أبحاث

الملكات في الكتاب المقدس – المرأة في الكتاب المقدس ج4، 5

الملكات في الكتاب المقدس - المرأة في الكتاب المقدس ج4، 5

الملكات في الكتاب المقدس – المرأة في الكتاب المقدس ج4، 5

 

الملكات في الكتاب المقدس - المرأة في الكتاب المقدس ج4، 5
الملكات في الكتاب المقدس – المرأة في الكتاب المقدس ج4، 5

 

مقدمــــة

 

إن ملكات الكتاب المقدس اللواتي يعتبرن نموذجاً طيباً على الرغم من أنهن قلائل, إلا أنهن مصدر إلهام للنساء في إظهار كل فضائل المرأة, أما أسوأ ملكات فهن كثيرات فهن يمثلن الصخور الخطيرة في نهر الحياة, والرمال المتحركة, والصخور التى تحطمت عليها حياة البشر من رجال ونساء.

والكتاب المقدس ملئ بالشخصيات المثالية ولا يخشى النص الكتابى في نفس الوقت أن يظهر الشخصية الحقيقة عند انهيارها الكامل, والصورتان مرتبطتان في الكتاب المقدس. فأمامنا السمو الأخلاقى الذي يبدو وأنه يصعب الوصول إليه, والانحطاط الذي يهز المشاعر ويسبب صدمة أخلاقية, لدينا النصائح التى تشجع أضعف إنسان فينا على محاولة القيام بأشياء عظيمة نبذل فيها جهوداً جبارة.

إن دراسة ملكات الكتاب المقدس يقودنا إلى المُثل التى نريد أن نحتذى بها وإلى الواقع الذي نريد أن نتجنبه, وهكذا فكل الكتاب قد كتب لتعليمنا.

سوف تتناول دراستنا لموضوع ملكات الكتاب المقدس:

1- الملكات الأمميات:

ملكة سبأ – وشتى – هيروديا – كنداكة

 

2- الملكات اليهوديات:

ميكال – أبيجايل – معكة – أيزابل – عثليا – أستير.

وللملكات مكانتهن في الصورة وهن يتحدثن عن أشياء يجب أن يعرفها كل رجل وتعرفها كل امرأة:

الجمال المدهش للفضيلة والشرف – جمال ومجد الشهامة والعذوبة – القوى الظاهرة للحب والزواج – مجد الأبوة – جلال الحب والأمومة – قانون الوراثة العظيم وهو يعمل للخير أو للشر والبحث الملكى عن النور السماوى والقيادة, كل هذه الأشياء وموضوعات أخرى شاعرية…. هي ملامح خاصة نستطيع أن ندركها بدراسة قصة ملكات الكتاب المقدس.

ونبدأ بالملكـات الأمميات

ملكة سبــأ

  • المرأة التى أحبت الحكمة

الشواهد الكتابية: (1مل10: 1- 13, 2 أخ 9: 1- 12, مت 12: 42).

على الرغم من أن اسم هذه الملكة لم يذكر في الكتاب المقدس, إلا أن الكتاب العرب يدعونها بلقيس.

لقد سمعت عن عظمة سليمان وحكمته فقامت بهذه الرحلة الطويلة من قصرها لقصر سليمان الحكيم لتزداد معرفتها – ويقول الكتاب المقدس أنها أتت ” لتمتحن سليمان بمسائل”.

لقد سمعت أن سليمان يعرف كل شئ عن اسم الرب هذا هو الجانب من حكمة سليمان الذي جذبها إلى أورشليم, لقد جاءت لترى وتسمع ” حكمة سليمان” كما قال السيد المسيح عنها, وهو ما حدث بعد عدة قرون, فقد جاء المجوس من المشرق إلى بيت لحم ليسجدوا لذلك هو ” حكمة الله “.

هكـذا جـاءت ملكـة سبـأ المدينـة المقدســة بحثـاً عـن معرفة أفضل.

 

  • مــاذا سمعــت:

كانت قد سمعت عن أن إله سليمان هو الذي ميزه بالحكمة – وكعابدة لآلهة أخرى أرادت أن تعرف عن هذا الإله الذي ميز سليمان.

  • مــاذا قالــت:

لقد مجدت الرب ” ليكن مبارك الرب إلهك الذي سر بك وجعلك على كرسى إسرائيل لتجرى حكماً وبراً “.

  • مــاذا رأت:

لقد رأت أن الله أعطى لسليمان بالإضافة إلى الحكمة أشياء ثمينة لا حصر لها – رأت من مظاهر الثراء الظاهر والرخاء ما بهرها, حتى لم ” يبق فيها روح بعد ” مما جعلها بعد ذلك تقول: ” لم أصدق الأخبار حتى جئت وأبصرت عيناى فهوذا النصف لم أخبر عنه, زدت حكمة وصلاحا على الخبر الذي سمعته, طوبى لرجالك وطوبى لعبيدك الواقفين أمامك السامعين حكمتك “.

  • مــاذا قدمت:

أعطت سليمان هدايا نادرة ونفيسة عبرت بها عن فرحتها بما رأته وبما سمعته, ” أعطت الملك مئة وعشرين وزنة ذهب وأطياباً كثيرة جداً وحجارة كريمة “.

  • مــاذا أخــذت:

وأعطاها سليمان ” كل مشتهاها الذي طلبت ” لقد أخذت من سليمان أعظم هدية وأعظم كنز ” الحكمة الروحية والأخلاقية التى وضعها الرب في قلب سليمان.

  • مــاذا قال عنها السيد المسيح:

” ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل تدينه لأنها أتت من أقاصى الأرض حكمة سليمان, وهوذا أعظم من سليمان ههنا “.

كانت ملكة سبأ أعظم من الجيل الذي كان معاصراً ليسوع ومقاوماً له لأنها قطعت مسافة حوالى 1200 ميل لترى سليمان وتستمع إليه, ومع ذلك فقد كان هو أعظم من سليمان في وسطهم ولم يستمعوا للحقائق الإلهية التى قدمها إليهم.

ملكة سبأ الشهيرة سوف ” تقوم في الدين ” يراها الجميع إنها لا تقول كلمة, ولكن الرب يسوع يعلم عن تقديرها ونوالها الحكمة التى نطق بها سليمان.

إنها بحثت عن أحكم وأروع معلم سمعت عنه, كانت تحب الحكمة أكثر من أى شئ آخر وقامت برحلة شاقة إلى المدينة التى بها عرش الملك.

ولعله من اللازم أن نذكر آخر الأمر أن التاريخ بم يحفظ لنا من هذه المرأة سوى رحلتها الخالدة, وما حف بهذه الرحلة من آثار بلغت مسمع الدنيا عبر العصور والأجيال… وليست هذه إلا الحقيقة التى ينبغى أن ندركها بكل يقين, إن تاريخ كل واحد منا يبدأ من رحلته مع ذاك الذي أعظم من سليمان, ويوم نسلم الحياة له, ونتبادل الهدايا وأياه… ومهما نقدم فإننا لا نستطيع أن نعطى أكثر من قلب مهما يتسع فهو صغير, ومهما يبذل فهو محدود, وأن ما نسكبه من عصارة الحياة أو الحب أو الوفاء, ليست إلا قطرة واحدة من فيضان حبه ونعمته وإحسانه وجوده, في الحياة الحاضرة أو العتيدة معاً.

ليت لنا مع المسيح رحلة ملكة سبأ القديمة إلى الملك سليمان الحكيم.

ليتنا نجاهد في رحلة الحياة الشاقة إلى أورشليم السمائية حيث عرش ملك الملوك ورب الأرباب.

الملكــة وشتـى

 

الشاهــد الكتابــى: (أس1, 2: 1, 4: 17)

وشتى اسم فارسى معناه ” محبوبة ” بالفارسية القديمة ” وجميلة ” أو ” بديعة ” بالفارسية الحديثة.

مقدمــــة:

كانت وشتى اسما على مسمى فهي من أحب السيدات في البلاط الفارسى لأحشويرش الملك الذي كان يهتم بضرورة الجمال الجسدي لزوجاته, لذلك يذكر الكتاب المقدس: ” أن الملك أمر أن يأتوا بوشتى الملكة أمام الملك بتاح الملك ليرى الشعوب والرؤساء جمالها لأنها كانت حسنة المنظر “.

شخصية وشتى:

كل ما نعرفه عن وشتى أنها  بالميلاد أميرة فارسية, كانت تقتنى مع مظهرها الملكي الفخم جمالاً ومنظراً حسناً. تزوجت الملك أحشويرش ملك الفرس الذي امتد ملكه من الهند إلى أثيوبيا, وانتصر على أكثر من مائة وسبع وعشرين إقليماً. كانت وشتى  تحترم نفسها وشخصيتها العالية, وتهتم بمركزها وهذا يعنيها أكثر من مملكة زوجها الشاسعة الممتدة الأطراف.

وشتى الملكة الشخصية المتألقة في سفر أستير, استطاعت أن تضحى في شجاعة بمركزها كملكة عندما رفضت طلب زوجها المخمور أن تعرض وجهها الجميل أمام العيون الشهوانية للسكارى في حفل الملك أحشويرش, لقد فضلت وشتى الطرد والانصراف من القصر عن أن تعرض نفسها في حفل الخمر, حتى لو أمر الملك.

الرفض:

كانت وشتى الملكة سيدة فاضلة وتعلم أن زوجها هو حده المصرح له أن يتطلع إلى جمالها وحسن منظرها, وأن كرامتها ستهان بمظهرها بالملابس الملكية أمام الكبار والصغار الموجودين في شوشن القصر, لذلك أبت أن تطلع أمر الملك وتحضر الحفل على يد الخصيان, لقد احترمت نفسها وحفظت كرامتها كملكة عندما رفضت طلب أحشويرش.

خلع الملكة:

طار جنون الملك عندما رفضت وشتى طلبه, لا يستطيع أحد وخاصة النساء أن يتجرأ ويرفض طلب ملوك فارس فكلامهم كالقانون ويجب أن يطاع في كل المملكة, إن كلام الملوك لا يرد.

لذلك سألى الملك المقربون إليه: ” حسب السنة ماذا يعمل بالملكة وشتى لأنها لم تعمل كقول الملك عن يد الخصيان “. فقالوا ” ليس الملك أذنبت وشتى الملكة, بل إلى جميع الرؤساء وجميع الشعوب التى في كل بلدان الملك أحشويرش, لأنه سوف يبلغ خبر الملكة إلى أمامه فلم تأت ” فأصدر الملك أمراً أن لا تأت وشتى أمام الملك أحشويرش.

معنى هذا الأمر طلاق وشتى وعزلها من مركزها كملكة وطردها من القصر. لقد اختفت وشتى عن الأعين كظل مضئ.

أكمل الملك أمره المرسل إلى كل البلدان ” يكون كل رجل متسلطاً في بيته ” ولما خمد غضب الملك, اختار أستير لتكون الملكة, وتحل محل وشتى الملكة.

وشتى خلعت تاج الملك ولم تخلع تاج فخر الأنوثة, اختارت العزل أفضل من المهانة, لقد أماتت شهوة المجد الملوكى واحتفظت بكرامتها, ورفضت الأمر الذي يجرح مشاعرها.

ثلاثة تقود الإنسان للسيطرة على النفس معرفة الذات, توقير النفس , ضبط النفس, والحكمة أن أسير حسب الحق الإلهي حتى لو أصابتنى الآلام, والحق هو معرفة الحقيقة.

هيروديـــــا

المـــرأة المسئولـة عـن قتـل يوحنــا المعمـــدان

الشواهـد الكتابيــة ( مت14: 3- 12, مر6: 14- 24, لو 3: 19, 20)

هيروديا هو اسم التأنيث لهيرودس لقب العائلة الحاكمة لفلسطين أبان حياة السيد المسيح وفي القرن المسيحى الأول.

عندما زار هيرودس أنتيباس روما, أستضافه فيلبس وهيروديا, وللأسف غرر هيرودس بعقل هيروديا وأغراها على ترك زوجها فيلبس وخطفها وهرب إلى فلسطين. كان هيرودس أنتيباس متزوجاً أميرة عربية وصارت عقبة في اتمام هذا الزواج المحرم لذلك طلق هيرودس أنتيباس الأميرة العربية وتزوج هيروديا وأقامت سالومة أبنة هيروديا في القصر الملكى.

لكى يبرر هيرودس تصرفه أخذ رأى رؤساء الكهنة فباركوا عمله لأنه كانوا يخافونه, أما يوحنا المعمدان – الذي كان هيرودس يهابه, عالماً أنه رجل بار وقديس, وكان يحفظ كلامه ويعمل به كثيراً ويسمعه بسرور – وعندما سأله أجابه بشجاعة: ” لا يحل لك أن تكون هيروديا امرأة أخيك زوجة لك “.

هيروديا دبرت المكيدة وأوحت لهيرودس أن كلام يوحنا سبب لها الخزي والعار, لذلك أمسك هيرودس يوحنا المعمدان من أجل صدقه وصراحته وكلام الحق وألقاه في الجن من أجل هيروديا, صار يوحنا كبش الفداء ليرضى هيرودس امرأة فاسقة وخليعة.

ماذا تستطيع هيروديا أن تعمل في يوحنا لإسكاته سوى قتل جسده ؟؟ ولكن كلامه سيكون الجرس الرنان في آذانها إلى مدى الدهر ” لا يحل لك “.

لقد تم في يوحنا المعمدان ما قاله بطرس الرسول ” يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة ويحفظ الأثمة إلى يوم معاقبين, ولاسيما الذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة جسورون معجبون بأنفسهم لا يرتعبون أن يفتروا على ذوى الأمجاد ” (2بط2: 9, 10).

انتهزت هيروديا فرصة الاحتفال بعيد ميلاد هيرودس , ودبرت إشعال عواطف وأحاسيس هيرودس بالخمر والرق والنساء وضحت باحتشام ابنتها لتنال رغبتها.

رقصت سالومة أمام هيردوس, فبهرته وأعجب برقصها, قال للصبية مهما طلبت منى فأعطيك, وأقسم لها مهما طلبت منه سيعطيها حتى نصف المملكة.

خرجت سالومة وسألت أمها ماذا أطلب وبدون تردد قالت هيروديا السيدة الوحشية المفترسة: ” اطلبى رأس يوحنا المعمدان ” ودخلت للوقت بسرعة إلى الملك وطلبت  قائلة: ” أريد أن تعطينى حالاً رأس يوحنا المعمدان على طبق “.

حزن الملك جداً لهذا الطلب ولأجل الأقسام والمتكئين معه لم يرد أن يردها, ضحى برجل الله القديس الذي سمع له كثيراً, وعمل بتعاليمه ليرضى امرأة فاسقة شريرة.

وللوقت أرسل الملك سيافاً وأمر أن يؤتى برأس يوحنا المعمدان, قطع السياف رأس يوحنا وهو في السجن, واتى برأسه على طبق وأعطاها للصبية, والصبية أعطتها لأمها.

يقول التقليد أنه عندما استلمت هيروديا الرأس المقدسة فرحت متهللة, طار الرأس من على الطبق صارخاً قائلاً: ” لا حل لك يا هيرودس أن تأخذ هيروديا امرأة أخيك “.

هيروديا العهد الجديد مطابقة لإيزابل العهد القديم:

  • الاثنتان ملكتان, وتزوجا ملكين هيرودس وآخاب وكان الملكان شريران مؤذيين وكانت نساؤهما أكثر منهما شراً.
  • كل من إيزابل وهيروديا أرادا قتل رجال الله القديسين فهيروديا كرهت يوحنا المعمدان وكذلك إيزابل حقدت على إيليا لقولهما الحق.
  • كانت الزوجتان سبب خزي لزوجيهما, ويقول يوسيفون المؤرخ اليهودى: ” أن هيروديا كانت سبب دمار هيرودس زوجها, فقد غارت من أخيها أغريباس وحسدته على قوته ونواله لقب ملك وأوحت لزوجها أن يطلب من الإمبراطور هذا اللقب أيضاً رفض الإمبراطور الطلب, أنتهز أغريباس رفض الإمبراطور لطلب هيرودس ونفاه. قضى هيرودس أيامه الأخيرة في المنفي.
  • وتم ما قاله حزقيال النبى: ” النفس التى تخطئ هي تموت… وشر الشرير يكون عليه ” (حز18: 20).

الملكــة كنداكــة

 

الشاهــد الكتابــى: (  أع  8: 27 )

معنى الاسم:   كنداكـة اسـم حبشـى يعنـى ملكـة الأطفـال.

لم يحدد لوقا البشير اسم ملكة الحبشة بل ذكر اللقب الذي أطلق على السلالة الحاكمة للحبشة في فترة معينة, كما أطلق اسم فرعون على ملوك مصر القديمة, وقيصر على ملوك الدولة الرومانية.

ولم يذكر لوقا اسم وزيرها الكبير بل قال رجل خبشى خصي وزير مالية لكنداكة الحبشة (الحبشة هي الجزء الواقع جنوبى بلاد النوبة المدعو مروي).

التدبير الإلهي:

كان هذا الوزير متلذذاً بدراسة العهد القديم وكان سفر أشعياء النبى

الإصحاح 53, هذا الإصحاح يحوي الكثير من النبوات عن آلام المسيح وصلبه , أمر الروح القدس فيلبس المبشر أن يتقدم ويرافق المركبة التى يجلس عليها الوزير.

فبادر إليه فيلبس وسمعه يقرأ هذا الإصحاح وسأله ” ألعلك تفهم ما أنت تقرأ ” فأجاب الوزير” كيف يمكننى أن أفهم إن لم يرشدنى أحد ” طلب الوزير فيلبس أن يصعد ويجلس معه, فتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الفصل يبشره بيسوع والآلام التى احتملها لأجل خلاص البشر, وموته على الصليب وقيامته, وصعوده للسماء, وحلول الروح القدس على التلاميذ, والولادة الجديدة بالمعمودية المقدسة.

وفيما هما سائران في الطريق أقبلا على ماء فقال الخصى لفيلبس هوذا ماء ماذا يمنع أن اعتمد. فقال فيلبس إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز. فأجاب الخصى ” أنا أؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله مخلص العالم ” عمد فليبس الخصي واختطف روح الرب فيلبس.

أما هذا الخصى المؤمن بالمسيح ذهب إلى الحبشة وأبلغ كنداكة ملكة الحبشة بما حدث. فآمنت هي وأهل بيتها بالمسيح ورشم وزير كنداكة أول أسقف على الحبشة وآمنت الحبشة وشعبها بالسيد المسيح.

” الله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون”. فلما وجد بذرة الإيمان في قلب هذا الوزير أنماها فترعرعت وكبرت وانتشر الإيمان في ربوع الحبشة بواسطة إيمان شخص واحد.

لنكلم الآخرين عن المسيح فهو وحده القادر أن ينير أبصارهم فيعودوا إليه, ويذوقوا حبه, ويحيوا لمجد اسمه القدوس المبارك.

 

 

 
   

 

 

ميكــــال

 

الشاهــد الكتابــى: (1صم14: 49)

ميكال هي أبنة الملك شاول وهو أول ملك على شعب إسرائيل هي أخينوعم, ولها ثلاث أخوة هم إبيناداب… يوناثان… ملكيشوع, ولها أخت واحدة اسمها ميرب وهي الأخت الكبرى لميكال (1صم14: 49).

  • تزوجـت باثنين الأول داود ثم فلطيئيل
  • ميكال اسم عبرى معناه “من كالله ” وهي مخففة عن مشائيل.

تعرضت ميكال لظلم كبير من جانب والدها فبعد زواجها بداود حاول شاول أن يقتله ولكنه فشل بسبب مساعدة ميكال لداود في هربه (1صم19: 10-16) فحرمت ميكال من زوجها داود, وفي لحظة الخصام يعطى شاول أبنته لغيـر داود بشكـل مهيـن ومذل حيث صمم شاول أن يزوجها من فلطيئيـل (1صم44: 25), وبعد رجوع داود صمـم أن يسترد زوجتـه من فلطيئيـل (2صم3: 14- 15) وبكى فلطيئيل على فراق ميكال بشدة وذلك لشدة محبته لها (2صم3: 16) ومرة أخرى تجبر ميكال على ترك زوجها حتى تعود لداود. وهنا نجد أن ميكال كانت كأنها سلعة تباع وتشترى.

أسباب زواج ميكال بداود:

  • مصلحة سياسية لوالدها: كان شاول يريد أن يقترب من داود حتى يستطيع قتله ويستمر المُلك له ولأولاده من بعده ولم يهتم بمصلحة أبنته التى ستصبح أرملة بعد زواجها مباشرة.
  • ميول وشهوات ميكال: ويقول الكتاب أن ميكال وقعت في حب داود (2صم18: 20) وهذا النوع من الحب يطلق عليه علم النفس “عبادة البطولة” فكان حبها هو مجرد نوع من الإعجاب ببطولة داود الخارقة وبالطبع هذا الإعجاب والحب يزول سريعاً بمرور الوقت والدليل على ذلك أنه بعد رجوعها لداود وتركها لفطيئيل أصبحت مشاعرها على النقيض تماماً فأصبحت تكره داود وتبغضه كثيراً.
  • إعجاب داود بنفسه وتفاخره: داود رفض أكثر من مرة الزواج بأبنة الملك شاول لأنه شاب مسكين ولا يستطيع الزواج بابنـة ملك (1صم18: 23).

ولكن عندما طلب شاول منه مهر لأبنته ميكال مئة غلفة من الفلسطينيين (1صم18: 27) أعجب داود بهذه الفكرة وقتل ليس مئة فقط ولكن مائتين رجل أى ضعف ما طلبه الملك وذلك اعتزازاً بقوته فقد وقع داود في فخ الإعجاب بالذات والتفاخر بها.

مـن هنـا, نجـد أن هـذا الـزواج لـم يتـم وفقــاً للمعنـى الروحـى المقـدس, ولــم يقــم هـذا البيـت علـى أســاس سليـم وذلك بسبـــب:

  • لا يجوز أن يتم الزواج بسبب أى مصلحة مثل المال أو المركز العالى…. فالزواج الذي يتم بناء على مصلحة هو جريمة يرتكبها الزوجين في حق نفسهما لأنه غالباً ما ينتهي هذا الزواج بالفشل.
  • إن الإعجاب وحده لا يكفي لنجاح الحياة الروحية…. فالإعجاب بالمظهر الخارجى كجمال الوجه أو البطولة أو الوسامة….يزول بعد الزواج ولا يستطيع أن يواجه متطلبات الحياة ومشاكلها, إن الإعجاب يصلح لأن يكون خطوة أولى في الزواج ولكن لا يصلح أن يكون هو الأساس الذي عليه يبنى البيت فعندما نبنى الحياة الزوجية على الإعجاب فقط نكون كأننا نبنى بيت على رمل الشاطئ يبقى ثابتاً إلى أن تأتى موجة قوية تهدمه في لحظة.
  • ” لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين. لأنه أى خلطة للبر والأثم وأية شركة للنور مع الظلمة” (2كو6: 14).

كتب الكسندر هويت عن علاقة ميكال وداود ” ليس هناك بالتأكيد رجل أو امرأة تخالف نيرهما كما حدث مع داود, الرجل الذي بحسب قلب الله وميكال أبنة شاول”.

إن داود  في حياته كلها بدءاً من صباه ثم شبابه وحتى شيخوخته كان له علاقة قوية جداً بالله وله مزامير كثيرة التى كان يرددها دائماً, أما ميكال فمن الواضح أنها لم تنل التعاليم الروحية وهي في بيت أبيها ولم تكن لها علاقة مع الله وهذا واضح جداً في حادثة تابوت الله (2صم6: 20- 22), فداود رقص وغنى بكل قوته فرحاً بمجئ تابوت العهد لمدينة داود, بينما لم تشارك ميكال داود الفرح وذلك لأنها لم تتعود أن تذهب لبيت الرب تغنى له كما كان يفعل داود, بل إنها احتقرته ونهرته بسبب رقصه فرحاً بتابوت العهد.

مـن هنـا نجـد أن علاقة داود بالله جعلت منه رجل وديع…. هـادئ…. متواضـع. بينما ابتعاد ميكال عن الله جعل منها امرأة متكبرة…. شرسـة…. مغــرورة.

إن مبادئ الطرفين مختلفة وأخلاقهما أيضاً مختلفة فواحد منهم في النور والآخر في الظلة لذا كان من المستحيل أن تستمر هذه العلاقة الزوجية.

نتيجة زاوج ميكال بداود: الفشل التام وإنهاء العلاقة بينهما كما أن ميكال الوحيدة التى لم تنجب ولداً من بين نساء داود ( 2صم6: 23).

هكـذا نـرى… إن الزواج مسئولية كبيرة ولا يجب أن تتخذ هذه الخطوة إلا بعد الصلاة لله كي يساعدنا في الأختيار السليم, وعلى المؤمن ان يتأكد أن من يشاركه حياته له نفس المُثل والمبادئ الروحية وهذا قبل أى صفات أخرى ممكن أن يتحلى بها, وإن كان الحب والإعجاب شئ مهم ولكنه ليس هو الأساس, وأما الأساس والضروري وهو أن يكون الأثنان مؤمنان ولهما نفس الفكر الروحي وهو وضع السيد المسيح سيد على حياتهما وسيد البيت قبلهما…. لأن هذا يضمن سلامة الحياة الزوجية وصمودها أمام عواصف الحياة.

ميكال وقعت في أمر غاية من السوء وهو احتقارها لزوجها وهذا أفظع شئ ممكن أن تصل إليه الحياة الزوجية وهي احتقار الزوجة لزوجها… فقد أوصانا الكتاب المقدس ” أما المرأة فلتهب رجلها ” (أف5: 33)….

فإن الله يوصى الزوجة بأن تحترم رجلها… وإذا تعرضت المرأة بموقف ممكن أن تحقر زوجها فيه عليها ألا تتعجل في حكمها وأن تدرس هذا الموقف بهدوء وطول أناة وصبر وتحاول أن تعرف الدافع الذي جعل زوجها يتصرف هذا التصرف وحينها سوف تعرف أن دوافعه عظيمة وأن ما فعله يجب أن يحوز على التقدير والتشجيع وليس الاحتقار….وبالتالى عليها أن تظهر له هذا التشجيع والأمتنان بموقفه هذا.

أما إذا اكتشفت أن ما فعله هو شر  واضح عليها أن تفعل أى شئ سوى الاحتقار… فعليها أن تراه ضحية وفريسة للتجربة وأنه يحتاج للصلاة وليس الاحتقار وسلاطة اللسان كما فعلت ميكال…  فعليها أن تصلى بلجاجة من أجل زوجها وتتأكد أن الله سيسمع لطلباتها هذه… وعندما يعود زوجها ويفيق من التجربة تكون الزوجة قد حافظت على بيتها من الانهيار بالصبر والصلاة وسيحفظ لها زوجها هذا الموقف…

   وكمـا يقـول الكتـاب:

“حكمة المرأة تبنى بيتها والحماقة تهدمه بيديها” (أم14: 1).

أبيجايـــل

 

الشاهـــد الكتابــــى:(1صم25: 1- 42)

 

(( ومبارك عقلك ومباركة أنت لأنك منعتنى اليوم من إتيان الدماء ))

(1صـم 25: 33).

أبيجايل هي زوجة نابال الكرملى, ومعنى الكلمة ” أبيجايل” بهجة أبيها… وربما قال أبو الصغيرة أبيجايل وهو يتطلع إليها بهذا الإحساس المفرط من البهجة والمسرة, وقد أشرقت العناية على نفسه, وعلى بيته بهذه الجميلة لرائعة البهية.

إن جمال هذه المرأة كان على الأغلب من ذلك النوع النادر من الجمال الذي يقع أشد الوقع في نفوس جميع الذين يرونها من أول لحظة…. ولهذا خلبت نابال عندما رآها, عزم على أن  يقتنيها, مهما بذل من مال أو تكلف من ثمن.

ولعل هذا الجمال بعينه هو النسمة النقية الهادئة التى هبت على وجه داود, وهو بركان ثائر في طريقه إلى الانتقام المروع من زوجها نابال… هذه النسمة الندية أوقفته بغتة ليعود إلى وعيه ويستيقظ ويستمع إلى صوتها الساحر وندائها الرقيق, ليفيق ويرجع عما هو مقدم عليه, مما كان من المتوقع أن يندم عليه طوال عمره ولو أنه لم يتوقف عنه في اللحظة الأخيرة.

على أنه من الواضح أن المرأة كانت متفوقة في شئ آخر, في ذكائها اللامع وذهنها المتوقد, وإن الكتاب في عرض شخصيتها, وضح فهمها قبل جمالها أمام الأنظار, وذلك لأن هذا الفهم كان في الواقع بمثابة الهالة الرائعة العظيمة لجمالها النادر.

ولكن قبل التكلم عن حكمــة هــذه المـــرأة فلنتتبع القصــة مـن بدايتها.

  • كان نابال الكرملى ومعنى اسمه الأحمق, وكان بخيلاً رغم غناه يعيش في جبال الكرمل شمال فلسطين.
  • أرسل داود وكان هارباً من شاول غلمانه ليسألوا عن سلامة نابال وكان يجز غنمه التى دافع عنها رجال داود ضد عصابات الجبال ولكن نابال أهانهم قائلاً “من هو داود ومن هو ابن يسى… أآخـذ خبـزي ومائى وذبيحي الذي ذبحت لجازى وأعطيه لقوم لا أعلم من أيـن هـم”

(1صم25: 10).

  • وقد قيل عن نابال “وأما الرجل فكان قاسياً وردئ الأعمال” (1صم25: 3)
  • أما داود فقد قيل عنه أثناء هروبه من شاول أنه اجتمع إليه ” كل رجل متضايق وكل من كان عليه دين وكل رجل مر النفس فكان عليهم رئيساً وكان معه نحو أربع مائة رجل” (1صم22: 2).
  • تضايق داود من إهانة نابال, وأراد القضاء عليـه
  • أسرع أحد عبيد نابال وقال لأبيجايل ” والرجال محسنون إلينا جداً… لأن الشر أعد على سيدنا…وهو… لا يمكن الكلام معه” (1صم 25: 15), دون أن تخبر رجلها بادرت أبيجايل في حكمة وجاءت بهدية لداود وكان ثائراً فقال “إنما باطلاً حفظت كل ما لهذا في البرية… فكافأني شراً بدل خير… إن أبقيت من كل ماله إلى ضوء الصباح بائلاً بحائط” (يقصد قتله مع كلابه).
  • سجدت أبيجايل إلى الأرض وقالت لداود عظة جميلة ” على أنا ياسيدى هذا الذنب… لا يضعن سيدى قلبه على الرجل اللئيم هذا… نابال اسمه والحماقة عنده… الرب قد منعك عن إتيان الدماء…وانتقام يدك لنفسك… اصفح… لأن الرب يصنع لسيدى بيتاً أميناً… ولم يوجد فيك شر….” ثم تمنيت أمنية صالحة بقولها ” ولكن نفس سيدى لتكن محزومة في حزمة الحياة مع الرب إلهك”.
  • وأخبرته عن كيفية نهاية الأشرار بقولها: ” وأما نفس أعدائك فليرم بها كما من وسط كفة المقلاع”.
  • ثم حذرته من خطية الانتقام لنفسه بقولها ” لا تكون لك هذه مصدمة ومعثرة قلب لسيدى إنك سفكت دما عفواً أو أن سيدى أنتقم لنفسه”.
  • ووجهت قلبه إلى الرب رجاء النفس إذ يجازيه حسناً وطلبت منه في أتضاع أن يذكرها قائلة: ” وإذا أحسن الرب إلى سيدى فأذكر أمتك”.
  • إن حكمة أبيجايل لم تقف عند الحدود النظرية أو فلسفة الكلام, لقد كانت كما هو ظاهر من لغة الكتاب سريعة التصرف إذا أدركت الأمر الوشيك الحدوث لتصرف زوجها الأحمق, ولو أنها لم تسرع وتبادر إلى إنقاذ الموقف, وتوانت ولو إلى ساعات قلائل, لقضى الأمر, وجاء عملها بعد فوات الأوان.
  • ولا يغرب عن البال أن هذه المرأة إلى جانب هذا كله كانت امرأة وديعة, لم يخرجها الجمال أو الفهم أو الثروة إلى نوع من الكبرياء أو الشموخ, أنظر إليها وهي تقترب من داود, إذ تنزل عن الحمار وتسقط على وجهها وتسجد, وترى في نفسها أمة, وجارية مذنبة, تحتاج إلى الصفح والغفران من سيد تجثو عند قدميه, وليس هذا لمجرد أن تدفع عن نفسها وبيتها شراً يوشك أن يحدث, بل لأنها وصفت نفسها فيما بعـد لداود “هـوذا أمتـك جاريـة لغسـل أرجـل عبيـد سيـدى”.
  • فإذا أضفنا إلى ذلك كرمها الذي ظهر فيما قدمته لداود, ولا يظهر هذا الكرم في تعداد الخبز والخمر والخراف والفريك والزبيب والتين, الذي قدمته بكثرة ووفرة, بل في ذلك الاستحياء الذي قدمته به, إذ هو لا يصلح قط لداود, فإن أعلى وأسمى من هذا كله بل هو” للغلمان السائرين وراء سيدى”.
  • أثرت هذه الكلمات في قلب داود, فاستراح وانصرف هادئاً ومادحاً رجاحة عقل أبيجايل.
  • أما نابال فعمل وليمة كوليمة ملك لأصدقائه وهو الذي بخل على رجال داود بالقليل وسكر جداً ولما أفاق من خمره أخبرته أبيجايل وبدلاً من أن يندم ويتوب قيل عنه: ” فمات قلبه داخله كحجر” وبعد عشرة أيام ضرب بمرض ومات.

وشكر داود إلهه لأنه نجاه من خطية قتله لنابال, ثم تزوج بأبيجايل التى ولدت له دانيئيل (1أخ3: 1) وكيلاب (2صم3:3).

 

معكـــة

 

الملكة التى خُلعت من الملك (1مل14: 15,15: 1-2 ,2أخ 15: 16)

تعرف ” بالملكة الأم “

 كما يوضح الهامش فقد ذكر أنها كانت ابنـة أبشالـوم (1م15: 2) وزوجة رحبعام, ملك يهوذا (1مل15: 1, 2) ربما دعيت معكة على اسم واحدة من زوجات داود , أم أبشالوم.

وأطلق على معكة أيضاً اسم ميخايا(2أخ13: 2) التى تعنى “التى مثل الرب” كان يطلق عليها كالملكـة الأم ولكن عند الحديث عن عبادتهـا للأوثان (2أخ 15: 16), وكان يطلق عليها اسم معكة أى ” الظلم ” ويذكر أنها كانت الزوجة المفضلة للملك رحبعام, وهذا ليس تمييزا بسيطاً, لأنه كان لديه 78 زوجة رسمية وغير رسمية, لابد أنه كان بينهن تنافس على كسب رضا الملك.

لابد أنه كان لمعكة جمال متميز وشخصية قوية حتى أنها استطاعت أن تستأثر بالمكان الأول في قلب مثل هذا الزوج المتقلب المزاج كرحبعام, إن نفوذا كالزوجة الأولى لابد أنه كان ملموساً بين كل أفراد حريم الملك, فلابد أنها كانت اليد المحركة للقرارات التى يتخذها الملك, ولنا أن نتصور كيف كان الملك يعتمد على هذه الملكة القوية الشخصية.

إن كلمتها كانت قانوناً, وهذا واضح من حقيقة أن رحبعام كان لديه 28 أبناً و60 بنتاً من زوجاته التى يبلغ عددهن تقريباً 80 زوجة, إلا أنه جعل أبيا ابن معكة, الرئيس والحاكم بين اخوته.

وخلال الفترة التى كان فيها آسا (حفيدها قاصراً) ربما كانت هي تدير شئون البلاد, والمأساة أنها في وضعها  كملكة, فأن هذه المرأة المتقدة في الذكاء والجاذبية استخدمت واستغلت نفوذها في الاتجاه الخاطئ, كم كان يكون الأمر مختلفاً لو أن معكة مارست نفوذها القوى إلى جانب الله والبر.

عندما بلغ الملك آسا التقى الذي يخاف الله سن الرشد اعتلى العرش, وكان أول عمل من أعماله أنه خلع الملكة الأم من أن تكون ملكة بسبب إصرارها على عبادة الأصنام المنقولة عن أسلافها الجشوريين, من المرجح أن آسا كان حفيد معكة, وكلمة ( أم ) كانت تستخدم بمعنى جدة, كما كانت كلمة ( ملكة ) تستخدم للدلالة على الملكة الأم وهو مركز احتفظت به معكة حتى حكم آسا, ولكنه خلعها من هذا المنصب.

إن مركز معكة المبجل كزوجة للملك وأم الملك, لم يعفها من عملية الإصلاح التى قادها آسا, لقد تقسى قلب معكة في وثنيتها, وتعاملت مع النتائج المترتبة على ذلك, كما حدث مع فرعون هكذا حدث مع معكة, فإعلانات الرحمة الإلهية والعقاب الإلهي لم تأت بنتيجة, وكان لابد من اتخاذ قرار قاس لتطهير المجرى من جهة المنبع, وهكذا لحق الخزي بمعكة بسبب عملها الشائن والمخزي(1مل15: 13).

ولأن معكة كانت امرأة ذات شخصية عظيمة وقادرة على اتخاذ قرارات ذات مغزى معين, فقد كان تأثيرها سيئاً, وكان خلعها من المُلك بركة حقيقية لشعب يهوذا, فالمرأة الفاسدة يمكن أن تفسد أهل بيتها والمحيطين بها, ولكن ملكات مثل معكة وإيزابيل وعثليا يفسدن شعوباً بأكملها.

إن المرأة المقدسة هي أجمل وأقوى شئ في العالم, ولكن المرأة الفاسدة هي أشر وأخبث شئ.

  • هنـاك نسـاء أخريــات في الكتـاب المقـدس يحملن اسـم معكـة , وهي:
  • ابنة ناحور التى ولدتها رؤومة (تك22: 24).
  • زوجة داود, التى أسرت في المعركة, التى تنتسب لسلالة ملكية, بنت تلماى, ملك جشور , التى أصبحت أم ” أبشالوم”

(2صم3:3 ,1 أخ 3: 2).

  • سرية كالب, ابن حصرون (1أخ2: 48).
  • أخت حفيم وشفيم, من بنى بينامين, التى أصبحت, زوجة عاكير, أبى ” جلعاد ”                          (1أخ 7: 12- 15).
  • زوجة يعوئيل, أبى جبعون “وهي من أسلاف الملك شاول

(1أخ8: 29, 9: 35).

 

  • والرجال الثلاثة الذين يحملون اسم معكة موجودين في (1صم27: 2, 1أخ 11: 34, 27: 16).
  • ومعكـة أيضـاً اسـم لمملكـة صغيـرة.

 

إيزابيـــــل

 

           الشواهد الكتابية: 1مل16: 31, 18: 4- 19, 19: 1,2, 21: 5- 25, 2مل9)

معنى الأسم إيزابيل “غير مرتفع ” وهو اسم يدل على ما حملته من أخلاق فاسدة وطبيعة خليعة, منغمسة في شهواتها, امرأة متبهرجة غارقة في كل أنواع الملذات.

هذه المرأة الجسورة في الشر تعطينا فكرة عن مساوئ المرأة حين تفقد رقتها وحكمتها وتتحول مدمرة وشريكة حياة على مستوى المؤامرات والأكاذيب وصنوف الشر والخداع.

كانت إيزابيل ابنة أثبعل ملك الصيدونيين, كاهن عشتروت, كان والدها ملكاً وكاهناًً لعبدة البعل.

الفينيقيون شعب عريق تخصص في الملاحة البحرية في العالم القديم, ولكنهم كانوا عبدة أوثان أى وثنيين, كانوا يتعبدون لآلهة البعل والعشتاروت وكهنتهم لا عدد لهم, أنشأ آخاب – إرضاء لزوجته في السامرة – معبداً بأربعمائة كاهن آخر كانوا يأكلون على مائدتها.

كان يصحب عبادة البعل شعائر دينية وحشية, وقاسية, وفسق, وخلاعة.

نبتت إيزابيل من سلالة وثنية, وكانت امرأة عابدة للبعل, وتزوجت بآخاب ملك شمال إسرائيل. هو كيهودى أخطأ للرب ولشريعته بزواجه من امرأة تسمى والدها باسم أشبعل ومعناه رجل البعل.

لقد افتتن آخاب بجمالها وأخذ بسحر جاذبيتها, وأعجب بشخصيتها القوية والنشيطة فانغمس في حبها, أما إيزابيل فكانت متكبرة أنانية, وتملكت على آخاب بعدما صارت ملكة.

صارت إيزابيل مثلاً للشخصية الشريرة المؤذية ونموذجاً سيئاً لقوة الغواية والمكر.

  • كانــت تملـك شخصيـة قويــة فــوق العــادة:

الكتاب المقدس لم يحلل أو يصور شخصيتها لكنه ببساطة وبصراحة سرد الحوادث التى تدخلت فيها, نرى من بين سطورها أنها سيدة قوية, مذهلة في الفكر والعزيمة, ومدبرة للخطط الشريرة والعنيفة بلا شفقة.

كما أن قصتها في الكتاب المقدس لم تسجل أنها اقتنت أى من السجايا النسائية الشريفة, ولا تلك المبادئ والأصول الإنسانية العالية, بل كل مواهبها بتأييد وتعزيز الشر.

هذا الخطأ في توجيه مواهبها جلب لها اللعنة وانتهت حياتها بكارثة مروعة وفجيعة لم تحدث لسيدة أخرى في الكتاب المقدس.

وبالإجمال كان سلوكها يجذب الانتباه, واستخدمت قوة شخصيتها في هدم زوجها الملك, لقد كان آخاب زوجها أول ضحاياها وأشدهم خضوعاً وخنوعاً وسقوطاً تحت تأثيرها المدمر وسلطانها الرهيب.

  • كانــت متحمســة لعقيدتهــا الوثنيــة:

لم تكتف بإقامة عبادة الوثن إله بلدها في قصر زوجها الملكى, بل تحويل إسرائيل عن عبادة الله القدوس, لقد بنت معبدين للأصنام أحدهما في السامرة وبه أربعمائة وخمسين كاهناً, والثانى في يزرعيل وبه أربعمائة كاهن. ثم حاولت وبإصرار لا يلين طرد الأنبياء الحقيقيين ليهوة من أرض إسرائيل, وبذلك صارت أول سيدة وثنية في التاريخ تضطهد رجال الله.

عندما امتحن إيليا علنا على جبل الكرمل850 كاهناً من كهنة البعل وفشلوا في الامتحان, ولم تنزل نار من السماء, أما أيليا فعندما طلب من الإله الحق إله السماء والأرض أن ينزل ناراً من السماء سقطت نار الرب وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب, فلما رأى الشعب ذلك سقطوا على وجههم وقالوا: ” الرب هو الله ” وأمسكوا أنبياء البعل الثمانمائة والخمسين وذبحوهم.

حقدت إيزابيل على إيليا وأتباعـه وصممت علـى الانتقام منهم.

1- ملكة جبارة:

  • كان تحت سيطرتها 450رجلاً من أنبياء البعل ينفذون أوامرها.
  • كان الكل ينفذ طلباتها دون مناقشة زوجها والجنود والشعب.
  • نشـرت عبــادة البعـل في البـلاد كلهـا.

2- كانت سيدة دموية:

تقتل بدون رحمة وبدم بارد كل شخص يقف أمام مصلحتها.

  • قتلت أنبياء الله (1مل18: 4).
  • محاولة قتل أيليا (1مل19: 1).
  • دبرت مخطط لقتل نابوت اليزرعيلى والاستيلاء على الكرم التى يملكها.

3- كانت سيدة مسيطرة:

كان آخاب هو الإناء الضعيف مع زوجته القوية التى سخرت شعوره, وحوطته بسلسلة قوية من شرورها, لذلك استحق الملامة لعدم مقاومته شرور إيزابيل بل تركها تنفذ أعمالها الشنيعة والمشينة.

 

 

4- كانت شجرة منحرفة:

كانت جذور إيزابيل جذوراً فاسدة فوالدها ملك وكاهن للبعل لذلك ثمارها كانت فاسدة وملوثة – كانت إيزابيل شريرة وفي هذه البيئة نشأ أبناؤها فأحبوا الشر الذي نمو فيه, لقد ظهرت شرورها على أسرتها ونسلها, أبنها الأكبر أخزيا شابة أمه الوثنية فكان عابدا ورعا ومخلصا للبعل – أما ابنها الثانى يهورام كان صورة ثانية لأمه – شجرة منحرف أصلها فنبتت أغصانها منحرفة بزيادة.

5- كانت مولعة بتدبير المكايد والخيانة:

عندما حزن آخاب بسبب حقد نابوت اليزرعيلى الذي رفض أن يبيعه أياه قائلاً له ” حاشا لى من قبل الرب أن أعطيك ميراث أبائى” دبرت مكيدة للتخلص منه تسببت في قتله لكن دم نابوت لم يصرخ لله عبثاً, فكلم اله أيليا وهو في خلوته ليذهب للقاء آخاب ويبلغه القرار الإلهي المخيف والمصير المنتظر للقاتلين ونسلهم.

6- مثال للمرأة الشريرة:

يصفها الكتاب المقدس كأشر امرأة في الكتاب ويستخدمها كمثال للذين يرفضون الله تماماً (رؤ2: 20).

7- قدوة سيئة كأم:

كان لها ثلاث أولاد كلهم كانوا بعيدا عن الله ويعملوا الشر, كما أن ابنتها أخذت طباعها تماما في حبها للعرش والقتل والدماء ( عثليا ).

8- ماتت ميتة مرعبة:

طرحها خصيان ياهو القائد من الشباك فسال دمها على الحائط وعلى الخيل فداسها الجنود بخيلهم وأتت  الكلاب لتأكل لحمها – وعندما مضوا ليدفنوها لم يجدوا إلا الجمجمة والرجلين وكفي اليدين.

ماتت إيزابيل الوثنية المستبدة الطاغية والقاتلة لرجال الله الأبرياء ونالت الجزاء والعقوبة الإلهية الرهيبة.

نتعلم من حياة إيزابيل:

  • أجرة الخطية هي موت.
  • الأم تاج لزوجها ولبيتها.
  • العناد يولد غضب الله.
  • قادت بيتها قيادة خاطئة.
  • ليطمئن خدام الله لو أهينوا من أجل الله.

 

عثليـــــا

 

الشاهد الكتابى: (2مل8: 26, 11: 1- 16, 2أى22: 10, 23: 12- 15, 24: 7)

معنى الاسم: عثليا اسم عبرى معناه يهوه مرتفع.

عثليا بنت آخاب ملك إسرائيل وإيزابيل, تزوجت يهورام بن يهوشافاط, وعمل الشر أمام عينى الرب, وأنجبا أخزيا (2مل8: 16, 18, 26).

لما كانت عثليا ابنة آخاب ملك إسرائيل وإيزابيل لذلك كان نصفها من إسرائيل والنصف الآخر فينيقى. ورثت صفات أمها , وسممت إسرائيل بعبادة الأوثان, وأحبت الشر وبطشت بالأتقياء كانت عثليا حفيدة عمرى الذي تولى الملك لا بالوراثة بل بالبطش والقتل وعمل من الشر ما لم يعمله أى ملك قبله من ملوك إسرائيل (1مل16: 21, مى6: 16).

  • سيرتهـــا:

ملك يهورام زوجها ثمانى سنوات قتل جميع اخوته وبعضاً من رؤساء إسرائيل بالسيف   (2أى 21: 4) سار في طريق ملوك إسرائيل كما فعل بيت آخاب لأن امرأته كانت بنت آخاب. عمل الشر في عينى الرب فكتب له أيليا النبى يقول:” هكذا قال الرب إله داود أبيك من أجل أنك لم تسلك في طريق يهوشافط , وطرق آسا ملك يهوذا , بل سلكت في طريق ملوك إسرائيل،  وجعلت يهوذا وسكان أورشليم يزنون كزنا بيت آخاب،  وقتلت أيضاً أخوتك من بيت أبيك الذين هم أفضل منك،  هكذا يضرب الرب شعبك وبنيك ونساؤك وكل ما لك ضربة عظيمة،   وأياك بأمراض كثيرة بدءاً بأمعائك حتى نخرج أمعائك بسبب المرض يوماً فيوم “.

تم كلام الرب إلى يهورام إذ هاج عليه الفلسطينيون والعرب،  وسبوا كل الأموال التى في بيت الملك مع بنيه ونساؤه أيضاً،  ولم يبق له ابن إلا أخزيا أصغر بنيه. وبعد هذا كله ضربه الرب في أمعائه بمرض ليس له شفاء….. وخرجت أمعائه بسبب مرضه فمات بأمراض رديئة.

( 2 أى 21:  12 – 19).

هل اتعظت عثليا ما فعله الرب بزوجها ؟ أبداً،  لأنها كانت منغمسة في الشر وعبادة الأوثان كأمها إيزابيل.

وفي هذه العائلة الشريرة أنجبت عثليا أخزيا،  فنبت متمسكاً بأخلاق العائلة السيئة من عبادة للأوثان،  وسفك الدماء،  وفسق. لقد تجسم فيه الكبرياء،  والعجرفة والإساءة للأخرين. أخزيا لم يستطيع أن ينمو في أى فضيلة أو نعمة مثل أمه عثليا،  فذكر الكتاب المقدس عن أخزيا: ” أنه كان أبن اثنين وأربعين سنة حين ملك في أورشليم،  واسمه أمه عثليا بن عمرى،  وسلك في طريق بيت آخاب لأن أمه كانت تشير عليه بفعل الشر،  فعمل الشر في عينى الرب مثل بيت آخاب،  لأنهم كانوا له مشيرون بعد موت أبيه لعبادته فسلك بمشورتهم “. ( 2 أى 22: 2- 4 ).

ملك أخزيا سنة واحدة فقط،  ذهب مع يهورام ملك إسرائيل لمحاربة أرام في جلعاد،  من قبل الرب كان هلاك آخزيا لمجيئه إلى يهورام.

خرج ياهو الذي مسحه الرب لقطع بين آخاب على يهورام وطلب أخزيا فأمسكوه وهو مختبئ في السامرة،  وأتوا به على ياهو وقتلوه.

لم تتأثر عثليا بمأساة يهورام زوجها الذي مات متأثراً بالأمراض التى أصابت أمعائه،  ولا بقتل أبنها آخزيا بيد ياهو،  أنها لم تتب ولم ترجع إلى صوابها بل أزدادت شروراً وأثاماً وقتلاً.

  • عثليــا ملكــــة:

لم يكن في بيت أحزيا رجل يحتمل مسئوليات المملكة ورأت عثليا أن ابنها قد مات فقامت عثليا وأعلنت نفسها ملكة على يهوذا،  هاج عليها أبناء أخزيا فأبادتهم جميعاً ليخلو الجو لها. استخدمها الشيطان لإبادة الورثة الشرعيين عن كرسى داود.

مشورة عثليا انهت حياة زوجها بعد جلوسه على كرسى داود بثمان سنوات،  كما أنهت حياة زوجها بعد تملكه بسنة واحدة،  وجلست على عرش داود ناسية أو متناسية الورثة الشرعيين لعرش داود.

كانت عثليا أبنة ملك وزوجة ملك وأم ملك وهي الآن صارت ملكة عندما ملك زوجها وأبنها كانت هي المتصرفة من خلف العرش وها هي الآن صارت القوة على العرش نفسه فانتهزت هذه الفرصة فخربت جزءاً من هيكل الله واستخدمت مواده في بناء معبداً للبعل.

كانت عثليا ملكة قوية الشخصية وأرادت أن تبدد وعد الله الذي وعده لداود أنه سيأتى من نسله المسيح مخلص البشرية فأبـادت النسـل الملوكـى ( 2مل 11 – 1 ) ولكن يهوشبع ابنة الملك يهورام أخت أخزيا امرأة يهوياداع الكاهن أخذت يوأش ابن أخزيا وسرقته من وسط بنى الملك الذين قتلوا،  لقد أخذته هو ومرضعته من مخدع السرير وخبأته من وجه عثليا فلم تقتله.

عاش يوأش مختبئاً في بيت الرب ستة سنوات،  و عثليا ملكة على عرش يهوذا ” وفي السنة السابعة تشدد يهوياداع الكاهن،  وجمع اللاويين وقطع كل المجمع عهداًُ في بيت الله مع الملك وقالوا لهم هوذا ابن الملك يملك كما تكلم الرب عن بنى داود… ثم أخرجوا ابن الملك ووضعوا عليه تاج وأعطوه الشهادة وملكوه، مسحه يهوياداع وبنوه وقالوا ليحيا الملك.

ولما سمعت عثليا صوت الشعب وهم يركضون ويمدحون الملك،  دخلت إلى الشعب في بيت الرب،  ونظرت وإذا الملك واقفاً على منبره… شقت عثليا ثيابها وقالت خيانة خيانة،  فأمر الكاهن بطردها من الهيكل وأن لا يقتلوها في بيت الرب… فألقوا عليها الأيادى،  وقتلوها في مدخل باب الخيل” ( 2 أى 23: 1 – 15).

كانت نهاية حياة عثليا كنهاية أمها إيزابيل،  قتلت على مدخل باب الخيل وداست جسمها الخيل الخارجة والداخلة من الباب كما أكلت الكلاب جسد إيزابيل أمها ولم يبق منه سوى الجمجمة والأيدى والأرجل.

كانت عثليا ملكة وداستها أرجل الخيل،  ولم يرحمها أحد ولم يبكى عليها أحد لأنها لم تصنع الرحمة بأحد بل قتلت المئات دفعة واحدة.

نتعلم من حياة عثليا:

لا يستطيع أحد أن ينقض كلام الله: الله وعد بمخلص للبشر وأنه سيأتى من نسل داود،  و عثليا قتلت جميع النسل الملوكى،  ولكن يهوشبع خبأت يوأش ابن أخزيا من وجهها،  هكذا تمم الله قصده وعمله.

الله لا يقاوم ولا يسقط حرف من كلامه فالسماء والأرض تزولان ولا يسقط وعد أو حرف من كلامه لنتمسك بوعود الله الصادقة وهو القوى الذي يستطيع أن ينفذ كلامه ويحققه.

 

نحوشتـــا

 

الشاهد الكتابى: ( 2 مل 24: 8 )

معنـى الاسـم: قطعـة مـن النحـاس.

والاسم نحوشتا قريب الشبه بنحوشتان (حية النحاس) (2مل 18: 4) كانت بنت ألناثان،  وهو رجل مشهور في أورشليم وأصبحت زوجة الملك غير التقى يهوياقيم،  الأبن الأكبر ليوشيا ( أر 26:22 )،  وعندما أخضع الملك نبوخذ نصر مملكة يهوياقيم تبعته أمه،  نحوشتا إلى السبى في بابل.

لا يذكر الكتاب المقدس شئ عن شخصية الملكة الأم وبما أن أبنها سار في طرق أبيه الشريرة فيفترض أن تأثير الأم كان فاسداً بالمثل.

 

أستيـــر

 

الشاهد الكتابى سفر أستير

” ومن يعلم أن كنت لوقت مثل هذا وصلت إلى الملك “.

أستير فتاة يهودية يتيمة،  ولدت في السبى في شوشن القصر…. يقول التقليد اليهودى أن أباها مات وهي جنين في بطن أمها،  وأن أمها ماتت أثناء ولادتها،  فهي فتاة حزينة يائسة خرجت إلى عالم لم تتذوق فيه حنان الأمومة وعطف الأبوة،  ولم يكن لها عائل سوى ابن عمها الفقير مردخاى الذي تكفلها في الصغر ودعاها ” هدسه ” أى ” آس ” ذلك النوع من الشجر القصير الظليل الجميل دائم الخضرة العطرى الرائحة.

في الواقع أن مفتاح حياة أستير ينحصر في كلمة واحدة ” يهوديتها ” فهي يهودية في قوميتها.. يهودية في إيمانها… يهودية في سرية حياتها… يهودية في تضحياتها من أجل شعبها… يهودية في الانتقام لهم… فإن أردت أن تعرف شيئاً عن اليهود أقرا أستير.

  • كيف كانت أستير يهودية في قوميتها:

كانت أستير فتاة وديعة النفس متواضعة الروح،  حين بلغت العرش لم يبهرها الصعود السريع المفاجئ عن الحياة الوديعة القديمة.. كنا نظنها ستنسى مردخاى أو تتحاشاه أو تذكره لماماً في شئ من الكبرياء… أليس الفاصل بينهما الأن واسعاً هائلاً لا يستطيع تخطيه،  أليس هي نجمة الإمبراطورية الفارسية العظيمة،  لكن الملكة أستير لم تفعل ومن العجيب أنها ظلت على روح كاملة من الطاعة له،  كما كانت عنده في بيته الفقير.

  • كيف كانت أستير يهودية في إيمانها:

أنظر إليها وهي تستعد للنضال من أجل شعبها وخلاصهم،  كيف تدعو جواريها ومردخاى واليهود في شوشن القصر للإشتراك معها في الصلاة والصوم ثلاثة أيام بلياليهم.

  • كيف كانت أستير يهودية في سرية حياتها:

لم تخبر أحداً بحقيقة مولدها وجنسها وشعبها كما أوصاها مردخاى،  والتقليد اليهودى يقول أن أحشويروش عندما بهره جمالها حاول أن يتعرف على شئ من أصلها وأهلها ولكنها استطاعت أن تصرفه بمهارة ولباقة عن السؤال.

  • كانت يهودية في استعدادها للموت من أجل شعبها:

رأت الخطر وتحسسته ومع ذلك أقدمت عليه وصاحت ” إن هلكت هلكت ” لقد كان جوابها أمام الملك بقولها الدامع الباكى ” لأننى لا أستطيع أن أرى الشر الذي يصيب الشر شعبى فكيف أستطيع أن أرى هلاك جنسى ” لقد فعلت كل ذلك من أجل الله ومن أجل شعبها.

  • أستيــر والعنايــــة الإلهيــة:

قد يكون من الغريب في سفر أستير أن لفظ ” الله ” له المجد لم يرد في السفر،  لكن عناية الله ظهرت في كل سطر فيه فنحن يمكن أن نراها:

كما أنه من المثير هنا أن ندرك أن عناية الله لا تقع من حيث الزمان على الإطلاق أمام عنصر المفاجأة،  وما نتصوره نحن صدفة أو عارضاً أو مفاجئاً،  لا يمكن أن يكون كذلك أمام الله الذي يجمع الزمان كله بين يديه،  ويرتبه ترتيباً زمنياً دون أن يترك دقيقة أو ثانية واحدة من غير حساب.

  • أستيــر وامتيــاز العنايــــة:

ليس في قصص التاريخ أمثلة كثيرة لشخصيات ترتفع من الحضيض إلى المجد بهذه الصورة،  فتاة فقيرة يتيمة من شعب مرذول في 127 قرية ( تمثل إمبراطورية مادى وفارس ) تدبر لها العناية أن ترقى عرش إمبراطورية فارس.

لقد كان العناية تدبر كل شئ في حكمة وعلم قبل أن يعرف العالم ماذا ينتظر اليهود،  تعالوا معاً نتأمل هذه العناية الإلهية:

فقبل أن يتآمر هامان بتسعة سنوات خلعت الملكة وشتى وتمهد الطريق أمام أستير،  وذات العناية أعدت التآمر على الملك،  وأعلمت مردخاى بالأمر وأجلت مكافأة مردخاى للوقت المناسب،  وهي العناية التى تدفع بالقرعة إلى لآخر شهر من شهور السنة حتى يمكن الوصول إلى أرجاء الإمبراطورية كلها وتكون الفرصة أمام اليهود متسعة للنجاة.. على أنها لا تأتى إلا في آخر لحظة في الهزيع الرابع… حين أضحت حياة مردخاى مهددة بالخطر.

صباح اليوم التالى أعدت العناية خلاصة وهلاك عدوه, وحين جاء الوقت لهلاك اليهود صانتهم العناية الإلهية ورمت بأعدائهم كما في وسطة كفة المقلاع.

تأمل كذلك كيف تشق العناية سبيلها في المستحيل… وهذه شريعة مادى وفارس لا يمكن أن تتغير… ما تصدره من أحكام لا يستطاع تفاديها… فلماذا تصلى أستير ومردخاى من أجل النجاة… وما فات قد فات… ومن المحال أن يرد أو يلغى… لكنه الإيمان بالله والإيمان بالخلاص.

لقد صارت الأوامر لليهود أن يستعيدوا للدفاع عن أنفسهم والتنكيل بأعدائهم وخصومتهم وظالميهم يوم مهاجمتهم.

هذه هي العناية الإلهية العجيبة, التى تخرج من الشر خيراً ومن الظلم حقاً وعدلاً, أو كما ذكر يوسف الصديق لأخوته ” أنتم قصدتم لى شراً أما الله فقصد به خير لكى يفعل كما اليوم”.

أو كما هتف آساف قائلاً ” لأن غضب الإنسان يحمدك, بقية الغضب تتنطق بها”.

وما أكثر اختبارات القديسين التى لا تنتهي في كل التاريخ من هذا القبيل.

إلا يجمل أن نقول بعد هذا كله “منحتنى حياة ورحمة وحفظت عنايتك وروحى” ” هل تسلب من الجبار وغنيمة العاتى تفلت وأنا أخاصم مخاصمك وأخلص أولادك وأطعم ظالميك لحكم أنفسهم ويسكرون بدمهم كما من سلاف…” طوبى لجميع المتكلمين عليه.

 

 

انتظروا الجزء السادس من المرأة في الكتاب المقدس

 

الخاص بالزوجات في الكتاب المقدس

 

الملكات في الكتاب المقدس – المرأة في الكتاب المقدس ج4، 5

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !