آبائيات

رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 1 – د. جوزيف موريس فلتس

رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 1 - د. جوزيف موريس فلتس

رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 1 – د. جوزيف موريس فلتس

رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 1 - د. جوزيف موريس فلتس
رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 1 – د. جوزيف موريس فلتس

رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 1

رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 1

والرد على القائلين بإن الجسد الذي من مريم هو من نفس جوهر لاهوت الكلمة وعلى أقوال أخرى

د. جوزيف موريس فلتس

من التراث العربي المسيحي للأقباط

I ـ لمحة تاريخية عن الرسالة:

    كتب القديس أثناسيوس الرسولي هذه الرسالة حوالي سنة 371/372م إلى أبكتيتوس أسقف كورنثوس، ردًا على مذكرات كان قد أرسلها إليه تتضمن تساؤلات أثيرت في إيبارشيته من بعض أتباع الفكر الآريوسي الذين تأثروا بأفكار أبوليناريوس وأيضًا من كانوا يعتقدون بمبدأ الخياليين Δοκηταί أو الدوستيين، من جهة حقيقة التجسد وعلاقة الجسد الذي إتخذه الإبن، بلاهوت الكلمة الأزلي.

    شَرَحَ القديس أثناسيوس في هذه الرسالة الهامة تعاليم الكنيسة وإيمانها السليم فيما يخص علاقة لاهوت المسيح بناسوته وبالتالي البعد الخلاصي المبنى على هذه العلاقة.

    ولذلك كان لهذه الرسالة أهمية كبيرة في الصراع الخريستولوجي الذي كان يشغل الكنيسة في القرنين الرابع والخامس، فنجد مثلاً أن القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص (315ـ403) قد أستعان بهذه الرسالة في الرد على بدعة أبوليناريوس التي أنكرت أن المسيح أتخذ جسدًا مثل جسدنا ذو نفس عاقلة، وفي كتابه المشهور الرَّد على الهراطقة” استشهد أيضًا بما جاء في هذه الرسالة.

    ونظرًا لأن كاتب هذه الرسالة هو البابا أثناسيوس الرسولي وحامي الإيمان الذي دافع عن إلوهية الابن المتجسد وصارت كتاباته مصدرًا أمينًا للتعاليم اللاهوتية وقد أقرتها الكنيسة، فقد حاول إتباع الهرطقة النسطورية في القرن الخامس تزييف نص هذه الرسالة مستغلين اسم ومكانة كاتبها، كي ينشروا أفكارهم المضللّة.

غير أن البابا كيرلس عمود الدين الذي كان دائمًا ما يستعين بكتابات البابا أثناسيوس في كتاباته وتعاليمه[1]، كشف زيفهم هذا في رسالة كتبها إلى يوحنا الأنطاكي قائلاً: “علمنا أن البعض قد نشروا نصًا مشوهًا لرسالة أبينا المجيد جدًا أثناسيوس إلى المبارك أبكتيتوس، وهي رسالة أرثوذكسية، حتى أن الكثير أصابهم الضرر (بسبب هذا التشويه)، ولهذا السبب رأيت أنه من النافع والضروري للأخوة أن أرسل لقداستكم نسخًا منها منقولة من النسخة القديمة الموجودة عندنا والتي هي نسخة أصيلة[2]”.

 

النص الأصلي والترجمات:

    النص الأصلي لهذه الرسالة كُتب باليونانية، لغة الآباء الشرقيون في القرون الأولى. غير أنه تمّ نشر ترجمات لهذه الرسالة بلغات أخرى منها اللاتينية، الأرمنية والسريانية والإنجليزية والعربية[3].

II ـ الرسالة إلى أبكتيتوس في التراث العربي المسيحي للأقباط:

    أهتم الأقباط بكتابات ق. أثناسيوس فترجموها من اليونانية إلى القبطية والعربية[4].

    من أهم المخطوطات المعروفة في التراث العربي المسيحي للأقباط هو مخطوط يرجع تاريخ تدوينه إلى القرن الحادي عشر ويحمل أسم “اعتراف الآباء”، وهو لمؤلف مجهول الاسم، وأهمية هذا المخطوط تكمن في أن كاتبه قد حاول أن يجمع فيه نخبة من نصوص من كتابات الآباء والكتاب الكنسيون منذ العصر الرسولي وحتى القرن الحادي عشر زمن حبرية البابا خرستوذولوس (1047م ـ1077م) تمّت ترجمتها من اليونانية والقبطية إلى العربية.

بلغت النصوص المترجمة التي جاءت في هذا المخطوط 234 نصًا لعدد 66 من هؤلاء الآباء والمعلّمين والكتاّب الكنسّيين. الجدير بالذكر أن للقديس أثناسيوس 17 نصًا عبارة عن فقرات منتقاه من كتاباته الدفاعية والعقائدية. أما الأمر الملفت للإنتباه فهو أن من بين هذه النصوص الـ 17، توجد ترجمة كاملة للرسالة التي نحن بصدد دراستها هنا، ويعتبر نص هذه الرسالة هو النص الوحيد، من بين كل نصوص المخطوط، الذي تم ترجمته بالكامل.

    هذا الأمر يبين مستوى الوعي اللاهوتي لجامع هذه النصوص ومدى إدراكه لأهمية محتوى هذه الرسالة وما فيها من تعاليم خرستولوجية وخلاصية علّم بها ق. أثناسيوس بابا الأسكندرية العشرون، وتمسّك بها ودافع عنها من بعده ق. كيرلس البابا الرابع والعشرون.

    وتتضح الصورة أكثر لو علمنا أن الهدف العام للمخطوط هو بيان ما تعترف به كنيسة الأسكندرية المتمثل في عنوان المخطوط “إعتراف الآباء” من عقائد خلاصية مثل عقيدة التجسد والفداء والثالوث، وخصوصًا عقيدة طبيعة المسيح وما أثير حولها من أفكار في القرنين الرابع والخامس الميلادي.

 

ملاحظات عامة حول الرسالة[5]:

    * تبدو من الرسالة ملامح شخصية أبكتيتوس أسقف كورنثوس وصفاته وحُسن تصرّفه في هذا الموقف، الأمر الذي صار مصدرًا لإعجاب ق. أثناسيوس الذي كتب له قائلاً ” أني تعجبت لمعاناة واحتمال تقواكم، وأن قدسكم لم يوقف هؤلاء الذين يقولون هذه الأشياء، بل شرحت لهم الإيمان المستقيم حتى إذا سمعوا يهدأون، أما إذا قاوموا فإنهم يُعتبرون هراطقة” (فقرة3).

    * يتضح من المذكّرات التي أرسلها أبكتيتوس إلى ق. اثناسيوس أن صبره وطول أناته وتمسّكه بإيمان الكنيسة ومحبته للسلام والتصالح، كل هذا قد أثمر، لذا نجد أن ق. أثناسيوس  يشاركه فرحه لِما إنتهت إليه الأمور فيكتب إليه قائلاً ” شكرًا للرّب إنه بقدر حزننا عند قراءة مذكراتكم، بقدر ما فرحنا بما أنتهت إليه هذه المذكرات، لأنهم مضوا بعد اتفاق وتصالح على الإعتراف بالإيمان الأرثوذكسي الحسن العبادة” (فقرة12).

    * ” كان أثناسيوس معيار الأرثوذكسية الحيّ “[6]، لهذا كانت شهادته للإيمان هي شهادة تسبب فرحًا لكل نفس لها هذا الإيمان عينه. فنجده يختم رسالته قائلاً “هذا في الواقع ما دفعنا أيضًا أن أكتب هذه الكلمات القليلة بعد أن أمعنت الفكر كثيرًا أولاً، خوفًا من أن يسبب صمتي ألمًا بدلاً من الفرح لأولئك الذين سببوا لنا فرحًا باتفاقهم معًا” (فقرة12).

    * معيار الحُكم لدى ق. أثناسيوس، على الأقوال التي رددها البعض والتي جاءت في المذكرات التي أرسلها الأسقف أبكتيتوس إليه، كان الآتي:

    + ” يكفي أن أقول مجيبًا على مثل هذه الأقوال بما يلي: يكفي أن هذا ليس تعليم الكنيسة الجامعة، ولا أعتقد الآباء بهذه الأمور” (فقرة 3).

    + “بعد إطلاعي على المذكرات التي كتبتها قدسك…أقول مَنْ سمع بمثل هذه الأمور قط؟ مَنْ هو الذي علّم هذا أو تعلّمه؟

    + إن ما يقولونه لا يوجد منه شيء في الكتب الإلهية. (فقرة4).

    + “هم يقولون….  أما الآباء الذين اجتمعوا في نيقية فقد قالوا….  فإما أن تنكروا إذن المجمع المنعقد في نيقية وكهراطقة يجلبون تعليمًا بالإضافة إلى ما قرره المجمع.

     وإما إن أردتم أن تكونوا أبناء الآباء فلا تعتقدوا بغير ما كتبه هؤلاء الآباء.

    * بعد أن قرأ ق. أثناسيوس مذكرات أبكتيتوس، لخص في بداية رسالته الأفكار التي علّم بها هؤلاء المنحرفون، ثم بدأ في الرد عليها إستنادًا على تعاليم الكنيسة الجامعة وتقليدها الحي والكتب الإلهية، فقد نادوا بأن:

    1ـ الجسد الذي من مريم هو من نفس جوهر لاهوت الكلمة؟

    2ـ إن الكلمة قد تحوّل إلى لحم وعظام وشعر وكل الجسد وتغيّر عن طبيعته الخاصة.

    3ـ إن الربَّ لبس جسدًا خياليًا وليس طبيعيًا.

    4ـ إن اللاهوت ذاته الذي من نفس جوهر الآب قد صار ناقصًا خارجًا من كامل، والذي سُمرّ على خشبة لم يكن هو الجسد بل هو جوهر الكلمة الخالق ذاته.

    5ـ إن الكلمة حوّل لنفسه جسدًا قابلاً للألم وهذا الجسد ليس من مريم بل من جوهره الذاتي.

    6ـ الجسد ليس أحدث (زمنيًا) من لاهوت الكلمة بل هو مساوٍ له في الأزلية وهو معه على الدوام حيث إنه قد تكوّن من جوهر الحكمة.

    7ـ يشكّون كيف أن الربَّ المولود من مريم بينما هو ابن الله بالجوهر والطبيعة، فإنه من نسل داود من جهة الجسد ومن جسد القديسة مريم.

    8ـ إن المسيح المتألم بالجسد والمصلوب ليس هو الربَّ والمخلّص والإله وإبن الآب.

    9ـ إن الكلمة قد حلّ على إنسان قديس كما كان يحل على أي واحد من الأنبياء، ولم يَصْر هو نفسه (الكلمة) إنسانًا بإتخاذه الجسد من مريم.

    10ـ إن المسيح هو شخص وأن كلمة الله الموجود قبل مريم وهو ابن الآب من قبل الدهور، هو شخص آخر.

    وبخبرته اللاهوتية والروحية يدرك القديس أثناسيوس أبعاد هذه الأفكار ويصفها بأنها ” رغم تباينها لكنها تحوي فكرًا واحدًا يهدف بفاعليته نحو عدم التقوى” (فقرة3) ويذهب في وصف ما قالوه بأنها ” أقوال غريبة من كل ناحية عن التعليم الرسولي… ومن الواضح أنها شريرة” (فقرة3).

    ويُرجع أفكارهم الخاطئة هذه إلى تعاليم الآريوسيين الذين قالوا أن الإبن مخلوق (فقرة4) وإلى تعاليم ماني الذي أنكر أن جسد المسيح هو جسد حقيقي بل خيالي. (فقرة7) بل وأنهم ذهبوا بأفكارهم ” بعيد إلى كفر آخر أشر من تعاليم الآريوسيين (فقرة4) وأخيرًا انهم ” إنحرفواإلى الكفر أكثر من كل هرطقة” (فقرة4).

 

III ـ تعاليم ق. أثناسيوس الخريستولوجية:

    بعد أن أجمل ق. أثناسيوس كل الأفكار الخاطئة التي جاءت بالمذكرات التي أرسلها له الأسقف أبكتيتوس، أخذ يفند بإسهاب، كل هذه التعاليم المنحرفة كالآتي.

    1ـ ففي رده على القائلين بإن الجسد واحد في الجوهر مع لاهوت الكلمة كتب يقول: ” إن الابن نفسه وليس الجسد ـ هو من نفس جوهر الآب” وإن الآباء في مجمع نيقية قد اعترفوا بحسب الكتب بإنه “بينما الابن هو من جوهر الآب إلاّ أن الجسد هو من مريم” ويحلل

ق. أثناسيوس النتائج الخطيرة التي تؤدي إليها مثل هذه الآراء الخاطئة والتي تصل إلى أفكار ألوهية الآب نفسه، الأمر الذي لم يذهب إليه الآريوسيين أنفسهم رغم أفكارهم عن إلوهية الإبن فيقول ” فإنه لو كان الكلمة من نفس جوهر الجسد الذي هو من طبيعة أرضية، في حين أن الكلمة هو من نفس جوهر الآب، بحسب إعتراف الآباء، فإن الآب نفسه أيضًا يكون من نفس جوهر الجسد الصائر من الأرض، فلماذا يكرمون الآريوسيين الذين يقولون إن الإبن مخلوق. وأنتم أنفسكم تزعمون أيضًا أن الآب من نفس جوهر المخلوقات” (فقرة4).

    إن تعاليمهم هذه تؤدي إلى أن طبيعة الكلمة تتحوّل إلى طبيعة الجسد المخلوق وهذا يعني “تغيير الكلمة ذاته” وهنا نجد أن القديس أثناسيوس يواجه هذه الأفكار الخاطئة بتقديم منهج لاهوتي خلاصي، أي بإيضاح خطورة مثل هذه التعاليم على إيماننا بخصوص ما أتمه الكلمة من أجلنا ومن أجل خلاصنا، عندما إتخذ جسدًا من الروح القدس ومريم العذراء وسكن بيننا، فيقول ” لأنه لو كان الكلمة من نفس جوهر الجسد، فإن ذكر مريم وضرورتها يكونان أمرين لا لزوم لهما، إذ إنه كان من المستطاع أن يكون موجودًا أزليًا قبل مريم…

كما أن الكلمة ذاته أزلي أيضًا. فلو كان الكلمة حقًا من نفس جوهر الجسد حسبما تقولون، فأية حاجة كانت هناك لكي يقيم الكلمة بيننا، لكي يلبس ما هو من نفس جوهره الخاص، أو أن يتحوّل عن طبيعته الذاتية فيصير جسدًا؟” (فقرة4).

    وهنا يبرز ق. أثناسيوس البعد الخلاصي في تعاليمه اللاهوتية، الأمر الذي تميّز به في كل كتاباته، كمعلّم في الكنيسة فيقول: ” لأن اللاهوت لم يأت لمساعدة نفسه حتى يلبس ما هو من نفس جوهره، كما أن الكلمة لم يخطئ في شيء وهو يفتدي خطايا الآخرين، حتى يصير جسدًا ويقدّم ذاته ذبيحة لأجل نفسه وأفتدى نفسه” (فقرة4).

ويتابع ق. أثناسيوس حججه اللاهوتية معتمدًا على ما جاء في الكتاب المقدّس فيقول:   ” لكن حاشا له أن يكون هكذا. لأنه كما قال الرسول جاء لمساعدة نسل إبراهيم[7]، ومن ثم كان ينبغي أن “يشبه أخوته في كل شيء” ويتخذ جسدًا مشابهًا لنا. ولهذا السبب أيضًا كانت مريم في الحقيقة مفترضة من قبل[8]، ليأخذ الكلمة منها (جسدًا) خاصًا به وتقدمه من أجلنا”. (فقرة 5).

ويجد في إنجيل “لوقا” عدة آيات تخدم عرضه في إيضاح بشرّية الكلمة المتجسد التي أتخذها من الروح القدس ومِن كائن بشري هو العذراء القديسة مريم، فاستغل دقة الوحي الإلهي فيما سجله البشيرين لتدعيم حجته فيقول: ” أرسل الله جبرائيل إلى العذراء، ليس إلى مجرد عذراء بل إلى “عذراء مخطوبة لرجل” (لو27:1) لكي يبين من كونها مخطوبة أن مريم كائن بشري بالحقيقة ولهذا السبب ذكر الكتاب أيضًا إنها وَلَدَته وإنها قمطّته (لو7:2) ولذلك فإن الثديين اللذين رضعهما يعتبران مباركين (قارن لو27:11). وقد قدّم ذبيحة، لأنه بولادته فتح الرحم (انظر لو32:2) وهذه كلها براهين على أن العذراء هي التي وَلَدَته” (فقرة 5).

    ويرى ق. أثناسيوس في بشارة الملاك للعذراء بميلاد ربّ المجد دليلاً آخر على أن الجسد الذي أتحد به الكلمة هو جسد بشرّي، به شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية وحدها، فالملاك { لم يقل مجرد “المولود فيك” حتى لا يُظن أن الجسد غريب عنها ومجلوب إليها من الخارج، بل قال “المولود منك” لكي يعتقد الجميع أن المولود خارجًا منها}. (فقرة 5).

    ويسوق ق. أثناسيوس براهين مما يحدث في طبيعة البشر، فإن كان قد ذُكِرَ في الإنجيل أن العذراء قد طوّبت لأنها أرضعت الطفل يسوع من ثدييها (لو27:11) فهذا معناه أن ولادته من العذراء كانت ولادة حقيقية ” إذ أن الطبيعة تبين هذا بوضوح، فمن المستحيل على عذراء أن تدر لبنًا إن لم تكن قد وَلَدَت. ومن المستحيل أن الجسد يتغذى باللبن ويُقمّط إن لم يكن قد وُلِدَ بصورة طبيعية قبل ذلك” (فقرة5).

    ويعطي القديس أثناسيوس المفهوم السليم والعميق لأحداث في حياة المسيح له المجد، على الأرض، فكيف يَصْدِقُ الإدعاء بأن الجسد هو واحد في الجوهر مع لاهوت الكلمة إذ كان الطفل يسوع قد أختتن وأن سمعان قد حمله وأنه كان ينمو حتى صار عمره إثنتا عشرة سنة، وإنه بلغ الثلاثين عامًا عندما بدء خدمته العلنية؟

لأن عكس هذا الإدعاء، “هو المقصود بالختان في اليوم الثامن بعد ولادته، وإن سمعان تلقاه في أحضانه وهذا يدل على إنه قد صار طفلاً، وإنه نما حتى صار له من العمر إثنتا عشر سنة (انظر لو21:2ـ42) إلى أن بلغ الثلاثين عامًا (لو23:3) وليس كما يظن البعض أن جوهر الكلمة نفسه قد خُتن بعد أن تحوّل. لأنه لا يقبل التحول أو التغيّر. لأن المخلّص نفسه يقول ” أنظروا، لأني أنا هو ما تغيّرت” (ملاخي6:3س)” (فقرة5).

    ويختم ق. أثناسيوس تعليمه حول هذه النقطة بقوله ” إن كلمة الله غير المتألم والذي بلا جسد كان في الجسد الذي خُتِن وحُمِلَ والذي أكل وشرب والذي تعب والذي سُمر على الخشب وتألم” (فقرة 5)[9].                                      

يتبع هنا: رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 2 – د. جوزيف موريس فلتس

 

1 رسائل ق. كيرلس إلى نسطور وبوحنا الأنطاكي: ترجمة د. موريس تاوضروس، د. نصحي عبد الشهيد. يونيو 1988. رسالة رقم (39) فقرة (7) ص47.

2 رسائل ق. كيرلس إلى نسطور ويوحنا الأنطاكي: المرجع السابق. رسالة (39) فقرة (8) ص49.

3  لمزيد من المعلومات عن هذه الترجمات وأماكن نشرها راجع: أثناسيوس (راهب من الكنيسة القبطية): فهرس كتابات آباء كنيسة الأسكندرية ـ الطبعة الأولى يناير 2003م ص216.

4 عن هذه الأهتمامات راجع: د. جوزيف موريس فلتس: تأثير القديس أثناسيوس الرسولي في التعليم اللاهوتي للكنيسة القبطية: دراسات آبائية ولاهوتية. المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية. السنة الأولى 1998، العدد الثاني ص40ـ53.

5 رجعنا إلى نص عربي مترجم عن نص يوناني محقق وليس إلى نص المخطوط، راجع: المسيح في رسائل ق. أثناسيوس عربها عن اليونانية أ. صموئيل كامل عبد السيد و د. نصحي عبد الشهيد طبعة ثانية 2000م، الرسالة إلى ابكتيتوس ص34ـ48.

[6]  Bouyer, L’incarnation et l’Eflise – corpus du Christ dans la theologie de st. Athanase 1943, p. 22.

7 أي عبيدك نسل إبراهيم (انظر عب16:2، 17).

8  كانت متضمنة في خطة الخلاص في قصد الله ليأخذ منها الكلمة جسدًا.

9  نوجه عناية القارئ إلى إنه مع الإنتهاء من قراءة هذه الدراسة يكون قد قرأ فيما بين القوسين، النص الكامل تقريبًا لرسالة القديس اثناسيوس إلى ابكتيتوس.

 

رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى أبكتيتوس 1 – د. جوزيف موريس فلتس