آبائيات

الروح والحرف 5 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الروح والحرف 5 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الروح والحرف 5 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الروح والحرف 5 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية
الروح والحرف 5 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الروح والحرف 5 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية

الفصل السادس عشر: كيف أن الناموس لم يوضع لأجل البار

          لأن “الناموس لم يوضع للبار” (1تى1: 9) وأيضا “الناموس صالح إن كان أحد يستعمله ناموسياً” (1تى1: 8).

والآن إن الرسول بربطه هذين التقريرين المتناقضين ظاهريا يحذر ويحث قارئه على تفحص المسألة وحلها أيضا. إذا أنه كيف يمكن أن يكون ذلك أن “الناموس صالح إن كان أحد يستعمله ناموسيا” إذا لم يكن الآتي صادقا أيضا: “عالما هذا أن الناموس لم يوضع للبار” (1تى1: 8)؟ – إذا أنه من يستعمل الناموس ناموسيا غير الإنسان البار؟

مع أنه لم يوضع لأجله بل وضع لغير البار ينبغي إذاً على الإنسان الشرير لكي يقدر أن يتبرر حتى يصير إنسانا باراً أن يستعمل الناموس ناموسيا ليوصله كما بيد مؤدب (غلا3: 24) إلى تلك النعمة التي بها وحدها يستطيع أن يتمم ما يأمر به الناموس؟ فهو الآن قد تبرر بها مجانا ولا يكون ذلك على حساب استحقاقات سالفة لأعماله؛ “وإلا فليست النعمة بعد نعمة” (رو11: 6)، لأنها أعطيت لنا ليس لأعمال صالحه فعلناها ولكن لكي نكون قادرين على فعلها.

وبمعنى آخر- ليس لأننا أتممنا أعمال الناموس ولكن لكي نكون قادرين على إتمامها والآن قال الله “إني ما جئت لانقض بل لأكمل” (مت5: 17) للذي قيل عنه “رأينا مجده كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا” (يو1: 14) هذا هو المجد الذي نقصد به الكلمات: “الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله” وهذه النعمة التي تكلم عنها في الآية التالية: “متبررين مجانا بنعمته” (رو3: 24)

وعلى ذلك فإن الإنسان الشرير يستعمل الناموس ناموسيا حتى يقدر أن يصير باراً ولكنه عندما يصير كذلك ينبغي عليه أن لا يستعمل الناموس كعربة لأنه قد وصل إلى نهاية رحلته (منتهى آماله) أو بالأحرى (على العكس من ذلك) (حتى أستطيع أن استعمل تشبيه الرسول الذي ذكر سابقا) كمؤدب لأنه يعتبر الآن متعلما تعليما كاملا.

كيف إذاً لم يوضع الناموس للبار، إذا اعتبر أنه ضروريا للبار أيضا ليس لكي يأتـي كإنسان شرير للنعمة حتى تبرره ولكن لكي يستعمله ناموسيا الذي هو بارا الآن؟ وربما لا تقف القضية هكذا، كلا لا “ربما” ولكن بالأحرى “بالتأكيد” إن الإنسان الذي صار باراً هكذا يستعمل الناموس ناموسيا، عندما يستعمله لإنذار الإنسان الشرير.

لكي كلما بدأ فيهم مرض لرغبه شاذة تزداد أيضا بدافع تحريم الناموس وبمقدار متزايد من التعدي- يقدرون أن يلتجئوا بإيمان إلى النعمة التي تبرر وبابتهاجهم بعذوبة بهجات القداسة يستطيعون الهروب من عقوبة حرف الناموس الذي يرهب بواسطة عطية الروح الهادئة؟

وعلى ذلك فإن التقريرين لا يكونان متناقضان ولا يستكرهان بعضهما: حتى الإنسان البار يستطيع أن يستعمل ناموسا صالحا وأيضا الناموس لم يوضع للإنسان البار لأنه ليس بالناموس أصبح بارا ولكن بناموس الإيمان الذي يجعله يؤمن أنه ليس هناك مصدر آخر كان ممكنا لضعفه أن يتم الوصايا التي يأمر بها “ناموس الأعمال” (رو3: 27) إلا إذا كان معضدا بنعمته الله.

الفصل السابع عشر: تحريم (إبعاد) الافتخار

          فيقول بناءاً على ذلك: “فأين الافتخار؟ قد انتفي. بأي ناموس؟ أبناموس الأعمال. كلا بل بناموس الإيمان” (رو3: 27). إما أنه يقصد الافتخار الحميد الذي يكون في الرب وقد “أبعد” ليس بمعنى أن يدفع بعيدا لكي يختفي ولكن أنه ظهر بوضوح لكي يرفض رفضا باتا. لذلك بعض الصناع الذين يشتغلون في الفضة يسمون “exclusores” [يتضح أن الإشارة هنا إلى عمال يشتغلون بإنتاج عمل مضغوط مطروق: أنظر Guhl and kover : حياة اليونانيون والرومانيون ص 449. 77]

وبهذا المعنى يأتي أيضا في تلك العبارة من المزامير: “المترامين بقطع الفضة” (مز68: 30) ويكون ذلك أن الذين جربوا بواسطة كلمة الله يقدرون أن يرفضوا رفضا باتا. لأنه قيل في عبارة أخرى: “كلام الرب كلام نقي كفضة مصفاة” (مز12: 6) أو إذا لم يكن هذا ما يقصده فإنه ينبغي عليه أن يذكر أن الافتخار الرديء الذي يأتي من الكبرياء.

الذي هو هؤلاء الذين يظهرون لأنفسهم أنهم يحيون حياة بارة ويفتخرون بعظمتهم كأنهم لم يأخذوها. وأيضا لكي يخبرونا أنه بناموس الإيمان وليس بناموس الأعمال قد حرم هذا التفاخر بمعنى أخر منع وإبعاد لأنه بواسطة ناموس الإيمان يعلم كل فرد أنه مهما تكن الحياة الصالحة التي يعيشها فهي من نعمة الله ولا يقدر أن يحصل على الوسائل التي بها يصبح كاملا في حبه للبر من مصدر آخر مهما كان.

الفصل الثامن: التقوى هي الحكمة؛ وهي ما تسمى بر الله، الذي يعطيه

إن هذا التأمل يخلق إنساناً تقياً،و وهذه التقوى هي حكمة حقيقية وأقصد بالتقوى ما يسميها اليونانيون ()eooebeia – إن كل فضليه يوصي بها الإنسان في عبارة لأيوب حيث قيل له: “هوذا مخافة الله هي الحكمة” (أي28:28)

والآن إذا ترجمت الكلمة ()eooebeia طبقاً لأصلها كان يمكن تسميتها “عبادة الله” والنقطة الأساسية في هذه العبادة هي أن لا تكون النفس ناكرة لإحسانات الله. لذلك فإنه في معظم ذبائحنا الحقيقية ننصح “بتقديم الشكر للرب إلهنا”

ومع ذلك فأن نفوسنا تكون غير شاكرة عندما تنسب لذاتها ما تأخذه من الله وخاصة البر بالأعمال التي بها
[ الملكية الصفة الخاصة كما كانت بنفسها وتصنعه النفس ذاتها لذاتها ] لا يكون الارتفاع في افتخار وضيع، كما يمكن أن يكون بالثراء أو بحمال الأطراف أو البلاغة أو تلك الإنجازات الأخرى. خارجية أو داخلية، جسدية أو معنوية، التي يعتادها الضعفاء ولكن إذا أمكننى قول ذلك، في سرور حكيم بالنسبة للأشياء التي تنظم بطريقة خاصة أعمال الخير الصالحة. أنه بسبب خطية هذا الافتخار الوضيع حتى بعض العظماء ينحدرون من المأمن الأكيد للطبيعة الإلهية ويسقطون في عار عبادة الأوثان.

وذلك عاد الرسول في نفس الرسالة حيث يصر على أهمية النعمة. بعد أن قال أنه كان مدينوناً لكل من اليونانيين والبرابرة. للحكماء والجهلاء ويقر بنفسه أنه مستعداً كما يختص بذلك أن يكرز بالإنجيل حتى لهؤلاء الذين في روميه ويضيف: ” لأني لست استحي بإنجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لليهودي أولا ثم لليوناني لأنه فيه معلن بر الله بإيمان لإيمان كما هو مكتوب أما البار فبالإيمان يحيا” (رو1: 14-17) هذا هو بر الله الذي كان مختفياً في العهد القديم وظهر في العهد الجديد.

ويسمى “بر الله” لأنه يجعلنا أبراراً بمنحه إيانا البر كما نقرأ أن “للرب الخلاص” (مز8:3) لأن الله يجعلنا مطمئنين (في أمانٍ) وهذا هو الإيمان الذي أعلن “من الذي” “وإلى الذي” من إيمان الذين يكرزون به إلى إيمان هؤلاء الذين يطيعونه.

بهذا الإيمان بيسوع المسيح الإيمان الذي أعطاه لنا المسيح نحن نؤمن أننا نأخذ من الله. وسنأخذ أكثر وأكثر القدرة على الحياة البارة.

لذلك نشكر الله بتلك العبادة المطيعة التي بها لا نعبد سوى الله وحده.

الفصل التاسع عشر: معرفة الله خلال الكون

بطريقة مناسبة جدا انتقل الرسول من هذه النقطة ليصف بكراهية هؤلاء الذين استنيروا ويرتفعون بواسطة الخطية التي ذكرتها في الفصل السابق- ينتقلون بعيداً لغرورهم كما حدث وخلال فضاء خالٍ حيث لا يجدون موضع راحة يسقطون مرشحين إلى قطع بإصطدامهم بالخرافات الباطلة التي لأوثانهم كما يصطدمون بالأحجار لأنه بعد أن أوصى بطاعة الإيمان الذي به نتبرر نكون في أشد احتياجنا لإرضاء الله. ثم انتقل ليوجه انتباهنا إلى ما يجب علينا بغضه كمعارض.

“لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم الذين يحجزون الحق بالإثم إذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأن الله أظهرها لهم لأن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى أنهم بلا عذر لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفني والطيور والدواب والزحافات” (رو1: 18-23)

لاحظ أنه لم يقل أنهم كانوا يجهلون الحق ولكنهم أخفوا الحق في الإثم إذ أنه خطر له أن يستفسر من أين يحصل الذين لم يعطيهم الله الناموس على معرفة الحق وتكلم عن المصدر الذي يحصلون منه على المعرفة: لذلك يعلن أنهم وصلوا إلى معرفة صفات الخالق غير المنظورة خلال أعمال الخلق المنظورة.

وبنفس الفعل عندما استمروا في إحراز قدرات على البحث حتى استطاعوا أن يجدوا في أي شيء إذاً يكون إلحادهم؟ لأن “لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم” يعتبر الغرور مرض وخصوصا بالنسبة لهؤلاء الذين يخدعون أنفسهم “يظن أنه شيء وهو ليس شيئا” (غلا6: 3) وفي الحقيقة إن مثل هؤلاء يظلمون أنفسهم في هذا التفاخر المرتفع؛ لا تأتيه رجل الكبرياء ويد الأشرار لا تزحزحه” (مز36: 11)

بعد أن قال: “بنورك نرى نورا” (مز36: 9) وابتعدوا عن نفس نور الحقيقة الذي لا يتغير “وأظلم قلبهم الغبي” (رو1: 21) لان قلبهم لم يكن حكيما مع أنهم عرفوا الله. ولكن كان هذا بالأحرى حماقة لأنهم لم يمجدوا أو يشكروا الله كإله لأن “وقال للإنسان هوذا مخافة الرب هي الحكمة” (أى28: 28) وبهذا السلوك “بينما هم يزعمون أنهم حكماء (الذي لا يفهم منه سوى أنهم ينسبون ذلك لأنفسهم) صاروا جهلاء” (رو1: 22)

الفصل (20): الناموس بدون النعمة

          ما حاجتي الآن للحديث عن ما يأتي؟ ولماذا سقط هؤلاء بإلحادهم- أقصد هؤلاء الذين وصلوا إلى معرفة الخالق بواسطة الخليقة- “لأن الله يقاوم المسكتبرين” (يع4: 6) وحيث أنهم غرقوا- لا أفضل ذكر ذلك هنا وأفضل إظهاره في نهاية الرسالة إذا أنه في خطابي هذا لم نتعهد بتفسير هذه الرسالة ولكن غالبا مسئوليتها أن تبرهن بقدر استطاعتنا أننا معضدون بمساعدة إلهية من جهة إتمام عمل البر ليس فقط لأن الله أعطانا ناموسا مليئا بالوصايا الصالحة والمقدسة ولكن لأن إرادتنا الخاصة التي بدونها لا نستطيع أن نفعل شيئا صالحا..

وقد عضدت وسمت “بروح النعمة” التي بدون معونتها يعتبر التعليم مجرد “الحرف الذي يقتل” (2كو3: 6) نظرا إلى أنها على العكس من ذلك تضبطهم مذنبين بخطئيتهم ولا تبرر الشرير. والآن هؤلاء الذين يعرفون الخالق بواسطة الخليقة لا يأخذون أي فائدة للخلاص بمعرفتهم لأن “لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله كما يزعمون أنهم حكماء” (رو1: 21) وأيضا الذين يعرفون بالناموس كيف يجب أن يحيا الإنسان لا يصيرون أبراراً بمعرفتهم “لأنهم إذا كانوا يجهلون بر الله ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله” (رو10: 3)

الفصل(21): ناموس الأعمال وناموس الإيمان

           ناموس الأفعال إذاً الذي هو ناموس الأعمال الذي لا يحرم هذا الافتخار، وناموس الإيمان الذي يحرمه يختلف كل منهما عن الآخر. وهذا الاختلاف هو ما يستحق اهتمامنا في التأمل إذا استطعنا أن نلاحظ وندركه.

وبالحقيقة يمكن لإنسان أن يقول دون تروٍ أن ناموس الأعمال هو في الديانة اليهودية وناموس الإيمان هو في الديانة المسيحية.

نظرا إلى أن الختان والأعمال الأخرى التي يأمر بها الناموس هي بالضبط تلك الأعمال التي لم تعد المسيحية محتفظة بها ولكن هناك مغالطة في هذا الاختلاف العظمة التي حاولت أحيانا كشفها لمثل الحاذقين في تقدير قيمة الاختلافات خاصة لك ولمن مثلك لعلي وفقت في جهدي لأنه مع ذلك فإن الموضوع من أهم الموضوعات من أهم الموضوعات- وسوف لا يكون غير مناسب لو بغرض توضيحه ترددنا أمام براهين عديدة تقابل فكرنا مرات كثيرة.

 والآن يقول الرسول أن هذا الناموس الذي “لا يتبرر أمامه أي إنسان” (رو 3: 20) “دخل لكي تكثر الخطية” (رو5: 20) ومع ذلك لكي ينقذه من طعنات الجاهل واتهامات الملحد دافع عن هذا الناموس عينه بكلمات كالآتية: “فماذا نقول هل الناموس خطية. حاشا بل لم أعرف الخطية إلا بالناموس فإنني لم أعرف الشهوة إن لم يقل الناموس لا تشته ولكن الخطية وهي متخذه فرصه بالوصية أنشأت في كل شهوة لأن بدون الناموس الخطية ميته” (رو7: 7، 8) ويقول أيضا: “إذاً الناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحه فهل صار لي الصالح موتا.

حاشا. بل الخطية لكي تظهر خطية منشئه لي بالصالح موتا لكي تصير الخطية خاطئة جدا بالوصية” (رو7: 12، 13) وبناءاً على ذلك فيكون نفس الحرف الذي يقتل يقول “لا تشته” وهذا هو ما تكلم عنه في عبارة أشرت إليها سابقا: لأن بالناموس معرفة الخطية. وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهودا له من الناموس والأنبياء بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كلٍ وعلى كل الذين يؤمنون لأنه لا فرق.

إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله. لإظهار بره في الزمان الحاضر ليكون بارا ويبرر من هو من الإيمان بيسوع” (رو3: 20-26) ثم أضاف العبارة التي هي الآن موضع تأملنا: “فأين الافتخار قد انتفى. بأي ناموس أبناموس الأعمال كلا.

بل بناموس الإيمان” (رو3: 27) ولذلك فهو نفس نِاموس الأعمال ذاته الذي يقول: “لا تشته” لأنه بهذا تأتي معرفة الخطية والآن إنني أريد أن أعرف لو تجرأ أي إنسان أن يخبرني هل ناموس الإيمان لم يقل لنا “لا تشته”؟ لأنه لم يقل لنا كذلك فماذا يكون هناك السبب الذي يجعلنا نحن الذين نخضع له لا نخطيء في أمان وبسماح؟

وبالحقيقة هذا هو بالضبط ما فهمه هؤلاء الناس من قصد الرسول الذي كتب لذلك: “أما كما يفترض علينا وكما يزعم قوم أننا نفعل السيئات لكي تأتي الخيرات الذين دينونتهم عادلة” (رو3: 8) وبعكس ذلك لو قيل لنا “لا تشته” (كذلك مثل ما تبين وتحث عبارات عديدة في الأناجيل والرسائل) ثم لماذا لم يدع هذا الناموس أيضا ناموس الأعمال؟ إذ أنه بدون أي وسيلة تتبع ذلك لأنه لا يبق على “أعمال” الأسرار المقدسة الجليلة العظيمة كذلك الختان والشعائر الأخرى…

لذلك فهو ليس له أعمال في أسراره المقدسة التي تطبق على الوقت الحاضر إلا إذا كان بالفعل السؤال عن الأعمال المقدسة عند ذكر الناموس. بالضبط لأنه به معرفة الخطية ولذلك لا يتبرر به أحد لكي لا يكون ذلك التفاخر محرما بواسطته. ولكن بواسطة ناموس الإيمان الذي يحيا به الإنسان البار ولكن هل لا يكون به أيضا معرفة الخطية حتى عندما يقول “لا تشته”؟

الفصل (22): لا أحد يتبرر بالأعمال

          سأشرح بإيجاز وجه الاختلاف بينهما. ما يأمر به ناموس الأعمال بواسطة التهديد ذاك يحميه ناموس الإيمان بواسطة الإيمان أحد هما يقول “لا تشته” (خر20: 17) والآخر يقول: “ولما علمت بأني لا أكون عفيفا ما لم يهبني الله العفة وقد كان من الفطنة أن أعلم ممن هذه الموهبة توجهت إلى الرب وسألته” (الحكمه8: 21) هذه بالحقيقة نفس الحكمة التي تدعي “التقوى” الذي نعبد بها” أبي الأنوار الذي منه كل عطية صالحه وكل موهبة تامة” (يع1: 17)

ومع ذلك فإن هذه العبادة تتوقف على ذبيحة الحمد والشكر لكي لا يفتخر الذي يعبد الله بنفسه ولكن بالله (2كو10: 17) وبناءاً على ذلك فبناموس الأعمال يقول لنا الله أعملوا ما آمركم به ولكن بواسطة ناموس الإيمان نقول لله أعطينا ما أوصيت به وهذا هو السبب في إعطاء الناموس أمره لينبهنا إلى الإيمان الذي ينبغي علينا عمله ويكون الذي أعطى له  هذا الأمر إذا لم يكن كذلك غير قادر على إنجازه يقدر أن يعرف ما الذي يطلبه ولكن إذا كانت له المقدرة في الحال ويطيع الأمر ينبغي عليه أيضا أن يكون عارفا من هو صاحب الموهبة الذي يعطي هذه المقدرة.

“لأننا لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لتعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله” (1كو10: 17) مع ذلك ماذا يكون روح هذا العالم سوى روح الافتخار؟ التي بها أظلم قلبهم الغبي الذين مع أنهم يعرفون الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله (رو1: 21) فضلا عن ذلك فإنه بالحقيقة بنفس الروح خدعوا أيضا لأنهم إذ كانوا يجهلون بر الله ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخصوا لبر الله” (رو10: 3).

لذلك يبدو لي أنه أكثر من “طفل في الإيمان” الذي تعلم من أي مصدر ينظر ما لم يأخذه بعد… وليس كالذي ينسب كل ما عنده وبدون شك بالرغم من ذلك فإنه يفضل من كل هؤلاء الإنسان الذي عنده كلا الاثنين وفي نفس الوقت يعرف من الذي أعطاه إياها ولو أنه مع ذلك لا يصدق نفسه أن يكون في الوضع الذي لم يصل إليه بعد لا تدعه يسقط في خطأ الفريسي الذي بينما كان يشكر الله على ما أمتلكه مع ذلك فشل في أن يطلب أي عطية أخرى كما لو كان واقفا في غير حاجه إلي شيء لزيادة أو كمال بره (لو18: 11، 12).

والآن وقد تداولنا وتأملنا كما يجب كل هذه الظروف والبراهين نستنتج أن الإنسان لا يتبرر بوصايا الحياة المقدسة ولكن بالإيمان بيسوع المسيح وباختصار… ليس بناموس الأعمال ولكن بناموس الإيمان، ليس بالحرف ولكن بالروح، ليس باستحقاقات الأفعال ولكن بنعمة مجانية.

الفصل (23): كيف أن الوصايا العشر تقتل دون وجود النعمة

          مع أن الرسول ظن لذلك أنه يلوم ويقوم هؤلاء الذين استميلوا أن يختتنوا في مثل هذه العبارات كتسميتهم بكلمة “الناموس” الختان نفسه وأيضا الشعائر الشرعية المشابهة الأخرى…

والتي نبذها الآن المسيحيون لكونها إشارات ((a future Substance ومازالوا يصرون على ما تعهدت به هذه الإشارات مجازيا؛ ومع ذلك فإنه في نفس الوقت يود أن يجعله مفهوما فهما واضحا أن الناموس كما قال أن الإنسان لا يتبرر به لا يوجد فقط في تلك القوانين المقدسة التي احتوت على تشبيهات لوعود ولكن أيضا في تلك الأعمال التي كل من يفعلها يحيا حياة مقدسة والتي تقع بينها هذا التحريم: “لا تشته”. والآن ولكي نجعل تقريرنا أكثر وضوحا دعنا نتفرس في الوصايا العشر نفسها.

أنه من المؤكد إذاً أن موسى استلم الناموس على الجبل لكي يوصله للشعب كتب بأصابع الله على لوحين من الحجارة وجمعت في هذه العشر الوصايا التي لا يوجد بها أي أمر عن الختان ولا أي شيء يتعلق بتلك الذبائح الحيوانية التي كف المسيحيون عن تقديمها. والآن أحب أن أعرف ماذا تحوي هذه الوصايا العشر الإ حفظ السبت الذي لا ينبغي على مسيحي حفظه سواء كان يحرم صنع أو عبادة الأوثان وأي آلهة أخرى غير الله الإله الحقيقي.

أو النطق باسم الله باطلا أو فرض الإكرام للوالدين، أو تحريم الزنا والقتل والسرقة، الشهادة الزور-الفسق أو اشتهاء ملكيات الآخرين؟ فمن يقدر أن يقول أنه ينبغي على المسيحي ترك واحدة من هذه الوصايا؟ فهل من الممكن أن نقتنع بأنه ليس هو الناموس الذي كتب على هذين اللوحين الذين وصفها الرسول “بالحرف الذي يقتل” ولكن ناموس الختان والشعائر (الطقوس) الأخرى المقدسة التي أبطله الآن؟

ولكن كيف يمكننا أن نفتقد ذلك إذاً، عندما تأتي هذه الوصية في الناموس “لا تشته” بأي شيء كل وصية رغما من كونها مقدسة- عادلة وصالحة، يقول الرسول الخطية خدعتني بها وقتلتني؟ (أنظر رو7: 7-12).

ماذا يمكن أن يكون هذا سوى “الحرف الذي يقتل”؟

الفصل (24): العبارة في الرسالة إلى أهل كورنثوس

          في العبارة التي يتحدث فيها لأهل كورنثوس عن الحرف الذي يقتل والروح الذي يحيي شرح بوضوح كثير ما كتب في اللوحين ولكن لم يقصد حتى هناك أن يكون مفهوما من الحرف حرف آخر سوي الوصايا العشر نفسها إذ أن هذه كلمات الله: “ظاهرين أنكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا بجبر بل بروح الله الحي. لا في ألواح حجريه بل في ألواح قلب لحميه. ولكن لنا ثقة مثل هذه بالمسيح لدى الله. ليس أننا كفاه من أنفسنا أن نفتكر شيئا كأنه من أنفسنا بل كفايتنا من الله.

الذي جعلنا كفاه لأن نكون خدام عهد جديد لا الحرف بل الروح لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيي ثم إن كانت خدمة الموت المنقوشة بأحرف في حجارة قد حصلت في مجد حتى وجهه الزائل فكيف لا تكون بالأولى خدمه الروح في مجد لأنه أن كانت خدمة الدينونه مجدا فبالأولى كثيرا تزيد خدمة البر في مجد” (2كو3: 3-9) هناك كلام كثير يجب أن نتحدث به عن هذه الكلمات ولكن ربما يكون لدينا فرصة أكثر ملاءمة في وقت قريب ومع ذلك أرجوك الآن أن تلاحظ كيف يتحدث عن الحرف الذي يقتل ويناقضه بالروح الذي يحيي.

وهذا بالتأكيد يجب أن يكون “خدمة الموت المنقوشة بأحرف في حجارة” وأيضا “خدمة الدينونه” وأما الناموس فدخل لكي تكثر الخطية (رو5: 20) وتعتبر الوصايا العشر نفسها نافعه ومفيدة للعامل بها لدرجة أنه لا يستطيع أحد أن ينال الحياة ما لم يحفظها. إذاً هل بسبب الوصية الوحيدة التي أدرجت فيها عن “يوم السبت” تسمى الوصايا العشر “بالحرف الذي يقتل”؟ لأنه بالتأكيد كل إنسان يظل محافظا على ذلك اليوم بميعاد الحرفي يكون ذو تفكير جسداني وكونه ذو تفكير جسداني، لا يعتبر شيئا آخر غير الموت؟

كما يجب أن ينظر إلى التسع وصايا الأخرى التي حفظت تماما في شكلها الحرفي كأنها تخفي ناموس الأعمال الذي لا يتبرر به أحد ولكن تخص الإيمان الذي به يحيا الإنسان البار؟ من يستطيع أن يضيف رأيا سخيفا كهذا بأن يفترض أن “خدمة الموت المنقوشة بأحرف في حجارة” لم تشمل بالتساوي كل العشر الوصايا ولكن قيلت للوصية الخاصة بالسبت؟

في أي نوع نضع ما قيل على هذا النمط: “الناموس ينشيء غضبا إذ حيث ليس ناموس ليس أيضا تعدٍ؟ (رو4: 15) أيضا: “حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تحسب أن لم يكن ناموس” (رو5: 13) وأيضا ما ذكرناه مرارا: “بالناموس معرفة الخطية” (رو3: 20).

وبالأخص العبارة التي فيها أوضح الرسول السؤال الذي نبحثه الآن: “لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته”؟ (رو7: 7).

الروح والحرف 5 للقديس أغسطينوس – ترجمة راهب من الكنيسة القبطية