أبحاث

تكوين 13:16 والتخمين الحدسي – هل رأيت الذي يراني ولم أمت؟ دراسة نصية

تكوين 13:16 والتخمين الحدسي - هل رأيت الذي يراني ولم أمت؟ دراسة نصية

تكوين 13:16 والتخمين الحدسي – هل رأيت الذي يراني ولم أمت؟ دراسة نصية

تكوين 13:16 والتخمين الحدسي، هل رأيت الذي يراني ولم أمت؟ دراسة نصية
تكوين 13:16 والتخمين الحدسي، هل رأيت الذي يراني ولم أمت؟ دراسة نصية

 

دراسة نصية
تكوين 13:16 والتخمين الحدسي, هل رأيت الذي يراني ولم أمت؟

للقراءة مباشرة

[gview file=”http://www.difa3iat.com/wp-content/uploads/2016/02/gen16-13.pdf” save=”0″]

القضية باختصار أنه في سفر التكوين نقرأ ” فَدَعَتِ اسْمَ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَهَا: «انْتَ ايلُ رُئِي». لانَّهَا قَالَتْ: «اهَهُنَا ايْضا رَايْتُ بَعْدَ رُؤْيَةٍ؟» (تكوين 16: 13)، الجزء الاخير من النص القائل “أههنا ايضا رأيت بعد رؤية؟” هو تعبير يراه البعض غامضًا وصعب، لذلك لجأت بعد الترجمات لإعادة تفسيره بإدخال كلمات ليست في أصل النص الماسوري العبري (النص التقليدي) لمحاولة إسترجاع المعنى الأصلي أو لشرح النص الصعب ليسهل فهمه.

في علم “النقد النصي” توجد قاعدة هامة تسمى “التخمين الحدسي”، وهي عبارة عن محاولة تخمين كلمات ليست في أصل النص، وإفتراض أنها كانت موجودة قبلاً بحيث أن عدم وجودها الآن هو سبب هذا الغموض، فيقوم المترجم أو الناقد النصي بإضافتها ليسهل فهم النص الآن، وهذه الكلمات لا يجدها المترجم أو الناقد في أي مخطوط قديم فيلجأ لإفتراضها ووضعها في النص[1].

ماذا قالت اللجنة المسؤولة عن إستعادة النص الأصلي للعهد القديم؟ يذكر Wolters أن هدف اللجنة هو إستعادة المرحلة الثانية للنص أي النص ما قبل الماسوري، بإتقان كبير ناقش Barthélemy المئات من التنقيحات للنص الماسوري والمقبولة في التفاسير والترجمات الحديثة ووجد أن معظم التنقيحات منقوصة. في الجزء الثاني، من أصل 800 تنقيح تم فحصهم فقط 78 وجدوا أنهم محتملين، ومعظمهم لا يؤثرون في المعنى[2].

وهذا رأي اللجنة أن معظم التنقيحات اللي قُبلت في الترجمات والتفاسير الحديثة معيوب وعدد محدود منهم يمكن أن يكون محتملاً أي معقولية، ومعظم هذه الحالات لا تؤثر في المعنى. فليس معنى أن هناك ترجمات أدخلت تنقيح على النص العبري لصعوبته في المعنى أننا نقبل التنقيح الحدسي بلا جدال.

وسنرى في هذا الموضوع أن النص لا يحتاج اصلاً إلى تنقيح بل يحتاج إلى إعادة تفسير لمفهوم النص.

يرى العالمان Booij وKoenen أن التنقيح غير ضروري واقترحا ترجمة تجعل الجزء الاخير مُرضي للرواية. التنقيح المقبول بشكل عامل “هل رأيتُ الله ولا أزال أراه؟!” يعبر عن الدهشة. ترجمة Booij لا تُعّبِر فقط عن الدهشة ولكن أيضًا عن عناية الله لهاجر حتى في أكثر المواقف البغيضة[3].

بمعنى أن هناك من قَدَّم ترجمة أخرى للنص جعلته مفهومًا دون إضافة كلمات، أي دون حاجة للتنقيح الحدثي. فالنص المنقح في ترجمات حديثة يقول إن هاجر تتعجب كيف رأت الله وتعيش؟ ولكن ترجمة Booij لا تُقدم فقط تلك الدهشة ولكن تقدم أيضا إعتناء الله بهاجر. Booij أخذ السؤال في المقطع الثاني كبلاغ أو بيان فترجم النص: “بالحقيقة قد رأيت هذا الذي يراني”[4]. فالترجمة البديلة قدمت النص وكأن هاجر تندهش من عناية الله لها وأنها ترى هنا من يراها.

وذات الكلام نقرأه ان Booij دافع عن النص الماسوري وأخذ في الاعتبار المعاني المزدوجة الكامنة في اسم ايل رئي אֵ֣ל רֳאִ֑י فى العدد 13وفهم كلمة הֲלֹם hălōm بمعنى هنا اشارة للبرية ومعنى يرى بمعنى البحث عن فالمعنى الكلِّي: “هل ضائعة أن هنا (في البردية) أبحث عن من نظر لي” فعقد مقارنة بين الله “الرائي” وبين إهتمام الله لها “الله الذى يراني”[5]. فيمكن ترجمة النص حرفيا كما قال Koenen “هل انا بالفعل نظرت هنا لمن يراني؟”[6].

بالرغم من صعوبة النص الا انه يبدو واضح منه أن المعنى هو الدهشة بانها بقت على قيد الحياة بعد مقابلة الله وهذا المعنى يمكن ان يعبر عنه بأكثر من طريقة، فعلى سبيل المثال أن هاجر قالت لنفسها “انا رأيت الله ولم أمت ولا أزال هنا أتكلم عن هذا الحدث”[7].

فمع افتراض جدلي، أن النص هنا مُشكل فقد إقترح فولهوزن Wellhausen التنقيح: “هل رأيت الله ولا أزال أحيا بعد رؤيتي له؟” أي بإضافة كلمتي “الله” و”أحيا”. فهذا يعطي معنى جيد، ولكن التعديل مشكوك فيه بتعديل كلمة غير مألوفة [8]halôm.

فيمكن أن يكون التنقيح الذي قام به المفسرون من جانب المعنى أوضح لكنه تنقيح مشكوك في صحته ولا يعتمد على أساس نصي فلا حاجة لنا بتعديل النص العبري بإدخال أي تنقيح لان ما يعبر عنه النص المنقح هو ذاته الذي عبر عنه النص المستلم (الماسوري) [9].

فالتنقيح الحدسي أو محاولات بعض المعلقين أو الترجمات بإدخال ما ليس في الشواهد النصية لمحاولة إعادة الكلمات الأصلية لنص لا يبدو مفهوما أو صعبا لا يقوم على أساس نصي حقيقي بل هو تخميني واغلبية التخمينات الحدسية غير حقيقة ومعيوبة كما قالت اللجنة في فحصها لتلك الحالات.

لا حاجة لنا بتنقيح لأن فِهم النص الذي يبدو عثر الفهم يتطابق مع النص المنقح الذي ينقحه البعض، فما جدوى التنقيح إذن إذا كان سيؤدي لذات المفهوم؟ فكلا التعبيرين يعبران عن دهشة هاجر سواء بإدخال زيادة للنص او الحفاظ على القراءة التقليدية. وسأختم بما قالهRobert Hanhart عن طريقة لجنة HOTTP في أفضلية القراءة الاصعب (التي لا يفهمها البعض) عن اللجوء للتنقيحات حدثية، فيقول:

مع الاحترام للدليل الداخلي، اللجنة بينت إهتمام عظيم بالقاعدة القديمة “القراءة الاصعب هي أكثر إحتمالاً في أصوليتها من القراءة الاسهل” ولديها ايضا تقدير عالي للطرق النحوية للتحليل والتفسير المستخدمة بواسطة المفسرين اليهود والمسيحيين الاكثر قدما عن طريق التفسير الحديثة … التنقيح لابد وألا يكون نوعا من الكسل، ولكن في مرات نجد أنه من المنطقي أن نصنع تنقيح جزئ معين على ضوء الدليل المجمع من مقارنة مُعتنية بالأشكال التقليدية للنص[10].

الخلاصة: أي، في النهاية، ترى اللجنة أنه لا حاجة هنا لإستخدام أي تنقيح حدثي لا يقوم على أي أدلة وشواهد نصية تاريخية قديمة، لاسيما وأن النص الناتج عن التنقيح لا يقدم مفهوما غير موجود في النص قبل التنقيح، فسواء قبلت أو لم تقبل التنقيح، ستخلص إلى نتيجة واحدة في فهمك للنص ألا وهي تعجب هاجر من أنها رأت الله ولم تمت وأنها تُقَدر الله الذي يراها، وترفض لجنة HOTTP التنقيح الحدثي الذي ينتج عن كسل في فهم النص، وهذا نتعرف عليه من أن العلماء، دون إستخدام أيّة تنقيحات، قد توصلوا لذات المعنى الذي توصل إليه أولئك الذين فضلوا تنقيح النص العبري.

[1]Wegner, P. D. (2006). A student’s guide to textual criticism of the Bible : Its history, methods & results (303). Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press.

[2]Wegner, P. D. (2006). A student’s guide to textual criticism of the Bible : Its history, methods & results (103). Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press.

[3]Wenham, G. J. (2002). Vol. 2: Word Biblical Commentary : Genesis 16-50. Word Biblical Commentary (11). Dallas: Word, Incorporated.

[4]Wenham, G. J. (2002). Vol. 2: Word Biblical Commentary : Genesis 16-50. Word Biblical Commentary (3). Dallas: Word, Incorporated.

[5]Mathews, K. A. (2007, c2005). Vol. 1B: Genesis 11:27-50:26 (electronic ed.). Logos Library System; The New American Commentary (191). Nashville: Broadman & Holman Publishers.

[6]Wenham, G. J. (2002). Vol. 2: Word Biblical Commentary : Genesis 16-50. Word Biblical Commentary (3). Dallas: Word, Incorporated.

[7]Reyburn, W. D., & Fry, E. M. (1997). A handbook on Genesis. UBS handbook series (360). New York: United Bible Societies.

[8]Ryle, H. E. (1921). The Book of Genesis with Introduction and Notes (195). Cambridge: Cambridge University Press.

[9]Kidner, D. (1967). Vol. 1: Genesis: An Introduction and Commentary. Originally published: London : Tyndale P., 1967. Tyndale Old Testament Commentaries (138). Downers Grove, IL: InterVarsity Press.

[10]Scanlin, H. P. (1993). The Dead Sea scrolls and modern translations of the Old Testament. Wheaton, Ill.: Tyndale House Publishers.

تكوين 13:16 والتخمين الحدسي – هل رأيت الذي يراني ولم أمت؟ دراسة نصية