رسالة كورنثوس الثالثة المنحولة والكنيسة الأرمنية والسريانية
رسالة كورنثوس الثالثة المنحولة والكنيسة الأرمنية والسريانية

إجماع الباحثين أن هذه الرسالة منسوبة إلى بولس محاكاة لرسائله الأصلية. وهو نص أبوكريفي منحول فيه رسائل ومحادثات بين بولس وأهل كورنثوس، يرجع للقرن الثاني.
يشير Benjamin L. White إلى أن نص رسالة كورنثوس الثالثة يعيد تشكيل صورة بولس لتتوافق مع المسيحيين الأرثوذكسيين، في محاكاة لطابع رسائل بولس.
سبب عدم قانونية رسالة كورنثوس الثالثة:
أولاً: لم ترد في أهم القوائم القانونية مثل قانون الوثيقة الموراتورية، ولم ترد في أعمال يوسابيوس القيصري، وقوائم أخرى كانت مهمة.
ثانياً: إنها كانت محصورة محلياً، وليس عاماً، على تقاليد شرقية من الكنيسة الأرمنية والسريانية، ولم توجد في الكنائس اللاتينية أو البيزنطية، مما يضعف مكانتها، لأن القانونية لا تتوقف على كنيسة أو اعتقاد، بل على الكنيسة العامة.
ثالثاً: الرسالة واضح من طبيعتها الرد على الغنوصية، وهذا يشير إلى نِتاج حوار لاهوتي لاحق. ونجد أن طابع الرسالة ذات أسلوب دفاعي وتعليمي أكثر من أسلوب له طابع رعوي.
رابعاً: أيضاً، اختلاف أسلوبها اللغوي من ناحية مصطلحات بولس، مما يضعف سندها لبولس، وتحتوي عبارات لاهوتية لم تكن شائعة في القرن الأول، بل ظهرت في القرن الثاني. فالباحثون قالوا إنها إعادة صياغة واستعادة لصورة بولس، وليست هذه الرسالة لبولس.
خامساً: اختلاف أسلوب بولس عن أسلوب كاتب الرسالة المنحولة، فبولس أكد أن الجسد والدم لا يرثان الملكوت (1 كورنثوس 15: 50)، ولكن نجد في هذه الرسالة أن الجسد المادي يقوم. كورنثوس الثالثة ترد على هذا صراحة وتؤكد أن “اللحم نفسه سيقوم”، أي أنها تقلب كلام بولس لأجندة لاهوتية مختلفة.
لم تُذكر في مرجعيات الكنيسة الغربية.
سادساً: بولس أيضاً كان يستشهد بكثرة من العهد القديم، وهناك غياب تام للاستشهادات من العهد القديم.
يشير بارت إيرمان وآخرون من العلماء إلى أن هذه الرسالة تستخدم لغة بولس، لكنها تعكس أجندة عقائدية لاحقة، وليست تأليفًا من قبل بولس.
يرجح كل من Hovhanessian والموسوعة الكاثوليكية أن هذه الرسالة تم كتابتها في وقت متأخر، بين سنة 160 إلى سنة 170 ميلادي، وهو تاريخ متأخر بالنسبة لرسائل بولس الأصلية.
سابعاً: يقتبس كاتب رسالة كورنثوس نصاً من قصة يونان غير موجود في سفر يونان، وهو يقول إنه لم تُنزع منه شعرة واحدة من رأسه، وهذا النص موجود في كورنثوس الثالثة 30: 2.
فالرسالة هي مراسلات غير قانونية بين قسوس كورنثوس وبولس. أقدم مخطوطة كُتبت باليونانية، ووجدت مع مجموعة من النصوص المسيحية في مخطوطة من القرن الرابع قد اشتراها مارتن بودمر. فتحتوي مخطوطة بودمر على رسالتين فقط، الأولى فيها أن استفانوس كتبها مع شيوخ كورنثوس، ودعا استفانوس والشيوخ بولس لزيارتهم وإرسال رسالة للرد على الآراء المنحرفة التي نشرها اثنان من زوار مدينة كورنثوس، وهما سمعان وكليوبيوس.

وتلخص الرسالة الآراء المتعلقة بالأنبياء وطبيعة الله وإنكار القيامة وخلق البشر وتجسد المسيح وولادته من عذراء وامتلاك الملائكة الأرض.
الجزء الثاني من الرسالة هو رد بولس، ويتناول فيها المخاوف ويفند كلام سمعان وكليوبيوس. قبل اكتشاف مخطوطة بودمر، كان هناك اعتقاد أن رسالة كورنثوس الثالثة تنتمي إلى كتاب أعمال بولس، حيث تم دمجها في قصة فيلبي في بردية من القرن السادس.
وُجدت هذه الرسالة في خمس مخطوطات لاتينية في العصور الوسطى. ولكن ضم التقليد الأرمني رسالة كورنثوس الثالثة ونظر إليها أنها رسالة قانونية في القرن الحادي عشر، ولكن قبل هذا، كان هناك اقتباسات في ترجمات ونسخ أرمنية أقدم.
فنجد أن وصول هذه الرسالة إلى أرمينيا، حسب ترجيح الباحثين، تم من خلال أحد السريان. فهناك دليل على استخدام السريان لهذه الرسالة، مثل استشهادات افراهاط وتعليقات أفرام على رسالة كورنثوس الثالثة. ووجد هذا فقط باللغة الأرمنية، مما يشير إلى تأثير السريان على الأرمن في موضوع الرسالة، وأنها كانت محلية وليست عامة للكنيسة. في الواقع، هناك مخطوطة أرمنية هي من سهلت على الباحثين الأوروبيين في القرن السابع عشر معرفتهم لرسالة كورنثوس الثالثة، مما جعل الباحثين يدرسونها بكثرة.
الشخصيات التاريخية التي استخدمت في الرسالة: بولس الرسول، وسمعان، وكليوبس، واستفانوس، ودافنوس، وثاؤفيلس، وأبولس، وزينون، ومكان الرسالة: فيلبي وكورنثوس.
رغم أنها قديمة، قد تعود للقرن الثاني، وقد نسبها ترتليان إلى قس من آسيا كان يعيش ما قبل عصره بقليل. وكتبها هذا القس تكريماً لبولس، ولكن عُزل من منصبه بسبب التزوير.
من يقرأ الرسالة سيجدها ترد على البدع الغنوصية بوضوح. من المنطقي أن يكتب أحد المسيحيين هذه الرسالة لتكون رداً على الغنوصية، ورداً واضحاً عليها.
الكنيسة الغربية، مثل القانون الموراتوري ويوسابيوس ورسالة أثناسيوس، وهذه القوائم كما ذكرنا لا تحتوي عليها.
ارتبطت هذه الرسالة بكتاب أعمال بولس، وهو عمل مزور لقسيس، كما ذكر عنه ترتليان.
- لم يُدرج في قوائم العهد الجديد مثل قائمة أنانيا شيراقاتسي (القرن السابع). https://qa.edu.vn/en/Third_Epistle_to_the_Corinthians
- أول إدراج رسمي موثق جاء مع هوفهانس إيماستاسر في القرن الحادي عشر، حيث تم تضمينه ضمن القوائم الكنسية للعهد الجديد.
- وتم التأكيد عليه لاحقاً على يد ميخيتار من آيريفانك (القرن الثالث عشر).
- ثم جاء الإدراج مجدداً في قائمة غريغوري من تاتيف (القرن الرابع عشر).
احتفظت بعض القوائم الأرمنية، مثل قوائم هوفنس إيماستاسر (القرن 11)، وميخيتار من أيريفانك (القرن 13)، وغريغوري من تاتيف (القرن 14)، برسالة كورنثوس الثالثة ضمن العهد الجديد الأرمني.
يشير أوريجانوس إلى اقتباس من أعمال بولس في كتابه “المبادئ” Principiis I:2:3، ولكن محررو كتاب آباء ما قبل مجمع نيقية قالوا إنه يقتبس من رسالة العبرانيين.
وظلت رسالة كورنثوس الثالثة فترة من الزمن ضمن قانون الكنيسة الأرثوذكسية الأرمنية، وكانت قطعة أدبية مثيرة للدراسة.
وكانت الكنيسة الأرمنية والسريانية منفردة بقانونية رسالة كورنثوس الثالثة في فترات معينة، واعتبروها من رسائل بولس الرسول، واستخدمها آباء في هذه الكنائس، مثل افراهاط وأفرام.
فالراهب السرياني استخدم الرسالة ومنحها قانونية عندما كان يشرح عطية الروح القدس للمؤمنين، واقتبس من رسالة كورنثوس الثالثة (2: 10 – 63)، وكان يعتبرها رسالة صادقة لبولس. وقد اقتبس القديس أفرام رسالة كورنثوس الثالثة في قانونيته.
تشهد الكنيسة السريانية هذه الرسالة في بعض الكنائس في سوريا في القرنين الثالث والرابع، ولكن لاحقاً حذفت الكنيسة السريانية في القرن الخامس هذه الرسالة من القانونية، ولكنها استمرت في قانونية الكنيسة الأرمنية.
أقدم إشارة إلى كورنثوس الثالثة موجودة في وثيقة تاريخية في القرن الخامس، تُنسب لمؤرخ يُدعى Agathangelos، وكان هذا الكتاب محاولة علمية من القرن الخامس تسرد أحداثاً حول أرمينيا في سنة 301. وأول إشارة إلى الرسالة كانت في قسم الكتاب المسمى باسم “تعاليم القديس غريغوريوس” في الفصل 25 الصفحة 280، فيقتبس منها قولها إن الشيطان الخارج عن القانون الإلهي أراد أن يصير إلهاً فاستولى على البشر وقيدهم بالخطيئة، وكان هذا اقتباساً من رسالة كورنثوس الثالثة كما هو محفوظ في مخطوطة أرمنية لرسالة كورنثوس الثالثة، ولكن لم يُقتبس كنص قانوني.
وقد استخدم قديس في الكنيسة الأرمنية من القرن السابع يُدعى Teodoros K’rt’enawor هذه الرسالة. فكانت رسالة كورنثوس الثالثة جزءاً من النسخ القديمة عند كنيسة أرمينيا.
ولكن في نفس الوقت، يؤكد كريتينافور أن رسالة كورنثوس الثالثة لا توجد في نسخة الكتاب المعاصر له.
Aghroghorios

المراجع: