أبحاث

وكان الوقت ليلا ف2 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

وكان الوقت ليلا ف2 - الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

وكان الوقت ليلا ف1 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

 

وكان الوقت ليلا ف1 - الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض
وكان الوقت ليلا ف1 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

 

اقرأ وافهم
روايات إيمانية

الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

 

الفصل الثاني: وكان الوقت ليلاً

 

          ترك يهوذا جماعة القديسين وخرج ، وكان الوقت ليلاً ، والساعة نحو الثامنة والنصف مساءاً 00 شقَّ يهوذا طريقه لايلوي على شئ إلى بيت رئيس الكهنة ، وإذ عرفته البوابة ، فهو زائر الأمس الذي أبهج رؤساء الكهنة ، لذلك أسرعت بفتح الباب ، ودعته يمرَّ إلى الوكر 00 تقدم أحد الخدام لينظر من القادم ، وإذ عرفه طلب منه الإنتظار لحظات حتى يخبر رئيس الأحبار بقدومه0

          ووقف يهوذا ، أو قل وقف الشيطان الساكن في يهوذا قلقاً مضطرباً يرى في هذه اللحظات دهراً ، حتى جاء الخادم يدعوه للدخول ، وما أن رأى قيافا حبيبه يهوذا حتى أخذه بالأحضان والقبلات مرحباً به : أهلاً صديقي العزيز 00 أسد ( سبط ) يهوذا ، وبطل يعقوب 00 ماذا تطلب في هذه الساعة من الليل ؟

وقال الخادم في نفسه : عجباً لهذه المحبة الفياضة ، وهي وليدة يوم وليلة ؟! هل حقاً هذه محبة أم أنها زيف ورياء ؟!

يهوذا : إن المعلم مع تلاميذه في بيت أرسطوبولس 00 تُرى هل هذا هو المكان المناسب والوقت الملائم لإتمام المهمة ياسيدي ؟ ألا ترى معي أن هذا المكان أفضل من بيت عنيا ؟

وهمهم قيافا قائلاً : بالطبع 00 بالطبع يايهوذا ، فالمسافة من بيت عنيا إلى أورشليم تأخذ وقتاً أطول ربما يسمح لأتباعه بالتحرك لإنقاذه 00 إنها لفتة رائعة منك أيها البطل الهمام 00 لعل رب الهيكل يباركك ، ولتحل بركتي وبركة آبائي عليك ياإبني 0

وكـان قيافا منهمكاً في التفكير بصوت يكاد يكون مسموعاً : إن هذا الناصري فعل مالم يفعله أحد قبله 00 من يتجرأ ويطرد تجار الهيكل ويقلب موائد الصيارفة ؟!! 00 إن ذلك الرجل الجليلي لا يستحق أبداً أن يعيش 00 يريد أن يشعلها حرباً طائفية بين أتباعه الذين يربو عددهم من ثمانية آلاف نفس وبين الغيورين على مجد الهيكل 00 وماذا تكون نتيجة هذه الحرب الدموية لو حدثت إلاَّ تَّدخل الرومان وإحتلالهم للهيكل ، وربما أقاموا فيه أصنامهم النجسة ؟!

وعاد ينظر إلى يهوذا قائلاً : ليكافئك الله يايهوذا ياجرو الأسد على صنيعك معنا 00 إسترح الآن ياإبني وأنا سأتصرف في الأمر0 أما عيني يهوذا فلا تستقران ولو للحظة واحدة 00 إنهما يجولان في كل إتجاه في حركات سريعة 00 ينتقلان من الأرض الفسيفساء بألوانها الزاهية ، إلى الجدران التي تزينت بالمصابيح النحاسية اللامعة التي أخذت شكل الحيات والحمام ، إلى الكراسي الضخمة التـي وُضعت عليها الأرائق الوثيرة المحشوة بريش الطيور 00

وإذ كان قيافا رئيس الكهنة يقطن ذات القصر الذي يقطنه حماه حنان ، لا يفصل بينهما سوى دهليز ، أرسل أحد الخدام يستدعي حنان رئيس الكهنة الأسبق الداهية المحنَّك الذي يخشى الكل شره حتى هيرودس ، كما إن بيلاطس يعمل له حساباً ، وبالرغم من أن ” فاليروس جراتوس ” والي اليهودية السابق قد عزله من منصبه كرئيس للكهنة ، لكنه عجز أن يحد من نفوذه الذي تخطى حدود فلسطين ، ومازال هو المسيطر الأول على كل أمور الهيكل والشعب ، ولاسيما المعاملات المالية والتجارية0 كما أن له عيوناً في كل مكان ، وبينما كانت الشريعة تأمر بأن يبقى رئيس الكهنة في منصبه طوال حياته ، فإن الولاة الرومان لم يلتزموا بهذه الشريعة ، إنما باعوا المنصب لمن يدفع أكثر ، وعلى كلٍ فإن رئاسة الكهنوت لم تخرج عن عائلة حنان بن شيث ، عائلة الرشوة والدسائس ، لمدة نحو خمسة وخمسين عاماً بدأها حنان منذ العام السابع للميلاد وحتى سنة 14 – 15 م 0 ثم إبنه اليعازر لمدة سنة واحدة ( 16 – 17م ) والآن يوسف قيافا زوج إبنة حنان ( 17 – 36م ) { ثـم أولاد حنان الأربعة يوناثان لمدة سنة ( 36 – 37م ) ثـم ثاوفيلس ( 37 – 41م ) فمتياس ( 41 – 44م ) وآخرهم حنان بن حنان ( 44 – 62م ) } 0

          وأيضاً قام قيافا بإستدعاء بعض أعضاء مجلس السنهدريم للتشاور في الأمر ، حتى يكون العمل جماعياً وليس فردياً ، وسريعاً ما جاء حنان ، وتبعه عدد ليس بقليل من أعضاء مجلس السنهدريم 00 دار حوار طويل وإحتدم النقاش وأُحيكت المؤامرة :

حنان : ياسادة 00 أرجو أن  تفهموني جيداً ، فهناك فرق شاسع بين القبض على يسوع بمعرفتنا ، وبين تسليم تلميذه له ، فتلميذه هو أقدر الناس في الحكم عليه ، ولولا أنه ضال ومُضل لما قام تلميذه يهوذا بتسليمه للقضاء0

دبارياس : حقيقة بعد الإستقبال الحافل يوم الأحد الماضي الذي إرتجت له المدينة بات من الخطورة ترك مثل هذا الإنسان 00 شكراً لأدوناي إن حماس الجماهير قد برد كثيراً ، بعد أن أضاع يسوع الفرصة السانحة في إعلان ملكه ، وخيَّب رجاء الجماهير في إعلان مملكة إسرائيل ، مع إن عواطف الكثيرين مازالت متأججة تجاهه ، وهو مازال قادراً على تحريك كل الشعب في أي طريق يريد0

الأسخريوطي : لقد هتفنا له يوم الأحد حتى بحت أصواتنا ، علَّه يُحقّّّق أحلام إسرائيل ، ولكنه خذلنا ، وترك الجماهير الثائرة تهدأ شيئاً فشيئاً وتنصرف شيئاً فشيئاً ، ولم يشأ أن يحركها بأصبعه لتشعلها ثورة حارقة تأكل بيلاطس وكل جنوده ، ويعلن قيام مملكة إسرائيل ، لقد تأكدت أنه ليس هو المسيا كما كنا نظنه ، ولذلك أتيت لأسلمكم إياه ، فكل ما يهمني هو مجد يهوه ومدينة أورشليم ومملكة إسرائيل 0

ميزا :  لننتظر 00 ربما يعود وينفخ نار الثورة ضد روما0

قيافا : كلاَّ ياميزا 00 إن الناصري الذي ينادي بمحبة الأعداء لا رجاء فيه على الإطلاق ، ولو أن هناك رجاءاً فيه لنفخنا فيه من روحنا0

الأسخريوطي : لا أدري كيف يمكن لإنسان ينادي بالمحبة والتسامح مع الأعداء أن يقيم لنا أمجاد داود وسليمان ؟!

دبارياس : حيث إنه يهيج الشعب فهو يستحق الموت0

سابس : بعد أن كشف الناصري عورتنا أمام الشعب ، وبعد أن صبَّ علينا ويلاته ، وأودعنا مذبلة التاريخ ، ليس ببعيد عليه أن يحرك الجماهير ضدنا ، وفي لحظات نصير جميعاً في خبر كان 00 لقد أمسى الأمر بالنسبة لنا هو موت أو حياة0

سارباس : مثل هذا الإنسان كان لا يجب أن يعيش 0

حنان : العيب كل العيب في الشعب الجاهل الذي لا يفهم الناموس 00 أليس مكتوباً أن المسيا يخرج من بيت لحم من قرية داود ؟ فمال المسيا بيسوع الناصري الذي خرج علينا من الناصرة ؟ أمن الناصرة يخرج شئ صالح ؟!

