نظريات الكفارة عند البروفيسور توماس تورانس – د. أنطون جرجس
نظريات الكفارة عند البروفيسور توماس تورانس - د. أنطون جرجس
نظريات الكفارة عند البروفيسور توماس تورانس – د. أنطون جرجس
يتحدث البروفيسور توماس تورانس أستاذ العقائد المسيحية في جامعة أدنبرج Edinburg باسكتلندا (لاهوتي بروتستانتي) عن جوانب عقيدة الفداء في الكتاب المقدس والتقليد الآبائي، حيث يقول التالي:
علاقة نظريات الكفارة بجوانب الفداء الثلاثة في العهد القديم
لقد مالت النظريات التاريخية إلى أن تقع في ثلاث مجموعات أساسية، معروفة في العموم كالتالي: نظرية التأثير الأخلاقي، ونظرية الفدية ransom [١]، ونظرية البدلية العقابية penal substitution [٢]. هذا التمييز، يجعله أكثر وضوحًا التاريخ الذي يتفق بمعيار حقيقي معين مع الجوانب الأساسية الثلاثة في المفهوم الكتابي للفداء، ولكن ليس بشكل كامل.
فعلى سبيل المثال، يتم إغفال الجانب التعبدي للفداء، ولكن الأهم من الكل هو حقيقة فقدان الروابط البينية عندما ننظر إلى الكفارة بهذه الطريقة، وبالتالي الأجزاء الثلاثة التي تنقسم الكفارة إليها هي أكثر ضيقًا وفقرًا من الجوانب الأساسية الثلاثة أو خطوط الفداء padah أي الفدية، وkipper أي الكفارة، وgoel أي الفادي. لذا دعونا نفحص هذه الجوانب في ضوء النظريات التاريخية.
١.الجانب الدرامي (التمثيلي) للكفارة:
لقد مال إلى أن يقع في نظرية ‘الفدية للشيطان’، أو على أحسن تقدير مفهوم المسيح المنتصر Christus Victor. غالبًا هذه النظرية هي نظرية آبائية وفي العصر الوسيط المبكر، بل ولها مثيلاتها الحديثة في الدوائر اللوثرية والأنجلو-كاثوليكية، ولكن ليس كثيرًا جدًا في الأرثوذكسية اليونانية* أو اللاهوت الروماني الكاثوليكي. لذا عندما يضيق الجانب الدرامي (التمثيلي) للكفارة بهذه الطريقة، فيكون لديه نزعة مميزة نحو الثنائية dualism، ويستدعي هذا ‘تجريد الصفات الميثولوجية’ Demythologisation.
فمن الجدير بالملاحظة إنه في حين يتحدث المؤرخون في كثير من الأحيان عن ذلك على أنه آبائي وعصر وسيط، ولكنه يوجد فقط بالحقيقة الفعلية في جزء بسيط من الفكر الآبائي، أي في الأوريجانية، وفي مواضع معينة من الفكر الرهباني، حيث سادت الثنائية. ولم يناد به أيّ من الآباء العظام (فيما عدا غريغوريوس النيسي)، ونجده أيضًا مرةً أخرى في أزمنة العصر الوسيط، في الفكر الشعبي والرهباني، ولكنه غير واضح تمامًا عند اللاهوتيين – حيث قضى عليه عمليًا أنسلم وبرنارد من كليرفو.
٢.الجانب التعبدي – القضائي للكفارة:
لقد مال هذا إلى أن يقع في مفهومين هما:
أ. المفهوم التعبدي للكفارة دون عنصر التبرير، موجود غالبًا في النصوص والسياقات الليتورجية. حيث مال إلى المضي قدمًا في الفكر الغربي* غالبًا بالارتباط مع ذبيحة القداس، دون العلاقة الكافية بالمسيح نفسه في عمله الخلاصي. ولكن يتم المبالغة في ذلك بأي حال من الأحوال عند اللاهوتيين العظام. فعلى سبيل المثال، العشرون سؤالاً التي خصصها توما الأكويني للإفخارستيا، سؤال واحد فقط منها مخصص لمفهوم الذبيحة الإفخارستية. كما يوجد مفهوم أفضل كثيرًا في صلوات وتأملات أنسلم.
ب. المفهوم العقابي دون الجانب الكهنوتي – مفهوم الترضية في الكفارة. حيث هذا مستمد في الغرب غالبًا من الفكر الأساسي لترتليان* – ولديه نزعة مميزة نحو الناحية القضائية*، مع مفهوم بسيط للخلاص من الناموس، ومفهوم للخلاص ‘بمعزل عن الناموس’. حيث يدين تطور مفاهيم العقوبة والترضية في الكفارة بالكثير إلى اللغة اللاتينية والمفاهيم الأكثر تأثرًا باللاتينية*، كما يمكننا أن نرى عندما نقارن التطور الغربي لهذه المفاهيم*، سواء في الفكر الروماني أو البروتستانتي*، مع إيضاح جوانب العقوبة والترضية في فكر كيرلس الإسكندري على وجه الخصوص.
لقد كان مفهوم البدلية العقابية مع الفهم الضيق للتبرير، هو الذي أصبح سائدًا في القرون المعروفة بالأرثوذكسية البروتستانتية*، وفيما يُعرف اليوم بالبروتستانتية الإنجيلية*.
٣. الجانب الأنطولوجي (الوجودي) للكفارة:
لقد مال هذا مجددًا إلى أن يقع في مفهومين هما:
أ. المفهوم التجسدي incarnational، حيث يكون العنصر الخلاصي من خلال المعرفة والاتحاد المستيكي (السرائري) بالمسيح. وهذا واضح مبكرًا جدًا عند الآباء اليونانيين*، على سبيل المثال، عند كليمندس السكندري، وسابقًا جدًا عند أغناطيوس الأنطاكي* – ولكنه يختلف في الرسالة إلى ديوجنيتوس. لقد أصبح أحد الخطوط الأساسية للتطور في جميع أنحاء التقليد المستيكي (الصوفي)، حيث يتم التركيز أكثر أحيانًا على الاتحاد بالله من خلال المعاينة السرية*، وأحيانًا على الاتحاد بالله من خلال التجسد*.
ب. المفهوم الذاتي للكفارة، حيث يكون التأثير الأخلاقي لذبيحة المسيح، أو معرفة ماذا فعل الله لأجلنا في محبته هو العنصر الخلاصي – على سبيل المثال عند أبيلارد، أو عند سوسينوس Socinus. ولكن يمتلك هذا تطورًا عميقًا ومؤثرًا في الليتورجية، على سبيل المثال، في صلاة مريم أسفل الصليب Stabat Mater – قارن هنا صلاة مريم لهايدن Haydan، والقوة الهائلة للتأمل في جراحات يسوع”.
__________
[١] يتلازم هذا المفهوم مع مفهوم المسيح المنتصر، حيث رأت نظرية الفدية موت المسيح كفدية مدفوعة لتحرير البشرية. حيث دُفعت، في عيون أوريجينوس، والعديد من الآباء اللاتين*، الفدية للشيطان الذي أسر البشرية بسبب الخطية
[٢] النظرية هي أن المسيح قاسى العقوبة في موته من أجل كسرنا للناموس، ومات كبديل بدلاً عنا (العقابية، تتضمن العقوبة، أو العقاب القانوني، من الكلمة اللاتينية poena، عقاب، جزاء، بدلية).
Thomas F. Torrance, Atonement, Edit. By Robert T. Walker, (USA: IVP Academ ics press, 2009), p. 56-58.
وندرك من هذا القول لهذا العلامة اللاهوتي الكبير وأستاذ العقائد المسيحية أن مفهوم البدلية العقابية هو مفهوم غربي نشأ بالأساس من فكر ترتليان، وتطور في الغرب في اللاهوت الكاثوليكي والبروتستانتي حتى وصل إلى ما هو عليه في يومنا هذا.