هل الاقانيم الثلاثة ثلاث كيانات في كتاب الثالوث للقديس أغسطينوس للدكتور أنطون جرجس؟
هل الاقانيم الثلاثة ثلاث كيانات في كتاب الثالوث للقديس أغسطينوس للدكتور أنطون جرجس؟

يقول المعترض ورد في كتاب القديس أغسطينوس أسقف هيبو للدكتور أنطون جرجس في اللغة اليونانية معتادين على القول جوهر واحد وثلاث اقانيم وفي اللاتينية جوهر واحد وثلاث كيانات بالتالي أنتم تعبدوا ثلاث الهة! فالأقانيم ثلاث كيانات وبالتالي هم ثلاث الهة.
الرد على الشبهة
أولاً: طارح الشبهة هو شخص يعيش في عبق تراث الجاهلية وأفكار القرن السابع البعيدة كل البعد عن اعمال العقل والفهم والرقي لمستوي الذكاء التي وصل له عقول الإباء. مثل الطالب الذي لا يعرف الأرقام ويناقش في رياضة ثلاثة والمستويات العليا دون أي دراسة او فهم. فلا يفهم شروحات اباء الكنيسة ورقي شرحهم وعلو كلماتهم في شرح طبيعة الله.
ثانياً: نقتبس شرح كلمة كيان من كتاب الأنكوراتوس للقديس إبيفانوس صفحة 163″ فان الله واحد آب في ابن. وابن في آب مع روح القدس. ولأجل هذا القدوس ساكن بين القدوسين لآب الحقيقي كيان أقنومي والابن الحقيقي كيان أقنومي والروح القدس كيان أقنومي لاهوت واحد جوهر واحد تسبيح واحد إله واحد.” ويأتي شرح لكلمة كيان اليونانية في الهامش بمعني الكائن ὄντα. كما تأتي بمعني حقيقة الوجود او الحقيقة او الخاصية. فاللفظ مستخدم للتدليل على وجود حقيقي للأقانيم وحقيقة كينونتهم.
اذاُ فالأقنوم له كينونة وليس مجرد صفة، وهو أزلي، وعندما نقول ثلاث كيانات أقنومية أزلية فنحن لا نقصد انهم كيانات منفصلة فنقول ان الاقانيم متمايزين بغير انفصال فنحن نتكلم عن طبيعة الله خارج الزمان والمكان فلا يعتبر هذا تعددية لأنه خارج الزمان والمكان في الأزلية لا تخضع لقوانين الزمان والمكان وكما قال توما الإكويني الله ليس مجزأ او مركب فهو جوهر واحد بسيط لأنه لا يوجد ما يسبقه لكي يركبه او يجمعه.
ثالثا: الأقانيم ثلاث ماهيات متمايزة عن بعضها البعض، تعبير substance أو باللاتيني substantia معناه كيان أو جوهر أو ماهية، وهكذا كان يستخدمها العلامة ترتليان وهيبوليتوس ونوفاتيان ولاكتانتيوس وماريوس ڤيكتورنيوس وهيلاري وأمبروسيوس قبل أغسطينوس الذي استخدم نفس التعبير
لكل أقنوم من هذه الأقانيم وجوده (كيانه) الأقنومي الحقيقي، فوحدة الجوهر تجمعهم في طبيعة خالية من كل اختلاف، راجع ق. كيرلس، الرد على يوليان الجاحد، ١: ٢٧، ص ٤٥.
خامسا: ما جاء في كتاب أغسطينوس أسقف هيبوا للدكتور أنطون جرجس في قوله.
يستخدمون (اليونانيون) أيضًا في الحقيقة لفظة “أقنوم”، ولكنهم يقصدون أن يُميزوا، ولست أعرف ما الفرق بين الجوهر والأقنوم [٣٢١]، لذلك أغلبنا لمن نتعامل بأنفسنا مع هذه الأمور في اللغة اليونانية معتادين على القول: “جوهر واحد وثلاثة أقانيم” أو في اللغة اللاتينية: “جوهر واحد وثلاث كينات”.[٣٢٢]
شرح الدكتور أنطون جرجس نفسه (بالعامية)
اولاً: الغرب كان يستخدم مصطلح essentia و substantiaكمرادف الأوسيا أو الجوهر في اليوناني وبيستخدم persona عن الأقنوم في اللاتيني، ثم بعد ذلك أثار أغسطينوس هذا الموضوع وقال إن اليونانيين بيستخدموا essentia اللاتينية كمرادف لكلمة أوسيا اليونانية، ويستخدموا كلمة substantia اللاتينية كمرادف لكلمة هيبوستاسيس، وبكده لو طبقنا المعنى ده على الثالوث في اللغة اللاتينية فأحنا بنتكلم عن ثلاث جواهر (على اعتبار أنه كلمة substantia في اللاتيني كمرادف لكلمة هيبوستاسيس أو أقنوم في اليوناني تعني جوهر أو كيان أو ماهية في اللغة اللاتينية) في جوهر واحد،
ثانياً: تعبير الثالوث ثلاث كيانات أقنومية ينفي هرطقة سابيليوس الموداليزم أو الشكلانية، بمعنى أنه الأقانيم مجرد صور أو نماذج أو أشكال لأقنوم واحد، بل كل أقنوم هو كيان وله كينونة في ذاته غير منفصلة عن كيان أو كينونة كل أقنوم من الأقنومين الآخرين.
الاقانيم في المسيحية هي كيانات ذات طبيعة واحدة وهي طبيعة الله. هذه الكيانات هي الآب والابن والروح القدس، وكل منها هو الله الكامل. لا تعتبر الأقانيم مجرد كيانات منفصلة، بل هي وجود الله الواحد في ثلاث شخصيات متميزة.
هو هنا أغسطينوس يعرض مشكلة لغوية أنه مصطلح substantia في اللاتينية هو المرادف اللفظي لكلمة أقنوم، ومعنى substantia في اللغة اللاتينية هو كيان أو جوهر أو ماهية، وبالتالي، لو بالقياس على العبارة اليونانية، جوهر واحد وثلاثة أقانيم، فأغسطينوس يقول إنه المفروض في اللاتيني نقولها كده una essentia, tris substantia، بمعنى جوهر واحد، وثلاث كيانات أو ماهيات، لأنه مصطلح أقنوم أو هيبوستاسيس في اليونانية ليس له مرادف لاتيني يعطي نفس المعنى اليوناني لكلمة هيبوستاسيس أو أقنوم، فالمرادف اللغوي في اللاتينية بحسب أغسطينوس هو كلمة substantia التي تقابل كلمة أقنوم أو هيبوستاسيس في اليونانية
وده اللي خلها يقول جوهر واحد وثلاث كيانات، ولكنه بعد كده، جعل الأقنوم علاقة، وبالتالي الله الثالوث هو جوهر واحد وثلاث علاقات، عشان يحل المعضلة اللغوية السابقة بين اليوناني واللاتيني.
ويقول “نيافة الأنبا بيشوي” مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري وسكرتير المجمع المقدس قائلًا:
“الآب هو الأصل أو الينبوع في الثالوث، هو أصل الجوهر وأصل الكينونة بالنسبة للأقنومين الآخرين. والابن هو مولود من الآب ولكنه ليس مجرد صفة بل أقنوم له كينونة حقيقية.. والروح القدس هو ينبثق من الآب ولكنه ليس مجرد صفة بل أقنوم له كينونة حقيقية..
وينبغي أن نلاحظ أنه طبقًا لتعاليم الآباء فإن الكينونة أو الجوهر ليس قاصرًا على الآب وحده (غريغوريوس النزينزي) لأن الآب له كينونة حقيقية وهو الأصل في الكينونة بالنسبة للابن والروح القدس، والابن له كينونة حقيقية بالولادة الأزلية، والروح القدس له كينونة حقيقية بالانبثاق الأزلي، ولكن ليس الواحد منهم منفصلًا في كينونته أو جوهره عن الآخرين.