أبحاث

المرأة في الكتاب المقدس ج1

المرأة في الكتاب المقدس ج1

المرأة في الكتاب المقدس ج1

المرأة في الكتاب المقدس ج1
المرأة في الكتاب المقدس ج1

 

 

مقدمــة:

المسيحية والمرأة

المسيحية تنظر للمرأة نظرة كلها تقديس واحترام حتى أن القديس كيرلس عمود الدين يقدم لنا تأملاً رائعاًً “يقول فيه: أن الشيطان لكى يدخل الفساد لجنسنا استخدم ثلاثة:

  • المـرأة هي حواء.
  • شجـرة هي شجرة معرفة الخير والشر.
  • المـوت حيث لم يكن الموت من طبيعتنا.

فلما فسدت طبيعتنا بالخطية والموت وطردنا من الفردوس استخدم الله لأعادتنا للفردوس نفس الثلاثة التي سقطنا فيها:

  • امـرأة أرسل الله أبنه مولوداً من امرأة (غل4:4)
  • شجـرة هي خشبة الصليب المأخوذة من الشجرة.
  • المـوت حيث بموته داس الموت.

وهكذا نرى أنه في المسيحية استعادت المرأة كرامتها وزالت لعنة الصليب وضاعت رهبة الموت.

ويعتبر الكتاب المقدس موسوعة شاملة تتعرض لأوسع ما يستطيع كتاب أن يتعرض له من دراسات حول المرأة, فهو يقدم لنا العديد من الشخصيات النسائية في العهدين القديم والجديد – كذلك الفترة بين العهدين – شخصيات قامت بدور رائع عبر الزمن والتاريخ الطويل بدءا من أول الخليقة وطوال تاريخ الكنيسة والشعوب نساء عظيمات مجاهدات نتتبع سيرتهن ونتمثل بهن, ونساء تحت الضعف نتعلم من أخطائهن.

الله الذي خلق الجبال خلق التلال أيضاً كما كون الهضاب والأودية، والبشرية تحتاج لها جميعاً، لذلك مهما تباينت مواهب نساء الكتاب المقدس وإمكانياتهن فالله استخدمهن جميعاً لمجده ونشر ملكوته.

وعندما نبدأ في البحث عن المرأة في الكتاب المقدس يكون السيد المسيح هو حجر الزاوية الذي تقوم عليه هذه الدراسة نعمل بإرشاده ومن خلاله في ضوء أساس من شقين رئيسيين:

  • الأول: موقـف السيد المسيح من المرأة.
  • الثانـى: موقـف المرأة ن السيد المسيح.

بعد ذلك نبدأ دراستنا

أولاً: بقوانين المرأة

  • مركز المرأة في الأسرة والمجتمع في العهد القديم.
  • مركز المرأة فيما بين العهدين (القديم والجديد).
  • مركـز المـرأة في العهد الجديد.
  • مركز المرأة في العصر الرسولى.
  • المـرأة في العصـر الحاضـر.

ثانياً: قوانين الأسرة:

  • قوانـين الــزواج.
  • الزيجـات المحرمة.
  • تعـدد الزوجــات.
  • الطـلاق: في العهد القديم والعهد الجديد.

ثالثـاً: قوانين العائلة

(الزواج – واجبات الأزواج نحو الزوجات – واجبات الزوجة – واجبات الأبناء)

رابعاً قوانين رعاية النساء

خامساً: وصايا الكتاب المقدس للمرأة

سادساً: المرأة في الكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد

جدات السيد المسيح – نساء النبوة – الأرامل في الكتاب المقدس – ملكات الكتاب المقدس – المرأة وخدمة الكنيسة – نساء الكرازة والتبشير – المرأة والخدمة – الخاطئات والمنسحقات وكيف تعامل معهن السيد المسيح – الزوجات في الكتاب المقدس – البنات في الكتاب المقدس – الأمهات في الكتاب المقدس – المرأة والفضائل والمرأة تحت الضعف الإنسانى.

سابعــاً: الزواج في الكتاب المقدس

أولاً: موقف السيد المسيح من المرأة

إن الإنجيل يحمل رسالة التحرر إلى المرأة , فالسيد المسيح له المجد سمح لها بأن تتبعه هو وتلاميذه (لو8: 1- 3), ولقد تحدث إلى المرأة السامرية حديثاً عن الروحيات لم يكن قد تحدث به مع التلاميذ يعد…… إنه عاملها كإنسان له شخصيته الخاصة: له روح يريد افتداءها, ونفس يطلبها وعقل يهدف إلى يقظته ولقد أعلن لنا الوحى الإلهي بأن “الله لم يعطينا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح”.صحيح أن غالبيتنا تواظب على قراءة الإنجيل وعلى الذهاب إلى الكنسية, ولكن كم هو جدير أن نمنح لنفوسنا الوقت لتمعن الإنجيل – أي التفتيش فيه, فالسيد المسيح سئل عن الطلاق أجاب إجابة فورية حاسمة “أما قراتم……..(مت 19: 4) – لقد كان سائلوه من الفريسيين الذين هم معلموا الناموس والأنبياء, مع ذلك سألهم “أما قراتم “وهو يواجهنا بالسؤال عينه.

فبنيانا لنفوسنا إذن لنتمعن بصفة خاصة مواقف رب المجد تجاه المرأة
  • سؤال الرب للفريسيين: هو ” أما قراتم أن الذي خلق من البدء خلقنهما ذكراً وأنثى “
  • مـن هي هـذه المـرأة: أنها الزوجة – أم – جده – زميلة – أنها كارزة بالحياة في كل ملئها, مكرسة لمحبة الله وللتحرر, دائماً في حالة تأهب, قلبها مفتوح ليتلقى كلمة رجاء وخلاص.

3-     كونـوا حكمـاء كالحيـات

يعلمنا العهد القديم أن الحية هي التي أسقطت الإنسان, ويهيب بنا فادينا الحبيب أن نكون حكماء كالحيات لقد كانت الحية عند الشعوب القديمة, كلها , ترمز إلى الحكمة الأنثوية, ويا للعجب فقد أوصانا رب المجد أن نكون حكماء كالحيات – إذن فقد شاء فادينا الحبيب, بوصيته هذه, أن يشجعنا على القيام بمسئولياتنا اليومية, ومن العجب أنه اتخذ لوصيته رمزاً أنثوياً أصلاً للحكمة – هذه الحكمة التي قيل عنها “المرأة ذات النعمة تحصل كرامة ” أيضاً” حكمة المرأة تبنى بيتها” (أم 11: 16).

ولو أننا تفحصنا الأنشطة الكنسية من واقعها لأصابنا الذهول أمام الجهود المستديمة التي تبذلها المرأة – إن النسوة يؤلفن “سحابة من الشهود هذا مقدارها” (عب 12: 1) ولو أنهن غير مرئيات وغير معروفات ويكفي لمن له عينان لأن يبصر وأذنان لكى يسمع:

أن يراقب الأمهات في الكنيسة ومعهن أولادهن منذ أن يكونوا أجنة في بطونهن إلى أن يبلغن السن الذي يستطيعون معه الذهاب بمفردهم. أنهن على وعى بالوصية القائلة “رب الولد في طريق الربي فمتى شاخ أيضاً لا يحيد عنه”.

ويبين لنا رسول الأمم تأثير الأم في قوله لتيموثاوس: ” أتذكر  الإيمان عديم الرياء فيك الذي سكن أولاً في جدتك لوئيس وأمك افنيكى”.

وليس من شك في أن رب الكنيسة يريد أن يكون جسده كاملاً فكيف يتكامل هذا الجسد الإلهي ونصفه معطل ؟ ثم لماذا يتجاهل الكثيرون قول بولس الرسول “في المسيح يسوع ليس عبد و لا حر, وليس ذكر ولا أنثى”

لقد ذهب بولس الرسول إلى ابعد من هذا فشبه عمله الكرازى بالمخاض هاتفاً “يا أولادى الذين اتمخض بكم أيضا ً إلى ان يتصور المسيح فيكم” (غل3: 28)

والأعظم من هذا ومما يجب أن تتهلل له المرأة أن ربها سبق فأعلن لرسله, وهو يحدثهم حديثه الوداعى أن المرأة وهي تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت, ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح لأنه قد ولد إنسان في العالم” (يو 16: 21) مستهدفاً تهيئة نفوسهم لما سيلاقونه من آلام في سبيل الكرازة.

بل أنه له المجد قد اختط لنفسه هذا الطريق فحين علق على الصليب اختلط دمعه بدمه وانساب الاثنان فوق جسده من قمة رأسه إلى قدميه, والبشير يستبق هذه الآلام المزعجة فيخبرنا بأنه في بستان جثيمانى صار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض. وبعد أن استودع روحه يدى الأب طعنوه بحربة في جنبه فسال دم وماء, ومن هذا الجنب المطعون ولدت الكنيسة, فحقاً ما أبعدنا أن نتفهم المحبة الإلهية اللانهائية.

والأن لنتدارس موقف ذاك الذي جاء ليمنحنا مجد أولاد الله من المرأة وأول ما نلحظه هو بدء العهد الجديد بأسماء أربع جدات ضمن سجل أجداد السيد المسيح, والعجيب كلهن أمميات, وهذا التسجيل يعلن حقين مازال العالم يتجاهلهما:

  • الأول : إثبات وجود المرأة في التدبير الإلهي.
  • والثانى: إنسياب الدم الأممي في شرايين السيد المسيح.

ثانيـاً: موقـف المـرأة مـن السيد المسيح

أليس للمرأة أن تتيه وتفخر على الرجال كلما قرأت قصة الإنجيل ؟ أليس له وهي توازن بينها وبين الرجل في علاقتهما بالسيد المسيح أن تشيد ترنماً لأنها عاملته معاملة أحسن وأنبل وأجل ؟

لقى السيد المسيح من بعض الرجال فصولاً متعددة ليس فيها ما يشرف الرجولة في شئ, وجد منهم من تتبعه قليلاً ثم ارتد عنه, ومن أكل خبزه ثم رفع عقبة عليه, ومن حاك له إكليل الشوك, وألبسه رداء السخرية وتفل عليه ومثل به ؟ أجل…. رأى المسيح من الرجال الهازئ والساخر ومنكر الجميل, وحتى تلاميذه الأوفياء ابتعدوا عنه وولوا يوم الصليب وأشجعهم أقسم أنه ما عرفه أو اتصل به……

  • أما المرأة فما أجلها وأنبلها وأرقها وألطفها في معاملتها له… وهل تجد امرأة واحدة في كل الإنجيل امتهنته أو احتقرته أو أساءت إليه…
  • لقد وجد منهن كل ولاء وتوقير وتعبد…. وجدهن دائماً أقرب إليه وإلى قلبه وإلى فكره ومشاعره وإحساسه….

في بيت سمعان الفريسي وجد من الرجل خشونته ومن المرأة تعبدها, وفي بيت سمعان الأبرص أبصر من التلاميذ غيظهم ومن مريم طيبها, وأورشليم تلك المدينة الخالدة في مأساتها الآثمة الشريرة, ألم تسمع رجالها يقولون أصلبه… أصلبه, بينما سارت بناتها وراءه حزينات باكيات, يلطمن وينحن عليه, فنثرن بذلك في طريق الألم والصلب أجل زهور بعثها القلب الإنساني الرقيق.

كل من قدم خدمة للسيد المسيح يوم الصليب سنذكرها بكل شكر وعرفان….ولكننا لن ننسى أن نذكر قبلاً جميعاً شهادة زوجة بيلاطس – ذلك لأنها كانت أسبق الكل في الوقوف إلى جانب مخلصنا, وأجرأ الشهود وأشجعهم عادة هو الشاهد الذي يقف في الطليعة في طريق العاصفة ولا يحنى رأسه

هي زوجة بيلاطس البنطى المرأة التي غلبت صوت ضميرها على أمر القانون الرومانى الذي كان يحرم تحريماً باتاً أى إشارة أو إيعاز يأتى إلى القاضى حين يجلس على منصة القضاء, كما كان يفرض أشد العقوبات على من يحاول ذلك.

على أن هذا يعطينا أيضاً صورة أخرى لما فعلته المسيحية إزاء المرأة, إنها في التحية والإكرام والمودة تقدمها على الرجل, إذ هي شديدة الرفق بها, والحدب على ضعفها, وتجتهد ما أمكن أن تدثر هذا الضعف بيدها الرقيقة الحنون ,ولأجل هذا أطلق العالم المسيحى على المرأة “الجنس اللطيف” و”النصف الأفضل” وما أشبه من الألقاب السمحة والنعوت الرقيقة, الأمور التي لم يكن يعرفها أبد العالم القديم على تناهي عظمته….

ففي بلاد اليونان كانت المرأة تعامل معاملة وضيعة ألم يقرنها أرسطو بالعبد حين قال “إن المرأة والعبد قد يكونان صالحين, لكنهما في أغلب الأحايين إذا كان أحدهما على شئ من الصلاح, فإن الآخر شرير تماماً”

وكانـت رومـا تنظر إلى المرأة نظرة أقسى وأشر, والقانون الرومانى على عظمته لم يعطى للمرأة حقوقاً كثيرة, فجردها من رعاية أطفالها الرضع, ومنعها من إعطاء صوتها في زواج ابنتها, وأعطى لزوجها السلطان المطلق عليها, والسلطان الذي يمتد إلى حياتها ذاتها.

وهذا كونفوشيوس الذي يدعونه حكيماً قال “إن مهمة المرأة لا ينبغى أن تزيد عن إعداد الطعام والخمر وخارج أعتاب بيتها لا ينبغى أن تعرف خيراً أو شراً.

هذا هو الإسار المفزع الذي طوقت به المرأة في كل التاريخ حتى جاء مخلصنا وفك إسارها وأطلقها حرة قوية طليقة تستمتع بالحياة في أنقى وأقوى وأجمل ما تكون الحياة… لقد شربت من قبله كؤوساً من الإثم والمذلة والهوان ولكنه حينما جاء أخذ من يدها هذه الكؤوس وحطمها, وقدم لها كأس الفرح والبهجة والخلاص…..

وهل كانت معجزته الأولى إلا في عرس قانا الجليل.. حيث مد يده ليقدس العرس ويبارك الزواج… ويفتح طريق التحرير للمرأة على مدى الأجيال ؟

لقد كفرت المرأة يوم الصليب عما فعلته يوم السقوط, إذ انفردت بالولاء للسيد المسيح دون الرجل ومن ثم كان الرسول الأول للتاريخ والأجيال ببشارة القيامة امرأة لا رجلاً “فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وأنه قال لها هذا”

ولربنا المجد من  الآن وإلى الأبد أمين

 

          الآن نبدأ بأولاً من الدراسة:

 

·      مقدمـــة

  • مركـز المرأة في الأسرة والمجتمع في العهد القديم.
  • مركـز المرأة فيما بين العهدين (القديم والجديد).
  • مركـز المرأة في العهـد الجديـد.
  • مركـز المرأة في العصر الرسولى.
  • مركـز المرأة في العصر الحاضر.

 

·      مقدمــة

خلـق الله الرجـل والمـرأة متساوييـن

 

 

إن قصة خلقه المرأة المدونة في سفر التكوين (1: 26, 2: 18, 24) تعلن إنسانيتها وتؤكد سموها عن الخلائق الحيوانية التي خلقها الله فالمرأة معينة وشريكة للرجل لأنها من جسمه ولحم من لحمه.

كان آدم شخصية جامعة للجنس البشرى, وكان يحوى عند خلقته الجنس النسوى لذلك قال الله: “نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا… فخلق الله الإنسان على صورته ومثاله. على صورة الله خلقه ذكراً وأنثى خلقهـم” (تك1: 26, 27) ثم أوضح الله كيف فصل في آدم كيان الرجل والمرأة “فقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده فأصنع له معيناً نظيره…. فأوقع الرب الإلهي سباتاً على آدم, فنام فأخذ واحداً من أضلاعه وملأ مكانها لحماًَ, وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم إمرأة, وأحضرها إلى آدم فقال آدم هذه الآن عظم من عظامى ولحم من لحمى هذه تدعى إمرأة” (تك2: 21-23)

إن المرأة ليست معينه فحسب ولكنها هي المتممة لاكتمال كيانه وصارت له شريكة ورفيقة حياة.

وبالتأمل في حكمة عمل الله وطريقة خلقه الإنسان نقول: لو كان الرجل رأساً فالمرأة هي تاج زوجها وهي تاج الخليقة المنظورة الرجل خلق من تراب وتنقى أما المرأة فأخذت من ضلعه وتنقت تنقية مضاعفة والله كون المرأة من ضلع في جنب آدم ولم يأخذ عظمة من الرأس لئلا تسود المرأة على الرجل, ولا عظمة من قدمه لئلا يسيطر عليها آدم. هذا الضلع يقع تحت إبطه أى لتكون المرأة في حمايته ورعايته ويشملها بحبه, فالضلع قريب من قلبه.

لذلك خلق الله حواء ذاتاً لآدم وتختلف عنه في الجنس فقط. ولما كانت خلقة آدم سبقت خلقة حواء لذلك أعطاه الله منصب الرئاسة على المرأة دون أن يستعبدها أو يتشامخ عليها.

منح الله المساواة بين الرجل والمرأة, ووهبها حياة الحب والتعاون المتبادل وأوضح التاريخ أن المرأة تفوقت على الرجل في استعدادهما لتقبل وتحمل آلام تكوين العائلة, وخدمتها, والمحن, سوء المعاملة. أما الرجل فعامل المرأة بكبرياء وغرور وسلوك اجتماعى منحرف مع ميله للفساد وكأنها أقل منه شأناً أو قيمة فأستعبدها وأحط من قدرها.

والكثير من العشائر الوثنية في العصور القديمة والحديثة يعاملون المرأة كمتاع يملكونه, عليها واجبات نحو الرجل دون أن يكون لها حق المساواة معه لذلك سمى العالم القديم بعالم الرجل.

أما في شريعة عشائر بنى إسرائيل فقد منح الله المرأة على لسان موسى النبى المساواة مع الرجل في الميراث, والمركز الشرعى, والاحترام والاعتبار وعاطفة الحب والتكريم وكان اليهود أمناء في التمسك بشريعة الله.

أما المسيحية فحررت الجنس النسائى بالكامل واعتبرت المرأة الرفيق المحبوب للرجل, والمؤتمن على أسراره بل هي نصفه المفضل.

قوانيــن المـــرأة

أولاً: مركـز المـرأة في الأسـرة والمجتمــع:

1- مركز المرأة في العهد القديم

مركـز المـرأة في إسرائيـل كـان متعارضـاً مع مركزها في الأمم العابدة للأوثان المحيطة بهم فالشريعة الموسوية أعطت المرأة حماية كاملة كما يتضح مما يلى:

أ- حمــت ضعــف المــــرأة:

يقول سفر اللاويين: “والكاهن الأعظم.. هذا يأخذ امرأة عذراء أما الأرملة والمطلقة والدنسة والزانية فمن هؤلاء لا يأخذ بل يتخذ عذراء من قومه امرأة ” (لا21: 10-14)

ب- حمــــت حقوقهــا:

يذكر سفر اللاويين: “وأما ابنة الكاهن قد صارت أرملة أو مطلقة ولم يكن لها نسل ورجعت إلى بيت أبيها كما في صباها فتأكل من طعام أبيها لكن كل أجنبى لا يأكل منه” وذكر سفر الخروج: “لا تشته امـرأة قريبـك” (خر20: 17).

ج- تمسكت بحريتها

أكد الناموس الإلهي حرية المرأة وحدد الفرائض والأعمال المفروضة عليها, وسمح لها بمراكز اجتماعية قيادية, فصارت أكثر احتراماً من زميلتها الوثنية لذلك ذكر الكتاب المقدس سيدات متميزات في الحكمة والمعرفة والمهارة والحذق والنبل والكرامة كما أوضح أنهن ورعات مخلصات قديسات. نتيجة لذلك كانت شخصية المرأة في إسرائيل قوية. فبرزت واشتهرت, وظهرت في التاريخ نساء مثل دبورة القاضية والنبية والقائدة لجيش بنى إسرائيل ضد سيسرا وجيوشه وحررت شعبها من العبودية وأخريات مثل أستير الملكة التي تمسكت بالصوم والصلاة وكان لها الأثر القوى في حماية شعبها من الإبادة.

وبطهارة المرأة وكـدها واجتهادهـا كونـت لنفسهـا مركـزاً جديراً بالاحترام بين أسرتها وفي المجتمـع المحيـط بهـا.

ومع ذلك كان الزوج يعتبر امرأته ملكاً من أملاكه, وكانت النساء تطيع أزواجهن طاعة عمياء فكانت تلقبه سيدى وربى مثال ذلك إبراهيم وسارة “فعندما انحدر إبراهيم إلى مصر وخاف من قتله بسبب جمال زوجته قال لها قولى انك أختى ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك. فأخذت المرأة إلى بيت فرعون. فضرب الرب فرعون وعبيده بسبب ساراى. فدعا فرعون إبرآم وقال ما هذا الذي صنعت بـى لمـاذا لم تخبرنـى أنهـا آمراتـك” (تك 12: 14- 18).

 

 
أسبـاب إنحـدار كيــان المـرأة في إسرائيـــل

كانت فضائل المرأة ظاهرة وواضحة في الشعب الإسرائيلي وامتازت المرأة الإسرائيلية بالطهارة والعفة وقوة الفاعلية في بيتها وبين عشيرتها هذا الوضع كان غريباً على المجتمع الوثنى التي وصلت فيه المرأة إلى أدنى الدرجات من الفساد وإهدار للكرامة والخزى والمهانة.

يبدو أن كرامة المرأة الإسرائيلية هدمت عندما اختلط شعب الله بالشعوب الوثنية المحيطة به فانتشرت بينهم العادات الوثنية ويتضح أثر هذا الاختلاط في الشعب من كلمات أنبياء العهد القديم مثل ارميا وحزقيال.

يقول إرميا: “ها أنكم متكلون على كلام الكذب الذي لا ينفع. أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً وتبخرون للبعل وتسيرون وراء آلهة أخرى لم تعرفونها… هل تعملون هذه الرجاسات” (أر7: 8, 9, 10).

ويقول حزقيال: ” وقال لى (الرب) بعد تعود تنظر رجاسات أعظم هم عاملوها فجاء بى إلى مدخل باب بيت الرب الذي من جهة الشمال وإذا هناك نسوة جالسات يبكين على تموز. فقال لى أرأيت هـذا يـا ابـن آدم” (حز8: 13, 14).

لذلك أمر بنى إسرائيل: ” لا تدع ساحرة تعيش” (خر22: 18)

إن التأثير الخسيس للنساء الوثنيات هدم كيان المرأة في يهوذا وإسرائيل, وكان هو السبب في بعدهم عن الله وهزيمتهم باستمرار.

 
2- مركـز الـمرأة فيمـا بيـن العهدين القديم والجديد

فترة بين العهدين هي فترة الأربعمائة سنة التي انقطعت فيها النبوة عن بنى إسرائيل وتسمى فترة صمت الله عن بنى إسرائيل هذه الفترة من ملاخى إلى متى. وكتبت في هذه الفترة أسفار طوبيا ويهوديت والحكمة ويشوع بن سيراخ وباروك والمكابيين الأول والثانى وذكرت هذه الأسفار سيرة سيدات فضليات مثل حنة (طوبيا 1: 9, 2: 10- 14, 7: 10, 12) وسارة (طوبيا 10: 10, 14: 13) ويهوديت (16: 1- 17) وسوسنة اللواتى أظهرن قوة تأثير فضائل المرأة وفاعليتها في المجتمع وفي الأسرة فقد تمسكن بالورع والإخلاص والتقوى والطاعة للوالدين والأزواج والتحلى بحب الوطن والصلاة والمواهب الشعرية.

   المــراة في العهــد الجديــد

تتضح تعاليم العهد الجديد الخاصة بالمرأة من كلام السيد المسيح, أمثلته وتصرفه مع النساء فأمر السيد المسيح بالآتـى:

أ- النظرة الطاهرة للمرأة

قال السيد المسيح: ” قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن وأما أنا فأقول لكم أن كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه” (مت5: 27,28) فالمرأة في العهد الجديد ليست لإشباع شهوة الرجل الجنسية أو العاطفية ولكن لتكميل حياة الرجل القدسية.

 

ب- احترام وإكرام النســـاء

أمر السيد المسيح معاملة المرأة بمبدأ التعاطف الوجدانى, والتفاهم والانسجام الفكرى كما فعل السيد المسيح مع مريم ومرثا. مريم جلست عند قدمى يسوع وكانت تستمع لكلامه, أما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة المائدة فأجاب السيد المسيح وقال: ” مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثير ولكن الحاجة إلى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها” (لو 10: 28- 42).في هذه الجلسة مدح السيد المسيح مريم وأنب مرثا بلطف جزيل أما عند قبر لعازر تكلم السيد المسيح مع مرثا كلاماً روحياً عالياً.

ج- تبجيل ألأمهات والإهتمام بهن:

إن تبجيل السيد المسيح وتوقيره لها وضح في معاملته لأمه منذ حلوله في أحشائها فأرشد الروح القدس اليصابات أن تكرم العذراء مريم وتلقبها بأم الرب وتقول: ” من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلى” (لو1: 43) وأطاعها السيد المسيح في عرس قانا الجليل وحول الماء خمراً, كما اهتم بها وهو معلق على عود الصليب وسلمها إلى يوحنا التلميذ الحبيب ليهتم بها كأمه.

وبارشاد الروح القدس وضعت الكنيسة الجامعة الرسولية قبل قانون الأيمان قانون تعظيم العذراء مريم وأمرت أن تتلى هذا في جميع الصلوات الكنسية فنقول: ” نعظمك يا أم النور الحقيقى ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله لأنك ولدت لنا مخلص العالم…….”.

 

د- منح المرأة نصيباً في الخدمة الروحية:

بمجئ السيد المسيح بذغ فجر جديد للنساء ففي أى مكان خدم فيه السيد المسيح نالت الأنوثة كرامتها فعندما بدأ السيد المسيح خدمته التبشيرية استجابت المرأة لتعاليمه وأحبت شخصه الإلهي لذلك خدمته النساء من أموالهن ذكر لوقا الطبيب: ” أن السيد المسيح كان يبشر بملكوت الله ومعه الإثنا عشر وبعض النساء كن قد شفين من أرواح شريرة وأمراض. مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين ويونا امرأة خوزى وكيل هيرودس وسوسنة وأخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن” (لو8: 1- 3).

  المـرأة في العصـر الرسولـى الأول

وضحت اتجاهات السيد المسيح نحو النساء باعتبارهن عضوات نافعات في المجتمع, وتحريرهن من أن يكن وسيلة للمتعة الشهوانية, وأن لا يعاملن كمتاع في يد الرجل, فكانت للنساء نشاطاً ملحوظاً في العصر الرسولى الأول وظهرت فضائلهن الروحية في الكنيسة والمجتمع.

لذلك أوصيت الكنسية النساء أن يقمن بالأعمال الآتية:

  • تعليم أفراد الأسرة المبادئ المسيحية

فقال بولس لتلميذه تيموثاوس:  إذ الإيمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن أولاً في جدتك لوئيس وأمك إفنيكى ولكنى مؤمن أنه فيـك أيضـاً” (2تى 1: 5)

  • العيشة بالسيرة الطيبة والنصح بالتعليم الصحيح

 

فيقول بولس الرسول لتيطس: ” كذلك العجائز في سيرة تليق بالقداسة غير ثالبات غير مستعبدات للخمر الكثير. معلمات عفيفات ملازمات بيوتهن صالحات خاضعات لرجالهن ويحببن أولادهن متعقلات عفيفات ملازمات بيوتهن صالحات خاضعات لرجالهن لكى لا يجدف على كلمة الله” (تى 2: 3- 5)

  • خضوع الزوجة لرجلها

 

وأوصى بطرس الرسول بالآتى: ” كذلكن أيتها النساء كن خاضعات لرجالكن حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة يربحون بسيرة النساء بدون كلمة ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف” (1بط 3: 1, 2)

  • وأمر بطرس الرسول المرأة بعدم الاهتمام بالزينة الخارجية

“ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلى بالذهب ولبس الثياب  بل إنسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن” (1بط 3: 3، 4).

  • وأكرم بولس الرسول المرأة وجعلها رمزاً للكنيسة

شبه بولس الرسول حب المرأة واحترامها لرجلها, وبذلها وتبادل العواطف معه بالكنيسة والمسيح وعبر بأنها زوجة الحمل وقال: ” أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد. بل كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء أيضاً لرجالهن في كل شئ” (أف 5: 22- 24).

 

وأوصى الرجال بحب النساء والتضحية لأجلهن

أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها… من يحب امرأته يحب نفسه لأننا أعضاء جسمه من لحمه وعظامه… وأما أنتم الأفراد فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه وأما المرأة فلتهب رجلها” (أف 5: 25- 33).

  • وساعـدت النسـاء الرسـل في الخدمة

 

فقال بولس الرسول: ” أوصى إليكم بأختنا فيبى التي هي خادمة الكنيسة التي في كنخريا لكى تقبلوها في الرب كما يحق للقديسين وتقوموا لها في أى شئ احتاجته منكم لأنها صارت مساعدة لكثيرين ولى أنـا أيضـاً” (رو16: 1, 2).

لقد تحلت المرأة المسيحية بمبادئ السيد المسيح وأوامر رسله الأطهار فاستحقت المدح والإكرام لبساطتهن وتواضعهن وحياتهن الروحية العميقة. وكان لهذا رد فعل على تغيير سلوك المرأة الوثنية المتطرف المخزى والمخجل في الفسق والفجور.

   المــرأة في العصـر الحاضـر

في العصور التي كانت الوثنية هي الديانة السائدة في العالم قاست المرأة الحرمان من الحرية واضطهاد الرجل. ولما صارت المسيحية الديانة الرسمية للدولة الرومانية نالت المرأة حقوقها الشرعية والقانونية وازدادت هذه الحقوق رسوخاً مع توالى الأجيال فتمتعت المرأة في البلاد المتقدمة بحقوق الالتحاق بكل مراحل التعليم الجامعية والعالية, وبرعت عندما أسندت إليها الوظائف المختلفة وصار لها الحق في الانتخابات, والتقدم في الفنون والثقافة, والخدمة الاجتماعية كما نالت قسطها الممنوح لها في المسيحية وتبؤات مراكز مختلفة في الخدمة التعليمية الكنسية.

وقدمت المرأة المسيحية للعالم السلوك المسيحى في الأخلاق والمعاملة والخدمة المنزلية والتضحية الكاملة من أجل اسم السيد المسيح فيما أوكل إليها من خدمات.

ولما ازدهرت المدنية في القرنين التاسع عشر والعشرين واهتم البشر بالمظهرية أكثر من الروحانية وعم الفتور الروحى العائلى, انحلت المبادئ المسيحية ومحبة الخطية وأدى ذلك إلى انتشار الطلاق وازدياد نسبة المتزوجين بأكثر من زوجة واحدة.

وتستطيع المرأة المسيحية معالجة ظواهر هذا الإنحدار بإعادة المذبح الروح للعائلة واهتمام الوالدين بتربية الأطفال والشباب التربية المسيحية وتشجيعهم للنمو الروحى وحياة القداسة.

 

انتظروا الجزء الثانى من المرأة في الكتاب المقدس

الخاص بقوانين الأسرة – وقوانين العائلة ووصايـا الكتاب المقدس للمرأة.

المراجـــع:

 

1- الشخصيات النسائية في الكتاب المقدس        للقس يوحنا حنين.

2- المـرأة في الكتـاب المقــدس             للقمص بيشوى وديع.

3- شخصيات الكتاب المقدس للعهدين              للقمص شاروبيم يعقوب

 

المرأة في الكتاب المقدس ج1

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !