الردود على الشبهات

أسئلة يسألها المسلمون ج3 والرد المسيحي عليها

أسئلة يسألها المسلمون ج3 والرد المسيحي عليها

أسئلة يسألها المسلمون ج3 والرد المسيحي عليها

أسئلة يسألها المسلمون ج3 والرد المسيحي عليها
أسئلة يسألها المسلمون ج3 والرد المسيحي عليها

أسئلة يسألها المسلمون ج3 والرد المسيحي عليها

16 – ما هو مفعوم الصلاة في المسيحية وأساليب ممارستها، وهل لها توقيت معين تجوز فيه الصلاة أو لا تجوز، وهل من كلمات معينة لا بد أن يرددها المصلي في صلاته؟

إن الصلاة هي صلة الإنسان الروحية بالله خالقه. وهي كما سماها المفسرين بأنها التنفس الروحي للمؤمن الذي بدونه لا يقدر أن يحيا روحياً. والصلاة المسيحية هي التعبير الصادر من قلب المؤمن يخاطب به أباه السماوي ليحمده ويشكره ويطلب منه ما يحتاج إليه. فالصلاة إذاً هي اللغة التي يعبر فيها المؤمن عن حبه لله وشكره له وعن ولائه لشخصه الكريم. ومن خلال صلاته يقدم المصلي طلباته وتوسلاته لسد احتياجات معينة سواء كانت تخصه هو او تخص غيره. فاحتياجات الإنسان كثيرة يمكنه أن يعرضها على الله في صلاته، ويرجوا الاستجابة لها بحسب مراحم الله وإحساناته. إن نظرة المسيحية لله عدا عن كونه الخالق العظيم القادر على كل شيء فهو أيضاً إله محب حنان، وهو أب عطوف رحيم بأبنائه المؤمنين، وهو صديق أمين حافظ للعهد مع كل من دخل معه في عهد ولاء صادق. لذلك فكلمات الصلاة التي يرفعها المؤمن لله تأتي عفوية من منطلق هذه المفاهيم فيعبر في صلاته عن حبه وولائه كما يقدم طلباته وأدعيته وتوسلاته بكلمات تخرج من قلبه تعبر فعلياً عن مشاعره وهو يقف في محضر الله أثناء صلاته. ما أريد أو أوضحه هنا هو أن الصلاة المقبولة لدى الله هي الصلاة النابعة من قلب المصلي من داخله من أحاسيسه، يخاطب بها الله ويتحدث إليه كالخالق العظيم والأب الرحيم. يحدثنا انجيل الوحي عن الصلاة بأنها علاقة فريدة بين المؤمن والله فهي علاقة شخصية تربط الفرد المؤمن بربه. لذلك فهي ليست شيئاً يفاخر به أمام الناس لأن الصلاة علاقة مع الله وليس علاقة مع الناس، وهو سبحانه والفاحص القلوب والعالم بالنيات. أما الناس لو رأوا إنساناً يصلي لا يرون إلا الظاهر، لذلك تظاهر الإنسان بصلاته أمام الناس يحذر منه الإنجيل، لأن التظاهر بالصلاة أو الصوم يعمم الرياء ويكثر من النافق في الأمة، ويحرف المصلي عن جوهر الصلاة للاهتمام بمظاهرها الخارجية وكسب مديح الناس. لذلك يقول المسيح القدوس في عظته على الجبل المدونة في انجيل متى الإصحاح الخامس الكلمات التالي:

ومتى صليت فلا تكن كالمرائين. فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي “زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية”. ثم يقول: “وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم. فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم، لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه”. فمن كلمات المسيح هذه عن الصلاة نتعلم أ، الصلاة ليست تمثيلية يقوم بها لمصلي أمام الناس لكي ينال مديحهم بل الصلاة علاقة شخصية بين الفرد وربه. كما نتعلم أيضاً ألا لوزم للتكرار المستمر لكلمات أو جمل يرددها البعض أثناء صلاتهم وكأن في تكرارها استجابة أفضل. فالله يسمع ويرى ويعرف احتياجاتنا قبل أن نسأله، ومع ذلك فهو ينصحنا بالصلاة وعرض احتياجاتنا لدى جلاله لأن في ذلك عبادة. وفيه اعتراف بسلطان وقدرة المولى على تسديد احتياجاتنا التي نعرضها عليه، أما التكرار الممل الذي يمارسه الكثيرون فلا معنى له، كأن يردد أحدهم صلاة أو كلمات يحفظها فيتمتمها عشرون مرة أو خمسون مرة ويظن أن في تكرارها استجابة أفضل أو عبادة أوفر!…. الصلاة المسيحية صلاة بسيطة، وهي ليست صلاة تقليدية يرددها المصلي بغرض تأدية فرض مفروض عليه، بل الصلاة المسيحية تقوم على إحساس قلبي، دافعها علاقة حبية مع الله. ففي صلاته يتحدث المصلي مع ربه كما يتحدث الحبيب مع حبيبه. ولذلك تأتي كلمات الصلاة مت إنشاء ذاتي عفوي تحكمها ظروف المصلي وأحواله ومشاعره. ولعلها مناسبة نجيب بها على السائل الكريم الذي يقول: هل الكنيسة أو لرجال الدين أو غيرهم سلطة ترغم الناس على الصلاة تحت طائلة المسؤولية لمن يقصر أو يتهاون أو يغفل عن الصلاة أو الصوم؟ …. فنقول للأخ الكريم: إن الكنيسة ورجال الدين هم آباء محترمون يؤدون خدماتهم بالإرشاد والتوعية بكل إنسانية ولطف. فقضايا الإيمان أو الصوم والصلاة، هذه أمور تنتج عن تفاعل داخلي في قلب الإنسان وفي أعماقه ولا يمكن أن تأتي بالعصا أو التهديد بالقصاص. فالعصا والتهديد ينتجان حتماً أمة منافقة تحكمها العصا ويرغمها التهديد للقيام بالواجبات الدينية. فلو حصل ستصبح الممارسات الدينية عبارة عن تمثيلية يؤديها الفرد خوفاً من البشر، ثم مع التكرار ستتملكه العادة فيؤديها دون إحساس ببهجة العبادة بل بحكم العادة. والكتاب المقدس يقول: “اعبدوا الرب بفرح، ادخلوا دياره بالتسبيح”. ولذلك فالعبادة المسيحية عبادة تبهج الروح ويؤديها المصلي بابتهاج وسرور. ووجوه العابدين غالباً ما تكون بشوشة. لأن اللقاء بالله في وقت الصلاة لقاء مبهج، منعش للروح. والسبب في ذلك أن الصلاة المسيحية ليست فرضاً بقدر ما هي تجاوباً قلبياً لصدى محبة الله في قلب المؤمن. ففي هذا الإطار الجميل يؤدي المؤمن المسيحي صلاته بكل خشوع وتقوى تتوجها بهجة العبادة، كما يؤديها بقناعة قلبية وبحرية دون إرغام أو تهديد أو إكراه. وما نقوله عن الصلاة نقوله أيضاً عن الصوم، فالصائم يصوم لله، طاعة لربه وتقرباً إليه. ولذلك فالصوم عملية قائمة بين الإنسان الفرد وربه، يؤديها المؤمن المسيحي بحريته عندما يشاء، وكما يشاء، فلا علاقة لتدخلات الناس في صيامه أو عدم صيامه فهو في الحالين لا يؤذي أحد، والقضية ترتبط بعلاقة الفرد بربه، وهذه دائرة تخص الله وحده لا دخل لها لا للدولة ولا لرجال الدين. وأما الصائم، فلا يجوز في المسيحية أن يفاخر بصيامه أو يتظاهر به، بمعنى ألا يجعل من صومه مدعاة للمفاخرة وكسب مديح الناس لأن الصوم لله. فإشهار الصائم لصيامه فيه رياء ونفاق يحذر الإنجيل منه بقوله:

ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين. فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس أنهم صائمين. الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت فادهي رأسك واغسل وجهك كي لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية. فأحكام الإنجيل إذاً واحدة في الصوم والصلاة وأن من يمارسها في طاعة الله والتقرب منه لا للتظاهر ولا للمفاخرة أو كسب مديح الناس. لذلك فالمسيحي المؤمن يؤدي صلاته أو صومه كما لله لا لكسب الثناء من البشر. وهو إن أداها أو لم يؤديها فهو حر مسؤول أمام ربه، فلا إكراه في ذلك. ومن جهة أخرى فالصلاة والصوم لا توقيت محدد لها في الإنجيل. بل يمكن أو يؤدي المؤمن أياً منها في الوقت الذي يراه، فباب الله مفتوح أمام عباده في كل حين وهو سبحانه لا ينعس ولا ينام يستقبل صلاتنا ويتقبل صومنا في أي وقت من الليل أو النهار. فجاهزية الله دائماً متوفرة، إنما التقصير عادة يكون من الجانب البشري. أما عن وضع المصلي أثناء صلاته في سؤال لأحدهم: يجوز فيها الوقوف أو الركوع أو الجلوس. فأنا أصلي أحياناً وأنا أقود سيارتي في الطريق. بل وأكثر من ذلك فهل يعقل أو لا يقبل المولى صلاة المريض أو المقعد أو المرهق الذي هده التعب، فارتمى على فراشه لا يقوى على القيام وأراد أن يصلي ويطلب رحمة أو عوناً من الله؟!…. لا ننسى أن الله محب حنون قريب للقلب لين في تعامله مع أتقيائه، وهو يعرف جبلتنا أننا من تراب ويتغاضى عن ضعفاتنا سيما عندما تتوفر النية الحسنة في العبادة فهو إله قلوب لا إله مظاهر. بقي أن نوضح أن ما يفسد الصلاة هو حالة القلب غير المستقيم وهذا ما يوضحه المسيح القدوس في قوله:

فإن قدمت قربانك إلى المذبح (أي عندما تقوم بواجب العبادة والصلاة في بيت الله) وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك، فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك. إذاً أترك هناك قربانك أي تنحى عن تقديم صلاتك في بيت الله، واذهب بالأولى اصطلح مع أخيك أو جارك، لئلا تفسد الخصومة استجابة الصلاة وبركة الصلاة. وهذا يدعو المسيحي المؤمن أن يحافظ على علاقة طيبة سليمة مع الناس من حوله لئلا يلام في صلاته وعبادته حتى لو اقتضى الأمر أن تكون المسالمة من طرف واحد.

17 ما رأيكم في القول إن إنجيل المسيح (عليه السلام) الصحيح هو إنجيل برنابا؟ ولماذا لا تعترفون بإنجيل برنابا؟

بداية أقول إن الكثيرين يذكرون هذا الكتاب بهذا الاسم وكأنه إنجيل حقيقي بينما في الواقع أكثر من 99٪ من هؤلاء لم يقرأوه ولم يروه، ومع ذلك فأثناء بحثهم وجدالهم مع الغير يستشهدون به دون علم بمحتواه وبأصله وفصله، وبحقيقة مؤلفه…. وأيضاً بدون الاطلاع على رأي العلماء الأجلاء من مسلمين ومسيحيين الذين اطلعوا على الكتاب وأعلنوا رأيهم فيه ونبذوه. وقبل أن ندخل في التفاصيل في تحليل هذا الكتاب المزيف المسمى “انجيل برنابا” أريد أن أقول أنني أتحدى أن يكون إنسان فردٌ واحد يؤمن حقيقة بهذا الكتاب، ومقتنع فعلاً بما ورد فيه جملة وتفصيلاً!… ولماذا أقول هذا؟

أقوله أولاً: لأن من اطلع على هذا الكتاب لا يمكنه أن يجازف فيقرن نفسه بعقيدة كتاب هش يحمل في ذاته وبين سطوره علامات زيفه، فيقع المدافع عنه في مواقف حرجة ومطبات مربكة لا يعرف كيف يخرج منها بسلام. وأقول ثانياً: إن من يريد أن يدافع عن هذا الكتاب عليه أن يقف موقف الرجال في دفاعه عما يؤمن به، فيقول ما عنده ويبدي ملاحظاته المؤكدة لديه ثم يصغي لما لدى الطرف الآخر من رأي حين توضع النقاط على الحروف وحين يُسلط الغير الأضواء الكاشفة على الزوايا المعتمة في هذا الكتاب وهي كثيرة. لذلك أقول إنه على مدى التاريخ كله لا يوجد من يتبنى حقيقة الإيمان بهذا الكتاب في نقاشه كإنجيل حقيقي موحى به من الله. ولكن يلاحظ أن من يطرح اسم هذا الكتاب في نقاشه أو جداله إنما يطرحه فقط لأجل الجدال، أو لذر الرماد في العيون أو كمن يفجر قنبلة دخانية في وجه غيره لأجل الشاغلة فقط وليس في عملية جادة للوصول إلى الحقيقة، لأن من يطلع على هذا الكتاب المزيف لا تفوته السخافات الواردة فيه إلا من تغابى عن الحق، وسنشير إلى عينة مما رود فيه من سخافات.

صديقي الكريم…

الحقيقة تقال، أن المسمى إنجيل برنابا لا يمت للمسيحية بصلة، فهو شهادة زور على انجيل الله، وهو مؤلف كاذب مزور تماماً كما ألف مسيلمة الكذاب والفضل بن الربيع قرآنيهما. والآن يا صديقي إليك المعلومات التالية:

أول ما نلاحظه في هذا البحث أنه لم يكن وجود أو ذكر لهذا الكتاب المزور المسمى انجيل برنابا قبل القرن الخامس عشر للميلاد، أي خلال الألف وخمسمائة سنة بعد موت برنابا. إلى أن جاء أحدهم في القرن الخامس عشر ونبش القبور ووضع القلم والأوراق في عظام بالية بيد برنابا الذي شبع موتاً وقال له: اكتب إنجيلاً نسميه باسمك!… يا ناس حرام عليكم، اذكروا أن شهادة الزور هي من بين الجرائم المنهي عنها في الوصايا العشر. أعود فأقول إنه لو كان وجود لما يسمى بإنجيل برنابا في الخمسة عشر قرن الأولى من التاريخ الميلادي لظهر له اسم ولو علة هامش كتب التاريخ أو في الأوراق والوثائق العديدة التي تعد بعشرات الألوف من المخطوطات المحفوظة اليوم في متاحف العالم، أو على الأقل لكان فيه نسخاً بأيدي بعض المسلمين القدماء. ثم لو كان لهذا الكتاب وجود في التاريخ لما اختلف علماء المسلمين كالطبري والبيضاوي وابن كثير والرازي في شرح وتفسير آخرة المسيح على الأرض ومن هو الذي صلب فعلاً على الصليب ذلك لأن المسمى انجيل برنابا يوضح أن الذي صلب هو يهوذا الاسخريوطي وليس المسيح، بينما العلماء المذكورون أشاروا إلى غير ما أشار إليه الكتاب المذكور بدليل عدم تواجده في زمنهم وإلا لاسترشدوا برأيه واهتدوا بهديه واتفقوا على رأي واحد بخصوص صلب المسيح. ثم يلاحظ أن العلماء الأجلاء من المسلمين كانوا قد أشاروا فيما أشاروه في كتاباتهم فذكروا انجيل متى وإنجيل مرقص وإنجيل لوقا وانجيل يوحنا. وليس بينهم من أشار إلى ذكر اسم برنابا بين كتاب الإنجيل. فهذا أيضاً دليل بين أدلة كثيرة بأن هذا الكتاب المزور هو كتاب لم يكن له وجود في القرون الخمسة عشر الأولى من التاريخ الميلادي. وعندما أثير اسم برنابا لأول مرة في الأوساط الأوروبية في القرن الخامس عشر، قام بعض العلماء والمتخصصين بالبحث والتنقيب فوجدوا أن راهباً اسمه مارينو كان قد أسلم في القرن الخامس عشر للميلاد وتسمى باسم جديد هو “مصطفى العرندي” هو الذي ألف الكتاب وادعى انه ترجمها من نسخة إيطالية بينما لوحظ أن النسخة الإيطالية نفسها منقولة عن أصل عربي وأن محتويات الكتاب منسجمة مع العقيدة الجديدة لمارينو… فهو بعد إسلامه درس القرآن وتعلم العربية فحاول أن يلائم بين عقيدته الجديدة والكتاب الذي ألفه ظناً منه أن كتابه الجديد يمكن أن ينافس أو يحل محل الإنجيل الصحيح المنتشر بين جميع المسيحيين على اختلاف لغاتهم وشعوبهم، ولكن كتاب مارينو أو مصطفى العرندي أجهض لسخافته ولم ير النور وفشل في أن يشق طريقه بين الناس أمام شموخ ومجد وجلال انجيل الله، انجيل الوحي الذي صمد بعزم وثبات قبل وبعد مارينو بزمن طويل وما زال وسيبقى في قمة مجده لأنه ذِكرُ الله والله له حافظ يحميه ويحرسه من عبث العابثين. أما برنابا فيمكن أن يصدق عليه القول بحق أنه المتهم البريء، فهو لم يؤلف كتاباً لا في حياته ولا بعد موته (طبعاً) ولم يكن له علم بهذا الكتاب، إنما اسم الكتاب ألصق به زوراً بعد وفاته بألف وخمسمائة سنة.

وبرنابا هذا كان يهودياً من جزيرة قبرص آمن بالمسيح بعد صعود المسيح إلى السماء بتسع سنوات، فهو لم ير المسيح بعينيه ولم يسمع منه كلمة ولا تكليفاً بكتابة أي شيء. ولكنه سمع عن المسيح وآمن به وأخلص لله وشارك في نشر الدعوة المسيحية في البلاد الأوروبية برفقة بولس رسول المسيح. وكان قد تعرف على بولس الرسول ورافقه لبعض الوقت في جولاته التبشيرية. ومن الطريف أن يذكر أن المدعو مرقص كاتب إنجيل مرقص هو ابن اخت برنابا، وقد ورد ذلك في سفر أعمال الرسل من الإنجيل ويتضح هنالك اهتمام برنابا بابن اخته مرقص وتشجيعه له إذ أخذه معه ورافقه في إحدى جولاته التبشيرية. إذاً برنابا خال مرقص، ومرقص هو كاتب إنجيل مرقص، فالمطلع المفتش عن الحقيقة يلاحظ أن الفرق بين إنجيل مرقص وما يسمى بإنجيل برنابا كالفرق بين الثرى والثريا مما ينفي علاقة برنابا بما نسب إليه.

ثم هناك ملاحظة ملفتة للنظر، بسبب الأخطاء الواردة في الكتاب المنسوب إلى برنابا ومنها يُستدل أن كاتب الكتاب كان يجهل جغرافية فلسطين وبلدان الشرق فيقول في الفصل العشرين من الكتاب: وذهب يسوع إلى بحر الجليل ونزل في مركب مسافراً إلى الناصرة. ولما بلغ مدينة الناصرة أذاع النوتية في المدينة كل ما فعله يسوع. وهنا غاب عن ذهن مؤلف الكتاب أن مدينة الناصرة تقع على جبل عال في قلب فلسطين بعيدة عن البحار وعن الشواطئ. ويقول في الفصل الثالث والستين أن الله طرح يونان في البحر فابتلعته سمكة وقذفته على مقربة من نينوى. والقارئ العاقل يتساءل: أين نينوى من البحار أو لعل في نينوى حيتاناً تمشي على الأرض بأرجلها كالجمال؟ ويقول في الفصل الثالث أن المسيح ولد في عهد بيلاطس الحاكم، بينما الحقيقة أن بيلاطس حكم البلاد من سنة ستة وعشرين إلى ست وثلاثين للميلاد أي بعد ميلاد المسيح بأكثر من ربع قرن من الزمن. كما يورد الكتاب خرافة مضحكة في الفصل الخامس والثلاثين يقول فيها: إن الشيطان بصق على كتلة من التراب فأسرع جبريل ورفع البصاق مع شيء من التراب، فصار للإنسان بسبب ذلك سُرّة في بطنه. ألا توافقني يا صديقي الكريم على أن هذه وحدها كافية بأن يلقى بهذا الكتاب في سلة المهملات؟ لذلك أقولها صراحة: أتحدى بعالي الصوت أن يكون هناك إنسان واحد في الوجود من يستطيع أن يتبنى هذا الكتاب ككتاب وحي حقيقي، ويقف ليدافع عنه.

وهناك أخطاء خرافية مماثلة وكثيرة في هذا الكتاب لا يتسع المقام لسردها والتعليق عليها، فمن تلك على سبيل المثال لا الحصر: يقول في الفصل الحادي والخمسين أن المسيح طلب من الله أن يرحم الشيطان فاعترض الشيطان رافضاً هذه الوساطة. هذا كلام سخيف استغرب إن كان يستهوي أو يؤثر حتى على الجهال أو ذوي العقول الضعيفة أو الغبية!!! كتاب خرافي لا يستحق حتى مجرد الحديث عنه لولا أن بعضاً من الأعزاء الزائرين رغبوا الاستيضاح عما قيل ويقال عن هذا الكتاب وها نحن نقولها صريحة ونتحدى على سمع الملايين من زائرينا إن كان هناك إنسان واحد على وجه الأرض يمكن أن يتبنى هذه الكتاب كوثيقة صحيحة يؤمن بها ويثبت ذلك. صديقي العزيز: الأستاذ عباس محمود العقاد مفكر كبير وهو صاحب كتب العبقريات المعروفة لدى الكثيرين منا من محبي المطالعة. الأستاذ العقاد كتب في صحيفة الأخبار الصادرة في 26/10/1959. يقول: تتكرر في هذا الكتاب بعض الأخطاء التي لا يجهلها اليهودي المطلع، ولا يقبلها المسيحي المؤمن ولا يتورط بها المسلم الفهيم، لما فيها من مناقضة بينه وبين القرآن. كما قال الدكتور محمد شفيق غربال في الموسوعة العربية “الميسرة” تحت كلمة برنابا ما يلي: الكتاب المنسوب إلى برنابا كتاب مزيف وضعه أوروبي في القرن الخامس عشر. وفي وصفه للوسط السياسي والديني في أيام المسيح أخطاء جسيمة.

أيها الأصدقاء والصديقات….

الحديث الصريح الذي نعرضه في هذا البحث لا نتحدى به أحداً سوى الشيطان مثير الفتن ومبلبل العقول الضعيفة التي هي على استعداد أن تهب مع هب الريح فتميل حيثما مال وهذه يصعب عليها أن تستقبل الأشعة الفضية لنور المسيح الحي لي تتدثر في العتمة ولا تعمل إلا في الظلام.

18 قال المسيح في إنجيل متى 14: 25 عندما جاءت إليه امرأة وسألته أن يشفي ابنتها، فأجاب “إنني بعثت فقط للخراف الضالة من اليهود (إسرائيل)” أي أن الهدف من بعثة المسيح عليه السلام هو هداية اليهود الضالين فقط.

إن دعوة المسيح بدأت في أرض فلسطين والتي كانت آنذاك تابعة لليهودية وهي الأرض التي تشرفت بميلاد المسيح وعاش فيها وقد كان طبيعياً أن يبدأ المسيح بداية دعوته في الموطن الذي نشأ فيه (اليهودية) ثم بعد ذلك تمتد الدعوة إلى أماكن أخرى. ومن الأدلة التي تثبت ذلك، قول المسيح لحواريه قبل صعوده إلى السماء في إنجيل متى الإصحاح 10 والآية 15 (وقال لهم اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها) فاستجاب الحواريين لأمر المسيح كما جاء في متى أصحاح 16 والآية 20 (وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة. آمين).

ليس هذا فقط بل لعلك سمعت أو قرأت قصة اهتداء شخص اسمه كرنيليوس كما جاءت في سفر أعمال الرسل الأصحاح العاشر هذا الرجل لم يكن يهودياً ومع ذلك قدم الرسول بطرس (أحد الحواريين) الرسالة المفرحة له مع أن كرنيليونس كان تقياً يمارس الصلوات والأصوام في مواعيدها ويصنع صدقات للفقراء إلا أنه كان يحتاج لشيء أساسي وضروري هو الإيمان بالمسيح المخلص وهذا ما فعله أخيراً. وهناك العديد من الشخصيات التي آمنت رغم أنها غير مسيحية الأصل.

وفي قصة المرأة التي ذكرتها تكلم سيدنا المسيح (سلامه علينا) هنا بلغة يفهم منها اليهود السامعين أنهم ضلوا عن الله، وأن البركة ينالها فقط أبناء الإيمان. فمدح المسيح إيمان المرأة وشفى ابنتها تعبيراً على قبوله لها كابنة مؤمنة بالله رغم أنها لم تكن إسرائيلية. وقد أمر المسيح أتباعه أن يبشروا العالم أجمع بأنه ينقذ كل مؤمن به من غير اليهود، ويعطيه غفراناً إلهياً وجنة سماوية. وهنا لا تتعارض كلمات السيد المسيح هذه مع حقيقة أن رسالة الله هي لجميع الناس. ولقد قام السيد المسيح بخدمات للأمم (غير اليهود) في مناسبات كثيرة في أثناء خدمته وما أراد السيد المسيح أن يقوله للمرأة هو أن اليهود يجب أن تكون لهم الفرصة الأولى لقبوله كالمسيح، لأن الله اختارهم لتقديم رسالة الخلاص لسائر العالم، فالسيد المسيح لم يرفض هذه المرأة، بل لعله كان يريد أن يمتحن إيمانها، أو لعله أراد أن يستخدم الموقف فرصة أخرى لتقديم درس عن أن الإيمان متاح لجميع الناس، كما أن السيد المسيح في النهاية استجاب لطلبة هذه المرأة وشفى ابنتها.

أختم كلامي بما جاء في الإنجيل بحسب ما دونه يوحنا الأصحاح الأول والآيات من 11 إلى 13 (إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله، وأما الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله) إذن دعوة ومحبة السيد المسيح ليست عنصرية وهي موجهة لأي شخص من أي مكان وفي أي زمان.

أسئلة يسألها المسلمون ج3 والرد المسيحي عليها

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)