آبائيات

شرح الإيمان المسيحى ج3 – ق. أمبروسيوس – د. نصحى عبد الشهيد

شرح الإيمان المسيحى ج3 - ق. أمبروسيوس - د. نصحى عبد الشهيد

شرح الإيمان المسيحى ج3 – ق. أمبروسيوس – د. نصحى عبد الشهيد

 

شرح الإيمان المسيحى ج3 - ق. أمبروسيوس - د. نصحى عبد الشهيد
شرح الإيمان المسيحى ج3 – ق. أمبروسيوس – د. نصحى عبد الشهيد

 

الكتاب الثانى

مقدمة

 

1 ـ كما أظن يا جلالة الإمبراطور، فقد قلت ما يكفي في الكتاب السابق لأوضح أن ابن الله كائن أزلي وغير مختلف عن الآب، مولود غير مخلوق: كما برهنّا من خلال الاقتباسات من الكتب المقدسة أن ابن الله الحقيقي هو الله، وهذا قد أُعِلن أنه هكذا بواسطة العلامات الواضحة الخاصة بجلاله.

 

2 ـ ورغم أن ما سبق تقديمه هو كثير بل ويزيد، وذلك لأجل الحفاظ على الإيمان، إذ نرى أن عظمة النهر يُحكم عليها غالبًا من الطريقة التي ترتفع وتفيض بها ينابيعه. ومع ذلك، فلكي يكون إيماننا  أكثر وضوحًا، فإن مياه ينبوعنا يجب ـ كما أظن ـ أن تُقسَّم إلى ثلاث قنوات، ولذلك فإنه يوجد:

أولاً: علامات واضحة تبيّن التلازم الجوهري  في الألوهة؛

ثانيًا: التعبيرات الدالة على التماثل بين الآب والابن،

وأخيرًا: تلك التعبيرات الدالة على وحدة الجلال الإلهي التي لا يُشك فيها.

          بخصوص النوع الأول لدينا الأسماء: “ولادة”، “الله”، “ابن”، “الكلمة”[1]؛

          وبخصوص النوع الثاني لدينا: “بهاء”، “رسم”، “مرآة”، “صورة”[2]؛

          وبخصوص النوع الثالث لدينا: “حكمة”، “قوة”، “حق”، “حياة”[3].

 

3 ـ هذه الدلائل تعلن هكذا طبيعة الابن، حتى من خلالها يمكنك أن تعرف أن الآب أزلي وأن الابن غير مختلف عنه؛ لأن مصدر الولادة هو الكائن الذي يكون[4]؛ وكمولود من الأزلي فإنه إله؛ وكصادر من الآب، فهو الابن[5]؛ ولأنه من الله فهو الكلمة؛ هو شعاع مجد الآب، رسم جوهره[6]، مثيل الله، صورة عظمته؛ جود الذي هو الجوّاد، حكمة الذي هو الحكيم، قوة القدير، حق الذي هو الحقيقي[7]، حياة الذي هو الحي[8]. لذلك فالصفات المميزة للآب والابن ترتبط معًا باتفاق، حتى لا يفترض أحد وجود أي اختلاف، أو أن يشك في أن لهما عظمة واحدة. ولكل من هذه الأسماء ولجميعها سوف نعطي أمثلة لاستخدامها، حتى نجعل حديثنا مؤكدًا بدلائل.

 

4 ـ ومن الاثني عشر هذه، التي هي كاثني عشر جوهرًا كريمًا يُبني عمود إيماننا، لأن هذه الأحجار الكريمة ـ الجزع العقيقي، اليشب، الزمرد، الزبرجد، والبقية منسوجة في رداء هارون المقدس[9]، الذي هو مثال للمسيح[10] الكاهن الحقيقي؛ حجارة ممتزجة بالذهب، ومنقوشة بأسماء أبناء إسرائيل، اثنى عشر حجرًا متصلة معًا موضوعة الواحد داخل الآخر، حتى إن شَطَرَها أو فَصَلَها أحد، فإن نسيح الإيمان كله يتهاوى محطمًا.

 

5 ـ هذا إذن هو أساس إيماننا، أن نعرف أن ابن الله مولود؛ لأنه إن لم يكن مولودًا فلا يكون ابنًا. ولا يكفي أن ندعوه ابنًا إن لم تميّزه باعتباره الابن الوحيد الجنس. فلو كان مخلوقًا فلا يكون إلهًا، ولو لم يكن إلهًا، لما كان هو الحياة، وإن لم يكن هو الحياة فلا يكون هو الحق.

 

6 ـ فالعلامات الثلاث الأولى، أعني الأسماء: “الولادة”، “ابن”، “الابن الوحيد الجنس”، تُظهر أن الابن هو أصلاً من الله، بسبب أنه من نفس طبيعته.

 

7 ـ أمّا الثلاثة التي تليها أي الأسماء: “إله”، “حياة”، “حق”، فهي تُعلن قوته التي بها وضع أساسات العالم المخلوق وهو ضابطه. وكما يقول القديس بولس: ” الذي به نحيا ونتحرك ونوجد” (أع28:17)؛ ولذلك فالثلاثة الأولى تُعبِّر عن “حق الابن الطبيعي”، وفي الثلاثة الثانية الأخرى، فإن وحدة العمل القائمة بين الآب والابن تصير ظاهرة.

 

8 ـ ابن الله يُسمّى أيضًا: “صورة” و”بهاء” و”تعبير” (التي تُعبِّر عن الله)، لأن هذه الأسماء قد كشفت عن عظمة الآب التي لا تُدرك ولا تُستقصى، التي في الابن، وكشفت عن التعبير عن مثاله في الابن. هذه الأسماء الثلاثة كما رأينا تشير إلى مماثلة الابن للآب[11].

 

9 ـ كما يوجد لدينا أيضًا أفعال القوة والحكمة والحق التي يمكن بها البرهنة على أزلية الابن.

 

10 ـ هذا إذن هو الرداء المُزين بالحجارة الكريمة؛ هذا الذي يُعبِّر عن حب الكاهن الحقيقي؛ هذا هو رداء العُرس، هنا النسَّاج المُلهم الذي عرف جيدًا كيف ينسج هذا العمل. إنه ليس عمل نسيح عادي، والذي عنه تكلم الرب بواسطة نبيه: ” من ذا الذي أعطى النساء مهارة في النسيج[12]. أقول مرة أخرى، تلك الحجارة الموجودة ليست حجارة عادية، والتي نجدها تُسمّى “للترصيع”[13] لأن كل الكمال يعتمد على شرط عدم وجود شئ ناقص. إنها حجارة مرتبطة معًا ومُحاطة بالذهب، أي أنها من نوعٍ روحاني، ربطها يكون بواسطة أذهاننا، وهي مُحاطة بالبرهان المُقنع. وفي الختام (أقول) إن الكتاب المقدس يُعلّمنا أن هذه الحجارة هي غير عادية، نظرًا لأن البعض يُحضرون صنفًا، وآخرون صنفًا آخر أقل قيمة، هذه التي أحضرها الأمراء الورعون، مرتدين إياها على أكتافهم، وصنعوا منها “درع الحق”، أي جزءً من العمل المنسوج. فالآن يصير لدينا عمل منسوج، عندما يسير الإيمان والعمل معًا.

 

11 ـ أرجو ألاّ يفترض أحد أنني أخطأت عندما رَّتبتُ في الأول تقسيمًا ذا ثلاث جوانب، وكل جزء يحوي أربعة، ثم بعد ذلك تقسيمًا رباعيًا، كل واحد له ثلاثة تعبيرات. إن جمال الشيء الصالح يصير أكثر إبهاجًا عندما يُعرض بأوجه مختلفة. إن تلك الأشياء التي نُسج الرداء الكهنوتي كعلامة لها هي أشياء حسنة، أي الناموس أو الكنيسة، التي صنعت فيما بعد ثوبين لعريسها ـ كما هو مكتوب[14] ـ الواحد ثوب العمل والثاني ثوب الروح، وهي تنسج خيوط الإيمان والعمل معًا، لذلك، فكما تقرأ[15]، فإنها تصنع في مكان واحد قاعدة من ذهب، وبعد ذلك تنسج عليها أزرق وأرجوانًا مع قرمزي وأبيض. وأيضًا ـ كما تقرأ في موضع آخر ـ فإنها تصنع أولاً أزهارًا صغيرة من أزرق وألوان أخرى، وتضم فيها الذهب، وهناك تنسج ثوبًا كهنوتيًا واحدًا بهدف أن الحلية المتنوعة من النعمة والجمال، والمصنوعة من نفس الألوان الزاهية تضفي جمالاً جديدًا بتنوع الترتيب.

 

12 ـ وعلاوة على ذلك (لكي نكمل تفسيرنا لهذه الأمثلة)، فمن المؤكد أن الذهب المصفي والفضة يدلان على أقوال الرب التي منها يستمد إيماننا ثباته: ” كلام الرب كلام نقي، فضة محمّاة مجربة في الأرض، قد صُفيت سبعة أضعاف” (مز6:12و7س). اللون الأزرق مثل الهواء الذي نتنفسه ونستنشقه داخلنا؛ والأرجواني يمثل أيضًا ظهور المياه، والقرمزي يشير إلى النار، والكتان الأبيض يشير إلى الأرض لأن أصله من الأرض[16]، ومن هذه العناصر الأربعة يتكون الجسم الإنساني[17].

 

13 ـ وسواء إذا كنت تربط الإيمان الموجود أصلاً في الروح بالأعمال الجسدية التي تنسجم معها، أو أن تأتي الأعمال أولاً والإيمان يتصل بها كرفيق يُقدمها إلى الله ـ هنا يكون رداء خادم الدين، هنا الثوب الكهنوتي.

 

ألوهية المسيح هي أساس الإيمان:

14 ـ لذلك فإن الإيمان ينفع إن كانت حافته لامعة بتاج جميل من الأعمال الصالحة[18]. هذا الإيمان ـ لأقتضب في الأمر ـ هو موجود في الأساسات التالية، والتي لا يمكن إغفالها. إن كان أصل الابن من لا شئ فهو ليس ابنًا؛ وإن كان مخلوقًا فهو ليس الخالق؛ وإن كان مصنوعًا فهو لم يصنع كل الأشياء، وإن كان في احتياج إلى أن يتعلّم فليس له سبق المعرفة، وإن كان يحتاج أن ينال فهو ليس كاملاً؛ وإن كان يرتقى (إلى العلا) فهو ليس إلهًا. إن لم يكن مثل الآب فهو ليس صورته؛ وإن كان ابنًا بالنعمة فهو ليس ابنًا بالطبيعة[19]؛ وإن لم يكن له الألوهة بالطبيعة، فسوف يوجد فيه الاحتمال أن يخطئ، لأنه ” ليس أحد صالحًا إلاّ الله[20].

 

 

الفصل الأول

 

     شرح الآية:

ليس أحد صالحًا إلاَّ واحد وهو الله” (مر18:10).

 

15 ـ الاعتراض الذي ينبغي أن أواجهه الآن يا جلالة الإمبراطور ـ يملأني بالذهول، حتى إن روحي وجسدي يقشعران عند التفكير بأنه يوجد بشر، بل بالأحرى ليسوا بشرًا، وإنما كائنات لها المظهر الخارجي للبشر، ولكن ممتلئة داخليًا بغباء وحشي، حتى، بعد أن تنال من يدي الرب إحسانات هذا عددها وهذه عظمتها، فإنها تقول إن خالق كل الأشياء الصالحة، هو نفسه ليس صالحًا.

 

16 ـ هم يقولون إنه مكتوب: ” ليس أحد صالحًا إلاّ واحد وهو الله”. إنني أقر بما يقوله الكتاب المقدس ولكن لا يوجد خطأ في المكتوب، بل الخطأ هو في شرح الآريوسيين. إن الحروف المكتوبة لا لوم فيها، ولكن ما يُلام هو المعنى الذي يعطيه لها الآريوسيون. إنني أعترف بأن هذه الكلمات هي كلمات ربنا ومخلصنا ولكن علينا أن نفكر جيدًا متى قيلت، ولمن قيلت، وما هو قصده من هذا الكلام.

 

17 ـ إن ابن الله يتكلم هنا بالتأكيد كإنسان، وهو يتكلم مع أحد الكتبة، وهو الذي يخاطب ابن الله بقوله ” أيها المعلم الصالح“، ولكنه لا يعترف به أنه إله، لذلك فما لا يؤمن به هذا الكاتب، يعطيه المسيح أن يفهمه، وقصده من هذا أن يقوده ليؤمن بابن الله ليس “كمعلم صالح”، ولكن “كالإله الصالح”. وإن كان عندما يسمّى ” الإله الواحد” في أي مكان، فإن ابن الله لا ينفصل أبدًا عن ملء هذه الوحدانية، فكيف حينما يُقال إن الله وحده صالح يمكن أن يُستبعد الابن الوحيد عن ملء الصلاح الإلهي؟ على الآريوسيين إذًا إمًا أن يعترفوا أن ابن الله هو إله، أو أن ينكروا بأن الله صالح.

 

18 ـ لذلك، فإن ربنا ـ بفهم إلهي مُلهم ـ لا يقول: ” ليس أحد صالحًا إلاّ الآب وحده“، وإنما يقول: ” ليس أحد صالح إلاّ واحد وهو الله “. إن “الآب” هو الاسم الحقيقي لمن يلد. ولكن وحدانية الله لا تستبعد بأي حال ألوهة الثلاثة أشخاص، ولذلك فإن طبيعة الله هي التي تُمجد. فالصلاح إذن هو خاص بطبيعة الله. ومرة أخرى، فإن ابن الله موجود في طبيعة الله، والآية التي يستند إليها الآريوسيون ويسيئون تفسيرها، تخص ليس أحد الأقانيم، بل تخص الوحدة الكاملة للألوهة[21].

 

19 ـ فالرب إذن لا ينكر أنه صالح، ولكنه يوبخ مثل هذا النوع من السائلين، لأن الكاتب عندما قال: ” أيها المعلم الصالح“، فإن الرب أجابه:    ” لماذا تدعوني صالحًا؟” أي أنه يعنى بذلك: ” إنه ليس كافيًا أن يدعوه صالحًا إن كان لا يؤمن به أنه إله “. إنني لا أريد أن يكون تلاميذي من مثل هذا النوع، أشخاصًا يفكرون ـ فقط ـ في طبيعتي البشرية، ويحسبونني مجرد معلم صالح، دون أن ينظروا إلى ألوهيتي ويؤمنوا بي إنني الإله الصالح.

 

الفصل الثاني

ملخص:

يُبرهَن على صلاح ابن الله من خلال أعماله، وبالتحديد، إحساناته التي أظهرها نحو شعب إسرائيل في العهد القديم، وللمسيحيين في العهد الجديد. إنه لفائدة الإنسان أن يثق في صلاح ذاك الذي هو الرب والديان. شهادة الآب للابن. عدد ليس بقليل من الشعب اليهودي يشهد للابن؛ لذلك فإنه يتضح أن الآريوسيين أردأ من اليهود. وأيضًا فإن كلمات  العروس (في سفر نشيد الأنشاد) تُعلِن عن المسيح نفسه.

 

20 ـ ومهما كان، فإنني سوف لا أعتمد على موضوع (ألوهة) الابن من مجرد امتياز طبيعته واستحقاقاته الخاصة بجلاله. دعنا لا نسميه صالحًا إن كان هو غير جدير بهذا اللقب، وإن كان لا يستحق ذلك بسبب الأعمال وأفعال المحبة والرحمة، فليتنازل عن الحق الذي يتمتع به  بسبب طبيعته، وليُسلَّم إلى حكمنا عليه. إن الذي يديننا لا يستنكف من أن ندينه كالمكتوب: ” حتى يتبرر في أقواله ويغلب إذا حوكم” (مز4:51).

 

21 ـ أليس صالحًا ذاك الذي أعطاني أشياء حسنة؟ أليس صالحًا ذاك الذي عندما هرب ستمائة ألف من شعب اليهود من أمام الذين يطاردونهم، فتح فجأة تيارات البحر الأحمر، كميات من الماء غير المنقطع؟ حتى إن الأمواج فاضت حول المؤمنين وصارت سورًا لهم ولكنها دفعت غير المؤمنين إلى الخلف وأغرقتهم[22].

 

22 ـ أليس صالحًا الذي بأمره صارت البحار أرضًا يابسًا تحت أقدام الهاربين، وأخرجت الصخور ماء للعطاش[23]؟ حتى تُعرف أعمال الخالق الحقيقي عندما صار السائل المنحلّ صلبًا، وتدفَّق الماء من الصخرة؟ حتى نعترف بأن هذا هو عمل المسيح كما قال الرسول: ” والصخرة كانت المسيح” (1كو4:10).

 

23 ـ أليس هو صالحًا ذاك الذي عال في البرية بخبز من السماء، هذه الآلاف غير المحصاة من الناس، لئلا تقتحمهم أي مجاعة، فكانوا بلا حاجة إلى أي جهد بل وصاروا متمتعين بالراحة؟ حتى أنه لمدة أربعين سنة لم تبلَ ثيابهم عليهم وسيورهم لم تُقطع[24]، وهذا أمر يرمز للمؤمنين في القيامة الآتية، ليبيِّن أنه لا مجد الأعمال العظيمة ولا جمال القوة التي وشَّحنا الله بها، ولا مجرى الحياة البشرية، يصنعها هو بدون هدف؟

 

24 ـ أليس صالحًا الذي رفع الأرض إلى السماء، حتى إنه كما أن مجموعات النجوم تعكس مجده في السماء كما في مرآة، هكذا جوقات الرسل والشهداء والكهنة إذ يضيئون كالنجوم المجيدة يمكن أن ينيروا لكل العالم[25].

 

25 ـ إذن هو ليس صالحًا فقط، بل وأكثر من هذا، إنه راعٍ صالح لقطيعه لأن ” الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف“، نعم! إنه وضع نفسه ليرفعنا ـ ولكن بسلطان لاهوته وضع نفسه وأخذها: ” لي سلطان أن أضع نفسي وأن آخذها أيضًا، ليس أحد يأخذها منى بل أضعها أنا من ذاتي” (يو11:10و17و18).

 

26 ـ ها أنت ترى صلاحه، إذ يضع نفسه من ذاته، وها أنت ترى قوته إذ أنه أخذها أيضًا ـ هل تنكر صلاحه بينما هو يقول عن نفسه في الإنجيل: ” أم أن عينيك شريرة لأني أنا صالح” (مت15:20)؟ أيها الشقي غير الشاكر، ماذا تفعل؟ هل تنكر صلاحه وهو الذي يكمن فيه رجاؤك بخصوص الصالحات؟ هذا إن كنت تؤمن حقًا بهذا. هل تنكر صلاحه وهو الذي أعطانا: ” ما لم ترَ عين وما لم تسمع به أذن“؟ (1كو9:2وإش4:64).

 

27 ـ إنه أمر هام أن نؤمن أنه صالح، لأنه ” صالح هو الاتكال على الرب” (مز8:118)، إن هذا يبهجني أن أعترف للرب، لأنه مكتوب:       ” اعترفوا للرب فإنه صالح[26].

 

28 ـ إن أمر نافع لي أن أعتبر أن ديّاني صالح، لأن الرب قاضي عادل لبيت إسرائيل. فإن كان ابن الله هو قاضي (فينتج عن ذلك) أن الذي هو قاضي وابن الله هو الإله العادل[27].

 

29 ـ ولكن ربما لا تصدق الآخرين ولا تصدق الابن. اسمع إذن الآب يقول: ” فاض قلبي بالكلمة الصالحة” (مز1:45) فالابن إذن هو صالح، والابن هو المكتوب عنه: ” والكلمة كان مع الله وكان الكلمة الله” (انظر يو1:1)، فإن كان الكلمة صالحًا والابن هو كلمة الله، فبالتأكيد ـ رغم أن هذا لا يرضى الآريوسيين ـ يكون ابن الله هو الله. فلتحمّر وجوههم من الخجل.

 

30 ـ اعتاد اليهود أن يقولوا: ” إنه صالح “، مع أن البعض قالوا: ” إنه ليس كذلك”، مع أن آخرين قالوا: ” إنه صالح” ولكن أنتم ـ معشر الآريوسيين ـ جميعكم تنكرون صلاحه[28].

 

31 ـ إن كان صالحًا، ذاك الذي يصفح عن خطية إنسان واحد، ألا يكون صالحًا الذي حمل خطية العالم؟ فهو الذي قيل عنه: ” هوذا حمل الله، هوذا الذي يحمل خطية العالم” (يو29:1).

 

32 ـ ولكن لماذا نشك؟ لقد آَمَنَتْ الكنيسة بصلاحه طوال هذه الأجيال، وقد عبّرت عن اعترافها بالإيمان بالمكتوب: ” ليقبَّلني بقبلات فمه، لأن حبك أطيب من الخمر” (نش1:1)، وأيضًا: ” حنكك كأجود الخمر” (نش9:7). لذلك فمن صلاحه هو يغذينا بينابيع الناموس والنعمة، ويخفف أحزان البشر بأن يخبرهم عن الأمور السماوية، فهل ننكر بعد ذلك صلاحه، بينما وهو نفسه هو الإعلان عن الصلاح، فإنه يُعبِّر في شخصه عن صورة الجود الأزلى، كما أوضحنا أعلاه أنه مكتوب أنه الانعكاس الذي بلا لوم والصورة المطابقة لذلك الجود.

 

الفصل الثالث

 

ملخص: نظرًا لأن الله واحد، من ثمّ يكون ابن الله هو الإله الصالح والحقيقي.

 

33 ـ ماذا تظن إذن، يا من تُنكر صلاح ابن الله وألوهيته الحقيقية، مع أنه مكتوب إنه ليس إله آخر إلاّ واحدًا؟[29] لأنه وإن وُجِدَ ما يُسمى آلهة، فهل ستحسب المسيح ضمن تلك التى تُسمى آلهة، وهي ليست كذلك، بينما ترى أن المسيح جوهره أزلى، وأنه لا يوجد سواه من هو صالح وإله حقيقي، بسبب أن الآب فيه[30]. إذ أن من طبيعة الآب ذاتها، إنه لا يوجد إله حقيقي آخر سواه، لأن الله واحد، كما أننا لا نخلط أقنومَي الآب والابن كما يفعل السابيليون، ولا نفصل الآب عن الابن كما يفعل الآريوسيون، لأن الآب والابن، كأب وابن هما أقنومان مميزان، دون أى انقسام لألوهيتهما.

 

 

 

الفصل الرابع

ملخص: يوضح هذا الفصل أن ابن الله كُلِّى القدرة، وذلك بشهادة العهدين القديم والجديد

 

34 ـ بما أننا نرى أن ابن الله هو (إله) حقيقي وصالح، فبالضرورة يكون هو الإله القادر على كل شئ. هل يمكن أن يوجد أي شك فى هذه النقطة؟ لقد استشهدنا سابقًا بالآية التى تقول عنه: ” اسمه الرب القادر على كل شئ[31]، إذن، فلأن الابن هو الرب، والرب قادر على كل شئ، من ثمّ يكون ابن الله هو القادر على كل شئ.

 

35 ـ واسمع أيضًا العبارة التالية، والتى لا يمكن استخراج أي شكوك فيها[32]، حيث يقول الكتاب: “هوذا يأتى مع السحاب، وستنظره كل عين والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض. نعم آمين. أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتى، القادر على كل شئ” (رؤ7:1و8). وأنا أسأل، من الذي طعنوه؟ لأن من هو الذى نترجى مجيئه سوى الابن؟ فالمسيح إذن هو الرب القادر على كل شئ وهو الله.

 

36 ـ اسمع عبارة أخرى يا صاحب الجلالة، اسمع صوت المسيح: ” لأنه هكذا قال الرب القادر على كل شئ: بعد مجده أرسلنى ضد الأمم الذي سلبوكم، لأنه من يمسكم يمس حدقة عينه، لأنى هأنذا أُحرك يدي على الذين سلبوكم وأُنقذكم، فيكونون سلبًا لكم، فيعلمون أن الرب القادر على كل شئ أرسلنى” (زك8:2و9س). من الواضح أن الذي يتكلم هو الرب القادر على كل شئ، والذي أُرسل هو الرب القادر على كل شئ، وتبعًا لذلك إذن، فإن القوة القادرة على كل شئ تخص الآب والابن كليهما، ومع ذلك فهو إله واحد قادر على كل شئ، لأنه توجد وحدانية في العظمة والجلالة.

 

37 ـ وعلاوة على ذلك، ولكى تعلم يا صاحب الجلالة أن المسيح الذي تكلم في الأناجيل هو نفسه تكلم في الأنبياء، فإنه يقول بفم إشعياء كما لو كان يسبق ويتكلم عن الإنجيل: ” أنا نفسى الذي تكلمت، أنا آتي[33]،، أي إننى أنا الذي تكلم في الناموس حاضر في الإنجيل.

 

38 ـ وفي موضع آخر يقول أيضًا: ” كل ما للآب هو لي” (يو15:16)، ماذا يقصد بـ “كل ما”؟ واضح أنه لا يقصد الأشياء المخلوقة، لأن هذه كلها قد خُلِقت بالابن، بل يقصد الأشياء التى للآب، أى، الأزلية، الهيمنة، الألوهية، هذه الأشياء التى يملكها كمولود من الآب. ومن ثمّ لا يمكن أن نشك أن الابن قادر على كل شئ، إذ أن له كل ما للآب، بحسب المكتوب: ” كل ما للآب هو لى“.

 

الفصل الخامس

ملخص: بعض العبارات في الكتاب المقدس التى قد تدفعنا للاعتقاد بما هو ضد قدرة المسيح على كل شئ، يوجد لها حلٌّ، والكاتب يبذل جُهدًا خاصًا ليبيِّن أن المسيح ـ كثيرًا ما كان يتكلم بحسب مشاعر الطبيعة البشرية.

 

39 ـ مع أنه مكتوب بخصوص الله: ” المبارك القادر الوحيد” (1تى15:6)، إلاّ أنه لا يساورنى أدنى شك بأن ابن الله منفصل عن الآب، إذ أرى أن الكتاب المقدس يستخدم لقب ” القادر الوحيد” ليس للآب وحده، فالآب نفسه ايضًا يُصرِّح بخصوص المسيح بفم النبى: ” جعلتُ عونًا على مَنْ هو قَوِى” (مز19:89). فمن ثمَّ ليس هو الآب فقط القادر الوحيد، بل والله الابن أيضًا قادر، لأنه عندما يُمدح الآب يُمدح الابن أيضًا.

 

40 ـ حقًا، فليبيِّن أى شخصٌ، ما هو الذي لا يقدر ابن الله أن يفعله. مَنْ كان معينه عندما صنع السموات؟ مَنْ كان معينه عندما وضع أُسس العالم[34]؟ وهل كان محتاجًا لأىّ معين ليحرِّر الإنسان، وهو الذي لم يكن محتاجًا إلى أحد في خلق الملائكة والرئاسات[35]؟

 

41 ـ يقولون: ” إنه مكتوب: ” يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنىِّ هذه الكأس” (مت39:26، مر35:14، لو42:22)، فإن كان قادرًا على كل شئ، فكيف يشكُ هو إذن في هذه الإمكانية؟”، بمعنى أنه حيث إنى برهنتُ على قدرته، فقد برهنتُ إنه لم يشكُ في قدرته على كل شئ.

 

42 ـ أنت تقول إن الكلمات هي كلمات المسيح، هذا حق، ولكن يجب أن نفكر في المناسبة التى قالها فيها، وبأى صفة كان يتكلم. لقد أخذ لنفسه طبيعة الإنسان[36] ومِن ثمَّ فقد أخذ معها أحاسيسها. كما تجد أيضًا في الموضع المذكور أعلاه أنه: ” تقدَّم قليلاً وخرَّ على وجهه وكان يُصلِّى قائلاً: يا أبتاه، إن أمكن” (مت39:26، مر35:14)، فهو يتكلم إذن ليس كإله ولكن كإنسان، لأنه هل يمكن أن يكون الله جاهلاً بإمكانية حدوث أو عدم حدوث شئ ما ؟ وهل يوجد أىّ شئ غير ممكن لدى الله، والكتاب يقول: ” لا يعسر عليك أمر” (أى2:42).

 

43 ـ مَن هو الذى يشك فيه، في نفسه أم في الآب؟ بالتأكيد في نفسه، هذا الذي يقول: ” لتعبُر عنىِّ“، مِن حيث إنه يشعر كإنسان. إن النبي لا يُدوِّن شيئًا يحسب أنه مستحيل لدى الله. فإن كان النبى لا يشك، فهل تظن أن الابن يشك؟ هل تضع الله أقلّ مِن الإنسان؟ ماذا؟ هل ابن الله لديه شكوك من جهة أبيه، وهو يخاف في مواجهة الموت؟ هل المسيح يخاف؟ بينما بطرس لا يخاف شيئًا. يقول بطرس: ” إنىِّ أضع نفسى عنك” (يو37:13)، بينما يقول المسيح:     ” نفسى قد اضطربت” (يو27:12).

 

44 ـ إن كلا النصّين صواب، ومِن الطبيعى أن يكون بالتساوى أن الإنسان الذي هو أقل لا يخاف، بينما الأعظم يتحمل هذا الشعور؛ لأن الأول له كل ما للإنسان مِن جهل بقوة الموت، بينما الآخر، إذ هو الله ساكنًا في جسدٍ يُصِّور ضعف الجسد، حتى لا يكون لشرِّ أولئك الذين ينكرون سر التجسد أىّ عذر. إذن هو قال هذا، بينما لا يؤمن المانويون[37] بذلك، وينكره فالنتيونوس، بينما يقول عنه ماركيون إنه خيال.

 

45 ـ وفي الواقع، فإن المسيح هنا يضع نفسه فى مستوى الإنسان، حتى يُظهر نفسه ليكون في حقيقة شكله البشرى، فيقول: ” ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت” (مت39:26)، مع أنه حقًا أن قوة المسيح الخاصة هي أن يريد ما يريد الآب، كما أنه يفعل ما يفعله الآب.

 

46 ـ ليت الاعتراض ينتهى عند هذا الحد، هذا الذي اعتدتم أن تعارضونا فيه بسبب قول السيد: ” ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت“، وأيضًا: ” لأنى قد نزلت مِن السماء ليس لأعمل مشيئتى بل مشيئة الذي أرسلنى” (يو38:6).

 

الفصل السادس

ملخص: عبارات الكتاب المقدس التى استُشِهد بها مِن قبل تُؤخذ كذريعة للإقلال من شأن الابن، بينما الرب يسوع يملك حرية العمل نفسها التى تُنسب للروح القدس وفي مواضع أخرى تُنسب للابن.

 

47 ـ دعنا الآن ـ في الوقت الحاضر ـ نشرح بأكثر استفاضة لماذا قال ربنا: “إن أمكن”، ولنفسح وقتًا لنوضح أنه يملُك حرية الإرادة. أنتم تنكرون ـ بل حتى الآن تمضون في طريق شرّكم ـ وتنكرون أن لابن الله مشيئة حُرَّة، وعلاوة على ذلك، فإنكم تميلون إلى أن تحطُّوا مِن قدر الروح القدس، مع أنه لا يمكنكم أن تنكروا ما هو مكتوب: ” الروح يهب حيث يشاء” (يو8:3)[38]. يقول الكتاب: ” حيث يشاء“، ولم يقُل: “حيث يُؤمر”. فإن كان الروح إذن يهب حيث يشاء، أفما يُمكن للابن أن يفعل ما يشاء؟ لماذا؟ إنه ابن الله نفسه الذي يقول في إنجيله إن الروح له القوة أن يهبَّ حيث يشاء. فهل الابن بذلك يعترف أن الروح أعظم منه، بكون الروح له القوة أن يفعل ما لم يُسمح به للابن؟

 

48 ـ يقول الرسول أيضًا: ” ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء” (1كو11:12). لاحظ القول: ” كما يشاء“، أى بحسب حكم مشيئة حُرَّة وليس طاعة لِما هو قهرى. وعلاوة على ذلك، فإن المواهب التى تُوزَّع (تُقسَّم) بواسطة الروح ليست هى مجرد مواهب بسيطة أو عادية، بل مِن مثل تلك الأفعال التى اعتاد الله أن يعملها في موهبة شفاء وأعمال قُوَّات. وبينما الروح إذن يُقسِّم كما يشاء، ألا يمكن لابن الله أن يُحرِّر مَن يشاء!. اسمعه يتكلم عندما يفعل ما يشاء:   ” أشاء أن أفعل مشيئتك يا إلهي” (مز8:40)، وأيضًا: ” أُقدِّم لك ذبيحة طوعية” (مز6:54).

 

49 ـ لقد عرف الرسول القديس فيما بعد أن يسوع له القدرة أن يفعل ما يشاء، ولذلك فإذ رآه يمشى على البحر قال: ” يا سيد إن كنتَ أنتَ هو، فمُرنى أن آتى إليك على الماء” (مت28:14). لقد آمن بطرس أنه إِنْ أَمَرَ المسيح، فإن الأحوال الطبيعية سوف تتغيَّر، والمياه سوف تُدعِّم خطوات الإنسان، والأشياء المناقضة سوف تُقهَر وتنقص لتؤول إلى انسجام واتّفاق. إن بطرس يطلب مِن المسيح أن يأمُر، وتمَّ ما أَمَرَ به، وهذا ينكره آريوس!

 

50 ـ ما هو الذي يكون للآب ولا يكون للابن؟، وما هو الذى للابن وليس هو للآب؟ وكما هو مكتوب، فإن: ” الآب يُحيى مَن يشاء، والابن أيضًا يُحيى من يشاء” (يو21:5).  قل لى، مَنْ أحياه الابن والآب لم يُحيه، وإن كان الابن يُحيى من يشاء، وفِعل الآب والابن واحد، فأنت ترى أنه ليس الابن فقط يصنع مشيئة الآب، ولكن الآب أيضًا يفعل مشيئة الابن، لأن عملية الإحياء لا تتم إلاّ مِن خلال رغبة المسيح في الإحياء. ولكن فِعل المسيح هو مشيئة الآب، لذلك فمن يحييه الابن، فإنما يحييه بمشيئة الآب، لذلك فإن مشيئتهما هي واحدة.

 

51 ـ ومرة أخرى، ماذا كانت مشيئة الآب إلاّ أن يأتى المسيح إلى العالم وأن يُطهِّرنا من خطايانا؟ اسمع كلمات الأبرص: ” إن شئت تقدر أن تطهرنى” (مت2:8)، وأجابه المسيح: ” أريد“، وللوقت تبعت الصحة الإرادة. ألا ترى أن الابن هو سيد مشيئته الخاصة، وأن مشيئة المسيح هي نفسها مشيئة الآب. وإن كنتَ ترى حقًا أنه قال: ” كل ما للآب هو لى“، فبالضرورة لم يستثنٍ شيئًا، ومِن ثمّ تكون للابن نفس المشيئة التى للآب.

 

 

الفصل السابع

 

52 ـ لذلك، فإنه توجد وحدة فى المشيئة حيث توجد وحدة فى العمل، لأنه فى الله، فإن مشيئته يصدر عنها مباشرة فعل حقيقى، ولكن مشيئة الله شئ، والمشيئة البشرية شئ آخر. وعلاوة على ذلك، فإن الحياة هى هدف المشيئة البشرية، فنحن نخاف الموت، بينما آلام المسيح كانت تعتمد على المشيئة الإلهية بأن يتألم لأجلنا، ولكى يوضح الرب ذلك، فعندما حاول بطرس أن يثنيه عن الآلام، قال له: ” أنت لا تهتم بما لله. بل بما للناس” (مت23:16).

 

53 ـ ولذلك، أخذ مشيئتى لنفسه، أخذ أحزانى وبثقة أدعوها أحزانى، لأننى أكرز بصليبه. إن ما هو خاص بى هو المشيئة التى سمّاها مشيئته، لأنه كإنسان هو حمل أحزانى، وكإنسان تكلَّم ولذلك قال: ” لا مشيئتى بل مشيئتك“. الأحزان هى أحزانى، وما هو خاص بى والحِمل الثقيل الذى حمله بسبب حزنى هو حملى أنا، لأنه لا يوجد مًن يتهلّل عندما يكون على حافة الموت. هو يتألم معى ويتألم لأجلى، فهو حزن لأجلى. وتثقل لأجلى. لذلك فهو حزن بدلاً منى وحزن فىّ، هو الذى لم يكن هناك سبب يجعله يحزن لأجل نفسه.

 

54 ـ ليست جروحك هى التى آلمتك أيها الرب يسوع، بل جروحى؛ ليس هو موتك بل هو ضعفنا الذى تسبب فى آلامك، كما يقول النبى: “ ضُرِبَ لأجلنا” (إش4:53س)، ونحن يارب، حسبناك مضروبًا عندما تألمت ليس لأجل نفسك بل لأجلى.

 

55 ـ وما الغرابة إن كان الذى بكى لأجل واحد، يحزن لأجل الجميع؟، وما الغرابة إن كان قد تثقل لأجل الجميع ساعة الموت هذا الذى بكى وهو مزمع أن يُقيم لعازر من الموت؟ حقًا لقد تحرَّكت مشاعره بتأثير دموع أخت لعازر المُحِبَّة، لأن هذه الدموع مسَّت قلبه الإنسانى، وهنا وبحزن سِرِّى سمح للمشاعر الإنسانية أن تُعبِّر عن نفسها، حيث كما أن موته وضع نهاية للموت، وجلداته شفت جروحنا، هكذا أيضًا فإن حزنه أزال أحزاننا[39].

 

56 ـ لذلك، فهو كإنسان، كان يشكّ، وكإنسان كان يندهش، ولكن لا قوَّته ولا ألوهيته تُدهش، ولكن نفسه. لقد دُهِشَ نتيجة أنه أخذ ضعفنا البشرى على عاتقه، وإذ ترى أنه اتخذ نفسًا، فقد اتخذ أيضًا مشاعر النفس الإنسانية[40]، لأنه لا يمكن لله أن يتألم أو يموت من جهة كونه الله. وأخيرًا، فإنه صرخ: ” إلهى إلهى لماذا تركتنى“؟ (مز1:22، مت46:27، مر34:15). فهو يتكلَّم هكذا كإنسان حاملاً معه مخاوفى، لأننا عندما نكون وسط المخاطر، فإننا ربما نظن فى أنفسنا أن الله قد تركنا. فهو قد تألم كإنسان، وبكى كإنسان وصُلِبَ كإنسان.

 

57 ـ وهكذا فإن الرسول بولس يقول: ” لأنهم صلبوا جسد المسيح” (غلا24:5)[41]، ويقول القديس بطرس أيضًا: ” إذ قد تألم المسيح.. بالجسد” (1بط1:4). لذلك فالجسد هو الذى تألم، بينما اللاهوت هو فوق فى أمان مِن الموت، وقد خضع جسده للألم بحسب طبيعة البشر. هل يمكن للاهوت أن يموت بينما النفس لا تموت؟ يقول ربنا: ” لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها” (مت28:10). فإن كانت النفس لا يمكن أن تُقتل، فكيف يمكن أن يموت اللاهوت؟

 

58 ـ إذن، فعندما نقرأ أن رب المجد قد صُلِبَ، فعلينا ألاّ نفترض أنه قد صُلِبَ كما فى مجده[42]، ولكن لأن الذى هو الله هو أيضًا إنسان، إله بحسب لاهوته، وباتخاذه الجسد لنفسه هو: الإنسان يسوع المسيح؛ لذلك يُقال إن رب المجد قد صُلِبَ، لأنه بامتلاكه الطبيعتين البشرية والإلهية، فإنه احتمل الآلام فى بشريته، حتى يمكننا القول إن الذى تألم يُدعى رب المجد وابن الإنسان معًا فى نفس الوقت بغير تمييز بينهما، كما هو مكتوب: ” الذى نزل من السماء” (يو13:3).

 

الفصل الثامن

ملخص: فى هذا الفصل يشرح القديس قول المسيح: ” أبى أعظم منى” بناءً على المبدأ الذى تقرَّر من قَبْل. والأقوال الأخرى المشابهة تُفسَّر بنفس الطريقة، ولا يمكن فيما يتعلق بألوهية ربنا ـ أن يُقال عنه إنه أقل من الآب.

 

59 ـ لذلك، فيما يليق ببشرَّيته، فإن ربَّنا قيل عنه إنه شكَّ وإنه اغتم بحزن شديد وإنه قام من الموت، لأن من يموت هو أيضًا يقوم ثانية. وأيضًا بسبب بشرَّيته فإنه قال تلك الأقوال: ” أبى اعظم منى” (يو28:14)، والتى يُحوِّلها مخاصمونا بخبث ضده.

 

 

60 ـ ولكن عندما نقرأ فى مقطع آخر: ” خرجتُ مِن عند الآب وقد أتيتُ إلى العالم، وأيضًا أتركُ العالمَ وأذهب إلى الآب” (يو28:16)، فكيف يمكنه أن يذهب (إلى الآب) إلاّ عن طريق الموت، وكيف يمضى إلاّ بقيامته؟ وعلاوة على ذلك، فإنه يضيف ـ ليوضِّح أنه يتكلم فيما يختص بصعوده:   ” وقلت لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون” (يو29:14). لقد كان يتكلم عن الآلام والقيامة التى لجسده، وعن طريق هذه القيامة يؤمن أولئك الذين سبق أن شكُّوا، لأن الله ـ فى الحقيقة ـ الموجود فى كل مكان لا يَعبُر مِن مكان إلى مكان، ولكن كما أن الإنسان يذهب، فإنه هو نفسه الذى يأتى. وأيضًا، فإنه يقول فى موضعٍ آخر: ” قوموا ننطلق من ههنا” (يو31:14)، إذن، فهو يذهب ويأتى، الذى هو أمر مشترك بينه وبيننا.

 

61 ـ فكيف يمكن ـ أن يكون إلهًا أصغر بينما هو إله كامل وحقيقى؟ ولكن من جهة إنسانيته فهو أقلَّ. وأنت لا تزال تتعجَّب أنه عندما يتكلم كشخص إنسانى فإنه يدعو الآب أعظم منه، بينما هو كإنسان دعا نفسه دودة لا إنسان، وهذا فى قوله: ” أمّا أنا فدودة لا إنسان” (مز6:22)، وأيضًا ” كشاة تُساق إلى الذبح” (إش7:53).

 

62 ـ أمَّا إن كنت تعترف أنه أقلّ من الآب من هذه الجهة فأنا لا أستطيع أن أنكر ذلك، ورغم ذلك فإننا عندما نتكلم بكلمات الكتاب المقدس، فإنه لم يُولد أقلّ، ولكن ” وُضِع أقلّ” (عب9:2)، أى أنه “جُعِل أدنى”. ولكن كيف   ” وُضِع أقلّ” إلاّ لأنه: ” إذ كان فى صورة الله، لم يحسب خُلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه” (فى6:2و7)، وفى الواقع ـ هو لم ينفصل عن ما كان عليه، ولكنه اتخذ لنفسه ما لم يكن له، لأنه ” أخذ صورة عبد” (فى7:2).

 

63 ـ وعلاوة على ذلك، فلكى نعرف أنه ” وُضِع قليلاً” باتخاذه جسدًا لنفسه، فإن داود يُبيِّن لنا أنه كان يتنبأ عن إنسان بقوله: ” مَنْ هو الإنسان حتى تذكره، أو ابن الإنسان حتى تفتقده؟ وضعته قليلاً عن الملائكة” (مز4:8و5)، وفى تفسيره لنفس العبارة، فإن الرسول بولس يقول: ” لأننا نرى يسوع الذى وُضِع قليلاً عن الملائكة مُكلَّلاً بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت” (عب9:2).

 

64 ـ ومِن ثمَّ، فإن ابن الله، قد جُعِل أقلّ، ليس من الآب، بل من الملائكة أيضًا. وإن كنتَ تُحوِّل هذا لتحط من كرامته؛ فأنا أتساءل ما إذا كان الابن ـ من جهة ألوهيته ـ أقلّ من ملائكته الذين يخدمونه ويعبدونه؟ فهكذا وأنت تقصد أن تُقلِّل من كرامته، فإنك تنزلق إلى التجديف برفع طبيعة الملائكة فوق ابن الله، ولكن ” العبد ليس أفضل من سيده” (مت24:10). وأيضًا، فإن الملائكة خدموه حتى بعد تجسده، وذلك لكى تعترف به أنه لم يتعرض لفقدان جلاله بسبب (اتخاذ) طبيعته الجسدية، لأن الله لا يمكن أن يخضع لأى تناقص فى ذاته[43]، وما أخذه من العذراء لا يُضيف أو يُنقص من قوته الإلهية.

 

65 ـ فإذ له ملء اللاهوت والمجد[44]، فهو إذن من جهة ألوهيته ليس أقلّ (من الآب)، فالأعظم والأقلّ هما من الصفات التى تليق بالموجودات المادية، حيث الأعظم يكون هكذا من جهة الرتبة أو الصفات أو العمر، ولكن هذه المصطلحات تفقد معناها عندما نأتى إلى معالجة أمور الله. فمن الشائع أن من يُسمّى الأعظم هو ذلك الذى يرشد أو يُعلِّم آخر، ولكن ليست الحالة هكذا مع حكمة الله (يقصد المسيح الابن) كأنها بُنِيَت بالتعليم الذى يحصل عليه واحد من آخر، إذ أن الحكمة هى نفسها التى وَضَعت أساس كل تعليم. لذا كتب الرسول: ” لكى يذوق بنعمة الله ـ الموت لأجل كل واحد“، وذلك حتى لا نفترض أن اللاهوت وليس الجسد هو الذى كابد الآلام[45]!.

 

66 ـ فإن كان معارضونا لم يجدوا وسيلة ليبرهنوا على أن الآب أعظم من الابن، فدعهم لا يقلبون الكلمات إلى أقوال كاذبة. بل فليبحثوا عن معناها. لذلك فأنا أسألهم، من أى ناحية يعتبرون الآب أنه أعظم؟ فإن كان بسبب أنه هو الآب، فأنا أجيبهم، نحن هنا لسنا نسأل عن العمر أو الزمن، فالآب لا يتميز بشعر أبيض ولا الابن بالشباب، هذه الأمور التى على أساسها تقوم الكرامة الأعظم لأى أب. وكلمتا “أب” و”ابن” هما مجرد اسمين، الواحد للوالد والآخر للولد، أسماء يتضح أنها تربط ولا تفصل، لأن الطاعة والقيام بالواجب لا توحِى بأى فقدان للجدارة الشخصية، باعتبار أن القرابة تربط الناس ببعض، ولا تُمزقهم.

 

67 ـ فإن كانوا لا يقدرون أن يجعلوا من نظام الطبيعة سندًا لأى سؤال عندهم، فليؤمنوا الآن بشهادة الكتب، فالبشير يشهد بأن الابن ليس أقلّ من الآب بسبب أنه ابن، حاشا، بل هو يُوضِّح أنه بكونه الابن، فهو مساوٍ للآب بقوله: ” فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه، لأنه لم ينقض السبت فقط، بل قال أيضًا إن الله أبوه معادلاً نفسه بالله” (يو18:5).

 

68 ـ ليس هذا ما قاله اليهود، ولكن البشير هو الذى شهد بذلك، أى أن المسيح بقوله عن نفسه إنه ابن الله، فهو يجعل نفسه مساويًا لله، لأن اليهود لم يُظهروا أنفسهم أنهم يقولون: ” لهذا السبب نحن نطلب أن نقتله”؛ ولكن البشير هو الذى يشهد بنفسه ويقول: ” من أجل هذا كان اليهود يطلبون أن يقتلوه“. علاوة على ذلك، فإن البشير قد اكتشف السبب (بقوله) إن اليهود تحركوا بالرغبة فى قتله، لأنه إن كان كإله قد كَسرَ السبت، وأيضًا قال إن الله أبوه، فإنه يكون قد نسب إلى نفسه ليس فقط جلال السلطان الإلهى فى كسر السبت، بل أيضًا فى كلامه عن أبيه نسب إلى نفسه الحق فى المساواة الأزلية معه.

 

69 ـ وقد كانت الإجابة التى أعطاها ابن الله لهؤلاء اليهود مناسبة جدًا، بأن أثبت نفسه أنه الابن وأنه مساوى لله؛ إذ قال: ” لأن مهما عمل الآب فهذا يعمله الابن كذلك” (يو19:5)، لذلك فإن الابن قد عُرِفَ وبُرِهنَ على أنه المساوى للآب ـ وهى مساواة حقيقية، وهذه المساواة تستبعد أى اختلاف فى الألوهية، كما أنها تكشف ليس الابن فقط بل الآب أيضًا، الذى الابن مساوى له؛ لأنه لن تكون هناك مساواة حيث يوجد اختلاف، وأيضًا لن تكون هناك مساواة، لو كان يوجد أقنوم واحد فقط، نظرًا لأن الشخص الواحد لا يكون بنفسه مساويًا لنفسه. وهذا ما بيّنه البشير، أنه من اللائق أن يُسمِّى المسيح نفسه ابن الله، أى أنه مساوي لله.

 

70 ـ ومن ثمّ فإن بولس الرسول، وهو يتبع هذا الإعلان يقول: ” لم يحسب خُلسة أن يكون معادلاً لله“، لأن ما لا يمتلكه الإنسان، فإنه يسعى ليتحصل عليه كغنيمة. لذلك فإن مساواته للآب، كإله ورب، يمتلكها فى جوهره الذاتى، وليس كغنيمة استولى عليها لنفسه بطريقة خاطئة. ومن هنا فإن الرسول أضاف الكلمات: ” آخذًا صورة عبد“. وبالتأكيد، فإن العبد هو عكس المساوى، ومن ثمَّ، فإن الابن مساوى إذ هو فى صورة الله، ولكنه أقلّ باتخاذه لنفسه جسدًا، وأيضًا فى آلامه كإنسان. لأنه كيف يمكن لنفس الطبيعة أن تكون أقل ومتساوية معًا فى نفس الوقت؟ وكيف يمكن للابن ـ إن كان أقل ـ أن يعمل نفس الأعمال، بنفس الطريقة، كما يعمل الآب؟ كيف يمكن فى الواقع أن يكون العمل واحدًا مع وجود اختلاف فى القوة؟ هل يستطيع الأقل أن يعمل نفس المفاعيل مثل الأعظم؟ أو هل يمكن أن توجد وحدة فى العمل حيث يوجد اختلاف فى الجوهر؟

 

71 ـ لذلك، عليك أن تَقْبَل بأن المسيح ـ فيما يمس ألوهيته ـ لا يمكن أن يُسَّمى أقل من الآب. يتكلم المسيح مع إبراهيم ويقول: ” أقسمت بذاتى” (تك16:22)، والرسول يُبيّن أن من يُقسم بذاته لا يمكن أن يكون أقل من أىٍّ (آخر)، ولذلك يقول: ” فإنه لمَّا وعد الله إبراهيم، إذ لم يكن له أعظم يُقسم به، أقسم بنفسه قائلاً: إنى لأباركنك بركة وأكثرنك تكثيرًا” (عب13:6 و14). فالمسيح إذن لا يوجد له آخر أعظم منه ليقسم به، ولهذا السبب فإنه أقسم بذاته. وعلاوة على ذلك، فإن الرسول قد أضاف عن صواب: ” فإن الناس يقسمون بالأعظم منهم” (عب16:6)، من حيث إن الناس لهم مَنْ هو أعظم، أمّا الله فليس له أعظم.

 

72 ـ وإلاّ، فإن كان الذين يعترضون علينا سوف يفهمون الآية السابقة على أنها تُنسب إلى الآب، فإن باقى المكتوب لا يتفق مع هذا، لأن الآب لم يظهر لإبراهيم، ولا أن إبراهيم غسل قدمى الله الآب، ولكنه غسل قدمى ذاك الذى  فيه سوف تكون صورة الإنسان[46]. وعلاوة على ذلك، فإن ابن الله قال: ” إبراهيم … رأى يومى وفَرِح” (انظر يو56:8)، لذلك فإن الذى أقسم بذاته هو بعينه الذى رآه إبراهيم.

 

73 ـ فكيف يكون له مَنْ هو أعظم منه، هذا الذى هو واحد مع الآب فى الألوهية[47]. وحيث توجد وحدة، لا يوجد أى اختلاف، بينما يوجد اختلاف بين الأعظم والأقل. إذًا فإن التعليم فى الاقتباس الموجود أمامنا من البشائر فيما يتعلق بالآب والابن، هو أن الآب ليس أعظم، وأن الابن ليس له مَنْ هو أعلا منه، نظرًا لأنه لا يوجد بين الآب والابن فرق فى الألوهة يفصل بينهما، وإنما جلالٌ واحد.

 

[1] يو14:1و18، عب5:1، رو5:9، 3:1ـ4، يو1:1ـ3، 14.

[2] عب3:1، انظر يو9:14، كو15:1.

[3] 1كو24:1، انظر يو6:14، 25:11.

[4] انظر خر14:3 ” أهيه الذي أهيه ” أي أكون الذي أكون.

[5] انظر يو42:8، 27:16ـ28.

[6]  انظر عب3:1.

[7] انظر يو6:14، 3:17، 1يو20:5.

[8] انظر تث26:5 ” مَنْ.. سمع صوت الله الحي يتكلم.. وعاش“. انظر يو25:11.

[9] انظر خر15:28ـ21.

[10] انظر عب15:4، 1:5ـ5، 28:7، 7:8.

[11] انظر عب3:1.

[12] يُرجع القديس أمبروسيوس الشاهد إلى أيوب36:38، بحسب الترجمة السبعينية.

[13] خر27:35.

[14] يتبع القديس أمبروسيوس النسخة السبعينية (أم21:31(22).

[15] انظر سفر الخروج34،33:28، وأيضًا 6،5:28.

[16] هذه الألوان استُخدمت في صُنع إفود الكاهن الأعظم (خر5:28و6) وصُنع حجاب الهيكل.

[17] هذه هي نظرية بعض الفلاسفة الأيونيين.

[18] انظر يع14:2ـ26.

[19] أي ابنًا “بالتبني” كواحد منّا.

[20] انظر مر18:10.

[21] الابن موجود ” في طبيعة الله ” بسبب أن صفة أبوة الله الأزلية تتضمن وجود ابن أزلي  وحبه الأزلي هو الغاية الأزلية لهذا الحب.

[22] مز6:13 “ لأنه أحسن إلىَّ” ، خر14.

[23] خر6:17، عد8:20و11.

[24] خر12:16، تث3:8و4، تث5:29، مز24:78و25، مز40:105، يو31:6، 1كو3:10.

[25] قارن مت43:13، دا 3:12، إن تألق هذه الجوقات السماوية هو إنعكاس لذاك الذي هو نور العالم، النور الحقيقي، انظر يو9:1، 12:8، 46:12، رؤ23:21، 5:22.

[26] مز1:118، 1:136، 1:106، 1:107.

[27] القياس المنطقي للقديس أمبروسيوس يظهر كالتالي: ” إن القاضي هو الإله العادل، وابن الله هو القاضي، إذن يكون ابن الله هو الإله العادل”.

[28] يو12:7.

[29] انظر 1كو4:8.

[30] انظر يو22:17و23.

[31]  راجع الكتاب الأول الفصل الأول.

[32] لا يستخرج أي شك من المقطع التالى بسبب أن :

1 ـ معنى العبارات واضح وبسيط                  2 ـ والآيات المقتبسة هي من الكتاب الموحى به.

[33] إش6:52س، والقراءة في ترجمة دار الكتاب المقدس: ” لذلك يعرف شعبي اسمى، لذلك في ذلك اليوم يعرفون أنِّي أنا هو المتكلم هأنذا “.

[34] أى4:38ـ6 ” أين كنتَ حين أسستُ الأرض.. مَن وضع قياسها.. على أى شئ قرَّت قواعدها..“.

[35] كو15:1و16.

[36] أى الطبيعة البشرية.

[37] انظر الكتاب الأول فقرة 57.

[38] إن نفس الكلمة ـ في اللغة اليونانية على الأقل ـ تُعطِى نفس معنى (ريح) و(روح). فالهواء غير المرئي ومع ذلك فهو محسوس وحقيقي، والريح، والنَفَس يمكن أن تكون أفضل رمز للروح، الذي يُعرف ويُحقق حضوره فقط من خلال آثاره. والروح في معناه الأوَّلى هو “نسمة”.

[39] إنه تعليم جميل جدًا للآباء أن المسيح أخضع ذاته لظروف وتجارب حياتنا كى يعيدها ويقدِّسها ويمدها بفاعلية استحقاقاته، وكان الآباء حريصون أن ينسبوا لكلمة الله المتجسد ليس فقط الأجزاء الطبيعية فى الجسد والنفس، بل وحتى أصغر الأشياء والخاصة جدًا مثل: الحزن، الخوف، الدموع؛ وكذلك جميع المشاعر البشرية: الحَمْل، الميلاد، الطفولة؛ وجميع مراحل الحياة والنمو: الجوع والعطش، التعب والحزن ـ كى يجد علاجًا لكل ما زحفت إليه الخطية. وكما أفسد الموت الكل، هكذا يلزم أن يُرش ماء الحياة. ويقول القديس غريغوريوس النزينزى بطريقة مُلفتة للنظر: ” لقد نام حقًا ليبارك نومنا، وتعب ليقدِّس تعبنا، وبكى ليكرِّم الدموع”. ويقول القديس كيرلس الكبير فى شرح (يو27:12): ” سوف تجد كل أنواع الاختبارات البشرية ممثلة كما يجب فى المسيح، وأن المشاعر الجسدية قد تسربلت بالقوة، ولكن ليس مثلنا، لكى تحصل على السلطة والسيادة والاستعلاء. ولكن بقوة الكلمة الساكن فى الجسد يمكن لهذه المشاعر أن تُذلَّل وتُضبَط، وتتحوَّل طبيعتنا إلى حالة أفضل.

[40] يعدد ذلك أريستوتل فى الأخلاقيات Aristotle, Ethics II. Ch. 4 (5).

[41] يستخدم القديس أمبروسيوس هنا معنى للنص الأصلى مُلفت للنظر حيث يقول النص: ” ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد“.

[42] انظر 1كو8:2.

[43] لأنه إن كان الأمر هكذا، فإن الله يتوقف عن أن يكون إلهًا.

[44] كو9:2: فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت.

[45] يريد القديس أمبروسيوس أن يقول إن المسيح تألم ومات بالجسد وإنه نال معونة كإنسان وقت آلامه، كما ذكر الإنجيل أن ملاكًا من السماء ظهر له ليقويه وهو فى بستان جسثيمانى (انظر لو43:22).

[46] 1يو2:3و3، تك4:18: ” ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة“.

[47] انظر يو30:10 ” أنا والآب واحد“.

 

شرح الإيمان المسيحى ج3 – ق. أمبروسيوس – د. نصحى عبد الشهيد