آبائياتأبحاث

المقالة9 ج1 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة9 ج1 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة9 ج1 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة9 ج1 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم
المقالة9 ج1 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

 

السجود والعبادة بالروح والحق

المقالة التاسعة

“الخيمة المقدسة”

“كانت مثالاً لكنيسة المسيح”

 

تتألق مفاخر المحبة لله والمحبة للإخوة، وبهما يكتمل الناموس. وكل شخص يصل إلى مثل هذه الدرجة من البهاء والتألق يكون جديرًا بالإعجاب ويُعد ضمن الأُصلاء في رفعتهم، الأمر الذي كرز به المسيح قائلاً: ” نعمًا أيها العبد الصالح والأمين. كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح سيدك” (مت21:25). ومثل هذا سيأتي إلى أورشليم السماوية ويخلد في المساكن الفوقانية مستمتعًا بالخيرات السماوية التي تفوق العقل والنطق.

لقد قال إشعياء النبي مثل هذا الأمر:” انظر صهيون مدينة أعيادنا. عيناك تريان أورشليم مسكنًا مطمئنًا خيمة لا تنتقل لا تُقلع أوتادها إلى الأبد، وشيء من أطنابها لا ينقطع” (إش33: 20)، لأنه وفقًا للكُتب المقدسة: ” هيئة هذا العالم تزول” (1كو7: 31). فإن كان الرجاء في الأمور الأخروية مؤسَّسٌ وغير متزعزعٍ على أية حال، وكانت كل هذه (أي هيئة هذا العالم) تنحل كما يؤكد على ذلك تلميذ مخلصنا، فأي موقف علينا أن نتخذه نحن (راجع 2بط3: 11)؟

أمامنا قديسون وأبرار يكرمونه بذبائح روحية كمخلصٍ وفادٍ، عائشين حياة القداسة وفق النواميس الإنجيلية.

وقد رسم الناموس ـ بالتأكيد ـ للأقدمين الحياة الفاضلة والجديرة بالإعجاب آمرًا بتقديم ذبائح الحملان الدموية، وتقديم عشور من كل نوع من الباكورات لتُخصص لله، هذا إلى جوار الشكر. لكن لم يشِّرع لهم أن يفعلوا كل هذا خارج الخيمة. وقد خُصص سبط اللاويين لله واُختير من بين الأسباط الأخرى، واضعًا هذا الأمر كمثالٍ لنا؛ لأن الكتب المقدسة تدعونا ” جنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء” (1بط2: 9).

نحن نأتي إلى الخيمة الحقيقية التي أقامها الرب وليس إنسان (انظر عب8: 2) أي الكنيسة، لا لكي نستعطف خالق الكل بعجول وثيران، لكن بإيماننا المستقيم الذي بلا لوم، وبثمار روحية مقدِّمين ـ عقليًا ـ رائحة بخور ذكية. لأن ” بمثل هذه الذبائح يُسر الله” (عب8: 16)، ولأن ” الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا” (يو4: 24) وفق كلام المخلص.

بلاديوس: لقد تكلمت بالصواب.. يجب أن نتطلع إلى الذبائح التي هي أسمى من ذبائح الناموس. طبعًا أوافقك، ولكن دعني استوضحك شيئًا آخر: لقد أُقيمت الخيمة القديمة في الصحراء لكي تمثل بالنسبة لنا نموذج الكنيسة التي من الأمم، ألا يُظهر ذلك ـ ولو قليلاً ـ جمال الخيمة الحقيقية؟

كيرلس: بالتأكيد. لقد قُلت هذا منذ قليل، وبالإضافةً إلى ذلك، يجب أن ندرك جيدًا أن تلك الطقوس المقدسة التي انحدرت من السبط اللاوى، يمكن أن تُعتبر أيضا نموذجًا لأولئك الذين دُعُوا إلى الحياة المقدسة والتي بلا لوم، أقصد الحياة بحسب تعاليم المسيح.

بلاديوس: إذن هل تريد أن نتحدث عن الخيمة المقدسة والكهنوت وفق الناموس ونفحص التشريعات الإلهية الخاصة بهما؟

كيرلس: الأمر بالتأكيد ليس خاليًا من الصعوبة، لأن فهم هذه الأمور وتحليلها يحتاج إلى جُهدٍ مضنٍ يا بلاديوس. لأنه مكتوب بوضوح وأنت تعرف ذلك: ” فقال له الرب من صنع للإنسان فمًا، أو من يصنع أخرس أو أصم أو بصيرًا أو أعمى. أما هو أنا الرب. فالآن أذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به” (خر4: 11ـ12).

بلاديوس: إذن أمض وخُذ مانح الحكمة معينًا لك.

كيرلس: حسنًا سوف أمضي وأقدم لك بدقة شهادات الكتب المقدسة.

إن الله خالق الجميع نزل بشكل نارٍ على جبل سيناء، وحدّد نواميسًا تنظِّم كل عملٍ ليصير عملاً مستقيمًا وصالحًا. وبعدما حرّرهم من الضلال القديم وأبعدهم عن عبادة الأوثان في مصر، كلَّم موسى ـ الذي كان حينذاك الوسيط ـ وقال له: ” هكذا تقول لبني إسرائيل. أنتم رأيتم أنني من السماء تكلمت معكم. لا تصنعوا معي آلهة فضة ولا تصنعوا لكم آلهة ذهب” (خر20: 22ـ23). أي أنه لم يسمح لهم بأن يعبدوا آلهةً كاذبةً، بل بالعكس أمرهم بأنه ينبغي عليهم أن يبقوا بالقرب من الذي أتى من السماء، والذي بالحق يفرض سلطانه على الكل، الذي لا يظهر بهاؤه في ألوان المادة الجميلة فقط، لكن في إظهاره أن السماءَ ملكٌ له. لذا كان من الحتمي على الذين أُمروا بأن يهجروا العبادة القديمة الدنسة، أن ينتقلوا مباشرة إلى طريق أخرى للحياة، وأن يقبلوا ـ كَنِيرٍ ـ عبادة الإله الحقيقي. لأن العقل المنفلت لا يعوقه شيءٌ، وهو مهيأٌ جدًا أن يُغوَّى بأي شيء من الأمور غير العاقلة، بينما عندما يهدده الخوف والهموم يُسرع بدون تباطؤٍ نحو الطريق المستقيم ويلتفت تجاه ما هو نافع.

فنحن لا نقترب إلى الآب إلاَّ بواسطة الابن، حسب قوله: “ليس أحد يأتي إلى الآب إلاَّ بي” (يو6:14). وإذا كان الإتيان إلى الآب بواسطة الابن بمثابة قانون حتمي، فقد وضع لهم شريعة الأمثلة الحاملة للثمار بواسطته قائلاً: “مذبحًا من تراب تصنع لي وتذبح عليه محرقاتك وذبائح سلامتك غنمك وبقرك في كل الأماكن التي فيها اصنع لاسمي ذكرًا آتي إليك وأباركك. وإن صنعت لي مذبحًا من حجارة فلا تبنه منها منحوتةً، إذا رفعت عليها أزميلك تدنسها” (خر20: 24ـ25).

وتأكيدًا لذلك، يُشير المذبح التُرابي إلى عمانوئيل؛ لأنه يقول:  ” الكلمةُ صار جسدًا” (يو1: 14). وإذا كانت طبيعة الجسد هي تراب من تراب، إذن فكلُ ثمرةٍ وكلُ اقترابٍ، يصير بالمسيح؛ لأنه هو نفسه الذي قال: ” بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا” (يو15: 5). وكما أننا نحقق اقترابنا إلى الآب بواسطته، هكذا كل ذبيحة لأولئك الذين قبلوا الإيمان، تصير مقبولةً بواسطته؛ لأنه يَعد أولئك الذين أقاموا مذبحًا من ترابٍ أنه سوف يأتي إليهم ويباركهم؛ لأنه يقول: “أتى إليكم وأبارككم”.

وإذا كنا قد قبلنا نماذج أو أمثلة الحق من موسى الحكيم، فقد ظهر لنا ـ نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور ـ لمعان الحق نفسه، أي المسيح الذي بواسطته قبلنا ـ بغنىً ـ بركة الآب من السماء وختم الروح القدس للتبني بيسوع المسيح (راجع5:1).

وعندما يقول: ” وإن صنعت لي مذبحًا من حجارة فلا تبنه منها منحوتةً“، فهو يعني أنه من غير المسموح أن يضرب الحديدُ الحجارةَ المخصصة لله. لأن الحجر المختار وحجر الزاوية والحجر الكريم – بالتأكيد ـ هو المسيح، الطاهر من الخطايا، والذي لا تجد جروح الشيطان أي طريق فيه، ولا هو منقسم بين الله والعالم، فبالرغم من أنه صار جسدًا إلا أنه كله قدوس، بدون أن يُقسّم إلى إله وإنسان من بعد الاتحاد الذي لا يُوصف، أي بعد اتحاده بالجسد، لكن هو إلهٌ واحد وفي الوقت نفسه هو إنسان, أي غير منفصل بأي طريقة كما كتب بولس الحكيم (راجع 1كو11: 4).

بلاديوس: إذن هل المذبح الترابي والحجارة غير المنقوشة يشيران إلى المسيح بالطرق التي ذكرناها؟

كيرلس: هذا هو ما أقول. ولأن الناموسَ روحيٌ وفق الكتب المقدسة، ولأنه صوَّر سر المسيح والإتيان إلى الله بواسطته بطريقة سرية، هكذا أيضًا فَكَّر الله أن يُعلِن شكل الكنيسة. فقد كان حسنًا أنْ دعا موسى ومعه يشوع إلى جبل سيناء. ولعلك تلاحظ من هذا أن الآب صار قريبًا من هؤلاء الأنبياء القديسين بواسطة الابن، فقد صعد موسى ويشوع معًا، لأنه مكتوب: ” وكلم الرب موسى قائلا كلم بني إسرائيل أن يأخذوا لي تقدمة من كل من يحثه قلبه تأخذون تقدمتي. وهذه هي التقدمة التي تأخذونها منهم ذهب وفضة ونحاس. واسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص وشعر معزى. وجلود كباش محمرة وجلود تخس وخشب سنط. وزيت للمنارة وأطياب لدهن المسحة وللبخور العطر. وحجارة جزع وحجارة ترصيع للرداء والصدرة. فيصنعون لي مقدسًا لأسكن في وسطهم” (خر25: 1–8).

أرأيت كيف وهو يستعرض كل ما هو ضروري لإقامة الكنيسة – يحثُ العالم أن يقدِّموا ـ باستعداد مفرح ـ أشياءً تتماثل مع قوتهم وإرادتهم؟ لأنه لم يطلب ذهبًا فقط، أو ما كان صعبًا أن يجده الأقدمون، لكنه طلب أيضًا شعر معزي وجلود كباش مُظهرًا هكذا أن الأشياء قليلة القيمة تُقبل من الله، فالذي يقدم شيئًا ليس بثمين لا يُرفض من الله. وربما تتساوى هذه التقدمة مع الأشياء الثمينة أو تُمدح بالأكثر، مثلما لم يترك المسيح الأرملة في أورشليم دون أن يمدحها، تلك المرأة التي قدمت شيئًا قليلاً ورخيصًا جدًا، لكنه عظيم ربما لأولئك الذين هم في فقر مدقع حيث يعانون من الحرمان الشديد.

وعندما تؤخذ التقدمات، يقول: “فيصنعون لي مقدسًا لأسكن في وسطهم”. أي أن المسيح يظهر في الكنيسة ويتمجد في كل أعضائها كما تقول المزامير: “ الرب هو الله وقد أنار لنا” (مز118: 27). لاحظ هذا أيضا، أنه بالرغم من أنه نزل إلى الجبل على شكل نار ورآه كل الشعب، فقد كُتب هكذا مع أنه لم يظهر بعد؛ لأنه يقول: ” فيصنعون لي مقدسًا لأسكن في وسطهم“. يمكننا إذن أن نرى بوضوح كيف أن تلك الرؤى إنما هي فقط ظلالٌ للرؤية الإلهية الحقيقية.

إن الظهور الحقيقي لله هو المسيح الذي في شخصه رأينا الآب نفسه. لذلك وبخ الرب اليهود كأغبياء، قائلاً: ” لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته. وليست لكم كلمته ثابتة فيكم لأن الذي أرسله هو لستم أنتم تؤمنون به” (يو5: 37ـ38)، بينما هم ظنوا أنهم رأوا إله الجميع حقًا على جبل سيناء.

إذن، يقول سأظهر لكم عندما يُبنى مقدسي. هذا بالطبع كان مثالاً للكنيسة التي صارت لكي تكون مطابقة السماويات. لأنه حقًا يقول “بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن ومثال جميع آنيته هكذا تصنعون” (خر25: 9). إذن ظهر لموسى الطوباوى ـ كما قُلت ـ مثالٌ للكنائس المقدسة وبطرق كثيرة. ظهر في ظلال ذاك الذي صار إنسانًا لأجلنا. وبالتأكيد، كل النماذج تحتاج إلى حديث طويل ومملوء بالتفصيلات. لكن هناك أمثلة متعددة لها خصوصيتها وتناسبها مع صناعة الأشياء التي تمت، بينما هناك أمثلةٌ أخرى تقتصر على الالتزام بالأمور التي أُظهرت، فلنمضِ إذن في الحديث عن الأمور المفيدة في هذا ودعنا نترك الأمور الأخرى.

بلاديوس: لا أفهم مقصدك من هذا القول.

كيرلس: أنتبه إذن لما أقوله لك لأنك سوف تفهم بدون أية مشقة. لقد أمَّر أن يصنع التابوت من الخشب الغير القابل للتسوس، ويكون مغطىً من الداخل ومن الخارج بذهبٍ نقي (انظر خر25: 10ـ11)، ويحمل في داخله الشهادة، أي الناموس المكتوب على اللوحين. ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ لأنه أمّر أيضًا أن تُصنع عصوين من خشب غير قابل للتسوس وتغطيان بذهب، وحلقات مذهبة حول العصوين. ولصناعة التابوت حدّد الطول والعرض والارتفاع. لكن إذا أراد أحدٌ أن يفحص بالتفصيل مفهوم وسر كل هذه الأمور، عليه أن يكتشف ماذا يعني التابوت والشهادة داخله؟ ولماذا كانت الحاجة إلى أخشابٍ غير قابلةٍ للتسوس؟ أيضًا ما الذي أراد أن يعلنه بالذهب في التابوت وكل الأشياء المستخدمة للتزيين بحسب ترتيبها، أقصد الأشكال المموجة، والحلقات الذهبية والعصوين؟ تلك الأشياء التي إذا أراد المرء أن يفحص عنها بالتفصيل، فإنه سوف يجد صعوبة شديدة، ولن يستطيع أن يصل إلى المفهوم السري للتابوت. ربما ينتهي إلى كلام لا معنى له، بعد أن يكون قد صب آلاف الكلمات ـ التي لا هدف لها ـ في آذان محبي التعلم.

على أن حديثنا لن يقتصر – حقيقةً ـ على التابوت فقط، لأني سأحاول أن يكون هذا الحديث عن الأمور الأخرى التي أمر أن يتم الالتزام بها.

بلاديوس: لا يبدو ما ذكرته لي صعبًا. لذلك، بينما وأنت تتجنب الحديث عما ذكرته من تماثلٍ وقياس، أرجو أن تُسرع لكي تصل إلى ما هو ضروري في التقييم الروحي للأمر، أي لتوضح ـ بدون تأخير ـ بأية طريقة يُظهر لنا المسيح نفسه بالأمثلة التي استُخدِمت، أو بالمصنوعات التي صُنعت.

كيرلس: سوف أحاول أن أتأمل وأُعبِّر على قدر استطاعتي. لكن أرجو المعذرة إذا ما اقتربت قليلاً جدًا من السمو اللائق للمفاهيم، وإن أخفقت في إظهار الحق. فرغم اليقظة والحكمة فإن العقل قد يخطئ إذا كان المرء يشاهد شيئًا في مرآة أو لغز.

بلاديوس: بالصواب تحدثت.

كيرلس: التابوت، يا بلاديوس، يمكن أن يكون مثالاً وأيقونةً للمسيح. لأنه في تفسيرنا لطريقة تأنس الوحيد الجنس روحيًا، سوف نرى أن اللوغوس ساكن في هيكل العذراء كما لو كان داخل التابوت. لأنه وفق الكتب المقدسة “ فإنه يحل فيه كل ملء اللاهوت جسديًا” (كو9:2). إذن، اللوغوس ـ بالتأكيد ـ هو ما يشير إليه لوحا الشهادة بالتابوت. والخشب أيضا كان من النوع الذي لا يصاب بالفساد، وكان مغطىً بذهب نقي وخالص من الداخل والخارج. لأن جسد المسيح غير فاسد محفوظٌ في عدم الفساد بقوة وبهاء اللوغوس الذي يسكن داخله بطبيعته والفعل المحيي للروح القدس. لأجل هذا بالتأكيد يُقال أن المسيح يُحيي. فلأن اللوغوس ـ باعتباره كلمة الله الآب ـ حي بحسب طبيعته، فإنه بقوة الروح يُعيد إحياء هيكله جاعلا إياه أسمى من الفساد. لأن “جسده لم يرَ فسادًا” وفقًا لكلام بطرس القديس([1]).

وقد وجَّه الرب أيضًا حديثه مرةً إلى اليهود وقال لهم عن جسده “ انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه” (يو2: 19). وبطرس يقول “مماتًا في الجسد ولكن مُحيىً في الروح” (1بط 3: 18).

إذن، الذهبُ هو رمزٌ للألوهية فائقة البهاء التي اتحدت بالجسد المقدس، وانسكبت داخله بالمجد وعدم الفساد بطريقة فائقة بقدر ما تعتبر معرفة الطبيعة الإلهية في حد ذاتها، أعلى من العقل. لأنه إذا كان الأبرار يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم (راجع مت13: 43)، فماذا يكون عندئذ مجد المسيح نفسه؟ وإشعاعاته أيضًا كيف لا تكون أعلى من أي عقل أو منطق؟

العصوان الذهبيتان ترفعان أيضا التابوت. كما أن الحلقات مذهبةٌ أيضًا، وكذلك كل ما هو موجود في التابوت، أي أن المحيطين به (بالمسيح) يشتركون في مجد محبته والملتصقون به هم مقدسون. مثل هؤلاء كان التلاميذ الطوباويون الذين قبلوا قوته الإلهية واكتسبوا ـ بالشركة ـ غنى بهاء العظمة السماوية، لذلك استطاعوا أن يحققوا المعجزات.

بلاديوس: تتحدث بالصواب.

كيرلس: وبخصوص تابوت العهد، يقول: ” وتصنع غطاءً من ذهب نقي طوله ذراعان ونصف، وعرضه ذراعٌ ونصف. وتصنع كروبين من ذهب صنعة خراطة تصنعهما على طرفي الغطاء. فاصنع كروبًا واحدًا على الطرف من هنا، وكروبًا آخرًا على الطرف من هناك من الغطاء، تصنعون الكروبين على طرفيه. ويكون الكروبان باسطين أجنحتهما إلى فوق مظللين بأجنحتهما على الغطاء ووجهيهما كل واحد إلى الآخر نحو الغطاء يكون وجها الكروبين. وتجعل الغطاء على التابوت من فوق وفي التابوت تضع الشهادة التي أعطيك” (خر21: 17ـ25).

[1] انظر أع2: 31.

 

المقالة9 ج1 – السجود والعبادة بالروح والحق ج5 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)