آبائياتأبحاث

الديداكية – تعاليم الرب للأمم كما نقله الرسل الأثنى عشر – د. سعيد حكيم

الديداكية - تعاليم الرب للأمم كما نقله الرسل الأثنى عشر - د. سعيد حكيم

الديداكية – تعاليم الرب للأمم كما نقله الرسل الأثنى عشر – د. سعيد حكيم

الديداكية - تعاليم الرب للأمم كما نقله الرسل الأثنى عشر - د. سعيد حكيم
الديداكية – تعاليم الرب للأمم كما نقله الرسل الأثنى عشر – د. سعيد حكيم

الديداكية – تعاليم الرب للأمم كما نقله الرسل الأثنى عشر – د. سعيد حكيم

تعاليم الآباء الرسل كنموذج لقوانين الكنيسة:

من المفيد بداية تحديد معنى كلمة قانون، بالمعنى العام والمعنى الخاص حسبما ورد في الكتابات المسيحية لتوضيح كيف أن تعاليم الآباء الرسل تُشكل قانون.. لكنه قانون له معنى آخر مختلف عن مفهوم القوانين الأخرى:

كلمة قانون بالمعنى العام: هو كل شيء يستخدم كمقياس أو نموذج أو معيار.

وبالمعنى الخاص: كما ورد بالكتابات المسيحية

(1) الكتب القانونية للكتاب المقدس.

(2) التسبيح الذي يتكون من مقاطع متعددة.

(3) التنظيم الكنسي.

(4) اللوم أو التأنيب الذي يوجهه الأب الروحي تجاه المعترف.

والقانون الكنسي يهدف بشكل عام لتأمين النظام ـ العدل ـ السلام، المساواة والحرية لأعضاء الكنيسة وإلى عودة حقيقية لشركة الإنسان مع الله ومع أخيه الإنسان ومع البيئة المحيطة.

ومن أجل هذا يختلف القانون الكنسي عن القانون الوضعي.. فالقانون الوضعي يشكل الإطار الذي يحدد سلوك البشر في مجتمع ما بعضهم نحو بعض. بمعنى أنه داخل هذا الإطار تتم المعاملات والعلاقات وأيّ تجاوز لهذا الإطار يعنى تجاوز للقانون الذي حدده.. ووقتها يعاقب المتجاوز لحدود القانون.

هذا القانون الوضعي وُضع لاحترام وحماية حرية وممتلكات الأفراد داخل المجتمع وأيضًا المحافظة على النظام العام.

وواضح إذن الفارق بين القانون الوضعي ـ والقانون الكنسي والذي يهدف كما أشرنا إلى إعادة الشركة الحية والحقيقية للإنسان مع الله ومع الناس ومع البيئة المحيطة ـ أيّ أنه لا يهدف للعقاب بقدر ما يهدف إلى تصحيح مسيرة الإنسان.

وهكذا كانت تعاليم الآباء الرسل نموذج لقوانين الكنيسة فتعاليم الآباء الرسل لم تحدد أسس لضبط سلوك البشر في إطار من المحللات والمحرمات.

هؤلاء الآباء قدموا بتعاليمهم وحياتهم الشخصية نموذج حي للمحبة الحقيقية، تلك المحبة التي أقام منها السيد المسيح معيار وحيد كأساس للتلمذة الحقيقية له ” بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضكم نحو بعض ” حتى أن أعمالهم تطابقت تمامًا مع أقوالهم فصاروا نموذج حي بين الناس بأعمالهم وتعاليمهم… صارت هذه التعاليم النموذج أو المعيار التي يصير عليه أعضاء الكنيسة ” وهذا هو مفهوم القانون بالمعنى الخاص السابق الإشارة إليه ” قال القديس أغناطيوس الأنطاكي إني أشتهى الاستشهاد لكى أظهر ذاتي مسيحيًا لا بالقول بل بالفعل.

لأنه إذا اختبرني العمل وظهرت أنى مسيحي فحينئذ يليق بي هذا الاسم المجيد حقًا… فأمر زهيد أن يُظهر الإنسان نفسه مسيحيًا إن لم يكن كذلك حقيقة.. ” فالذي يجعل الإنسان مسيحيًا لا الكلام ولا الظواهر بل شهامة النفس والثبات في الفضيلة.

وواقع الأمر أن هذه المحبة الحقيقية التي ظهرت في أقوالهم وأعمالهم عكست بشكل مباشر محبة الناس التلقائية والحقيقية أيضًا لهم. فقد خرجت جموع كبيرة تستقبل القديس إغناطيوس في كل المدن التي عبر بها وهو في طريقه إلى روما لنوال إكليل الشهادة على أيدي مضطهديه، وبكوا عليه كثيرًا.

والنص الديداكية تم اكتشافه من قِبل المطران فيلوثيوس فريينيوس (FiloqeoV BruennioV) سنة 1883 في مجموعة قوانين 1056. أما عن كاتب هذا النص (الديداكية) فهو غير معروف. وأهمية هذا النص وُجدت في الجزء الثاني منه والتي يؤكد فيها الكاتب أن الكنيسة قد عانت من الأنبياء الكذبة وأنها احتاجت لمعايير محددة لتمييز الأنبياء الحقيقيين والذين صاروا إلى حد كبير قليلون جدًا.

العنصر الهام والشخصي الذي يقدمه الكاتب في هذا العمل هو تلك الوصية ” ارسموا من هؤلاء أساقفة وشمامسة يكونوا مستحقين للسيد الرب لكي يخدمونكم خدمة الأنبياء والمعلمين وعليه فإن الديداكية بهذه الوصية عن رسامة الأساقفة تُظهر أن الكنيسة قد مرت من عصر الرسل إلى عصر الرعاة الثابتين أو المستمرين في أماكنهم وواضح أن هذا الانتقال قد تم بلا شك بصعوبات ومتاعب كثيرة.

أما عن زمن كتابة هذا النص فهناك اختلاف بين الباحثين حول زمن الكتابة، البعض وضعه بين سنة 50 – 70، والبعض الآخر بين 60ـ70، والبعض الآخر بعد سنة 110 م.

وقد وُجدت بعض مقتطفات لهذا العمل باللغة اليونانية وترجمة باللغة الجورجية ومقتطفات قبطية وترجمة أثيوبية.

ونص الكتاب الذي يحمل عنوان تعليم الآباء الرسل ـ من ناحية يهدف إلى لفت نظر المسيحيين لبعض الترتيبات والأحكام الرسولية عن الوعظ ـ أداء الأسرار ـ إدارة الكنيسة ـ ومن ناحية أخرى يساعد بعض التجمعات المسيحية ” koinozteV “

والتي لها ظروف خاصة أن تكتسب ضمير مستقل وترسم لها الإطر العامة التي فيها يمكن لهذه الوحدات المسيحية أن تتحرك بحرية… تعطى صورة حية لحياة الكنيسة الأولى في العصر الذي كان فيه التعليم ـ العبادة ـ التنظيم والحياة يشكلون وحدة شاملة… والباحثون يقسمون الديداكية إلى أربع أقسام:

(1) ملخص تعاليم أخلاقية من فصل 5 ـ 6 يبدأ بوصف عن الطريقين (الحياة والموت) وهو موجه للأمم والموعوظين.

(2) القسم الثاني من فصل 7ـ10 يعرض لإرشادات عن الأسرار ـ الصلاة ـ الطقوس وأهم جزء في الديداكية الفصول 9،10،14 والتي تتحدث عن سر الإفخارستيا.

(3) القسم الثالث من فصل 11 ـ 15 يتحدث عن العلاقات بين الكنائس ويميز المعلمين الحقيقيين من الكذبة وفصل 14 يتحدث عن سر الإفخارستيا يوم الأحد.

(4) القسم الرابع يحتوي على نصائح للتيقظ والسهر وانتظار الدهر الآتى.

النص اللاتينى الذي يحمل عنوان قريب لهذا العمل Doctrin Apostlorum لم يكن ترجمة للقسم الأول عن ” الطريقين ” ولكنه يمثل ترجمة مستقلة للطريقين لكنها ترجمة مغايرة.

 

 

 

+++++++++

المراجع:

(1) بروفيسور بانيوتى خريسوستومس ” البترولوجيا اليونانية ج 3 “.

(2) ,, خريستوس كريكونيس ” الآباء الرسوليون”

(3) بروفيسور فاسيلى بسفتونجاس ” مختارات لأعمال آبائية”

(4) الخريدة النفيسة.

(5) الآباء الرسوليون ـ منشورات النور.

(6) بروفيسور بروذورموس أكانثوبلس ” القانون الكنسي “.

(7) ستليانوس بابا دبلوس ـ باترولوجيا ج 1.

 

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !