مُترجَم

أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي – Patricia Michael

أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي – Patricia Michael

أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي - Patricia Michael
أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي – Patricia Michael

🔹المقدّمة

تُعد دراسة أصالة الكتاب المقدس وإثبات مصدره الإلهي من القضايا المحورية في الدفاعيات المسيحية. وفي هذا السياق، يسلّط كتاب “الكتاب المقدس من عند الله: نماذج من الأدلة”، في فصله الثاني المعنون “كتاب من الخرافات اليهودية؟ الأدلة الساحقة”، للمؤلف ديف ميلر (Dave Miller)، الضوء على مجموعة من الأدلة التي تهدف إلى تأكيد المصدر الإلهي للكتاب المقدس، حيث يقدم ردودًا تفصيلية ونماذج من الادلّة تدحض الادعاء بأنه مجرد كتاب خرافي، مستندًا إلى أدلة تاريخية وعلمية ولاهوتية.

في سعيه لإثبات هذا الطرح، يستعرض ميلر مجموعة من الأدلة التي يرى أنها تدعم أصالة النصوص المقدّسة. ومن بين هذه الأدلة، يركز على الدقة العلمية، التاريخية، الجغرافية، الطبوغرافية، الطبية، والنبوية التي يتميز بها الكتاب المقدس، فضلاً عن التماسك الداخلي للنصوص المقدسة، باعتبارها مؤشرات دالّة على الوحي الإلهي رغم تنوع الكُتّاب والفترات الزمنية التي كُتب خلالها. ويؤكد أن هذا التناسق غير الاعتيادي يشير إلى مصدرية تتجاوز القدرات البشرية، حيث يصعب تفسير هذا الانسجام المتكامل في ظل تنوع الخلفيات الثقافية والتاريخية لكتّاب الأسفار المقدّسة. ويرى أن هذه الخصائص تُبرز تفرُّد الكتاب المقدس وسموّه مقارنة مع اي نص آخر في العالم سواء في العالم القديم أو الحديث.

يعتمد الكاتب في حُججه على الحقائق التاريخية والأثرية، حيث يُبرز التوافق الدقيق بين السّرد الكتابي والاكتشافات الأثرية والتاريخية، مما يعزز موثوقية الروايات المقدسة. كما يناقش ميلر الدقة العلمية والطبية التي تميز بها الكتاب المقدس، مُشيرًا إلى أن هذه المعارف سبقت المعرفة السائدة في زمنها، مما يدل على أن الكتاب المقدس لا يمكن أن يكون نتاجًا بشريًا عاديًا، بل هو وحي إلهي يتجاوز حدود المعرفة البشرية في الزمن الذي دُوّن فيه. كما يسلّط الضوء على النبوءات التي تحققت عبر العصور، ويرى أن هذه العوامل مجتمعة تؤكد أن الكتاب المقدس هو كتاب يحمل بصمة إلهية واضحة تتجلى في انسجامه ودقته وتفرّده مما يعزز القناعة أن الكتاب المقدس يحمل رسالة إلهية واضحة للبشرية.

وبناء عليه يهدف ميلر من خلال الفصل الثاني من كتابه الى عرض نماذج من الأدلة وربطها بالسياق الدفاعي والعلمي، مما يرسّخ الحقيقة بأن الكتاب المقدس هو وحي إلهي وليس مجرد نص بشري، وذلك من خلال دراسة دقيقة للحقائق التاريخية والجغرافية والعلمية والنبوية التي أثبتها الكتاب المقدّس عبر العصور.

أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي - Patricia Michael
أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي – Patricia Michael

 

🔹ولتعزيز هذا الطرح، يستعرض ميلر دقة الكتاب المقدس من خلال مجموعة من الأدلّة التي يمكن تصنيفها على النحو التالي:

🔹الدقة التاريخية

في فترة من الفترات، لم يكن هناك أي دليل مادي مُتاح يثبت وجود الحثّيين، تلك الأمة التي ورد ذكرها في العهد القديم ما يقرب من 60 مرة، كما في (تكوين 23: 10) (تكوين 26: 34) (يشوع 1: 4). لم تكن هناك أي أدلّة أثرية تُؤكد تاريخيّة هذه الإشارات، مما دفع بعض المشككين إلى الطعن في مصداقية الكتاب المقدس، واعتباره مجرد “مجموعة من الأساطير اليهودية”.

غير أن عالم الآثار واللاهوتي إدوارد رايت (Edward Wright) في القرن التاسع عشر قد تصدّى لهذا الادّعاء في كتابه (The Empire of the Hittites) الذي نُشر عام 1884. هذا الكتاب يُعد من أوائل المحاولات الجادّة في علم الآثار الكتابي للدفاع عن صحّة السّرد التاريخي للكتاب المقدس، حيث بيّن أن غياب ذكر الحثّيين في المصادر التاريخية الكلاسيكية لا يُعد دليلًا على عدم وجودهم، بل ربما يعكس نقصًا في تلك السجلات التاريخية والاثرية، وليس خطأ في النصوص الكتابية. وأوضح رايت أن الاكتشافات الأثرية في مصر وآشور قد بدأت بالفعل في الكشف عن معلومات تتعلق بالحثّيين، تتوافق بشكل تام مع الروايات الكتابية، مما أضعف الحجج السابقة التي شككت في الدقة التاريخية للكتاب المقدس.

 

🔹يقول إدوارد رايت (Edward Wright) في هذا الصدد:

[على الرغم من أن الكتاب المقدس ليس مجرّد سجل شامل للتاريخ، فإن صدقه مرتبط ارتباطا وثيقا بالدقة التاريخية لبياناته. ولكن نظرًا لأن الحثّيين لم يكن لهم أي ذكر في التاريخ الكلاسيكي، فقد افترض البعض أن الإشارات إليهم في الكتاب المقدس لا يمكن أن تكون صحيحة. كان هناك افتراض قوي بأن أمّة بهذه الأهمية لا يمكن أن تختفي تمامًا من السّجل التاريخي، لكن هذا الافتراض القوي لم يكن مبررًا للاستنتاج غير العلمي بأن الرواية الكتابية غير صحيحة.

فقد كان من المحتمل ببساطة أن يكون التاريخ الكلاسيكي ناقصًا فيما يتعلق بشعب تحدّثت عنه النصوص المقدسة بإسهاب. إن الحجج التي استندت إلى الإشارات إلى الحثّيين للطعن في الدقة التاريخيّة للكتاب المقدس، من غير المرجّح ان تظهر مجددا في الأدبيات الإنجليزية مرة أخرى. فمع تزايد الاكتشافات القادمة من مصر وآشور، تكشّفت أمامنا، سواء في الخطوط العريضة، او في التفاصيل العَرَضِيَّةُ، سلسلة من الحقائق المتعلقة بالحثّيين، والتي تتوافق تمامًا مع الروايات الواردة في الكتاب المقدس.]

ومع مرور الوقت، أصبحت الحجج التي اعتمدت على غياب الأدلة التاريخية حول الحثيين لتفنيد صحة الكتاب المقدس غير ذات جدوى، إذ أسهمت الاكتشافات المتزايدة في إلقاء الضوء على سلسلة من الحقائق التي كشفت تدريجيًا عن وجودهم، سواء من حيث الأحداث الكبرى أو التفاصيل الدقيقة، وهو ما عزز السّرد الكتابي وأضعف مزاعم المشككين.

“وجاءت اللحظة الحاسمة في عام 1906، عندما قام عالم الآثار الألماني هوجو وينكلر (Hugo Winckler) بالتنقيب في موقع بوغازكوي (Boğazköy)، الذي كان يُعرف في ذلك الوقت بهذا الاسم، ويُسمى اليوم بوغازكالي (Boğazkale)، حيث اكتشف أنقاض حاتوسا (Hattusa)، العاصمة القديمة للإمبراطورية الحثية.”

كشفت هذه الحفريات عن أدلّة دامغة تؤكد حضارة الحثّيين، اذ تم الكشف عن موقع أثري ضخم يمتد لأكثر من 400 فدان، يضم نقوشاً ووثائق بالغة الاهمية تؤكد وجودهم ككيان سياسي قوي وبارز في العصور القديمة. ومنذ ذلك الحين، شهدت الدراسات حول الحثيين تطورًا كبيرًا، مما ساهم في ترسيخ مكانتهم كحضارة موثقة تاريخيًا، وهو ما يتسق تمامًا مع السرد الكتابي.

ولم يكن هذا الاكتشاف سوى واحد من بين العديد من الاكتشافات الأثريّة التي أكدت صحة الإشارات الكتابية إلى شخصيات وأحداث تاريخية أخرى. فقد تم التحقق من وجود ما لا يقل عن 63 شخصية مذكورة في العهدين القديم والجديد، وذلك من خلال أدلة نقشيّة مباشرة.

كما أن كاتب العهد الجديد لوقا البشير قد أشار إلى 32 دولة، و54 مدينة، و9 جزر في البحر المتوسط، معظمها تم التحقق منه تاريخيًا، بل إنه ذكر 95 شخصية، 62 منها لم تُذكر في أي موضع آخر من الكتاب المقدس، و27 منها كانت لشخصيات بارزة في المجالين المدني والعسكري.

هذا يشير إلى أن لوقا كان يذكر شخصيات تاريخية أو معاصرة له في سياق الأحداث التي كان يرويها، وهذه الشخصيات قد تكون غير معروفة أو غير مذكورة في اماكن اخرى في الكتاب المقدس، مما يعزز دقة الرواية الكتابية ومصداقيتها من الناحية التاريخية في تلك الفترة الزمنية.

الفكرة الأساسية هنا هي أن لوقا لم يكن يؤلف سَرْدًا خياليًا، بل كان يُسجّل أحداثًا تاريخية متعلقة بالمسيحية المبكرة، مما يعزز مصداقية روايته.

علاوة على ذلك، الإشارة إلى الشخصيات التي لم ترد في أماكن أخرى من الكتاب المقدس تدعم فكرة أن لوقا كان يعتمد على مصادر مستقلة أو على معرفته الشخصية، وليس فقط على تقاليد مسيحية شائعة. وهذا يعكس دقته كمؤرخ، خاصة وأنه يُعرف باستخدامه لأسلوب بحثي يوحي بالتحقيق والتدقيق، كما يظهر في مقدمة إنجيله (لوقا 1:1-4).

“إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.”

بالتالي، دقّة لوقا في ذِكْر الأماكن والشخصيات تدعم المصداقية التاريخية للنصوص التي كتبها، ما يجعلها أكثر موثوقية عند دراستها من الناحية التاريخية.

إن الكتاب المقدس قد أثبت مرارًا وتكرارًا دقته التاريخية، حيث أظهرت الدراسات الأثرية أن العديد من الإشارات الكتابية تتوافق مع الأدلّة المادية التي تم اكتشافها. وهذا التوافق المستمر بين السرد الكتابي والاكتشافات العلمية والاثرية يُعزز مصداقية النص المقدس باعتباره سجلًا تاريخيًا جديرًا بالثقة، وليس مجرد تجميع لأساطير أو خرافات، كما يزعم البعض.

أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي - Patricia Michael
أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي – Patricia Michael

 

🔹الدقة الجغرافية

يُشار إلى إدوارد روبنسون (Edward Robinson) بلقب “أبو الجغرافيا الكتابية”، حيث يُعدّ الرائد الأول في إطلاق رحلات استكشافية منهجية وشاملة لفلسطين بغية التحقق من الدقة الجغرافية للكتاب المقدس. وتمكّن روبنسون من تحديد نحو مئتي موقع جغرافي ورد ذكره في النصوص المقدسة. ومنذ ذلك الحين، نجح الباحثون في التحقق من صحة آلاف المواقع الإضافية.

على سبيل المثال، كان يُعتقد لفترة طويلة أن رواية زيارة ملكة سبأ للملك سليمان مجرد سرد أسطوري خالٍ من الأساس الواقعي. غير أن الدراسات الحديثة حددت موقع سبأ في جنوب الجزيرة العربية، وأظهرت أن السبئيين كانوا معروفين بأنشطتهم التجارية الواسعة، وهو ما يتوافق مع وصف قافلة ملكة سبأ المحملة بالتوابل والذهب والأحجار الكريمة.

“فَأَتَتْ إِلَى أُورُشَلِيمَ بِمَوْكِبٍ عَظِيمٍ جِدًّا، بِجِمَال حَامِلَةٍ أَطْيَابًا وَذَهَبًا كَثِيرًا جِدًّا وَحِجَارَةً كَرِيمَةً. وَأَتَتْ إِلَى سُلَيْمَانَ وَكَلَّمَتْهُ بِكُلِّ مَا كَانَ بِقَلْبِهَا.” (1 مل 10: 2).

وعليه، يتميّز الكتاب المقدس، كنصٍّ قديم، بفرادته من حيث توافق معلوماته الجغرافية مع الأدلة العلمية المتراكمة.

أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي - Patricia Michael
أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي – Patricia Michael

🔹الدقة الطبوغرافية

تشير الطبوغرافيا إلى تخطيط الأرض، أي التكوين السطحي ثلاثي الأبعاد لمعالمها الفيزيائية، مثل الجبال، والوديان، والسهول، والارتفاعات وغيرها. ومن المذهل أن الكتاب المقدس قد أثبت دقته الطبوغرافية.

-فعلى سبيل المثال، يذكر سفر التكوين (12: 8) أنه عندما انتقل إبراهيم من مورة إلى الجبل شرقي بيت إيل، “نصب خيمته، وكان بيت إيل من جهة الغرب وعاي من جهة الشرق.” ويمكن لأي خريطة للأراضي الكتابية أن تؤكد صحة هذا التوزيع الطبوغرافي.

-كذلك، في سفر يشوع (7: 2)، نقرأ: “وَأَرْسَلَ يَشُوعُ رِجَالًا مِنْ أَرِيحَا إِلَى عَايَ الَّتِي عِنْدَ بَيْتِ آوِنَ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلَ،” ويمكن التحقق بسهولة من صحة هذا الترتيب الطبوغرافي.

-أما في سفر أعمال الرسل (8:26)، فقد أُمِر فيلبس “اذهبْ نحو الجنوب على الطريق المُنحدِرة من أورشليم إلى غزة.” ولا تقتصر الدقة هنا على الاتجاه الجنوبي الغربي لغزة من أورشليم، بل تمتد أيضًا إلى الاختلاف في الارتفاع، حيث تنخفض التضاريس من أورشليم إلى غزة من حوالي 700 متر (2300 قدم) إلى 35 مترًا (115 قدمًا).

هذه الأمثلة، التي يمكن الاستشهاد بمثلها مرارًا، تؤكد أن الكتاب المقدس يتمتع بدقة طبوغرافية موثوقة.

 

🔹الدقة العلمية

يمتاز الكتاب المقدس أيضًا بالدقة العلمية، رغم أنه لم يُكتب ليكون كتابًا علميًا بالمعنى الحديث، وعلى الرغم من عدم اعتماده على المصطلحات العلمية المعاصرة، إلا أن إشاراته العَرَضِيَّةُ تتوافق بدقة لافتة مع الحقائق العلمية. وفيما يلي بعض النماذج على هذه الحقائق العلمية:

  • قوانين الديناميكا الحرارية: (تكوين2:1) (تكوين 2: 2)؛ (إشعياء 51: 6)؛ (مزمور 102: 26)؛ (عبرانيين 1: 11)
  • دورة الماء (التكثيف-التساقط-التبخر): (جامعة 1: 7)؛ (جامعة 11: 3)؛ (عاموس 9: 6)
  • النجوم التي لا تُحصى:(تكوين 15: 5) (ارميا 33: 22)
  • انقسام الضوء: (ايوب 38: 24)
  • الأخاديد العميقة في قاع المحيطات: (ايوب 38: 16).

هذه مجرد نماذج محدودة من الدقة اللافتة التي يظهرها الكتاب المقدس في القضايا العلمية.

أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي - Patricia Michael
أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي – Patricia Michael

🔹الدقة الطبية في الكتاب المقدس

يكشف الكتاب المقدس عن معرفة دقيقة في المجال الطبي، تتجاوز بكثير المعارف السائدة في العصور القديمة. بينما اعتمدت الحضارات القديمة غالبًا على الخرافات والأساطير في تفسير الطب، قدّمت شريعة موسى توجيهات صحيّة دقيقة تعكس فهمًا متقدمًا يسبق عصرها. ومن أبرز هذه التوجيهات:

-تجنب انتقال الأمراض المعدية من الجثث: نصّت الشريعة على تطهير كل من يلامس جثة لضمان الوقاية من الأمراض (سفر العدد 19:12).

  • مبدأ العزل الصحي (الحجر الصحي): فرضت الشريعة عزل المصابين بالأمراض المعدية لمنع انتشار العدوى، كما هو مذكور في (اللاويين 13: 45 – 46)
  • التخلص من الفضلات البشرية بطريقة صحية: أكّدت الشريعة على ضرورة دفن الفضلات بعيدًا عن أماكن التجمعات لضمان الصحة العامة (تثنية 23:12).
  • اختيار التوقيت الأمثل لعملية لختان: حدّدت الشريعة اليوم الثامن لإجراء الختان، وهو توقيت يتوافق مع أعلى نسبة لتخثر الدم الطبيعي عند المواليد (لاويين 12: 3).
  • الدم كمصدر للحياة: أكّدت الشريعة أن الدم يحمل الحياة، وهو ما يتوافق مع المفهوم العلمي الحديث عن دور الدم الحيوي في الجسم (لاويين 17: 11- 14)

هذه الأمثلة تُبرز مدى الدقة الطبية التي يتسم بها الكتاب المقدس، مما يعكس طبيعة تفرده ومعرفته التي تسبق عصره.

 

🔹الدقة النبوية في الكتاب المقدس

تبرز الأصول الإلهية للكتاب المقدس بوضوح عند دراسة النبوات التي يحتويها، اذ تم تحديد الإطار الزمني لكتابة اسفاره المقدسة بدقة، مما يؤكد أن العديد من النبوات في العهد القديم قد أُعلنت قبل مئات السنين من تحققها. وفيما يلي بعض الأمثلة البارزة:

  • سقوط مدينة صور: كما تنبأ بذلك النبي حزقيال (حزقيال 26).
  • سقوط بابل: وردت النبوة في (إشعياء13 – 14) و(إرميا 50 -51).
  • فتح بابل على يد رجل يُدعى كورش: ورد ذكره بالاسم في (إشعياء 44: 28)؛ (اشعياء 45:1 – 7).
  • صعود ثلاث ممالك عالمية بعد بابل: تم التنبؤ بذلك في (دانيال2: 31 – 45).
  • صعود وسقوط الإسكندر الأكبر: كما تنبأ النبي دانيال في (دانيال8: 5 -8).
  • دمار أورشليم في عام 70 م: وردت هذه النبوة في (دانيال 9:26).

 

ومرة اخرى هذه مجرد نماذج من العدد الهائل من النبوات التي تملأ صفحات الكتاب المقدس، لا سيما في العهد القديم. في الواقع، يحتوي الكتاب المقدس على مئات النبوات، ومن بينها أكثر من 300 نبوة تتعلق بحياة المسيح على الأرض وجميعها تحققت.

 

🔹الاستنتاج

إن الادعاءات القائلة بأن الكتاب المقدس مجرد “كتاب أساطير يهودية” أو “حكايات خرافية” او “روايات شعبية” تتهاوى أمام الأدلة. مثل هذه المزاعم لا يمكنها الصمود أمام الحقائق—ولن تصمد مطلقًا.

فبينما لن تكشف الحفريات الاثرية عن منزل الأقزام السبعة أو قصر الملكة الشريرة في قصة بياض الثلج في الحكايات الاسطورية والشعبية، ولكن قصر العاج الخاص بالملك آخاب في السامرة قد تم اكتشافه والتنقيب عنه بالفعل (1 ملوك 22: 39).، وبالمثل نفق المياه الذي أنشأه حزقيا (2 ملوك 20:20) لا يزال موجودًا بالفعل حتى اليوم في القدس ويمكن زيارته،مما يشكّل دليلاً أثرياً يدعم صحّة ودقّة ما ورد في الكتاب المقدس.

وبنفس المنطق، فإن الشخصيات الخيالية مثل رومبلستيلتسكين (Rumpelstiltskin) وهانسل وغريتل (Hansel and Gretel) لم تكن يومًا شخصيات تاريخية حقيقية، ولكن الملك الآشوري سرجون الثاني، على الرغم من أن وجوده كان موضع شك لعدم ورود اسمه في أي مصدر أدبي قديم آخر سوى الكتاب المقدس، فقد ثبت لاحقًا أنه كان شخصية تاريخية حقيقية (إشعياء 20:1).

 

في الواقع، يتفوق الكتاب المقدس على جميع الكتب الأخرى في التاريخ البشري، وهو ما يتوقعه المرء تمامًا إذا كان مؤلفه هو الله كليّ العلم والمعرفة. إن المأساة الكبرى تكمن في أن الكثيرين قد رفضوا الكتاب المقدس استنادًا إلى أقاويل شائعة لا أساس لها، فحُرموا بذلك من الدليل القوي على صدقه الذي يكشفه بنفسه في صفحاته.

🔹الخاتمة:

بعد استعراض نماذج من الأدلة التي قدمها ديف ميلر في كتابه THE BIBLE IS FROM GOD: A SAMPLING OF PROOFS، يتضح أن الكتاب المقدس يمتلك مقومات فريدة تجعله نصّاً يتجاوز حدود الإنتاج البشري. فقد أظهر ميلر من خلال أدلته التاريخية والجغرافية والطبوغرافية والعلمية والطبية والنبوية أن الكتاب المقدس ليس مجرد نص قديم أو ثقافي محدود بزمنه، بل نص يحمل بصمة إلهيّة واضحة لكل العصور.

إن دقّة الكتاب المقدس في الإشارة إلى الحقائق العلمية والطبية التي سبقت اكتشافها بقرون، وتحقق نبواته عبر التاريخ، وانسجامه مع الاكتشافات الأثرية والجغرافية، كل ذلك يُشكّل دليلاً قوياً على مصدره الإلهي. كما أن هذا التميُّز يُبرز تفرّده مقارنةً بأي نصوص أخرى من العالم القديم، مما يدعم القول بأنه وحي إلهي.

وعليه، يُمكن القول إن الكتاب المقدس لا يزال يقدّم للعالم شهادة قوية على مصدره السماوي، حيث إن الأدلة التي تناقلتها الأجيال عبر الكتاب المقدس تُلهم الباحثين للإيمان بمصداقيته وموثوقيته.

وختامًا، ومن خلال هذا الفصل من كتاب ديف ميلر(Dave Miller) والذي قدّم فيه نماذج من الادلة يتوجب التأكيد على اهمية الاستمرار في دراسة الأدلّة وتعميق الفهم اللاهوتي والدفاعي، إذ انّ الأدلة لا تقف عند حدّ، بل تتجدّد وتتكشّف باستمرار، مما يُظهر عظمة الكتاب المقدس ودوره ككلمة الله الحيّة والفعّالة لكل العصور.

 

ليكون للبركة

Patricia Michael

 

THE BIBLE IS FROM GOD: A SAMPLING OF PROOFS

Chapter two

“A Book of Jewish Fables”?

Overwhelming evidence

أصالة الكتاب المقدس والأدلة التي تؤكد مصدره الإلهي – Patricia Michael