أبحاث

المعركة الرهيبة ف22 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

المعركة الرهيبة ف22 - الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

المعركة الرهيبة ف22 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

المعركة الرهيبة ف22 - الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض
المعركة الرهيبة ف22 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

 

 

 

اقرأ وافهم
روايات إيمانية

الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض 

الفصل الثاني والعشرون: المعركة الرهيبة

          ونحو الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة تجمع الآلاف بالهيكل ، كلٍ يحمل حَمَلَهُ ذو الربيع الواحد من عمره ليذبحه ، فذبح الفصح لابد أن يتم في فناء الهيكل  ” لا يحلُّ لك أن تذبح الفصح في أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك 0 بل في المكان الذي يختاره الرب إلهك ليحل إسمه فيه 0 هناك تذبح الفصح ” ( تث 16 : 5 ، 6 ) 00 ولم يدرك كل هؤلاء إنه لم تعد هناك حاجة لسفك كل هذه الدماء بعد أن سفك يسوع دمه الإلهي على عود الصليب 

          وعودة إلى السويعات التي سبقت تسليم يسوع لروحه الطاهـرة ، وقد أحاط بالصليب لوسيفر وآلاف من ملائكته الساقطين ، حتى غطت قوات الظلمة جبل الجلجثة بكثافة كبيرة ، في تناغم مع سلطان الظلمة الذي سيطر على وجه الأرض 00 تجمَّعت قوات سطانائيل حول مأدبة الصليب ، تُمني نفسها بالوجبة الشهية ، وتستعد للحظات النصرة على يسوع الناصري 00 صوت جلبـة وضوضاء 00 صوت ضحكات وقهقهات تدوي بين الشياطين ، فتجلجل المكان وتهز الأركان 00 رقصات سريعة مع موسيقى شيطانية مزعجة تصم الأذان ، وراح لوسيفر يزهو أمام جيوشه ويستعرض عضلاته 00 إنها اللحظات الأخيرة من الصراع الدائر منذ أكثر من ثلاثين عاماً بينه وبين إبن الإنسان ، وأخذ لوسيفـر يسخر من ذاك المُقيَّد بالمسامير ، عرياناً على خشبة العار : ألم تقل يوماً :  ” رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء ” 00 وها نحـن قائمـون أمامك 00 أرنا ماذا تقدر أن تفعـل ؟! 00 ألم تقل منذ أيام  ” الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً ” 00 هوذا أنا هنا يايسوع 00 ومن يجرؤ أن يطرحني خارجاً ؟!

          هذا جانب من الصورة 0 أما الجانب الآخر فهو ربكة لوسيفر وجنوده ، عندما سمعوا المصلوب يَعدْ ديماس بالفردوس 00 إنهم يتساءلون ويندهشون : كيف يمكن لهذا المصلوب الذي لا حـول لـه ولا قوة أن يفتح باب الفردوس المُغلَق منذ آلاف السنين ؟! 00

أتراه كاذباً ؟! 00 لكننا لم نتعود الكذب منه قط 00

أتراه صادقاً ؟! 00 إذاً كيف يكون هذا ؟! 00

ومن أين جاءت الملائكة التي أحفَّت بديماس منذ أن تلقى الوعد بالفردوس ؟!

ثم ما هذه الظلمة التي عمت أرجاء الأرض ؟! 00إنها ليست كسوفاً 00

          وعندما صرخ يسوع بصوت عظيم 00 صرخ لوسيفر : من أين لهذا المصلوب بهذا الصوت العظيم وهذه القوة الخارقة ؟!

صرخ يسوع بصوت عظيم : يا أبتاه في يديك أستودع روحي 0

فشب داود النبي على أخمص قدميه يستطلع أسرار العالم الآخر وهتف صارخاً :  ” إخرجني من الشبكة التي خبأوها لي 0 لأنك أنت حصنـي 0 فـي يديـك أستـودع روحي ” ( مز 31 : 4 ، 5 )0

          أما لوسيفر فقد هاج وماج يركض كالمجنون هنا وهناك حول المصلوب 00 لوسيفر المشتكي يقف يشتكي 00 لوسيفر المحتج رفع صوته محتجاً : كيف ؟! 00  كيف يُسلم روحه في يد الله ؟!

ألا يعلم إن مستودع جميع الأرواح هو جحيمي ؟!

ألا يدرك إنني صاحب الحق في هذه الروح البشرية ، ولا أحد يقدر أن يأخذها مني ؟!

