عام

تعافيت بك ف55 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف55 ج2 - رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف55 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف55 ج2 - رواية تعافيت بك PDF
تعافيت بك ف55 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

 

 

الجزء الثاني

الفصل الخامس والخمسون (بالغصب)

 

شربت الخمر وفوقت من سكرته وذوقت الحب وبتُ مخمورًا

_________________________

 

 

 

كنت طوال حياتي أجمع بين الشيء ونقيده، الشر بي ولكني آثرت الخير في خصالي، الحديث عندي ولكن الصمت كان خير أقوالي، امتلكت القسوة، لكن اللين يغلب على أفعالي، داويت جروح الآخرين وجراحي باتت مُلازمةً لحالي، جبرت المكسورين وخاطري تصدع وكأنني بلا شعورٍ أو لا أبالي؛ ولكن في الحقيقةِ أن الفِكر يأكل في بالي.

 

 

 

دلفت “مشيرة” بأقدامٍ تهتز وكأنها تخشى الاقتراب أكثر من ذلك على الرغم من أنها لم تكن مرتها الأولى في ذلك المكان، ولكن تلك المرة تملُك خوفًا غريبًا من تلك الجلسة، كما أن هناك رهبة غريبة تجتاحها من تلك الجالسة أمامها تنتظر اقترابها أكثر، حتى جلست “مشيرة” أمامها على المقعد المقابل لمكتبها، تفهمت “هناء” حالتها وخوفها، فابتسمت لها وهي تقول بحديثٍ يبثها الطمأنينة:

 

 

 

“مالك بس؟! مش جيتي مرة قبل كدا واتكلمنا سوا؟! إيه اللي مخوفك المرة دي؟!”

 

 

 

تنهدت “مشيرة” بخوفٍ لعلها تُهديء من فرط توترها ورجفة كفيها، فتابعت “هناء” الحديث بقولها:

“أنا مقدرة ومتفهمة شعورك، صعب طبعًا بعد كل حاجة تتقبلي وجودك هنا صح؟!”

 

 

 

حركت رأسها نفيًا ثم أضافت مُسرعةً:

“لأ مش كدا والله، بس أنا يمكن مش قد أي مواجهة ممكن تحصلي هنا”

 

 

 

ردت عليها “هناء” بلهجةٍ حازمة:

“مينفعش تفكري كدا، لازم يكون عندك إرادة أكبر من كدا، طالما جيتي هنا يبقى لازم كل شيء يكون صح وأهم حاجة بقى إن ارادتك في التغيير تكون هي الدافع يا مشيرة، ها؟!”

 

 

 

تنفست “مشيرة” بعمقٍ لعلها تسحب الهواء لرئتيها وبذلك ترتاح قليلًا من عناء تفكيرها، ثم حركت رأسها موافقةً وأضافت بايجازٍ:

“تمام…. أنا جاهزة”

 

 

 

حركت الأخرى رأسها موافقةً ثم تحركت من مقعد مكتبها والأخرى تتبعها، حتى جلست على المقعد الكبير الخاص بجلسات الاسترخاء، في ذلك الحين قد جلست الأخرى على مقعدها المعتاد وهي تقول بنبرةٍ هادئة ووجه مُبتسم:

“ها…أنا حابة أسمعك…قوليلي بقى يا مشيرة مين الضحية ومين الجاني؟”

 

 

 

تنهدت الأخرى بقلة حيلة ثم أضافت:

“أنا….أنا الاتنين، وعلى فكرة أنا ضحية برضه ودي حاجة أنا مش هنكرها”

 

 

 

ردت عليها الأخرى ببساطةٍ:

“متنكريهاش ومش عاوزاكي تنكريها، بس برضه تقدري تنكري إنك الجاني؟!”

 

 

 

حركت رأسها لها تستفسر منها بنظراتها، فتحدثت الأخرىٰ تتابع بنفس الأسلوب:

“بداية التغير هتبدأ لما نعرف إن الجاني كان ضحية بس هو رفض خضوعه للدور دا، أنا معاكي إنك ضحية، بس أنتِ مستحملتيش وضعك كتير وقررتي تنتقمي من حد تاني، ويبقى السؤال المهم ليه يا مشيرة؟!”

 

تنهدت “مشيرة” تنهيدة مهتزة وهي تفرك بكفها الأيسر، كفها الأيمن مع قولها الذي شعرت به مثل نصل السكين ينخر في حلقها:

“اللي حصل فيا كان كتير وساعتها محدش حس بيا، ساعتها أنا الوحيدة اللي خسرت وكلهم كسبوا، صحيت من النوم لقيت نفسي خسرت كل حاجة، بيتي وبنتي وجوزي وأي حاجة افتكرت أنها هي اللي هتعوضني، وبعد كل دا اتضربت من محمود وطه، ملقيتش حد يديني فرصة اتكلم، لو كنت فضلت ساكتة وسطهم كان زماني ميتة بالبطيء، كان لازم مشيرة التانية دي تختفي، أنا معاكي كنت غلط وطلعت انتقامي في ناس غلط، بس مكانش فيه قدامي غير كدا”

 

 

 

تحدثت “هناء” بنبرةٍ صوتٍ أقل حزمًا وبين ثناياها اللين والدعم الذي يحثها على التحدث:

“أنا عاوزاكي تكملي، كملي كلام يا مشيرة، قوليلي ليه زينب وخديجة تحديدًا؟!”

 

 

 

ردت عليها بنبرة صوتٍ باكية:

“علشان كنت فاكرة إن زينب هي السبب، وعلشان فاطمة طول عمرها مفهماني إن زينب هي اللي عملت كدا علشان تفرق بيني وبين طه، كنت كل ما اتخيل جميلة وهي بتعيط بليل علشان مش في حضني بحس إن فيه حاجة بتخنقني، كل ما افتكر إن قلبي وجعني على فراق بنتي كنت بحس أني عاوزة اوجعها على بنتها، أنا كنت كل يوم بفضل في الشقة لوحدي زي الجثة المرمية وهما مع عيالهم وكل واحد معاه مراته، الزمن مشي بيا وأنا بغلط في حق واحدة مشوفتش منها غير كل خير”

 

 

 

ردت عليها “هناء” بتفهمٍ لحالة الصراع التي تدور بينها وبين ذاتها:

“الفكرة في العموم يا مشيرة إن مفيش شر مطلق ومفيش خير مطلق، كل واحد فينا جواه الاتنين بنسب متفاوتة، لو ركزنا على الغريزة اللي بتحركنا هنلاقي إن الدافع هو السبب في تحريك الغريزة دي، يعني مثلًا زي واحد حرامي ظروفه كلها زفت ومش لاقي ياكل، بس لجأ للسرقة وللحل الأسهل في الفعل وأصعب في النتائج، صحيح سرق ونهب وأخد حاجة متخصوش، هو تغاضى عن النتيجة، من غير ما يحسبها، لو سيبنا وقت للتفكير مؤكد حاجات كتير ماكنتش هتحصل”

 

 

 

سألتها الأخرى بنبرة صوتٍ متحشرجة نتيجة البكاء الذي داهمها:

“ازاي؟! هو فيه حد يقدر يغير حتى طريقة تفكيره علشان يتحكم في النتايج؟!”

 

 

 

ردت عليها الأخرى مُقررةٍ بتفسيرٍ:

“آه فيه، لو كل واحد فينا قبل أي فعل ياخده فكر في ردود أفعال الناس أكيد الحياة هتختلف، يعني مثلًا أنتِ ساعة تفكيرك في الانتقام عمرك ما فكرتي في مشاعر خديجة ورد فعلها، كل تفكيرك إن زينب تتوجع زيك على بنتها، وإن خديجة تخسر حاجة زي اللي ما بنتك خسرت، كل الأوضاع ساهمت إنك تكوني جاني، رغم إن الجاني الأصلي مش موجود في الصورة”

 

 

 

سألتها “مشيرة” بحيرةٍ:

“مين الجاني الحقيقي؟! قصدك حسان؟!”

 

 

 

حركت رأسها نفيًا ثم أضافت بحزمٍ:

“لأ….أنا مقدرش أحطه في صورة الجاني لإنه ضحية برضه، وحسان زيه زيك ضحية للعبة اتعملت عليكم، هو غلطته إن متكملش وقال على اللي حصل وهرب ببنته، بس رد فعله مبرر وطبيعي”

 

تعافيت بك ف55 ج2 – رواية تعافيت بك PDF