آبائياتأبحاث

المقالة8 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه

المقالة8 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه

المقالة8 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه

المقالة8 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه
المقالة8 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة الثامنة

“موضوعات أخرى عن المحبة نحو الإخوة وعن الذي يسرق ثور أو شاه”

 

بلاديوس: إذًا نقول إن ثمر المحبة هو أنه يجب علينا أن نطلب ما ينفع الآخرين وليس ما ينفعنا نحن فقط.

كيرلس: نعم يا عزيزي بلاديوس فإنه يليق أن نتمم واجب المحبة تجاه اخوتنا لأن هذا الأمر يسر الله. وهذا هو ما يأمر به الناموس أيضًا حتى لا يدع المحبة تتعوق بسبب ما ذُكِر أعلاه وبالأكثر بسبب سوء استخدامها من جانبنا. فالإنسان حتى إذا كان لديه فضيلة عظيمة ولكنه لا يمارسها باعتدال بل يندفع في ممارستها بغير انضباط فهذا يسبب اضطرابًا وحياة متزعزعة.

بلاديوس: ماذا تعني بهذا القول؟ إني لا أفهم جيدًا.

كيرلس: هل توافق على أن الوداعة والتسامح كل منهما فضيلة.

بلاديوس: طبعًا أوافق.

كيرلس: حسنًا، فإذا حدث أن أحدهم وجه كمية كبيرة من الإساءات والشتائم لشخص وديع ومتسامح، وأيضًا وجه له استفزازات تقود إلى الغضب، فإن كانت هذه الإساءات تقف عند مستوى معتدل، فإن هذا الشخص الوديع سيُظهر الشخص اللائق، وسوف يقبل هذه الأمور بشجاعة ويكون الأمر بالنسبة له تدريب على الوداعة وعدم الغضب، لكن إذا تمادى الشخص المسيء إلى أكثر من الحد المعتدل بما يفوق حدود التسامح، فإن هذا يكون أمرًا غير طبيعي. ففي هذه الحالة سوف يُضغط على الفضيلة إلى الحد الذي يجعلها وتضعف وتذبل.

بلاديوس: تتكلم بالصواب. فإن الصلاح يخمد أحيانًا داخل البشر بمجرد أن يبدأ.

كيرلس: ولنبدأ الآن إذا أردت الحديث عن المحبة ذاتها. لأن هذه الفضيلة لها أهمية كبيرة وهي أسمى من كل الفضائل، ولكنها لا تحتمل أن يُساء استخدامها. وهذا ما يقوله الناموس أيضًا في مثال واضح: ” إذا دخلت زرع صاحبك فاقطف سنابل بيدك ولكن منجلاً لا ترفع على زرع صاحبك” (تث25:23ـ26). فلا يوجد ضرر أن تجمع قليلاً من سنابل القمح بيدك، أن تقطع عنقود عنب اشتهيته لتأكله. هذه الأمور يقبلها ناموس المحبة بنية طيبة، إذ أن الأمر لا يتجاوز الحد المعتدل. لكن إذا استخدم أحد المنجل لكي يحصد في حقل قريبه وأنه بذلك يتجاوز الحد ويتعدى حدود المحبة للغير ويندفع أو يدخل في منطقة الطمع. وهذا بلا شك نموذج واضح جدًا في أنه لا يجب أن يكون هناك إساءة لمعنى محبة الآخرين لك، بل ينبغي أن تحترم محبة الآخرين بدرجة كافية. وهذا النص الكتابي يمكن أن نطبقه روحيًا على كثيرين. فيمكن أن يُطبق على أولئك الذين يستمدون التعليم ـ كغذاء عقلي ـ من الذين يعملون داخل الكنيسة ولكنهم لا يكتفون بهذا فقط، بل يتقدمون بما يتجاوز الحد المعقول، وكأنهم يجمعون التعاليم في وعاء ويخزنوها داخل كُتب مدعين أنهم يفعلون ذلك بسبب محبتهم الكبيرة لمعرفة الأمور النافعة، لكنهم بهذا يجورون على حقوق الاخوة. والأمور التي خزنوها في الكتب يقولون عنها أنهم هم أنفسهم قد أعدَّوها من قبل. لذا فإني أقول لهؤلاء، إن الناموس يأمر صراحة أن لا تخزن شيئًا في إناء.

بلاديوس: معنى ذلك فإنه من الخطأ أن نسمح للمبالغة في الفضيلة إلى الحد الذي يجعلنا نسيء استخدام محبة الآخرين.

كيرلس: هذا صحيح لأن إله الكل حدّد بوضوح أن لا نتآمر على الفضيلة بل بالأحرى أن نشارك في الصالحات والأمور الفاضلة. فالناموس يستخدم أمورًا صغيرة وإن كانت غير واضحة لكي يشير بها إلى الأمور الفاضلة. إذ نجده في سفر التثنية ” إذا اتفق قدامك عش طائر في الطريق في شجرة ما أو على الأرض فيه فراخ أو بيض والأم حاضنة الفراخ أو البيض فلا تأخذ الأم مع الأولاد. أطلق الأم وخذ لنفسك الأولاد لكي يكون لك خير وتطيل الأيام” (تث6:22ـ7).

بلاديوس: ما الذي يريد أن يقوله بهذا الكلام، فإنه غير واضح لي.

كيرلس: معنى الكلام أنه إذا أمسك شخص ما طائرًا لديه صغار أو لديه بيض يحتضنه فإذا أخذ البيض يستفيد منه وترك الطائر نفسه فإنه بذلك لا يفعل شرًا.

بلاديوس: نعم قد فهمت الآن.

كيرلس: وانتبه أيضًا للمعنى المخفي وتأمل في الحقيقة ذهنيًا لتعرف معنى هذا الكلام الرمزى. فكل فضيلة هي كالأم تعتبر مصدرًا للخيرات التي تصدر عنها فمثلاً محبة الفقراء، الوداعة، الصبر، طيبة القلب. فالشخص المحب للفقراء يجعل الآخرين يشتركون في الانتفاع من فضيلة محبة الفقراء، فهؤلاء الفقراء هم الذين يحتاجون إلى هذه المحبة. ونفس الشيء يمكن أن يقال بخصوص الوداعة والصبر. إذًا فكل فضيلة يجب أن تعتبر بطريقة ما هي الأم، وهي بداية لخيرات أخرى، إذ أنها تتضمن كل ما ينتج عنها من ثمار. والمخزن الذي يحوي هذه الفضائل هو النفس التي تتمخض بها وتختزنها في داخلها إذًا فبحسب كلام الناموس، يجب على الذين يقابلون أُناسًا توجد فيهم هذه الثمار الطيبة أي الفضائل في مخازن نفوسهم أن يعتبروا كل ما يأخذونه منهم ربحًا لهم. ولكن ينبغي عليهم أن لا يسببوا ضررًا للفضيلة التي هي أم الخيرات.

          ويحدث ضرر للفضيلة عندما يُزعزعها أي شخص بالطرق التي أشرنا إليها سابقًا.

بلاديوس: معنى الكلام عميق جدًا.

كيرلس: إن ملاحظتك صحيحة فعلاً لكن لنلتفت إلى ما يقوله الرسول بولس: ألعل الله تهمه الثيران إنه من أجلنا مكتوب (1كو9:9ـ10). فالوصية المعطاة بواسطة موسى تعرض أمثلة للأمور ولا تشرح الأمور نفسها بوضوح، ويمكنك أن ترى كيف أن الناموس يرفعنا قليلاً قليلاً في طُرق أفضل لمحبة الآخرين، إذ أنه يحاول أن يقنعنا أن نحب أولئك الذين أهانونا وأن ننتصر على غضبنا تجاه الأعداء وألا ندع الشر يهزمنا، بل بالحري نغلب الشر بالخير، لأنه يقول أيضًا في سفر الخروج ” إذا صادفت ثور عدوك أو حماره شاردًا ترده إليه. إذا رأيت حمار مبغضك واقعًا تحت حمله وعدلت عن حله فلابد أن تحل معه. لا تُحرّف حق فقيرك في دعواه” (خر4:23ـ6). وفي سفر التثنية أيضًا ” لا تنظر ثور أخيك أو شاته شاردًا وتتغاضى عنه بل ترده إلى أخيك لا محالة. وإن لم يكن أخوك قريبًا منك أو لم تعرفه فضمه إلى داخل بيتك ويكون عندك حتى يطلبه أخوك حينئذٍ ترده إليه. وهكذا تفعل بحماره وهكذا تفعل بثيابه. وهكذا تفعل بكل مفقود لأخيك يُفقد منه وتجده. لا يحل لك أن تتغاضى. لا تنظر حمار أخيك أو ثوره واقعًا في الطريق وتتغافل عنه بل تقيمه معه لا محالة” (تث1:22ـ4). أترى كيف يهذبنا الناموس ويدربنا على الصلاح الفائق والكامل إذ يأمر بطريقة ما أن ننسى الإساءة وذلك بالاهتمام بحيوانات الشخص الذي أحزننا، وهو يشير باستمرار إلى ما يخص الأخ وبذلك يمنعنا من الغضب والجُبن إذ يعتبر هذه الأمور الطبيعية كعلامة للمحبة. لأنه يقول إذا وجدت حيوانًا شاردًا أو ثوبًا مفقودًا، أن تحفظها لأخيك وإذا تثقل حيوان من الحيوانات التي تنقل الأحمال وانزلق وكاد يتحطم بسقوطه على الأرض، فينبغي أن تساعد صاحبه في إقامته. وهذا لا يعني شيئًا آخر إلاّ أن تمارس عمل الرحمة وأن تتدرب على محبة الآخر. وأن تُقصى وأن تتجنب النزاعات حتى لا تصطدم بناموس محبة الاخوة. وهذا طبعًا يشير إلى أمر آخر. فإذا كان المشرع قد أظهر اهتمامًا كبيرًا مثل هذا، حتى أنه في حالة معاناة أحد الحيوانات غير الناطقة من شيء ما علينا أن نمد يد المساعدة، فكم بالأحرى ستكون مسرته باهتمامنا بالبشر ومحبة الآخرين التي هي واجب علينا نحو الذين هم من جنسنا. وهكذا أيضًا فحتى عدونا إذا حدث أن ضلّ الطريق فينبغي أن نُرشده إلى الطريق المستقيم. فبينما كان المسيح يقول لليهود ” النور معكم لئلا يدرككم الظلام” (يو35:12) بينما كانوا هم يبغضونه. وإذا عانى شخص ما من آلام وتجارب وصار كمن هو ملقى على الأرض تحت ضغط احتياجات لا يستطيع أن يفلت منها، فعلينا نحن أن نساعده لكي ينتصر على الغضب والحزن اللذين يعاني منهما. أم ليس هذا هو مفهوم وصية المسيح التي تقول: ” احسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم” (مت44:5).

بلاديوس: ما قلته جميل جدًا.

كيرلس: وهكذا يليق بالقديسين أن يشاركوا المتألمين في آلامهم ولا يتسببوا في إحزانهم بأمور تكون عبئًا ثقيلاً عليهم لأنه في هذه الحالة فإن المتألمين يغضبون وربما ينقضون على الذين ظلموهم. وإذا حدث أن شخصًا ما أراد أن يهيمن على غيره سرًا يُحدد الناموس بطريقة مناسبة جدًا أنه يجب على الإنسان أن يبتعد عن مثل هذه الأخطاء، لأنه يقول: ” لا تشتم الأصم وقدام الأعمى لا تجعل معثرة. بل اخش إلهك. أنا الرب” (لا14:19).

          وواضح جدًا أن الأفضل واللائق جدًا بالناس الكاملين أن يضعوا لجامًا على لسانهم وأن يتجنبوا ذمَّ أي إنسان إذ يقول تلميذ المخلّص “ لا يذَّم بعضكم بعضًا أيها الاخوة” (يع11:4). وها هو الناموس يقول لنا لا تشتم الأصم وأظن أنه يريد أن يشير بهذا أنه يجب على أهل الفضيلة تجنب الإساءة خاصةً لو كان الذين سيُساء إليهم ضُعفاء ويعجزون عن مقاومة الإساءة. فالأصم والأعمى هما مقيدان بالمرض من ناحية الجسد وعاجزين من ناحية الحواس، أي أن الأصم لا يسمع من يشتمه كما أن الأعمى لا يرى ذاك الذي يصنع له فخًا. ولذلك فهو أمر سهل إن أراد شخص ما أن يسئ إليهما. لكن الذين كان يجب أن يُشفقوا عليهم بسبب الإعاقة التي ابتلوا بها، فبدلاً من ذلك يعتدون عليهم ويظلمونهم إذ ينهكون الأعمى بوضع عوائق أمامه دون أن يدري وأحيانًا يقنعون الأصم أن يبتسم عندما يهينوه وكأن الإهانات الموجهة إليه كلمات ثناء عليه ويمكن أن يفعل أحد هذا الفعل الشرير مع الأصم والأعمى دون أن يعرفا بذلك ولكن هذا الشخص يستحق أن يتهمه الآخرون بالقساوة الشديدة والكراهية العظيمة للغير وخاصةً للضعفاء.

بلاديوس: هذا حق.

كيرلس: الناموس القديم يجعلنا محبين وشفوقين ونعرف هذا بسهولة عندما نسمعه يقول ” إن كان فيك فقير أحد من اخوتك في أحد أبوابك في أرضك التي يعطيك الرب إلهك فلا تقس قلبك ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير بل افتح يدك له وأقرضه مقدار ما يحتاج إليه” (تث7:15ـ8) ومرة أخرى ” ولا تضطهد الغريب ولا تضايقه. لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر. لا تُسئ إلى أرملة ما ولا يتيم. إن أسأت إليه فإني إن صرخ إليّ أسمع صراخه. فيحمي غضبي وأقتلكم بالسيف. فتصير نساؤكم أرامل وأولادكم يتامى. إن أقرضت فضة لشعبي الفقير الذي عندك فلا تكن له كالمرابي. لا تضعوا عليه ربا. إن ارتهنت ثوب صاحبك فإلى غروب الشمس ترده له. لأنه وحده غطاؤه. هو ثوبه لجلده في ماذا ينام. فيكون إذا صرخ إليّ أني أسمع. لأني رؤوف” (خر21:22ـ27). هل سمعت كيف يقدم تعليمًا حسنًا عن محبة الآخرين؟ وكيف يهدد بغضبه أولئك الذين أنعم عليهم بإحسانه إذا لم يظهروا الرحمة نحو الاخوة، إذ يقول ” إنني رؤوف” أي أنا صالح بطبيعتي وإله رؤوف. لهذا سوف أقبل صراخ الشخص الذي وقع عليه الظلم، وسأرحم دموع الذين قهرهم الفقر الشديد، لذلك لا يجب أن تتسبب تصرفاتنا مع الفقير في أن يصرخ ضدنا إلى الله. ولكي يؤكد أننا يجب أن نكون شفوقين وأن نُظهر اهتمامًا شديدًا بمحبة الفقراء نصحنا أيضًا في سفر التثنية قائلاً: ” لا تظلم أجيرًا مسكينًا وفقيرًا من اخوتك أو من الغرباء الذين في أرضك في أبوابك. في يومه تعطيه أجرته ولا تغرب عليها الشمس لأنه فقير وإليها حامل نفسه لئلا يصرخ عليك إلى الرب فتكون عليك خطية” (تث14:24ـ15).

          وهكذا ترى أنه يحثنا على أن نرتعب من صراخ الفقير ضدنا، بل هو يحثنا على محبة الآخرين، وبالأحرى فإن العهد الجديد الذي صار بالمسيح يظهر لنا الصلاح الكامل إذ يقول ” بيعوا ما لكم واعطوا صدقة” (انظر لو33:12). وهذا ما فعله بعض المؤمنين في العهد الجديد إذ يقول في سفر الأعمال: ” إذ لم يكن فيهم أحد محتاجًا لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل فكان يوزع على كل أحد كما يكون له احتياج” (أع34:4ـ35). والناموس يضع الأسس ويقود إلى بدايات وصايا الله وهو يُعلّمنا أن نترك القليل والبواقي لننال بركة الرب الوافرة إذ يقول: ” إذا حصدت حصيدك في حقلك ونسيت حزمة في الحقل فلا ترجع لتأخذها. للغريب واليتيم والأرملة تكون لكي يباركك الرب إلهك في كل عمل يديك. وإذا خبطت زيتونك فلا تراجع الأغصان وراءك. للغريب واليتيم والأرملة يكون. إذا قطفت كرمك فلا تعلله وراءك. للغريب واليتيم والأرملة يكون” (تث19:24ـ22). أي أنه جيد أن تتذكر آلامك القديمة في أوقات الفرح لأن هذا يساعدك على محبة الفقير، فلا ينبغي عندما نكون في حالة الرخاء أن ننسى أحوال اللذين يعيشون في الفقر.

بلاديوس: هذا صحيح.

كيرلس: لاحظ حكمة الناموس في كيف يدعونا أن نخلع عاداتنا السيئة ونتحرر من العداوة ويقودنا في نفس الوقت إلى الأمور الأفضل ويدخلنا إلى طريق محبة الآخر. فهو ينصحنا أن نقرض اخوتنا المحتاجين وينهينا عن أخذ أرباح منهم ويأمرنا بمقاومة الطمع. وأنه لا يجب أن نثقل على الذين أقرضناهم ولا أن نضغط عليهم، بل بالحري يأمرنا أن نلغي ديوننا عليهم إذ يقول: ” لا تقرض أخاك بربًا ربا فضة أو ربا طعام أو ربا شيء ما مما يُقرض بربا. للأجنبي تُقرض بربا ولكن لأخيك لا تُقرض بربا لكي يباركك الرب إلهك في كل ما تمتد إليه يدك في الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها” (تث19:23ـ21). وكل الذي يقصده المشرع هو تعضيد الاخوة الغرباء الذين هم من جنسنا وذلك بعمل الخير والعطاء بسخاء لأن المسيح يقول: ” وكل مَن سألك فأعطه ومَن أخذ الذي لك فلا تطالبه ” (لو30:6). ولكن بسبب أن ذهن الناس القدماء لم يكن قادرًا في البداية على التصرف الصحيح، أي على تتميم الصلاح كاملاً فالناموس يتقدم قليلاً قليلاً لكي يُربي الإنسان على الصلاح وعلى عمل الرحمة مع الاخوة والجيران وخدمة الغرباء بكرم، وتقديم المحبة للجميع وذلك في انتظار الكمال الأكثر عند حضور المسيح لأن الظلال تشير فقط إلى الكمال ولكن ليست هي الكمال.

بلاديوس: ما قلته حسن جدًا.

كيرلس: وإذ أمر الناموس بإقراض المحتاجين فإنه حرّم الطمع ووعد كل من يطيعون بنوال بركته، وهو يأمر أيضًا بترك الديون بعد مرور سبع سنوات عليهما مشيرًا بذلك إلى وقت ترك كل شيء، أي وقت حضور المسيح الذي فيه تبررنا كلنا بالإيمان، وحصلنا على الصفح عن ديوننا القديمة. وقد وهبنا هذا إذ سمّر على صليبه، الصك الذي كان ضدًا لنا وقد رفعه من الوسط، أي الديون التي كان علينا أن نعطي عنها جوابًا أمام الديان العادل. ويقول في سفر التثنية ما يلي: ” في آخر سبع سنين تعمل إبراء. وهذا هو حكم الإبراء. يبرئ كل صاحب دين يده مما أقرض صاحبه. لا يُطالب صاحبه ولا أخاه لأنه قد نودى بإبراء للرب. الأجنبي تُطالب وأما ما كان لك عند أخيك فتبرئه يدك منه” (تث1:15ـ4). وبعد قليل يضيف أيضًا: ” إن كان فيك فقير أحد من إخوتك في أحد أبوابك في أرضك التي يعطيك الرب إلهك فلا تقس قلبك ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير بل افتح يدك له وأقرضه مقدار ما يحتاج إليه. احترز من أن يكون مع قلبك كلام لئيم قائلاً قد قربت السنة السابعة سنة الإبراء وتسوء عينك بأخيك الفقير ولا تعطيه فيصرخ عليك إلى الرب فتكون عليك خطية” (تث7:15ـ10). أي أنه يقول إنك لا تكن حزينًا وأنت تعطيه لأن الرسول بولس يقول لنا ” المعطي بسرور يُحبه الرب” (2كو7:9).

 

المقالة8 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – ق. صموئيل وهبه