آبائياتأبحاث

المقالة8 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه

المقالة8 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه

المقالة8 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه

المقالة8 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه
المقالة8 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة الثامنة

“موضوعات أخرى عن المحبة نحو الإخوة وعن الذي يسرق ثور أو شاه”

 

كيرلس: إذًا حرم خداع الهراطقة كأمر مكروه وككفر لدى الله، وحرم أيضًا الانحراف إلى دناءة الذين يخدعون الذين اختاروا الطريق المستقيم ليقودوهم إلى الأمور التي لا تليق، وهذا ما أشار إليه بولس عندما يقول: ” أن لا يتماحكوا بالكلام الأمر الغير النافع بشيء إلا لهدم السامعين” (2تي2: 14). فحقيقة أن الأقوال الزائدة عن الحاجة والنزاعات المبالغ فيها تثير مشاحنات وتجعل عقل السامعين في ضجر كثير، وتؤذي عقولهم. وبعض هؤلاء السامعين، من يقبلون على ما هو غير مستقيم بطيش أحيانًا وعدم معرفة ويسرعون في مدحه. أيضًا أتباع مجموعة أخرى، إذ يطرحون جانبًا الامتيازات، ويختارون ما هو سيئ، يتأثرون ويسقطون في الجهالة مع الآخرين. وأما أولئك الذين يستطيعون أن يميزوا المفيد عن الضار فهم بالطبع قليلون جدًا، وهم الذين قد بدأوا في حفظ عقلهم غير متورط في مماحكات الكلام مع الآخرين. وهذا لا يخلو من ضرر لكل من يريدون أن يفعلوه، وهذا يشير إليه الناموس أيضًا، إذ يقول: ” إذا تخاصم رجال وصدموا امرأة حُبلى فسقط ولدها ولم تحصل أذية يُغرم كما يضع عليه زوج المرأة ويدفع عن يد القضاة، وإن حصلت أذية تعطى نفسًا بنفس” (خر21: 22ـ23). يقولون إن الجنين داخل الرحم بمجرد أن يستكمل أربعين يومًا يتميز عندئذ بالشكل الإنسانى، ويأخذ صورة جسدنا.

هكذا يقولون، والرائع جدًا موسى إذ كان يقود اليهود ويريد أن يصلحهم من ضلالهم السابق في مصر بواسطة الناموس، أمسكهم بعيدًا عن أطعمة ومشروبات. إذ يقول: ” ثم سقطت أمام الرب كالأول أربعين نهارًا وأربعين ليلاً لا آكل خبزًا ولا أشرب ماءً” (تث19: 18). ونفس الأمر عمله المسيح واحتمل المعاناة لأجلنا. لأنه بواسطته انصلحت طبيعتنا لكي تتقدس، إذ أنه في البداية ومن الشهية غير المنضبطة دخل في شخص المخلوق الأول تلوث الخطية والعصيان. وهذا أمر معقول. ولكن كل ما يمكن أن يقال بشأن قصة السقوط لنتركه إلى حينه. لكن كل ما يجب أن نفهمه هو العلاقة بين اصطدام امرأة حامل بأولئك الذين اعتادوا أن يتشاجروا، لنفحص هذا. وأظن أن الكلام بالتفصيل في هذه الأمور أمر مفيد. الإيمان بالمسيح، مع المعرفة الكاملة يصورنا ويشكلنا بحسب المثال الإلهي، بتجديد الذهن. ولهذا الذين آمنوا يصرخون مع إشعياء معلنين بقوة: ” حبلنا تلوينا كأننا ولدنا ريحًا، لم نصنع خلاصًا في الأرض” (إش18:26). فالإيمان بالمسيح هو بتجديد الذهن بالروح وخلاص للإنسان، وهو الذي يوسم داخلنا بملامح إلهية. وحتى لأولئك الذين بغباوة غيروا وضعهم من المعرفة الكاملة جدًا إلى المعرفة الناقصة، وهؤلاء هم الغلاطيون، بعد أن حياهم بولس العظيم، قال لهم: ” يا أولادى الذين اتمخض بكم أيضًا إلى أن يتصور المسيح فيكم” (غلا4: 19). إذ أن هؤلاء بعدما بدأوا مسيرتهم الروحية، طلبوا أن يكملوا بحسب الجسد، وأخذوا في نقل هذا التطلع إلى عبادة الناموس. وهكذا لم يكملوا داخل انفسهم التشكل بالمسيح، إذ رفضوا بطريقة ما هذا الصلاح الذي وُجد في داخلهم كما في رحم. كمال المعرفة إذًا ونقاوة الإيمان سوف ينشيء داخل نفوسنا كلنا، صورة المخلص، وهذه ستكون بداخلنا كبذور إلهية. ولذا عندما يعثر أناس من مماحكة البعض في الكلام، وفيما بعد تفقد النفس التي عانت من العثرة، الإيمان والمعرفة الموجودان داخلها كما لو كانت في حالة حمل، دون أن تكتمل من جهة العقل. أي حتى لو قالوا إن النفس غير مصورة بعد،   ومازالت غير مكتملة وبدون جمال، فإن المتسبب في العثرة سيعاقب على أي حال، والعقوبة سوف يفرضها عريس النفس أي المسيح. وسوف يفرضها بقرار خاص به، لكن إذا كان ما تحمله النفس (الجنين) هو مكتمل، أي إذا كان الإيمان بالمسيح عن معرفة جيدة، سوف تكون النفس عندئذ مذنبة وتستحق أقصى جزاء، حيث إنها قبلت الموت بالفعل. لأن موت النفس هو نير على الإيمان غير الملوم وخسارة للمعرفة الصحيحة. لهذا فأن يصل الواحد ويصير مُشاركًا للأقوال والمداخلات الحمقاء التي يقولها رجل اُبتلع من الشيطان وصار بطريقة ما طعامًا لقطيع الأرواح النجسة، هذا يقول عنه الناموس إنه صار ملوثُا. ويتحدث الناموس أيضًا بطريقة رمزية عن أمور ممنوعة فيقول: ” ولحم فريسة في الصحراء لا تأكلوا. للكلاب تطرحونه” (خر22: 31). فقد اعتاد الكتاب أن يسمى الإنسان الوقح وغير الطاهر بالكلب. وفي هذا ربما يتناسب القول المقزز والقذر مع بعلزبول نفسه، الذي كحيوان متوحش يلتهم النفس التي سقطت في يديه. (وصارت) تخدمه. حيث يقول الرسول: “… ليس أحد وهو يتكلم بروح الله يقول يسوع أناثيما” (1كو2: 3)، إذًا غير لائق للقديسين بالمرة أن يشاركوا في معانى وكلمات بذيئة وخادعة مثل هذه. إذ يقول: ” وأيّة شركة للنور مع الظلمة” (2كو6: 14).

بلاديوس: هذا حقيقة

كيرلس: وأعطى أيضًا وصية، إنه يجب أن يكون في يقظة كل الذين اختارهم لكي يكونوا قادة ومرشدين للرعية. لكن بأي طريقة سوف يُعلن لنا صلاحه، يعلنه عندما يقول في سفر اللاويين ” لا تُنَّز بهائمك جنسين وحقلك لا تزرع صنفين” (لا19:19). هكذا مع قطيع الغنم والخراف يجب أن نتشبه جيدًا بحشد المطيعين. حقًا قد سمع بطرس الرسول ” يا سمعان بن يونا أتحبنى؟… ارع خرافي، ارع غنمى” (يو21: 15ـ17). وقال النبى إشعياء للإسرائيليين أيضًا: ” إن كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل وغرس لذته هو رجال يهوذا” (5: 7). إذًا فعلى الراعى أن لا يضع خرافه مع حيوان آخر ـ أي أن لا توجد مع آخر، حتى لا تحدث علاقة جنسية مع حيوان مختلف، ويولد نوع ما مختلف و يفقد القطيع أصالته الطبيعية الخاصة به. وزارع الكروم أيضًا إذا كان حكيمًا ويعرف فنون الزراعة جيدًا فهو لا يمكن أن يزرع بذور القمح الجافة تحت شتلات العنب، وذلك لكي لا تستهلك البذور الجافة، المياه فتُحرم منها الشتلات. ولنطبق الآن هذا المِثال من الناحية الروحية. فالخراف العقلية هي التي لا يُسمح لها أن تقبل البذور الذهنية من الهراطقة. لأن الثمر الذي يأتي من الفكر المنحرف هو ثمر سيئ جدًا، وأقوال أولئك الذين ليس لهم نفس الإيمان يمكن أن تتسبب في إصابة مَن يقبلونها بنتائج شريرة. فهؤلاء هم مثل شتلات العنب المزروعة بنظام والتي لا يمكن أن تُثمر إلاّ نوعًا واحدًا من الثمر، وعلى هذا المِثال نحن نرفض دخول الرأي المنحرف مع الإيمان المستقيم. فنحن نعلم أنه لا يوجد تشابه طبيعي بين القمح والعنب. ولذلك فبذور الأفكار المختلفة لا يجب أن يكون لها أي مكان داخلنا.

بلاديوس: تتكلم حسنًا.

كيرلس: وبطريقة أخرى فإن الناموس يبيّن أن هذه الأمور المختلفة هي غير متجانسة ولا تتماشى مع بعضها بالمرة، ويُعطي مثالاً كذلك عن العلاقة غير المعقولة والشاذة جدًا بين الإنسان العاقل والحيوان غير العاقل والذي هو مختلف عنه تمامًا في النوع. إذ يقول في سفر الخروج: ” كل مَن اضطجع مع بهيمة يُقتل قتلاً” (لا15:20ـ16). إذ أن الاتصالات التي حدثت بينهما والتي هي أصلاً غير مقبولة بالمرة قد استحوذت على العقل بشهوة عارمة جدًا كالهذيان، وجلبت الموت على الفاسدين وعلى أولئك الذين يقبلون الفساد بإرادتهم.

بلاديوس: الناموس يشرّع باستقامة وعدل.

كيرلس: بل أن الناموس يقول أكثر من هذا، فإن كان البعض بسبب التصرفات القهرية التي يحاول الهراطقة أن يفرضوا أفكارهم عليهم، بينما هؤلاء البعض لا يريدون أن يقبلوا انحرافات الهراطقة عن الأفكار المستقيمة، وبسبب تصرفات الهراطقة القهرية قد يضطر هؤلاء البعض للوقوع أحيانًا في الضلالة. فالناموس لم يترك هؤلاء الناس الضعفاء بدون معونة.

بلاديوس: مَن تعني؟

كيرلس: أعني العبيد الرازحون تحت نير العبودية والمتضايقون من سلطة أسيادهم.

بلاديوس: وبأي طريقة ساعد الناموس هؤلاء؟

كيرلس: حرّر العبيد من القيود والعبودية. فإذا كان الضرر مرتبط بالنفس، وإذا كان المظلوم يريد الابتعاد عن الظالم بدون أن يعيقه أحد، فإن سفر الخروج يتحدث عن هذا الأمر ويقول هكذا: ” وإذا ضرب إنسان عين عبده أو عين أمته فأتلفها يطلقه حرًا عوضًا عن عينه” (خر26:21ـ27). فبحسب النظرة الظاهرية للأمر، وبشرح مبدئي يوّقف الناموس وقاحة السادة ويحّد من غضبهم عند الحدّ الواجب، ولا يتركهم ليصلوا إلى الأعمال التي يمكن أن تضَّر الحالة الطبيعية السليمة للعبيد الذين تحت سلطتهم، ولا يسمح بأي حال أن يقوم السيد بتحطيم الطبيعة ذاتها بدون أن يُلجّم غضب السيد، إذ أن الناموس يعرف أن سيد هذه الطبيعة هو خالقها وحده. والعبودية وما يتبعها من نتائج ليست نقص طبيعي في الإنسان لكنها أمر أنشأه الإنسان نتيجة سوء استخدامه للسلطة. أما الآن فإن الله الآب أعاد تشكيل كل الطبيعة على شكلها الأول، وذلك في شخص المسيح كما يقول الكتاب ” إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديدًا” (2كو17:5).

          إذًا فعار العبودية يُبطل بشكل كامل، وهذا ما كتبه الرسول بولس ” ليس عبد ولا حرّ ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع” (غلا28:3). إذًا فالناموس وهو يؤدبنا ليقودنا إلى الكمال، ينزع الممارسة غير المنضبطة للسلطة وأي تجاوز للحد الصحيح معاقبًا كل الذين يتهاونون بالناموس، وذلك لتحرير أولئك الذين ظُلموا.

          هذا على مستوى الحرف والظل، أما إذا فسَّرنا الناموس روحيًا فسوف تستطيع أن تقترب يا بلاديوس، وبطريقة أخرى من الأفكار التي يحويها.

          فنحن نقبل النور الطبيعي بالأعين الجسدية ونُعجب به، أما النور الإلهي والعقلي فيُشرق داخل قلوبنا وأيضًا فإن غذاء الجسد يُقطع ويُطحن بالأسنان وبذلك يصير وسيلة للحياة هكذا أيضًا كل ما هو صعب الفهم من المعاني الإلهية يفتت بطريقة ما كما لو كان بأسنان، وذلك بقوة العقل وتصير هذه المعاني بعد ذلك غذاء للنفس. ولذلك تقول الحكمة وهي تقدم لنا المائدة الإلهية والروحية: ” هلموا كلوا من طعامي” (أم5:9). فإذا حدث أن أحد السادة فكر تفكيرًا سيئًا وأجبر عبده على الانزلاق من العقائد الصحيحة إلى ضلالة غير معقولة، يقول الناموس بأن يُفك ارتباطه بالسيد ولا يُفرض عليه نير إجباري، ويتلاشى الخوف من سلطة السيد، ويذهب العبد إلى حيث يريد ليحيا بدون معاناة أي أذى. لأنه لا يوجد شيء أعظم من النفس ولكي تخلص هذه النفس يجب أن تتحرر من العبودية، ويمكنك أن ترى أن هذا القول حقيقي وأنه مازال يسري حتى في أيامنا. فالعبيد إذ لا يطيقون أن يجبرهن ساداتهم إلى الضلالة فإنهم يكفون تمامًا عن إظهار الطاعة نحو الذين يسودون عليهم، والذين يريدون قهرهم فيهرب هؤلاء العبيد من ثقل العبودية ويحفظون في داخل عقلهم النقي معرفة الإيمان الصحيح بكل وضوح وبدون ضلالة وهم يؤمنون أن هذا الأمر أكثر أهمية من أي شيء آخر، ويجعلون تعليم الإيمان غذاءً روحيًا لنفوسهم مفتتين بالعقل ـ كما بأسنان ـ كل ما يصل إلى مسامعهم ويهضمون المضمون العميق جدًا للمعاني الإلهية.

بلاديوس: شرحك واضح وصريح.

كيرلس: ونضيف أيضًا أن الناموس يعلّمنا محبة الآخرين ويحثنا على احترام أقربائنا، ونحن نُمتحن وننال العقاب المناسب في حالة السلوك الخاطئ.

بلاديوس: أين يقول هذا؟

كيرلس: اسمع فإنه مكتوب هكذا: ” وإذا نطح ثور إنسان ثور صاحبه فمات يبيعان الثور الحيّ ويقتسمان ثمنه. والميت أيضًا يقتسمانه. لكن إذا علم أنه ثور نطاح من قبل ولم يضبطه صاحبه يعوض عن الثور بثور والميت يكون له” (خر35:21ـ36). فهذا القول يوجه إلى الاستقامة بمثال حيّ. لأنه يقول إذا حدث أن قُتل ثور لأحد ما لأن ثورًا أخرًا نطحه، فيتم تقسيم الثور الحيّ بين الاثنين وكذلك الثور الميت يُقسم بين الاثنين. أي يريد أن يقول إذا تسبب شخص ما في أذى لشخص آخر دون أن يكون هذا عن تعمد فالذي أصابه الأذى يحق له أن يتمتع بخيرات ذاك الذي تسبب في ذلك الأذى. لأن هذا هو ما يعينه في أن يقتسما معًا الثور الحيّ. وهذا معناه أيضًا أنه يعتبر مصائب الآخر هي مصائبه حتى لو كان قد تسبب فيها بدون قصد. وهذا ما يمكن أن يعنيه من جهة اقتسامهما للثور الميت. أترى إذًا كيف أن الناموس يعلم عن محبة الآخرين ولو بظلال؟ وهذا ما يظهره أيضًا قول الرسول ” فرحًا مع الفرحين وبكاءً مع الباكين” (رو15:12).

بلاديوس: واضح تمامًا.

كيرلس: ويقول أيضًا إن القوى الذي يتسبب في الأذى وهو يعرف تمامًا أن جاره سوف يُصاب من هذا الأذى ولم يتدخل لمنع حدوث الأذى بينما هو كان يستطيع ذلك. فمثل هذا الشخص يُعاقب بنفس الأذى الذي أصاب جاره ويتحمل نفس النكبة التي نُكب بها جاره. وهذا ما يعنيه بطريقة رمزية في حالة علم صاحب الثور أن ثوره نطّاح ولم يضبطه إذ يقول: ” يُعوِض عن الثور بثور والميت يكون له” (خر36:21). أي أن الناموس يهدد أولئك الذين يظلمون الآخرين عن عمد ليس فقط بفقد الخيرات الخاصة بهم، بل ليقول أيضًا إنهم سيعانون نكبة خاصة بهم، فسوف يكون الألم الخاص بهم هو نفسه الذي حدث لقريبهم.

بلاديوس: شرحك حسن جدًا.

كيرلس: الرسول بولس وضع لنا قانونًا حكيمًا عن المحبة التي بيننا، بقوله ” لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه بل كل واحد إلى ما هو لآخرين أيضًا” (في4:2). لأن الذي يُحب لا يطلب ما هو لنفسه (انظر 1كو5:13)، بل بالحرى يهتم بخير الآخرين وكيف يعيش اخوته حسنًا. وهذا أيضًا يشير إليه العهد القديم بقوله: ” إذا رعى إنسان حقلاً أو كرمًا وسرّح مواشيه فرعت في حقل غيره فمن أجود حقله وأجود كرم يعوض” (خر5:22). أي من ترك مواشيه في حقول غيره وذلك لمنفعة نفسه والعمل لصالح ذاته وهو بذلك لا يُسبب فرحًا لجاره بل يظلمه ويُحزنه. علينا إذًا عندما نعمل لفائدتنا لا يكون ذلك على حساب الآخرين بل بوسائل غير خاطئة ولا تؤذي الآخرين، فهذا ما يعنيه القول أن تنظروا إلى ما هو لآخرين أيضًا. وعلى المرء أن يعرف أيضًا أنه إذا سعى الإنسان إلى منفعته الخاصة فقط دون أن يُبالي بمشاعر الآخرين ودون أن يهتم بقريبه، فإنه سوف يعاني نفس الخسارة، وأنه بهذه الطريقة سوف يجلب الخراب على نفسه أيضًا. وهذا ما أعتقد ما يشير إليه القول: ” من أجود حقله ومن أجود كرمه يُعوض” (خر5:22).

          والمعنى السابق نجد له تحقيقًا في مجال الهرطقات التي يرعى فيها بعض الأغبياء جدًا كحيوانات غير ناطقة ويستغلون حقول السيد وكرومه لحساب هرطقاتهم. فهؤلاء سوف يكابدون الخسارة ويدفعونها من أجمل ما لديهم، أي بهلاك نفوسهم، لأن أفضل ما في كرمنا أو حقلنا هو نفوسنا.

 

المقالة8 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه