آبائياتأبحاث

رسالة اكليمندس الرومانى إلى الكورنثيين ج3 – د. وليم سليمان قلادة

رسالة اكليمندس الرومانى إلى الكورنثيين ج3 - د. وليم سليمان قلادة

رسالة اكليمندس الرومانى إلى الكورنثيين ج3 – د. وليم سليمان قلادة

رسالة اكليمندس الرومانى إلى الكورنثيين ج3 - د. وليم سليمان قلادة
رسالة اكليمندس الرومانى إلى الكورنثيين ج3 – د. وليم سليمان قلادة

 

 (21)

          1 ـ فاحذروا أيها الأحباء لئلا يقتادنا غنى لطفه[1] إلى الدينونة إن لم نسلك كما يحق له، وبوفاق نفعل الأشياء الصالحة والمرضية أما عينيه. 2ـ لأنه فى الحقيقة يقول [الكتاب] فى موضع ما: ” روح الرب سراج يفتش مخادع البطن “[2]. 3 ـ فلنتبصر كم هو قريب[3] منا، وأن ليس شئ من أفكارنا أو خواطرنا يخفى عليه. 4 ـ فحق علينا إذن أن لا نتخلى عن مركزنا الذي عينته لنا إرادته، 5 ـ وخير لنا أن نُغضب أولئك الناس الحمقى وغير المتعقلين والمتشامخين الذين يفتخرون بكبرياء أقوالهم[4]، عن أن نغضب الله. 6 ـ لنمجد الرب يسوع المسيح الذي بُذل دمه عنا. ولنوقر رؤساءنا[5] ـ لنكرم الشيوخ الذين بيننا، ولنرب الشباب[6] فى مخافة الله. لنوجه زوجاتنا إلى ما هو صالح، 7 ـ وليبدين خلق النقاوة المحبوب، وليؤكدن ثباتهن المخلص فى الوداعة، وليظهرن بالصمت ووقار ألسنتهن، وليبدين المحبة بقداسة ـ لا بحسب أهوائهن بل بدون محاباة[7] نحو كل الذين يعيشون فى التقوى ومخافة الله. 8 ـ فليكن لأولادنا شركة فى التهذيب المسيحي الحق، وليعرفوا مقدار ما للتواضع من نفع أمام الله، وما للمحبة الطاهرة من اقتدار لديه، وكيف أن مخافة الله حسنة وثمينة، وكيف أنها تنجى كل الذين يسلكون فيها بقداسة بضمير طاهر. 9ـ لأنه هو فاحص أفكارنا ورغباتنا[8]، ونسمته فينا، وهو سيأخذها متى يشاء[9].

(22)

          1 ـ هذه الأشياء جميعًا يكفلها لنا الإيمان فى المسيح؛ فبالحقيقة هو يدعونا هكذا بواسطة الروح القدس: ” تعالوا إلىّ أيها البنون، اسمعوا لى فأعلمكم مخافة الرب. 2 ـ من هو الرجل الذي يهوى الحياة ويحب أن يرى أيامًا صالحة ؟ 3 ـ صُنْ لسانك عن الشر، وشفتيك عن النطق بالغش. 4ـ حد عن الشر واصنع الخير، 5ـ اطلب السلام واتبعه. 6ـ إن عينى الرب على المستقيمين، وأذنيه مصغيتان إلى صلواتهم. وجه الرب ضد صانعى الشر ليمحو من الأرض ذكرهم. 7 ـ الصديق صرخ والرب سمع له، من جميع أحزانه خلصه. 8 ـ كثيرة هي آلام البار، لكن الرب ينقذه من جميعها”[10]. يقول أيضًا: ” كثيرة هي نكبات الشرير، أما رحمته فتحوط الذين رجاؤهم فى الرب ” [11].

(23)

          1 ـ إن الآب الكثير الرحمة والإحسان يتراءف على الذين يخافونه، ويوزع إنعاماته بعطف ومحبة للذين يأتون إليه بقلب بسيط. 2ـ فلا نكن إذن ذوى رأيين، و لا ترتفع نفوسنا بسبب عطاياه العظيمة المجيدة ؛   3ـ حتى لا يتم علينا المكتوب: “ملعون كل ذى رأيين[12] الذي يشك فى قلبه قائلاً: قد سمعنا عن هذا كله فى زمن آبائنا[13]، ورغم أننا تقدمنا فى الأيام ـ فإن شيئًا من هذا لم يحدث لنا. 4ـ أيها الأغبياء! قارنوا أنفسكم بشجرة، ولتكن الكرمة [مثلاً][14]ـ فهي أولاً تنفض أوراقها، ثم تنمو براعمها، وبعد ذلك تنبت أوراقها ثم تزهر، وتثمر الحصرم. ويتلو ذلك العنب الناضج”[15]. بهذا تدركون كيف تنضج ثمرة الشجرة فى وقت قصير.

          5 ـ وهكذا بالحقيقة سوف تتم مشيئة الله سريعًا وبغتة، كما يؤكد ذلك الكتاب بقوله: ” سوف يأتى سريعًا ولن يبطئ “[16]. ويأتى الرب بغتة إلى هيكله ـ الواحد القدوس الذي تطلبونه “[17].

(24)

          1 ـ فلنلاحظ أيها الأحباء كيف يصور لنا السيد باستمرار القيامة المقبلة، التي أعطانا باكورتها[18] فى الرب يسوع المسيح، بإقامته إياه من الأموات. 2 ـ لنتأمل يا أحبائى القيامة التي يتوالى حدوثها فى كل الأوقات. 3 ـ فالنهار والليل يعلنان لنا قيامةً، إذ يستغرق الليل فى اليوم، وينهض النهار، ثم يُولى النهار ويأتى بعده الليل.

          4 ـ لنلاحظ الثمار وبأى شكل تعمل الحبوب: 5 ـ يخرج الزارع[19] ليلقى البذار المتنوع فى الأرض، والبذار الجافة والعارية تسقط فى التربة كى تأخذ فى الانحلال داخلها تدريجيًا، ولكن من انحلالها ذاته تقيمها عناية السيد القادرة، والحبة الواحدة تتكاثر وتعطى ثمرًا.

 

(25)

          1 ـ فلنتأمل الأعجوبة الغريبة التي تحدث فى نواحى المشرق، أى بلاد العرب والأقاليم المحيطة بها. 2 ـ هناك طائر يسمى العنقاء[20]: هو وحيد فى نوعه ويعيش خمسمائة عام، وعندما تقرب نهايته ليموت ـ يقيم لنفسه باللبان والمر وغيرهما من الأطياب عشًا يدخله عندما تكمل أيامه حيث يموت. 3 ـ ومن جسمه المتحلل تولد دودة تغتذى من بقايا الطائر الميت، وتتغطى بالريش. ثم إذ تصبح قوية، تحمل العش الذي تستقر فيه عظام أبيها، وبهذا الحمل تواصل رحلتها من العربية إلى مصر حتى مدينة هليوبوليس. 4 ـ هناك، فى وضح النهار، وعلى مرأى من الجميع تمضى طائرة لتضعه على مذبح الشمس. وبعد ذلك تسرع عائدة إلى مقرها الأول. 5 ـ حينئذ يفتش الكهنة سجلات تواريخهم، ويجدون أنها عادت بالضبط بعد تمام الخمسمائة عام.

(26)

          1 ـ أفنحسبه أمرًا غريبًا وعجيبًا إذن، إن كان صانع الكون يقيم ثانية أولئك الذين خدموه بتقوى فى يقين الإيمان الحسن ـ على الرغم من أنه يرينا فى طائر قدرة وعده؟ 2 ـ ألاّ يقول الكتاب فى موضع معين: “سوف تقيمنى وأنا سأعترف لك “[21] وأيضًا ” أنا اضطجعت ونمت ثم استيقظت لأنك أنت معى ” [22]. 3 ـ وأيضًا يقول أيوب: ” ستقيم جسدى الذي احتمل كل هذه الآلام ” [23].

(27)

          1 ـ فإذ لنا هذا الرجاء، فلتلتصق أرواحنا بمن هو أمين فى مواعيده[24]، وعادل فى أحكامه، 2ـ لأن الذي أوصانا أن لا نكذب ـ لن يكذب هو بالحرى، إذ ليس شئ غير ممكن لدى الله إلاّ الكذب [25].

          3 ـ فلنضرم[26] إيمانه مرة أخرى فى داخلنا، عالمين أن كل الأشياء ميسورة لديه. 4 ـ فبكلمة قدرته[27] أنشأ كل الأشياء، وبكلمته أيضًا يستطيع أن يهدمها. 5 ـ “من يقول له ماذا فعلت، أو من يقاوم شدة قوته”[28]؟ لأنه يصنع كل شئ متى أراد، وكيفما أراد. ولن يَبطل شئ من تدبيراته[29]. 6ـ كل الأشياء مكشوفة أمامه، ولا يُخفى شئ عن مشورته[30]. 7 ـ ” السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه، يوم إلى يوم يبدى قولاً وليل إلى ليل يظهر علمًا. وليست أقوال ولا كلمات لا تسمع أصواتها ” [31].

 

(28)

          1 ـ ومادام [الله] يرى كل الأشياء ويسمعها، فلنَخَفه ـ ولنطرح الشهوة الدنسة التي للأعمال الشريرة حتى يحفظنا برحمته من الدينونة المقبلة. 2 ـ لأنه أين يمكن الفرار من يده المقتدرة، وإلى أى عالم يلتجئ هارب من الله ؟ ألاّ يقول الكتاب فى موضع: 3 ـ ” إلى أين أذهب، وأين أختفى من وجهك؟ إن صعدت إلى السماء فأنت هناك، وإذا ذهبت إلى أقاصى المسكونة فهناك يمينك، وإن نزلت إلى الهاوية فهناك روحك”[32] فأين يمكن الانزواء إذن، أين المهرب بعيدًا عن من يحيط بكل كائن ؟

 

(29)

          1 ـ إذن لنقترب منه فى قداسة الروح، رافعين نحوه أيادٍ طاهرة[33] من كل دنس، محبين أبانا المنعم الرحيم الذي جعلنا لنفسه بصليبه المختار. 2 ـ كما هو مكتوب: ” حين قسم العلى الأمم، حين فرق بنى آدم، نصب تخومًا للأمم حسب عدد ملائكته. (أما) قسم الرب (فهو) شعبه يعقوب، وإسرائيل هو نصيب ميراثه”[34]. 3 ـ وفى موضع آخر يقول أيضًا: “يأخذ الرب لنفسه شعبًا من بين الشعوب كما يأخذ الإنسان البكور من بيدره، ومن هذه الأمة يخرج قدوس القديسين “[35].

 

(30)

          1ـ وبما أننا نصيب مقدس، فعلينا أن نمارس أعمال القداسة[36]، مجتنبين كلام الشر والمعانقات الممقوتة والدنسة والسكر والسعى وراء الشهوات الشبابية وكل الشهوات (الأخرى) المرذولة والزنى البغيض والكبرياء الممقوت. 2ـ “لأن الله ـ كما يقول الكتاب ـ يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعين فيعطيهم نعمة”[37]. 3ـ فلنلتصق إذن بالذين يعطيهم الله نعمته، ولنتسربل بالوفاق والاتضاع وضبط النفس على الدوام، مبتعدين عن الوشايات والتهامس الشرير. ولتكن تزكيتنا لا بالأقوال بل بالأعمال[38]. 4ـ لأن الكتاب يقول: “كثير الكلام يجاوب بكثير، وهل المسرع فى كلامه يتبرر؟”[39]. 5ـ مبارك هو مولود المرأة، القليل الأيام الذي لا يكثر من الكلام. 6ـ إذن فليكن مدحنا من الله لا من أنفسنا[40]، لأن الرب يبغض الذين يمدحون أنفسهم. 7ـ لتكن الشهادة لأعمالنا الصالحة من أفواه الآخرين كما كان الحال مع آبائنا الأبرار [41]. 8ـ إن الوقاحة والاعتداد بالذات والعجرفة هي من صفات أبناء الغضب. أما الاعتدال والتواضع والوداعة فمن صفات الذين باركهم.

(31)

          1 ـ فلنلتصق ببركة الله، ولنتعرف على الطرق التي توصلنا إليها، ناظرين إلى كل الأمور التي حدثت منذ البداية: 2 ـ فلأى سبب نال إبراهيم أبونا البركة؟ أليس لأنه بالإيمان عمل البر والحق ؟[42]. 3 ـ واسحق بثقة كاملة ـ أسلم نفسه بفرح للذبح، عالمًا بما كان عتيد أن يحدث [43]. 4 ـ ويعقوب قَبِل باتضاع أن يخرج من أرضه هاربًا من وجه أخيه، وجاء إلى لابان وخدم عنده، وهناك أُعطى أن يكون رئيسًا لأسباط بنى إسرائيل الاثنى عشر.

(32)

          1 ـ ومن يتأمل الأمور واحدًا واحدًا، بإخلاص ـ يدرك عظم الهبات التي صارت بواسطته[44]. 2 ـ إذ منها قد خرج الكهنة وجميع اللاويين الذين خدموا مذبح الله. ومن نسله جاء أيضًا ربنا يسوع المسيح حسب الجسد. ومن ذريته، من نسل يهوذا، قام ملوك وأمراء وحُكام. أما الأسباط الأخرى فليست بأقل كرامة طبقًا لوعد الله: ” ويكون نسلك مثل نجوم السماء “[45]. 3 ـ جميع هؤلاء نالوا كرامة ومجدًا، لا من أجل استحقاق ذواتهم، ولا من أجل أعمالهم[46] ولا للبر الذي صنعوه، بل بإرادة الله. 4 ـ ونحن، بالتالى، إذ دعينا بهذه الإرادة عينها[47] فى المسيح يسوع لا نتبرر بذواتنا، ولا بحكمتنا أو فهمنا، ولا بتقوانا ولا بأعمال عملناها بقداسة القلب ـ بل بذلك الإيمان، الذي به منذ البدء برر الله ضابط الكل جميع الناس. الذي له المجد إلى الأبد آمين.

(33)

          1 ـ فماذا نفعل إذن يا اخوتى ؟ أنتكاسل فى فعل الخير ونكف عن المحبة[48]؟ فليحفظنا السيد من اتِّباع مثل هذه الطرق! بل بالحرى، لنسرع بكل نشاط واستعداد قلبى لإتمام عمل صالح[49]. 2 ـ لأن الخالق ورب الكل نفسه يبتهج بعمله[50]، 3 ـ فبقوته الفائقة العظمة أسس السموات وزينها بحكمته غير المُدركة، وفصل اليابسة عن المياه التي تكتنفها، وثبتها على أساس إرادته الذي لا يتزعزع، وبكلمته أيضًا خلق الحيوانات التي فوقها. وعندما أنشأ البحار وما فيها من خلائق حصرها بقوته فى حدود لا تتجاوزها.

          4 ـ وفوق الكل، فإن الإنسان ـ الذي عقله هو سبب عظمته وسموه ـ كوّنه بيديه المقدستين الطاهرتين، كمثال لصورته نفسها. 5 ـ فلذلك قال الله: ” لنصنع الإنسان على صورتنا كشبهنا. فخلق الله الإنسان على صورته ـ ذكرًا وأنثى خلقهم “[51] 6 ـ وبعد ما أكمل هذه الكائنات مدحها الله وباركها وقال: ” أثمروا وأكثروا ” [52].

          7 ـ وهكذا نرى أن كل الرجال الأبرار قد تزينوا بالأعمال الصالحة، وأن الرب نفسه ـ وقد تزين بأعماله ـ ابتهج. 8 ـ فإذ لنا هذا المثال، لنخضع بلا إبطاء  لإرادته، ولنعمل عمل البر بكل قوتنا.

(34)

          1 ـ فالعامل الأمين يتقبل جزاء عمله بثقة. أما الكسول المتوانى فلا يستطيع أن يرفع عينيه فى وجه من يخدمه. 2 ـ لهذا ينبغى أن نكون مسرعين إلى فعل الخير، لأن من الله كل الأشياء[53]. 3 ـ وهو ينذرنا قائلاً: ” هوذا الرب يأتى وأجرته قدامه لكي يعطى كل واحد بحسب عمله”[54]. 4 ـ لذلك يستحثنا أن نؤمن به من كل قلبنا وأن لا نكون متكاسلين أو متوانين فى أى عمل صالح [55]. 5 ـ وليكن افتخارنا به، وثقتنا فيه. ولنُخضع أنفسنا لإرادته. ناظرين إلى كل جموع ملائكته الذين يقفون على استعداد دائم لتنفيذ مشيئته. 6 ـ كما يقول الكتاب: ” ربوات ربوات وقوف حوله، وألوف ألوف يخدمونه[56] قائلين قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت، مجده ملأ كل الخليقة “[57]. 7 ـ لذلك فإذ نحن مرتبطون بمشاعر متآلفة، فى توافق الجسم الواحد، لنصرخ إليه بحرارة كما بفم واحد ـ ليجعل لنا نصيبًا فى مواعيده العظيمة المجيدة، 8 ـ التي يقول الكتاب عنها: ” ما لم تره عين ولم تسمع به أُذن ولم يخطر على قلب بشر ما أعده الله للذين ينتظرونه ” [58].

(35)

          1 ـ أيها الأحباء ـ كم هي مباركة وعجيبة عطايا الله ! 2 ـ (إنها) الحياة فى الخلود، البهاء فى البر، الحق فى الحرية، الإيمان فى الطمأنينة، ضبط النفس فى القداسة. وهذه جميعها ندركها منذ الآن بأفهامنا 3 ـ فكيف ستكون إذن تلك الأشياء التي أعدها للذين ينتظرونه ؟ إن الخالق وأب كل الدهور[59]، القدوس ـ هو وحده الذي يعرف مقدارها وبهاء جمالها[60]. 4 ـ لذلك فلنجاهد بحرارة لكي نُحسب بين الذين ينتظرونه، حتى يكون لنا نصيب فى عطاياه التي وعد بها. 5 ـ ولكن كيف يتحقق لنا ذلك أيها الأحباء؟ إذا ثبَّتنا فكرنا نحو الله بالإيمان، وإن كنا نطلب بحرارة الأمور المرضية والمقبولة لديه، ونفعل الأشياء التي توافق إرادته الطاهرة، ونتبع طريق الحق ـ طارحين عنا كل إثم ومعصية، مع كل طمع وحسد وخصام، والممارسات الشريرة، والخداع والنميمة والكلام الباطل، وكل بغضة لله وكل كبرياء وتشامخ ومجد باطل وقسوة على الغرباء.

          6 ـ لأن الذين يفعلون مثل هذه الخطايا هم مكروهون لدى الله ـ وليس فقط الذين يفعلونها، بل أيضًا الذين يُسرون بالذين يفعلونها  [61]. 7ـ إذ يقول الكتاب: ” وللشرير قال الله: ما لك تُحَدِّث بفرائضى، وتحمل عهدى على فمك، 8 ـ وأنت قد أبغضت التأديب وألقيت كلامى خلفك ؟ إذ رأيت سارقًا وافقته، وجعلت مع الزناة نصيبك. أطلقت فمك بالشر ولسانك يخترع غشًا، تجلس تتكلم على أخيك، لابن أمك تضع معثرة. 9 ـ هذه صُنعت وأنا سكتُّ. ظننت أيها الشرير، أننى مثلك. 10 ـ ولكنى أوبخك وأصف خطاياك أمام عينيك. 11 ـ افهموا هذا أيها الناسون الله لئلا يمزقكم إربًا كالأسد ولا منقذ. 12 ـ ذابح الحمد يمجدنى، والمقوم طريقه أريه خلاص الله ” [62].

(36)

          1 ـ هذا ـ أيها الأحباء ـ هو الطريق، به نجد مخلصنا يسوع المسيح رئيس كهنة[63] جميع تقدماتنا، الذي يحمى ضعفنا ويعينه. 2 ـ به ترتفع أعيننا إلى أعالى السماء، وفيه نرى كما فى مرآة[64] وجه الله النقى الكلى البهاء. وبه تنفتح أعين قلوبنا، به يبتهج من جديد فى نوره العجيب عقلنا الغبى المظلم[65]، به شاء الرب أن نتذوق المعرفة الخالدة: ” الذي هو بهاء مجده ـ صار أعظم جدًا من الملائكة بمقدار ما ورث اسمًا أفضل منهم “[66]. 3 ـ كما هو مكتوب: ” الصانع ملائكته رياحًا، وخدامه لهيب نار “[67]. 4 ـ أما عن ابنه فقد قال الرب هكذا: ” أنت ابنى أنا اليوم ولدتك. اسألنى فأعطيك الأمم ميراثًا لك، وأقاصى الأرض ملكًا لك[68]. 5ـ ويقول له أيضًا: ” اجلس عن يمينى حتى أضع أعداءك تحت موطئ قدميك “[69]. 6 ـ فمن هم أعداء المسيح؟ إنهم كل الأشرار وجميع الذين يقاومون إرادة الله.

(37)

          1 ـ فلنجاهد[70] إذن أيها الرجال الاخوة بكل نشاط كجنود، سائرين، بحسب وصاياه المقدسة، 2 ـ ولننظر إلى (الجنود) الذين يخدمون تحت قيادة الرؤساء؛ كيف ينفذون بكل نظام وطاعة وخضوع الأشياء التي يُؤمرون بها.

          3 ـ ليس الجميع رؤساء، ولا هم رؤساء ألف أو مائة أو خمسين أو ما شاكل ذلك [71]، ولكن كلاً منهم فى رتبته[72] يتمم كل ما يأمر به الملك  والرؤساء. 4 ـ لا يستغنى الكبير عن الصغير، ولا الصغير عن الكبير. هناك نوع من الاشتراك فيما بينهم، ومن هنا يقوم تبادل المنفعة.        5 ـ ولنأخذ جسدنا كمثال [73] ؛ فالرأس هي لا شئ بدون القدم، وكذلك القدم بدون الرأس. بل إن أصغر أعضاء الجسد ضرورى ونافع للجسد كله[74]، ولكن جميع الأعضاء تعمل معًا[75] فى انسجام تحت قيادة عامة واحدة من اجل حفظ الجسد كله.

(38)

          1 ـ إذن فليُحفظ، سليمًا، الجسد الذي نكوِّنه فى المسيح يسوع، وليخضع كل واحد لقريبه[76] بحسب الموهبة الخاصة التي أُعطيت له[77]. 2 ـ فليهتم القوى بالضعيف، وليخدم الضعيف القوى. فليسدّ الغنى احتياجات الفقير، وليشكر الفقير الله لأنه أعطاه إنسانًا تُسدُّ به حاجته. والحكيم فليظهر حكمته ـ لا بمجرد القول بل بالأعمال الصالحة. ولا يزكيّن المتواضع ذاته، بل ليدع الغير يشهدون له[78]. ولا يفتخرنَّ الطاهر الجسد بطهارته، ولا يتباهي بها ليعلم أن آخر هو الذي أفاض عليه موهبة العفة. 3 ـ فلنتأمل إذن أيها الاخوة من أى مادة صُنعنا، ومن كنا، وما هي هذه الكائنات التي كناها حين دخلنا إلى العالم ـ من أى قبر، ومن أية ظلمة حالكة[79]. ولكن الذي صنعنا وأبدعنا، إذ قد أعد لنا عطاياه الفاخرة قبل أن نولد، أدخلنا إلى عالمه. 4 ـ فإذ نحن نتقبل كل هذه النعم منه، ينبغى أن نشكره على كل شئ. ذلك الذي له المجد إلى أبد الأبد. آمين.

[1] رو4:2.

[2] أم27:20.

[3] قارن ما يلى 3:27، مز151:119، مز18:145. بوليكاربوس، فيلبى3:4

[4] يع16:4.

[5] قارن عب17:13، 1تس12:5،13، وما سبق 3:1.

[6] بوليكاربوس، فيلبى2:4.

[7] 1تى21:5. ما يلى 3:47،4، 2:52.

[8] عب2:4.

[9] مز29:103.

[10] مز11:34ـ17،19.

[11] مز10:32.

[12] يع8:1، 8:4، الديداكية4:4، برنابا5:19، هرماس الرؤيا3:4:3.

[13] 2بط4:3، إش19:5.

[14] مت32:24،33، مت28:13،29، لو29:21،30.

[15] يع8:1، 2بط3:3،4، مر26:4، مت32:24. وتورد رسالة اكليمندس الثانية هذا النص كقول نبوى.

[16] حبقوق3:2، إش32:13، عب37:10.

[17] ملاخى1:3.

[18] قارن 1كو20:15، كو18:1.‎

[19] قارن مت3:13، مر3:4، لو5:8.

[20] لا ينبغى أن يدهشنا ذكر أسطورة العنقاء هنا، لأن العالم القديم كله كان يؤمن بها. وقد أوردها هيرودت لأول مرة (73:2) وفى عام 97 قبل الميلاد كتب أحد شيوخ روما عن العنقاء وقال إن ذلك العام يوافق العام 215 منذ آخر ظهور لذلك الطائر العجيب (بلينى، التاريخ الطبيعى، 2:10) وفى نهاية حكم تيباريوس قيل إن العنقاء ظهرت ثانية فى مصر. وبعد ذلك بعدة أيام وفى سنة 47 ق.م عُرِض الطائر فى روما، ومن المحتمل أن القديس اكليمندس رآه بعينه، وشمله الاعتقاد العام المتداول بين كل الناس. ولقد أورد كثير من الكُتاب قصة العنقاء ـ سواء كانوا مسيحيين أو غير مسيحيين (مثلاً كلسوس يستخدمها ضد المسيحيين، أوريجينوس ضده، 98:4. وأنظر ترتليان عن القيامة13، وكيرلس الأورشليمى، للموعوظين8:18، والنزينزى عظاته10:31، وأوغسطين عن النفس 33:4)، وهكذا فإن اكليمندس لا يظهر شخصًا سريع التصديق أكثر من معاصريه المدققين. ومن الواضح أن القديس يورد الحديث هنا كإحدى ظواهر التاريخ الطبيعى مرتبطة بالفصلين السابقين حيث يعرض ظواهر طبيعية أخرى. وأنظر ما يلى 7:27.

[21] مز7:28.

[22] مز6:3، 4:23.

[23] أيوب25:19،26.

[24] عب23:10.

[25] تى2:1، عب18:6، مت26:19، مر27:10.

[26] 2تى6:1.

[27] عب3:1، حكمة1:9.

[28] حكمة12:12، 22:11.

[29] مت35:24.

[30] مز3:139،4،15.

[31] مز1:19ـ3.

[32] مز7:139ـ10.

[33] 1تى8:2.

[34] تث8:32،9 (حسب السبعينية).

[35] تث34:4، عد27:19، 2أى14:31، حز12:48، تث2:14. أنظر دا 9:9.

[36] 1بط15:1،16، لا44:11.

[37] أم 34:3، يع6:4، 1بط5:5.

[38] مت21:7، رو13:2، 1كو20:4، يع22:1، 14:2ـ26.

[39] أيوب2:11،3.

[40] رو29:2، 1كو5:4، 2كو18:10.

[41] أم2:27.

[42] رو1:4ـ25، غل6:3ـ14، يع21:2ـ26.

[43] لا يذكر سفر التكوين (7:22) شيئًا عن ثقة اسحق وفرحه. ولكن التقليد اليهودى يقول بذلك. فيوسيفيوس يقول إن اسحق تقبل بفرح أقوال إبراهيم وصعد إلى المذبح كى يُقدم عليه.

[44] أى بواسطة الله ليعقوب. والبعض يقول بواسطة ” يعقوب ” نفسه.

[45] تك5:15، 17:22، 4:28.

[46] 2تى9:1، تى5:3.

[47] أف5:1.

[48] قارن رو1:6.

[49] تى1:3.

[50] تك8:1،10،12، إلخ.

[51] تك26:1،27.

[52] تك28:1.

[53] رو36:11، 1كو6:8.

[54] إش10:40، 11:62، رؤ12:22، أم12:24.

[55] تى1:3.

[56] دانيال10:7.

[57] إش3:6.

[58] 1كو9:2.

[59] 1تى17:1. ما يلى رقم6:55، 2:61.

[60] قارن 1يو2:3.

[61] رو32:1.

[62] مز16:50ـ23.

[63] عب17:2، 1:3، 14:4،15، 1:5،5.

[64] 2كو18:3، يو14:1، يع23:1.

[65] رو21:1، أف18:4، 1بط9:2.

[66] عب3:1،4.

 [67] مز4:104، عب7:1.

[68] مز7:2،8، عب،5:1، أع33:13.

[69] مز1:110، عب13:1، 1كو25:15.

[70] 2كو3:10، 1تى18:1، 2تى3:2.

[71] 1كو29:12،30.

[72] 1كو23:15.

[73] 1كو12:12ـ31، رو4:12.

[74] 1كو22:12.

[75] حرفيًا تتنفس معًا.

[76] أف21:5.

[77]1بط10:4، 1كو7:7، رو6:12.

[78] أم2:27.

[79] مز15:139.

رسالة اكليمندس الرومانى إلى الكورنثيين ج3 – د. وليم سليمان قلادة

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)