أبحاثالردود على الشبهات

عدم معرفة الابن للساعة – نفى لألوهيته أم إعلاناً ببنوته المنفردة؟! – مينا كيرلس

عدم معرفة الابن للساعة - نفى لألوهيته أم إعلاناً ببنوته المنفردة؟! - مينا كيرلس

عدم معرفة الابن للساعة – نفى لألوهيته أم إعلاناً ببنوته المنفردة؟! – مينا كيرلس

عدم معرفة الابن للساعة - نفى لألوهيته أم إعلاناً ببنوته المنفردة؟! - مينا كيرلس
عدم معرفة الابن للساعة – نفى لألوهيته أم إعلاناً ببنوته المنفردة؟! – مينا كيرلس

 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ. إنجيل مرقس ١٣:٣٢

 

وحسب النص ان الابن لا يملك معرفه اليوم أو الساعة باعتراف الابن ف لو قلنا ان الابن يعرف يكون هذا كذب بشهادة الابن عن نفسه وإذا كان الابن لا يعرف فكيف يكون هو الله؟

 

وقد تكرر النص في انجيل متى البشير

 

 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. إنجيل متى ٢٤:٣٦

 

يبدو أن هذه المسألة اللاهوتية التي تفاقمت كثيراً في عهد أريوس وأثناسيوس مازالت تُسبب إزعاج للكثير من المؤمنين وغير المؤمنين فيخبرنا المؤرخ هرنك:

“إن تعاليم أريوس انتشرت بسرعة في العصر القسطنطيني بين الوثنيين المتعلمين وأنصاف المتعلمين الذين انضموا إلى الكنيسة في ذلك الوقت، لأنها كانت تتفق إلى حد كبير مع بعض الافكار الوثنية التي تنادي بأن الله واحد سام ولا يمكن مقارنته بأحد، والذي منه خرجت عدة آلهة”.¹

 

أمر مُحزن أن نجد الكثيرون ينساقون وراء أفواه الهراطقة برغم إعلان الكلمة عن ذاته كما يقول البشير “كُون العالم به ولم يعرفه العالم” (يوحنا ١:١٠).

 

تقوم أغلب الهرطقات على سببين:

  • مقدمة مشوهة (Misrepresentation)
  • التفسير الخاطئ (Misinterpretation)

 

لذلك وجب علينا أن نقدم العرض والتفسير السليمين لبعض النقاط في هذه المسألة اللاهوتية العميقة بما لا يتعارض مع روح الكتاب والتقليد العامل في الكنيسة على مر العصور.

 

أولاً دراسة قصيرة في كلمة “معرفة”

 

لا يمكننا ابدا ان نستخدم النصوص وترجمتها بحرفيتها، يجب الاتيان بالمعنى من خلال السياق.

 

١-هل كلمه “يعرف” دائما تدل على اقتناء المعرفة في الكتاب المقدس؟

الإجابة هي لا فالكلمة عامه جدا وترجمتها غير دقيقه احيانا بسبب قصور اللغة العربية في الاتيان بالمعنى الصحيح بطريقة متداولة حالياً.

استشهد ببعض الآيات كدليل.

 

وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ. وَقَالَتِ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ». سفر التكوين ٤:١

 

النص باللغة العبرية:

בראשית 4:1 Hebrew OT: Westminster Leningrad Codex

וְהָ֣אָדָ֔ם יָדַ֖ע אֶת־חַוָּ֣ה אִשְׁתֹּ֑ו וַתַּ֙הַר֙ וַתֵּ֣לֶד אֶת־קַ֔יִן וַתֹּ֕אמֶר קָנִ֥יתִי אִ֖ישׁ אֶת־יְהוָֽה׃

 

النص في الترجمة السبعينية (اليونانية):

Gen 4:1 – Αδαμ δὲ ἔγνω Ευαν τὴν γυναῗκα αὐτοῦ καὶ συλλαβοῦσα ἔτεκεν τὸν Καιν καὶ εἶπεν ἐκτησάμην ἄνθρωπον διὰ τοῦ θεοῦ

 

 النص بالإنجليزية:

¹And Adam knew Eve his wife, and she conceived and brought forth Cain and said, I have gained a man through God.

 

ἔγνω=Knew=عَرَفَ=יָדַ֖ע

هل كلمه عَرَفَ هنا تدل على اقتناء معرفه ادم بحواء؟

 

يشرح القمص انطونيوس فكرى في تفسيره لسفر التكوين

وعرف أدم امرأته:

هذا هو التعبير المهذب الإنجيلي للمعاشرة الزوجية.²

 

وقد شرح القديس يوحنا ذهبي الفم (347-407):

 

قول موسى “فعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين”، تأمل متى كان هذا الجماع؟ لقد حدث بعد الخروج من الجنة، لأنهما قبل المعصية كانت سيرتهما كالملائكة ولم يكن حد الجماع موجودا، وكيف يكون هذا، ولم يكونا موضوعين تحت الام الجسد.³

 

ويقول ابن عزرا اليهودي (١٠٨٩-١١٦٧) في تعليقه على سفر التكوين:

 

AND THE MAN. When Adam realized that he would not live Forever he saw the need of perpetuating the human race. Eve concurred And therefore exclaimed, upon giving birth to a child, / have gotten a Man with the help of the Lord.

 

الترجمة:

و الرجل (يقصد ادم) عندما ادرك انه لن يعيش للابد وجد الحاجه إلى ادامه الجنس البشرى، وافقت حواء وبالتالي صاحت بولادة طفل / بحصولها على رجل بمساعده الرب.⁴

 

إذا فكلمه عَرَفَ معناها العلاقة الجسدية وليس اقتناء المعرفة في هذا النص.

 

مثال اخر من العهد القديم

 

 فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إلى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». سفر التكوين ٢٢:١٢

 

في النص العبري:

 

בראשית 22:12 Hebrew OT: Westminster Leningrad Codex

וַיֹּ֗אמֶר אַל־תִּשְׁלַ֤ח יָֽדְךָ֙ אֶל־הַנַּ֔עַר וְאַל־תַּ֥עַשׂ לֹ֖ו מְא֑וּמָּה כִּ֣י ׀ עַתָּ֣ה יָדַ֗עְתִּי כִּֽי־יְרֵ֤א אֱלֹהִים֙ אַ֔תָּה וְלֹ֥א חָשַׂ֛כְתָּ אֶת־בִּנְךָ֥ אֶת־יְחִידְךָ֖ מִמֶּֽנִּי׃

 

النص في الترجمة السبعينية (اليونانية):

 

Gen 22:12 – καὶ εἶπεν μὴ ἐπιβάλῃς τὴν χεῗρά σου ἐπὶ τὸ παιδάριον μηδὲ ποιήσῃς αὐτῷ μηδέν νῦν γὰρ ἔγνων ὅτι φοβῇ τὸν θεὸν σὺ καὶ οὐκ ἐφείσω τοῦ υἱοῦ σου τοῦ ἀγαπητοῦ δι᾽ ἐμέ

 

ترجمه النص الإنجليزية

¹²And he said, Lay not thine hand upon the child, neither do anything to him, for now I know that thou fearest God, and for my sake thou hast not spared thy beloved son.

 

فنجد ان

عَلِمْتُ=יָדַ֗עְתִּי=ἔγνων=I know

 

فهل معرفه الله تزداد وتَنقُص؟

يرد على هذا السؤال القديس يوحنا ذهبي الفم (347-407) ويقول:

 

وقوله: لأني الآن علمت إنك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني، قد يتجه السائل أن يسأل فيقول أترى أن الله كان قبل هذا الأمر غير عارف بفضيلة الصديق ثم عرف الآن؟! فأجيبه: لم يقل الله هذا القول على انه قد علم ذلك الآن، بل انه قد أطلع الكل على صریح خوفه منه.⁵

 

ويقول المفسر اليهودي ابن عزرا (١٠٨٩-١١٦٧):

 

The philosophers teach that There are two kinds of knowledge,

 knowledge of events prior to their Occurrence,

 and knowledge of what is presently in existence. The latter is the meaning of God did prove, and for now I know.

 

الترجمة:

 

الفلاسفة يُعلمون انه هناك نوعان من المعرفة، معرفه الاحداث قبل حدوثها ومعرفه ما هو موجودا في الوجود.

و النوع الاخير هو معنى ان الله اثبت، (و الان انا اعلم).⁶

 

وفي نفس الصفحة يضيف ابن عزرا من اقوال الحاخام سعيد الفيومي (٨٨٢-٩٤٢)

Saadiah Gaon says that did prove means that God tested Abraham in order to Demonstrate his piety to mankind; furthermore, he interprets for now I Know that thou art a God-fearing man (V. 12) to mean that now I have Made known to all that thou art a God-fearing man.

 

الترجمة:

سعيد الفيومي يقول اثبت ذلك تعنى ان الله اختبر ابراهيم ليُظهِر تقواه للبشرية، انه يفسر الان اعلم انك خائف الله تعنى انه جعله معلوما للجميع انه رجل خائف الله.⁷

 

نرى ان كلمه يعرف في العبرية والمستخدمة في العبارتين هي الكلمة الأصلية יָדַע “Yada” معناها يعلم “to know” ورقمها في قاموس سترونج هو H3045

 

اما في الترجمة السبعينية ف الكلمة الأصلية المستخدمة هي كلمه γινώσκω (ginōskō) ومعناها يعلم “to know” رقمها في قاموس سترونج G1097

 

فحيث ان المعنى المُستخدم هو عَرَفَ وعَلِمَ الا انه حسب السياق، المعنى مختلف تماما.

 

والان نأتي إلى العهد الجديد:

 

 فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» إنجيل لوقا ١:٣٤

 

والنص باليونانية:

 

ΚΑΤΑ ΛΟΥΚΑΝ 1:34 Greek NT: Greek Orthodox Church

Εἶπε δὲ Μαριὰμ πρὸς τὸν ἄγγελον· Πῶς ἔσται μοι τοῦτο, ἐπεὶ ἄνδρα οὐ γινώσκω;

 

 بالإنجليزية:

New King James Version

Then Mary said to the angel, “How can this be, since I do not know a man?”

 

وبعض التراجم التفسيرية تترجمها بهذا الشكل:

English Standard Version

And Mary said to the angel, “How will this be, since I am a virgin?”

 

لكن من النص اليوناني نجد الكلمة المستخدمة هي كلمه γινώσκω

 

Strong’s Concordance

Ginóskó: to come to know, recognize, perceive

Original Word: γινώσκω

Part of Speech: Verb

Transliteration: ginóskó

Phonetic Spelling: (ghin-oce’-ko)

Definition: to come to know, recognize, perceive

Usage: I am taking in knowledge, come to know, learn; aor: I ascertained, realized.

 

HELPS Word-studies

1097 ginṓskō – properly, to know, especially through personal experience (first-hand acquaintance). 1097 /ginṓskō (“experientially know”) is used for example in Lk 1:34, “And Mary [a virgin] said to the angel, ‘How will this be since I do not know (1097 /ginṓskō = sexual intimacy) a man?’”

 

ولتوضيح المعنى اكثر:

 

المعرفة هي معرفه تجريبيه شخصيه كما في النص السابق والنصوص الاخرى مثل متى ٧:٢٣ ويوحنا ١٧:٣….الخ

 

اما النص الذي يتحدث عن معرفه الابن للساعه فهو كالاتي:

 

 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ. إنجيل مرقس ١٣:٣٢

 

 النص اليوناني:

ΚΑΤΑ ΜΑΡΚΟΝ 13:32 Greek NT: Greek Orthodox Church

Περὶ δὲ τῆς ἡμέρας ἐκείνης ἢ τῆς ὥρας οὐδεὶς οἶδεν, οὐδὲ οἱ ἄγγελοι ἐν οὐρανῷ οὐδὲ ὁ υἱός, εἰ μὴ ὁ πατήρ.

 

وباللغة الإنجليزية:

New King James Version

“But of that day and hour no one knows, not even the angels in heaven, nor the Son, but only the Father.

 

الكلمة اليونانية المستخدمة هي οἶδεν من الاصل οἶδα (eidó) ورقمها G1492 وتأتى ايضا بمعنى يعرف “to know”

 

Eidó: be aware, behold, consider, perceive

Original Word: οἶδα

Part of Speech: Verb

Transliteration: eidó

Phonetic Spelling: (i’-do)

Definition: be aware, behold, consider, perceive

Usage: I know, remember, appreciate.

 

 

HELPS Word-studies

1492 eídō (oida) – properly, to see with physical eyes (cf. Ro 1:11), as it naturally bridges to the metaphorical sense: perceiving (“mentally seeing”). This is akin to the expressions: “I see what You mean”; “I see what you are saying.”

 

1492 /eídō (“seeing that becomes knowing”) then is a gateway to grasp spiritual truth (reality) from a physical plane. 1492 (eídō) then is physical seeing (sight) which should be the constant bridge to mental and spiritual seeing (comprehension).

 

ولتوضيح المعنى أكثر:

 

الكلمة المستخدمة هي معرفه برؤيه ماديه أو برؤيه عقليه مثل “انا ارى ماذا تقصد”; “انا ارى ماذا تقول”

 

والكلمة هي (رؤية تصبح معرفه) وهي بوابه لفهم الحق الروحي (الواقع) من مستوى مادي.

 

الكلمة ايضا هي رؤية جسديه حيث يجب ان تكون جسرا لرؤيه عقليه وروحيه (الإدراك).

 

واعطى مثال لهذه الفعل:

 

 قَائِلاً: «آهِ مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ» إنجيل مرقس ١:٢٤

 

النص باليونانية:

ΚΑΤΑ ΜΑΡΚΟΝ 1:24 Greek NT: Greek Orthodox Church

Λέγων· Ἔα, τί ἡμῖν καὶ σοί, Ἰησοῦ Ναζαρηνέ; ἦλθες ἀπολέσαι ἡμᾶς; οἶδά σε τίς εἶ, ὁ ἅγιος τοῦ Θεοῦ.

 

الترجمة بالإنجليزية:

Mark 1:24

New King James Version

24 saying, “Let us alone! What have we to do with You, Jesus of Nazareth? Did You come to destroy us? I know who You are—the Holy One of God!”

 

المعرفة هنا هي معرفه عقليه وروحيه (إدراك) مصاحبه باعتراف من الشياطين ان المسيح هو قدوس الله.

 

مثال اخر:

 وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إلى بَيْتِكَ». إنجيل مرقس ٢: ١٠-١١

 

النص باليونانية:

 

ΚΑΤΑ ΜΑΡΚΟΝ 2:10 Greek NT: Greek Orthodox Church

¹⁰ ἵνα δὲ εἰδῆτε (eidēte) ὅτι ἐξουσίαν ἔχει ὁ υἱὸς τοῦ ἀνθρώπου ἀφιέναι ἐπὶ τῆς γῆς ἁμαρτίας – λέγει τῷ παραλυτικῷ·

 

¹¹ Σοὶ λέγω, ἔγειρε καὶ ἆρον τὸν κράβαττόν σου καὶ ὕπαγε εἰς τὸν οἶκόν σου.

 

النص بالإنجليزية:

Mark 2:10-11

New King James Version

10 But that you may know that the Son of Man has [a]power on earth to forgive sins”—He said to the paralytic, 11 “I say to you, arise, take up your bed, and go to your house.”

 

من الواضح ان المعرفة هنا هي إدراك عقلي وروحي مصحوب بدليل (رؤية ماديه لمعجزه) ليُصدق الناس ان المسيح له سلطان على مغفره الخطايا.

 

والمثال الاخير الذي اطرحه هو عباره تحتوي على الكلمتان.

 وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. وَأَمَّا أَنَا فَأَعْرِفُهُ. وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُهُ أَكُونُ مِثْلَكُمْ كَاذِبًا، لكِنِّي أَعْرِفُهُ وَأَحْفَظُ قَوْلَهُ. إنجيل يوحنا ٨:٥٥

 

النص بالإنجليزية:

 

John 8:55 New King James Version

55 Yet you have not known Him(the first word), but I know(the second word) Him. And if I say, ‘I do not know(the secon” word) Him,’ I shall be a liar like”you; but I do know Him and keep His word.

 

النص باليونانية:

ΚΑΤΑ ΙΩΑΝΝΗΝ 8:55 Greek NT: Greek Orthodox Church

Καὶ οὐκ ἐγνώκατε “الكلمه الاولى” αὐτόν· ἐγὼ δὲ οἶδα “الكلمة الثانية” αὐτόν. Καὶ ἐάν εἴπω ὅτι οὐκ οἶδα “الكلمة الثانية” αὐτόν, ἔσομαι ὅμοιος ὑμῶν ψεύστης· ἀλλ’ οἶδα αὐτὸν καὶ τὸν λόγον αὐτοῦ τηρῶ.

 

في هذه العبارة المسيح قد استخدم الكلمتان

الاولى استخدمها مع اليهود والثانية استخدمها مع نفسه،

ليوضح ان اليهود ليس لديهم معرفه (عن تجربه شخصيه) بالأب بينما هو يعرف (معرفه عقليه وروحيه) الأب.

والأمر الذي أكد علاقته مع الأب عندما ذكر انه كائن قبل أن يكون إبراهيم “عدد ٥٨” مما جعل رد فعل اليهود عنيفاً ضده، فما كان منهم الا رفعهم للحجارة ليرجموه “عدد ٥٩”.

 

يقول القديس كيرلس عامود الدين:

“فنحن نؤمن بوجود الله، لكنه من غير اللائق أن نبحث في ماهية الله حسب طبيعته الإلهية، فليس من السهل أن ندرك هذا، إذ أن طبيعة الله، هي أبعد من حدود الفكر البشري. ثم إن كان الابن هو مخلوقا ومصنوعا، فكيف يمكنه وحده أن يعرف الأب، وأن يكون وحده أيضا معروفا من الآب؛ لأن معرفة طبيعة الله أمر مستحيل تماما بالنسبة للمخلوقات، بينما أن يعرف شيء عن تلك المخلوقات، وماهيتها، ليس أمر يفوق إدراك العقل حتى ولو كان هذا الأمر صعبا قليلا علينا، وبالتالي فطالما أن الابن وحده هو الذي يعرف الآب، وهو فقط الذي يعرف من الآب، إذا سيتلاشى الإدعاء بأنه قد خُلق، لأن الطبيعة الفائقة غير الموصوفة هي فقط التي تعرف نفسها، ولا يستطيع أولئك الذين خُلِقوا أن يقتربوا منها على الإطلاق”.⁸

عدم معرفة الابن للساعة - نفى لألوهيته أم إعلاناً ببنوته المنفردة؟! - مينا كيرلس
عدم معرفة الابن للساعة – نفى لألوهيته أم إعلاناً ببنوته المنفردة؟! – مينا كيرلس

ثانياً فحص النص.

 

بما ان الكلمة تعنى معرفه تتطلب رؤية عقليه وروحيه كما موجود في نص مرقس ١٣:٣٢ انه لا يعلم بهما أحد (البشر على الارض) ولا الملائكة في السماء وذلك معناه ان الخليقة كلها ليس لديها الحق في هذه المعرفة الا الاب وكما قال السيد المسيح:

 لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، سفر أعمال الرسل ١:٧

كل الخليقة ليس لها حق هذه المعرفة الا الاب ف الاب هو الله من حيث الطبيعة، الاب لم يتجسد وكذلك الروح القدس، الاقنوم الذي تجسد واتحد بالطبيعة البشرية هو اقنوم الكلمة.

 

إذا فذكر النص للابن والاب يدل على علاقة الاب بالخليقة (البشرية) من خلال الابن فالأب هو من أرسل الابن والابن هو النائب عن البشرية بتجسده، وكذلك يعلن عن الله من خلال هذا التجسد بما يليق مع تدبير الخلاص للعالم.

 

اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ. إنجيل يوحنا ١:١٨

 

 كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ. إنجيل متى ١١:٢٧

 

الابن يقوم بمشيئة الآب أي تدبير الخلاص وليست مشيئة أي أحد أخر لذلك نجد نصوص مثل:

 

الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ. إنجيل يوحنا ٥:١٩

 

 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. إنجيل يوحنا ٥:٣٠

 

يعلق كريج كينر الحاصل على دكتوراه في العهد الجديد:

“يدعي يسوع هنا أن لا أحد يعرف اليوم ولا الساعة، ولا حتى هو نفسه، وهذا القول صحيح بالتأكيد خاصة لأن الكتاب المقدس شهد بالفعل أن الرب يعلم الوقت “زكريا ١٤:٧”، بالكاد كانت الكنيسة الأولى ستخلق قولًا يقصر العلم الإلهي بكل شيء على الآب؛ لم يكن بوسع أي دائرة مسيحية من القرن الأول معروفة لنا بشكل آمن أن تقدم مثل هذا الامتياز المسيحي. علاوة على ذلك، لو احتاج المسيحيون الأوائل إلى قول مأثور لمعالجة تأخير المجيء الثاني، لكان من الطبيعي أن يكونوا قد أوجدوا ادعاءً بأن يسوع أنكر اقتراب المجيء الثاني، وليس أنه كان يجهل توقيته. ومع ذلك، لأن القول أصيل، فإنه يؤكد بالمصادفة الرأي القائل بأن يسوع أطلق على نفسه اسم ابن الله بمعنى مميز، ويخصص لنفسه دورًا بين الملائكة أو فوقها، أي تشبه الحكمة الإلهية”.⁹

 

أي أن النص لا ينفي ألوهية المسيح بل يخبرنا اكتر عن صفاته الانسانية أثناء حياته على الأرض وانه ليس مثل باقي البشر بل هو متميز عنهم بل وأيضاً فوق الملائكة.

 

الابن هو نقطة تلاقي الطبيعة الإنسانية الضعيفة التي لا تقدر ان تفعل شيئا من نفسها مع الطبيعة الالهية، فالمسيح يقوم بهذه الاعمال بقوه اللاهوت (يوحنا ١٤:١٠)

الابن الذي هو بين البشر هو يعلن عن الاب للبشر لأنه هو الوحيد الذي يعرفStrong’s G1097 “γινώσκει””ginōskei”) ) الاب معرفه يفتقر اليها اليهود في المثال الذي شرحته، فكيف لا يعرفه وهو يسُرَهُ (إنجيل متى17:3)؟

 

وَالْتَفَتَ إلى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ:«كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ الابْنُ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ مَنْ هُوَ الآبُ إِلاَّ الابْنُ، وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ». إنجيل لوقا ١٠:٢٢

 

 الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ». إنجيل يوحنا ٣:٣٦

 

يجب الايمان بالابن لان الابن هو عمل الله المرئي والمُعلن للبشرية (التجسد-الفداء-القيامة…)

 

 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ. إنجيل يوحنا ٥:١٩

 

 فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا. إنجيل يوحنا ٨:٣٦

 

وهنا يشير إلى الفداء الذي يقدمه الابن من خلال “موته بالجسد” على الصليب (رساله يوحنا الاولى ٤:١٤)، فالموت يُشير إلى الطبيعة البشرية للابن.

 

وليست مهمه الابن المتجسد ان يعلن ميعاد اليوم الذي جعله الاب في سلطانه:

 

 لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». إنجيل يوحنا ٦:٤٠

 

الذي يؤمن بالابن تكون له حياه ابديه والمسيح يقيمه من موته في اليوم الاخير.

 

 لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ، إنجيل يوحنا ٥:٢٢

 

وايضا الابن هو من يدين.

 

لقب الابن يشير إلى لاهوت المسيح ايضا لان لاهوت الابن هو لاهوت الاب وهو ايضا لاهوت الروح القدس (يوحنا ١٦:١٥)

لذلك تدبير الخلاص يقوم عليه الثلاثة أقانيم وليس كل أقنوم منفرداً.

 

ثالثاً هل عدم معرفه الابن يدل على انه ليس الله بالطبيعة؟

 

يُعلق عالم اللاهوت چون چيل:

يجب أن يُفهم من المسيح كابن الإنسان، وليس كابن الله. لأنه على هذا النحو، كان مضطجعا في حضن الآب، وعرف كل مقاصده ومخططاته. لأن هذه كانت مقصودة فيه: عرف منذ البدء من سيخونه ومن سيؤمن به. كان يعرف ما الذي سيحدث لرافضيه، ومتى سيحدث ذلك. كما يجب أن يعرف أيضا يوم الدينونة الأخيرة، لأنه معين من قبل الله، وهو معين لتنفيذه: ولكن المعنى هو أنه، كإنسان ووسيط، لم يأت ليهلك بل يخلص. لذلك لم يكن أي جزء من عمله، على هذا النحو، أن يعرف، ولم يكن مكلفا بالإعلان عن وقت خراب أورشليم:

ولكن أبي فقط: لاستبعاد جميع المخلوقات والملائكة والبشر. ولكن ليس لاستبعاد المسيح كالله، الذي على هذا النحو، كلي المعرفة. ولا الروح القدس، الذي يعرف أمور الله العميقة، وأسرار قلبه، وهذا من بين أمور أخرى.¹⁰

 

يرد على هذا الادعاء الوحى المقدس أيضاً مستخدماً الرسول بولس في رسالته إلى اهل فيلبى:

 

 فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. الرسالة إلى فيلبى ٢: ٥-٨

 

الذي يتكلم عن المسيح بتواضع رغم انه صورة الله فإنه ارتضى بتنازله آخذاً صورة عبد أي صورة إنسان (تجسد) وأخلى ذاته. أي انه الازلي غير المخلوق فقد أخذ طبيعة مخلوقة ليتمم تدبير الخلاص.

 

ومن ضمن الشروحات حول هذا النص، كثيرون هم الشراح الذين يقبلون أن النص هو من انتاج ما قبل بولس، يقبلون أن الكنيسة كانت تستعمله قبل بولس إما في القداس الإلهي أو في المعمودية أو في مجال آخر. وكمكان أوّلي لتأليفه، يعتقدون أنه في الجماعة المسيحية الأولى في أورشليم، أو الجماعات اليهودية المسيحية في سوريا، أو جماعة يونانية ما.¹¹

 

و قد ذكر الأب بولس الغالي أن هذا النشيد “تفكير أصيل وعميق حول إيمان الكنيسة مع الاستعانة بتعابير وصور جاءت من العالم الذي يعيش فيه الرسول”.¹²

 

كما يُعلق العلامة اوريجانوس:

“أقول إن المسيح لم يجئ لهذه المهمة عن إجبار، لكنه تحرك بالشفقة فقط؛ لأنه كان “في صورة الله”، وعندما رأى أن الموت يمارس سيادته على البشر بسبب تعدي الإنسان الواحد، لم يكن غافلاً عن خليقته، و”لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله”، أي لم يعتبر هذا أمرا ذا أهمية عظمى له أنه مساو للآب بالفعل وواحد مع الآب، بقدر ما رأى الموت يبيد عمله وقد اتخذ مدخلاً بسبب تعدى الإنسان الواحد، لذلك أخلى نفسه. من المساواة وصورة الله واتخذ “صورة عبد” (في ٢: ٦-٧)، وصار إنسانا”.¹³

 

فألوهية المسيح ايماناً أساسياً في الكنيسة والجماعات المسيحية الأولى بل وفي الجماعات اليهودية قبل المسيحية أيضاً فيذكر الحاخام دانيال بويارين في تعليقه على خصائص ابن الانسان المذكورة في دانيال ٧:

 

“كل هذه هي خصائص يسوع المسيح كما سيظهر في الأناجيل، وهي تظهر في هذا النص قبل أكثر من قرن ونصف من ولادة يسوع. علاوة على ذلك، فقد تم تطويرها بشكل أكبر داخل التقاليد اليهودية بين سفر دانيال والأناجيل. في مرحلة معينة اندمجت هذه التقاليد في أذهان اليهود مع توقع عودة مُلك داوودي، وولدت فكرة المسيا الإلهي البشري. ثم سُمي هذا الشخص “ابن الإنسان”، في إشارة إلى أصوله في الشخصية الإلهية المسماة “واحد شبه ابن الإنسان / إنسان” في دانيال. وبعبارة أخرى، أصبح التشبيه، وهو إله يشبه الإنسان (حرفيا ابن الإنسان) اسما لذلك الإله، الذي يدعى الآن “ابن الإنسان”، في إشارة إلى ألوهيته التي تبدو بشرية”.¹⁴

 

ومما لا يجعل مجالاً للشك هنا هو ممارسة ابن الانسان لسلطانه، من يغفر الخطايا إلا الله وحده؟

 

«يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». إنجيل مرقس ٢:٥

 

وان يطلب أن يتم تكريمه ليس كما يكرم الجميع أي مخلوق آخر بل كما يكرمون الآب لانهم يشتركون في طبيعة واحدة…

 

لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ. إنجيل يوحنا ٥:٢٣

 

ليس هناك مجالاً للشك، حتى ناقد العهد الجديد بارت ايرمان يتحدث عن الوهية المسيح الواضحة في انجيل يوحنا:

 

“وهو إنجيل يتميز عن غيره من الأسفار التي صنعت طريقها إلى العهد الجديد بأنه بالفعل قد قطع شوطا كبيرا تجاه تحديد هويّة يسوع لذاته باعتباره إلهياً”.¹⁵

 

في الحقيقة لا اجد وصفاً أفضل لتوضيح أن هذه ليست مشكلة بغاية الأهمية في المسيحية من وصف محررين The Expositor’s bible commentary:

 

إن جهل يسوع المعترف به حول هذه النقطة لم يولد القليل من الجدل. في الواقع، إنه جزء من نمط العهد الجديد لإذلاله وتجسده (على سبيل المثال، ٢٠:٢٣ لوقا ٢:٥٢; أعمال الرسل ١:٧: فيلبي ٢:٧). إنجيل يوحنا، وهو أحد الأناجيل الأربعة التي تصر بوضوح على ألوهية يسوع، يصر أيضا بنفس القدر من القوة على اعتماد يسوع على أبيه وطاعته له، وهو اعتماد يصل حتى إلى معرفته بالألوهة. كيف يجب الجمع بين إصرار العهد الجديد على ألوهية يسوع وإصرار العهد الجديد على جهله واعتماده هي مسألة ذات أهمية عميقة للكنيسة. ويجب تجنب محاولات التخلي عن حقيقة واحدة من أجل الحفاظ على الأخرى.¹⁶

 

تم الرد في بداية البحث على من يستخدم حرفيه النصوص وترجمتها وان الحرفية لا يمكن ان توضح المعنى، ثم تم ايضاح ما هي المعرفة من خلال اللغة الأصلية للنصوص، وتم ايضاح المعنى من خلال النص وبعض النصوص الاخرى المُستخدمة لتدعيم المعنى أو الشرح المُتعارف عليه والمُتوارث من خلال التقليد الكنسي.

 

رابعاً أقوال أباء الكنيسة.

 

القديس ايرينيؤس (+130 م):

“أنتم تدعون أنكم تعرفون أسرار الله التي لا ينطق بها، بينما حتى الرب نفسه، ابن الله ذاته، صرح إن الآب وحده اليوم والساعة الخاصة بالدينونة حينما يعلن بوضوح: ” أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الابن إلا الآب”. فإن كان الابن لم يخجل أن ينسب معرفة ذلك اليوم للآب وحده، بل أعلن ما هو صحيح من جهة هذا الأمر، فلا ينبغي أن نخجل أن نحتفظ لله بتلك الأمور الأعظم التي يمكن أن يجدر لنا”.¹⁷

 

العلامة أوريجانوس (+185م):

غير ذلك طالما أن الكنيسة التي هي جسد المسيح لا تعرف اليوم والساعة، وطالما أن الأبن نفسه قد قال لا يعلم اليوم والساعة، فأن كلمة يعلم استخدمت وفقاً لمعناها المعتاد المناسب في الكتاب المقدس، يتحدث الرسول عن المسيح أنه لم يعرف خطيئة أي لم يخطئ، معرفة اليوم والساعة يحتفظ بها الابن في المخزن لورثة الوعد والتي قد يعرفها الجميع مرة واحدة أي في اليوم عندما يأتي عليهم فيه ما أعده الإله لهم الذين يحبونه.¹⁸

 

القديس أغسطينوس (+354 م):

لأنه يجهل هذا، كما يجعل الآخرين يجهلون: أي أنه لم يعرف هكذا في ذلك الوقت ليُظهر لتلاميذه: كما قيل لإبراهيم، “الآن أعلم أنك تخاف الله”، أي الآن جعلتك تعرف ذلك، لأنه هو نفسه، يحاكم في تلك التجربة، أصبح معروفا لنفسه. لأنه بالتأكيد كان سيقول نفس الشيء لتلاميذه في الوقت المناسب. متحدثا عن المستقبل كما لو كان ماضيا، يقول: “من الآن فصاعدا لا أدعوكم عبيدا بل أصدقاء. لأن العبد لا يعلم ما يفعله ربه، بل دعوتكم أصدقاء. لأن كل ما سمعته عن أبي قد عرفتكم به:” الذي لم يفعله بعد، لكنه تكلم كما لو كان قد فعله بالفعل، لأنه بالتأكيد سيفعله. لأنه يقول للتلاميذ أنفسهم: “ليس لي بعد أشياء كثيرة أقولها لكم. ولكنكم لا تستطيعون أن تحتملوها الآن. من بينها أن يفهموا أيضا، “اليوم والساعة”.

لأن الرسول يقول أيضا: “عزمت أن لا أعرف فيكم شيئا إلا يسوع المسيح وهو مصلوب”. لأنه كان يتكلم إلى أولئك الذين لم يقدروا أن يحصلوا على أشياء أعلى فيما يتعلق بلاهوت المسيح.¹⁹

 

القديس أثاناسيوس الرسولي (+296 م):

“أظن أن هذا لا يجهله أي واحد من المؤمنين: إنه قال هذا مثلما قال الأقوال الأخرى، كإنسان بسبب الجسد فهذا ليس نقصا في الكلمة، بل هو بسبب تلك الطبيعة البشرية التي تتصف بعدم المعرفة.

وهذا أيضا يمكن أن يُرى جيداً إن كان أحد يفحص المناسبة بإخلاص: متى ولِمَنْ تكلم المخلّص هكذا؟ فهو لم يتكلّم هكذا حينما خلقت السموات بواسطته، ولا حينما كان مع الآب نفسه الكلمة الصانع كل الأشياء، وهو لم يقُل هذا أيضاً قبل ولادته كإنسان ولكن حينما صار الكلمة جسدا. ولهذا السبب فمن الصواب أن ننسب إلى ناسوته كل شيء تكلّم به إنسانيًا بعد أن تأنس لأنه من خاصية الكلمة أن يعرف مخلوقاته، وأن لا يجهل بدايتها ونهايتها، لأن هذه المخلوقات هي أعماله وهو يعرف كم عددها وحدود تكوينها. وإذ هو يعرف بداية كل شيء ونهايته، فإنه يعرف بالتأكيد النهاية العامة والمشتركة للكل. وبالتأكيد فحينما يتكلم في الإنجيل عن نفسه إنسانيًا قائلاً: «أَيُّهَا الآب، قد أتت الساعة مجد ابنك ليمجدك ابنك» فواضح انه بصفته الكلمة يعرف أيضا ساعة نهاية كل الأشياء رغم أنه كإنسان يجهلها، لأن الجهل هو من خصائص الإنسان، وخاصة في هذه الأمور.

وبالأكثر فإن هذا لائق بمحبة المخلّص للبشر، لأنه منذ أن صار إنسانا لم يخجل – بسبب الجسد الذي يجهل – أن يقول لا أعرف لكي يوضح أنه بينما هو يعرف لأنه هو الله، فهو يجهل جسديًا. ولذلك فهو لم يقل ولا ابن الله يعرف»، لئلا يبدو أن اللاهوت يجهل، بل قال ببساطة ولا الابن لكي تكون عدم المعرفة منسوبة لطبيعة الابن البشرية”.²⁰

 

القديس هيلاري أسقف بواتيه (+310 م):

“أينما يقول الله إنه لا يعرف فإنه بالتأكيد يُقر بعدم معرفته، لكنه ليس تحت عيب الجهل. إن عدم معرفته ليس بسبب عجز الجهل، بل إما بسبب أن الوقت غير مناسب للكلام، أو أن الخطة الإلهية في العمل تجعله يحجم عن الكلام. هكذا يقول لإبراهيم: “إن صُرَاحَ سَدُومَ وَعَمُورَهُ قَدْ كُثر، وَخَطيتهم قد عظمت جدا. إذا فَسَوفَ أنزل الآن وأرى هَل فَعَلُوا بِالتمام حَسَبَ صُرَاخِهَا الْآتِي إِلَيَّ، وَإِلا فَأَعْلَمُ”. هنا نفهم أن الله لا يعلم ما هو يعرفه رغم ذلك. إنه يعلم أن خطيتهم قد عظمت جدًا، لكنه ينزل ثانيةً لكي يرى إن كانوا قد فعلوا بالتمام، ولكي يعلم إن لم يكونوا قد فعلوا. إذا فسوف تلاحظ أنه ليس جاهلاً بالشيء، رغم أنه لا يعلمه، بل أنه يعلم حينما يحين وقت العمل بالتالي فإن علم الله ليس تحولاً من الجهل وإنما هو مجيء ملء الزمان، فهو لا يزال ينتظر أن يعلم، لكننا لا يمكن أن نفترض أنه لا يعلم؛ لذا فإن عدم علمه بما يعلمه وعلمه بما لا يعلمه، ليس إلا التدبير الإلهي للخلاص في القول والفعل”.²¹

 

القديس غريغوريوس النزينزى (+329م):

“وعاشرا لهم الجهل وأن لا أحد يعلم اليوم الأخير أو الساعة الأخيرة ولا الابنُ إِلَّا الآب (مرقس ١٣:٣٢). وكيف يجهل شيئًا من الكائنات من هو الحكمةُ (١ كو ١:٣٠) ومنشئ الدُّهور (عب ١:٢)، ومنهيها (مت ٢٨:٢٠) ومُجدّدها (رؤ ٢١:٥)، ومَن هو نهايةُ (رؤ ١:٨ ؛ ٢٢:١٣) الموجودات، ومَن يعرفُ ما في الله كما يعرف روحُ الإنسانِ ما فيه (١ كو ٢:١١). أي معرفة أكمل من هذه المعرفة؟ فكيف يعرف ما قبل الساعة معرفة دقيقة، وكيف تراه يعرف ما سيكون عند المُنْتهى ويجهل الساعة نفسها؟ إن ذلك أشبه بُلُغْزِ، كما لو قال أحد إنه يعرف ما أمام الحائط معرفةً جيدة، ولكنه يجهل الحائط نفسه، أو إنه يعرف آخر النهار معرفة جيدة، ولكنه لا يعرف أوّلَ الليل: ومن الثابت في هذين الحالين أن معرفة الواحد تقتضي معرفة الآخر. أليس من الواضح لجميع الناس أنه يعرف كإله، وأنّه بقوله لا يعرف يُشير فيه إلى الإنسان، هذا إذا فصلنا المرئي عن الروحي؟ وقوله «الابن» هنا قول مُطلق وخال من أي إشارة إلى من هو ابنه، وهذا ما يتيح لنا هذا التفسير، فننظر إلى الجهل نظرة استقامة، ونُرجعه إلى الطبيعة الإنسانية لا إلى الطبيعة الإلهية”.²²

 

 

القديس جيروم (+342م):

حيث يفرح كثيراً أريوس ويونوميوس، لأنهم قالوا: من يعلم ومن يجهل لا يمكن أن يكونا متساويين. ضد هذه نرد باختصار: لأن يسوع [المسيح له المجد] الذي هو كلمة الإله، صانع كل الأزمنة [لأن به كل الأشياء قد خُلقت وبغيره لم يكن اي شيء مما كان يوحنا 3:1]، وان يوم الدينونة يجب أن يكون في كل وقت، بأي منطق يستطيع من يعرف الكل أن يكون جاهلاً بجزء، إلى أبعد من ذلك سوف نقول: أيهما أعظم معرفة الآب أم معرفة الدينونة؟ أن كان يعرف الأعظم فكيف يجهل الأقل؟ ²³

 

المراجع

  • القس حنا الخضري، تاريخ الفكر المسيحي، الجزء الرابع، الفصل الرابع عشر، ص ٦٣٧
  • تفسير سفر التكوين للقس انطونيوس فكري، ص١٧٨
  • تفسير التكوين للقديس يوحنا ذهبي الفم (القمص أغسطينوس البرموسي) ص ٥٦
  • IBN EZRA’S COMMENTARY ON THE PENTATEUCH GENESIS (BERESHIT) Translated and Annotated: by H. Norman Strickman & Arthur M. Silver p.80
  • تفسير التكوين للقديس يوحنا ذهبى الفم (القمص أغسطينوس البرموسي) ص١٦٦
  • IBN EZRA’S COMMENTARY ON THE PENTATEUCH GENESIS (BERESHIT) Translated and Annotated: by H. Norman Strickman & Arthur M. Silver p.222
  • كتاب حوار حول الثالوث، الحوار الرابع، ص١٦٥
  • Craig S. Keener ,A Commentary On The Gospel Of Matthew, Second, The day will catch most people unawares (24:36-44)
  • John Gill’s Exposition OF The Bible’s New Testament Commentary, Matthew, Chapter 24, P. 772.
  • تفسير رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي للدكتور يوحنا كرافيذوبولس، تعريب الأرشمندريت إسحق بركات، ص ٩٠
  • رسالة القديس بولس إلى أهل فيلبي للخوري بولس الفغالي، ص ٨٩
  • تفسير الرسالة إلى رومية للعلامة اوريجانوس، ترجمة د.عادل ذكري، الكتاب الخامس، ص ٣٥٢
  • Daniel Boyarin, The Jewish Gospels: The Story of the Jewish Christ, Chapter 1: from Son of God to Son of Man, P. 33.
  • Bart Ehrman, Misquoting Jesus, p. 161.
  • The Expositor’s Bible Commentary, Volume 8, P. 508.
  • القديس ايرينيؤس أسقف ليون، ضد الهرطقات، الكتاب الثاني، الفصل الثامن والعشرون فقرة رقم ٦، ص ٢٥٤
  • (Thomas Aquinas, Catena Aurea, commentary on the four Gospels; collected out of the works of the Fathers, translated by John Henry Parker, Vol. I, Part 3, Oxford: Parker, 1874, P. 833)
  • NPNF1-03. On the Holy Trinity; Doctrinal Treatises; Moral Treatises By Philip Schaff, P. 38.
  • ضد الأريوسيين، المقالة الثالثة، الفصل الثامن والعشرون، فقرة رقم ٤٣، ص ٣٥٠-٣٥١
  • عن الثالوث للقديس هيلاري أسقف بواتيه، الكتاب التاسع فقرة ٦٣، ص ٦٦٥-٦٦٦
  • غريغوريوس النزينزي، الخطب ٢٧-٣١ اللاهوتية، الخطاب اللاهوتي الرابع (في الابن الكلمة ٢) فقرة رقم ١٥، ص ١٢٣-١٢٤
  • (Thomas Aquinas, Catena Aurea, commentary on the four Gospels; collected out of the works of the Fathers, translated by John Henry Parker, Vol. I, Part 3, Oxford: Parker, 1874, P. 832)

عدم معرفة الابن للساعة – نفى لألوهيته أم إعلاناً ببنوته المنفردة؟! – مينا كيرلس