سمعان الأبرص : لا أدري كيف نحكم بالموت على إنسان قالوا عنه أنه بار ؟

حنان : وهل نسيت ياسمعان أنه كسر السبت مرات ومرات0

قيافا : ألاَّ تدرك ياسمعان معنى إدعائه بأنه إبن الله ؟! 00 إنه يجعل نفسه معادلاً لله 0 معاذ الله 00

سابس : إن كان باراً ياسمعان أو لم يكن ، فهو مستحق كأس الحمام ، لأنه لم يحفظ شريعة آبائنا0

سابتل : فلنقاصه ونؤدبه حتى لا يكرز ضدنا في المستقبل0

ريفاز : إجعلوه يعترف بذنبه أولاً ثم عاقبوه 00 لنظل نلاحقه حتى نصطاده بكلمة ضد قيصر أو ناموس موسى أو الهيكل ، ثم نحكم عليه بالعدل0

رحبعام : لقد ذهبت إليه مع بعض أصدقائي وأحبكنا له الشباك حبكة لا يمكن الخروج منها ، وسألناه سؤالاً محدداً حتى إذا أجاب بالإيجاب أو بالنفي سقط في الفخ 00 قلنا له  ” يامعلم نعلم أنك صادق وتُعلّم طريق الله بالحق ، ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس ” 00

وهزَّ ريفاز عمامته مسروراً : هـو فـي كلام أحلى من كده يارحبعام ؟00 وماذا عن السؤال ؟

رحبعام : قلت لـه ” قل لنا ماذا تظن أيجوز أن نُعطي جزية لقيصر أم لا ؟ “0

ريفاز : ياله من فخ مُحبَك يارحبعام 00 ومن يفلت منه ؟! 00 لو قال ” نعم ” لثار الرأي العام ضده ، ولو قال ” لا ” لثبتت عليه تهمة الخيانة للسلطات الرومانية 00

رحبعام : ومن الطبيعي أنكم جميعاً تعلمون النتيجة النهائية0

نبراس : لقد نظر إلينا ياريفاز نظرة الفاهم بما يدور في رؤوسنا وما يعتمل في نفوسنا وقال ” لماذا تجربونني يامرأؤون ! أروني معاملة الجزية 00 لمن هذه الكتابة ؟ أنها لقيصر 00 إذاً أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله “ 00 لقد أبكمنا بذكائه الحاد ، فليُطرَح في هاوية الشقاء 0

يوشافاط : ولا ننسى أننا قد أرسلنا من قبل رسلاً ليحضروه ، فعادوا إلينا بخفي حنين يخبروننا بأنه لم يتكلم قط إنسان هكذا ، فربما يسحر من سنرسلهم للقبض عليه بكلامه الجذاب كما سحر أولئك 00 هل تذكرون ، عندما قـال ” قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن “ ؟ 00 ماذا فعل الشعب ؟

حنان : نعم يايوشافاط 00 رفعوا حجارة ليجرموه لأنهم غاروا غيرة الرب ، أما هو فقد جاز في وسطهم 00 إذاًَ لنحذر جداً لئلا يجوز هذه المرة أيضاً 0

الأسخريوطي : لكنني سمعته اليوم بأذناي يتحدث عن موته ، وأنه ماض كما هو مكتوب عنه ، وقال لهم أن واحداً منكم سيسلمني 0 إذاً هو يعلم جيداً أنه ذاهب إلى نهايته المحتومة0

سوباط : أرى أن الشرائع لا تحكم على أحد بالموت بدون فحصه ومحاكمته ومنحه الفرصة الكاملة ليدافع عن نفسه0

نيقوديموس : إن شريعتنا الغراء لا تصرح بالحكم على أحد مالم تأخذ أقواله وتتأكد من أفعاله أولاً0

روسمتين : وما فائدة الشريعة إن لم تُحفَظ ؟

إن الموقف حساس للغاية وفي منتهى التعقيد يحتاج إلى ألف حساب وحساب ، حتى لا تحدث مذبحة عظيمة ، قد نكون نحن أول ضحاياها 00 لا ننسى أن قرار مجمع السنهدريم الأخير الذي إتفقنا عليه بالإجماع هو تأجيل القبض على يسوع حتى تسنح لنا الفرصة بعد العيد 00 لا يمكن القبض عليه إلاَّ في غيبة عن الجماهير0

قيافا : حقاً كان هذا قرارنا بالأمس ياروسمتين ، ولكن أستجد في الأمر جديد ، وهو تعاون يهوذا معنا ، ووعده بأن يُسلّمه لنا هذه الليلة بدون ضجة ولا ضحايا0

يهوذا : نعم ياسيدي 00 أرى أن الوقت مناسب جداً لتسليمه للقضاء عليه دون أية ضجة أو جلبة وبدون ضحايا ، فبينما الشعب مشغول جداً اليوم في الإستعداد للعيد ، سأضع يسوع بين أيديكم 00 أتعهد لكم بذلك 0

إناس : لا يجب الحكم أبداً على إنسان بالموت مالم نسمع أقواله 0

سابتل : أنا مع إناس في رأيه ، وأرى أن نلتزم جانب الأمان ، ونؤجل القبض عليه لحين إنصراف أتباعه بعد الأعياد – خليها تعدي على خير –

حنان : وما أدراكم أن الفريسة ستظل حبيسة الأسوار بعد فترة الأعياد 00 ألاَّ يمكنه الهروب إلى صور وصيدا ؟!

ميزا : ربما نلقى مقاومة أثناء القبض عليه 00 تُرى هل يستخدم سلطانه ؟! 00 تُرى هل يُنزِل ناراً من السماء فتأكل من نرسلهم إليه ؟!

قيافا : كفاك تخريفاً ياميزا 0

يوسف الرامي يتساءل متعجباً : أيهما أسهل 00 إقامة ميت بعد أربعة أيام أم إماتة أحياء ؟!

ويحتد قيافا : أصرت من أتباعه أيها الرامي ؟

يوسف : كنت واقفاً عند قبر لعازر 00

حنان : إطمئن يايوسف إننا سنقتل الأثنين معاً يسوع والعازر 0 سنرسلهما للموت ، وإن كان أحدهما يقدر على القيامة من الموت ، فليقم ونحن جميعاً سنؤمن به0

وإحتد يوسف الرامي : سيدي 00 إن لم يكن أحد يدافع عن الإنسان البرئ فهذا عار علينا0

ميزا : إن كان باراً فلنسمع منه وإن كان مجرماً فلنطرده0

هارين : سواء كان باراً أو لم يكن ، فحيث أنه هيج الشعب بكرازته فهو يستحق الموت0

يوطفار : حيث إن هذا الإنسان خدَّاع فليطرد من المدينة ، ولا يسمح له بدخول أورشليم قط ، ويُحرَم من رؤية هيكلنا العظيم إلى الأبد0

يوشافاط : نعم يايوطفار ، وإن ضُبط في أورشليم ثانية أو داخل الهيكل فليسجن مدى الحياة0

أنولوميه : عجباً 00 لماذا إنتظرنا كل هذه المدة ولم يُحكم عليه بالموت ؟

رحبعام : ياسادة إسرائيل 00 لنا شريعة وبحسب شريعتنا يجب أن يموت0

قيافا : ألم أقل لكم من قبل أنه الأجدر أن يموت إنسان واحد عوضاً عن الآمة ولا تهلك الأمة بأسرها0

يورام : نعم ياسيدي 00 فهو العاصي الذي يستحق الموت حسب الشريعة0

سارباس : إنزعوا عنه الحياة 00 إنزعوه من الدنيا0

يورام : تمهلوا قليلاً 00 لو فشلت خطتنا هذه المرة ، فربما يُعلن نفسه المسيا الآتي إلى العالم ، ويثير الآلاف من أتباعه ، وتحتدم المعركة حامية الوطيس ، ولاسيما أن المدينة تعج بالغرباء المتعطشين للثورة بسبب وبدون سبب فتزهق أرواح الأبرياء ، وتكون الفرصة للرومان ليعملوا سيوفهم في جسد أمتنا00 فلنتعقل ياإخوتي لنتجنب مكامن الخطر0

الأسخريوطي : إطمئنوا ياسادتي 00 فإنني حقيقة شعرت أن روحه تجنح هذه الليلة نحو الموت00 فلماذا لا تصدقونني ؟!

رحبعام : سيدي قيافا 00 وما رأي الوالي في هذا الأمر ؟

قيافا : لقد قصدناه من قبل ليقبض عليه فأبى وخذلنا ، فهو لا يريد أن يُدخِل نفسه في مشاكل أخرى خاصة بشعبنا ، لأن المشكلة القادمة ستكون نهاية ولايته 00 لن يتورط في ذبح يسوع كما ذبح هيرودس يوحنا ، وشعبنا الجاهل ياقوم يجل يسوع هذا أكثر من يوحنا قدسية 00 إنهم يظنون أن الناصري ليست لديه أطماعاً في ملك أرضي 00 على كلٍ لابد أن نشرك معنا السلطات الرومانية أولاً : حتى نُوهِم الشعب بأن بيلاطس هو الذي قبض على يسوع ، وثانياً : أننا عاجزين عن قتل الناصري لأن ليس لدينا سلطة لإصدار أحكام الإعدام ، وأنني أرى أن ننتهز هذه الفرصة 00 آه لو أضعناها ، فقد لا نجدها ثانية 0

         

وأخيراً إستقرت الآراء على ذهاب قيافا إلى بيلاطس لإستطلاع رأيه ، فإن وعد بتقديم المعونة وتسهيل إجراءات المحاكمة بحيث يرفع الناصري على صليبه قبل غروب شمس الغد فليتم القبض عليه ، وإلاَّ فليتم الإنتظار إلى فترة ما بعد الأعياد0

 

والساعة الآن العاشرة مساء ، وهوذا قيافا ينطلق كالسهم لا يلوي على شئ 00 إلى قلعة أنطونيا ، بينما وقف يهوذا يرتعد ولا يعرف لماذا سرت الرعدة في جسده بهذا الشكل ، فيبذل قصاري جهده لضبط نفسه من الرعشات الشيطانية التي إنتابته ، وأخذت نظراته تنتقل بين الخدم الذين يروحون ويجيئون وبعض شيوخ السنهدريم ، وكلما نظـر إلى حنان يبتسم له الثعلب إبتسامة عريضة ، وحضر رئيس حرس الهيكل مع بعض جنوده ، وقطع الصمت صوت حنان مجلاجلاً : يايهوذا ياإبن الأكابر 00 أنت أعظم شاهد على ضلالات ذاك الجليلي 00 ألم تسمعه وهو يقول قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن 00 لابد أن تشهد للحق أمام مجمع السنهدريم العظيم0

الأسخريوطي : ليس هذا فقط ياسيدي ، إنما قال لنا ” أنا في الآب والآب فيَّ ” و ” أنا والآب واحد “0

وهزَّ حنان رأسه وعبث بلحيته : نعم 00 أنت أعظم شاهد في التاريخ يايهوذا 00 ألم أقل لك ؟ 00 بك سنقضي على ضلالة العصر ، بل وكل عصر بحسبما أرى ياإبني 0

 

وأحنى يهوذا هامته ملتحفاً بزي الإتضاع ، وفي داخله يشعر أنه سمى إلى عنان السماء بفعل كلمات الثناء ، وأنه صار بطلاً في عيون الرؤساء 00 شعر بالراحة الكاذبة وهو يتحسَّس الفضة في جيبه ثمن المثمن ، وكان هناك نوعان من الفضة 00 الفضة المسبوكة التي سبكت منذ سمعان المكابي سنة 143 ق0م وتدعى بالشاقل ، والفضة الخام التي يتم التعامل بها بالوزن ، وتذكَّر يهوذا ماحدث بالأمس إذ وزنوا له الفضة ، ولم يدرك أن فعلته الشنعاء هذه قد عاينها زكريا النبي منذ مئات السنين فقال ” فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة “ ( زك 11 : 12) ولم يدرك يهوذا أيضاً أن الثلاثين من الفضة هي ثمن عبد إذ نطحه ثـور فمات حسب قول الشريعة ” إذ نطح الثور عبداً أو أمة يعطي سيده ثلاثين شاقل والثور يُرجم “ ( خر 21 : 32 ) وهوذا بنو إسرائيل ينطحون العبد المتألم ، ويدفعون فديته ثلاثين من الفضة0

 

وكان الوقت ليلا ف1 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !