى السر. والمعجزة رهيبة لأن الملاك الذي كان في شكل نار قد ألهب كل العليقة. ولكن فعل النار لم يصب النبات بأي ضرر، كما لو كانت النار غير موجودة، ولا يستطيع أحد أن يدّعى أن العليقة قد تأثرت بفعل النار على الإطلاق.

بلاديوس: ماذا يعنى هذا الذي حدث؟

كيرلس: إن الإسرائيليين قد صاروا مثل شجرة برية لم يكن بها ثمار البر الأليفة لأنهم قد تغذوا بنواميس المصريين. فالناموس الذي كان من المنتظر أن يُعطى لهم بواسطة الملائكة، كان يمكن بالتأكيد أن يضئ لهم، لو تم التعامل معه روحيًا، وأن يطرد ظلمة العقل، لأن هذا هو أيضًا فعل النار. لكن على عكس ذلك، كان عديم النفع لأولئك الذين قبلوه. ولم تكن هذه هي مسئولية الناموس بأي حال من الأحوال، لكن هي مسئولية أولئك الذين لم يقبلوا النور في عقولهم وقلوبهم إذ اكتفوا خارجيًا بحروف الناموس، معتبرين إياها استنارة، ولذلك ظنوا أنهم أخذوا ما في الناموس، بينما في الحقيقة هم لم يأخذوا شيئًا. ولهذا فالنار التي أشعلت العليقة، ولم تؤثر عليها أي تأثير حراري، أعتقد أنها تعلن لنا شيئًا مثل هذا الذي أقوله. وكون أن النور قد صار عديم النفع لليهود، فهذا ما يوضحه المخلص بنفسه عندما يقول:” فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لى ولا تريدون أن تأتوا إليّ لتكون لكم حياة[23]. وبعد ذلك بقليل يقول أيضًا لمعلمى اليهود ولكل الشعب “لا تظنوا أنى أشكوكم إلى الآب. يوجد الذي يشكوكم وهو موسى الذي عليه رجاؤكم. لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى، لأنه هو كتب عنى، فإن كنتم لستم تصدقون كُتب ذاك فكيف تصدقون كلامى[24]. فهؤلاء الذين قاوموا بشدة التعاليم التي يحتويها الناموس عن جهل تام، كيف يتقبّلون داخلهم معرفة الصلاح الكامل الذي يقدمه المسيح لهم؟ لقد امتلأ موسى العظيم دهشة، وهو يرى كيف أن العليقة تلتهب بالنار، لكنها لا تحترق ولا حتى تأثرت بالنار. بالطبع كان يمكن أن يتعجب أحد من عدم الإحساس لدى الإسرائيليين الذين بينما قبلوا الناموس من الله كمساعد ومعين لهم واغتنوا بنوره، فإنهم بعد ذلك ظلوا غير مستفيدين من الناموس، بسبب عدم إعطائهم أية أهمية مطلقًا لمثل هذا الأمر. ولم يحفظوا هذه العطية في فكرهم وقلوبهم. لأن ذهنهم بقى ميتًا ومتجمدًا. ومن الممكن أن يتساءل أحد بالصواب عن هؤلاء، لماذا ظلت عقولهم ميتة ومتجمدة بدون فهم؟ وماذا أيضًا عن عدم احتراق العليقة؟ هل سوف لا يصيرون غير ذلك مثلنا ملتهبين بالروح.

27 عا21:5ـ23

28 ميخا6:6ـ7

29 ميخا8:6

30 مت24:16

31 يو26:12

 

32 إش10:1ـ14

33 ملا10:1ـ11

34 إرميا21:7ـ23

35 هوشع5:6ـ6

36 يو3:17

37 هوشع4:3ـ5

38 يوئيل13:1

39 يوئيل9:1

40 إرميا16:3

41 مز 14:132

42 ملا 3:3ـ4

43 ملا 1:3ـ3

44 حز 15:44ـ16

45 حز 27:43

46 عب 15:13

47 عب 16:13

48 خر2:3ـ3

 

49 يو39:5ـ40

50  يو45:5ـ47

 

المقالة2 ج2 – السجود والعبادة ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم