سؤال وجواب

كيف أنتج الفكر الليبرالي في القرن التاسع عشر مذهبي التوحيد والسوسينياتية؟ وكيف كان رد فعل المحافظين؟

 126- كيف أنتج الفكر الليبرالي في القرن التاسع عشر مذهبي التوحيد والسوسينياتية؟ وكيف كان رد فعل المحافظين؟

ثالثًا: الفلسفة العقلانية في القرن التاسع عشر

ج: خلال هذا القرن استشرى الفكر الليبرالي حتى أنتج عدة مذاهب غريبة عن الكنيسة مثل مذهب ” التوحيد ” Unitarianism الذي أنكر عقيدة الثالوث القدوس، وهو عودة لبدعة سابليوس والتي جدَّدها ” سرفتيوس ” Servetus في القرن السادس عشر، وقد حكم عليه جون كلفن بالحرق حيًا. وبعد صراع طويل أعترف البرلمان الإنجليزي بالكنيسة الموحدة التي تنكر التثليث كطائفة سنة 1813م، ومذهب ” السوسينياتية ” Socinianism الذي أسسه ” فوستو سوزينيس ” Fausto Sozzinis (1539 – 1604م) الذي أنكر عقيدة كفارة المسيح، وأعتبر أن موت المسيح هو مثال للطاعة التي يجب أن يكون عليها المسيحي، ووجد هذا المذهب معارضة شديدة من قبل الكاثوليك وأيضًا البروتستانت، ومذهب الشاملة Universalist الذي نادى بخلاص الجميع.

ومن الجانب الآخر ظهرت ردود فعل على الفكر الليبرالي متمثلة في الرفض الفوري للآراء الليبرالية أو الدراسات المتأنية لهذه الآراء الليبرالية والرد عليها، وقد أصدر فريق من العلماء الإنجليكان سنة 1889م كتاب ” لوكس موندي ” Lux Mundi أي نور العالم، وحاول هؤلاء العلماء التوفيق بين الدراسات اللاهوتية الليبرالية المتطرفة وبين اللاهوت المحافظ، ودافعوا عن العهد الجديد، ولكنهم أسلموا العهد القديم ذبيحة على مذبح اللاهوت الليبرالي، فسلَّموا بأن بعض قصصه تدخل في نطاق الخرافات والأساطير، وابتكروا نظرية ” الإعلان المتدرج ” Progressive Revelation أي أن إعلان الله للبشرية جاء متدرجًا بحسب قدرة البشرية على الاستيعاب، ولكن المحافظين رفضوا هذه النظرية، وفي سنة 1895م عقدوا مؤتمرًا في أمريكا وحدَّدوا أساسيات الإيمان المسيحي في ستة بنود هي:

1- عصمة الكتاب المقدَّس

2- ألوهية المسيح

3- الميلاد العذراوي

4- عقيدة الكفارة النيابية

5- قيامة الجسد

6- المجيء الثاني

ثم توسعت هذه العقائد فيما بعد لتشمل اثني عشر مجلدًا دُعيت بالأصوليات، وظهرت بعنوان ” الأصول ” في الفترة ما بين سنة 1909، 1915م ومنها اشتقت كلمة الأصولية Fundamentalism،  وارتبط اصطلاح الأصولية بالمحافظين، كما ارتبط الإنجيل الاجتماعي بالليبراليين(1).

ومما يُذكر في هذا القرن أنه ” في عام 1898م أسَّس مجموعة من رجال الأعمال هيئة لتوزيع الكتاب المقدَّس تُعرف باسم ” الجدعونيين ” Gideons International،  فقد خصَّص أعضاء هذه الهيئة الكثير من أموالهم ووقتهم لوضع نسخ من الكتاب المقدَّس في الفنادق والمدارس وغيرها، وقد وزعوا أثناء الحرب العالمية الثانية نسخًا من العهد الجديد للمجندين في مختلف أفرع القوات المسلحة الأمريكية”(2).

_____

(1) راجع د. ق صموئيل رزفي – تجديد الفكر الديني ص 134 – 136.

(2) ايريل كيرنز – ترجمة عاطف سامي برنابا – المسيحية عبر العصور ص 543.