مُترجَم

لماذا ينبغي الثقة بمصداقية كتّاب العهد الجديد؟ – ترجمة : Patricia Michael

لماذا ينبغي الثقة بمصداقية كتّاب العهد الجديد؟ – ترجمة: Patricia Michael

لماذا ينبغي الثقة بمصداقية كتّاب العهد الجديد؟ - ترجمة: Patricia Michael
لماذا ينبغي الثقة بمصداقية كتّاب العهد الجديد؟ – ترجمة: Patricia Michael

إن الثقة بمصداقية كتّاب العهد الجديد ليست مجرد افتراض غير مدعوم بالأدلة، بل هي استنتاج يستند إلى معايير تاريخية ومنهجية متينة. فبينما قد يدّعي النقّاد بأنه لا يمكننا التأكد من أن يسوع الناصري حقق بالفعل نبوءات العهد القديم، فإن الحقائق التاريخية والوثائقية المتاحة ترجّح بقوة موثوقية روايات العهد الجديد.

أولًا: يسوع الناصري شخصية تاريخية موثّقة، ليس فقط من خلال الأناجيل، بل أيضًا في مصادر يهودية ورومانية تعود إلى القرنين الأول والثاني الميلاديين، مثل كتابات المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس، والمؤرخ الروماني تاسيتوس، مما يؤكد أنه لم يكن شخصية أسطورية، بل شخصية حقيقية عاشت في فلسطين في القرن الأول الميلادي.

ثانيًا: لا تعتمد روايات العهد الجديد على شهادة فردية فقط، بل تأتي من مصادر متعددة ومستقلة. فمنهج التأريخ القديم يعتمد على تعدد الشهادات باعتباره دليلًا قويًا على صحة الحدث، وبذلك فإن توافق شهادات متى ومرقس ولوقا ويوحنا، إضافة إلى كتابات بولس وبطرس ويعقوب ويهوذا، يعزز مصداقية الأحداث المرتبطة بحياة يسوع الناصري وتحقيقه للنبوءات المسيانية.

ثالثًا: لو كان كتّاب العهد الجديد قد اختلقوا هذه الروايات، لكانوا قد أدانوا أنفسهم، لأنهم شددوا على أن الكذب، لا سيما في الأمور الإلهية، يستوجب الدينونة الأبدية. فمن غير المنطقي أن يكرّس هؤلاء الكتّاب حياتهم للتبشير برسالة يعلمون أنها زائفة، خصوصًا وأنهم واجهوا اضطهادًا شديدًا بسببها.

رابعًا: وكما أشار الباحث واين جاكسون (Wayne Jackson)، “لو لم يكن كتّاب العهد الجديد يؤمنون بمساءلة أخروية، وكانوا قد لفّقوا هذه الوثائق عمدًا، فلماذا كانوا ليقبلوا طواعية التعرض للاضطهاد والمعاناة والموت؟” إن هذا التساؤل يكشف عن معضلة غير قابلة للتفسير بالنسبة للمتشككين، لأن أي افتراض بعدم صدق هؤلاء الكتّاب يفتقر إلى الانسجام المنطقي.

خامسًا: استند الرسل والأنبياء في العهد الجديد إلى نصوص العهد القديم عند محاججة اليهود في القرن الأول الميلادي، مؤكدين أن يسوع الناصري حقق النبوءات المسيانية بدقة. وكان الرسول بولس على وجه الخصوص يدخل إلى المجامع اليهودية، ويقوم بتفسير الأسفار المقدسة بطريقة مقنعة لدرجة أن كثيرين من اليهود اقتنعوا بصحة رسالته.

(أعمال الرسل 17: 1 – 4).
“فَاجْتَازَا فِي أَمْفِيبُولِيسَ وَأَبُولُونِيَّةَ، وَأَتَيَا إِلَى تَسَالُونِيكِي، حَيْثُ كَانَ مَجْمَعُ الْيَهُودِ. فَدَخَلَ بُولُسُ إِلَيْهِمْ حَسَبَ عَادَتِهِ، وَكَانَ يُحَاجُّهُمْ ثَلاَثَةَ سُبُوتٍ مِنَ الْكُتُبِ، مُوَضِّحًا وَمُبَيِّنًا أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَنَّ: هذَا هُوَ الْمَسِيحُ يَسُوعُ الَّذِي أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ.فَاقْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ وَانْحَازُوا إِلَى بُولُسَ وَسِيلاَ، وَمِنَ الْيُونَانِيِّينَ الْمُتَعَبِّدِينَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل.”

سادسًا: لم تُقبل تعاليم العهد الجديد قبولًا أعمى، بل خضعت للفحص الدقيق والتحليل النقدي. فقد قام سكان بيرية، على سبيل المثال، بفحص الأسفار المقدسة يوميًا للتحقق من صحة تعاليم بولس، وانتهى الأمر بأن آمن كثيرون منهم.

(أعمال الرسل 17: 11-12)
“وَكَانَ هؤُلاَءِ أَشْرَفَ مِنَ الَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي، فَقَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا؟ فَآمَنَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْيُونَانِيَّاتِ الشَّرِيفَاتِ، وَمِنَ الرِّجَالِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل.”

مما يدل على أن هذه الرسالة لم تكن قائمة على الإقناع العاطفي, بل على حجج عقلية ولاهوتية ودراسة متينة.

سابعًا: أحد أبرز الأدلة على موثوقية العهد الجديد هو العدد الكبير من اليهود الذين اعتنقوا الإيمان بيسوع المسيح بعد صلبه وقيامته. فقد آمن عشرات الآلاف منهم.

(أعمال الرسل 21: 20)
“فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ.”

بمن فيهم عدد كبير من الكهنة اليهود.

(أعمال الرسل 6: 7).
” وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ.”

فلو لم يكن لديهم يقين راسخ بأن يسوع هو تحقيق للنبوءات المسيانية، لما خاطروا بمكانتهم الدينية والاجتماعية باتباعه.

ثامنًا: يضاف إلى كل ذلك أن الأناجيل وكتابات العهد الجديد لم تكن موجهة لجمهور بسيط يسهل خداعه، بل نُشرت في بيئة كانت مليئة بالخصوم الذين كان بإمكانهم تفنيدها إن كانت تحتوي على أخطاء أو مبالغات. ومع ذلك، لم يظهر أي دحض موثوق يثبت زيف هذه الادعاءات، بل استمرت المسيحية في الانتشار بقوة غير عادية.

إن جميع هذه العوامل، عند النظر إليها مجتمعة، تقدم أساسًا قويًا للثقة بمصداقية كتّاب العهد الجديد، وتؤكد أن يسوع الناصري حقق بالفعل النبوءات المسيانية، وأن شهادات العهد الجديد تمثل سجلًا تاريخيًا موثوقًا لحياته وتعاليمه.

ليكون للبركة
Patricia Michael

Why Should We Believe the New Testament Writers?

لماذا ينبغي الثقة بمصداقية كتّاب العهد الجديد؟ – ترجمة: Patricia Michael