أبحاث

هل يمكن تحريف الكتاب المقدس؟

هل يمكن تحريف الكتاب المقدس؟

هل يمكن تحريف الكتاب المقدس؟

هل يمكن تحريف الكتاب المقدس؟
هل يمكن تحريف الكتاب المقدس؟

 

هل يمكن تحريف الكتاب المقدس؟

1 – ما هو التحريف وما معناه؟

 تعني كلمة تحريف في أي كتاب مقدس تحريف الكلام بمعنى تفسيره على غير معناه بدون دليل وإعطائه معنى يخالف معناه الحقيقي. ويعني أصل التحريف في اللغة تبديل المعنى. والتحريف اصطلاحاً له معانٍ كثيرة منها: التحريف الترتيبي: أي نقل الآية من مكانها إلى مكان آخر. ومنها تحريف المعنى وتبديله إلى ما يخالف ظاهر لفظه، وهذا يشمل التفسير بالرأي، وكل من فسر الكلام بخلاف حقيقته وحمله على غير معناه فهو تحريف. ومنها تحريف اللفظ: وهو يشمل كل من الزيادة أو النقص، والتغيير والتبديل.

 

أولاً: التحريف بالزيادة: بمعنى أنّ بعض الكتاب الذي بين أيدينا ليس من كلام الكتاب الأصلي.

1- الزيادة في الآية بحرف أو أكثر.

2- الزيادة في الآية بكلمة أو أكثر.

3- الزيادة في جزء من الكتاب.

4- الزيادة في مجموع الكتاب.

 

ثانيا: التحريف بالنقص: بمعنى أنّ بعض الكتاب الذي بين أيدينا لا يشتمل على جميع ما كتبه الأنبياء بالروح، بأنْ يكون قد ضاع بعضه إمّا عمداً، أو نسياناً، وقد يكون هذا البعض حرفاً أو كلمةً أو آية أو جزءاً من الكتاب.

1 – النقص في الآية بحرف أو أكثر.

2 – النقص في الآية بكلمة أو أكثر.

3 – النقص في جزء واحد.

4 – النقص في مجموع الكتاب.

 

أي التحريف في تبديل كلمة بدل أخرى، التحريف في تبديل حرف بآخر، التحريف في تبديل حركة بأخرى.

هذا معنى التحريف وأقسامه كما عرفها وبينها علماء المسلمين. والسؤال هنا هو: هل ينطبق معنى التحريف هذا على أسفار الكتاب المقدس؟ وأن كان البعض يتصور ويزعم حدوث ذلك فهل يستطيع الإجابة على الأسئلة التالية؟

 

(1) متى حُرف الكتاب المقدس؟ وفي أي عصر تم التحريف؟

(2) هل تم التحريف قبل القرن السادس الميلادي أم بعده؟

(3) من الذي حرف الكتاب المقدس؟

(4) أين حُرف الكتاب المقدس؟ وفي أي بلد من بلاد العالم؟

(5) لماذا حُرف الكتاب المقدس؟ وما هو الهدف من ذلك؟

 (6) هل يستطيع أحد أن يقدم دليلاً تاريخياً على هذا الزعم؟

(7) أين نسخة الكتاب المقدس الغير محرفة؟ وما هي النصوص التي حُرفت؟ وكيف تستطيع أن تميز بين ما حرف وما لم يحرف؟

(8) كيف تم التحريف؟ وهل كان في إمكان أحد أن يجمع جميع نسخ العهد القديم والتي كانت موجودة مع اليهود أو المسيحيين، وجميع أسفار العهد الجديد التي كانت منتشرة في عشرات الدول ومئات المدن وألوف القرى، سواء التي كانت مع الأفراد في المنازل أو التي كانت في الكنائس، ثم يقوم بتحريفها وإعادتها إلى من أُخذت منهم؟

 

2 – أسباب القول بتحريف الكتاب المقدس:

لم يقل أحد قط من المسيحيين سواء من المستقيمين في العقيدة أو الهراطقة بتحريف الكتاب المقدس عبر تاريخ الكتاب المقدس والمسيحية. وبرغم ظهور الفرق المسيحية المختلفة، سواء في القرون الأولى أو في العصور الحديثة، وظهور البدع والهرطقات عبر تاريخ المسيحية، واختلافها وتباينها في الفكر والعقيدة حول شخص وطبيعة الرب يسوع المسيح، فلم تقل فرقة واحدة أو مجموعة من المجموعات بتحريف الكتاب المقدس.

 

 وقد كان كل من رجال الكنيسة والهراطقة علماء في الكتاب المقدس، وقد درسوا كل كلمة فيه وحفظوها عن ظهر قلب وكان لدى كل منهم نسخته الخاصة من الكتاب المقدس. وبسبب هؤلاء الهراطقة فقد عُقدت المجامع المكانية (في دولة واحدة) والمسكونية (العالمية) ودارت فيها مناقشات حامية حول مفهوم كل منهم لآيات نفس الكتاب المقدس الواحد، فقد اختلفوا حول تفسير بعض آياته ومفهوم كل منهم لها، وفسر بعضهم آياته لتخدم أفكاره الخاصة، ولكنهم جميعاً آمنوا بوحي واحد لكتاب مقدس واحد معصوم من الخطأ والزلل.

 

كما لم يقل أحد من اليهود بتحريف الكتاب المقدس، وكان قد أنضم إلى المسيحية المئات من كهنة اليهود في السنوات الأولى للبشارة بالإنجيل، يقول الكتاب ” وكانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جدا في أورشليم وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان ” (أع7:6). كما دارت مناقشات حامية بين اليهود والمسيحيين حول ما جاء عن المسيح من نبوات في العهد القديم آمن بسببها الآلاف منهم بالمسيحية؛ ” فدخل بولس إليهم حسب عادته وكان يحاجهم ثلاثة سبوت من الكتب، موضحا ومبينا انه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات. وان هذا هو المسيح يسوع الذي أنا أنادى لكم به‏. فاقتنع قوم منهم وانحازوا إلى بولس وسيلا ” (أع2:17-4).

 

 ومن أشهر المناقشات التي دارت في القرن الثاني، بين المسيحيين واليهود، الحوار الذي دار بين يوستينوس الشهيد وتريفو اليهودي، واعتماد كل منهما على آيات نفس الكتاب المقدس الواحد، ولم يتهم أحد منهما الآخر بالتحريف إنما اختلفا في التفسير والتطبيق(1).

 

وبرغم ظهور آلاف الترجمات للكتاب المقدس فقد تُرجمت جميعها من النص الأصلي، العبري والآرامي الذي كتب به العهد القديم، واليوناني الذي كتب به العهد الجديد، ولدينا لهما مخطوطات ترجع لأيام الرب يسوع المسيح وأيام رسله الأطهار.

 

فمن الذي قال بتحريف الكتاب المقدس وأدعى هذا الادعاء غير الصحيح وغير المنطقي والذي لا يتفق لا مع المنطق ولا مع العقل ولا مع الحقائق التاريخية؟

 

والإجابة هي أن هذا الادعاء جاء كمحاولة لإيجاد مخرج للخلاف القائم بين العقائد الجوهرية لكل من المسيحية والإسلام! ومن ثم فلم يقل أحد بتحريف الكتاب المقدس قبل العصور الوسطى وانتشار الإسلام في الأوساط المسيحية في العصور الوسطى وذلك للأسباب التالية:

1 – شهادة القرآن للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد (التوراة والزبور [المزامير] والإنجيل) على أنه كلمة الله الموحى بها وأنه هدى ونور، ولكن وجود اختلاف في العقائد الجوهرية بينهما أدى إلى القول بتحريف الكتاب المقدس!

 

2 – الاعتقاد بأن الكتاب المقدس بشر بنبي آخر يأتي بعد المسيح وعدم وجود ذكر لهذه البشارة المفترضة في الكتاب المقدس بعهديه. وأن كان البعض قد لجأ لتطبيق بعض النبوات التي تنبأ بها أنبياء العهد القديم عن شخص المسيح الآتي والمنتظر، وكذلك إعلان الرب يسوع المسيح لتلاميذه عن إرسال الباراقليط الروح القدس عليهم في يوم الخمسين، على أنها هي البشارة التي قيل عنها!

 

3 – الاعتقاد بأن الإنجيل الذي نزل على المسيح هو إنجيل واحد لا أربعة، وأنه ليس أسفار العهد الجديد التي كتبها تلاميذه ورسله.

 

4 – الاختلاف حول عقيدة صلب المسيح وفدائه للبشرية بتقديم ذاته فدية عن خلاص العالم كله والتي هي محور الكتاب المقدس بعهديه ” فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله ” (1كو18:1).

 

5 – الاختلاف حول عقيدة لاهوت المسيح وظهوره في الجسد ووحدته مع الآب والروح القدس، وبالتالي عقيدة وحدانية الله الجامعة، الآب والابن والروح القدس، كالموجود بذاته = الآب، والناطق بكلمته = الابن، والحي بروحه = الروح القدس.

 

6 – وذلك إلى جانب بعض الاختلافات الأخرى سواء العقيدية أو التشريعية مثل طبيعة الحياة فيما بعد الموت، في العالم الآخر ” لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء ” (مت30:22)، وقيام المسيحية على أساس الحب بلا حدود ولا قيود؛ حب الله الآب غير المحدود للبشرية ” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية “، وحب الرب يسوع المسيح لخاصته ” احب خاصته الذين في العالم احبهم إلى المنتهى ” (يو1:13)، ومحبة الإنسان لله

 

هل يمكن تحريف الكتاب المقدس؟