وشعر لوسيفر بقشعريرة تسري في روحه ، ولكنه تشجع وجمع أشتات نفسه المبعثرة ، وقوته الخائرة ، وقواته الجبانة ، وهجم على المصلوب في شراسة ما بعدها شراسة ، معلناً عن منظره المرعب الذي إعتاد أن يظهر به لكل من تأتي ساعته فيجف دمه ويقتنص روحه ويزفها إلى جحيمه 00

وأظهر لوسيفر شكله المرعب للمصلوب أكثر من أي شكل آخر ظهر به من قبل 00 إنه يحمل في أحشائه غل السنين وحقد الأيام على ذاك المصلوب 00

وفجأة وكأنه صُدم بتيار كهربائي تبلغ قوته آلاف آلاف الفولتات 00

إنه في مواجهة أمام قوة اللاهوت 00

الصدمة أسكرته فترنح ، وإستدار ليركب أجنحة الريح ويهرب ويفوز بالنجاة 00 ولكن إلى أين يا لوسيفر ؟! 00

إنك تقف أمام ضابط الكل الذي السماء والأرض والهاوية في يده 00 وأُسقط في يده 00

لقد ضُبط متلبساً بجريمتين :

الأولى :  تحريض اليهود والرومان على سفك دم ذكي برئ0

الثانية :  التعدي على العزة الإلهية0

          وقبض الإله المصلوب على لوسيفر ، وجرده من سلطانه على أبناء الله ، وقيده لكيما يصير هزءاً وسخرية للسنين والأيام ، فيسخر منه شاب مثل مارجرجس ، أو صبي صغير مثل أبانوب أو طفل مثل قرياقوس 00

          الآن ردَّ يسوع آدم الثاني الضربة القاضية التي وجهها الشيطان لآدم الأول 00

بالأمس البعيد أغرى إبليس الإنسان بالثمرة المحرَّمة ، حتى إصطاده وأدخله إلى حظيرة الموت ، وأغلق عليه باب الجحيم 00 أما الآن فما أروع منظرك أيها الإله المصلوب ؟!

صليبك هو شجرة الحياة وأنت معلَّق عليها كثمرة شهية لذيذة ، أسالت لعاب إبليس ، فأسرع يمني نفسه بإقتطافها وأكلها ، وما أن ابتلع السنارة المغلَّفة بالجسد البشري ، حتى صُدم بجمر اللاهوت فلم يحتمل ، فإنشقت أحشائه 00

ونادى يسوع بصوت عظيم : هيا أيها الخراف الذين إبتلعهم الذئب على مدار آلاف السنين 00 هيا إلى الحرية 00 لا عبودية لإبليس بعد اليوم 00 لا موت بعد اليوم 00 بموتي ذبحتُ الموت الذي دوَّخ البشرية0

إحتشدت ربوات ربوات الملائكة ورؤساء الملائكة ، الشاروبيم والسيرافيم 00 الكل يصرخ ويصيح : عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شئ عادلة وحق هي طرقك ياملك القديسين 0 من لا يخافك يارب ويمجد إسمك لأنك وحدك قدوس 00

إقتحم يسوع مملكة إبليس ، وعندما لمحه بوابو الجحيم إرتعبوا وولوا مدبرين 00

دخل يسوع إلى سجن الظلمة فأبرقت روحه بنور اللاهوت 00

إهتزت أساسات الجحيم وصرخت النفوس البريئة متهللة : هوشعنا 00 هوشعنا يا إبن داود0

          وصرخ أيوب الصديق : ربي وإلهي بالأمس البعيد قلت لك  ” ليتك تواريني في الهاوية وتُخفيني إلى أن ينصرف غضبك وتُعيّن لي أجلاً فتذكرني ” ( أي 14 : 13 ) أما الآن فقد جاء وقت الخلاص والنجاة 00

          وصاح أشعياء النبي : ربي وإلهي بالأمس البعيد قلتُ  ” لتُخـرِج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة ” ( أش 42 : 7 ) أما الآن فأقول  ” ترنمي أيتها السموات لأن الرب قد فعل 0 إهتفي يا أسافل الأرض 0 أشيدي أيتها الجبال ترنماً الوعر وكل شجرة فيه 0 لأن الرب قد فدى يعقوب وفي إسرائيل تمجَّد ” ( أش 44 : 23 ) 00

          ورفع هوشع النبي صوته متهللاً : ربي وإلهي بالأمس البعيد قلت لي  ” من يد الهاوية أفديهم من الموت أُخلصهم 0 أين أوباؤك ياموت ؟! أي شوكتك ياهاوية ؟! ” ( هو 13 : 14 ) أما الآن فها قد نظرت عيناي فدائك على الصليب 00

          زكريـا النبي بالأمس البعيد : سمعتك ياربي وإلهي تقول  ” وأنتِ أيضاً فانّي بدم عهدكِ قد أطلقتُ أسراكِ من الجب الذي ليس فيه ماء 0 إرجعوا إلى الحصن يا أسرى الرجاء ” ( زك 9 : 11 : 12 ) 00 وهوذا نحن الآن ننطلق من جب الجحيم 00

          بالأمس قال يسوع  ” كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القـوي وينهب أمتعته إن لم يربط القوي أولاً وحينئذ ينهب بيته ” ( مت 12 : 29 )

عجباً 00 اليدان المربوطتان بالمسامير ربطت القوي 00

الذراعان المقيدتان بالمسامير قيدا لوسيفر 00

الساعدان المسمران على الصليب قد سمرتا إبليس ، وفضحته جهاراً نهاراً ظافرة به 00

وصارت فرحة عظيمة ، وإنجذبت أرواح الأطهار نحو الفادي ، فباركهـم وأعلن لهم قرار العفو الأبدي مدموغاً بدمه الإلهي ، ففرحوا فرحاً عظيماً ، وقادهم في موكب نصرته من أعماق الجحيم إلى الفردوس ، فإنفتحت أبواب الفردوس أمام المنتصر الجبار الذي سبي سبياً وأعطى الناس كرامات ، كما سجدت له الملائكة حراس الفردوس وإنضموا للموكب ، وهتفت قوات السماء حتى إرتجت السماء كلها فرحة بخلاص البشرية ، وهكذا ملك إلهنا على خشبة ، وأعلن ملكه الألفي الذي يستمر حتى مجيئة الثاني ، حيث تعود كل هذه الأرواح من الفردوس ، وتلبس أجسادها ، وتُزف إلى ملكوت السموات 0

وإذ حجاب الهيكل قد إنشق إلى إثنين من فوق إلى أسفل 00 حجاب الهيكل هو ستارة سميكة في سمك راحة اليد ، منسوجة بألوان رائعة 00 اللون الأبيض علامة النقاء ، والسماوي علامة السمو ، والأرجواني علامة المُلك ، والقرمزي بلون دم يسوع ، وكانت هذه الستارة تفصل بين القدس حيث مذبح البخور ومائدة خبز الوجوه والمنارة الذهبية ، وبين قدس الأقداس حيث تابوت العهد والغطاء والكاروبان المظلللان عليه ، وأمام هذا الحاجز تمتد سلسلة ذهبية تُحذّر ببريقها كل من يفكر أن يقتحم هذا المكان ، ومن كان يجرؤ أن يخترق هذا الحجاب إلا رئيس الكهنة في يوم عيد الكفارة العظيم حاملاً دم الذبيحة على يديه ؟! 00 كان هذا يحدث ورجله مربوطة بحبل لئلا يحدث له مكروهاً فيسحبونه إلى الخارج ، لأن أحد لا يجرؤ على إقتحام الموقع0

          أما الآن فهوذا رئيس الكهنة الحقيقي مُعلَّق على الصليب ، وحالاً سيدخل ليس إلى قدس أقداس الهيكل الأرضي بل إلى قدس أقداس السماء بعينها ، وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه ، مقدماً البشرية المفديَّة بالدم لله أبيه00

          وجاء في التاريخ أنه ” قبل خراب الهيكل سنة 70م بأربعين سنة ( أي وقت صلب المسيح ) إنفتحت أبواب الهيكل من تلقاء ذاتها ، حتى وبخ الحبر يوحنان بن زكاي قائلاً : أيها الهيكل 00 أيها الهيكل 00 لماذا تضطرب منزعجاً ؟ أنا أعلم أن نهايتك وشيكة الحدوث 0 لقد تنبأ عنك زكريا بن عدو (زك 11 : 1) حين قال : أفتح يالبنان أبوابك لتلتهم النار أرزك “ (37) 0

          عاد حنان وقيافا مع جمهور الكهنة واللاويين إلى الهيكل للإحتفال بعيد الفصح ، وإذ بالكارثة في إنتظارهم ، وعندما رآوا حجاب الهيكل قد إنشق لطموا الوجوه وصرخوا صرخات مرة ، فقد صار كهنوتهم كهنوتاً مزيفاً ، وعلى الفور أدركوا أنه لم يعد لهم وجود على خشبة المسرح بعد ، ففي وجود الحجاب وجودهم ، وفي زواله زوالهم 00

          ” هربت الشمس وغاب القمر وإختفت النجوم ، لكي لا ينيروا للمنافقين في وقت الصلبوت المقدَّس ، وكان القمر كاملاً ولم يُنرْ ، ولما غابت الشمس صار الكل في ظلمة ، لكي لا ينظروا إلههم الذي خلقهم معلقاً على خشبة مثل لصٍ 0 مال النهار وخرج ملاك مختار من وسط الملائكة كلهم ، وسيفه مشهور في يده ، ليبيد المخلّين بسرعة ، فلما منعته رحمة المسيح ، ضرب الملاك حجاب الهيكل بسيفه فشقه إلى إثنين من أسفل إلى فوق ، وكلا الملائكة ينظرون مـن السمــاء ، وكلهــم مُغضَبــون ، وقــد منعتهــم رحمة الآب وصبره “ (38) 0

والأرض تزلزلت 00 لأنها لم تحتمل الصليب المُعلَق عليه رب الطبيعة ، فأرادت أن تهرب ، ولكنها ضُبطت بكلمة المصلوب وتزلزلت لأنها خشيت أن تشرب الدم الإلهي البرئ ، وتزلزلت لأنها إشتهت أن تفتح فاها وتبتلع الأشرار ، والمصلوب لم يسمح لها ، وتزلزلت الأرض إذ رقصت طرباً بخلاص المفديين الذين إرتدوا أجسـاداً مـن ثراها ، بينما وقف عاموس النبي يتساءل متعجباً :  ” أليس من أجل هذا إرتعدت الأرض ؟ ” ( عا 8 : 8 )0

والصخور تشققت 00 فقال إناس : يوم الأحد الماضي إرتجت المدينة لدخول المُعلّم إليها ، وهتف الرجال والأطفال ، مما أثار الفريسيون وطالبوه أن ينتهر تلاميذه فقال لهم  ” أقول لكم إنه إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ ” ( لو 19 : 39 ) 00 والآن وقد كفَّ الهاتفون عن الهتاف ، وإرتفع صوت السخرية والإستهزاء ، لم تحتمل هذه الحجارة ، فنطقت ببراءة المصلوب 00 إنها تشقَّقت عوضاً عن القلوب الحجرية التي لا تلين0

وأما قائد المئة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كانوا خافوا جداً وقالوا حقاً كان هذا إبن الله 00 عندما أبصر قائد المئة وجنوده الذين يحرسون يسوع ما كان من غضبة الطبيعة ، أعلنوا إيمانهم بالمصلوب إبناً لله ، فمن أين عرف هؤلاء الرجال الغرباء عن رعوية إسرائيل إنه إبن الله ؟! 00 لقد سمعوا عنه بأنه دعى نفسه إبن الله ، فصدقوه 0 أما الطبيعة فقد سخرت بشيوخ اليهود ومشايعيهم ، حتى إن كل الجموع لما أبصروا ما كان إنسحبوا من موقع الأحداث وهم يقرعون صدورهم0

حقاً إن اليوم لرهيب 00 لقد حلَّت دينونة العدل الإلهي على رأس الإبن الحبيب الوحيد الجنس بسبب كل خطايا البشرية في كل زمان ومكان 00 لم تحتمل الشمس بل إنطفأت ، ولم تحتمل الصخور بل تشققت ، فكم وكم آلام هذه الدينونة التي جزت فيها ياحبيبي !!

” في ذلك اليوم العظيم يخيل إليَّ أن الجماهير أخذت تتقاطر من كل صوب خارج المحلة ، لتلتف حول ذلك الحمل الوديع 00 ثم أخذت تتسلق ربوة الجلجثة وهي زاحفة على ركبها بعيون دامعة وقلوب ممزقة 00

وكأني بالأجراس كانت تدق بعنف في نغم حزين ، فتشيع جواً من الرهبة والجلال 00 ” (39)

ثم إذ كان إستعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لأن يوم ذلك السبت كان عظيماً سأل اليهود بيلاطس أن تُكسر سيقانهم ويرفعوا00 أرسل رؤساء الكهنة رسولاً إلى بيلاطس البنطي ليأمر بكسر سيقان المصلوبين حتى لا تظل الأجساد معلَّقة على الصلبان في أيام الأعياد ، وأسرع الرسول الخطى ، ووافقه بيلاطس ، فقد كان هذا الأمر قانونياً يتمشى مع القانون الروماني كنوع من أنواع موت الرحمة ، ومثله الطعن بالحربة0

          وتقدم أحد الجنود الرومان ، وفي يده بالطة مسنونة ، وضرب ساقي ديماس ، فأطلق صرخته المدوية ، وصار معلقاً من يديه فقط ، بينما إنفجر الدم من ساقيه بغزارة ، وبهذا تأكد الواقفون أنه خلال ساعة على أكثر تقدير سيتوقف هذا القلب عن النبض بالحياة0

          وجاء الرجل إلى يسوع فوجده قد مات فتغاضى عن كسر ساقيه ، وتقدم إلى أماخوس ففعل معه كما فعل مع ديماس ، ولكن أماخوس لم يكف عن الثرثرة ، وكأنه يفضل هذه الحياة تحت وطأة هذا العذاب عن الموت0

          وقال يوحنا : حقاً الآن تمت نبؤة داود النبي التي نطق بها من ألف عام  ” يحفظ جميع عظامه واحد منها لا ينكسر ” ( مز 34 : 20 )0

          وتقدم أحد الجنود ليتأكد أيضاً من موت يسوع ، فأشهر حربته وتراجع للخلف وطعن جسد يسوع طعنة نجلاء تجاه القلب ، وهو الخبير بالطعنات فطعنة منه تقتل حتماً أي إنسان حي ، وإخترقت الحربة ضلوع يسوع ومزقت الغشاء البلوري وإحدى الرئتين ، ففاض من جنبه دم وماء 00

فتعجب الواقفون ، وتذكر نيقوديموس نبؤات زكريا النبي  ” فينظرون إلى الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيد له ويكونون في مرارة عليه كمن هو في مرارة على بكره ” ( زك 12 : 10 ) 00 ” ويكون في ذلك اليوم إنه لا يكون نور 00 ويكون في ذلك اليوم أن مياهاً حيَّة تخرج من أورشليم نصفها إلى البحر الشرقي ونصفُها إلى البحر الغربي 0 في الصيف وفي الخريف تكون ” ( زك 14 : 6 ، 8 )0

          وقال يوسف الرامي : حقاً الآن تمت النبؤات  ” ثم إرجعني إلى مدخل البيت وإذ بمياه تخرج من تحت عتبة البيت نحو المشرق 00 لأن مياهـه خارجـة مـن القدس ” ( حز 47 : 1 ، 12) 00 ” ويكون في ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً والتلال تفيض لبناً وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماءاً ومن بيت الرب يخرج ينبوع ويسقي وادي السنط ” ( يؤ 3 : 18 ) والسنط رمز للخطاة0

” طعن السيد المسيح بالحربة حتى قلبه إنما كان ذلك أشبه بنافذة تطل من خلالها النفس على أحشاء المسيح الداخلية أو قلبه ، لترى فيض حبه الإلهي ، أو لهيب الحب الفائق نحو البشرية 0 إنه النافذة المفتوحة التي من خلالها يمكن للمؤمن أن يلتقي بالله ، ويرسل إليه مشاعر حبه 0 إنها نافذة القلب التي لا تُغلق قط أمام أي تائب 0 سمح الله للجندي أن يضرب قلب السيد المسيح بالحربة لكي نرى في القلب الصخرة المضروبة لأجلنا ( 1 كو 10 : 4 ) والينبوع الذي يفيض علينا ( زك 13 : 1 ) وآبار الخلاص التي حفرت من أجلنا (أش 12 : 3 ) والنهر الذي يفيض بمجاريه يُفرح مدينة الله ” (40)

(37)  المسيح في يوسيفوس ص 49 – أورده القس عبد المسيح بسيط في كتابه هل صُلب المسيح حقاً وقام ص 52

(38) قول للقديس أثناسيوس الرسولي – إعترافات الآباء – طبعة دير المحرق سنة 2002 ص 54

(39)  دكتور فؤاد بولس – تحت أقدام الصليب ص 86

(40)   القمص تادرس يعقوب – تفسير إنجيل يوحنا جـ 2 ص 1220

المعركة الرهيبة ف22 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !